مقابلة ممثلي هيئة الأمم المتحدة لمراقبة الهدنة UNTSO
يناير 31, 2018جامعة الدول العربية : بين التحدي والانجاز بقلم د. حسين عبدالخالق حسونة
فبراير 9, 2018
بتاريخ 7 فبراير 2018، نظم المجلس المصري للشئون الخارجية مائدة مستديرة مغلقة بعنوان ” التطورات في سوريا ارتباطاً بالعملية العسكرية التركية في منطقة عفرين، وتداعياتها على مجمل الأوضاع في البلاد”، بحضور السفراء/ د.محمد البدري مساعد وزير الخارجية للشؤون العربية، د.منير زهران رئيس المجلس، د. عزت سعد المدير التنفيذي، ود. سيد أبو زيد، ود. مصطفى عبد العزيز، وإيهاب وهبة، و محمد توفيق و الدكتور رجائي فايد مدير المركز المصري للدراسات والبحوث الكردية، والدكتورة نسمة البطريق، والدكتور محمد أبو سلام مدير وكالة الفرات السورية بالقاهرة (الكردي).
-
بدأ اللقاء بترحيب رئيس المجلس بالحضور متناولاً مايحدث من عملية عسكرية تركية في عفرين، للقضاء على الأكراد والتي راح ضحيتها عشرات القتلى والجرحى من المقاتلين والمدنيين وإلحاق دمار كبير بمدن وقرى المنطقة، وعليه فتلك العملية تعتبر انتهاكاً سافراً لسيادة سوريا واستقلالها وسلامتها الإقليمية. وأضاف أن تركيا اعتمدت، في تبرير هذا العدوان، على حملة سياسية ودبلوماسية وإعلامية واسعة ضد وحدات حماية الشعب الكردية في منطقة عفرين، وربط ذلك بأنها حملة ضد حزب العمال الكردستاني التركي(PKK) والذي تعتبره تركيا تنظيماً إرهابياً ويرتبط بحزب الاتحاد الديموقراطي الكردي السوري. وتضمنت تصريحات الرئيس التركي بأن العملية اقتربت على الإنتهاء، في حين أكد بن علي يلديريم رئيس الوزراء التركي أن قوات بلاده لن تخرج إلا بعد تأمين تركيا ومواطنيها، وأن العملية ليس لها زمن محدد.
-
في بداية حديثه، أكد السفير د. محمد البدري مساعد وزير الخارجية للشؤون العربية أن الأوضاع في المنطقة العربية سيئة للغاية، ومنذ بداية اندلاع الأزمة السورية كان هناك تغير في اللاعبين على الأرض وسط انحسار لدور بعض القوى وظهور قوى أخرى، وكانت مصر غير مؤهلة في بداية الأزمة للعب دور للتهدئة في سوريا بسبب انشغال المجلس العسكري بالأوضاع الداخلية، ولكن مصر تلعب الآن دوراً هاماً بعد استقرار أوضاعها الداخلية . وأضاف السيد مساعد وزير الخارجية:
– أن التدخل الروسي في 2015 لعب دوراً هاماً في تغير الأوضاع على الأرض وسط تدخل قوات إيرانية وحزب الله بعد إنهاك الجيش السوري في معركة دمشق في فبراير 2012، وكانت القوى الغربية تستعد لتشكيل نظام جديد في ظل توقعات بانهيار نظام الأسد، بل أن فرنسا أعدت – حينئذٍ- قائمة بأسماء وزراء لتعيينهم وتشكيل حكومة جديدة، لكن التوقعات لم تكن صحيحة.
– أن تدخل الرئيس فلاديمير بوتين في سوريا كان لعدة أسباب، فبجانب المصالح التقليدية لروسيا في منطقة البحر المتوسط ووجود قواعد عسكرية لها في سوريا، كان الهدف الآخر هو تخفيف الضغط على روسيا بسبب الأزمة الأوكرانية ، كما أن هذا التدخل ساهم في الارتقاء بوضعية روسيا العالمية وظهورها كفاعل دولي قوي على الأرض.
-أن تبني موسكو مسار أستانا كان بسبب اليقين الروسي بأن المبعوث الأممي دي ميستورا لن يتعاطف مع الرؤية الروسية لحل الأزمة، وبالتالي ضمت عملية آستانا الدول الفاعلة في الأزمة، وكانت هناك رغبة روسية بأن تضم المفاوضات مصر، لكن تركيا رفضت فضلاً عن الرفض الإيراني لوجود السعودية والامارات، وعدم الترحيب بدور قطري نظراً للخلاف معها في سبل تسوية الازمة .هذا التعدد في المسارات أدى لوجود فوضى في موقف المجتمع الدولي وسط سعي كل الأطراف لإثبات دورها .
– أن اجتماعات آستانا 7 و8 لم تخرج بجديد، وكانت هناك رغبة تركية / روسية لمناقشة الدستور في آستانا وهو ماووجه برفض المجتمع الدولي والمعارضة السورية والسعودية. وكان الرد بعقد مؤتمر سوتشي لحشد كافة الجهود المؤتمرات السابقة الذي ضم 400 معارض سوري ، وكان الإجتماع مهزلة كبرى ولم تكن هناك قدرة للسيطرة على المعارضة ورفضت منصة الرياض المشاركة في المؤتمر و مناقشة الدستور، فيما أكدت منصة القاهرة أنه من الواجب المشاركة لكن لابد من احترام موقف الائتلاف الرافض للمشاركة ومناقشة الدستور، في حين اتفقت منصة موسكو مع منصة القاهرة حول أهمية المشاركة الفعلية، ولم يخرج المؤتمر بأية نتائج واضحة على الرغم من إعلان روسيا نجاح الغرب في الضغط على دي ميستورا لعدم حضور المؤتمر واشترط على الروس أن يتم تنظيم المؤتمر فقط لمرة واحدة حتى يحضره المبعوث الأممي ، وأكد الأخير في تصريحات له أنه سيتم عقد جنيف قبل مؤتمر سوتشي ليثبت أن سوتشي ماهو إلا جزءاً من عملية جنيف وتتويجاً لجهود المجتمع الدولي .
– أن المبعوث الأممي في وضع لايحسد عليه، فهو ممزق بين الأطراف الداخلية في سوريا والإقليمية والدولية والتي لها رؤى مختلفة ، ولكنه في الواقع يتمتع بحنكة وخبرة دبلوماسية واسعة ، ودائماً ما يؤكد على أهمية اتفاق أطراف المعارضة .
– فيما يتعلق بوثيقة واشنطن بشأن الأزمة السورية والتي أعدتها خمس دول هي (الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والسعودية والأردن)، واجتمعت مرتين الأولى في واشنطن والأخرى في باريس على هامش أعمال مؤتمر ملاحقة المسؤولين عن الهجمات الكيميائية في سوريا ، فهي تمثل خرقاً واضحاً للقرار الأممي رقم 2254 الذي سبق وأكد أن وضع الدستور الجديد هو من مسؤولية السوريين أنفسهم ،إلا أن الوثيقة تضمنت وضع خارطة طريق واضحة للدستور الجديد مع مناقشة تفاصيل صلاحيات الرئيس ورئاسة الحكومة والقضاء والأجهزة الامنية وكيفية تشكيل برلمان سوري، فضلاً عن الحديث عن تقسيم سوريا لمناطق تكون فها سلطات ذات صلاحيات في إطار اللامركزية، كما أن الورقة تفتقر إلى الآليات التنفيذية ولا تخرج عن كونها إطاراً لدعم المبعوث الأممي . ولايمكن التنبؤ أو استشراف المستقبل ، ولايعني إعلان الرئيس بوتين إنهاء العمليات العسكرية في سوريا نهاية الأزمة فطالما استمرت الأزمة الأوكرانية سيستمر التواجد الروسي في سوريا، وتتفهم الولايات المتحدة ذلك، إلا أن الغرب لن يتخلى عن موقفه حيال الأزمة الأوكرانية باعتبارها إحدى أدوات الضغط على موسكو كما أن هذه الأخيرة لن تقبل بأن تكون أوكرانيا ثغرة تقلقها.
– أكد مساعد الوزيرأن الخارجية المصرية لعبت دوراً هاماً في توحيد وفود المعارضة السورية، وفعلياً كان مؤتمر الرياض 1 يختلف عن الرياض 2 ، حيث تمكنت مصر في الأخير من توحيد المعارضة والتوصل إلى توافق بما يتيح المجال للحركة ، خاصة وأنه منذ اندلاع الأزمة وتحديداً في عامي 2012-2013 كان هناك خلاف واضح وتفتت بين فرنسا وقطر، إلا أن السعودية ومصر عملتا على توحيد مواقف المعارضة. وتمكنت المعارضة من التوصل لصيغة محددة في الرياض 2، وهو مالايعني أن المعارضة في أفضل حالاتها وبإمكانها تمثيل الدولة السورية وتشكيل أركان نظام جديد، خاصة وأن لكل منها أجندة خاصة يتم تنفيذها بتنسيق مع قوى إقليمية ودولية.
وفيما يتعلق بعملية (غصن الزيتون ) التركية في الشمال السوري وتحديداً في منطقة عفرين، أكد مساعد الوزيرأنها ليست المرة الأولى التي توجه فيها تركيا ضربات للشمال السوري، فالخلاف التركي السوري قديم ويعود إلى الخلاف حول إقليم الاسكندرونة ومصادر المياه ونشاط حزب العمال الكردستاني.
-
وحول الموقف الأمريكي تحدث السفير د. محمد توفيق عضو المجلس، متسائلاً حول ماإذا كان التواجد العسكري الأمريكي مرتبط بشكل كامل بالعنصر الكردي أم لا؟، حيث أكد أنه تاريخيا كان للموقف الأمريكي عنصران أساسيان: الأول قائم على عدم معارضة فكرة إقامة دولة كردية، ولكن ليس في الوقت الحالي وربما بعد 5 سنوات ، والعنصر الثاني: يتمثل في التخلي الأمريكي عن دعم الأكراد في مواجهة تركيا واختيار الأخيرة. إلا أن الجديد هو اعتماد واشنطن الكامل في تواجدها المادي في سوريا على العنصر الكردي، إلا أن هذا لايعني أيضا إمكانية وقوع مواجهة أمريكية / تركية من أجل الأكراد. وأضاف أن الدبلوماسية الأمريكية تعاني الآن من صعود نفوذ المؤسسة العسكرية الأمريكية وتأثيرها بشكل أكبر على صناعة القرار وسط ضعف مؤسسة الخارجية الأمريكية و جهاز المخابرات لأسباب داخلية أمريكية، وهو ماسيؤدي لاتباع سياسة تحجم الدور التركي وعدم التنازل عن موطئ قدم للولايات المتحدة في شرق سوريا.
-
أكد السفير مصطفى عبد العزيز ، عضو المجلس، أن هناك تساؤلات عدة، خاصة وأن الأزمة السورية لم تصل لمرحلة النضوج، فكيف لصراع أن يستمر لأكثر منذ 7 سنوات ولم تنهك أطرافه سياسياً ومعنوياً ، كما ترتبط المشكلة السورية بفراغ عربي أدى لتغلغل العديد من الأطراف، ولكي يكون لهم دور كبير في الأزمة السورية ولابد من استعادة الدور العربي وسط نظام عربي مهلهل ، وكيف يمكن استعادته لإحداث التوازن في تسوية الأزمة .
وأضاف أن الموقف المصري يحتاج لمزيد من الدخول بعمق في الأزمة لملء الفراغ العربي، وأن هناك أنباء عن تطورات للدور المصري في سوريا، ولكن لاتوجد شفافية أو معلومات كافية حول حقيقة هذا الدور وتفاصيله لمعرفة كيفية وضع رؤية استراتيجية للتحرك المصري، خاصة وأن هناك العديد من الأدوات لمعرفة كيف يمكن تحريك هذا الدور؛
– أوضح أن قرار تجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية مخالف للمادة الثامنة من ميثاق الجامعة ، وهو خطأ جسيم ولكن إبعاد سوريا من الجامعة العربية تم حينما كان الدور القطري في 2012 قوي وفاعل ،ولابد من التفكير في كيفية وتوقيت استعادة سوريا مقعدها في مجلس الجامعة.
– لابد من إعادة التفكير في كيفية إدارة حوار مع طهران، والكف عن تبني وجهة النظر الأمريكية والإسرائيلية في هذا الشأن، والتخفيف من الضغوط الحالية ومن حدة التصعيد ووضع رؤية جديدة لدول الجوار العربي وإقناع الخليجيين بأهمية تلك المسألة ولن تتحرك الأزمة في سوريا إلا بتحرك عربي.
– فتتت الأزمة المجتمع السوري والدولة السورية، وكانت الجماعات المتطرفة جزءاً من معادلة التخريب، وسط سماح تركيا وإسرائيل لقوافل داعش بشراء البترول السوري وتلقي العلاج في المستشفيات التركية، وهو مايدعو لضرورة محاسبة كل من ساهم في تفاقم الأزمة. فداعش صناعة غربية تركية، حيث لايمكن وصول 50 ألف مقاتل إرهابي لسوريا دون مراقبة وعلم المجتمع الدولي.
– تحاول الولايات المتحدة تحريك الملف الكيماوي ضد النظام السوري على الرغم من عدم وجود أدلة قاطعة لصحة تلك الاتهامات، وهي محاولة لتحقيق هدف سياسي لمزيد من الضغط على النظام السوري، ولابد من تفكير الجمعيات الأهلية في الدعوة لمحاسبة من ساهم في دخول المنظمات المتطرفة (العربية وغير العربية والتي ساهمت في التخريب) وتوثيق تلك الأدلة وتحريكها، والرد على أي افتراءات او الأكاذيب الغربية) .
– أن عدم إيجاد تسوية للأزمة السورية، سيزيد من أوضاع الدول العربية اشتعالاً، ويلزم وقف النزيف العربي، وعليه فقد آن الآوان للحديث بصراحة وشفافية مع دول الخليج ، وفيما يتعلق بالأزمتين السورية واليمنية فقد أوصلتنا السياسة الخليجية لحافة الهاوية، ولابد من التفكير مع دول الجوار (إيران وتركيا) وفتح حوار معهما لحلحلة الأزمة لأن كافة الأطراف قد أنهكتها المعارك والحروب.
-
وحول البعد الكردي في الأزمة، تحدث السيد محمد أبو سلام الكاتب والمحلل السياسي السوري الكردي ومدير وكالة أنباء الفرات بالقاهرة، الذي أكد أن الواقع على الأرض يحمل تفاصيل أكبر، وبشكل عام لو تمت مناقشة الأزمتين السورية والعراقية والدور التركي والإيراني لأصبحت المنطقة بكاملها تقع داخل مخطط غربي بدأ من اليوم الأول لدخول داعش في سوريا والعراق ، إلا أن صمود تلك الشعوب أفرغ المخطط الغربي- الإقليمي من مضمونه.
وأضاف أن منطقة عفرين كانت منطقة استقرار منذ اندلاع الأزمة وسط تنسيق بين القوات السورية والكردية، وهي مدينة صغيرة تبلغ مساحتها 3800 كم، وعدد سكانها 600 ألف في حين يبلغ عدد المهاجرين والنازحين 600 ألف، أطلقت تركيا مبادرة لمبادلة إدلب بعفرين وإخراج القوات والميليشيات المسلحة من إدلب لعفرين وربط عفرين بطرابلس وإقامة ولاية حلب مقابل تسليم إدلب لقوات النظام، وهي مبادرة شبيهة برغبتها في إقامة ولاية الموصل في العراق. وأضاف أن القوات الكردية في عفرين تمكنت من المقاومة على مدى 19 يوما وأفشلت الهجوم التركي، وهناك وثائق تثبت ذلك.
وفي ظل الغياب العربي ، هناك آمال سورية لتدخل مصري لحل الأزمة وغياب الدور المصري يفتح المجال أمام تركيا وإيران لملء هذا الفراغ. والنظام في سوريا ليس بالقوة الكافية بل هو مدعوم من روسيا وإيران والمقايضة على إدلب مقابل عفرين لن تتم إلا باتفاق روسي – تركي ، وتركيا لاتزال مدعومة من الجماعات الارهابية والجماعات المسلحة ، والقوات السورية النظامية والكردية هي المقاومة الأساسية لهذه الجماعات، وكلاً من روسيا وأمريكا يتنافسان لاستمالة القوات الكردية ، وقد غيرت الولايات المتحدة استراتيجية تعاملها منذ عملية عين العرب (كوباني) ، ولايوجد خلاف سوري / كردي بل ان القوات الكردية متحالفة مع النظام السوري .
وأضاف أنه يقع على عاتق مصر مسؤولية كبرى، على الرغم من التحديات التي تواجهها، وسط تهديدات تركية بالتنقيب عن النفط في شرق المتوسط وعدم اعترافها باتفاقية ترسيم الحدود بين مصر وقبرص لعام 2013، والتي زادت حدتها بعد افتتاح حقل ظهر، مشيراً إلى أن مهمة تركيا هي نشر الفوضى التي هي صناعة يهودية منذعام 1923 والجماعات الإسلامية في تركيا صناعة يهودية أيضاً، بل إن مصطفى كمال أتاتورك جاء لتنفيذ ذلك المخطط الصهيوني ، ومساندة إسرائيل.
وعلى مصر بذل جهوداً أكبر وتوفير الدعم (المعنوي) للأكراد في الحرب الحالية ودحر العمليات التركية في عفرين وسط التخاذل الدولي والسكوت عن تلك العملية في إطار الاستراتيجية المزدوجة لتركيا ، كما يجب على القاهرة تبني استراتيجية للعمل على إعادة الدمج الكردي في المنطقة العربية وعودة العلاقات التاريخية الطيبة مع الأكراد كما كان في عهد عبد الناصر. فقد كان الأكراد إحدى الدعائم الأساسية للوحدة بين مصر وسوريا، وجذبهم بعيداً عن التحالفات الغربية واستيعاب العرب للقوة الكردية الصاعدة بدلا من التصادم معها.
وطالب الكاتب الكردي، في ختام مداخلته، بدور عربي أكبر لمساندة سوريا والشعب السوري الذي يعاني، وتصحيح المفهوم المغلوط من أن الأكراد يسعون لتقسيم سوريا، وهذه الشائعات تنشرها القوى الداعمة للهدف التركي في سوريا سواء من المعارضة المسلحة أو الجماعات الاسلامية المتطرفة.
-
أكد د. رجائي فايد عضو المجلس، أهمية التعاون مع الأكراد بدلاً من أن يكونوا خصوماً للعرب، وأن العملية التركية الأخيرة هي نتيجة للتوجس التركي من قيام أي كيان كردي فيدرالي سوري على حدودها حرصاً على الأمن القومي التركي ، وذلك على خلاف موقفها من إقامة كيان كردي فيدرالي عراقي لأن مسعود برزاني أقام صفقات مع تركيا وقدم وعوداً بألا تكون كردستان العراق مهددة للأمن القومي التركي، في حين أن الفيدرالية السورية تعتبرها أنقرة مهددة لأمنها القومي، وبالتالي تريد إخلاء منطقة غرب الفرات من الأكراد خشية وجودهم في هذه المنطقة والتي ستكون على ساحل البحر الأبيض المتوسط لإنهاء الدولة الكردية الحبيسة وخلق امتداد لها على البحر. هذا وقد أعلنت تركيا أنها، بعد الانتهاء من عملية عفرين من منبج، تسعى لإنهاء التواجد الكردي في منطقة غرب الفرات، ولكن حتى الآن لم تستطع تركيا السيطرة على المدينة رغم القصف المدفعي ونشر الدمار بالمدينة.
وأضاف أن إيران بدأت بمطالبة تركيا بإنهاء عملياتها على الشمال السوري، وأن إطالة أمد الحرب ليس في صالح تركيا، فالقوة الكردية، على الرغم من أنها لن تتمكن من هزيمة تركيا، إلا أنه بوسعها منعها من تحقيق أهدافها وهذا مايحدث حالياً، فحتى لو تمكنت تركيا من السيطرة على عفرين ومنبج ستكون خسائر تركيا فادحة، خاصة أن توسيع العملية سيواجه بإدانة دولية.
وقد أيد د.رجائي فايد ماذكره المتحدث السابق بالمطالبة بدور مصري أكبر في رسم مستقبل الدولة السورية بالتعاون مع الأطراف الدولية الأخرى، مؤكداً ضرورة إعداد رؤية استراتيجية لتحقيق هذا الدور العربي.
-
أكد السفير إيهاب وهبة، منسق اللجنة الدائمة للشؤون العربية بالمجلس، أن الوضع في سوريا خطير للغاية، ولايستطيع طرف واحد أن يغير قواعد اللعبة تماماً. فاللاعبين يضمون قوات النظام السوري وحزب الله وإيران وروسيا وهذا عنصر أساسي وفاعل في الأزمة ، كما أن هناك القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة وكذلك الائتلاف بين تركيا وجماعات جهادية والتي دخل الجزء الأكبر منها عبر تركيا ، وعليه فالأزمة لم تعد قابلة للسيطرة وسط تعدد الفواعل الدولية.
وأضاف أنه لابد من دراسة كيفية التعامل مع تركيا خاصة وأنها لاتزال تريد إقامة دولة عثمانية ، قادرة على إشعال المنطقة، وفيما يتعلق بعفرين هناك 2000 جندي أمريكي هناك، وتساءل عن كيفية لعب مصر دور في حلحلة الأزمة في ضوء العلاقات التاريخية المصرية / السورية ، مؤكداً أنه لايمكن نسيان أن النظام السوري اقترف العديد من الآثام ضد الشعب السوري وسط وقوع ضحايا ووجود نازحين، فلايمكن تبرئة النظام من خطاياه والتي تبرز بشدة في دعوة روسيا للتدخل وإقامة قواعد عسكرية هناك ، في حين أنه كان بامكانه ترك الحكم وعدم السماح بوصول الأزمة للوضع الحالي، وبالتالي فلايمكن قبول العمل مع هذا النظام وسط استمرار تلك الاخطاء.
-
وتعقيباً على ماذكر، أكد السفير زهران أن دعم مصر لايعني دعم النظام السوري بل المقصود به دعم الشعب السوري واستقلال الدولة السورية وسلامتها الإقليمية.
-
أكد السفير مصطفى عبد العزيز، أن الحراك السوري بدأ بشكل سلمي، وكانت هناك سيطرة كاملة على الأوضاع، ولكن تدفق الأسلحة ودخولها للبلاد بكميات كبيرة، ووقوعها في أيدي المسلحين ودخول الجماعات المتطرفة أدى لتصعيد التوتر ووقوع اشتباكات بين الطرفين وبلغ عدد المقاتلين الأجانب على الأراضي السورية نحو 50 الف مقاتل .
وأضاف أن التدخل العسكري الروسي جاء لتعديل كافة الميزان التي اختلت على الأرض بسبب دعم قوى اقليمية ودولية للجماعات المسلحة وعدم قدرة النظام على السيطرة على الوضع، وهو مادعاه لمطالبة روسيا بالتدخل وقد أخطأ النظام ، إلا أن الجيش السوري عانى من فقدان الذخيرة خلال مواجهة الجماعات المتطرفة وسط دور تركي سلبي لتفتيت المجتمع السوري. وعليه فاللجوء السوري لروسيا كان محاولة من النظام لإنقاذ نفسه.
وأضاف أنه لابد من التفكير في طرح مبادرة لتشكيل قوة تدخل دولية تشارك فيها قوة عربية ، طبقاً للفصل السابع من الميثاق خاصة وأن مايجري في سوريا يعتبر تهديداً للسلم والأمن الدوليين .
-
أكد السفير سيد أبو زيد أن نقطة البداية هي الاستراتيجية العليا والمتمثلة في الأهمية التاريخية لتأمين منطقة الشام لتأمين المصالح المصرية، حيث تأتي الاعتداءات عليها من الشرق عادة. وأضاف أنه بالنظر للخريطة الاستراتيجية، فإن كافة توازنات القوى اختلت، فلم تعد هناك علاقات متوازنة ولاودية بين مصر والدول الإقليمية، مؤكداً ضرورة قيام القاهرة بلعب دور ملموس انطلاقاً من النظرة الاستراتيجية التاريخية، إلا أن الازمة السورية تفاقمت وأصبحت تشكل خطورة على المنطقة والحديث عن وجود أسلحة كيماوية في سوريا، هي ذريعة أمريكية، مثيلة لاستراتيجيتها في غزو للعراق.
-
تناول السفير د .عزت سعد مدير المجلس ، البعد التركي لعملية عفرين على النحو التالي:
-
أن العملية التركية عملية منطقية ويمكن تفهمها تماماً، من المنظور التركي على الأقل، ليس فقط من زاوية الكيفية التي يرى بها الأتراك الحرب في سوريا وآثارها على أمن الدولة التركية ذاتها، بل وأيضا من حيث جغرافية تركيا وهويتها وإشكالية تاريخها المضطرب مع القوى الكبرى.
-
ارتباطاً بما تقدم، لايمكن نسيان أنه في أكتوبر 2016 شكك أردوغان في معاهدة لوزان الموقعة عام 1923 التي رسمت حدود الدولة التركية الحديثة . وفضلاً عن ذلك لايجب تجاهل الوضع الاستراتيجي الهام لمنطقة عفرين التي لاتبعد أكثر من 40 كم عن ساحل البحر الأبيض المتوسط ووقوعها بالقرب من منطقة شرق الفرات الغنية بالنفط، وكل ذلك يثير مخاوف الأتراك من أن يقوم الأكراد في هذه المنطقة بمد خط انابيب للمتوسط وتصدير النفط الكردي وإمكانية تصدير النفط والغاز العراقي (الكردي) عبر هذا الخط، وذلك على حساب خطوط أنابيب جيهان التركية، علماً بأن نصف حقول النفط في سوريا على الاقل موجودة في مناطق كردية تسيطر عليها قوات حزب الاتحاد الديمقراطي السوري الكردي (PYD).
-
أن هناك تفهماً غربياً / روسياً للعملية التركية ولايجب أن يغيب عن الذهن الدور الانتهازي الأمريكي في سوريا، وأيضا الدور التركي والمعروف في كيفية إذكاء ودعم الارهاب هناك …إلخ.
-
أن التصعيد الحاصل بين تركيا وأمريكا بسبب العملية يصب تماماً في مصلحة روسيا التي يهمها الإبقاء على هوة عدم الثقة بين تركيا والغرب . وهناك حرص أمريكي واضح على احتواء تركيا لأهميتها الاستراتيجية للولايات المتحدة بصفة خاصة وللناتو بصفة عامة.
وبالتالي من المرجح، في مقابل تهدئة العملية ووضع نهاية لها، أن توافق واشنطن، أو تتعايش، مع إنشاء منطقة أمنية في عفرين بعمق 20 ميل، وهو ماكانت تطالب به تركيا منذ اشتداد وطأة الأزمة السورية قبل أعوام قلائل.
وقد خلصت الندوة إلى اقتراح رئيس المجلس، وأيده السفيران سيد أبو زيد وإيهاب وهبة، إصدار بيان عن المجلس بإدانة التدخل التركي في عفرين وانتهاكها لاستقلال سوريا وسيادتها الإقليمية. وقد أوضح السفير عزت سعد أن الوقت بات متأخراً جداً لإصدار مثل هذا البيان، بعد البيان الذي صدر عن وزارة الخارجية المصرية وحالة السيولة التي يتسم بها هذا الملف، وما يشهده من تطورات قد تجعل من مسألة إصدار المجلس بياناً محل تساؤل.