مشاركة السفير د. عزت سعد في ندوة بمعهد التخطيط القومي
فبراير 11, 2018ندوة حول “أفكار للنهوض بالقوة الناعمة المصرية”
فبراير 19, 2018
في 12 فبراير الجاري عٌقد بمقر المجلس حلقة نقاشية حول “مستقبل عملية السلام في الشرق الأوسط في ضوء إعلان ترامب القدس عاصمة لإسرائيل”، وذلك بمشاركة رئيس المجلس وعدد من أعضائه.
-
تناول الاجتماع سياسة الإدارة الأمريكية تجاه ملف عملية السلام وحديث الرئيس ترامب عن ما أسماه “صفقة القرن” ، وصولاً إلي إعلانه الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل مما أدي إلي تعقيد الموقف، والتي زاد منها سلسلة التدابير التي أتخذتها الإدارة الأمريكية للضغط علي الفلسطينيين لإجبارهم علي التفاوض ومن ذلك :
-
التهديد بإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن.
-
تخفيض الدعم الأمريكي المُقدم لوكالة “غوث” للاجئين، وهي الوكالة التي تقدم المساعدة للكثير من المحتاجين واللاجئين .
-
التهديد بقطع المساعدات عن السلطة الفلسطينة لأنها تقوم بدفع تعويضات ومعونات لأسر ضحايا الأسري الفلسطينيين، بدعوي أنهم إرهابيين في نظر الولايات المتحدة وإسرائيل.
-
في السياق عاليه، أشار بعض المشاركين إلي ما ذكره ترامب في حوار مع صحيفة”Israel Hayom” في 11 فبراير الجاري، من أنه لا يعتقد أن الفلسطينيين يحتاجون لسلام ولا الإسرائيليين أيضاً، كما أوضح أن المستوطنات تُعقد عملية السلام، حيث قال نصاً :
“We will be talking about settlements. The settlements are something that very much complicates and always have complicated making peace. so I think Israel has to be very careful with the settlements.”
وهي تصريحات قد يٌستفاد منها نوع من التراجع عن مواقف سابقة أو محاولة لإستعادة بعض التوازن في الموقف الأمريكي. وقد تمت الإشارة إلي أنه، في كل الأحوال، لابد وأن تكون هناك استراتيجية أمريكية واضحة أو مدروسة لتناول ملف عملية السلام في الشرق الأوسط.
-
تم طرح عدد من التساؤلات ، و الإجابة عليها ومنها :
-
إذا كانت الولايات المتحدة وسيطاً غير محايد في عملية السلام، وفقاً لما ذكره البعض – بحق – ومنهم الرئيس الفلسطيني، فهل يوجد أطراف أخري غير أمريكية تستطيع سد الفراغ مثل الإتحاد الأوروبي والصين وروسيا ؟ في هذا السياق أشار البعض إلي أنه بوسع روسيا الإضطلاع بدور رئيسي في عملية السلام إذا أرادت ذلك، خاصة في ضوء تدخلها العسكري في سوريا والذي يعد تحولاً في سياسة روسيا الشرق أوسطية. ويري البعض أن هذا التدخل، غير مكلف كثيراً لموسكو، ولا يمكن القياس عليه في ضوء الهدف منه والمتمثل في توجيه رسالة للغرب بأن روسيا ليست في عزلة دولية بسبب العقوبات المفروضة عليها بعد الأزمة الأوكرانية وضم القرم، فضلاً عن حقيقة أن موسكو تتمتع بعلاقات ممتازة مع إسرائيل منذ تولي بوتين الحكم عام 2000.
-
هناك اتصالات جارية بين بعض الدول العربية، وعلي رأسها السعودية، وإسرائيل، فهل هذا وقته؟ وهل هذا يفيد القضية أو أنه يزيد من تعقيد الموقف؟ وهناك تصريح لترامب يعترف فيه بأن بعض الدول العربية كانت علي علم بقرار ترامب الخاص بالإعتراف بالقدس. وهناك أخبار تتداول بلقاء جمع الرئيس محمود عباس ومحمد بن سلمان ولي عهد السعودية ، حيث طلب الأخير من الأول أن يقبل بأي تسوية تفرضها واشنطن، وأن الشواهد تبعث علي الإعتقاد بأن ولي العهد السعودي متأثر بالأمريكان ويمهد معهم ” لصفقة القرن”.
-
هل هناك إمكانية لإتخاذ إجراءات واضحة، دبلوماسية مثلاً ، إقتصادية، للرد علي أمريكا بعدم رضاء الدول العربية عن سياستها؟ في هذا السياق أثني بعض المشاركين علي قرار أبو مازن برفضه لقاء “مايكل بنس” نائب الرئيس الأمريكي خلال جولته الاخيرة للمنطقة.
-
هل يمكن أن نلجأ للامم المتحدة، مرة أخري، تحت بند “الاتحاد من أجل السلام” لتوقيع عقوبات مثلاً، وما مدي الزامية قرار الجمعية العامة حول القدس رقم “A/ES-10/L.22” بتاريخ 21 ديسمبر 2017. والذي وافقت عليه 128 دولة. فقد أكد أن إسرائيل سلطة احتلال وأدي إلي عزلة أمريكا، خاصة وأن حلفائها الكبار لم يصوتوا لصالح موقفها. وفي هذا السياق، تمت الإشارة إلي الأتي بصفة خاصة :
-
أن هناك عدم ادراك من جانب ترامب للجوانب القانونية للملف الفلسطيني ولوضع مدينة القدس بصفة خاصة، فعندما ادعي بأن موضوع القدس لن يناقش علي الطاولة، وقبل ذلك قال أن القدس عاصمة لإسرائيل إلا أن الموضوع يدخل في المفاوضات، إذن هناك تناقض والصورة مشوشة في ذهن الرئيس الأمريكي.
-
أن مصر قدمت مشروع قرار تم تبنيه في مجلس الأمن من قبل 14 عضواً وإعتراض أمريكا ، ثم تم اللجوء للجمعية العامة وصدر منها قرار بأغلبية 128 صوت. ثار هنا جدل قانوني وقال البعض إن هذه مجرد توصية ليست لها قوة إلزامية، والبعض قال أن لها قوة الإلزام ويمكن فرضها وفقاً لميثاق الأمم المتحدة. ولا شك ان قرارات الجمعية العامة تختلف عن قرارات مجلس الامن، لكن حتي القرارات العادية/ التوصيات، عندما يعاد تأكيدها عام بعد أخر يصبح لها حجية قانونية وتصبح بمثابة عرف قانوني دولي.
-
كما ان المادة 18 فقرة 2 من الميثاق تنص علي الأتي :
“Decisions Of The GA on Important Questions Shall be made by a two-third majority of the members present and voting.”
-
إن موضوع القدس عبأ العالم ضد أمريكا وكشفها. ولكن كل ذلك للأسف هي طفرة مؤقتة. فالجميع مازال ينتظر التطورات، وإقليمياً تراجعت أولويات الدول أيضاً، ففي مصر الأولوية هي للأمن القومي والقضاء علي الإرهاب والسعوديين والاماراتيين أولويتهم هي إيران والمشرق العربي مشغول بالحرب في سوريا والمغرب العربي له همومه الخاصة ومشكلة الصحراء الغربية، وبالنسبة لأبو مازن فهو يقول بأن أمريكا لم يعد لها دور، لكن يزعم البعض بأنه عملياً لن يكون هناك حل لعملية السلام بدون الولايات المتحدة “الدور الأمريكي لابد من منه” أما باقي القوي الاخري فدورها لن يتعدي كونه ضاغطاً.
وفي النهاية لن يكون هناك حلاً إلا داخلياً،
-
داخل فلسطين: لابد من مصالحة بين الأطراف الفلسطينية ووضع قضيتهم موضع الاهتمام.
-
داخل إسرائيل: تقوية معسكر السلام علي حساب معسكر اليمين المتطرف الحاكم حالياً
-
داخل الولايات المتحدة: لابد أن تعلق أصوات المحبين للسلام داخل الإدارة الامريكية علي أصوات مؤيدي ترامب.
4- الموقف في المرحلة القادمة، تم طرح مجموعة من النقاط منها:
-
ضرورة قيام الدول العربية بالنظر في بدائل للصيغة التي جرت بها محادثات السلام منذ العقود الماضية، والتي كانت الولايات المتحدة تقوم فيها بدور محوري. أكد البعض أن وساطة الولايات المتحدة الامريكية مسألة حتمية ولن تستطيع أي قوة أخري ملء هذا الفراغ . فالولايات المتحدة هي من توسط في عملية السلام بين إسرائيل ومصر ومع الاردن، كما أن هناك وديعة رابين مع سوريا عام 1994 -1995 قبل إغتياله، ووديعة أولمرت 2007 . حتي مفاوضات مدريد عام 1991 تمت تحت ضغوط الولايات المتحدة . إذن كل تلك المعاهدات والمبادرات كانت أمريكا وسيطاً أساسياً فيها. حتي وإن كانت الولايات المتحدة وسيطاً غير نزيه أو غير محايد لكن لا يمكن استبعاد دورها في مسار عملية السلام، لانها الدولة الوحيدة في العالم القادرة علي الحوار الجاد والناقد وممارسة الضغط علي إسرائيل.
-
اللجوء إلي الأمم المتحدة باعتبار ان القضية الفلسطينية تم تناولها في ساحتها وصدور عشرات القرارات منها سواء من مجلس الأمن أو الجمعية العامة، ومن المتوقع أن تقاومه الولايات المتحدة بشدة.
-
إحياء صيغة الرباعية بعد استبعاد الولايات المتحدة لتصبح ثلاثية من الاتحاد الروسي والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، مع إمكانية إضافة قوي أخري. وفي هذا الصدد تمت الاشارة إلي الدور الغائب للصين .
-
تنشيط المبادرة الفرنسية التي تقوم علي عقد مؤتمر دولي حول تسوية القضية الفلسطينية.
-
أن عملية السلام في المنطقة يجب أن تشمل أيضاً الأراضي السورية المحتلة في الجولان والأراضي اللبنانية التي ما زالت تحت الاحتلال في مزارع شبعا وكفر شوبا.
-
أن احد الأخطاء الفلسطينية تحديداً ، ثم العربية ، هو الاستسلام لوقف التفاوض، فالتفاوض هو السلاح الوحيد الذي تفهمه إسرائيل والذي يساعد علي توليد قوة دفع في إسرائيل. وخلص هذا الرأي إلي القول بأن خطأ أبو مازن الشديد هو التوقف عن التفاوض، وأنه لابد من إستئناف المفاوضات مع إسرائيل في أقرب وقت ممكن من خلال وساطة أمريكية. فالأداة الوحيدة التي يمكن أن تخلق تأثير وقوة دفع هي المفاوضات.
5- كيف نستأنف المفاوضات. في هذا الصدد تمت الاشارة إلي الأتي :
-
لابد من إيجاد موقف عربي موحد للقضية الفلسطينية، نقول للعالم بأن العرب متمسكين بالسلام وحريصيين علي السلام، ونحتاج اليوم لهدف لإستئناف المفاوضات. وإذا لم نتحرك كعرب بصورة واقعية لإستئناف المفاوضات طبقاً لرؤية واضحة ومنظمة فلن نحدث أي تغيير في الموقف.
-
هناك واجب علينا حيث أن القضية قضيتنا ، ونحن نعلم من البداية أن الجانب الأمريكي منحاز تماماً لإسرائيل ، فالذي يحكم اليوم هو اليمين الصهيوني ، وعلينا ألا نتوقع منه الكثير. ومن الواضح أن الولايات المتحدة لا تشعر اطلاقاً ان مصالحها في المنطقة مهددة بسبب انحيازها لاسرائيل، وأنها عندما أعلنت أن القدس عاصمة لاسرائيل كانت تعلم يقيناً أن مصالحها مع العرب لن تتأثر سلباً.
-
التعقيبات
-
لا يوجد توازن حقيقي للقوي في المنطقة، فهناك دعم قوي لإسرائيل من جانب الولايات المتحدة الامريكية وتعاطف أوروبي معها، لا يقارن بالدعم العالمي لفلسطين .
-
لم يحدث، إلي الان، مسايرة من الدول الأوروبية لقرار ترامب ولم تنقل سفاراتها إلي القدس (وهو ما يُشكل بارقة أمل) ، ونقطة يمكننا الإنطلاق منها.
-
الخلافة الفلسطينية (من سيأتي بعد عباس) موضوع مهم جداً، فأبو مازن يريد أن لا يسجل التاريخ أنه باع القضية الفلسطينية.
-
أن إستمرار التفاوض هو الحل، لكن أبو مازن ربما يخشي من الفلسطينيين أنفسهم إذا تحدث عن موضوع التفاوض، فمن الممكن أن ينقلب عليه الفلسطينيون. وبالتالي ستفشل المصالحة.
-
احتمال أن تُعزل أمريكا من قبل الدول الأوروبية والدول العربية، فتلك الدول وغيرها لم تنقل سفاراتها إلي القدس حتي الأن.
-
أن إسرائيل ليست في أوج قوتها فأخيراً قامت قوات الدفاع السورية بإسقاط طائرة إسرائيلية كانت قد أخترقت الأجواء السورية.
-
موضوع التفاوض لن يجدي، بل لابد من ان نوصل لأمريكا اننا لا نقبل بقراراتها، كما يجب أن تشعر بأن مصالحها مهددة.
-
وحول مقاطعة الولايات المتحدة من جانب الدول العربية فإنها ستقود إلي بلبلة نحن في غني عنها، فهذا دور المجتمع المدني فهو الذي يملك القدرة علي التأثير في القاعدة الجماهيرية للشعوب بينما الحكومات مقيدة ويصعب مقاومتها للضغوط الأمريكية.
-
التوصيات
خلصت الحلقة النقاشية الي عدد من التوصيات، وخاصة :
-
أن قمة الرياض القادمة يمكن أن تشكل نقطة حقيقية للتحرك لدفع عملية السلام في الشرق الأوسط .
-
أهمية إستئناف المفاوضات مع إسرائيل في أقرب وقت ممكن من خلال أي وساطة ولتكن بوساطة أمريكية. فالأداة الوحيدة التي يمكن أن تخلق تأثير وقوة دفع هي اداة المفاوضات.
-
بالنسبة للرباعية يقترح أن تكون خماسية بضم الصين، تشجيعاً لها علي الانخراط في عملية السلام، في ضوء مبادرتها ذات النقاط الأربع التي طرحتها في يوليو الماضي، ويمكن للسيد وزير الخارجية أن يفاتح الجانب الصيني في هذا الشأن قبل طرح الفكرة رسمياً.
-
ضرورة التنسيق والتعاون الوثيق مع الدول التي أظهرت تعاطفاً مع الموقف الفلسطيني منذ الإعلان عن القدس عاصمة لإسرائيل، لأنه من المهم البناء علي هذه البوادر الإيجابية. وأن يكون هناك وفد عربي يزور هذه الدول ويؤكد تقديره لهذه الدول واستمرار التعاون معها.
-
النظر في تطبيق إجراءات المقاطعة علي مستوي منظمات المجتمع المدني العربي، وبصورة غير رسمية وهادئة.
-
وأخيراً فإن القمة العربية القادمة في السعودية فرصة يجب أن ينتهزها زعماء وقادة العرب لبلورة موقف عربي موحد وقوي للرد علي القرار الأمريكي، ففي أيديهم حلول كثيرة، تنقصها فقط القدرة والرغبة والارادة السياسية.