فرص وتحديات أمام حكومة العراق الجديدة
November 30, 2022محضر مقابلة مع مبعوثة الاتحاد الأوروبى للقرن الأفريقى
December 4, 2022
بتاريخ 30 نوفمبر 2022، استضاف المجلس السفير/ Frank Hartmann سفير ألمانيا الاتحادية لدى القاهرة، للحديث حول العلاقات المصرية / الألمانية، وسبل تعزيزها، ورؤية بلاده للأوضاع فى الشرق الأوسط والعالم، وخاصة الأزمة الأوكرانية، والخلاف الراهن بين روسيا والغرب، وفرص إيجاد تسوية لها. وقد افتتح اللقاء السفير د./ عزت سعد مدير المجلس، وأداره السفير/ محمد العرابى وزير الخارجية الأسبق، فيما شارك فيه العديد من أعضاء المجلس.
وقد تناول اللقاء ما يلى بصفة خاصة:
-
أعطى السفير/ عزت سعد نبذة موجزة للضيف عن المجلس وأنشطته، وشراكاته داخل مصر وخارجها، مشيرًا إلى أنه منظمة مجتمع مدنى مستقلة. وقدَّم السفير الضيفَ إلى الأعضاء.
-
من جانبه، أعرب الضيف عن شكره للمجلس على استضافته، مؤكِّدًا إيمانه العميق بأهمية تعزيز التواصل مع مراكز الفكر ومنظمات المجتمع المدنى فى مصر، وليس فقط مع الجهات الرسمية المعنية، بغية توثيق الروابط بين مصر وألمانيا. وأضاف:
-
أن العلاقات الثنائية بين البلدين عميقة وممتدة، ويصادف عام 2022 الذكرى الـ 70 لقيام العلاقات الدبلوماسية بين مصر وألمانيا عام 1952، وكذا الذكرى الـ 80 لمعركة العلمين المأساوية، فضلاً عن مرور 20 عامًا على إنشاء الجامعة الألمانية فى مصر. هذا إلى جانب مصادفة العام الجارى أيضًا لاستضافة مصر لقمة COP 27، والتى حضرها عدد غير قليل من الوزراء والبرلمانيين الألمان، إلى جانب ما يزيد عن 200 فردًا من جهات ألمانية مختلفة، والتى كانت محل تقدير كبير من العالم أجمع، بما انطوت عليه من قدرة تنظيمية متميزة، واستضافتها لنحو 3 آلاف لقاء على هامش القمة.
-
أشار إلى خصوصية الجوانب الثقافية فى العلاقات الثنائية، باعتبار فاعلية آثارها فى تعزيز تلك العلاقات، رغم ما تتكلَّفه من استثمارات ضخمة، مشيرًا فى هذا السياق إلى أن مدينة الإسكندرية تحتضن مدرسة ألمانية يعود عهدها إلى أواخر القرن التاسع عشر، وأن هناك حاليًا نحو نصف مليون مصريًا يتحدثون الألمانية، مضيفًا أن الجامعة الألمانية فى مصر بذلت الكثير من الجهود فى هذا الصدد، وخرَّجت دارسين أكثر من أى مؤسسة تعليمية مثيلة على مستوى العالم، وعلى قدر كبير من الكفاءة والجودة العلمية، بما يجعلها ذات ثِقَل ثقافى متميز، ولا يُنافَس، لألمانيا خارج أوروبا.
-
ذكر أن هناك شراكات مصرية مع شركات ألمانية بارزة فى العديد من المجالات والمشروعات، من أبرزها شركة “سيمنز”، أكبر شركة صناعية متعددة الجنسيات فى أوروبا، والتى وقعت مصر معها فى مايو 2022 أكبر صفقة في تاريخ الشركة الممتد على مدى 175 عامًا، لبناء شبكة سكك حديد جديدة عالية السرعة، بطول 2000 كيلومتر، بتكلفة أكثر من 8 مليار يورو، بما يتيح إمكانية الوصول إلى وسائل نقل آمنة ونظيفة وبأسعار معقولة، وهو ما يعد نجاحًا متميزًا، ويفتح المزيد من الفرص للتعاون مستقبلاً. هذا إلى جانب التعاون الموجود بالفعل فى مجالات الطاقة والبنية التحتية، كما فى مشروع “بنبان” الضخم للطاقة الشمسية، بما ساهم فى تعزيز وضع الدولة المصرية لتكون مركزًا للطاقة، ومكتفية ذاتيًا من الكهرباء، بل وتصديرها للبلدان والمناطق المجاورة لها، كالسعودية والأردن، وأوروبا لاحقًا. يُضَاف إلى ذلك التعاون الجديد فى مجال الهيدروجين الأخضر، وفقًا لمذكرة التفاهم التى تم توقيعها فى يوليو الماضى، إبَّان زيارة الرئيس السيسى لألمانيا.
-
فيما يتعلق بالحرب الروسية / الأوكرانية، أشار الضيف إلى أن أوروبا لم تصدق إمكانية حدوث الحرب حتى وقوعها، مؤكِّدًا صعوبة التنبؤ بسلوك بوتين. وأضاف أن روسيا لم تحقق أهدافها التى كانت ترجوها فى أوكرانيا. ومع ذلك، فإن التداعيات التى ترتبت على الحرب منذ بدايتها غاية فى الجسامة، سواء فى سلاسل الإمداد والطاقة والغذاء وأسواق المال… إلخ، مشيرًا إلى أن بلاده عزمت على تنويع مصادرها من النفط والغاز لتوفير موارد الطاقة لديها، بدلاً من اعتمادها الضخم سابقًا على روسيا (بنحو 55 %)، باللجوء إلى قطر والنرويج والجزائر وغيرها، بل وخصّصت نحو 200 مليار يورو تعويضات للصناعات والأفراد داخل البلاد، هذا مع رجحان زيادة الأسعار مستقبلاً، والتى لا يمكن تجنبها بأى شكلٍ من الأشكال. ومع ذلك، فإن التشكيل الحكومى الحالى فى ألمانيا يجعل من الصعب حدوث توازن فى القرارات التى يمكن اتخاذها بشأن قضايا تغير المناخ والاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية، نتيجة انخراط حزب الخضر الذى يتمتع بوجود لا يُستهان به داخل الحكومة بما فيهم وزيرة الخارجية، والذى يدافع بشدة عن قضايا البيئة.
-
أشار إلى أن درجة ثقة الأوروبيين فى روسيا حاليًا صفر، وأن تصرف بوتين بعدوانية داخل أوكرانيا أمر غير مقبول، ولا يُتصوَّر معه الوصول إلى تسوية بسهولة، خاصة وأن نحو ثلث أوكرانيا يخضع للسيطرة الروسية، فيما لا تبدى موسكو أى تراجع بشأن ذلك. وأضاف أن أوروبا عرضت العديد من المبادرات للتفاوض، ولكن دون جدوى، داعيًا كافة الفاعلين الدوليين إلى السعى فى إنهاء هذه الحرب التى لم يقتصر تأثيرها على أوروبا وحدها، بل طال العالم أجمع.
-
حول منطقة الشرق الأوسط، أكَّد الضيف دعم بلاده الكامل لحل الدولتين، وتأييدها للموقف المصرى تجاه القضية الفلسطينية، مضيفًا أن ألمانيا تحاول إعادة هذا الحل إلى طاولة المفاوضات مرة أخرى، رغم ما يعترى ذلك من صعوبة فى ظل عودة بنيامين نتنياهو على رأس الحكومة الإسرائيلية مرة أخرى، بما فيها من أحزاب دينية يمينية متطرفة. من جهةٍ أخرى، سعت ألمانيا لإيجاد حل للأزمة الليبية عبر عقدها مؤتمرَى برلين، ودعت مصر وتركيا ومختلف الأطراف المعنية للمساهمة فى تحقيق هذا الهدف، مؤكِّدًا دعم بلاده الكامل لمختلف المساعى التى من شأنها إنهاء الأزمة فى ليبيا.
-
اتصالاً بتطورات العلاقات الثنائية، أشار د. كمال أبو عقيل عضو المجلس إلى أهمية إحياء مشروع الطاقة الشمسية الذى كان من المفترض أن تنفذه ألمانيا فى شمال مصر، والمعروف بـ “Desertec”، بحوالى 21 مليار يورو، والذى كان سيوفر ما تحتاجه مصر من الكهرباء، وأيضًا ربع احتياجات الاتحاد الأوروبى منها، فيما سيتم توفير الكهرباء مجانًا بعد مرور 10 سنوات. وأضاف أن هذا المشروع قد توقف لاعتبارات ربحية خاصة بالشركات الألمانية.
-
حظيت تطورات الحرب فى أوكرانيا باهتمام خلال اللقاء. وفى هذا الصدد، أشار المشاركون إلى أن الرئيس السيسى دعا فى اليوم الأول من مؤتمر المناخ فى شرم الشيخ إلى ضرورة وقف الحرب الجارية فى أوكرانيا. ومع ذلك، فلم تلقَ دعوة الرئيس السيسى أى صدى لدى القادة الغربيين، فقط قام الشيخ محمد بن زايد رئيس دولة الإمارات بالتأكيد على هذه الدعوة. هذا، وأخذاً فى الاعتبار التداعيات السلبية الكبرى للحرب الأوكرانية، طرح أعضاء المجلس فكرة أن تقوم ألمانيا، انطلاقًا من دورها المركزى فى أوروبا، وبالتعاون مع فرنسا وإيطاليا، بتوجيه رسالة لواشنطن مفادها ضرورة اللجوء إلى المفاوضات ووقف الدعم الذى تحصل عليه أوكرانيا؛ بغية إنهاء الحرب، خاصة وأن أوروبا تعانى الكثير من جرَّاء الحرب، أكثر من الولايات المتحدة، ناهيك عن الأراضى الأوروبية ستكون إحدى ساحات الحرب الأساسية لا محالة فى حال اندلعت حرب عالمية ثالثة. هذا مع الأخذ فى الاعتبار كبرياء موسكو، بكون روسيا دولة كبرى على الساحة العالمية، وتأبى أن تكون غير ذلك، وهو ما يدفعها للمضى قدمًا فى حربها فى أوكرانيا.
-
من جانبه، أشار الضيف إلى أنه لا بد من أخذ المخاوف الأوروبية إزاء السلوك العدوانى الروسى بعين الاعتبار؛ إذ أن قطع روسيا إمدادات الغاز عن ألمانيا وعدد من البلدان الأوروبية الأخرى يهدد حياة المواطنين هناك، كما أن نزوح ملايين اللاجئين من أوكرانيا أمر غير إنسانى، وينتقص من كبرياء الدولة الروسية، هذا بالإضافة إلى المخاوف التى تبثها روسيا لدى دول الاتحاد، لاسيما الشرقية منها، مثل بلدان البلطيق وبولندا ورومانيا، جرَّاء حشد القوات الروسية قرب حدودها، ما يُشعِر هذه الدول بمزيد من خوف الافتراس. إلى جانب ذلك، فإن روسيا هى مَن بدأت الحرب، وليست أوروبا أو الولايات المتحدة. ومن ثمَّ، لا تتهاون أوروبا فى موقفها تجاه روسيا، مؤكدًا أن عودة العلاقات البينية فيما بين دول القارة لطبيعتها ستحتاج إلى سنوات، وربما عقود.
-
أثار بعض أعضاء المجلس الموقف الألمانى، والأوروبى عمومًا، من القضية الفلسطينية، مقترحًا قيام برلين، وباقى البلدان الأوروبية التى لم تعترف بدولة فلسطين بالاعتراف بها، والرفض الصريح للاحتلال الإسرائيلى للأراضى الفلسطينية، على غرار الرفض الأوروبى الصارم لأى احتلال روسى للأراضى الأوكرانية، بما فى ذلك معاقبة إسرائيل ومقاطعتها نتيجة تصرفاتها وانتهاكاتها لحقوق الإنسان فى الأراضى المحتلة. وفى هذا السياق، أكّد الضيف أن الصراع الفلسطينى / الإسرائيلى هو قضية الشرق الأوسط المحورية، وفى غاية الحساسية، مشيرًا إلى أن بلاده، وكذا الاتحاد الأوروبى، طالبت مرارًا بضرورة تطبيق حدود 67، وإدانة العلميات التوسعية الاستيطانية الإسرائيلية فى الأراضى المحتلة، كما أنها لم تعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، على خلاف الولايات المتحدة، فيما لم تزل السفارة الألمانية فى تل أبيب. فى ذات السياق، أشار إلى أن التنظيمات الراديكالية والمتطرفة فى الأراضى الفلسطينية تجعل من الصعب استئناف عملية المفاوضات فيما بين الجانبين، ومن ثمَّ تُعد خصمًا من فرص قيام دولة فلسطينية، على أساس حل الدولتين. وقد نوَّه السفير إلى أن الملف الفلسطينى محل انقسام داخلى حاد فى ألمانيا، وأن هناك بالفعل أصواتًا تطالب بتبنِّى موقف أكثر قوة تجاه إسرائيل.