مشاركة السفير/ حسين الكامل ممثلاً عن المجلس في القمة الثالثة لمراكز الفكر العالمية
سبتمبر 30, 2016اللجنة الدائمة للشئون العربية بالمجلس تناقش أزمة النظام العربي
أكتوبر 23, 2016
في الفترة (18–19) أكتوبر 2016، زار وفد من المجلس جمهورية الصين الشعبية، ردًا علي زيارة وفد معهد الصين للعلاقات الدولية المعاصرة (CICIR) للمجلس عام 2015، وزيارة أخري في مارس 2016. وضم الوفد كل من: السفير/ هشام الزميتي، والدكتور/ حازم عطية الله، والسفراء/ عزت سعد وعلي الحفني وأحمد رزق.
وبجانب لقاء المائدة المستديرة مع وفد معهد الصين للعلاقات الدولية المعاصرة CICIR، وهو مركز الفكر والبحوث الأول للحكومة الصينية ، أجرى الوفد جلسات نقاش وتشاور مع المراكز والمعاهد الصينية التالية:
-
معهد دراسات غرب آسيا وأفريقيا والشرق الأوسط بالأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية (CASS)، وهي أكاديمية بحثية متخصصة تضم أكثر من 30 مركزًا بحثيًا في مختلف المجالات ذات الصلة بالفلسفة والعلوم الاجتماعية.
-
معهد الشعب الصيني للشؤون الخارجية (CPIFA)، وهو أحد أقدم المعاهد البحثية في الصين، حيث تأسس عام 1947 كأحد المراكز البحثية المتخصصة في مجال العلاقات الدولية، تحت إدارة الحزب الشيوعي الصيني ويرأسه سفير سابق بوزارة الخارجية.
-
مركزالصين للدراسات الدولية المعاصرة (CCCW) يعمل كمركز فكر (Think Tank)للحزب الشيوعي الصيني ويتبع لجنة العلاقات الخارجية للحزب، حيث يترأس المركز نائب رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالحزب. ورغم حداثة إنشائه (2010)، إلا أن المركز يعتبر أحد أكثر مراكز البحوث تأثيرًا في بكين وتربطه علاقات قوية بعدد كبير من مراكز البحوث الحكومية وغير الحكومية حول العالم.
-
جمعية الصداقة الصينية (CAF) مع جميع دول العالم.
وقد عقد الوفد اجتماعًا بوزارة الخارجية مع نائب مدير إدارة غرب آسيا وشمال إفريقيا. وفيما يلي أهم ما أثير خلال لقاءات الوفد:
1- استهل السيد/Niu Xinchun”“، رئيس الجانب الصيني، اللقاء بالترحيب بوفد المجلس، مشيرًا إلي ما يلي بصفة خاصة:
أنه منذ جلسة المشاورات الأخيرة التي عقدت بالقاهرة في مارس 2016، حدثت تطورات مهمة علي صعيد العلاقات الثنائية بين البلدين أبرزها تطور حركة التبادل التجاري إلى الأفضل وتعزيز التعاون الاقتصادي من خلال توقيع اتفاقيات عديدة، خاصة خلال زيارة الرئيس “شي” لمصر في يناير 2016، ومشاركة الرئيس السيسي في قمة العشرين في سبتمبر2016 بدعوة من نظيره الصيني.
أنهم مهتمون بمتابعة التطورات في مصر، خاصة على الصعيد الاقتصادي وأن الاتفاق المبدئي للحكومة مع صندوق النقد الدولي سيزيد من ثقة الصين في الاقتصاد المصري، مضيفًا أن الصين حريصة علي دعم الاقتصاد المصري خاصة وأن لدى البلدين شراكة استراتيجية شاملة ولدى بكين تصميمًا علي تنفيذها، وأنه لهذا السبب دعي الرئيس السيسي لقمة العشرين.
2- من جانبه أعرب السفير/ هشام الزميتي، رئيس الوفد، عن تقديره والوفد المرافق للحفاوة وحسن الاستقبال الذي قوبل به الوفد، مشيرًا إلي ما يلي:
أن مصر دولة مستقرة رغم محاولات قوى كثيرة ضربها أمنيًا واقتصاديًا، مشيرًا إلي أن أحد أهداف ضرب مصر هو تطويق الصين وإفشال مشروع الحزام والطريق، ومن هنا تبدو أهمية البعد الاستراتيجي في علاقات الدولتين، خاصة في تأمين الممرات المائية وعلي رأسها قناة السويس، موضحًا أن مصر قوة عسكرية و بحرية مهمة وأنها لم تتأثر بمحاولات تفتيت الدول التي لازالت مستمرة، ومنها محاولات خنق الاقتصاد وضرب السياحة وحرب العملة وحرمان مصر من تحويلات المصريين في الخارج، مؤكدًا أن مصر تخوض معركة استقلال للإرادة الوطنية وأنها تقدر وقوف الصين إلي جانبها.
كما أشار إلى ترحيب مصر بقرب التوصل لاتفاق (OFF SET) بما يعادل 2.7 مليار دولار خلال السنوات الثلاث القادمة، بما يتيح استخدام الجنية المصري واليوان الصيني في المبادلات التجارية، موضحًا أن مصر ترحب بإقامة ترسانة بحرية لبناء السفن في الأدبية (السويس) في إطار المشروعات العملاقة لتطوير محور قناة السويس، فضلاً عن اهتمام مصر بالاستفادة من قرار الصين بنقل عدد كبير من مصانعها إلى الخارج وأهمية جذب الجانب الصيني نحو إعادة توطين تلك الصناعات في محور قناة السويس.
3- انتقل الجانب الصيني إلى طلب إيضاحات حول عدد من القضايا الداخلية والخارجية، أبرزها تطورات الأوضاع الاقتصادية في مصر وضمانات وحوافزالاستثمار، موضحًا أنه يود التأكيد علي أن مصر مهمة جدًا للصين اقتصاديًا وسياسيًا واستراتيجيًا، وبالتالي يهمهم استقرار مصر، مضيفًا أن الصين قدمت دعمها المادي لمصر خلال حكم مبارك ومرسي، وتقدمه الآن للرئيس السيسي، وأن كل ما تحتاجه بكين هو برنامج اقتصادي يمكن الوثوق به، حيث يوجد شعور بأن الصين ليست في الصورة الكاملة بالنسبة لعملية الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الجارية في مصر، و يلاحظون في هذا السياق، تردد بعض المستثمرين الصينيين في الاستثمار بمصر بسبب مشاكل خاصة بالبنية الأساسية والطاقة، فضلاً عن الأعباء الضريبية المغالى فيها بالمقارنة بدول أخرى تزايدت فيها معدلات الاستثمار الصيني مثل إثيوبيا وتايلاند، كذلك يلمسون استمرار تعقيدات إجراءات الاستثمار.
4- في هذا الصدد، عرض كلاً من السفير/ علي الحفني، والسفير/ عزت سعد، للجهود المبذولة لتحسين مناخ الاستثمار في مصر وقرب صدور القانون الجديد في هذا الشأن، وتشكيل مجلس أعلىللاستثمار برئاسة السيد رئيس الجمهورية شخصيًا، لتذليل كافة العقبات التي تواجه المستثمرين والجوانب المختلفة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، وبدء تنفيذ حزمة من الإجراءات التي تستهدف علاج الاختلالات المالية، لاسيما عجز الموازنة وارتفاع عجز ميزان المدفوعات، وضبط السياسات النقدية من أجل خفض معدلات التضخم، وأن الحكومة تدرك أن نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي مرهون بالتزامها بمعايير أداء كمية، بما فيها حد أدنى لصافي الاحتياطي من النقد الأجنبي لدي البنك المركزي والاحتفاظ بنسبة معينة للعجز في الموازنة الحكومية.
وأكد السفير/ عزت سعد أن المشكلة بالنسبة للاقتصاد المصري هي وجود فجوة تمويلية تبلغ حوالي 30 مليار دولار، ينتظر سداد 12 مليار منها بعد الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، بينما سيتم تدبير الباقي (18 مليار دولار) عن طريق الاقتراض الميسر، وإصدار سندات دولارية واستثمارات أجنبية مباشرة علي مدار السنوات الثلاث القادمة، وأنه بوسع الصين دعم الاقتصاد المصري في هذا الإطار.
5- ارتباطًا بما تقدم، أكد الوفد المصري الأهمية الخاصة لقطاع السياحة في الاقتصاد المصري، مؤكدًا الحاجة إلى تشجيع السياحة الصينية لمصر.
6- وفي هذا الصدد، أشار الجانب الصيني إلي أنه وفقًا للتقديرات المصرية، زار مصر 160.000 سائحاً صينياً خلال 2016، وهو عدد متواضع في ضوء إمكانات مصر السياحية ترويجيًا وثقافيًا. اقترح الجانب الصيني ما يلي لجذب السياحة الصينية:
-
إنشاء منطقة حرة في مصر لجذب السياح الصينيينوغيرهم، خاصة وأن أغلبية الصينيين يعشقون التسوق في البلاد التي يزورونها.
-
التنسيق مع إسرائيل في مجال التسويق السياحي، حيث يرغب السائح الصيني في زيارة دولتين بدلاً من واحدة فقط، خاصة مع بعد المسافة (أشار رئيس الوفد الصيني إلىأنه أثار هذا الأمر مع السفارة الإسرائيلية في بكين ولقي ترحيبًا منها بذلك، مضيفًا أن كلا من مصر وإسرائيل معروفتان تمامًا للصينيين، وأن إسرائيل تعطي الصينيين تأشيرات دخول صالحة لعشر سنوات. كذلك اقترح بعض أعضاء الوفد اعتماد كل من تركيا وإسرائيل ومصر كمقصد سياحي واحد).
7- ارتباطًا بما تقدم أشار الدكتور/ حازم عطية الله، إلى أن هناك حاجة لتنشيط وتطوير علاقات التعاون الثقافي بين البلدين، خاصة في ضوء أوجه التشابه بينهما وحقيقة أنهما ينتميان إلى أقدم الحضارات العالمية. وقد قام د. حازم بتوزيع ورقة علي أعضاء الوفد الصيني حول التعاون الثقافي وبعض المقترحات ذات الصلة (خلال غذاء العمل الذي أقامه نائب رئيس المعهد الصيني في ختام جولة المشاورات).
8- انتقل الجانب الصيني إلى طرح تساؤلات حول تطورات العلاقات المصرية – السعودية في ضوء تصويت مصر لصالح القرارين الفرنسي والروسي في مجلس الأمن مؤخرًا، وما فعلوه تجاه التعليقالسعودي لإمدادات الطاقة لمصر، وكذا علاقات مصر بتركيا ومآلاتها، وفرص عقد مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط قبل نهاية العام الجاري، وما إذا كانت أنقرة – بعد تطبيع علاقاتها بإسرائيل – ستكون منافسًا لدور القاهرة في عملية السلام.
9- كذلك أهتم الجانب الصيني بالتعرف علي مستقبل المساعدات الأمريكية لمصر، وما إذا كانت ما تزال علي ما هي عليه.
وفي هذا الصدد، أشار وفد المجلس إلى ما يلي بصفة خاصة:
حول العلاقات المصرية- السعودية ،أوضح السفير عزت سعد ما يلي:
-
أن السعودية تأتي في مقدمة الدول التي قدمت دعمًا سياسيًا لثورة 30 يوليو 2013، وأنه بجانب الدعم السياسي، توالت حزم المساعدات المالية التي ساهمت في إنقاذ الأوضاع الاقتصادية الصعبة في البلاد.
-
أن علاقات البلدين، بعد رحيل الملك عبد الله وتولي سلمان الحكم، لم تتغير كثيرًا باستثناء بعض التباينات في عدد من القضايا أهمها الملف السوري، مؤكدًا أن هذا الاختلاف معروف للجميع ومنذ فترة، حيث تُولي مصر الأهمية للسلامة الإقليمية لسوريا ولمحاربة الإرهاب علي خلاف السعودية ودول أخري كتركيا وقطر، التي تتجسد العقدة بالنسبة لها في بشار الأسد وضرورة إسقاطه.
-
أن العلاقات المصرية – السعودية علاقات استراتيجية، وهو ما أكده رئيس الجمهورية مؤخرًا، وأنه ليس من مصلحة البلدين أو الدول العربية عمومًا، حدوث انقسام مصري–سعودي، وهو شعور عام لدي شعبي البلدين. وخلص السفير عزت إلي أن ما حدث مؤخرًا هو تصعيد إعلامي لا يعكس الواقع.
فرص عقد مؤتمر دولي للسلام قبل نهاية العام الجاري
أكد السفير/ عزت سعد، صعوبة عقد المؤتمر ليس فقط بسبب السياسات الإسرائيلية المناهضة للسلام، بل وأيضًا نتيجة الانتخابات الأمريكية التي ستجري في نوفمبر 2016، وعدم اكتراث إدارة أوباما بهذه العملية علي مدى فترتي ولايته. هذا بجانب تباين مواقف الأوروبيين إزاء العملية، وهو ما عجزت فرنسا معه علي تبني الاتحاد الأوروبي لمبادرتها.
-
تطبيع العلاقات التركية – الإسرائيلية، ومدى تأثيرها على الدور المصري في عملية السلام:
في هذا الصدد، أشار السفير سعد إلى أنه رغم استمرار تركيا في استقطاب حركة حماس ومحاولة استخدام غزة كورقة للقيام بدور ما في عملية السلام، إلا أن مصر على قناعة – وكذلك إسرائيل – بأنه لابديل عن الدور المصري، خاصة وأن القاهرة كانت أول من أبرم معاهدة سلام مع تل أبيب.
هذا وبسبب ضيق الوقت، تم تبادل وجهات النظر حول قضايا السياسة الخارجية الأخرى، بما فيها العلاقات المصرية – الأمريكية، على غذاء استضافه نائب رئيس الـ(CICIR) السيد/”Zhang Li” على شرف الوفد المصري، وكذلك على عشاء العمل الذي أقامه رئيس الــ(CICIR) السيد “Ji Zhiye” على شرف الوفد مساء 18 أكتوبر.
على صعيد آخر، اجتمع الوفد بالسيد/”Guo Wei“، نائب مدير شمال إفريقيا وغرب أسيا بالخارجية الصينية،مساء 18أكتوبر 2016، بمقر الوزارة، وقد جاءت المداخلات على النحو التالي:
1- استهل المسئول الصيني المقابلة بالتأكيد على عمق العلاقات المصرية– الصينية سياسيًا واقتصاديًا وثقافيًا، والطفرة التي شهدتها العلاقات الثنائية خلال العامين الأخيرين، مدللاً على ذلك بالزيارات الرئاسية الأربع (3 زيارات للسيد رئيس الجمهورية للصين في ديسمبر 2014، وسبتمبر 2015، وسبتمبر 2016، بالإضافة إلى زيارة الرئيس الصيني للقاهرة في يناير 2016). كما أشار إلى الاحتفال هذا العام بمرور 60 عامًا على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين حيث كانت مصر أول دولة عربية وإفريقية تقيم علاقات دبلوماسية مع الصين عام 1956.
2- من جانبه أعرب السفير/ هشام الزميتي عن تقدير مصر لعلاقتها المتميزة مع الصين، والتي ارتقت إلى مرحلة “الشراكة الاستراتيجية الشاملة” خلال زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي لبكين في ديسمبر 2014، مشيرًا إلى اهتمام مصر بتعزيز العلاقات الثنائية على كافة المستويات، وهو ما عكسته المشاورات الوزارية الثنائية (2+2) التي جرت في شهر يوليو 2016، وتم الاتفاق خلالها على 18 مشروعًا يقوم الجانب الصيني بتنفيذها في مصر. كما تطرق إلى الموضوعات التالية:
-
اهتمام مصر بزيادة الاستثمارات الصينية المباشرة ودعوة الشركات الصينية لتعزيز استثماراتها في مصر من خلال نقل عملية التصنيع لمنتجاتها إلى مصر، خاصة وأن مصر لديها اتفاقات تجارة حرة مع إفريقيا وأوروبا والدول العربية، وهو ما يعطي المنتجات التي تصنع على أراضيها ميزة تنافسية لدخول هذه الأسواق. كما أعرب عن تقدير مصر للدعوة التي وجهتها الصين إلى السيد الرئيس للمشاركة كضيف في أعمال قمة مجموعة العشرين خلال فترة الرئاسة الصينية للمجموعة هذا العام.
-
الأهمية التي توليها مصر لتعميق التعاون مع الصين منذ إطلاق مشروع “الحزام والطريق” على ضوء تقاطع الأمن القومي للدولتين في نطاق هذا المشروع، مركزًا على البعد الآسيوي لمصروأهمية التركيز المشترك على التغيرات التي طرأت على البيئة الأمنية والسياسية والاستراتيجية على الصعيد الإقليمي والعالمي، إذ يدفع كل هذا نحو تعميق التعاون وتحقيق نقلة نوعية في العلاقات بين الصين والدول الواقعة على طريق الحرير القديم، والتي يصل عددها إلى 65 دولة، مشيرًا إلى أن هناك العديد من العقبات والتحديات التي يجب التعامل معها لضمان الوصول إلى النتائج الإيجابية المرجوة من المبادرة.
3- وقد أمَن المسئول الصيني علي ما تقدم، مشيرًا إلي أن مصر واحدة من الدول المحورية في هذه المبادرة، وأنه سيتم دعوتها إلى القمة التي ستنظمها الصين في شهر مايو 2017 وتدعو إليها قيادات عشرين دولة فقط من الدول الواقعة على هذا الطريق لمناقشة أهم الأولويات والاستراتيجيات اللازمة لتطوير هذه المبادرة، وأضاف أنه على صعيد السياسة الخارجية، تكاد تتطابق ركائز هذه السياسة لكلا من مصر والصين، خاصة فيما يتعلق بالالتزام بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى. كما أكد على أن حجم التعاون بين مصر والصين شهد طفرة في الفترة الأخيرة في مجال التنسيق الأمني ومكافحة الإرهاب وأيضًا التنسيق في المحافل الدولية خاصة في الأمم المتحدة في ضوء عضوية مصر غير الدائمة في مجلس الأمن عامي 2016 –2017.
4- أوضح السفير/ عزت سعد الأهمية الخاصة لخلق قاعدة من المصالح الاقتصادية المشتركة بين البلدين بما يحصن العلاقات السياسية من أي تقلبات، مشيرًاإلى أن ظروف المنطقة توفر للصين فرصًا كبيرة لدعم التعاون الاقتصادي والفني وزيادة المبادلات التجارية، خاصة مع تراجع دور الولايات المتحدة في المنطقة وعدم اكتراثها بما يجري فيها وشعور دول الخليج بأن الصفقة النووية مع إيران قد جاءت على حساب علاقاتهم بواشنطن وعززت من المكانة الإقليمية لإيران. وأضاف السفير سعد أن روسيا لن تتمكن من ملء هذا الفراغ رغم ماأحرزته من نجاحات جيواستراتيجية في سوريا، بسبب أوضاعها الاقتصادية والمالية مع تدني أسعار الطاقة والعقوبات الغربية المفروضة عليها، وهو ما لن يساعدها على تحمل أعباء تبني سياسة فاعلة في المنطقة.
وأكد السفير سعد أهمية النظر في إحداث قدر من التوازن في ميزان التبادل التجاري بين البلدين والذي يميل كليًا إلى الصين، وذلك من خلال ضخ مزيد من الاستثمارات الصينية المباشرة في مصر خاصة في القطاعات التي تحتاجها مصر وتمتلك الصين فيها ميزة تنافسية مثل قطاعات النقل والطاقة والتكنولوجيا، بجانب تشجيع السياحة الصينية في مصر التي يمكن أن تساهم في توازن الميزان التجاري.
5- أشار السفير/ أحمد رزق إلى ارتفاع تكلفة القروض التي تتيحها الصين لمصر لتمويل مشروعات البنية التحتية التي تنفذها شركات صينية، خاصة في ظل ارتفاع سعر الفائدة المقدمة من البنوك الصينية الممولة لتلك المشروعات، وهو ما يشكل عائقًا وعبئًا إضافيًا على مصر التي تواجه العديد من التحديات الاقتصادية، وهو ما رد عليه المسئول الصيني بالتأكيد على أن الخارجية الصينية عادة ما تحث البنوك والجهات الممولة الصينية على تخفيض أسعار الفائدة وتقديم شروط مالية تفضيلية لمصر، خاصة في ضوء وجود توجيهات رئاسية نحو تقديم كافة أنواع الدعم والمساعدة إلى مصر.
وقد علق السفير هشام الزميتي بأنه يمكن للصين الاقتداء بما تقوم به الحكومة اليابانية حيث يتم تحميل الدولة المستفيدة من الاستثمارات اليابانية فائدة لاتزيد عن 1%، وتتحمل الحكومة اليابانية الفارق بين هذه النسبة والقيمة البنكية للقروض والتي قد تصل إلى 8% حيث يعتبر هذا المبلغ(الفارق بين الفائدة البنكية التجارية، والفائدة المنخفضة التي تسددها الدولة المستفيدة بالقرض) بمثابة منحة حكومية يابانية للدولة المستفيدة، وأنه يجب أن يدرس الجانب الصيني هذه التجربة اليابانية في تعامله المستقبلي مع مصر.
6- استفسر المسئول الصيني عما يتردد إعلاميًا حول وجود بعض التوتر في العلاقات المصرية–السعودية، خاصة في أعقاب تصويت مصر لصالح مشروع القرار الروسي الخاص بسوريا في مجلس الأمن، وهو ما استفاض الجانب المصري في دحضه وتأكيد متانة العلاقات التاريخية بين البلدين، مع الإشارة إلى أن وجود بعض الاختلافات في وجهات النظر تجاه عدد من القضايا يعتبر صحيًا ولا ينطوي على تأثيرات سلبية تذكر على العلاقة الاستراتيجية بين الدولتين.
بجانبالمشاورات مع معهد الصين للعلاقات الدولية المعاصرة (CICIR)، أجرى وفد المجلس مشاورات مماثلة مع كل من:
-
مركز الصين لدراسات العالم المعاصر CCCWS.
-
معهد الشعب الصيني للشئون الخارجية(CPIFA).
-
معهد دراسات أفريقيا والشرق الأوسط وغرب آسيا بالأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية (CASS).
وقد جاءت مشاورات الوفد مع هذه المراكز والمعاهد على النحو التالي:
1- عرض الوفد المصري خلال لقاءاته أولويات السياسة الخارجية في الوقت الراهن مع الإشارة إلى التحديات الاقتصادية والأمنية على المستويات المحلية والإقليمية والدولية، خاصة في ضوء الضغوط الاقتصادية التي تواجه الحكومة المصرية في الوقت الحالي في مقابل الجهود المبذولة لتأمين الحصول على قرض صندوق النقد الدولي المقدر بـ12 مليار دولار على ثلاث سنوات، بالإضافة إلى التحديات الأمنية المرتبطة بزيادة وتيرة الإرهاب الدولي في المنطقة بصفة عامة، وتزايد نشاط الجماعات الإرهابية شمال سيناء بصفة خاصة. كما أكد الوفد تطلع مصر الدائم إلى دعم الصين لمواجهة التحديات الاقتصادية والأمنية الراهنة.
2- استفسر عدد من خبراء هذه المراكز عن مدى تأثير موجات التضخم وتعويم العملة، وكذلك الأوضاع السياسية والأمنية المتقلبة في المنطقة على مستقبل الاستثمارات الصينية في مصر، حيث أوضح الوفد المصري أن الاستثمارات الأجنبية عامة والصينية خاصة آمنة تمامًا في مصر، مشيرًا إلى استقرار الأوضاع السياسية بشكل كبير خلال العامين الماضيين، بالإضافة إلى وجود رؤية استراتيجية لدى القيادة السياسية نحو توفير مناخ إيجابي للاستثمارات الأجنبية، وأنه بالرغم من وجود عدد من التحديات الاقتصادية في الوقت الراهن، إلا أن الحكومة تتخذ كافة الإجراءات الممكنة للخروج من هذه الأزمة في أسرع وقت، وبالتعاون مع المؤسسات الدولية المعنية، وبالاعتماد على دعم الدول الصديقة وفي مقدمتها الصين، مدللاً على ذلك باتفاق تبادل العملات بين مصر والصين والذي يتم التفاوض عليه في الوقت الحالي، والمنتظر أن يساهم في دعم احتياطي النقد الأجنبي لمصر.
3- أوضح الجانب الصيني أن هناك عدداً من التحديات التي يجب على مصر العمل على التغلب عليها، خاصة فيما يتعلق بحجم الضرائب المفروضة على الشركات، والبنية التحتية التي تحتاج إلى مزيد من الإنشاءات والتطـوير، ومتوسط حجم الطاقة الكهربائية المتاحة للمصانع والشركات العاملة في مصر والذي سيظل متواضعًا، كما أن شبكة السكك الحديدية ليست كافية. على الجانب الآخر، أشار إلى قناعتهم بأن مصر تسير في الاتجاه الصحيح وأنها تتمتع بعدد من المميزات الخاصة التي يمكن أن تساعدها، بشكل كبير في التغلب على هذه التحديات، خاصة فيما يتعلق بموقعها الجغرافي المتميز الذي يجعل البضائع المصنعة فيها قادرة على أن تكون محور التجارة الحرة للأسواق الأفريقية والآسيوية والأوروبية، بالإضافة إلى الدور الذي يمكن أن تلعبه قناة السويس خاصة عقب توسيعها نحو زيادة عدد وحجم السفن التجارية التي تمر خلالها. هذا بجانب وجود موارد بشرية مدربة ومنخفضة التكاليف وهي أحد أهم المميزات التنافسية التي تتمتع بها مصر. وعقد الجانب الصيني مقارنة بين الضرائب المفروضة على الأرباح في مصر (43%) مقارنة بـ (33%) في إثيوبيا، و(28%) في تركيا، مشيرًا إلى أهمية أن يعالج قانون الاستثمار المصري الجديد المشكلات التي يعاني منها المستثمرون الصينيون.
وفي هذا الصدد، أوضح الوفد المصري أن الحكومة المصرية تبذل قصارى جهدها لإزالة أي عقبات تجاه الاستثمار الأجنبي المباشر بما في ذلك تطوير البنية التحتية في البلاد، فبالإضافة إلى مشروع قناة السويس الجديدة، قامت الحكومة خلال العامين الماضيين بمد أكثر من 3000 كيلومتر من الطرق الجديدة، بالإضافة إلى حل مشكلة التوفير المستدام للكهرباء، وهو ما انعكس على ارتفاع معدل النمو الاقتصادي إلى (4,5%) في عام 2015. كما أشار الوفد إلى تطلع مصر إلى زيادة الاستثمارات الصينية المباشرة في مصر بما يعكس حجم ومتانة العلاقات السياسية بين البلدين، حيث لا تتجاوز الاستثمارات الصينية الحالية حدود الـ600 مليون دولار.
4- ردًا على سؤال وفد المجلس عن رؤية الصين للأوضاع في الشرق الأوسط والسياسة الصينية فيها، أوضح الخبراء الصينيون أن بلادهم تسعى لأن تلعب دور “الصديق الإيجابي” لكافة الأطراف، وأنها لا ترغب في الانخراط سياسيًا بشكل مباشر في الأزمة السورية أو غيرها من الأزمات، حيث تضع حماية مصالحها الاقتصادية في المنطقة كأولوية أولى لها مع استعدادها لبذل كافة الجهود الممكنة لحل الأزمات المختلفة في المنطقة. وقد قام الوفد المصري بشرح الطبيعة المعقدة للأزمات في الشرق الأوسط، مع التركيز على تنامي ظاهرة الإرهاب الدولي العابر للحدود، كما نوه إلى أن القضاء على تنظيم داعش لا يعني نهاية الإرهاب، وإنما يحتاج ذلك إلى عملية متكاملة من الحلول السياسية السلمية للأزمات المختلفة مع التركيز على زيادة معدلات النمو الاقتصادي والاجتماعي في المنطقة. كما أشار الوفد إلى وجود محاولات غربية نحو استخدام مصطلح “التطرف المعنف” كبديل لمصطلح “الإرهاب” بهدف ربط العمليات الإرهابية التي تحدث في المنطقة بعوامل أخرى مثل مستوى الفقر وغياب الديمقراطية وغيرها، هو ما يجب الالتفات إليه وعدم الانسياق خلف التفسيرات الغربية المسيسة لظاهرة الإرهاب التي تعتبر العدو الأول للاستقرار والتنمية في المنطقة.
5- لوحظ قيام مختلف مراكز الأبحاث بتكرار الاستفسار عن مستقبل العلاقات المصرية – السعودية ومدى تأثير تصويت مصر على مشروع القرار الروسي الخاص بسوريا في مجلس الأمن على مستقبل العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، حيث قام الوفد المصري بتقديم شرح وافٍ لهذا الموضوع.
6- أوضح الدكتور “Zheng Dongchao”، المسئول بمركز (CCCWS)، أن المركز سيكون بمثابة سكرتارية قمة “الحزام والطريق” المقرر عقدها في شهر مايو 2017، مشيرًا إلى أن القمة سيتم تنظيمها في بكين، وأنه لن يسبقها اجتماعات تحضيرية ولن يتجاوز عدد الدول المدعوة إليها 20 دولة من أصل 65 دولة من الدول الواقعة على طريق الحرير القديم. كما أوضح أنه سيتم توجيه الدعوات إلى رؤساء وقادة الدول المدعوة – ومنها مصر – في وقت لاحق من عام 2017، مؤكدًا أن الصين تولى أهمية خاصة لإنجاح هذه القمة الأولى من نوعها في ضوء أنها مبادرة أطلقها ويتابعها الرئيس الصيني.
النتائج والتوصيات:
برز خلال الزيارة الاهتمام الواضح من الجانب الصيني بتطوير وتعميق العلاقات مع مصر، بناء علي توجيهات من القيادة السياسية، وهو ما تأكد من جميع لقاءات الوفد. كما أن مداخلات الجانب الصيني قد عكست تزايد الأهمية النسبية لمصر كشريك استراتيجي للصين في المنطقة، وكذا رغبتهم في إعطاء محتوي قيم للشراكة الاستراتيجية الشاملة في المرحلة القادمة، خاصة في قضايا التعاون العسكري والأمني لاسيما مكافحة الإرهاب.
وفي هذا الصدد، أعرب الجانب الصيني عن الارتياح الشديد لما أسموه بالنقلة النوعية في العلاقات مع مصر منذ تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي رئاسة البلاد، وهو الأمر الذي تأكد خلال زيارة الرئيس الصيني لمصر في يناير 2016، والإعلان خلال الزيارة عن استثمارات وقروض بنحو 15 مليار دولار بجانب تعزيز استثماراتهم في المنطقة الاقتصادية الخاصة شمال غرب خليج السويس.
1- كانت رسالة الجانب الصيني أن العلاقات الخاصة بين رئيسي البلدين لها دلالتها المهمة في الاهتمام الذي توليه الصين لمساعدة مصر على تجاوز المرحلة الصعبة التي تمر بها الآن. وفي هذا السياق، بدا اهتمام الجانب الصيني واضحًا بتوسيع آفاق التعاون بين البلدين لتشمل مجالات جديدة أهمها تعميق التعاون في المجال العسكري والأمني، بما في ذلك مكافحة الإرهاب والأمن الإلكتروني (Cybersecurity).
2- لمس الوفد قلقًا صينيًا واضحًا إزاء الأوضاع الاقتصادية الحالية في مصر بصفه عامة والاستثمارات الصينية الممكنة بصفة خاصة، مشيرًا في ذلك إلي الافتقاد إلى مزايا تحفيزية كافية مثل الأعباء الضريبية المتزايدة مقارنة بدول أخري مثل إثيوبيا و تايلاند.
3- ارتباطًا بما تقدم، بدا الجانب الصيني حريصًا علي التأكيد علي اهتمامهم بتأمين استثماراتهم في الخارج. وفي هذا السياق، تمت الإشارة إلى قاعدتهم العسكرية في ميناء جيبوتي بجانب ما حصلوا عليه من تسهيلات لقواتهم البحرية في المنطقة، وارتباط ذلك بخطوط السكك الحديدية التي أنشأتها الصين ما بين إثيوبيا وجيبوتي.
4- وقد أشار الجانب الصيني– في هذا السياق– إلي تجربتهم في ليبيا حيث اضطروا إلى إخلاء الآلاف من الرعايا الصينيين من هذا البلد بعد الثورة في وقت قصير، بجانب فقدانهم استثمارات تقدر ببلايين الدولارات، مما دفعهم إلي التفكير في مسألة تامين مصالحهم الاقتصادية في الخارج.
5- ومع ذلك، وعندما تطرقت المناقشات إلي الأزمات الساخنة في منطقة الشرق الأوسط في سوريا والعراق واليمن وليبيا وتراجع الدور الأمريكي في المساهمة في حل هذه الأزمات، جاءت مداخلات الجانب الصيني في إطار السياسة الخارجية الصينية التقليدية المعروفة من حيث عدم الاستعداد للانخراط السياسي في مشكلات المنطقة والوقوف خلف الموقف الروسي منها. وفي هذا الصدد، أشار الجانب الصيني إلي أن الشرق الأوسط ليس شريكًا تجاريًا كبيرًا للصين، وأن احتياجات الأخيرة من الطاقة يحصلون على 50% منها من دول الخليج وإيران.
6- وفي سياق متصل، أوضح الجانب الصيني أنه يلاحظ وجود صورة سلبية عن مصر في الإعلام الصيني بسبب تأثرهذا الإعلام بالإعلام الغربي. وقد نصح بضرورة تحرك مصر لمواجهة هذه الصورة والتي تلقي بظلالها على رؤية الشركات الصينية للاستثمار وعلى رؤية المواطن الصيني الراغب في زيارة المعالم السياحية المصرية.
وفي هذا الصدد، تناول السفير/ هشام الزميتي مدى التأثير السلبي للحملة الدعائية المضادة لمصر في الإعلام الغربي، وأن هناك إصرارًا علي تشويه كل ما يجري في مصر، الأمر الذي انعكس سلبًا علي مجتمع الأعمال الذي يأخذ موقفًا حذرًا من الإقدام علي الاستثمار في مصر، وكذلك الشركات السياحية التي تتباطأ في تسويق مصر كوجهة سياحية آمنة. وأضاف الجانب المصري في هذا السياق أن قطر تستضيف فرعين لمؤسستي بروكنجز وكارنيجي، وأنهما يسهمان بشكل مباشر من خلال الفعاليات التي ينظماها في الدوحة، في الترويج لأفكار معادية لمصر بشكل خاص، لاسيما وأنهما يستضيفان الصحفيين وكتاب الرأي والأكاديميين من كافة الدول ومن بينها الصين. وقد طلب الوفد المصري أن تتعاون الصين مع مصر في جهودها من أجل استعادة صورتها الذهنية الإيجابية باعتبارها دولة مستقرة وشريك مهم بالنسبة للصين في الشرق الأوسط.
وقد عقب الجانب الصيني بأن وسائل الإعلام الغربية تؤثر بالفعل في صانع القرار الاستثماري في الصين،وأنه يجب معالجة هذا الأمر من خلال تحرك مصري شامل يغير الصورة السلبية التي بدأت تترسخ عن مصر لدي مجتمع الأعمال ومنظمي الرحلات السياحية الصينيين.