الأوضاع في المنطقة العربية
أكتوبر 11, 2018زيارة وفد من المعهد الصيني للعلاقات الدولية المعاصرةCICIR
أكتوبر 16, 2018
بدعوة من السفارة الروسية بالقاهرة، شارك السفير د. عزت سعد مدير المجلس في احتفالية الكشف عن تمثال نصفي لرجل الدولة والأكاديمي الروسي/ يفجيني بريماكوف، بتاريخ 14 أكتوبر 2018، وجاءت مداخلته للتاكيد على النقاط التالية:
أن معرفته بالأكاديمي الراحل يفجيني بريماكوف في شتاء عام 2016، مع بداية عملي سفيراً لمصر لدى روسيا الاتحادية، وذلك بدعوة كريمة من صديق مشترك هو الصحفي سامي عمارة. وكانت صداقته امتداد لسنوات عمله بموسكو بالأكاديمي والعمل معه عن قرب سواء في إطار مبادرته “روسيا والعالم الإسلامي: رؤية استراتيجية” أو بوصفه رئيساً لغرفة التجارة والصناعة الروسية.
إن الراحل بريماكوف كان صوت الشرق الأوسط، وبخاصة المنطقة العربية، في روسيا، وكان هو الشخصية الأقدر على معرفة قضايا المنطقة وتوجهات الأحداث والسياسات فيها من منظور موضوعي راعي دائماً للمصالح المشتركة لدولها مع بلاده روسيا.
وللأكاديمي الراحل كتباً عديدة حول المنطقة وقضاياها تمثل مرجعاً أساسياً لمن يريد أن يقف على مشكلات المنطقة من بينها:
“الشرق الأوسط المعلوم والمخفي” ، أو “الشرق الأوسط على المسرح ، وما وراء الكواليس“،” سنوات في السياسة الكبرى“،” مصر في عهد عبد الناصر“،” تشريح أزمة الشرق الأوسط“،“العالم بدون روسيا “،”العالم بعد 11 سبتمبر وغزو العراق “،“الشرق بعد انهيار النظام الاستعماري“…. وغيرها.
وفي كتابة “الشرق الأوسط على المسرح وما وراء الكواليس“ الذي ظهرت طبعته الأولى بالعربية في عام 2006 تحت عنوان “الشرق الأوسط المعلوم والمخفي”، قبل صدور طبعات أخرى كثيرة في العديد من العواصم العربية، حرص بريماكوف على استعراض أحداث الماضي من خلال ما هو أشبه بالوصايا التي يستهدف بها ترشيد خطوات الحاضر نحو مستقبل أفضل لبلاده والعالم ، انطلاقا مما تراكم من خبرات ودروس على مر العديد من القرون منذ ستينات القرن الماضي، التي شهدت بدايات ارتباطه بالمنطقة من موقعه كمراسل للبرافدا لسان حال الحزب الشيوعي السوفييتي في القاهرة التي ارتبط بين جنباتها بأهم رموز السياسة في مصر والعالم العربي.
ويذكر المراقبون الدور بالغ التاثير لبريماكوف في إنقاذ أهم مؤسسات الدولة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي حين قبل رئاسة جهاز المخابرات الخارجية في مطلع تسعينيات القرن الماضي قبل انتقاله الى وزارة الخارجية الروسية في عام 1996 وكانت على شفا الانهيار بعد توالي استقالات الكثير من أبرز نجومها احتجاجاً على سياسات سلفه أندريه كوزيريف. وعاد بريماكوف ليلبي نداء الوطن حين قبل رئاسة الحكومة في ظروف غاية في الصعوبة، إبان احتدام الأزمة المالية العالمية عام 1998 ورفض الأوساط البرلمانية في مجلس الدوما قبول ترشيح الرئيس يلتسين لتشير نوميردين رئيساً للحكومة مرة أخرى.
الراحل بريماكوف كان وراء توجه روسيا نحو رفض هيمنة القطب الواحد، وضرورة التحول شرقاً نحو آسيا وفي مقدمتها الصين والهند ما كان مقدمة لقيام تحالفات مثل “تجمع بريكس“، ومنظمة شنغهاي للتعاون“. وفي هذا السياق، نذكر أول زيارة قام بها الرئيس الصيني “شي جينبينج” لموسكو عقب وفاة الراحل بريماكوف حيث بدأ كلمته بالإشادة بدور المفكر الراحل، وأهمية ما أوصى به حول ضرورة التوجه شرقاً، ومناهضة سياسات القطب الواحدة وضرورة أن تكون الأمم المتحدة هي الجهاز المعني بتسوية المنازعات الدولية وحفظ السلم والأمن الدوليين.
لقد كان بريماكوف من فرسان الواقعية ليس فقط في مقاربته للأوضاع السياسية الإقليمية والدولية ارتباطاً بالسياسة الروسية، بل وأيضاً على المستوى الشخصي. فلم يكن غريباً أن نرى كل نجوم وأضداد الساحة السياسية جنباً إلى جنب في احتفالات بريماكوف بمناسباته الشخصية.
أخيراً، خيراً فعلت وزارة الخارجية الروسية حيث جمعت التراث السياسي والفكري للفقيد الراحل في عشرة أجزاء، قام السيد/ سيرجي لافروف وزير الخارجية بإهدائها إلى أنطونيو جوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة في احتفال أقيم على هامش الدورة الأخيرة للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي. ومن المعروف أن بريماكوف كان ممن كانوا وراء تأسيس مجلس حكماء الأمم المتحدة منذ تسعينات القرن الماضي مع هنري كيسينجر وآخرين من نجوم الساحة السياسية العالمية.