لقاء أعضاء المجلس مع الدكتور طاهر صلاح الدين، أستاذ النانو تكنولوجي، للحديث حول “آخر تطورات النانوتكنولوجي في مصر والعالم”
أبريل 23, 2017ندوة حول “الإدارة الأمريكية الجديدة وعملية السلام في الشرق الأوسط”
أبريل 30, 2017
على مدى يومي (26 – 27) إبريل 2017، شارك السفير/ عزت سعد، مدير المجلس، في أعمال مؤتمر موسكو السادس للأمن الدولي، والذي تنظمه سنويًا وزارة الدفاع الروسية لمناقشة قضايا الأمن الإقليمي والدولي في مناطق العالم المختلفة، لاسيما تلك التي تهم روسيا الإتحادية كمنطقة آسيا الوسطى والشرق الأوسط. وشارك في أعمال المؤتمر ممثلون من أكثر من 85 دولة حول العالم ، منها مصر، بوفود رسمية وأخرى من منظمات المجتمع المدني من هذه الدول، بما فيهم 20 وزيراً للدفاع – في غيبة من أي مشاركة رسمية أمريكية أو أوروبية غربية- من بينهم وزيري دفاع إيران وإسرائيل وآخرين من الدول الحليفة والصديقة لروسيا من دول الاتحاد السوفيتي السابق، ومنظمة شنغهاي للتعاون ومجموعة البريكس.
وكما هي العادة كل عام، افتتح المؤتمر أعماله بكلمة من الرئيس الروسي بوتين أكد فيها أن محاربة الإرهاب في الشرق الأوسط وإيجاد تسوية للصراعات فيه، تستوجب مقاربات متوازنة وموحدة، داعيًا إلى تأسيس جبهة دولية موحدة لمواجهة التهديدات المشتركة على الأمن العالمي والإقليمي في الشرق الأوسط.
وألقى كلاً من وزير الدفاع سيرجي شويجو والخارجية سيرجي لافروف الروسيين، وجيفري فيلتمان سكرتير الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، كلمات في الجلسة الافتتاحية، حيث شغل الوضع في سوريا حيزًا معتبرًا في كلمتي الوزيرين الروسيين، حيث أكدا أن ضربة واشنطن لقاعدة الشعيرات الجوية أدت إلى تعقيد فرص إقامة جبهة دولية واسعة لمكافحة الارهاب، مطالبين بضرورة إجراء تحقيق دولي واسع في ملف استخدام المواد الكيماوية المحظورة من جانب الخبراء تحت إشراف منظمة حظر الأسلحة الكيماوية وعلى أساس متوازن جغرافيًا. خاصة وأن الحادث يمثل “خرقًا واضحًا” للقانون الدولي، كما شددا على أهمية التنسيق مع القوات الحكومية السورية للقضاء على التنظيم الإرهابي ووقف تمدده.
وتناول المؤتمر قضايا: الأمن العالمي: التحديات في القرن الحادي والعشرين، والأمن الأوروبي: الآفاق والاتجاهات، والمخاطر الأمنية وتوازن المصالح في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. كذلك جرت مناقشات مكثفة حول قضايا: الشرق الأوسط…الأهداف الحديثة لمواجهة الإرهاب والتطرف، وأمن الفضاء المعلوماتي وحرية النفاذ: علاقات متناقضة، وأنظمة الدفاع الصاروخية الباليستية: التداعيات بالنسبة للأمن العالمي والإقليمي، والأمن في آسيا الوسطى: العامل الأفغاني، والجوانب الإقليمية للتعاون العسكري – العسكري.
وحظيت منطقة الشرق الأوسط باهتمام خاص من جانب المؤتمر، خاصة فيما يتعلق بأزمات المنطقة وسبل التعامل معها ومواجهتها، مع التركيز بصفة خاصة على الإرهاب الدولي كتهديد للسلم والأمن الدوليين. وفي هذا السياق تم التأكيد على ضرورة التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب وحصول الفلسطينيين على حقهم الكامل في دولتهم المستقلة، وإنهاء الإحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية المحتلة كواحد من الأسباب الرئيسية للإرهاب في المنطقة. كذلك تم التأكيد خلال المؤتمر على ضرورة تبني استراتيجية جماعية متماسكة وشاملة لمواجهة الإرهاب من خلال إيجاد حلول لمشكلات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة، تتشارك فيها – بفاعلية وبحسن نية – القوى الكبرى ومجمع المانحين، وذلك بدلاً من المقاربات التكتيكية التي فشلت فشلاً ذريعًا في التعامل مع أزمات المنطقة كالأزمتين السورية والليبية، وفيما يلي مداخلة السفير/ عزت سعد:
أولاً: ملاحظات تمهيدية Introductory Remarks))
بادئٍ ذي بدء يجب الإشارة إلى أن أحد أهم العقبات التي تواجهها استراتيجيات مواجهة ظاهرة الإرهاب، تتمثل في عدم وجود تعريف دولي محدد لمفهوم الإرهاب، حيث يتوقف ذلك– بدرجة أو بأخرى – على مصالح كل دولة ورؤيتها للظاهرة. و يجب الإشارة هنا إلى أنه لا توجد سوى نقاط محددة توافقت عليها أغلب الدول فيما يتعلق بتعريف هذا المفهوم، أهمها:
-
استخدام العنف بكافة أشكاله وصوره. دون تمييز بين المدنيين والأهداف الأخرى، لتحقيق أهداف معينة بغض النظر عن طبيعتها.
-
استخدام العنف كنوع من الحرب النفسية as a mean of Psychological warfare، أي لنشر الخوف كوسيلة لإدخال الرعب، وبالتالي، فقد انتشر الإرهاب ليصبح أيديولوجية تدخل عقل أي شخص في العالم من خلال وسائل التواصل الإجتماعي، وهو ما يسمى” مفهوم الإرهاب المعولم”The Concept of Globalized Terrorism”
-
الاعتقاد في حل النزاعات من خلال العنف واستخدام أسلحة تدميرية كأدوات، بدلاً من الانخراط في حوار أو مفاوضات أو غيرها من الوسائل السلمية لتسوية المنازعات.
-
بعيداً عن المفهوم والتعريف، يمكن تصنيف الإرهاب في أشكال متنوعة منها: الإرهاب المحلي والإرهاب الإقليمي والإرهاب الدولي. كذلك يوجد إرهاب المنظمات أو ما يسمى باللاعبين من غير الدول (القاعدة – الدولة الإسلامية – بوكوحرام – أنصار بيت المقدس….إلخ) في مقابل إرهاب الدولة.
ثانيًا: الإرهاب والشرق الأوسط
بجانب العوامل الداخلية التي يمكن أن تشكل بيئة محلية حاضنة للإرهاب والتطرف) الافتقاد إلى الفرص الاجتماعية – الاقتصادية – الحكم غير الرشيد – غياب العدالة الإجتماعية – الافتقاد إلى الشفافية والمحاسبة وانتشار الفساد ….إلخ(، تمثل الصراعات الإقليمية مصدرًا رئيسيًا لتزايد الإرهاب والتطرف، ويصدق بذلك بصفة خاصة على منطقة الشرق الأوسط بالمعنى الجغرافي الواسع.
وفي هذا الصدد لدينا قائمة طويلة من الصراعات والحروب التي وفرت تربة خصبة لتنامي ظاهرة الإرهاب والتطرف في المنطقة أبرزها:
يظل الصراع العربي – الإسرائيلي أحد أهم مسببات الإرهاب، ليس فقط في الإقليم ولكن أيضًا حول العالم، خاصة مع استمرار احتلال إسرائيل لأراضي فلسطينية وعربية وممارساتها العنصرية وسياسات الاستيطان، واحتقارها لأحكام وقواعد القانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني كدولة احتلال مع الموقف المتخاذل والمتحيز من قبل الولايات المتحدة الأمريكية ودعمها المطلق لإسرائيل. ومن المهم أيضًا التأكيد على أن هناك العديد من المنظمات الإرهابية في المنطقة التي ما تزال تستخدم ذلك كشعار لها (تحرير فلسطين من الاحتلال .(
-
الغزو العراقي للكويت عام 1990، والذي بجانب مساهمته في المزيد من انقسام العرب، ساعد على صعود إيران كقوة إقليمية كما أدى إلى تزايد المشاعر المعادية للولايات المتحدة الأمريكية في المملكة العربية السعودية ومناطق أخرى في المنطقة، وهو ماوفر مناخاً لصعود القاعدة والتطرف الديني المعنف.
-
ان سوء ادارة الولايت المتحدة الامريكية للسلم و الأمن الدوليين بعد انتهاء الحرب الباردة قد ساهم في خلق بيئة دولية حاضنة للارهاب، خاصة في الشرق الأوسط. فقد ادارت الولايات المتحدة ظهرها إلى أفغانستان بعد تعاونها مع الجهاديين لطرد الاتحاد السوفيتي من الولايات المتحدة، ثم الغزو الأمريكي لأفغانستان في 2001 بعد أحداث11 سبتمبر الإرهابية.
أما العراق، فكانت المشكلة الرئيسية في تغييرالنظام في (2003/2004) هي انعدام المشاركة البناءة بل وحرمان جميع الفصائل السياسية واللاعبين من المشاركة في الحياة السياسية. كما أن نظام الحصص، الذي أنشأته ما سمي آنذاك بـ “سلطة الائتلاف المؤقت في العراق”، أصبح عنصرًا أساسيًا في السياسة العراقية اليوم، الأمر الذي أدى إلى زيادة الانقسامات وتقليل المصالحة.
من جانب أخر، قضى الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 على القدرات العسكرية العراقية كعامل توازن مع إيران، فقد ترك العراق بدون حكومة مستقرة واقتصاد، كما زاد من التطرف الديني والتوترات الطائفية والمواجهات الدامية بين السنة والشيعة، وأيضًا بين العرب والأكراد.
كذلك الأمر بالنسبة لتدخل الناتو في ليبيا، حيث كان من المفترض أن يكون هذا التدخل في صالح حماية المدنيين ورعايتهم، ولكن للأسف أدى هذا التدخل إلى تصفية القذافى، ثم الخروج المفاجئ للناتو من ليبيا تاركًا إياها في حالة من الفوضى والفراغ السياسي.
-
بجانب إسرائيل، هناك أيضًا إيران وتركيا، حيث تشكل سياسات الدول الثلاث في المنطقة خللاً فاضحًا في غير صالح الدول العربية، وهو ما يخلق بيئة حاضنة لانعدام الأمن (insecurity)، فاستمرار إسرائيل في سياساتها العدوانية والدور المشبوه لتركيا وارتباطاتها بداعش حتى عهد قريب في سوريا، وحديثها عن مناطق آمنة وإدعاءاتها بمصالح خاصة في الموصل، هي كلها سياسات تعكس ضعف وهشاشة الجانب العربي.
-
أما بالنسبة لإيران، لها نفوذها السياسي القوي في المنطقة العربية، والذي يراه البعض كنوع من الإرهاب، لاسيما دعاواها الإقليمية في البحرين منذ عهد الشاه، واستمرار احتلالها للجزر الإماراتية منذ عام 1971، ودورها في اليمن. وفي ضوء ذلك، فإن طهران مقتنعة بأن الطرف الآخر أضعف من مجرد التفكير في مواجهتها.
وهكذا فإن اعتماد العرب على استيراد الأمن من الخارج، قد أضعف كثيرًا دورهم ونفوذهم السياسي في الإقليم. وفي قدرتهم على حل مشاكلهم بأنفسهم، وهو ما يعكس غياب أي إدارة سياسية جماعية عربية لتغيير الواقع الحالى، دعم محاولات مصر لتشكيل ألية عربية لمواجهة الارهاب )آخرها قوةعربية مشتركة لمقاومة الإرهاب وافقت عليها قمة شرم الشيخ في مارس 2015، إلا ان دول الخليج بقيادة السعودية طلبت تأجيل إنشائها لمزيد من التشاور).
ثالثًا: تحديات جديدة
-
أن التعامل مع المنظمات الإرهابية يشكل تحديًا كبيرًا. وكما نعلم فالتعامل الأمني والعسكري لايكفي، إذ يجب التعامل فكريًا من خلال تجديد المفاهيم الدينية والتنوير. كما أن التعامل مع القاعدة مثلاً يختلف عن التعامل مع داعش، التي تسيطر فعليًا على أراضي، بجانب أيديولوجيتها البغيضة التي اعتنقها الكثيرين حول العالم، على خلاف القاعدة التي لاتمثل السيطرة على الأرض أهمية خاصة لها، فهي لاتمتلك أرضًا يمكن انتزاعها إلا أنها في كل مكان. ويعني ذلك ضرورة توافر خبرات معينة، وهو ما نراه من التجربة في العراق وفي ليبيا، حيث تشهد انتصارات عسكرية حكومية هنا وهناك ولكن دون سيطرة كاملة على الأرض.
-
إن مواجهة الإرهاب هي “حرب معلوماتية” بإمتياز، فقد أصبح استخدام التكنولوجيا المتقدمة من قبل التنظيمات الإرهابية بمثابة تحدي غير مسبوق في مجال مكافحة الإرهاب، مثل التوجيه عن بعد، واستخدام صواريخ الكروز، والهجمات الإلكترونية وغيرها. فقد أصبح ممكنًا لهذه المنظمات شل عمل الدولة بتعطيل نظم تشغيل مرافق رئيسية كالبنوك مثلاً. والمشكلة هنا أن الخبرة في التعامل مع مثل هذه التحديات لا يملكها سوى عدد محدود من دول منطقة الشرق الأوسط .
-
إن التعامل مع الإرهاب يجب أن يتم من خلال مقاربة استراتيجية وليس تكتيكية. إن مثل هذه التدابير التكتيكية لمواجهة التطرف سوف تفشل، كما رأينا في مناطق كثيرة. وعلى حين تتوافق جميع الدول – من المنطقة وخارجها- حول ضرورة مكافحة الإرهاب، إلا أن أغلبيتها، مع الأسف، تفعل ذلك ولديها شيء آخر يحركها. فهي لاتتبع النمط ذاته أو لا تتبع الحل نفسه المعتمد أو المقترح من قبل الدول الأخرى. ونظرة قريبة إلى النزاعات في منطقتنا، لاسيما سوريا، تقودنا إلى خلاصة مفادها أن محاربة تنظيم الدولة الإسلامية ليس له الأولوية على قائمة اهتمامات العديد من الدول من داخل وخارج المنطقة.
-
ومن الصادم أن يعتبر بعض الدول العربية – خلال القمة الأخيرة للجامعة العربية في 29 مارس الماضي – أنشطة بعض المنظمات الإرهابية في سوريا بمثابة مقاومة مشروعة لنظام مستبد.
-
إن الاختلالات الأمنية الموجودة في الشرق الوسط منذ عقود كان يستوجب خلق نظام إقليمي فاعل للأمن الجماعي من ناحية، ومن ناحية أخرى تبني مبادرة إعلان هذه المنطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل، وهو ما كان يمكن أن يحمي كل المنطقة. وفي هذا السياق، قد ترى القوى الكبرى الأطراف في الصفقة النووية الإيرانية 14) يونيو (2015 خطوة جيدة على طريق منع الانتشار النووي، إلا أن الوضع كان من الممكن أن يكون أفضل بكثير إذا ما تمت هذه الخطوة كجزء من برنامج شامل لمنع انتشار كافة أسلحة الدمار الشامل.
-
إن ردود الفعل الإيجابية الواسعة – رسميًا وإعلاميًا – لاسيما داخل الولايات المتحدة الأمريكية وفي الدول الغربية، على الضربة الجوية الأمريكية للقاعدة الجوية في الشعيرات في سوريا في بدايات هذا الشهر تثير القلق البالغ من أن يتم تكرار الشيء ذاته الذي حدث في العراق وليبيا في سوريا، بمعنى الاندفاع المتهور نحو تغيير النظام بالقوة المسلحة دون التفكير فيما سيحدث اليوم التالي والفراغ الذي ستولده الحرب في سوريا والذي سيملؤه الإرهابيون والمتطرفون.
-
إن فشل الدول في التجاوب مع الطلبات الشعبية بالأمن والتعليم وفرص العمل سوف تظل بمثابة تربة خصبة للتطرف العنيف. كذلك فإن دعم العناصر المحافظة الدينية والعلمانية يمكن أن ينتشر، مما يؤدي إلى تقليص التسامح التاريخي تجاه الأقليات في المنطقة، ويهيأ الأرضية لمزيد من العنف في منطقة مضطربة. وهكذا فإن التحدي المركزي بالنسبة للمنطقة هو دفع عملية النمو وخلق الظروف السياسية والفرص الاقتصادية لانخراط الشباب من سن العمل فيها.
أخيرًا وليس أخرًا، إن التعامل مع التحديات العديدة في المنطقة هو، بطبيعة الحال، مسؤولية دولية في المقام الأول. ومع ذلك، فإن القوى الكبرى، بما لها من مصلحة ضخمة في أمن واستقرار المنطقة، لابد وأن تنخرط فيها فيما يتجاوز التدخل العسكري. ذلك أن هناك حاجة إلى تبني مقاربة أكثر شمولية متعددة الأبعاد تأخذ في الاعتبار التحديات طويلة الأمد.