ندوة سوريا… سيناريوهات ما بعد الحسم
سبتمبر 26, 2018الأوضاع في المنطقة العربية
أكتوبر 11, 2018
في إطار الإعداد للقاء الأمين العام لجامعة الدول العربية، السيد/ أحمد أبوالغيط، يوم 22 أكتوبر بأعضاء المجلس، للحديث عن “العمل العربي المشترك في ظل واقع متغير”، استضاف المجلس إجتماعاً يوم الخميس الموافق 11 أكتوبر 2018، بمشاركة عدداً من أعضائه[1]، وبعض الخبراء من غير أعضاء المجلس، حيث جرى نقاش حول الأوضاع في المنطقة العربية، بهدف بلورة بعض الأفكار التي قد يتطرق لها اللقاء مع السيد/ أحمد أبو الغيط، الأمين العام للجامعة العربية.
وقد تناول المشاركون: البيئة الدولية والجامعة – المؤثرات على أداء الجامعة- القوى الإقليمية والصراع العربي/ الإسرائيلي – الموقف المصري والتغلغل الإسرائيلي في إفريقيا ومساعدات إسرائيل تكنولوجياً لتلك الدول . وقد ساهم السيد السفير/ سيد قاسم المصري بورقة، (مرفق 1)، أرسلها للمجس معتذراً عن عدم إمكانية المشاركة لظروف صحية.
أولاً: البيئة الدولية والجامعة:
-
أكد الحاضرون أن العالم العربي يشهد فترة حرجة وغير مسبوقة تحمل في طياتها تحديات خطيرة على المنطقة برمتها، فبدءاً من حرب اليمن وما يحدث في سوريا، وانتهاءاً بالقتل الغامض للصحفي السعودي المعارض “جمال خاشقجي”، تتعدد التحديات التي تواجه عالمنا العربي، والتي يمكن مناقشتها مع الأمين العام، ويمكن تلخيص بعض منها في الآتي:
-
موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من القضية الفلسطينية، وقراراه نقل السفارة للقدس، وإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، وتخفيض المساعدات، وقطعها عن الانروا. وفي المقابل سكوته التام عن أي أفعال عدوانية ترتكبها إسرائيل. وهذا يحتاج لموقف عربي قوي إضافة لإتخاذ العديد من الإجراءات وربما التهديدات إزاء مواقف ترامب العنترية. أيضاً يمكن للعرب التحرك في إطار الاتحاد الأوروبي وذلك بالتنسيق معه ومع الجانب الروسي.
-
ما صدر عن ترامب ومازال يصدره حتى هذه اللحظة من تصريحات ضد السعودية، ومطالبتها بدفع مقابل للحماية الأمريكية لها، واستخدمه لفزاعة إيران من أجل استنزاف ثروات الخليج، ومؤخراً طلب من السعودية 2 مليون برميل نفط إضافي. في وقت يعاني فيه الاقتصاد السعودي من تحديات جمة ناجمة عن مشاركتها في حرب اليمن.
-
تصرفات النظام السعودي الغير محسوبة، بدءاً من الحصار الذي فرضته على اليمن، والذي خلف عشرات الآلاف من الضحايا، إضافة للموقف السعودي من النظام القطري، وحتى تصرفاتها مع كندا كان تصرف غير عقلاني.
-
وفيما يتعلق بمصر، رأى الحاضرون أن مصر يجب أن يكون لها موقف يتناسب مع حجمها ومكانتها التاريخية.
ثم تطرق الحديث عن الجامعة العربية، والتحديات التي تواجهها سواء على صعيد تطويرها أو على صعيد موقفها من القضايا العربية، مما يحد من قدرتها على التأثير الفعال.
وكان هناك توافق عام على المشاكل والتحديات التي تواجه العمل العربي، والمحصلة أن سقف أداء الجامعة العربية أدنى بكثير من سقف التحديات الموجودة. والجامعة العربية ليست مسؤولة عن ذلك.
ثانياً: المؤثرات على أداء الجامعة:
الجامعة العربية بها عيبان بنيويان يحدان كثيراً من أي إمكانية للنهوض بدور عربي،( مرفق مداخلة الدكتور أحمد يوسف أحمد)، هما:
-
أمانة الجامعة مبنية على الحكومات، السيادة القطرية، على سبيل المثال في تعيينات الجامعة العربية، الأولوية تكون لإختيارات الدول، فالجامعة لا تعين موظفين استناداً إلى الكفاءة ولكن التعيين يتم بناء على اختيارات الدول.وبالتالي حال الدول العربية ينضح على تركيبة أمانة الجامعة.
-
ميزانية الجامعة مبنية على سطوة المال، دول مثل السعودية والإمارات والكويت وقطر تدفع كثر من نصف الميزانية، وبالتالي عندما تمتنع تلك الدول عن الدفع غضباً لموقف ما صدر من الأمين العام أو المجلس، هنا يتوقف كل شيء، ويتراجع أمام سطوة المال.
-
ومن تبعات سطوة المال أن الدول الخليجية تسيطر على ¾ مديري المنظمات العربية.
-
ونتيجة لذلك فالجامعة في موقف لا تحسد عليه، وفي المعترك العالمي لا دور لها ولا تأثير يذكر. بينما تظل قدرة الأمين العام على التطوير محدودة للغاية بسبب هيمنة الدول صاحبة النفوذ المالي على قرارات الجامعة. ونظرتهم للأمين العام على أنه “موظف إداري” ينفذ ما يطلبه بعض الأعضاء.
-
ومما يدل على ضعف موقف الجامعة أن المندوب السوري لم يسمح له حتى اليوم بشغل مقعده، وذلك رغم بقاء النظام السوري قوياً وفعالاً في الحكم، وما زال معترف به في الأمم المتحدة، لكن نتيجة لرغبة بعض الدول – التي تتخذ موقف معادياً للنظام السوري- لا يزال مقعد سوريا في الجامعة شاغراً.
-
وفيما يتعلق بموقف الصحفي “جمال خاشقجي”، فهو وإن كان صحفي معروف إلا أن هذا الحدث أخذ أكثر مما يستحق، فهذا الصحفي معروف بميوله المعادية وصلاته القوية بالإخوان المسلمين، ولم يثبت حتى الآن أن السعودية هي من اغتالته. ومسألة خاشقجي تشابه مسألة مقتل “ريجيني” الصحفي الإيطالي في مصر. وهي في النهاية ورقة تستخدمها الولايات المتحدة لابتزاز السعودية.
ثالثاً: القوى الاقليمية والصراع العربي- الإسرائيلي
-
هناك سكون يخيم على الدول العربية، فعدد منها إما مشغول بوضعه الداخلي وآخرون تربطهم علاقات مع إسرائيل.
-
لكن هناك سياسات أخرى يمكن للجامعة أن تتخذها بدون أن تسبب أي إحراج، على سبيل المثال، إسرائيل ترتكب مخالفات قانونية وإنسانية غير معقولة، وهنا يمكن التساؤل عن، أين الدور الإعلامي لجامعة الدول العربية؟ وأين دور الجامعة العربية في المصالحة الفلسطينية؟ لماذا لا يوجد أي إجراء عقابي عربي ضد أمريكا نتيجة دعمها لإسرائيل؟ والإجراء العقابي هنا يتمثل في أمور شديدة الرمزية وغير مباشرة يمكن تبنيها مثل استيراد الأسلحة من دول أخرى غير الولايات المتحدة، وإعلان موقف رافض من صفقة القرن.
-
لابد أيضاً من إعادة إحياء “مبادرة السلام العربية” على أن تتبناها الجامعة، فالحديث عن سلام فلسطيني-إسرائيلي لم يعد كما كان في السابق، وإسرائيل لن تأخذ ذلك على محمل الجد، فإسرائيل الآن أقوى بكثير من العرب الذين يعيشون في حالة تفكك وصراعات. وبالتالي الأهم وقبل كل شئ هو أن يكون هناك سلام بين العرب أنفسهم.
-
حول العلاقة بين القوى الإقليمية، أوضح الحاضرون أن الجامعة تميز بين الخطر التركي والإيراني، فهي تركز بشكل كبير على الخطر الإيراني وهو حقيقي. رغم أن الخطر التركي أشد وأخطر.
-
وإن كان هناك مشروع وخطر إيراني فلا خلاف على ذلك، لكن هل يمكن أن يكون هناك بدائل أخرى للتعاون مع إيران غير التصعيد؟، التصعيد ليس في صالح الدول العربية، لأنه سيفتح الباب واسعاً أمام قوى أخرى للوقيعة بين الطرفين. وربما يكون هذا الوقت هو الأفضل من أجل طرح بدائل أخرى – بخلاف التصعيد – للتعامل مع إيران.
-
إيران وإن لم تهزم في حرب اليمن ولكن في المقابل لم تستطع فرض إرادتها، كما أن إيران لديها مشاكل داخلية حقيقية اقتصادية وغير اقتصادية. وبالتالي هذا هو المناخ والذي نستطيع من خلاله بشكل أو بآخر أن نطرح بديل للتصعيد مع إيران، قائم على التعايش المشترك.
-
يستطيع العرب التعامل مع إيران والاتفاق بينهما على حماية المصالح، مثلما فعل ترامب مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون.
رابعاً: الموقف المصري:
-
الموقف المصري متميز، إذ نأت مصر بنفسها عن مواقف السعودية، وهذا تجلى في الصراع السوري، كما قامت بدور إيجابي في الصراع الليبي، وشاركت مشاركة رمزية في اليمن.
-
آن الآوان لتنشيط السياسة المصرية، وذلك لأن البدائل السعودية للسياسات العربية ثبت فشلها فشل ذريع. السعودية فشلت في سوريا واليمن والتصعيد مع إيران فشلاً ذريعاً.
-
ومصر تستطيع ان تكون رأس حربة وتفرض بدائل عديدة، وذلك انطلاقاً من :
-
انقسام مجلس التعاون الخليجي.
-
فشل السياسات السعودية في القضايا العربية.
-
ويمكن لمصر أن تدفع الجامعة العربية بأن تفكر في توظيف المجتمع المدني لأن يفعل ما لا تستطيع الجامعة كدول وكأمانة فعله.
خامساً: التغلغل الإسرائيلي في أفريقيا، ومساعدات إسرائيل تكنولوجياً لتلك الدول:
-
في كثير من المنصات الدولية غالباً ما يكون تصويت الدول الإفريقية متوائماً مع المصالح والأهداف الإسرائيلية. فالعديد من الدول الإفريقية امتنعت عن التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة فيما يتعلق بنقل السفارة الأمريكية للقدس.
-
وبالتالي فالجامعة العربية يجب أن يكون لها دور فيالاستفادة من ذلك وأن تسعى لأن يكون لها مندوب خاص بشئون إفريقيا.
-
اتفق الحاضرون على أن الجامعة تواجه تحديات مؤسسية كبيرة، وأن ثلاث أو أربع دول عربية تربطهم علاقات قوية مع إسرائيل وواشنطن، يتحكمون في قرارات الجامعة. وهم من يكتبون أجندة الجامعة.
-
ومن الناحية العملية من الصعب أن يكون لمصر دور كبير في استمرار النظام الحالي للجامعة، والتفكير يجب أن يكون من خارج الجامعة العربية.
-
وفيما يتعلق بالحوار مع إيران، فالتحدي يرتبط بوجود دول رئيسية في الجامعة تتبنى موقفًا عدائيًا بالنسبة لإيران مثل السعودية، ويجب الفصل بين علاقات العرب مع إيران والمنافسة بين السنة والشيعة، وبالتالي من الصعب إجراء حوار عربي-إيراني. وإن كان الحاضرون يؤيدون ضرورة إقامة حوار بين مصر وإيران والذي يمكن أن ينشط في البداية من خلال منظمات المجتمع المدني مثل المجلس المصري للشئون الخارجية، في ضوء زيارة ومبادرة رئيس قسم رعاية المصالح الإيرانية مع رئيس المجلس.
-
أيَد الحاضرون اقتراح أن تنظم الجامعة اجتماعاً يضم الاتحادات العربية المختلفة.
-
وإن كان هناك تراجعاً في العمل العربي المشترك على الصعيد السياسي، فيجب أن يكون هناك عمل عربي علي المستويين الاقتصادي والتكنولوجي.
ملحق (1) كلمة السفير سيد قاسم المصري بعنوان “العرب البائدة بین الحقائق المزيفة وأوهام العودة”
ترامب ومعاونوه وإدارته مغرمون بكلمات fake وFalse أي مزيف ومفبرك ومزور.. فكل ما ينشر عن فضائحه الجنسية والسياسية هى أنباء مزيفة fake news وكل نقد لسياساته هو نقد مزيف وهي عبارة عن أكاذيب، والآن أصبحت مشكلة القدس ومشكلة اللاجئين الفلسطينيين من الحقائق المزيفة false realities، وفقاً لتصريحات جاريد كوشنر، زوج إيفانكا ترامب ومستشار الرئيس الأمريكى المكلف بملف الشرق الأوسط.. ففي الكلمة التي ألقاها بمناسبة مرور 25 عاماً على اتفاق أوسلو.. ذكر أن الخطوات التى اتخذتها إدارة ترامب سواء تجاه القدس أو اللاجئين الفلسطينيين «ستساعد على إتمام صفقة السلام وليست ــ كما يقال ــ ستعرقل الوصول إلى السلام»، وأضاف فى حديث مع جريدة نيويورك تايمز:
“لقد تم خلق حقائق زائفة كثيرة وأصبح الناس يقدسونها وكان من الضروري إزاحتها من الطريق وهو الأمر الذي لم تجرؤ أن تفعله إدارة أخرى. فبعد أن أزاح ترامب قضية القدس من على طاولة التفاوض ــ حسب تعبيره ــ وذلك بإعطائها كاملة إلى إسرائيل، شرع في إزاحة قضية اللاجئين، وذلك من خلال تصفية الأونروا (وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين)، من خلال سحب التمويل عنها ثم المطالبة بإعادة تعريف اللاجيء حيث يقتصر التعريف على أولئك الذين نزحوا من فلسطين عام 1948 (وعددهم لا يتجاوز نصف المليون، والباقون على قيد الحياة منهم حالياً هم نسبة ضئيلة من هذا الرقم بينما يتجاوز العدد المسجل في الأونروا الآن الخمسة ملايين لاجئ (باحتساب النمو الطبيعى، الأولاد والأحفاد).
وإن كان لإدارة ترامب ميزة واحدة فهي الوضوح، فهم لا يغلفون سياساتهم، ولا يخفون أهدافهم، فقد صرح كوشنر بأن وجود الأونروا يرسخ أوهاماً لدى الفلسطينيين بإمكان العودة إلى بيوتهم التي تركوها إبان حرب1948.
ووفقاً لجريدة نيويورك تايمز “فقد اقترح كوشنر إعادة توجيه الأموال التي كانت تعطي للأونروا وإعطائها إلى الحكومة الأردنية لخدمة اللاجئين لديها بشرط قبولها عدم التمسك بحق العودة للاجئين وهو الأمر الذي رفضته الأردن.. والمبلغ كله الذي حجبته الولايات المتحدة عن الوكالة هو 360 مليون دولار وهو لا يصل إلى ثمن يخت من اليخوت التى يشتريها أمراء البترول أو لوحة زيتية للتعليق على الجدران”.
ولكن حجبه المفاجئ عن الوكالة أدى إلى تقليص خدماتها التعليمية (300 ألف طفل فى مراحل التعليم المختلفة) والصحية والإغاثية.. وأدى إلى الاستغناء عن ألف موظف بين مدرس وعامل.. وما زالت وكالة الغوث تستغيث المانحين لزيادة مساهمتهم لتعويض العجز، وقد استجابت دول أوروبية بمبالغ متواضعة بينما صرح مفوض الأونروا بيير كرينبول أن الوكالة فى حاجة إلى 445 مليون دولار لكي تستمر فى خدماتها وأن دول البريكس الخمس (البرازيل والهند والصين وروسيا وجنوب إفريقيا) رفعت مساهماتها إلى 18 مليون دولار كلاً منها، وأن السعودية والإمارات والكويت رفعت مساهماتها إلى 50 مليون دولار كل منهم، وما زالت الفجوة كبيرة، وما زالت الدول العربية عاجزة أو خائفة من سد الفجوة التى لا تمثل شيئا يذكر بالنسبة لهم، وذلك حتى لا تثير غضب البيت الأبيض وساكنه المتهور.
لم تكتف إدارة ترامب بوقف مساهمتها في ميزانية الأونروا بل أوقفت جميع المساعدات التى كانت تقدم للسلطة الفلسطينية عدا مبلغ 42 مليون دولار لتغطية جوانب التعاون الأمني مع إسرائيل، كما أغلقت مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن.. وأعلن كبار المسئولين بإدارة ترامب أن الاجراءات المتخذة لعقاب الفلسطينيين ستؤدي إلى قبولهم لصفقة السلام (صفقة القرن كما أصبحت تعرف أو صفقة تصفية قضية فلسطين كما هي في الواقع).
إذن المسألة كلها هي إسرائيل.. هكذا اختتم المعلق تقريره في قناة «سى إن إن» بقوله:”So it is all about Israel” وكان التقرير الإخباري حول التصريح الذي أدلى به جون بولتون مستشار الرئيس الأمريكي لشئون الأمن القومي والذي هاجم فيه بشدة المحكمة الجنائية الدولية واتهمها بأنها محكمة غير شرعية وتشكل تهديداً لسيادة أمريكا ومصالحها وأمنها القومي وهدد بتوقيع عقوبات على قضاة المحكمة والمحامين بها إن هى مضت في التحقيق فى «مزاعم» جرائم الحرب التى تزعم أنها ارتكبت بواسطة أمريكا وحلفائها.
ومضى في تهديداته قائلاً:” بأن الولايات المتحدة لن تتعاون مع هذه المحكمة وستصادر أموالها وستحاكم قضاتها أمام المحاكم الأمريكية”.
فما الذي أثار أمريكا ضد هذه المحكمة الدولية إلى هذا الحد؟ وهي المحكمة التي تضم 122 دولة في عضويتها من بينهم معظم حلفاء أمريكا. وتربطها معاهدة بالأمم المتحدة ونظامها الأساسي يعطي لمجلس الأمن اختصاصاً وسلطاناً عليها، حيث له الحق فى إحالة قضية لها أو مطالبتها بوقف نظر قضية، كما أن معظم الدول الغربية ليسوا فقط أعضاء بها بل كانوا وراء إنشائها ومن أشد المتحمسين لها خاصة بريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا ودول الشمال.
صحيح أن أمريكا عارضت إنشاء المحكمة وكانت تخشى تعرض جنودها المنتشرين فى بقاع الأرض لتهم ارتكاب جرائم حرب أو إبادة أو جرائم ضد الإنسانية، ولكن الولايات المتحدة أخذت تعهدات مكتوبة من عدد كبير من الدول ــ من بينهم مصر ــ يتعهدون فيها بعدم استخدام هذه المحكمة ضد الرعايا الأمريكيين، وصحيح أن المدعية العامة للمحكمة أعلنت أنها لا ترى مانعاً من التحقيق فى ادعاءات التعذيب والجرائم الأخرى التي ارتكبت في أفغانستان سواء من جانب القوات الأمريكية أو طالبان أو قوات حقان.
ولكن ذلك كان في نوفمبر من العام الماضى أي 2017 ولم يحدث شيء من ذلك الحين، فما الذي قلب كيان أمريكا إلى الحد الذي تهدد فيه محكمة دولية بمحاكمة قضاتها إن هم اقتربوا من رعايا أمريكا أو حلفائها؟.
الجواب طبعاً، واضح وكلمة السر هنا: هي «وحلفاؤها»، فلا يوجد حلفاء لأمريكا يواجهون تهديداً جدياً من المحكمة الدولية سوى إسرائيل، فبعد أن اعترفت الأمم المتحدة بفلسطين كدولة غيرعضو فى الأمم المتحدة ومنحتها صفة المراقب، قامت السلطة الفلسطينية بالتوقيع على كثير من الاتفاقيات المبرمة فى إطار الأمم المتحدة أو ذات الصلة بها ومن بينها اتفاقية روما لعام 1997 المنشأة للمحكمة الجنائية الدولية وبذلك أصبحت عضواً بالمحكمة. وهذه المحكمة وإن كان مقرها لاهاي شأنها شأن محكمة العدل الدولية إلا أنها تختلف عنها في أن محكمة العدل تختص بالدول، أي النزاعات بين الدول، ولكن الجنائية الدولية تختص بمحاكمة الأفراد الذين يرتكبون جرائم حرب أو إبادة جنس أو جرائم ضد الإنسانية، وكثير من قادة إسرائيل السياسيين والعسكريين معرضون للمساءلة أمام هذه المحكمة، إذًا فالقصة كلها هي إسرائيل.
قيل إن العرب ينقسمون إلى ثلاث فئات:
العرب العاربة: وهم أصل العرب الذين يقطنون اليمن وخرج بعضهم من اليمن ليستوطن أجزاء من شبه الجزيرة العربية.
العرب المستعربة: وهم غالبية الشعوب العربية الحالية وهي الشعوب التي تبنت الثقافة واللغة العربية بعد دخولها في الإسلام.
العرب البائدة: وهذه القبائل العربية التي جاء ذكرها في القرآن الكريم والتي أهلكت بالصاعقة أو بريح صرصر عاتية. أخشى أن يكون العرب الحاليين.. عاربهم ومستعربهم في طريقهم للحاق بالعرب البائدة!!
ملحق (2) : كلمة الدكتور/ أحمد يوسف أحمد
الهدف هو التفكير في قضايا العمل العربي المشترك في عالم متغير فيجب البدء بالحديث عن سمتين بنيويتين تمثلان قيدين على قدرة الجامعة على التحرك الفعال فى ظل الظروف المتغيرة خاصة فى الآونة الحالية التى تشهد صراعات عربية داخلية حادة فى عدد من البلدان العربية المهمة كسوريا واليمن وليبيا وتفاقماً غير مسبوق للإرهاب مما أدى إلى تهديد حقيقي لكيان الدولة الوطنية العربية ناهيك بتهديد الهوية العربية بالنظر إلى إذكاء القوى الخارجية للانتماءات الطائفية ووصولاً لاختراق الخارجى إقليمياً وعالمياً إلى حدٍ غير مسبوق كما يبدو بوضوح من تطور الأوضاع في سوريا على سبيل المثال : والسمة الأولى تتمثل فيما هو معروف من أن نظام الجامعة بُني على أساس السيادة القطرية المطلقة ولهذا فإنه حتى عندما توصلت الجامعة أحياناً إلى قرارات كفيلة بعلاج أزمة خطيرة كما في أزمة ضم الأردن الضفة الغربية الفلسطينية 1950 أو الصدام الحدودي الجزائري – المغربي 1963 فإن الدولتين المعنيتين لم تلتزما بالقرارات التى تم اتخاذها باعتبار أن الميثاق يسمح بهذا ، ولا يقتصر أثر القطرية على تعويق صدور قرارات فاعلة أو عدم الالتزام بها وإنما يمتد إلى التأثير على ترشيحات العاملين بالجامعة بحيث لا تضمن اختيار أفضل العناصر دائماً.
أما السمة الثانية فهي الخلل الفادح في “ميزان القوى المالي ” داخل الجامعة بحيث أن أربعة دول خليجية تدفع أكثر من نصف ميزانية الجامعة ناهيك بأن نسبة معتبرة من الدول متوسطة ومنخفضة الدخل لا تدفع حصصها أصلاً وبالتالى فإن ماتريده الدول الغنية يكون هو أساس قرارات الجامعة كما أن المناصب القيادية وبالذات فى المنظمات العربية المتخصصة التابعة للجامعة أصبحت شبه محتكرة من هذه الدول التي لايخفى أن لها أجندتها الخاصة غيرالمتفقة بالضرورة مع المصلحة العربية .
وعلى ضوء ما سبق فلا أمل فى تنفيذ أي أفكار جذرية لتطوير الجامعة العربية لأنها بوضعها الحالي تتسق ومصالح الدول صاحبة القرار فيها ، وبناء على ذلك فإن المنهج الأفضل لتحقيق قدر من الفاعلية في عمل الجامعة يجب أن يُبنى على مقترحات لا يمكن لأي دولة عربية أن تعترض عليها لأنها موضع إجماع عربي علني على الأقل أو يمكن محاولة إقناع المعترضين عليها بجدواها، وفي هذا الإطار أطرح الأفكار التالية:
1- فيما يتعلق بالصراعات العربية الراهنة:
-
التوصل إلى تفاهم يُحَرم أي طلب من قبل الجامعة لتدخل خارجي في أن خلاف عربي، وقد يُعترض على هذا التفاهم بأنه يتعارض مع حقوق السيادة، وهذا غير صحيح لأن هذا التفاهم لا يلغي الحق المنفرد للدول في أن تفعل ما تشاء.
-
العمل على إعادة النظام السوري ممثلاً لسوريا في جامعة الدول العربية وقد كان وقف هذا التمثيل خطأً أصلاً حيث لا يُعقل أن يكون هذا النظام ممثلاً لسوريا في الأمم المتحدة ولا يكون كذلك فى المنظمة العربية الأم، ولا يعنى هذا بحال دعماً للنظام السوري فى مواجهة خصومه وإنما على العكس فإن عودته للجامعة سوف تُمَكن من التباحث بشكل أفضل حول حلول الصراع وممارسة ضغوط حقيقية على النظام باتجاه الحل .
-
تفعيل دور ممثل الجامعة في الصراع الليبي والعمل على تطبيق نفس الفكرة فى الصراعين السوري واليمنى، ومن المؤكد أن عمل هؤلاء الممثلين لن يكون سهلاً ولكن لابد من قبول التحدي خاصة وأن مبعوثي الجامعة سوف تكون لديهم بالتأكيد أفكار مفيدة بخصوص تهدئة الصراعات.
2- فيما يتعلق بالعلاقة بالقوى الإقليمية الكبرى:
-
يلاحظ أولاً التركيز على الخطر الإيراني أكثر من التركي رغم أن كلاً من تركيا وإيران لديه مشروعه للهيمنة على الوطن العربي أو على الأقل للتأثير على تفاعلاته بما يخلق أوضاعاً مواتية لمصالح كلٍ منهما ، كما أن لكلٍ منهما سلوكه الفعلى الذي يؤكد أهداف مشروعه الإقليمي، وإذا كان سلوك إيران في العراق وسوريا ولبنان شديد الوضوح فإن السلوك التركي في سوريا والعراق وليبيا ليس أقل وضوحاً، وهناك تصعيد مبرر مع إيران تغذيه الولايات المتحدة لأسباب مفهومه وهو التزامها بأمن إسرائيل، وقد شهدت السنوات الأخيرة توترات وتفاعلات عنيفة مباشرة وغيرمباشرة بين إيران والدول العربية المعنية على أكثر من صعيد، ويُعتقد أن الوقت أصبح ملائماً الآن للبحث فى بدائل لهذا التصعيد بإجراء حوار عربى – إيراني لاينطلق من أي غفلة عن النوايا الإيرانية الحقيقية ولكن من أن التصعيد لم يفض إلى أي نتيجة حاسمة حتى الآن فضلاً عن أنه بات مكلفاً لطرفيه، ومن المؤكد أن هناك مستجدات لدى الطرفين تجعل التفكير في الحوار بديلاً رشيداً ، فقد أثبت العرب لإيران أنهم ليسوا لقمة سائغة كما اتضح من ” عاصفة الحزم ” ومن تطورات الساحة العراقية كما أنهم فى الوقت نفسه لم يتمكنوا من إلحاق هزيمة بالمشروع الإيراني حتى الآن، وبالنسبة لإيران فإنها تواجه أوضاعاً اقتصادية صعبة تنعكس على استقرارها السياسي بالإضافة إلى التصعيد الأمريكي ضدها، وسوف يكون جوهر الحوار هو احترام كل طرف مصالح الطرف الآخر والكف عن التدخل فى شؤونه مع تطوير ما يمكن من علاقات تعاونية موجودة بالفعل وإن ليس بالنسبة للجميع ، وسوف تكون هناك ممانعة من بعض الدول العربية والولايات المتحدة بطبيعة الحال لكن العائد الإيجابي من الحوار يستحق المحاولة .
-
الصراع العربى –الإسرائيلى:
شهدت السنوات الأخيرة مزيداً من التغول الإسرائيلي على الحقوق الفلسطينية والعربية وبالذات بعد وصول دونالد ترامب إلى الرئاسة الأمريكية واعترافه بالقدس عاصمةلإسرائيل ونقله السفارة الأمريكية فيها إلى المدينة المقدسة، ومع ذلك فإن ردود الفعل الفلسطينية والعربية لكل هذه التطورات الخطيرة لا ترقى بحال إلى المستوى المطلوب لتحقيق أهداف النضال الفلسطيني العربي المشروعة، وليس هذا سوى نتيجة طبيعية للأوضاع العربية الراهنة التي تشهد اقتتالاً داخلياً في عدد من الدول العربية وانتشاراً للإرهاب فى أرجاء الوطن العربي واختراقاً خارجياً غير مسبوق والأهم من ذلك كله انقساماً فلسطينياً مخزياً يعكس للأسف تغليباً لمصالح فئات معروفة على حساب الشعب الفلسطيني الذي لم تتوقف تضحياته من أجل استعادة حقوقه يوماً .
ولا تستطيع الجامعة العربية بالتأكيد أن تتصدى لعمل استراتيجي يغير موازين القوى في الصراع ولكن بمقدورها دون شك أن تقوم بأعمال تصب في مجرى العمل الجاد من أجل استرداد الحقوق الفلسطينية والعربية، ويمكن فى هذا الصدد الإشارة إلى المجالات التالية:
-
التأكيد على الموقف الجماعي العربي ممثلاً في المبادرة التي أقرتها قمة بيروت ٢٠٠٢كاستراتيجية عربية للتسوية السياسية لا يمكن القبول بما هو أدنى منها، وذلك كجدار صد أمام المحاولات المشبوهة لما يسمى بصفقة القرن التي يعمل الرئيس الأمريكي ومجموعة من ” الهواة”على صياغتها .
-
تفعيل العمل الإعلامي في الساحة الدولية من أجل نصرة الحقوق الفلسطينية والعربية والذي تقدم له التصرفات الإسرائيلية معيناً لا ينضب من السلوك الوحشي والتصرفات التي تنتهك أبسط قواعد القانون الدولي.
-
تفعيل الملاحقة القانونية لتصرفات إسرائيل وقادتها المنافية للقانون والعمل على كسب أكبرعدد ممكن من الدول والمنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية إلى جانب الحقوق الفلسطينية والعربية.
-
تفويض الأمين العام في أن يكون المتحدث باسم الدول العربية في القضايا المتعلقة بالصراع العربي- الإسرائيلي والتصريح بالمواقف التي قد يُحرج بعض الدول العربية من تبنيها.
-
دعم حركة المقاطعة الدولية لإسرائيل بكل السبل الممكنة ، وقدباتت هذه الحركة تحقق إنجازات مزعجة لإسرائيل تقوض شرعيتها.
-
توظيف منظمات المجتمع المدنى العربي في خدمة الأهداف العربية : بسبب القيود الواردة على عمل الجامعة كمنظمة حكومية عربية وفي ظل ازدهار ظاهرة المجتمع المدني عربياً وعالمياً يمكن للجامعة توظيف منظمات المجتمع المدني في اتجاه خدمة أهدافها، وتستطيع الجامعة توظيف الموجود من هذه المنظمات بالفعل أو العمل على إنشاء الجديد منها ورعايته وذلك لتبني المواقف التي لا يتحملها بعض أعضاء الجامعة سياسياً والعمل على كسب التأييد الدولي لها.
[1]– شارك في الاجتماع رئيس المجلس والمدير التنفيذي والسفراء إيهاب وهبة وسيد أبو زيد وحازم خيرت، والدكتور أحمد يوسف أحمد.