
مشاركة السفير/ منير زهران في أعمال المائدة المستديرة للمعهد الدولي للقانون الإنساني
سبتمبر 9, 2017
مشاركة السفير/ عزت سعد في أعمال المؤتمر السنوي لمراكز الفكر بالأردن حول “دور مراكز الفكر في تشكيل مستقبل الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”
سبتمبر 21, 2017حرصًا من المجلس على مواكبة التغيرات الإقليمية والدولية، وبصفة خاصة تلك المتعلقة بمستقبل منطقة الشرق الأوسط، نظّم المجلس، بتاريخ 19 سبتمبر 2017 ، ندوة بعنوان “إشكالية الهوية المستقبلية لإقليم كردستان العراق”، برئاسة السفير/ د.منير زهران، رئيس المجلس، وبمشاركة عدد من السفراء والخبراء والأكاديميين ذوي الخبرة في المجال العربي والإقليمي والدولي.
وقد ضمت الندوة الجلسات التالية:
-
الجلسة الافتتاحية: كلمة السفير/ د. منير زهران
-
الجلسة الأولى: مسألة الاستفتاء في إطارها الداخلي (بغداد –أربيل)
-
موقف الشعب الكردستاني من الاستفتاء (د.جمال يوسف– عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية).
-
الموقف السياسي العراقي ( لواء/ د. محمد مجاهد الزيات – عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية).
-
الجلسة الثانية:الموقف الإقليمي
-
الموقف العربي (السفير/ سيد أبو زيد– عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية).
-
الموقف التركي – الإيراني ( الأستاذ/ د. محمد السعيد إدريس–عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية).
-
الموقف الإسرائيلي(د. جمال يوسف – عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية).
-
الجلسة الثالثة: الموقف الدولي
-
موقف الولايات المتحدة الأمريكية (د.نيفين مسعد– أستاذ العلوم السياسية).
-
الموقف الأوروبي (السفير/ أسامة توفيق – عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية).
أولاً: الجلسة الافتتاحية
افتتح السفير/ د. منير زهران، رئيس المجلس، أعمال الندوة بكلمة أكّد فيها على حرص المجلس على مواكبة التطورات الجارية على الساحة السياسية الإقليمية والدولية، وبصفة خاصة في منطقة الشرق الأوسط، والمتعلقة بالهوية المستقبلية لدول المنطقة، والحفاظ على وحدة أراضيها وسلامتها الإقليمية، ومن هنا جاءت فكرة تنظيم ندوة لمناقشة تداعيات انفصال إقليم كردستان العراق على مستقبل المنطقة.
وفي تناوله لموقف المجلس المصري للشؤون الخارجية أكّد رئيس المجلس أن هذا الموضوع يستند إلى السياسة الخارجية المصرية التي تؤكد ضرورة الحفاظ على السيادة الإقليمية ووحدة الأراضي لجميع الدول، وفقًا لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة كما جاءت في المادة الثانية، ومن هنا يلزم التحذير من تفكيك الدول العربية و ضرورة تسوية الخلافات أو النزاعات فيما بينها بالطرق السلمية وفقًا لأحكام الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة. مُحذّرًا من التدخلات الأجنبية في توسيع الخلافات فيما بين الدول العربية أو التدخل في الشؤون الداخلية التزامًا بمبادئ الميثاق. كما نوّه سيادته إلى ضرورة عدم إغفالمحاولات إسرائيل التدخل في الشأن الداخلي العراقي، وتأييد انفصال إقليم كردستان العراق عن الدولة العراقية بالمخالفة لأحكام الدستور العراقي.
وفي معرض تناوله لمحاولات الانفصال السابقة، أكّد سيادته على أن هذا الاستفتاء ليس الأول من نوعه،فقد سبق تنظيم استفتاء عام 2005 على هامش الاستفتاء على الدستور العراقي، ولكن قامت بتنظيمه منظمات المجتمع المدني بوضع صناديق موازية في الإقليم خارج لجان التصويت، وكانت النتيجة الموافقة بأغلبية بلغت ما يقارب 98% لصالح الاستقلال، ولكن من غير المعروف العدد الإجمالي لمن قام بالتصويت حتى يمكن استخلاص نتيجته.
مضيفًا بأنه منذ عام 2014 أدى اجتياح داعش لبعض المناطق الكردية إلى تأجيل الاستفتاء، وبعد الانتصارات التي حققتها الدولة العراقية في الموصل ونينوى، اعتبر قادة الإقليم أن الوقت أصبح مواتٍ لتنظيم الاستفتاء، وأعلن السيد “مسعود البرزاني” حاكم الإقليم في 8 يوليو الماضي عزمه تنظيم الاستفتاء يوم 25 سبتمبر2017، رغم محاولات تأجيله واعتبار التوقيت غير مواتٍ،وهو ماعبّر عنه موقف “جلال الطالباني” الرئيس السابق للدولة العراقية، ومحاولات الأمين العام للجامعة العربية للتوسط في هذا الشأن، ووقف البرزاني كحائط صد أمام تلك المحاولات، مؤكدًا عزمه تنظيم الاستفتاء في موعده.
ولايفوتنا الإشارة إلى إعلان الحكومة العراقية رفضها تنظيم الاستفتاء، وتهديد رئيس الوزراء العراقي بالاجتياح العسكري لإقليم كردستان لمنع الاستفتاء، وكذا إدانة البرلمان العراقي تنظيم ذلك الاستفتاء في الإقليم، كما أصدرت المحكمة الإدارية العليا في العراق حكمًا في 18 سبتمبر 2017 مضاد للاستفتاء لمخالفته دستور الدولة العراقية.
وفي هذا الصدد نوّه سيادته إلى قرار المجلس الوزاري العربي الذي صدر برفض تنظيم الاستفتاء بإقليم كردستان مطالبين بضرورة الحفاظ على وحدة وسيادة الأراضي العراقية، فيما أعلنت بريطانيا خلال لقاء وزير دفاعها ببرزاني رفضها إجراء الاستفتاء،بينما جاء الموقف الأمريكى ملتبساً و غير واضح رغم مطالبتها بتأجيل الاستفتاء حتى لا يؤثرذلك سلباً على جهود مكافحة داعش، والتذكير بأن أمريكا هي المسببة للفوضى التي تشهدها الدولة العراقية منذ إعلانها إقامة مناطق محظورة الطيران في شمال وجنوب البلاد، وبعد غزوها وبريطانيا العراق عام 2003 تم منح الأكراد وضع أشبه بوضع الدولة.
أعقب ذلك إعطاء رئيس المجلس الكلمة للمتحدثين في الجلسات على النحو التالي:
ثانيًا: الجلسة الأولى “مسألة الاستفتاء في إطارها الداخلي (بغداد – أربيل)”
-
المحور الأول: “موقف الشعب الكردستاني من الاستفتاء”
القى د. جمال يوسف، عضو المجلس:كلمة د.رجائي فايد، عضو المجلس فى هذا المحور، الذي حالت ظروف طارئة دون مشاركته في أعمال الندوة؛ حيث أكّد في بداية حديثه أنه فى عام 2005 إبّان الاستفتاء على الدستور العراقى، نظّمت منظمات المجتمع المدنى الكردستانية استفتاءًا موازيًا على حق تقرير المصير،بوضع صناديق خارج لجان التصويت وكانت النتيجة شبه إجماع (98.88%) بالموافقة على هذا الحق، ومن ثم الاستقلال، وهى نتيجة منطقية ومتوقعة سلفًا، لكن الاستفتاء السابق لم تكن له الصفة الرسمية، كما لم يخضع للقواعد الفنية الضرورية فى ذلك،أما الاستفتاء المُزمع تنظيمه فإنه سيكون رسميًا، وبالتالى يصبح أكثر أهمية، مُنوّهًا إلى أن الرغبة في تنظيم الاستفتاء ظهرت مع بداية الانتصارات التي حققتها القوات الكردية على داعش، وكان ذلك في رسالة بعث بها “برزاني” إلى التيارات السياسية الكردية تحدث فيها عن أن الوقت الحالى هو الملائم تمامًا لتحقيق الحلم التاريخى للأكراد، وأن تفويت هذه الفرصة سيلقي اللوم عليه مستقبلًا كونه لم يستثمرها بصفته رئيس إقليم كردستان العراق، داعيًا الأحزاب الكردستانية فى الإقليم إلى اجتماع لمناقشة مسألة تنظيم استفتاء بين شعب الإقليم من أجل ما أسماه بـ “حق تقرير المصير والاستقلال عن بغداد، وإقامة دولة كردستان المستقلة”، وصدر عن الاجتماع الذى عُقد فى 7 يونيو 2017 – الذى حضرته معظم الأحزاب الكردستانية وقاطعته بعضها – بيانًا حدد فيه يوم 25 سبتمبر2017 موعدًا لإجراء هذا الاستفتاء، وهو ما قوبل بتأييد كبير في الشارع الكردي حيث اعتبر البعض أن (25 سبتمبر) بمثابة إعلان استقلال كردستان.
إلا أن المواقف الإقليمية والدولية الرافضة للاستفتاء كانت دافعًا لنشوء معارضة كردية داخلية لإجراء هذا الاستفتاء من حيث عدم ملائمة التوقيت له، فضلًا عن سوء الأوضاع الداخلية في الإقليم وتدهور الحالة الاقتصادية، إذ وصل الحال بالحكومة إلى عدم مقدرتها على دفع رواتب منتسبيها ولعدة شهور،وعجزها أيضًاعن توفير احتياجات أساسية للمواطنين، بالإضافة إلى أن هناك مشاكل استعصت على الحل حتى الآن بين الإقليم وبغداد، منها مشكلة المناطق المتنازع عليها (حسب بغداد)، أو المستقطعة (حسب الإقليم)، وقد حددت المادة (140) من الدستور العراقى خطوات حلها، لكن اللجنة التى تم تشكيلها لهذا الغرض لم تتوصل إلى حل للمشكلة حتى الآن، ومع ظهور تنظيم داعش وفرار الجيش العراقى، وتقدم قوات البشمركة لحماية المناطق المتنازع عليها، أعلن “مسعود البرزانى” عن انتفاء الحاجة إلى المادة (140) المتعلقة بحسم عائدية الأراضي المتنازع عليها، مؤكدًا أن الكرد لن يتحدثوا في هذا الموضوع مجددًا، مُنوّهًا إلى الأزمة السياسية التى ترتبت على رفع علم الإقليم على المبانى الحكومية فى كركوك، وهى إحدى تلك المناطق المتنازع عليها، وإلى جانب ذلك تأتي مشكلة عدم التوافق بين الأحزاب والتيارات السياسية المختلفة، فالبرلمان الكردستاني مُعطل بسبب خلافات سياسية مع حركة التغيير “كوران”، والتي أدت إلى إبعاد رئيسه والمنتمي إلى تلك الحركة، كما أبعد وزرائها من الحكومة.
وفي هذا السياق أكّد أنه كان من الأولى تفعيل البرلمان وترتيب البيت الكردى قبل الإقدام على هذه الخطوة،ومما ضاعف من تلك المعارضة ماظهر من المواقف العراقية والإقليمية والدولية الصارمة فى رفضها للاستفتاء، مما جعل البعض يتساءل “هل بالإمكان تحدي العالم كله والمُضي نحو الاستفتاء؟”، وهؤلاء المعارضون يتحدثون عن تجربة جنوب السودان كمثال للدولة الفاشلة، والتي من الممكن أن تتكرر معهم، من هنا فقد أعلن رجل أعمال شاب هو “شاسوار عبد الواحد” عن تدشين حركة تحمل إسم (لا للاستفتاء) تدعوالمواطنين إلى مقاطعة الاستفتاء أو التصويت بـ (لا)، وهى حالة لم تحدث من قبل فى الإقليم، أما علی الصعید الحزبي، فقد رفضت حركة التغيير والجماعة الإسلامية مجرد حضور الاجتماع الذى دعا إليه “مسعود البارزانى” وصدر عنهما بيانان منفصلان يتضمنا معارضتهما للاستفتاء حول استقلال الإقلیم، وضرورة تفعیل البرلمان.
وعن سبب معارضة حركة التغيير قال المتحدث الرسمى باسمها”نحن في حرکة التغییر لن نعارض الاستفتاء أو الاستقلال، نحن مع استقلال تُصان فیه سیادة القانون وکرامة المواطن، وما یدعو إلیه الحزب الدیمقراطي، وکذلك “مسعود البارزاني” هو مجرد ورقة ضغط لیس إلا”، وأضاف “نحن نشك في نیّة البرزاني والحزب الدیمقراطي، فإذا کانا صادقین في الاستقلال فلیتفضل السید البرزاني ويتحدث للإعلام ویکشف عن الأهداف الحقيقية لهذا الاستفتاء”، وقد صرّح نائب رئيس البرلمان العراقي، القيادي في هذه الحركة “آرام شيخ محمد”، في بيان صحفي، إن “إثارة مسألة الاستفتاء قرار متعجل لم يأخذ بعين الاعتبار حياة مئات الآلاف من المواطنين الكرد الذين يعيشون خارج مناطق كردستان في بغداد والمحافظات الأخرى”، مؤكدًا “بحثنا هذه القضية مع المسؤولين والمؤسسات في الحكومة العراقية وأخذناها على محمل الجد، ونحن نتعقب انعكاساتها كونها من المسائل المحفوفة بالمخاطر والمغامرات”، وشدّد قائلًا “نحن نقف بالضد من ربط الاستفتاء بالصراعات السياسية، بل إنّ الاستفتاء سيجعل من الكرد في المحافظات العراقية الأخرى ضحية للعبة السياسية والمزاج الشخصي”، وصدر عن الحركة بيانًا جاء فيه إنقياداتها العليا اجتمعت بمدينة السليمانية بالإقليم، وبحثت الأوضاع السياسية واستفتاء الانفصال عن العراق، وطالب البيان بـ “تأجيل الاستفتاء”، واعتبرت الحركة أن قرار الاستفتاء لاتتوفر له أرضية قانونية واقتصادية وسياسية واجتماعية مناسبة، وفي نفس السياق قال المتحدث الرسمى للجماعة الإسلامية” نحن لسنا ضد الاستقلال، بل إنّه من استراتیجیتنا، ونعتبره حقًا طبیعيًّا لشعبنا، ولکن نعتقد أنه یجب أن تكون هناك ترتیبات قبل هذا الاستفتاء، أولها تفعیل البرلمان وتحسین حیاة المواطنین، وإیجاد إجماع سیاسي لهذه العملیة”.
هذا وقد أوقفت مديرية الإعلام والطباعة والنشر في أربيل التابعة لوزارة الثقافة والشباب في حكومة إقليم كردستان البث الأرضي لقناة (NRT) الفضائية الموالية لحركة التغيير “كوران”، لعدم التزامها بالقوانين، ونشاطها الواضح ضد استفتاء الإقليم، وتوقف بث القناة في جميع محافظات إقليم كردستان،أما فى حزب الاتحاد الوطني الكردستاني برئاسة جلال طالبانى، فقد أعلن ٢٧ عضوًا من أعضاء مجلسه القيادي أنّهم یشترطون تفعیل برلمان الإقلیم قبل إجراء الاستفتاء علی استقلال الإقلیم، فى حين أيّد المُضي قدمًا نحو الاستفتاء نسبة أكبر من قيادي الحزب وقياداته العسكرية، ورغم الرفض الداخلي من قبل بعض الأحزاب والتيارات السياسية وبعض منظمات المجتمع المدنى،إلا أن هناك شبه إدراك داخلي بأن إجراء الاستفتاء قد وصل إلى نقطة اللاعودة، وأن القيادة الكردستانية لا تملك خيار التراجع عن إجرائه لأنه أصبح مطلبًا شعبيًا، والتفكير في التراجع تحت إية ضغوط سوف يُؤدي إلى فقدان سكان الإقليم الثقة بقيادتهم، ويُعد “المكون التركماني” من المكونات المهمة فى الإقليم والذى يُعارض إجراء الاستفتاء، حيث أعلنت الهيئة التنسيقية التركمانية فى العراق، رفضها إجراء الاستفتاء فى إقليم كردستان، مطالبة الحكومة والمؤسسات الأخرى بتكثيف ضغطها على الأكراد، وهذه الهيئة تضم القوى والأحزاب والشخصيات التركمانية.
وفى بيان لها قالت إنها “تابعت مشروع الاستفتاء الكردى وأبدت قلقها بشكل كبير لما يترتب عليه من قضايا”، وطالبت الحكومة والمؤسسات الأخرى فى بيانها “بتكثيف الضغط على الكرد لعدم التصعيد والجلوس على طاولة التفاوض واحترام الدستور، والتوافق السياسى فى محافظة كركوك، والمناطق المتنازع عليها”،وأبدت الهيئة فى بيانها دعمها لممثلى المكون التركمانى فى مجلس محافظة كركوك فى دعوتهم المُقامة ضد رئيس المجلس بشأن رفع علم كردستان، ويعتبرالتركمان “كركوك” مدينة تركمانية وليست عربية أو كردية،وإلى جوار الأحزاب والتيارات السياسية المؤيدة لإجراء الاستفتاء، يأتى موقف الشارع وهو مؤيد فى أغلبه، خصوصًا فى الوسط الشبابي، متسائلين “إذا لم يكن الوقت مناسبًا الآن فقولوا لنا متى يكون هذا الوقت مناسبًا؟”، دافعين بأنه ثبت مع كل التجارب السابقة أنه لا إمكانية للعيش مع العراق، وأن من حقهم أن يكون لهم دولتهم المستقلة أسوة بكل شعوب العالم،وإذا كان رفض إجراء الاستفتاء ينحصر فى بعض الأحزاب والتيارات السياسية وأصوات شعبية ليست كبيرة، إلا أن الغالبية الشعبية تدعم الاستفتاء،وتطالب بإجرائه بل تذهب باتجاه إعلان الاستقلال فور إعلان نتائجه مهما كانت الظروف.
وفي هذا الصدد أشار إلى أن الذين يُعارضون الاستفتاء يتعرضون إلى إتهامات منها أنهم يريدون تعطيل الحياة وأنهم يخونون دماء الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم من أجل تحقيق هذا الحلم، وبالتالي يعكس هذا الوضع الانقسام الحادث فى الشارع الكردى بین مُؤید ورافض للاستفتاء بل وللاستقلال ذاته فى ظل الظروف الراهنة، والتى تتمثل داخليًا في فشل الأحزاب الکردیة في تفعیل البرلمان وتحسین حیاة المواطنين المعیشیة، وانتشار الفساد الإداري والمالي بالإقلیم، وهناك مخاوف علی السلم الاجتماعي داخل المجتمع الکردي نتيجة عدم محاولة إیجاد الحلول الضروریة لهذه الخلافات،والتي انتقلت من أروقة الأحزاب إلى الشارع الكردي ذاته حول عملیة الاستفتاء، والمجتمع الكردي الذى طالما توّحد حول فكرة تقرير المصير، يجد نفسه اليوم يختلف ليس حول الفكرة ذاتها، وإنما عن توقيت الإقدام عليها والشك فى نوايا الداعي لها،اختلاف داخلي يقابله إتفاق خارجي معارض وبقوة لإجراء هذا الاستفتاء.
عقب ذلك أكّد د.جمال أن المحاصصة في وضع الدستور العراقي كانت أساس التقسيم الحادث فعليًا، حيث أن الحظر الجوي المفروض منذ 1991 في مناطق شمال وجنوب البلاد، جعل الإقليم منفصل فعليًا عن الحكومة المركزية، وبدأت حكومة الإقليم تمارس سلطة فعلية من خلال تحصيل الضرائب والرسوم بعيدة عن الحكومة المركزية، وهو ماعزّز بدوره التوجه لإنشاء دولة فعلية خاصة بعد التمكن من الوصول إلى حل وسط للخلاف الناشئ بين الحزب الوطني الديمقراطي وحزب الاتحاد الديمقراطي بترشيح “طالباني” لرئاسة الجمهورية، وبرزاني كرئيس للإقليم.
وحول الحلم الكردي، أوضح أنه تم في عام 2006 إقامة مؤتمر جمع كل القوميات الكردية في كل من سوريا والعراق وتركيا وإيران، وكان الجامع بينهم رغم الخلافات اللغوية هو حلم إقامة دولة كردية، وهو الأمر الذي كانت ترى القيادات الكردية في العراق بضرورة تأجيله والاكتفاء بالمشاركة في الحكومة العراقية كوزراء ونواب لرئيس الوزراء.
وفي ذات السياق، أكّد على الرفض الكردي لإضفاء العروبة،منوّهًا إلى ما قاله الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية “عمرو موسى” عن أن الأكراد عرب وليس بالضرورة أن يكون لهم دولة، وهو ما أثار ردود فعل عنيفة، مشيرًا إلى أنه في ذلك الوقت حاولتوضيح الأمر بأن عمرو موسى تصور أن القومية الكردية تنصهر في بوتقة العراق، وأن الهدف هو دولة واحدة يتمتع فيها كافة المواطنين بحقوق المواطنة.
وختامًا، أكّد بأن حلم الاستفتاء ليس بجديد، وأن مايحدث هو مناورة سياسية من برزاني لتأجيل موعد انتخاب رئيس جديد للإقليم، خاصة وأن البرلمان معطل منذ عامين، وهو مايدركه عددًا من الأحزاب الكردية ومنها حركة التغيير “كوران” المنشقة عن الاتحاد الوطني الكردستاني، والحركة الإسلامية، ويطالبوا جميعًا بحل المشاكل الداخلية مع الأحزاب، والحفاظ على استقلال الإقليم، والاتفاق على موعد مناسب يتواكب مع حل المشاكل الداخلية، والعمل على تقوية الدولة في كافة النواحي وعلى رأسها النواحي الاقتصاديةلتكون مستعدة للانفصال، مُنوّهًا إلى أن الانفصال في الوقت الحالي لايقع في صالح الدولتين.
-
المحور الثاني: “الموقف السياسي العراقي”
تحدث اللواء/ د.محمد مجاهد الزيات، عضو المجلس، في هذا الصدد،مشيرًا إلى عدد من الملاحظات، كالتالى:
-
حول توقيت الاستفتاء،وهل هو مرتبط بممارسات حكومة بغداد أم أنها مواقف ذاتية للأكراد من البداية؟.
-
لماذا هذا التوقيت، وهل سيتم أم لا؟.
وفي معرض إجابته، أكّد على نجاح الأكراد في الدستور العراقي بشهادة الرئيس العراقي”فؤاد معصوم”، في إطار التحالف الشيعي الكردي،بأن تكون المواثيق خادمة لمصالحهم منذ البداية، وتكفي المادتين (58) و(140) من الدستور، والتي تضمن حكم مستقل للأقاليم المتنازع عليها.
مشيرًا إلى أن الهدف من الاستفتاء في الوقت الحالي هو تغطية “برزاني” على المشكلة الدستورية الدائرة حول انتهاء مدة ولايته، وعدم التمكن من الترشح مرة أخرى في ظل تعطل البرلمان منذ عامين نتيجة موقف حركة التغيير.منوّهًا إلى أنهناك أحزاب ترى أن الإقليم لايحتاج إلى الاستفتاء حاليًا، حيث أن الإقليم يمارس بالفعل سلطات الدولة كاملة ويتمتع بالاستقلال، وعليه فالإقليم مستكمل لكافة مقومات الحكم الذاتي ويرغب في القفز على ذلك.
وأضاف بأن أكراد العراق تخشى من انتصارات أكراد سوريا في المعارك، وهو مايعود بالنفع على حزب العمال الكردستاني بقيادة “أوجلان” حيث يرى “برزاني” نفسه الزعيم الوحيد للأكراد، ويريد أن يسبقهم قبل إعلانهم عن إقامة دولتهم، وكانت قد بدأت الرغبة في الانفصال منذ عهد المالكي وبخاصة عقب تشكيل حكومة التأسيس، وهو ما دفع الولايات المتحدة للضغط عليه لتلبية مطالب الأكراد وحثهم على تأجيل الاستفتاء.
الإشكالية الأخرى تتعلق بوضع ميليشيات الحشد الشعبي خاصة بعد انضمامها رسميًا للجيش العراقي، وتوجد نقاط تماس بينها وبين القوات العسكرية الكردية.مشيرًا إلى الانقسام على مستوى الداخل الكردي، حيث أن الشيعة الأكراد والمعروفين بـ”الشيعة الفيليين” وهم يرفضوا فكرة الانفصال، خاصة وأن معظمهم من رجال الأعمال، ويخشوا من تأثير ذلك على مصالحهم الاقتصادية.
وفي هذا الإطار أوضح أن “جو بايدن”، نائب الرئيس الأمريكى السابق، كان أول من تحدث عن تقسيم العراق لثلاثة أقاليم (شيعي وسني وكردي) وحاز المخطط على دعم معظم الدول الغربية، وسمحت الولايات المتحدة باستيلاء الإقليم على الفيلقين الثالث والرابع من الجيش العراقي، وهو ماسمح بدعم قدراتهم العسكرية، فضلًا عن وجود إمكانات اقتصادية للإقليم، وإن كانت محدودة، خاصة وأن قيادات الأكراد وعلى رأسهم “جلال طالباني”كانوا يروا ضرورة التركيز على دعم البنية التحتية للبلاد، على أن تتولى القيادات المستقبلية للحزب تحقيق حلم الاستقلال عقب تأسيس دولة قوية تتمتع بكافة المقومات.
كما أشار سيادته إلى النزاع المحتمل الذي قد يثور بعد تمكن قوات البشمركة والحشد الشعبي من الاستيلاء على كافة المناطق المحررة من داعش وطرد كافة العشائر السنية باعتبارهم مساندين لداعش، حيث ستكون تلك المناطق موضع نزاع بين القوتين، وقد تتم مفاوضات بين الجانبين على تلك المناطق وتوزيع المناصب.
وفي ذات السياق، أضاف اللواء/ محمود خلف، عضو المجلس، بأن هضبة كردستان ستكون دولة يبلغ عدد سكانها نحو 40 مليون نسمة يتحدثون لغة واحدة، ويتقاسمون تاريخ واحد، حيث سيكون هناك 23 مليون في تركيا، وسيوجد خط تماس مفتوح،و150 ألف في أرمينيا، و8 مليون في إيران، مُنوّهًا إلى أن هذا التجمع والامتداد الجغرافي والسكاني سينجح رغم محاولات إثنائه مهما طال الوقت، مشيرًا إلى أنه لن توجد دولة من الدول المحيطة بالإقليم ستتمكن من فرض سيطرتهاعلى الهضبة الكردية.
-
مناقشات
شهدت الجلسة مجموعة من المداخلات من قبل أعضاء المجلس جاءت على النحو التالي:
-
أعرب السفير/ محمد الشاذلي، عضو المجلس،عن قلقه من غياب موقف مصري واضح، حيث أن السياسة المصرية تقوم على وحدة الأراضي داخل الوطن العربي، ولكن وسائل الإعلام المصرية بما فيها الصحف القومية كانت منبرًا لترويج الأكراد لفكرة الاستفتاء، وأُقيمت مؤتمرات تحدث فيها الأكراد،وهو مايتناقض مع الموقف الرسمي غير المُعلن بشكل قوي وواضح، وعلى المستوى العربي فلابد من الحذر من مغبة هذا الاستفتاء، خاصة وأنه سيفتح باب التشرذم في العالم العربي. منوّهًا إلى أن الأكراد الذين يتحدثوا عن عدم ديمقراطية العراق هم ذاتهم عانوا من ويلات الحروب بينهم، مضيفًا بأن رئيس الإقليم”مسعود برزاني” نفسه تجاوز مدته الدستورية وقام بحل البرلمان، مشيرًا إلى إنه يرغب في توريث الحكم كما ورثه عن أبيه،فضلًا عن تمتع الأكراد بنحو 38 مقعد داخل البرلمان العراقي.
مختتمًا حديثه بالتأكيد على أن كافة الحركات الانفصالية في العالم وقفت أمامها الدول الأم لمنع إشاعة حالة من الفوضى وعدم الاستقرار.
-
من جانبه،أكّد د. محمد مصطفى كمال، عضو المجلس، أنه منذ توقيع اتفاق واشنطن بين الأحزاب الكردية في عام 1998، و إنهاء حالة القتال والحروب بينهم، بدأت مرحلة من التعايش وظل الحلم الكردي يراودهم، مُشددًا على ضرورة الحذر من ربط المسالة الكردية بالقضية الفلسطينية وحق تقرير المصير، خاصة وأن الدولة الفلسطينية دولة تنتظر تنفيذ قرارات أممية، أما الدولة الكردية يختلف موقفها، مؤكدًا أن مصر دومًا لها موقف ثابت من الكيانات التي ترغب في الانفصال عن الوطن الأم.
-
بينما أوضح السفير/ إيهاب وهبة، عضو المجلس، أن إسرائيل لها أطماع في العراق، وأن هذه الأطماع مستمرة، حيث ترغب في تفتيت كافة الدول العربية، مشيرًا إلى أن هذا هو سبب دعمها للاستفتاء، مشيرًا إلى أن الاستفتاء سيتم، وقد يتطور الأمر لحرب أهلية بين الأكراد والشيعة بين قوات الحشد الشعبي والقوات الكردية في المناطق المحررة من تنظيم داعش، ومن ثم ينبغي على العالم العربي الانتباه الى يحدث حاليًا.
-
تعقيبات ختامية
-
أكّد السفير/منير زهران، على ضعف احتمالية تطور الأمر لحرب أهلية بين الأكراد، ولكنه نوّه إلى أن التهديد التركي والإيراني قائم لمنع قيام دولة كردية.
-
نوّه د. جمال يوسف،إلى أن مايحدث هو سيناريو مخطط وليست مؤامرة، موضحًا أن هذا الأمر يحتاج لتخطيط مضاد، من قبل خصم لتحقيق مصالحة والمفترض مواجهه هذا الخصم ومخططه الموجه لجميع الدول العربية، وبالفعل تُعاني منه العديد من دول المنطقة كالعراق وسوريا ولبنان واليمن والسعودية لخلق فوضى هدامة، في مدد زمنية مختلفة، فيما تمكنت مصر من مقاومة هذا المخطط،مؤكدًا أن مصر لاتمتلك الأدوات اللازمة لوقف الاستفتاء، خاصة مع رفض “برزاني” تأجيل الاستفتاء كونه لم يحصل على مقابل مناسب من الولايات المتحدة.
-
أضاف د. محمد مجاهد الزيات،أن الوقت الحالي قد يشهد تغير في اللحظات الأخيرة، حيث قد يحدث تأجيل للاستفتاء، مشيرًا إلى أنه حتى في حالة حدوث ذلك، فإن حلم الدولة الكردية سيظل قائماً جنبًا إلى جنب مع حلم تفتيت الدولة العراقية.
ثالثًا: الجلسة الثانية “الموقف الإقليمي”:
-
المحور الأول: الموقف العربي:
حول هذا الموضوع تحدث السفير/ سيد أبو زيد، عضو المجلس، حيث أكّد في البداية أن مايحدث هو مخططللتفتيت وليس للتقسيم، خاصة وأن العراق دولة متعددة القوميات وهو ذات الحال في كل من لبنان وسوريا، مشيرًا إلى أن مايحدث هو مخطط مرسوم يتم تنفيذه في العراق منذ عام 1956، عندما أرسلت إسرائيل قاعدة استخباراتية لها في إقليم كردستان تحت إشراف “البرزاني”، واستمرت العلاقة القوية التي تجمع بين الإقليم والولايات المتحدة، ومنذ توقيع اتفاق واشنطن عام 1998 بين الحزبين الديمقراطي والاتحاد الوطني الكردستاني، موضحًا أنه منذ الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 تأسست وبقوة مشكلة المحاصصة والطوائف، مؤكدًا أن العراق – من واقع تجربته– لم توجد تفرقة بين الطوائف العراقية، وكانت هناك عائلات كبيرة كردية لم تعامل معاملة سيئة.
وحول المواقف الأوروبية والأمريكية، أشار إلى أنها لاتزال غير واضحة من عملية الاستفتاء، وعلى الصعيد العربي توجد مواقف تؤكد أن الانقسام سيزعج العراق ويهدد العرب، مضيفًا بأنه لم يصدر بيان واحد يؤكد على وحدة بلد بحجم العراق من أي دولة عربية، واقتصروا على رسالة الأمين العام لبرزاني للمطالبة بتأجيل الاستفتاء، وكان الرد من “برزاني” هو إثارة لمسألة المظلومية التي يتشدق بها، على الرغم من أن الأكراد العراقيين هم القومية العراقية الوحيدة التي حازت على الحكم الذاتيمنذ السبعينيات، مشيرًا إلى أنه في دستور 2003 تم الحديث عن منح حكم مركزي لأي محافظة ترغب في ذلك، بل ويقوم الأكراد بتصدير نفط كركوك بعيدًا عن الحكومة العراقية، منوّهًا إلى أن”برزاني” يرغب في توسيع الإقليم ليضم “كركوك” وجزء من “نيناوى وديالي” على حساب الشعب العراقي، وعلى العرب التأكيد على أهمية الحفاظ على وحدة الأراضي العراقية.
عقب ذلك استعرض سيادته عددًا من النقاط، أكّد فيها على مايلي:
-
لا توجد – ابتداءً – إشكالية متعلقة بالهوية الكردية فى العراق، فلا خلاف من الناحية العرقية على صفتهم لدىالنظم العراقية المتعاقبة، ورجح أغلب الباحثين أن الأكراد من أصول “ارية”، وإن كان بعض المؤرخين القدامى أشاروا إلى إنهم سلالة عربية من نسل كرد “إبن عامر” اختلطوا بأقوام “اندو أوروبية” وفدت إليهم فى عصور قديمة، وهو مايفسر الاختلاف الواضح بين اللهجات الأربع لديهم (الكرمانجى / الكلهود / الكوران / اللور). ويفترض أيضًا أنه ليس ثمة خلاف على أوضاعهم الدستورية والقانونية، مشيرًا إلى أن النصوص فى الدستور العراقى – الذى تم وضعه والاستفتاء علية بمشاركة وموافقة كردية كاملة – كانت واضحة، حيث نصت مادته الأولى “جمهورية العراق دولة واحدة مستقلة ذات سيادة كاملة، نظام الحكم فيها جمهوري برلماني ديموقراطي، وهذا الدستور ضامن لوحدة العراق”، مضيفًا بأنهلم يرد بالدستور حرفًا واحدًا يمنح حقًا لأحد فى الدعوة لاستفتاء حول الانفصال عن العراق.
-
أن أكراد العراق حظوا بما لم يحصل عليه أي من التجمعات الكردية الثلاثة الأخرى فى الشرق الأوسط، إذ تعتبرهم تركيا أتراكًا جبليين وتخوض حرب تكسير عظام مع حزب العمال الكرستانى، بينما يخضع الأكراد فى إيران بالقوة المفرطة، الى ما يروجه النظام الإسلامى هناك من وحدة العنصرين الفارسى والكردى من خلال العرق “الارى” ويربطهما الإسلام، في حين ينشغل أكراد سوريا بتنفيذ السياسات الأمريكية من خلال الدعم الذى تقدمه الأخيرة لقوات سوريا الديمقراطية . هذا في الوقت الذى كان أكراد العراق يعيشون ظروفاً مغايرة، من أبرز ملامحها:
-
عاش أكراد العراق ضمن أعراق ومذاهب عديدة بحيث لم يكن هذا التعدد يسمح بأي حال بوجود تفرقة أو اضطهاد، بل كان العيش المشترك والمودة هى الملمح السائد فى أغلب الأوقات، إلى أن أدى الغزو الأمريكي إلى تغيير المعادلة بفرض نظم المحاصصة والفيدرالية(كونفدرالية فى الواقع) باتفاق مسبق مع القيادات الكردية ( البرزاني/ الطالبانى) وتفضيل البعض على الأخر، حتى وصل الأمرإلى حالة الانقسام والتردى الحالية.
-
مبادرة نظام صدام حسين للتوصل مع التمرد الكردى إلى معاهدة للحكم الذاتى فى مارس 1970، والتي استجابت لمعظم المطالب الكردية حينها.
-
من الثابت أنه عوضًا عن وقوف الأكراد لمساندة النظام القائم في مواجهة عدوان خارجي، فقد كانت القوى المسيطرة علي الإقليم رأس حربة لغزو العراق، حيث سمحت للولايات المتحدة وإسرائيل بإقامة معسكرات استخباراتية متقدمة لاستطلاع الجيش العراقي والاتصال ببعض قياداته. وجاءت إقامة منطقة حظر الطيران بعد تحرير الكويت، ومغادرة القوات العراقية للمنطفة الكردية في أكتوبر 1991، لتعطي الأكراد حرية مطلقة للتحرك، وفتح المنطقة كملاذ آمن لمتمردي الأكراد من الدول المجاورة، غير أن أيًا من الحزبين الكرديين فى العراق لم يعلن الاستقلال في ذلك الوقت.
-
أن الأكراد كانوا الجماعة الوحيدة في العراق التي حظت بحق تكوين إقليم ذا حكم ذاتي، ضمن العراق طبقًا للدستور، من محافظات أربيل والسليمانية ودهوك، بل ويضمن الدستور آلية للاتفاق على المناطق المتنازع عليها، والتي يطمع الأكراد فى ضمها للإقليم، والمعروف أن هذا الحق لم يحصل عليه السنة فى العراق رغم مطالبتهم به مرارًا.
-
أن الدستور العراقي قد جعل العربية والكردية لغتان رسميتان للعراق، ويرفع الأكراد العلمان العراقي والكردي على المنشأت الرسمية فى إقليم كردستان، وتوسع الأكراد في رفع علمهم في الأراضي المتنازع عليها بعد تحريرها، بل ويرفضون انسحاب قواتهم منها بعد الانتهاء من دحر داعش.
-
يتمتع الإقليم بحكم ذاتى ديمقراطي برلماني كامل، مشيرًاإلى أنه تم الاتفاق وفقًا لنظام المحاصصة بأن يشغل كردى منصب رئيس الجمهورية، وهو ما تولاه “جلال الطالبانى” رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني، ثم خلفه حاليًا “فؤاد معصوم”، وظل “هشيار زيبارى” وزيرًا للخارجية إلى عهد قريب، مضيفًا بأن”مسعود البرزاني” فضّلأن يتم انتخابه رئيسًا للإقليم عامي(2005/2009)، وكان يُفترض أن تتم انتخابات جديدة فى نوفمبر 2017، وهو ما يعنيأن رئيس الإقليم الذي يدعو إلى الاستفتاء هو رئيس منتهية ولايته منذ عامين.
-
أن أسباب الخلاف بين الإقليم الكردي والدولة الاتحادية (الموارد البترولية / الرواتب / المناصب / المناطق المتنازع عليها)، ليست مما يصعب حلها لو توافرت النيات الطيبة بين الطرفين، مشيرًا إلى أن المحادثات كانت جارية بينهما فى هذا الصدد إلى وقت قريب.
ومن جانب أخر، أوضح أن الجميع يدرك حجم المخاطر التى سوف يواجهها الإقليم لو انفصل عن العراق، مضيفًا بأنه أمر لن يتم دون مواجهات عسكرية من أطراف محلية وإقليمية ترفض بصورة قاطعة هذا الإجراء، خاصة وأنه يحدث دون سند شرعيأو أسباب موضوعية، بالإضافة إلى أنهاستكون دويلة حبيسة شحيحة الموارد فى حالة عدم تحقق حلمها بضم محافظة كركوك الغنية بالنفط، وستعصف بها الخلافات الدامية بين أحزابها المتنازعة والمنقسمة انقسامًا أدى إلى انتهاء ولاية كل من رئيس الإقليم “مسعود البرزاني”، وكذلك المجلس التشريعي المُعطل منذ 2015 ومنع رئيسه من دخول أربيل، موضحًا بأن الفرقاء من الأحزاب الكردية كانت قد اتفقت مؤخرًا فى اجتماع يونيو الماضى على إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية فى نوفمبر القادم بعد إجراء الاستفتاء، بمعنى أن الاستفتاء سيتم فى ظل أوضاع دستورية للرئاسة والمجلس التشريعي معيبة ولا يُعتد بها.
إلى جانب هذا تكمن مشكلة الأقليات التي يُفترض أن تحملها الدويلة الوليدة عند انفصالها، والتي يعيش علي أراضيها أعداد لا يُمكن تجاهلها من المسيحيين والأيزيديين والتركمان والشاباك والصابئة والبهائيين، وما قد يزيد الوضع تأزماً هو أنتضم هذه الدولة الأراضيالمتنازع عليها، والتى احتلها الأكراد خلال مشاركتهم فى القتال ضد داعش، وأصّروا على عدم الخروج منها مثل “سنجار” التي تضم في معظمهاالأقلية الايزيدية، ومحافظة كركوك بما تضمه من عرب من السنة والشيعة، وتركمان، ومسيحيين، بالإضافة إلى الأكراد، وهنا يطرح السؤال نفسه عما سوف يتم مع كل هذا العدد من الأقليات السكانية.
-
وفي ذات السياق استعرض سيادته المواقف المختلفة من الاستفتاء، والتي جاءت على النحو التالي:
-
الموقف العراقي هو حجر الزاوية:
-
حذّر رئيس الوزراء العراقى “حيدر العبادى” من أن الاستفتاء غير دستوري وليس من مصلحة المواطنين الكرد، وشدّد علىأن الانفصال لا يتم إلا بتوافق وطني، وبأنه سمع بموضوع الاستفتاء عبر وسائل الإعلام، وأنه لذلك قال للوفد الكردي الذي زار بغدادكيف تطلبون منا حلًا لمشكلة لم نتفاوض عليها أصلًا، وأقّر بصحة بعض الشكاوي المتعلقة بعدم التوصل لحلول لمجمل المشكلات بين بغداد وأربيل، ولكن هذا لا يعني اضطهادًا، فالكرد لم يضطهدوا منذ 2003، ووجه انتقادات إلى القيادة السياسية الكردية متهمًا إياها بممارسة الخداع مع الشعب الكردي عبر الاستئثار والسعي لتحقيق المطالب “غصبًا”.
وشدد على ضرورة أن يوضح القادة السياسيين الأمور لمواطنيهم وألا يرسلوهم إلى طريق مسدود، والتأكيد على أن لديهم شركاء في الوطن صوتوا معهم على الدستور، ومن ثم عليهم تغييره بدلًا من اتخاذ إجراءات منفردة. وتساءل هل الاستفتاء يشمل الكرد أم بقية المكونات في الإقليم ، ولماذا لا يشمل العراق كله، اليس من حق العراقيين الإدلاء بأرائهم،مثلما تُصّرون أنتم على شمول الاستفتاء الأكراد حتى في بغداد وبقية المناطق خارج الإقليم، وأضافبأن مفوضية الانتخابات الخاصة بالإقليم غير مُعترف بها دوليًا، والمفروض أن تقوم مفوضية الانتخابات المستقلة في بغداد بهذا النوع من الأعمال.
-
قال المتحدث الرسمي باسم رئيس الوزراء أن العراق يستند إلى الدستور كمرجعية لتحديد العلاقة بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان، مؤكدًا أنه لا يمكن لطرف تحديد مصيره بمعزل عن الآخرين، وأن أي قرار يخص مستقبل العراق يجب أن يراعي النصوص الدستورية، فهو قرار عراقي ولا يخص طرفًا دون غيره، وشدد على أن أي قرار فيما يخص هذا الشأن يجب أن يتم بالتشاور مع الأطراف الأخرى ويراعي التوافق الوطني.
-
صوت مجلس النواب العراقى ضد الاستفتاء وطلب من رئيس الوزراء اتخاذ كل التدابير للحفاظ علي وحدة العراق، وأقال المجلس محافظ كركوك الذى تبين أنه يُناصر الموقف الكردى، وأعربت غالبية القوى السياسية والوطنية العراقية عن رفضها للاستفتاء، واعتبرته البذرة الأولى لتقسيم العراق، منتقدة الطريقة التى يُدار بها الإقليم وإيقاعه في مشكلات سياسية واقتصادية سوف يُعاني منها المواطن الكردي.
-
وعلى الصعيد المجتمعي، انطلق في مدينة السليمانية بالمنطقة الكردية أول حراك مدني كردي من بعض المثقفين تحت مسمى “لا في الوقت الحاضر”، الذين وصفوا قرار الأحزاب الكردية بأنه “غير شرعي ويفتقر إلى السند القانونى والإجماع الوطني”، والمرجح أن هذا التحرك يعبرعن التيار الذي رفض المشاركة فيإصدار بيان الاستفتاء من جماعتي التغيير والحركة الإسلامية.
-
الموقف العربي:
-
من المؤسف أن ردود فعل العواصمالعربية على المستوى الرسمي لم ترتق إلى المستوى الذي يمثله هذا الحدث من خطورة على بلد عربيمهم بحجم العراق، بل والخطورة التى يمكن توقع حدوثها نتيجة لذلك على المنطقة العربية كلها، والتي تحمل في باطنها بذورًا ليس للانقسام والفرقة فقط، وإنما هيمؤهلة للتشرذم والتفتت غير الحميد قد تصل إلى حد المواجهات الدامية بين شظايا متصادمة ومتصارعة متمثلة في عشائر وقبائل تتفجرفيها مشاعر البغض والكراهية.
-
لقد نجحت ثورة 30 يونيو فى مصر في أن توقف مخططات ماسُمّى بالربيع العربي، والتى كانت تستهدف خلق صراعات داخلية تسهل لمخلب القط المتمثل فى الحركة الإسلامية المتعاونة مع الإدارة الأمريكية السابقة في إحكام سيطرتها على المنطقة والتلاعب بمقدراتها، غير أن هذا لم يمنع العقول المدبرة المعادية لنا فى أن تبحث عن ثغرة جديدة تنفذ منها لتحقيق مخططاتها، وهو ما يفسر التوقيت الذي يعلن فيه الكرد إقدامهم على الاستفتاء، فقد كانت أمامهم فى السابق فرصًا أفضل للإقدام على هذه الخطوة، ويفسر أيضًا حماس إسرائيل في تأييدها وإعلان ذلك على أعلى المستويات.
-
من غير المفهوم هذا الصمت الذي التزمت به العواصم العربية إزاء هذا التطور الخطير، والذي تتعدد تفسيراته بين الآتى:
-
انكفاء أغلب الدول العربية على مشاكلها الذاتية وتجنبها اتخاذ مواقف من أزمات ذات أبعاد مركبة تتداخل فيها القوى المحلية والإقليمية والدولية.
-
طبيعة الاستقطاب الذى قسم الدول العربية بين دول قريبة من إيران،وأخرى تعتبر الأخيرة من القوى المعادية، وليس بخاف عن أحد قوة النفوذ الإيراني في العراق.
-
تصور بعض دوائر اتخاذ القرار في دول عربية بأن الاستفتاء الكردي هوإجراء يقع فى خانة الضغوط على كل من تركيا وإيران. وفي تصوري فإن التحرك الكردي أخطر من أن يكون ورقة نستخدمها لإزعاج الآخرين،وهو في الواقع كمن ينسف بيته بهدف إزعاج جيرانه.
-
كشف مصدر كردي عن تلقي “مسعود البرزاني”عرضًا بالدعم من السعودية والأردن والإمارات لتنفيذ مشروع انفصال كردستان في مقابل إنشاء قواعد عسكرية لهم في أربيل ودهوك، فالدويلة الجديدة سنية، حيث ستجعلهم القواعد أقرب إلى إيران، وهي معلومات تحتاج إلى تدقيق.
-
التحرك الأهم في الإطار العربي هو ماقام به أمين عام الجامعة العربية “أحمد أبوالغيط” بمبادرته الخاصة بتبادل رسائل مع “مسعود البرزاني” خلال الفترة الماضية، شرح له فيها حصيلة الموقف العربي الراغب في تأجيل الاستفتاء والداعيإلى حوار بين أربيل وبغداد، وضرورة التمسك بالدستوروالنظام الفيدرالي الذي أقرته كافة مكونات الطيف السياسي العراقي، ورد البرزاني مكررًا مجمل المواقف الكردية، ومُبررًا المرارة التي يشعر بها أكراد العراق إزاء الحكومة المركزية في بغداد.
وأشارت المصادر إلى أن الأمين العام يعتقد بأنه لا ينبغي إغلاق باب الحوار مع الأكراد، وأنه ينبغي الذهاب إلى أبعد مدى في التمسك ببقائهم كمكون أصيل في المجمتع العربي، وأن الوضع الإقليمي لا يحتمل مزيدًا من التشرذم، وأن تحرك الأمين العام ينبع أساسًا من مسؤولياته كحارس أمين على قرارات القمم العربية التي تنص على ضرورة الحفاظ على وحدة أراضيالعراق، وصرّح الأمين العام فى أعقاب اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب في دورته الأخيرة بأن المجلس قد خرج بقرار مهم خاص بالعراق أكّد فيه تمسكه بوحدة الأراضي العراقية.
-
والجدير بالإشارة هنا، هو تصريح السفير المصري في العراق الذي أكّد فيه على أن الموقف الرسمي لمصر، يرتكز على الحفاظ على الوحدة والسلامة الإقليمية لأراضي البلدان العربية الشقيقة، حيث أكّد السفير أن قوة العراق تكمن في بقائه موحدًا متجانسًا متناغمًابين أطيافه المتعددة التي تشكل مجموعها الدولة العراقية، ورفض مصرلأي تحركات أحادية الجانب بدون التنسيق مع الحكومة المركزية في بغداد، بالإضافة إلى ضرورة ألا تؤثر الخلافات بين إقليم كردستان والحكومة الاتحادية على جهود مكافحة الإرهاب، وأن معركة الموصل أثبتت أهمية التنسيق بين أربيل وبغداد، كما أشار إلى أن الحوار الدائر بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان بشأن بعض الملفات التى يفضي الوصول إلى توافق بشأنها إلى حفاظ العراق على وحدته وقوته التي تصب لصالح المنطقة،وشدد السفير على دعم مصر لوحدة وسيادة العراق، مُحذرًا من مؤامرات التقسيم التي تواجه المنطقة العربية في هذه المرحلة.
-
واختتم حديثه بالتأكيد على النقاط التالية:
-
احتدام الخلاف بين الحكومة المركزية والإقليم،والذي وضح في التراشق بالعبارات التي تحمل التحدي والإصرار من كل جانب على موقفه بما يقود إلى الاعتقاد بأن صدامًا عسكريًا يُمكن أن يقع بين الجانبين فيوقت قريب، خاصة وأن الأوضاع على الأرض يُمكن أن تساعد على حدوثه، فقد دفع الأكراد بعشرات الآلاف من عناصر البيشمركة إلى مشارف كركوك، في الوقت الذي تتواجد فيه بالفعل حشود من ميليشيات الحشد الشعبي الشيعية والتي كانت تساند الجيش العراقي فى معاركه ضد داعش، هذا الصدام الذى لو حدث ستتسع آثاره لتشمل أرجاء العراق.
-
من هنا تأتي الأهمية الحيوية للتحرك العربي مُمثلَا فى الأمين العام إذا تسنى له استكمال مهمته بزيارة بغداد وأربيل مدعومًا بالقرار العربي بالتمسك بوحدة العراق.
-
من جانب آخر، فقد تردد أن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا الذين كانوا قد أعلنوا تحفظهم على الاستفتاء،وقدموا بدائل لم يكشف محتواها، وصرّح الجانب الكردي بأنه يقوم بدراستها، بمعنى أن الأزمة تشهد تصاعدًا للجهود التى تستهدف احتواءها.
-
بوجه عام، فقد كانت مشكلة الأقليات داخل الوطن العربي من بين الموضوعات التى كانت محلًا لاهتمام مُنظّري المسألة القومية فى الستينيات، في إطار السعي الكبير لتحقيق الوحدة العربية. ولما كانت هذه المسألة غير مطروحة فى الوقت الحاضر ولا تشغل بال أحد، فإنه من المفيد أن تُبحث في إطار الدولة الوطنية حفاظًا على وحدة ترابها وتحقيق السلم الأهلي فيها.
-
المحور الثاني: الموقف الإيراني – التركي:
وحول هذا الموضوع أكّد د.محمد السعيد إدريس، عضو المجلس، أن الأزمة الكردية ليست أزمة وليدة اللحظة بل هي أزمة تاريخية تم تقسيمها بين أربع دول مجاورة، وكل جزء كردي يخوض حرب حسب قدرته، مشيرًا إلى أن طموح الدولة الكردية لايتزعزع، ومنذ عام 1991 والغزو العراقي كان يؤسس للكيان الكردي رسميًا وفقًا لمؤامرة ومخطط، موضحًا أن ماتم في 1991 من فرض مناطق حظر للطيران في الشمال والجنوب العراقي كان بتدبير أمريكي بريطاني واضح أعقبه الغزو الأمريكي للعراق، وإعادة ترسيم خرائط متجانسة لمنع النزاعات ومواجهة ما أطلقوا عليها “الدولة الفاشلة”، وإقامة دويلات في إطار منطقة لم تحدد هويتها، بحيث تضم إسرائيل داخل منطقة متعددة الدويلات وهذا مايتم تنفيذه الآن.وفي هذا الإطار أكّد سيادته على عدد من النقاط، منها:
-
فيما يتعلق بالموقف الإيراني والتركي، أوضح أنهما متطابقان ويتمثلان في الرفض القاطع لمسألة الاستفتاء الكردي على كافة القيادات، وهذا دفاع عن أمن قومي، مضيفًا بأن قيام دولة كردية في العراق سيدفع كل من إيران وتركيا لضرب مواقع لحزب العمال الكردستاني، وحزب “الحياة الحرة” في إيران، وكلها أحزاب تتبنى فكرة الانفصال.
-
أشار إلى أن هذا الاستفتاء سيؤدي لمزيد من التقارب الإيراني– التركي، مشيرًا إلى أن إيرانتواجه أزمة داخلية خاصة بعد تعزيز كثافة وجودها العسكري في سوريا والعراق، وكذا الفصائل المنضوية تحت لواء الحرس الثوري ومع انحسار داعش، تزايدتالمطالبات بحل فصائل الحشد الشعبي وفقًا لما يعرف بالجهاد الكفائي، بمعنى مع انتهاء تحرير الموصل يتم حل الحشد الشعبي،وهناك حديث عن حل المشكلة السنية داخل العراق في إطار البدء في ترسيخ مفهوم الدولة الوطنية، وهو ماسيحسر النفوذ الإيراني داخل العراق، فضلًا عن تقارب العراق مع دول الخليج، وكان من مظاهرها زيارات مقتدى الصدر والعبادي للسعودية، بالإضافة إلى دور مقتدى الصدر لإنهاء التمدد الإيراني والطائفي والتبعية العراقية لإيران، وهو مايؤذن بصعودها كقائد وزعيم وطني.
-
أن هناك مراجعاتلزعمات شيعية بعيدًا عن إيران، وأن ماحدث مؤخرًا على الحدود السورية– اللبنانية، والاتفاق بين حزب الله وداعش لنقل مقاتلين من جرود عرسالأثار أزمة في العراق من الخوف من تسلل مقاتلي داعش للعراق، وعليه فهذه الأزمات أدت لمزيد من الحدة في الموقف الإيراني.
-
فيما يتعلق بتركيا، أكّد أنه على الرغم من التذبذب الإيراني– التركي إلا أن هناك توافقات مؤخرًا مع ارتفاع معدل التبادل التجاري لـ20 مليار دولار، فضلًا عن الجمع بين الجانبين تحت لواء روسيا في سوريا، وزاد من التقارب الموقف الأمريكي من الانقلاب في تركيا، وأنه مع تزامن الاستفتاء سيزداد التقارب خاصة في ظل وجود ترتيبات فيدرالية سورية في الجنوب التركي، وعليه فالدولتان ستدافع عن أمنهما مع وجود خطر كردي في العراق وسوريا. متسائلًا في هذا الصددعن المدى الذي ستؤثر فيه الأزمة الكردية العراقية، والسورية على خرائط التحالفات؟.
-
أن هناك عوامل تقارب شديدة بين تركيا وإيران وهو مايفسد التحرك السعودي لحشد التحالف السني،حيث أن خروج تركيا أفسد هذا التحالف،مشيرًا إلى أن هناك تحالف (إسرائيلي– سعودي– إماراتي)كان دافعه الأزمة التي تواجه إسرائيل في سوريا من جهة، كون إيران أصبحت دولة جوار إقليمي لإسرائيل،هذا فضلًا عن المخاوف الخليجية من هذا التمدد، من جهة أخرى.
-
أكّد أن إيران تحاصر حالياً، إسرائيل من ثلاث جهات على حدودها، ولمواجهة ذلك فهي لن تستطيع هزيمة إيران في سوريا، ولن تتمكن من حماية أمنها القومي، ومن ثم لابد من العمل على العودة لأمريكا، وتشجيع إقامة دولة كردية لتهديد إيران عن طريق أن تكون دولة جوار لإيران في كردستان، وعليه فالصراع يأخذ وجهًا جديدًا، ونحن لانعلم كيف سنتعامل مع التهديدات.
وختامًا، أوضح أن هذا الاستفتاء إذا حدث لن يؤدي مباشرة للدولة الكردية لكن سينتج تداعيات خطيرة، وعلى العقل الاستراتيجيالمصري متابعة تلك التصورات.
-
المحور الثالث: الموقف الإسرائيلي :
استعرض هذا المحور د.جمال يوسف، عضو المجلس، حيث جاء في كلمته الآتي:
-
تاريخ العلاقات الكردية – الإسرائيلية
يرجع تاريخ العلاقات الكردية– الصهيونية إلى عام 1943 أي ما قبل إعلان الدولة عام 1948، وقد أشار كتاب الزعيم الكردي “مصطفي البارزاني” إلى هذه العلاقات باعتبارها تواصل سياسي له مبرراته في ظل كفاح الشعب الكردي ضد سلطة الدولة المركزية في بغداد التي سعت في مراحل مختلفة لطمس قوميته وهويته الكردية، وإجراء تغييرات في التركيبة السكانية في مناطق الأغلبية الكردية، في حين أن هذه العلاقات بالنسبة لإسرائيل تأخذ منحى آخر يرتبط بمصالح إسرائيل في صراعها الممتد مع العراق كأحد الدول الرئيسية في الصراع العربي– الإسرائيلي.
أما الصحفي الإسرائيلي “شلومو نكديمون” فيقول فى كتابه “الموساد في العراق ودول الجوار” أن البرزاني رأى ضرورة الاتصال بإسرائيل بشكل مباشر منذ عام 1963 لتساعده فى تحقيق حلم الأكراد فى بناء حكم ذاتي بعد أن فشل مع الحكومات العراقية، ولتحقيق ذلك استعان بالإيرانيين الذين تربطهم علاقات جيدة مع إسرائيل فى ذلك الوقت. وكانت إيران قد اعترفت بإسرائيل عام 1950، فاستعان بشخص يدعى “بدير خان” من المخابرات الإيرانية الذى أجتمع مع “بن جوريون”، و”جولدا مائير”، ورئيس الاركان “تسفى زماير”، و”مائير عميت”، رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية.
في هذا الوقت كان عدد الأكراد في العراق 2 مليون نسمة، وفى سوريا 600 ألف كردي، وفى إيران 4 مليون، و6 مليون فى تركيا، و60 ألف فى روسيا، بالإضافة إلى 800 طالب كردى في بريطانيا.
وفى إحدى زيارات “بدير خان”إلى إسرائيل طلب تقديم مساعدات للأكراد لتمكينهم من مواجهة هجمات الجيش العراقى على مواقعهم فى الشمال، وذلك بإرسال 12 راجمة بازوكا، ومدافع مضادةللطائرات، وجهاز إرسال ومساعدات مالية،واقترح خان في ذلك الوقتإجراء اتصالات مباشرة مع البرزانى.وقد حددت إسرائيل حجم دعمها للأكراد استجابة لإيران، التى أبلغت إسرائيل “إنها نتعامل مع التمرد الكردي فى العراق كفرصة لا تعوض، ورغم ذلك وبسبب الأقلية الكردية فى إيران وعلاقتنامع تركيا لا نستطيع تأييدهم علنًا فنحن لا نرغب فى أن يتطور التمرد كى يصبح دولة كردية كبرى”.
ورغم أن شاه ايران لم يكن يؤيد استقلال الأكراد في العراق إلا أنه كان معنيًا بحصول الأكراد على كامل حقوقهم هناك، حيث كان يري أن الأكراد غير العرب، وبعد ذلك بدأت المخابرات الإسرائيلية ترتب لاتصالات مع الأكراد عن طريق اثنين من العملاء قدما إلى كردستان تحت غطاء إنهما صحفيان ألمانيان طبقًا لما جاء فى كتاب سعيد جواد “العراق وكردستان”.
وعندما علمت المخابرات العراقية بهذه الاتصالات أذاعت السلطات العراقية عبر نشراتها الإخبارية المُعلنة أن هناك علاقة بين “مصطفى البرزانى” وإسرائيل، وقد أصاب ذلك رجال الموساد بالذهول لحرصهم على الحفاظ على سرية هذه العلاقات في ذلك التوقيت، وفى نفس الوقت ذهبت إيران تُحّث الأكراد على مجابهة الجيش العراقي مع حرصها على ألا يتحقق لهم النصر الكامل، فقد كانت علاقة إيران بالأكراد مزدوجة التوجهات، فهى تريد استقلال الأكراد لإضعاف العراق، وفى نفس الوقت لا تريد للأكراد أن يكونوا أقوياء حتى لا تشجع الأكراد فى إيران على ذلك، وهو أيضًا ما تريده تركيا، و ما تريده إسرائيل في ذلك الوقت، والتى كانت تسعى فقط إلى إضعاف العراق حتى لا يساعد سوريا أو الأردن ضدها.
وهكذا استمرت العلاقات القائمة على المصالح المتناقضة مع الشعب الكردي وزعامته وقيادته بقدر ما تتحقق المصلحة الإسرائيلية، دونما يتحقق للأكراد مصالحهم وأهدافهم بدعم إسرائيلي سواء في الحكم الذاتي أو الانفصال عن الدولة العراقية.
-
موقف إسرائيل من الاستفتاء:
رغم أن الحكومة الإسرائيلية لم تعلن موقفها الرسمي من الاستفتاء حول الانفصال إلا أن فكرة إنشاء الدولة الكردية مقبولة إسرائيليًا منذ البدايات، وهناك العديد من التصريحات غير الرسمية التي تشير إلى دعم إسرائيل للانفصال، ومن بين هذه التصريحات ما قاله “إيدي كوهين”، الباحث الإسرائيلي، والمحاضر في جامعة “بار إيلان”،”من أن بلاده تدعو رئيس إقليم كردستان “مسعود بارزاني” لإعلان استقلال كردستان، وأن يغض الطرف عن أي معارضة عربية كانت أو تركية، مؤكدًا أن تل أبيب تدعم تطلعات الأكراد”.
وقال كوهين مخاطبًا الشعب الكردي “لا تسمعوا لما تقوله تركيا أو الدول العربية.. افعلوا ونالوا استقلالكم، نحن في إسرائيل حكومة وشعبًا نؤيد الشعب الكردي، نؤيد لتكون لكم دولة مستقلة كسائر الأمم في العالم”.وعندما سُئِل عن موقف بلاده في حال إعلان استقلال كردستان، أوضح “كوهين” “لقد قال رئيس الحكومة “بنيامين نتنياهو” أنه في حال أعلن الكرد دولتهم فنحن كحكومة وشعب نؤيد ذلك”.
-
الأكراد اليهود:
يقول الأكراد في إسرائيل والبالغ عددهم حوالي 150 ألف مواطن، إنّ علاقتهم بالسكان اليهود في أرض إسرائيل كانت دائمًا قوية، وكانت قد بدأت الهجرة الجماعية ليهود كردستان إلى إسرائيل منذ أن كانت الصهيونية لا تزال في بدايتها، أي قبل الحرب العالمية وقبل وعد بلفور، وشق الأكراد من منطقة “أورمية”، “تبريز”، و”ديار بكر” طريقهم إلى إسرائيل، وفي الثلاثينيات من القرن العشرين تم الحديث عن قرى كاملة في كردستان غادرها جميع اليهود الذين كانوا بها من أجل الاستقرار في إسرائيل.
بعد قيام دولة إسرائيل عام 1948، ومع عملية الهجرة “عزرا ونحميا” عام 1952، والتي هاجر فيها 125.000 يهودي من العراق إلى إسرائيل، هاجر جميع يهود كردستان العراقية إلى إسرائيل، وقد هاجر في أعقابهم أيضًا الكثير من يهود كردستان الإيرانيين بل والكثير من الأكراد الذين في تركيا.
-
ماذا بعد الاستفتاء؟
يستطيع أي متابع للشأن الكردي أن يدرك أن الدولة الكردية هي حلم الشعب الكردي في الدول الأربع التي يعيشون فيها شبابًا وشيوخًا منذ القدم، وبعيدًا عن مدى دستورية الإجراء فإن النتيجة المؤكدة للاستفتاء ستأتي في صالح الانفصال عن دولة العراق، ومن المتوقع أن تكون إسرائيل من أوائل الدول التي تعترف بالدولة الكردية، إن لم تكن الدولة الأولي.
-
ملاحظات حول الاستفتاء:
-
كل الاستفتاءات التي جرت حول حق تقرير المصير انتهت بالانفصال مثل ماحدثعلى سبيل المثال في مصر عندما انفصل السودان عام 1956، وتيمور الشرقية عام 2002، وجنوب السودان عام 2011.
-
أن إعلان الرئيس “مسعود بارزاني” تحديد موعد للاستفتاء يعني أن الإقليم أصبح مستعدًا لأن يصبح دولة كاملة الأركان وكاملة السيادة، ليس من الناحية الشكلية والبروتوكولية فقط بل من الناحية القانونية والقضائية،والتنظيمية والتنفيذية، والترتيبات الداخلية والإقليمية والدولية المصاحبة للنتيجة الإيجابية المتوقعة للاستفتاء وهو أمر مشكوك فيه.
-
من المفيد لإدارة دولة حديثة أن تبدأ في ظل علاقات جيدة مع دول الجوار ومحيطها الإقليمي والدولي حتى تستطيع بناء مؤسسات قوية قادرة على إدارة شؤونها، وهي نقطة أتصورها مهمة للغاية، ومن المؤكد أنها غير متوفرة.
-
لا أعرف مدى التنسيق الذي تم مع الحكومة المركزية فى بغداد حول موضوع الاستفتاء والسيناريوهات المقترحة للتعامل مع نتائجه، وإن كنت أتصوره أن ذلك لم يحدث،حيث ترفض الحكومة المركزية الاستفتاء ونتائجه وتعتبره مخالف للدستور.
-
في التقدير أن تتجاوز نسبة الموافقين في الاستفتاء على 85% من بين المشاركين، وأن تكون النسبة الأكبر في التصويت للشباب، وهو ما سيحقق حلم طال انتظاره لإقامة الدولة الكردية على أرض الكرد التاريخية في الدول الأربع وليس فقط في العراق، وهذا يعني أن علاقات كردستان مع إيران وتركيا سوف تتأثر سلبًا، حيثأن إقامة دولة كردستان العراق ستشجع بالضرورة أكراد تركيا وإيران لإتخاذ نفس الخطوة ولو مستقبلآ.
-
من الواضح أن أمريكا تدفع أكراد سوريا لإقامة كيان مستقل، والسؤال هو كيف ستكون علاقة الإقليم معه مستقبلًا؟.
-
كان وزير الدفاع الأمريكي قد أشار بأن إعلان دولة كردستان مسألة وقت ما يعني أن أمريكا تدعم هذه الخطوة، وبالتالي سوف تحمي الدولة الوليدة، وفي ظل السياسة الواضحة للرئيس ترامب فإن على الدولة الوليدة أن تدفع الثمن المقابل لذلك، وهو ما يعني التحالف مع أمريكا ضد إيران، وربما ضد تركيا بما في ذلك إمكانية تقديم قواعد عسكرية أمريكية على أرض كردستان ما سيشكل عبء قد لا تتحمله دولة حديثة النشأة في محيط غير موالي.
-
لا أتوقع أن تكون الأوضاع الحالية غير المستقرة في المنطقة وتطوراتها المفاجئة ضد قطر كانت في حسابات مستشاري الرئيس “بارزاني” وهم يقيمون الموقف الإقليمي، وبالتالي أتصور أن هناك أهمية لإعادة تقييم تأثير هذا الموقف على نتائج الاستفتاء المتوقعة.
-
قد يثير إعلان إنشاء الدولة الكردية بعض الجماعات المتطرفة الإرهابية ما يدفعهم لمحاولة إفشال الدولة من خلال عمليات إرهابية متوقعة، وهوالأمر الذي سيؤدي إلى تزايد الإرهاب في العراق مصاحباً لإنشاء الدولة الكردية.
وختامًا، أوضح إنه مع عدم إنكار حق الأكراد في إعلان دولتهم،فقد كان من الأفضل أن يتم ذلك في ظل ظروف أكثر استقرارًا داخليًا وإقليميًا ودوليًا لضمان تحقيق طموح المواطن الكردي في دولة مستقرة تكون نموذج لدولة ديمقراطية حديثة تعتمد العلم والتكنولوجيا سبيلآ لتقدمها.
-
مناقشات
عقب ذلك شهدت الجلسة مجموعة من المداخلات من قبل أعضاء المجلس، جاءت على النحو التالي:
-
أكّد السفير/ شرقاوي حفني، عضو المجلس،بأن المشكلة عبارة عن نوع من الصراع السياسي والعرقي والديني متسائلاً عن حقيقة الدور الروسي؟.
-
أوضح اللواء/ محمد مجاهد الزيات، عضو المجلس، أن الدور الإيراني في العراق متزايد وليس متراجع، مشيرًا إلى أن المالكي قادم رئيسًا للوزراء، وأن هناك صراع بين المالكي والعبادي، كما أن ميليشيات الحشد الشعبي أصبحت تحت لواء الجيش العراقي ككيان مستقل خاضع للحرس الثوري الإيراني، وأن مناطق خفض التوتر في الجنوب السوري مرفوض أن يكون فيها قوات للحشد الشعبي أو من حزب الله، وعليه فهي منطقة عازلة للجولان وليست مهددة لإسرائيل.
-
تساءل السفير/محمد الشاذلي، عضو المجلس، عن تداعيات إقامة الاستفتاء، مستشهدًا في ذلك بإقليم “أبي” في السودان، حيث أنه بعد الاستفتاء الذي تم فيه الموافقة على انضمام الإقليم للجنوب لم ينفذ فعليًا، وعليه فقانونًا هل الاستفتاء ملزم؟، وهل إعلان الاستفتاء من جانب واحد سيؤدي لنزاعات قوية وحروب كالتي يشهدها السودان؟.
-
نوّه د.محمد مصطفى كمال، عضو المجلس،فيما يتعلق بالموقف المصري، إلى أن مصر لاتعترف بقرارات الاستفتاء الصادرة عن جانب واحد مستشهدًا بحالة إقليم “كوسوفو”، حيث أن الاعتراف المصري ببعض الجمهوريات المستقلة فى أعقاب أنهيار الاتحاد اليوغسلافى كان وفقًا لنص الدستور الذي سمح باستقلال عدداً من الأقاليم والتي لم يكن من ضمنها إقليم “كوسوفو”، ولهذا لم تعترف مصر باستقلال الإقليم منعًا من حصول حالات مشابهة في الوطن العربي لاتتوافق مع دستور الدول العربية.
-
تعقيبات ختامية
-
أكد السفير/ سيد أبو زيد، عضو المجلس، أن الداعي للاستفتاء رجل انتهت ولايته منذ 2015، وهو الحال بالنسبة للبرلمان، وعليه فإقرار البرلمان للاستفتاءغير قانوني ولم يكن بأغلبية، فضلاً عن عدم وجود نص في الدستور العراقي يبرر منح الاستقلال للإقليم، منوّهًا إلى أن القوة لا القانون هي العامل الحاسم في تطبيق قرار الاستفتاء.
-
أشار د.محمد السعيد إدريس، عضو المجلس، إلى أنه يوجد غموض في الدور الروسي، وهو مايعود بصفة أساسية للرغبة في تقسيم المنطقة لمناطق نفوذ بين الولايات المتحدة وروسيا، خاصة وأن النفوذ الأمريكي عائد للعراق، وهناك قواعد أمريكية جديدة تقام، في حين يستأثرالنفوذ الروسي بسوريا، وأعتقد أنه سيكون الموقف الروسي مع الموقف العراقي الرسمي.
كما نوّه إلى أنه من المتوقع وجود مراجعات كردية لإعادة النظر في التمييز الطائفي، وسط تراجع النفوذ الإيراني المغذي لعنصر الانقسام الطائفي. وفيما يتعلق بتركيا، أوضح إنها تقوم ببناء جدار لمنع التسلل، بالإضافة إلى وجود عمليات عسكرية (تركية – إيرانية) ضد حزب العمال الكردستاني، موضحًا بأن التدخل ضد كرستان العراق لن يكون آمن خلال حكومة بغداد، حيث أن المحكمة العليا في بغداد أقرّت رفضها للاستفتاء، وكلف البرلمان العراقي رئيس الوزراء “حيدر العبادي” باتخاذ مايلزم للحفاظ على الأمن العراقي، بالإضافة إلى أن هناك تهديدات بإغلاق الحدود أمام تصدير النفط الكردي. ولكن تصريحات برزاني بأنه يملك اقتصاد قوي لا يفك من أن أمريكا وبريطانيا مع الاستفتاء، ولكن يطالبوا بتأجيله حتى لاتتأثر المعركة مع داعش، مضيفًا بأن هناك أطراف عربية ستؤيد الدولة الكردية إذا كان قيامها في صالحهم في ظل خلافها مع إيران وتركيا، خاصة وأن هذاالتقسيم سيضعف من قوتهما.
-
نوّه د.جمال يوسف، عضو المجلس، إلى أن “مسعود برزاني” أكّد أن الاستفتاء غير دستوري وغير قانوني ولكن العالم لن يعترف إلا بالأمر الواقع، ونتيجة لوجود احتمالات بدعم أمريكي غير معلن للاستقلال، دفع برزاني للإعلان عن إمكانية التفاوض على مدة الفترة الانتقالية لإقامة الدولة الكردية.
رابعًا: الجلسة الثالثة “الموقف الدولي”
-
تناولت د.نيفين مسعد، أستاذ العلوم السياسية، الموقف الأمريكي،باستعراض ما أكّد عليه وزير النفط العراقي مؤخرًامن أنه لامانع لدى بغداد من مناقشة مسألة تصدير النفط المستخرج من كركوك مع كردستان، وهي بداية خيط أخرى، حيث كانت البداية الأولى مع إعلان برزاني وغيره عن إمكانية تأجيل الاستفتاء إذا وجد عرض قوي، ولكن ماحدث الأيام الماضية لم يزد عن كونه تفاوض مع إعطاء الضمان، مشيرة إلى أن ماحدث من مفاوضات في عصور مختلفة بدأ من عهد “عبد السلام عارف” ووصولًا لعهد صدام حسين، لم يحدث خلالها تفاوض على النفط، وعليه فإعلان حكومة بغداد استعدادها للتفاوض على النفط يعد نقطة تحول مهمة، مُنوّهًة إلى أن الهدف من إجراء الاستفتاء هو الضغط على بغداد، وليس الذهاب لإنشاء دولة كردية في الوقت الحالي.
كما أضافت أنه لايوجد وصل بين الداخل والخارج عمومًا، وبخاصة في الفترة الحالية، إلا أن طبيعة القضية الكردية المُقتسمة قوميتها على أكثر من دولة أدى لكونها قضية دولية، مشيرة إلى أن هناك مواقف دولية متعددة مابين رفض الاستفتاء والمطالبة بالتأجيل، وما بين من يرحب بإجرائه وإقامة دولة كردية.
وحول الموقف الأمريكي، أوضحت أن السياسة الأمريكية لاتسير في اتجاه واحد دائمًا، حيث لايمكن القول أن أمريكا داعم دائم للأكراد، فعندما قصف الطيران العراقي الأكراد بعد عاصفة الصحراء، توقعوا آنذاك أن الولايات المتحدة ستدعم الأكراد، الإ إنها لم تفعل وكان الحل هو التفاوض مع صدام، وعليه فالولايات المتحدة لم تكن داعم حقيقي.
وفيما يتعلق بالموقف السوري – الكردي، ففي حين أعلنت الولايات المتحدة عن عدم دعمها لإقامة الفيدرالية الكردية – السورية، مؤكدة أن الدعم الحالي المقدم لهم ياتي في إطار مواجهة الإرهاب وتنظيم داعش وذلك في محاولة لطمأنة تركيا.
لكن على الصعيد العراقي فالولايات المتحدة داعم رئيسي لتقسيم العراق، خاصة وأن الخرائط المنشورة للتقسيم موجودة فعليًا، وهو ذات الأمر المنطبق على الموقف الإسرائيلي الداعم للاستفتاء.
وحول الموقف الإسرائيلي، أوضحت أن الجانب الإسرائيلي يتبع استراتيجية تُعرف بـ”شد الأطراف”، مضيفة بأن إيجاد الدولة الكرية سيكون بمثابة نفاذ لإسرائيل، حيث أنه من مصلحتها إنشاء دويلات على أساس عرقي وديني وطائفي. وفي هذا السياق، أشارت إلى أن علاقة الكرد بإسرائيل تمتد منذ عام 1963، موضحة أن الكرد مستعدون للتعامل مع أي طرف يدعم حلم الانفصال، وعليه فالسياسة الأمريكية والإسرائيلية تتفقان في ذات الهدف الاستراتيجي وهو تفتيت المنطقة بالاعتماد على سياسة شد الأطراف.وفي هذا الإطار أكّدت سيادتها على عدد من النقاط على النحو التالي:
-
الرغبة الأمريكية في تأجيل الاستفتاء بحجة عدم الانتهاء من داعش حيث أن القوات الكردية جزء من القوات المحاربة، فضلًا عن أن الظروف الكردية الحالية تجعلها غير مطمئنة لإقامة دولة كردية في الوقت الحالي، خاصة وأن من شأن ذلك خلقخصم خارجي، مضيفة أنه في حال وجود ملامح واضحة للدولة الكردية فستحظى بالدعم، لكن في الوقت الحالي أمريكا تريد أن تأمن الحليف التركي، وإن وجدت معه مجموعة من الخلافات لحين الانتهاء من المعركة مع داعش.
-
المقايضة مابين صاحب الأرض وصاحب الحق، والفكرة تقوم على أن مفهوم صاحب الأرض يحتاج للنقاش، مشيرة إلى أنه لو فتح المجال لمن هو صاحب الأرض، وتم إعادة ترسيم الحدود لألغيت كافة الاتفاقيات.
-
أن نفوذ إيران يتراجع في العراق، مشيرة إلى أنه لاتوجد تأكيدات عن احتمالية قدوم المالكي للعراق، خاصة وأنه طائفي بامتياز، موضحة أنه حاليًا في العراق تدور أجواء لفتح حوار وطني للتفاوض مع الأكراد والسنة، وعليه فنفوذ إيران يتراجع وأبرز مثال خروج “عمار الحكيم”من عباءتها.
-
من أهم قضايا التفاوض بين الحكومة المركزية وإقليم كردستان قضية النفط، ودفع المرتبات والرغبة الكردية في ضم كركوك باعتبارها سياسة أمر واقع، فضلًا عن التفاوض حول تطبيق نظام المحاصصة والعمل على إعادة تفعيل دستور 2005 مع النظر في إمكانية تعديل بعض مواده.
-
في معرض حديثه عن الموقف الأوروبي، أكّد السفير/ أسامة توفيق، عضو المجلس، أن الدول الأوروبية جميعها تُعارض الاستفتاء، ولكن لاتعارض قيام الدولة الكردية، والاعتراض على التوقيت، وذلك وفقاً لمصالحها الخاصة متناولًا ماتردد من أنباء عن وجود مبادرة ثلاثية بقيادة الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا لتأجيل الاستفتاء، مشيرًا إلى أن المشروع البريطاني يؤكد على تمتع البرزاني بسلطات رئيس الإقليم لعامين أو ثلاثة أعوام قادمة، حيث تم السماح لإقليم كردستان تصدير البترول، مضيفًا بأن هناك أنباء عن إمكانية الموافقة عليه من قبل برزاني.
وفيما يتعلق بالموقف الروسي، أوضح أن هناك تصريحات روسية بأن على أربيل أن تأخذ في الحسبان كافة العواقب المحتملة للاستفتاء الذي هو تعبير عن رغبة الشعب الكردي، وعليه فهو دعم غير مباشر للاستفتاء مع الأخذ في الاعتبار محاذير معينة.
فيما يتعلق بأوكرانيا، والتي تعد ثاني أكبر دولة في أوروبا بعد روسيا، ومصدر كبير للأسلحة المصدرة للأكراد، وتواجه أزمات داخلية طاحنة، وبالتالي فهي لن تعترض على الاستفتاء نظرًا لمكاسبها من بيع الأسلحة للأكراد والحكومة العراقية، وعليه فهي لاتعارض إقامة الاستفتاء من عدمه، أما الموقف الألماني، فهو معارض للاستفتاء مع إعلان تقديرها لحلم الدولة الكردية، ومن ثم فإنكافة القوى تهدف لتقزيم الدور العربي وتهميشه، خاصة وأن أكثر مايقلقها هي العمليات الإرهابية التي تقوم بها الجماعات السنية الإسلامية.
-
مناقشات
شهدت الجلسة مجموعة من المداخلات جاءت كالتالي:
-
أكد السفير/د.منيرزهران، رئيس المجلس، على غموض مواقف بعض الدول، مُنوّهًا إلى الإنزعاج الأوروبي من الاستفتاء، متسائلًا عن احتمالية تدخل تركيا عسكريًا كونها لن تسمح بانفصال الإقليم، خاصة وأن ذلك يمثل باب للتهديد في الداخل التركي، وعليه فهل هذ التحرك الأوروبي يأتي منعًالأي تحرك عسكري من قبل أحد أعضاء الناتو، وبدون شك أن التحرك البريطاني سيعقبه آخر أمريكي، وعليه فالموضوع لن يغلق بمجرد اتمام الاستفتاء وسيظل مفتوحاً للنقاش.
-
تحدث د. محمد المنسي، نائب البرلمان العراقي، عن سبب المطالبة بتأجيل الاستفتاء،وهو بأن المناطق المتنازع عليها، ومن بينها كركوك، هي الأساس الاقتصادي لدولة كردستان، مشيرًا إلى أن القوميات الكردية في إيران وتركيا ليس لها الحق في الحديث باللغة الكردية.
كما أشار إلى أن الدستور العراقي صيغ خارج العراق، وكل فقرة تحمل فى طياتها مشاكل ومعضلات، مضيفًا بأن المشروع الأمريكي في العراق أفقد السنة أي معنى داخل العراق منذ عام 2004 حتى الآن، حيث لم يتسلم أي سني أي منصب داخل الحكومة العراقية، واقتصر الحق للأكراد والشيعة.
وأوضح أن الدولة الكردية، إذا قامت، ستكون حبيسة، حيث أن كافة الأطراف المحيطة بها رافضة لها، وستعتمد بشكل أساسي على النفط المستخرج من محافظة كركوك، والتي من المستحيل أن تكون ضمن الدولة الكردية القادمة لأنها تتمتع بالتنوع، وكذلك الحال في منطقة الحويجة، حيث أنالأغلبية من العرب، موضحًا أنه يوجد حل أمريكي يتم ترويجه لتقسيم كركوك مابين منطقة كردية للمنطقة الغربية من كردستان وأخرى للعرب،منوهًا إلى أن كافة القوى الإقليمية تطالب بالتأجيل، وأن الدولة الكردية ستكون إسرائيل القادمة، وعليه فكردستان بداية لتقسيم المنطقة إلى دويلات.
-
تناول السفير د./ رضا شحاتة، عضو المجلس، فكرة الدولة القومية التي تبلورت في مصر، ثم ذهبت بعد الحرب العالمية الثانية للشرق في كل من العراق والشام، وعليه فما تشهده المنطقة هو تفتيت للكيانات القائمة، مستشهدًا بما تم في شبه القارة الهندية،والتي انقسمت مابين الهند وباكستان وبنجلاديش، ومن ثم فالقومية والدين لعبا دورًافي ذلك،مشيرًا إلى أنه بعد الحرب الباردة تفتت الاتحاد السوفيتي،وعليه وجد تفاعل تاريخي يقّسم المناطق على أساس ديني أو قومي، والخطر لايزال موجوداً. وعليه فالعالم العربي لايزال يواجه “سايكس بيكو” جديدة، كما هو الحال في المغرب العربي، فإن الحرب بين الأمازيغ والعرب لاتزال قائمة، ومن ثم فإقليم كردستان يفتح الباب للتقسيم على أساس قومي، فضلًا عن التعارض مع كافة المواثيق الدولية الداعية للحفاظ على الاستقلال ووحدة الدول.
على جانب أخر، أوضح أن كافة المداخلات ركزت على مابعد الاستقلال، ولكن النظرة الأهم هي على مستقبل المنطقة هل ستستمر الدولة القومية؟ أم أن مشكلة القوميات أصبحت مشكلة كبرى أم مشكلة الدولة الوطنية؟، وعليه فهناك مشكلة وجودية تواجه المنطقة العربية.
-
أكّد السفير/ محمد عشماوي، عضو المجلس، على ضرورة الانتباه إلى ما يسمى باستراتيجية “شد الأطراف” التي يتم تطبيقها في المنطقة، ثم كسر الجدار العربي، ثم الإجهاز على قلب الربيع العربي (مصر ودول الخليج)، وعليه فالدعوة لقومية عربية إسلامية كانت ضرورية للحفاظ على الأمن القومي العربي.
-
تناول اللواء طيار/ هشام الحلبي، عضو المجلس، الناحية العسكرية،حيث أوضح أن تعدادقوات البيشمركة المتواجدة هناك يبلغ 200 ألف جندي، ولديها عتاد عسكري محدث، وتلقت تدريبات، وتمكّنت من الحصول على الأسلحة في ظل وجود رغبة عارمة لتصدير سلاح لها، فضلًا عن وجود عقيدة التمسك بالأرض والعرق الكردي،وهذه العناصر مجتمعة تشكل قوة عسكرية ستكون سببًا في اندلاع حرب وأزمة جديدة في المنطقة بعد الهدوء النسبي للأوضاع في العراق وسوريا، ولكن دائرة الاشتعال ستكون أوسع بدخول إيران وتركيا ودول عربية، وتطبيق استراتيجية شد الأطراف للخارج.
-
نوّه السفير/ سيد أبو زيد، عضو المجلس، إلى أن فكرة النظرة الشاملة للمنطقة واجبة في ظل الاقتناع بأن الوجود داخل المنطقة هو لأهداف استراتيجية، مشيرًا إلى أنه قبل فترة الخمسينيات وجد صراع على فكرة الدولة الوطنية والقومية، وبعد الخمسينيات كانت فكرة القومية العربية ودمج القوميات هي السائدة، داعيًا لعقد ندوة حول مشكلة الأقليات في المنطقة العربية، والاستفادة من التجربة الأفريقية، ومن ميثاق الاتحاد الأفريقي بالحفاظ على مبدأ قدسية الحدود الموروثة من الاستعمار.
-
تساءل السفير د./ محمد مصطفى كمال، عضو المجلس، عن المرحلة التي ستلي مرحلة الاستفتاء، منوّهًا إلى الحاجة المصرية لبلورة موقف، ووضع سيناريو في الحالتين، وهل ستتحول القنصلية المصرية في أربيل إلى سفارة.
-
تعقيبات ختامية
-
تساءلالنائب العراقي محمد المنسي،عن أنعكاسات الاستفتاء ، فيما لو تم ، على السنة فى العراق، وهل يمكن إجراء استفتاء علىإنفصال السنة، وماذا سيكون الوضع فيبغداد ومع الشيعة، منوهاً الى أن الأحزاب السنية تنظر للاستفتاء باعتباره واجهة عن ماذا سيكون مستقبل السنة؟
-
أكدتد.نيفين مسعد، أستاذ العلوم السياسية، أن الدول الأوروبية تعارض الاستفتاء لأنها تعاني في داخلها من تهديدات بالانفصال، وعليه فهناك تباينات داخل المواقف الأوروبية، داعية لإقامة مؤتمر موسع لمناقشة إدارة التعددية الثقافية بالوطن العربي.
كما أكدت على أن الاستفتاء هو استفتاء على انفصال الإقليم لا استقلاله، نظرًالأن الإقليم ليس محتلًا، منوّهًة إلى أنه لايوجد دستور في العالم يسمح بأن تدعو أقلية للانفصال ثم التفاوض، مشيرة إلى أن الأكراد قد يتمكنوا من الانفصال وإنشاء الدولة الخاصة بهم، ولكنها ستكون دولة ضعيفة إقتصادياً، ولن تحقق مطالب شعبها، وهو ماسيؤدي لإنهيارها.
وشدّد على ضرورة أن تكون بغدادجادة في التفاوض، وكذا مراجعة العملية السياسية برمتها، وإلغاء مبدأ المحاصصة الطائفية، بالإضافة إلى العمل على تعديل الدستور ليكون دستور مختلط يسمح بتداول السلطات.
-
من جانبه نوّهالسفير/ أسامة توفيق، عضو المجلس،إلى أن الدول الأوروبية تطالب بتأجيل الاستفتاء، ولكن هذا لا يعني الرفض التام ولا القبول التام، كونها تخشى من الحركات الانفصالية الأوروبية.
-
اختتم السفير/ منير زهران، الندوة بالتأكيد على النقاط التالية:
انطلاقًا من السياسة الخارجية المصرية تجاه الصراعات العربية بالحفاظ على كيان الدولة الوطنية،واستنادًا إلى احترام سيادة كل دولة والحفاظ على سلامتها الإقليمية وفقًا لمبادئ الأمم المتحدة وأحكام ميثاق الجامعة العربية؛من هنا يلزم الآتي:
-
التحذير من تفكك الدول العربية، وضرورة تسوية الخلافات فيما بينها بالطرق السلمية وفقًا لأحكام الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة.
-
التحذير أيضًا من التدخل الإسرائيلي في الشؤون الداخلية للدول العربية، ومنها تشجيع إسرائيل لأكراد العراق على الانفصال من الدولة العراقية من خلال حث حكومة أربيل على إجراء الاستفتاء في موعده.
-
التحذير من نشوب حرب في المنطقة مع تدخل إيران وتركيا لمنع إجراء الاستفتاء.
-
ضرورة دعوة الأمم المتحدة لاتخاذ موقف أكثر قوة تجاه عملية الاستفتاء،خاصة وأنه غير دستوري، وسيؤثر سلباًعلى الحرب على داعش كما جاء على لسان السكرتير العام للأمم المتحدة.