زيارة مستشار الأمن القومي المجري
سبتمبر 19, 2016لقاء مع السفير / محمد الشاذلى – عضو المجلس المصرى للشئون الخارجية 22-9-2016
سبتمبر 22, 2016بتاريخ 21 سبتمبر 2016، عقد بمقر المجلس بالتعاون مع مركز شراكة الحضارات بجامعة موسكو للعلاقات الدولية التابعة لوزارة الخارجية الروسية، في تمام الساعة الحادية عشرة صباحًا، ندوة حول كتاب “روسيا الأوراسية: زمن الرئيس فلاديمير بوتين”، بمشاركة كلاً من السفير/ “فينيامين بوبوف”، مدير مركز شراكة الحضارات ومنسق مجموعة “روسيا والعالم الإسلامي شراكة استراتيجية”، ومؤلف الكتاب الدكتور/ “وسيم قلعجية”، والسيد السفير/ د.منير زهران، رئيس المجلس، والسيد السفير/ د.عزت سعد، مدير المجلس، وحضور عدد من الخبراء والمتخصصين من أعضاء المجلس، والسفير/ “سيرجر كيربتشينكا”، سفير روسيا بالقاهرة، وبعض أعضاء سفارته.
وقد جرت أعمال الندوة على النحو التالي:
افتتح السفير/ د.منير زهران، رئيس المجلس، وقائع الندوة بالترحيب بالسادة الحضور وبالوفد الروسي، مشيدًا باختيار المؤلف لموضوع الكتاب، مؤكدًا أن المؤلف عمل على تقصي ملامح النظام العالمي الجديد من خلال عرضه لكيفية بناء العقيدة الروسية الجديدة عسكريًا وسياسيًا واقتصاديًا لتتلاءم مع طبيعة التطورات الحالية في المنطقة المحيطة بروسيا، وخاصة في ظل المساعي المستمرة لدول حلف شمال الأطلنطي للتوسع شرقًا من خلال نشره للدرع الصاروخية في عدد من تلك المناطق وعلى رأسها “جورجيا”، وكذا التطورات الجيوسياسية في شرق أوروبا، وبخاصة عقب التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا، والعقوبات الغربية التي فرضت في أعقاب تلك الأزمة، وما أسفر عنها من تأثير على مشاريع الغاز الروسي في تلك المنطقة، باعتبار أن كل ذلك جزء لايتجزأ من الأمن القومي الروسي.
كما حرص المؤلف على استعراض المواقف الروسية من الأزمات المختلفة في منطقة الشرق الأوسط، بدءًا من البرنامج النووي الإيراني، ومساعي روسيا من خلال مفاوضات (5+1) لوقف الاتجاه الإيراني لبناء قوة نووية عسكرية، والاتجاه لتكريس البرنامج للأغراض السلمية وفقًا لاتفاق يوليو 2015، والذي تضمن برنامجًا لإعداد خطة عمل مشتركة للتعاون المستقبلي بين تلك الدول وإيران وضمان التزامها ببنود الاتفاق، هذا بالإضافة للدور الروسي الفعّال في أزمات المنطقة والتي على رأسها الأزمة السورية.
مؤكدًا أن الكتاب في الواقع يبرز خبرة المؤلف في الشأن الروسي، ومشاركته الاستراتيجية ضمن مجموعة روسيا والعالم الإسلامي، فضلاً عن استقلالية التحليلات المقدمة منه.
من جانبه، بدأ السفير/ “فنيامين بوبوف” مدير مركز شراكة الحضارات بجامعة موسكو للعلاقات الدولية التابعة لوزارة الخارجية الروسية، ومنسق مجموعة الشراكة الاستراتيجية بين روسيا والعالم الإسلامي، حديثه بالترحيب بالسادة المشاركين، وعلى رأسهم السفير/ د.عزت سعد منظم هذا الحدث.
وأكد بوبوف أنه على الرغم من كون الدكتور/ وسيم قلعجية طبيبًا إلا أنه أثبت في هذا الكتاب مهارات تحليلاته السياسية، وذلك من خلال كتابه الذي سلط فيه الضوء على أمور مهمة تساعدنا على فهم العديد من القضايا الشائكة على الساحة الدولية، مؤكدًا أن كتابة وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف لمقدمة الكتاب هو دليل على أهميته.
وأوضح السفير بوبوف أن انهيار الاتحاد السوفيتي كانت الكارثة الجيوسياسية الأكبر في القرن العشرين على نحو ما أكده الرئيس بوتين قبل أكثر من تسع سنوات (مؤتمر ميونيخ للأمن عام 2007)، وهو ما أوضحه د. وسيم في الجزء الأول من كتابه، وكيف أن هذا الانهيار ساهم في تأسيس روسيا الجديدة (روسيا بوتين) بعلاقات سياسية جديدة مع دول العالم، وثقل إقليمي ودولي تجسد في عمل موسكو وواشنطن سويًا في الملف السوري، ودعوة المبعوث الأممي في ليبيا – مارتن كوبلر – روسيا بالعمل على حلحلة الأزمة الليبية، وهذا دليل على أهمية الدور الروسي الفعّال في حلحلة الأزمات الدولية، مؤكدًا أن الساحة الدولية تمر حاليًا بتطورات وتغيرات مهمة تتمثل في صعود وتنامي دور حضارات أخرى بخلاف الحضارة الغربية (الحضارة الروسية، والصينية، والهندية، والإسلامية)، مشيرًا إلى تراجع دور الحضارة الغربية في وقت سابق خاصة مع تصاعد الأخطاء الناجمة عن تدخلها العسكري الغاشم في العديد من الأزمات في المنطقة، وبدء اعتراف بعضها بهذه الأخطاء – وهو أمر نادر بطبيعة الحال – كما حدث في التقرير الصادر مؤخرًا عن لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان البريطاني، والمؤكد أن تدخل الناتو في ليبيا كان خطًأ وتم بناءً على معلومات استخباراتية خاطئة، وهو ما اعترف به أوباما في أكثر من مناسبة.
إلا أن تلك الاعترافات لا تفيد في ظل وضع مشتعل في المنطقة، ومابين مليون قتيل وملايين الجرحى والمشردين في العالم العربي، مشيرًا إلى أن هذا كله دليل بارز على التدهور الواضح في السياسة الخارجية وانشغالها بما تواجهه من تحديات طارئة، وخاصة بعد الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن التخبط المستمر في السياسة الأمريكية وتراجع دورها الفاعل في المنطقة، وهو ما سيستمر حتى بعد رحيل أوباما، موضحًا أنه يتوقع وجود اعتراف غربي قريب بخطأ توقعاته وتصرفاته حيال الأزمة في أوكرانيا.
وحول الكتاب، أكد الدكتور/ وسيم أن ماتضمنه حول روسيا لم يكن على سبيل التبجح أو المجاملة السياسية بل هو حقيقة ماعاصره وما يؤمن به، مضيفًا بأن ماتضمنه الكتاب في الدفاع عن روسيا هو تعبير عن وجهة نظره باستقلالية كاملة، وتأكيدًا على ما قد عبر عنه الكاتب الروسي الكبير والدبلوماسي “يوتشن” في قصيدته حول وصف روسيا، حينما أكد “أنه لا يمكن وصف روسيا بالعقل وحده وإخضاعها للمقاييس بل إن خصوصية روسيا يفهمها من يؤمن به”.
وأكد أنه شخص عاصر الحقبة الأخيرة من الاتحاد السوفيتي في زمن انتصاره وانكساره، وكيف تعرضت روسيا للظلم والشماتة عقب انهيارها من خلال ما حاوله الساسة الغربيين من تطبيق نظرياتهم المتعلقة بالرأسمالية، وإثبات فشل النظرية الاشتراكية المطبقة مسبقًا، إلا أنه ظل دومًا متأكدًا من عودة الاتحاد السوفيتي لقوته ودوره الفاعل، وهو ما بدأ يتحقق عقب تولي “يفجيني بريماكوف” رئاسة وزراء روسيا عام 1998 حتى عام 1999، وتأصل هذا الشعور لديه عقب وصول الرئيس بوتين لسدة الحكم لتدخل بعدها روسيا في منحنى صناعة تاريخ روسيا الجديدة. حيث حاول بوتين منذ وصوله للحكم عام 2000 إعادة روسيا إلى الواقع كدولة متطورة تسعى لتأسيس هيكل متكامل للعلاقات الدولية قائم على احترام المصالح الروسية، وإقامة شراكة استراتيجية كاملة مع حلفائها، وهو مانجح فيه الرئيس بوتين مدعومًا من شعبه ليستحق بجدارة ماتضمنه هذا الكتاب.
وشدد الكاتب على أن عودة روسيا لساحة الأزمات الدولية كان ضروريًا للبدء في تأسيس علاقات متوازنة على الساحة الدولية، خاصة وأنه يقع على عاتقها مسؤولية سياسية سعيًا لاستقرار عالم مضطرب، وهو ما تتناوله ثنايا هذا الكتاب، مضيفًا أنه حاول في هذا الكتاب استشراف العلاقات الدولية الجديدة مع بروز المصالح الروسية وتأثيرها على استقرار توازن المصالح الدولية.
واختتم قلعجية حديثه بتقديم الشكر للوزير “سيرجي لافروف” على كتابة مقدمة الكتاب– خاصة وأن هذا يخرج عن نطاق مسؤولياته – فضلا عن تقديمه الشكر للسفير الروسي بالقاهرة، والحضور الروسي، وللمجلس المصري، وللسفير/ د.عزت سعد على إتاحته الفرصة لتقديم وعرض الكتاب من القاهرة “عاصمة أرض الكنانة”.
بدأ السيد السفير/ د.عزت سعد، كلمته بالترحيب بالحضور، وبالسفير الروسي في القاهرة، وبتفاعل الحضور مع الكتاب وما تناوله من أفكار، مؤكدًا أن الكتاب يكتسب أهميته كونه صادر باللغة العربية فيما يخص الشأن الروسي، والتطورات السياسية منذ تولي الرئيس بوتين الرئاسة عام 2000 حتى الآن، خاصة وأن الخبراء والساسة في العالم العربي يستمدون معلوماتهم حول روسيا من وسائل الإعلام الغربية، والتي تتبنى عادة نهجًا انتقاديًا غير موضوعي لما يجري في روسيا، لاسيما عند تناولهم وتحليلهم للأزمات والمشاكل التي تلعب فيها روسيا أدوارًا مؤثرة مثل الأزمة السورية.
وعليه فقد أوضح سيادته أن الكتاب يسلط الضوء على محطة مهمة في تاريخ روسيا منذ عام 2000، في ظل المرحلة الانتقالية التي يمر بها النظام العالمي يتوارى خلالها النظام القديم القائم على القطب الواحد ليبرز نظام عالمي جديد قائم على تعدد القوى وبروز قوى جديدة، وهو مايتضح بشدة للمتابع للمواقف الأمريكية التي بدأت في الانحسار والتحرك في قيود لم تشهدها من قبل، سواء على صعيد علاقاتها الثنائية بدول العالم “وهو مابرز مؤخرًا من هجوم الرئيس الفلبيني على نظيره الأمريكي خلال مشاركته في قمة آسيان الأخيرة”، أو على صعيد تراجع دورها في أزمات منطقة الشرق الأوسط، والحالة السورية أبرز مثال على ذلك.
وخلال تناوله لمحتوى الكتاب، أكد سيادته أن الغرب قدم لروسيا عرضًا – عقب انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991 – قائم على إدماجها في الاتحاد الأوروبي، وحلف شمال الأطلنطي، بشروط أوروبية أهمها أن تكون دولة كأي دولة أخرى وأن تتبنى القيم الأوروبية الغربية، وكأنها القيم الأفضل والأسمى على غيرها من القيم، وبطبيعة الحال، فإن هذا المنطق الغربي يفسر قناعة الغرب بأنه خرج منتصرًا في الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي الذي كان الطرف الخاسر. ومن هنا يمكن تفهم مقولة الرئيس بوتين– خلال كلمته الشهيرة في مؤتمر ميونيخ للأمن في فبراير 2007 – بأن سقوط الاتحاد السوفيتي كان من وجهة نظره الكارثة الجيوسياسية الأكبر في القرن العشرين. مضيفًا بأن هناك العديد من المحطات في الكتاب، التي تؤكد أن روسيا الاتحادية لم ترفض فكرة الاندماج في الهياكل الأوروبية بشكل مطلق إلا أنها أرادت الحفاظ على سيادتها ومنظومة قيمها باعتبارها دولة مسيحية أرثوذكسية لها استقلاليتها وحضارتها وثقافتها الخاصة بها.
كما أوضح أنه مع تولي الرئيس بوتين السلطة في البلاد عام 2000، بدأ التفكير في روسيا الأوراسية المنتمية جغرافيًا وثقافيًا لأوروبا، وفي نفس الوقت لآسيا، لتنطلق من هنا فكرة إنشاء الاتحاد الاقتصادي الأوروآسيوي، والذي تتفاوض مصر حاليًا مع دوله لعقد اتفاق تجارة حرة معه.
وتطرق سيادته لما تناوله الكتاب من توضيح للمواقف الروسية تجاه الأزمات والمشاكل الدولية التي تمر بها المنطقة، وأن هذه المواقف كانت نابعة من محافظة روسيا على مصالحها في المنطقة والعودة إلى المسرح الدولي، مستفيدة من ذلك من سوء إدارة الولايات المتحدة لملف السلم والأمن الدوليين عقب انتهاء الحرب الباردة، والعمل خارج إطار الأمم المتحدة، وهو مايتضح في العديد من أزمات المنطقة بدءًا من أفغانستان ثم العراق وسوريا وليبيا.
واختتم سيادته حديثه بالتأكيد على أن هذا الخلاف في الرؤى بين روسيا وأمريكا لايعني أننا أمام قوتين متصارعتين، بل أن الدولتين تحاولان باستمرار الوصول لأرضية مشتركة للتعاون، خاصة وأن الدولتين قوتين نوويتين معترف بهما، وعضوين دائمين في مجلس الأمن عليهما مسؤوليات، خاصة في حفظ السلم والأمن الدوليين.
وقد تخلل الندوة عدد من المداخلات، جاءت على النحو التالي:
طرح بعض الحضور عدد من الأسئلة حول الكتاب ومحتواه، وتساؤلات أخرى حول الموقف الروسي من الأزمات الأخيرة التي شابت العلاقات الثنائية بين البلدين، كما يلي:
-
د. يسري أبو شادي، كبير مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية سابقًا:
طالب الدكتور أبو شادي من الدكتور وسيم قلعجية عرض النقاط الرئيسية في كتابه، وتساءل حول مدى تطرق الكتاب للتطورات في سوريا، متسائلاً عن رأي المؤلف حول التطورات الأخيرة، والخلاف الروسي– الأمريكي الواضح حول استمرار الهدنة.
-
د.أحمد يوسف أحمد، أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية:
أبدى الدكتور أحمد إعجابه بشخص الرئيس بوتين، ومايتمتع به من صفات قيادية مكنته من إعادة الدور الروسي بشكل قوي للساحة الدولية، ولعب دور مهم في كافة الأزمات الإقليمية والدولية، خاصة وأن روسيا قوة توازن مهمة للمنطقة، وهو ماتم بعد أن تمكن الرئيس بوتين من بناء دولة روسية قوية ومتماسكة داخليًا.
وطالب سيادته السيد وسيم بإعطاء إضاءات موضوعية للكتاب، وكمصري متخصص في الشأن العربي، ومن واقع ما لدى مصر من رصيد قوي يربطها بروسيا، فضلاً عن تنامي العلاقات الروسية – المصرية عقب ثورة 30 يونيو، طالب سيادته بتسليط الضوء على مايشعر به المواطن المصري من تشدد روسي في بعض المواقف، كما حدث مؤخرًا بعد حادث سقوط الطائرة الروسية، وما لوحظ حينها في الداخل المصري من أن ردة الفعل الروسية مبالغ فيها، خاصة وأن العديد من دول العالم عادت تستأنف رحلاتها لمصر، بينما لاتزال بعثات التفتيش الروسية تزور مصر ولم يتخذ قرار حتى الآن.
-
أ/ خالد العيسوي، سكرتير تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط:
أبدى السيد خالد رغبته في التعرف على وجهة نظر المؤلف حول ما يتعلق بالسياسة الروسية مابعد فترة الرئيس بوتين، متسائلاً عن قدرة روسيا على مواجهة الضغط الغربي الراغب في تقويض الدور الروسي، وهل ستواجه روسيا ذلك بالتعاون مع حلفائها وعلى رأسهم الصين؟.
-
أ/ سيد حسين، رئيس تحرير كتاب الجمهورية:
أكد السيد حسين على مكانة الروس في قلب الشعب المصري، خاصة وأن الروس كانوا وراء تسليح الجيش المصري عندما رفضت الولايات المتحدة ذلك، وأن الانتصار المصري في 73 كان بسلاح روسي، فضلاً عن ماقدمه الروس للشعب المصري لتنمية مصر من خلال المساهمة في بناء السد العالي، وتأييده لما ذكره السفير/ د. عزت سعد، والسفير “بوبوف” صباح اليوم في مقابلة أذيعت على التلفزيون المصري، فيما ذكراه بأن روسيا دولة مسيحية مسلمة – كما ذكر الرئيس بوتين– وأن الرئيس بوتين يمد يد العون للمسلمين في وقت يقاوم فيه الغرب ذلك. مختتمًا مداخلته بمطالبة د. وسيم بإعداد مادة حول إمكانية تلاقي الحضارة الإسلامية والروسية.
-
د. أنور إبراهيم، مترجم متخصص للغة الروسية:
استمد دكتور أنور مداخلته مما أكد عليه السفير/ عزت سعد حول ضرورة معرفة السياسات والثقافات والتوجهات من منابعها الأساسية حينما ذكر “أن الكتاب مثّل مادة مهمة في التعرف على روسيا التي لم يعرفها العالم العربي، إلا من الكتابات الغربية الانتقائية”، وطالب بضرورة العمل على ترجمة العديد من كتب الفكر الروسي حتى تصل الصورة الحقيقية لمتخذ القرار، ولايتم الاعتماد فقط على الكتابات الغربية، والتي قد تؤدي لخطأ في الفهم وسوء تقدير للموقف المتخذ في التعامل مع الأزمات المختلفة، وحتى تصل الأفكار والتوجهات الروسية الصحيحة للرأي العام.
تعقيبات ختامية:
1- علق د. وسيم قلعجية، على ما ذُكر من تساؤلات في النقاط التاليـة:
حول الموضوعات الرئيسية للكتاب:
-
أوضح أن الكتاب يؤرخ في فصله الأول عالم مابعد الاتحاد السوفيتي، من حيث رصد وقائع كيفية سقوطه ووصول يلتسن للسلطة ومافعله بروسيا، وما تسببه في إلحاق المزيد من الضعف بها مما أدى للانقلاب عليه، وصعود تيار آخر بقيادة “بريماكوف” الذي قاد سياسة جديدة لمنع إذلال روسيا، والتحول لآسيا للخروج من الحصار الغربي المفروض عليها، وتبني عقيدة استراتيجية جديدة قائمة على إقامة علاقات جديدة مع المحيط الآسيوي، وعليه فهي عقيدة مبنية على المحيط الجغرافي، تقضي بعودة روسيا لممارسة دورها الفعّال تجاه الأزمات الدولية المختلفة وصولاً لصعود الرئيس بوتين للحكم.
-
أشار إلى أن الفصل الثاني يدور حول مشاركة الرئيس بوتين فور وصوله للحكم في مؤتمر ميونيخ للأمن والتعاون الأوروبي، وذلك لوضع النقاط على الحروف، واتخاذ روسيا لموقعها الصحيح، وعودتها للعب دور مهم في ساحة الصراع الدولي. والعودة الروسية الحميدة لمحيطها الآسيوي، وبخاصة في منطقة آسيا الوسطى، فبعد سقوط الاتحاد السوفيتي أسست (رابطة صداقة الدول المستقلة) عن الاتحاد السوفيتي، خاصة وأن روسيا تمثل المحيط الحيوي الخلفي للأمن الروسي في ظل تصاعد التهديد الغربي في تلك المنطقة.
-
بينما يركز الفصل الثالث للكتاب حول العقيدة العسكرية، والتي تستند لما ذكره الرئيس بوتين حول تصوره عن الدول العظمى، والذي أكد أن لها ثلاثة خصائص أساسية:
-
التاريخ والحضارة (ولا أحد ينافس روسيا في ذلك).
-
القوة العسكرية (فروسيا ليست الأقوى عالميًا، ولكن لا أحد يستطيع هزيمة روسيا).
-
القوة الاقتصادية(مؤكدًا أن روسيا ستتغلب على أزماتها الاقتصادية، وأنها ترتبط بشكل أو بآخر بالأزمات الاقتصادية العالمية).
وبالتالي فالعقيدة العسكرية الروسية مرت بالعديد من المراحل (فترة الرئيس يلتسن، ثم الرئيس بوتين، وصولاً للعقيدة الحالية التي تسعى لتطوير السياسات الدفاعية بما يعزز قدراتها أمام التوسع الغربي الأمريكي في أوروبا الشرقية كما هو حادث في كل من جورجيا والبلقان ومنطقة القوقاز).
-
في حين أوضح أن الفصلان الرابع والخامس يركزان حول كيفية مواجهة روسيا للتدخلات الغربية في أوروبا الشرقية، وبخاصة في أوكرانيا وإسقاطها الرئيس الشرعي للبلاد في إطار ما أطلق عليه بـ “بالثورات الملونة”، وكيف اضطرت روسيا لمواجهة هذا الانقلاب، ومحاولة الخروج من الحصار الاقتصادي المفروض عليها عن طريق إقامة هياكل اقتصادية أوروآسيوية (كمنظمة البريكس– التي تضم بجانب روسيا كلاً من الصين والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا–ومنظمة شنغهاي للتعاون، والاتحاد الاقتصادي الأوروآسيوي).
مشيرًا أنه بالإضافة للأزمات في أوروبا الشرقية، تطرق الكتاب لأزمات منطقة الشرق الأوسط وعلى رأسها سوريا، خاصة وأنها تقع ضمن الحزام الأوراسي المحيط بروسيا، مؤكدًا أن المعركة في سوريا ليست من أجل الديمقراطية بل هي في الواقع صراع بين شرعية النظام وبين من يريد الاستيلاء على مستقبل سوريا، والسيطرة على مستقبل الشرق الأوسط من خلالها.
حول مرحلة ما بعد الرئيس بوتين:
تساءل الكاتب حول مابعد الخروج الأمريكي من الشرق الأوسط، موضحًا أن روسيا لديها مصالح جيوسياسية مهمة في الشرق الأوسط، وأن كل مايصدر عنها في الواقع هو لمواجهة المرحلة اللاحقة لخروج الولايات المتحدة من المنطقة، مشددًا على أن سياسة روسيا هي سياسة مؤسسات، وليست مرتبطة بشخص أحد، وأنها سياسة مستمرة حتى لما بعد الرئيس بوتين طالما أنها تحافظ على المصالح الروسية.
2- وفي تعليق للسفير/ بوبوف، حول ماطرح، أكد على أنه فيما يتعلق بتوفير مادة ثرية تشرح وجهة النظر الروسية للعالم العــربي، من المنتظر صدور عدد من الكتب خلال المرحلة القادمة عن الزعيم جمال عبد الناصر، وعن المسيحية والإسلام في روسيا، مشيرًا إلى أنه في بداية العام المقبل سيصدر كتابان عن الإسلام في روسيا، والمسيحية في الشرق الأوسط، وأضاف أن لديه تصور بأهمية صدور كتاب حول العلاقات المصرية– الروسية، وذلك بالتعاون مع سيادة السفير/ عزت سعد، ليعبر ذلك عن المصالح الاستراتيجية للبلدين، وتطابق مواقفهما تجاه القضايا المختلفة، وهو ما أكده الرئيس السيسي في كلمته أمام الأمم المتحدة، هذا فضلاً عن كون السياحة الروسية والصادرات الزراعية مهمة لاقتصاد الدولتين، مشددًا على حاجة كل من روسيا ومصر لتعزيز تعاونهما.
أخيراً، أكد السفير الروسي “سيرجي كربتشينكو”، رداً على ماذكره بعض الحضور من ان هانك تشدداً روسياً تجاه مصر منذ حادث سقوط الطائرة الروسية في سيناء في اكتوبر 2015، أن هذا غير صحيح، وأن التشدد الروسي هو تشدد تجاه الإرهاب وليس تجاه مصر، وأن ماحدث كان رد فعل ملائم للظروف حينها تجاه هذا العمل الإرهابي، ولم يكن موجه للعلاقات الثنائية بين البلدين، مشدد على أنه منذ الوهلة الأولى لسقوط الطائرة الروسية وجد توافق مصري– روسي، وتعاطفًا قويًا من الجانب المصري تجاه ضحايا الطائرة، مشيرًا إلى أنه تم تفعيل التعاون المشترك بين الجانبين لمنع تكرار الحادث، وإن وجد تردد مصري في البداية حول اختيار مقاربة التعامل مع هذا الموضوع ، وكيفية التعاون في حلحلة الأزمة، وهي أمور حسمت عقب لقاء الرئيس السيسي بالرئيس بوتين على هامش أعمال قمة العشرين المنعقدة في سبتمبر الجاري، والعمل المستمر بين الجانبين لإكمال التحقيقات واستكمال اتخاذ إجراءات التامين، موضحًا أن هذا من شأنه أن يُسرع من وتيرة العمل وعودة السياحة الروسية بحلول الموسم القادم.