مشاركة السفير عزت سعد في المؤتمر الثالث لمجموعة الصين والعالم الإسلامي: التعلم المتبادل للحضارة
يوليو 5, 2017زيارة وفد الـUNTSO للمجلس المصري للشئون الخارجية
أغسطس 8, 2017
في الفترة (11 – 12) يوليو 2017، شارك السفير عزت سعد، مدير المجلس، في أعمال المنتدى الثالثلطريق الحرير Tianshan حول طريق الحرير “الحزام الاقتصادي والتعاون العملي”، وقد جاءت مداخلته على النحو التالي:
أود في البداية أن أعرب عن شكري وامتناني لمنظمي ورعاة المنتدى لحسن الضيافة والاستقبال، وأعتقد أن المواضيع التي سنناقشها اليوم وغدًا يعكس الرغبة المشتركة في تحقيق التنمية المشتركة والإزدهار والتكامل الإقليمي والعابر للحدود، من أجل تعزيز التواصل بينها، ونحن نسعى إلى تحقيق العولمة والتجانس بين الدول على النحو الذي حددته المبادرة الرفيعة التي اقترحها سعادة الرئيس “شي جين بينغ”، إن تحليل أثر “مبادرة الحزام والطريق” في الشرق الأوسط مفيد لفهم الهدف الحقيقي لهذا المشروع العظيم، ونظرًا لموقعها الجغرافي، وعلى الرغم من أن العديد من بلدان الشرق الأوسط لن يشملها مشاريع البنية التحتية الكبرى التى تنص عليها المبادرة، إلا أن العديد من الاستثمارات الصينية في المنطقة تعوض ذلكوتصبح أكثر قابلية للتنفيذ والنفع في سياق العلاقات (الصينية – العربية) المتصاعدة في العقود الأخيرة.
ووفقًا للوثيقة الرئيسية التي أصدرتها لجنة التنمية والإصلاح الوطنية ( الصينية) تحت عنوان “الرؤية والإجراءات في إطار البناء المشترك للحزام الاقتصادى لطريق الحرير، وطريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين”، فإن منطقتنا تشارك في كل من الطرق البرية والبحرية. فالأولى، التي تسمى رسميًا “الحزام الاقتصادي لطريق الحرير” ليست طريقًا واحدًا، بل هي مزيج من ستة ممرات تمتد من جنوب شرق آسيا إلى شمال أوروبا، والشرق الأوسط هو الجزء الأخير من ما يسمى الممر الاقتصادي بين الصين وآسيا الوسطى وغرب آسيا، الذي يمتد من هذه المقاطعة الجميلة، شينجيانغ، ومن خلال آسيا الوسطى إلى إيران وتركيا.
ووفقًا لورقة السياسية حول المنطقة العربية والصين ( قدمها الرئيس الصينى فى يناير 2016 خلال خطاب له أمام جامعة الدول العربية)، يقدم طريق الحرير حجر الزاوية الذي يمكن أن يبني عليه التعاون العملي في تحقيق المنفعة المتبادلة والنتائج المربحة للصين والدول العربية، والتي لها أهميتها الخاصة باعتبارها الأولى بين الاستثمار ومشاريع التعاون التجاري، إن المبادرة تمثل فرصة استثمارية لاتقتصر فقط على تعزيز التعاون في مجال البنية التحتية، بالإضافة لمجموعة واسعة من المشاريع، على رأسها قطاع الطاقة والتجارة والمدن الخضراء والمبادلات المحلية …. إلخ، وعليه تقدم المبادرة لدول الشرق الأوسط فرصة لتكون مراكز مالية لتدويل “اليوان”.
وبينما توفر الدول العربية ما يقرب من نصف واردات الصين من النفط الخام، تعد الصين الشريك التجاري الرئيسي لأكثر من 10 دول في الشرق الأوسط، حيث تبلغ قيمة الصفقات التجارية أكثر من 200 مليار دولار أمريكي.
وسلط الرئيس “جين بينغ” الضوء على تطوير البنية التحتية وتسهيل الاستثمار، كمجالين رئيسيين من مجالات التركيز، وأولوية التعاون في مجال الطاقة المتجددة للمساعدة في تعزيز العلاقات (الصينية – العربية)، وبالإضافة إلى الحوار السياسي المثمر، دخلت الصين في شراكة استراتيجية مع ثماني دول عربية، ووقعت اتفاقيات مختلفة مع ست دول أخرى، والتزمت بالتعاون في إطار المبادرة.
وكان التعاون الصيني في الشرق الأوسط مثمرًا في الآونة الأخيرة: ثمانية بلدان في الشرق الأوسط هى أعضاء مؤسسة في البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية (AIIB)، الذي يعتبر المؤسسة المالية الرئيسية لمشاريع البنية التحتية للدول الواقعة على طول طريق الحرير.
وعلاوة على ذلك، سيشهد بناء الممر الاقتصادي (الصيني – الباكستاني)، وخط أنابيب بترول (Gwadar – Chia) وصول النفط من الخليج إلى الصين بسرعة كبيرة، مما يقلل من وقت الشحن من 16 أسبوعًا إلى أسبوعين فقط. ونحن نشهد بالفعل دليلاً على الرؤية الاستراتيجية طويلة الأجل لتعزيز التعاون في مجال الطاقة.
منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هي واحدة من أكبر الأسواق لتجارة الصين، والعكس بالعكس. وفي حالة مصر، يعتبر الترابط ” Connectivity” هدفًا متكاملًا: فالبريكس يتوافق مع الرؤية المصرية، وسيساعد على تحقيق شبكة تجارية لوجستية ومالية حاسمة، والتي ستتوج بإنشاء نظام تجاري ملموس يربط بين أوروبا وأفريقيا وآسيا. وفي هذا الصدد، فإن تعزيز الربط بين منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآسيا وأوروبا سيعود بالنفع على التنمية المشتركة للأطراف المعنية.
ومن المهم أن نلاحظ أن هذا الربط لن يفيد الصين وحدها، بل يفيد جميع البلدان الواقعة في إطار المبادرة، ويمكن لهذه المبادرة الحاسمة والاستراتيجية أن تدمج مبادرات ومنظمات دون إقليمية أخرى في إطارها، بما في ذلك الاتحاد الاقتصادي للمنطقة الأوروبية الآسيوية، والممر الاقتصادي بين الصين وباكستان، لتعزيز العوائد الاقتصادية للشرق الأوسط، وتعزيز شمولية هذه الشبكة الإنمائية.
وعلاوة على ذلك، فإن منطقة الشرق الأوسط تتمع بكونها من أكثر المناطق التي يمثل فيها الشباب نسبة كبيرة من إجمالي عدد السكان، وهم يتطلعون لآفاق جديدة والبحث عن فرصة استثمارية كبيرة في مجال التصنيع، كما تسعى المنطقة لمزيد من التصنيع والتنمية. وبالإضافة إلى ذلك، تحرص شمال أفريقيا وغرب آسيا على تعزيز التعاون الصناعي؛ وبالتالي فإن التكنولوجيات والخبرات الواسعة في الصين ستكون ذات قيمة للتنمية كما حددتها الثورة الصناعية الجديدة، وسوف تساعد على تمكين الشركات الصغيرة والمتوسطة من الحفاظ على النمو الإقليمي.
وهناك أيضًا مجال واسع لتعزيز الربط المالي والتعاون في مختلف المجالات، وهناك حاجة إلى إنشاء نظام مالي مستقر ومستدام يعمل بين المناطق، من أجل حشد التمويل من القطاعين العام والخاص للاستثمار في المعهد. وسيشكل ذلك وسيلة لتأمين الأموال للمساعدة في تحقيق رؤى المبادرة. وبالفعل، تنافس عدد كبير من الدول الواقعة في إطار مبادرة الحزام والطريق، وخاصة مصر وكازاخستان، كالاتفاقيات الخاصة بتبادل العملات الثنائية مع الصين، مما سيزيد بلا شك من الاستثمار ويعززالتجارة.
يعد تطوير البنية التحتية للطرق والموانئ والسكك الحديدية والمطارات عنصرًا أساسيًا وضروريًا لنجاح هذه المبادرة، وخلافًا للمبادرات التي تفتقر إلى خارطة طريق واضحة، فإن طريق الحرير الجديد – بمساعدة الحكومة الصينية – وفر التمويل المطلوب والأدوات المالية لضمان تحقيقه، ويعمل صندوق طريق الحرير برأسمال 40 مليار دولار والبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية برأسمال قدره 100 مليار دولار، وذلك من أجل ضمان تنفيذ المشروع، فضلًا عن المؤسسات المالية الأخرى، بما في ذلك البنك الجديد للتنمية التابع لمجموعة البريكس، والبنك الدولي، والمؤسسات المالية الصينية .(ICBC, CDB, CADFund). ومع ذلك، فلايزال هناك فجوة تمويلية حيث يقدر بنك التنمية الآسيوي أن الفجوة في البنية التحتية في آسيا تحتاج لنحو 8 تريليون دولار للسنوات العشر القادمة، مما يعنى الحاجة إلى المزيد من تعبئة الأموال العامة والخاصة من مصادر مختلفة. وفي المنتدى الدولى الاول للحزام والطريق المنعقد في بكين، في 14 أيار / مايو، رفع الرئيس “شي جين بينغ” الدعم المالي للمبادرة عن طريق المساهمة بمبلغ 100 مليار يوان إضافية لصندوق طريق الحرير. وبالمشاركة مع المؤسسات المالية الأخرى تم زيادة المساهمة في صندوق الاستثمار الخاص بالمبادرة إلى 300 مليار يوان، ورفع نظام الإقراض الخاص من قبل اتفاقية التنوع البيولوجي وبنك EXIM) ) الصيني، بقيمة 250 مليار و130 مليون يوان على التوالي. وعليه فإن تخصيص التمويل يساعد على سد الفجوة المالية فى هذا الشأن، وسيكون بمثابة خطوة رئيسية نحو تحقيق المبادرة.
وبالإضافة إلى التزامات الرئيس “شي” المذكورة آنفا، والتي أعلن عنها خلال المنتدى عاليه، أعلن سيادته عن تخصيص الصين 60 بليون يوان صيني لمساعدة البلدان النامية والمنظمات المشاركة، فضلا عن صندوق المساعدة للتعاون فيما بين بلدان الجنوب، وهو ما سيؤدي دون شك دورًا رئيسيًا في تعزيز التعاون بشأن الابتكار.
وفي نهاية المطاف، أعتقد أن مبادرة طريق الحرير لديها القدرة على تجاوز إمكانات زيادة الترابط بين ثلاث قارات رئيسية، كونها توفر درسًا في تحقيق التكامل العالمي. وسوف توسع التنمية الإقليمية في الصناعات والخدمات لتحقيق ثورة جديدة في التصنيع والخدمات، تساعد على تحقيق التنمية والازدهار في الشرق الأوسط.