مشاركة السفير/د.عزت سعد في أعمال الدورة الرابعة لمجموعة ” روسيا والعالم الاسلامي : شراكة استراتيجية “
نوفمبر 13, 2018ندوة “تداعيات انتخابات الكونجرس الأمريكية”
نوفمبر 27, 2018
خلال الفترة من 14 وحتى 16 نوفمبر 2018، شارك السفر/د. محمود كارم عضو مجلس إدارة المجلس، في أعمال الإجتماع الثالث للجنة الدولية للخبراء الذي عقد في مدينة ناجازاكي، وذلك بناء على مبادرة وزير خارجية اليابان “تاروكونو”، والتي شكل من خلالها مجموعة دولية من الخبراء البارزين لمناقشة : ” إحراز تقدم موضوعي في نزع السلاح النووي ” .
وقد عقد إجتماع اللجنة بعد انتهاء اللجنة الأولى للجمعية العامة للأمم المتحدة المعنية بالأمن ونزع السلاح من اعتماد والتصويت على القرارات الخاصة المطروحة عليها ، حيث شكل ذلك أهمية خاصة أمام اجتماع باليابان وذلك بسبب ظهور خلافات موضوعية عميقة أمام اللجنة الأولى بين الدول النووية والدول غير النووية والتي تقدمت بمشروع اتفاقيه لتحريم استخدام السلاح النووي، كم ظهر أيضاً خلاف بين اليابان والولايات المتحدة على مشروع قرار نزع السلاح النووي والذي تقدمه اليابان سنوياً، وذلك نظراً لإقرار السياسة النووية الأمريكية الجديدة التي تزيد من الاعتماد على الردع النووي. وكان هذا الخلاف بين اليابان والولايات المتحدة جديداً في الشكل والمضمون أمام اللجنة الأولى، وبالتالي كان له أثر على أعمال لجنة ناجازاكي .
وفي هذا الصدد يمكن التنويه إلى مايلي:
-
انحياز تشكيل اللجنة من الأساس لصالح الدول النووية ، فقد شارك خبيرين من الولايات المتحدة وآخر روسي وخبير فرنسي مؤيدين تماماً للسلاح النووي، ورغم وجود خبير مستقل كندي باكستاني الأصل ( طارق رؤوف )، إلا أن اللجنة المنظمة نجحت في استقطابه والاستعانة به لكتابة ملخص النتائج النهائية فجاء موقفه بعيداً عن التوازن. وعلى الرغم من وجود السيدة أنجيلا كين المبعوث الاممي رفيع المستوي لنزع السلاح سابقاً إلا أنها التزمت في مواقف كثيرة بالصمت وجاء حديثها مقتضباً وبعد أن طلب الخبير المصري منها التحدث وشرح موقف الأمم المتحدة حيال قضايا وقرارات الجمعية العامة لنزع السلاح النووي .
-
اهتمت الحكومة اليابانية بعقد الاجتماع في مدينه ناجازاكي والتي تعرضت لهجوم نووي هي ومدينة هيروشيما في 6 و 9 أغسطس 1945 كمحاولة من الحكومة اليابانية لإبداء التعاطف والمساندة الحكومية لمشاعر سكان هيروشيما وناجازاكي، وإرسال رساله حكومية للمجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية اليابانية الفعالة العديدة والتي تعمل على الضغط على اليابان للانسحاب من المظلة النووية الأمريكية و التصويت لصالح اتفاقية تحريم السلاح النووي.
-
كما أنهت اللجنة اعمالها بمؤتمر صحفي عالمي للإعلام المحلي والدولي تحدث فيه رئيس اللجنة باختصار عما دار خلال الاجتماعات .
-
خلال كافه المناقشات تعمد السفير كارم إلى الإشارة في مرات عديدة إلى مبادرات مصر لإنشاء منطقة خالية من السلاح النووي في الشرق الأوسط منذ عام 1974، ومبادرة 1990 لإنشاء منطقة خالية من كافه أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط تضم في طياتها تحريم السلاح الكيميائي والبيولوجي. وقد حذرت مراراً من استمرار وجود إسرائيل خارج نطاق المعاهدة النووية الأمر الذي يشكل إعاقة لتحقيق عماليتها . كما حرص على تذكير الحضور بأن صفقة المد اللانهائي 1995 والتي كان قرار الشرق الأوسط فيها دون أي منطقة أخرى وبتبني كافة الدول النووية المودع لديها المعاهدة النووية، جزء أصيل من صفقه التمديد اللانهائي والتي بدونها لم يكن ليتحقق هذا الانجاز. كما أشار إلى أن إنشاء منطقة خالية من السلاح النووي في الشرق الأوسط يستند إلى أحكام المادة السابعة من معاهدة حظر الانتشار النووي وأنه في نطاق الجهود الدولية لإنشاء المناطق الخالية من السلاح النووي ، توجد أكثر من 115 دولة قد انضمت بالفعل لمناطق خالية من السلاح النووي حول العالم الأمر الذي يشكل انجازاً كبيراً يجب ان ينطبق على منطقة الشرق الأوسط . وقد أكدت السيدة السيدة أنجيلا كين صحة ما ذكر إلا أنها أعربت عن أسفها للقرار العربي الأخير بالجمعية العامة للأمم المتحدة ، والذي عكس اصراراً عربياً على عقد المؤتمر الخاص بأسلحة الدمار الشامل في 2019 مضيفة ان اهتمامنا بالإجراء جاء على حساب مضمون المبادرة ذاتها .
-
في حين علق الخبير الفرنسي على ماذكره السفير كارم موضحاً ضرورة الإشارة كذلك إلى استخدام سوريا السلاح الكيماوي، وهو ما يناقض مبادرة تحريم أسلحة الدمار الشامل. وهو مارد عليه السفير محمود كارم بالتأكيد على أنه يحاول عدم تسليط الضوء على إسرائيل وإيجاد مخرج لها، وإن ولاية اللجنة هي إحراز تقدم في نزع السلاح النووي .
-
خيمت القرارات الأمريكية بالانسحاب من اتفاقية حظر الصواريخ قصيرة ومتوسطة الأجل وكذلك اتفاقية الصواريخ والباليستية، وهي أمور ستزيد من صعوبة تجديد اتفاقية سولت SALT ، فضلاً عن إطلاق الولايات المتحدة الامريكية عقيدة نووية جديدة تؤكد على ضرورة دعم سياسة الردع النووي الأمريكية لمواجهة الخطر المتزايد من روسيا ومن الصين، مع إنتاج أنواع جديدة من الأسلحة النووية منخفضة الاشعاع والمعروفة بالأسلحة النووية التكتيكية، وتحديث الترسانة النووية الأمريكية ، وانفاق ما يزيد على 60 بليون دولار سنوياً لتحقيق هذا الهدف . وقد شرح الخبير الأمريكي السفير بروك مزايا السياسة والعقيدة الأمريكية الجديدة موضحاً – على حد قوله-إن السلاح النووي نجح حتى الآن في حفظ السلم الدولي ، ومنع الحروب العالمية الكبرى ، كما نجح في مواجهة أخطار انتشار أسلحة الدمار الشامل وطالب بتحديث الترسانات التقليدية وتطوير السلاح التقليدي والأنظمة غير النووية الجديدة.
-
في إطار التوفيق بين وجهات النظر المتناقضة مابين الداعمة للردع النووي والأخرى المناهضة له، قدم رئيس اللجنة ورقة مفاهيمية تحدد بعض المسائل والأطروحات النظرية تطرقت إلى: مسألة كيفية استبدال السلاح النووي ونوعه من العقيدة العسكرية للدول النووية، وإلى النقاط التالية:
-
تحديد الدفوع القانونية القابلة للتنفيذ والتي تقيد من استخدام السلاح النووي .
-
توفير الظروف الأمنية الملائمة للدول المعتمدة على المظلة النووية والتي تمكنها من الخروج من تلك الحماية النووية والتوجه بشكل اسرع نحو تحقيق مبادئ نزع السلاح النووي التام والشامل .
-
الخروج بتوصيات تهدف إلى تضييق هوة الخلاف بين المعسكرين وهو ما أسماء الرئيس ” بالأسئلة الصعبة”.
-
تحديد السبل والحلول أمام دولة نووية تتعرض للإعتداء والهجوم على أحد حلفائها مما قد يؤدي إلى هزيمتها عسكرياً.
-
تحديد الحلول أمام واقع افتراضي تفشل فيه سياسة الردع النووي وتجد الدولة النووية نفسها أمام خيار يهددها بالبقاء.
-
هل نزع السلاح النووي غاية أم وسيلة .
-
إمكانية الاعلان عن أن الحيازة للسلاح النووي في إطار سياسة الردع النووي لا تعني الاستخدام تحويل ميزان التسلح لصالح السلاح التقليدي ليحل محل السلاح النووي، ففي العقيدة العسكرية تحديد طرق أخرى غير الدبلوماسية لمواجهة أخطار الحروب .
-
كيفية الارتكاز وتنمية الامكانات العسكرية الدفاعية التقليدية لتقلل من تزايد الاعتماد على سياسة الردع النووي .
-
قبول فرضية كون السلاح النووي ” سلاح سلم ” حافظ على السلم ومنع الحروب العالمية الكبرى منذ 1945.
-
البحث عن بدائل أخرى للسلاح النووي مثل الذكاء الصناعي، الطائرات بلا طيار، حروب السايبر، والحرب البيوتكنولوجية .
-
إمكانية انضمام الصين لمساعي الحد من التسلح بعد زيادة قدراتها العسكرية البحرية والباليستية واتفاقها العسكري .
-
كيفية إقناع اسرائيل والهند وباكستان بالانضمام للحوار .
-
تقدم الخبير الروسي باقتراح بدعوة الدول النووية لاجتماع يناقش العقيدة العسكرية للدول النووية وسياسات الردع النووي Nuclear posture بهدف فتح نقاش شفاف يشكل خطوة – فيما بينهم – لإزالة التوتر ، وبناء الثقة، وعودة المفاوضات المباشرة للحد من التسلح. واقترح الخبير الباكستاني فكرة توسيع الحوار ليشمل الهند وباكستان وإسرائيل . علقالسفير كارم متحفظاً على الاقتراح الاخير لحين فهم أبعاده، في ظل الافتقار لوضوح الإطار العام لتلك المفاوضات بين الدول النووية، وهل ستتم في إطار تنفيذ أحكام والالتزامات بالمادة السادسة للمعاهدة النووية ، محذراً، في نفس الوقت، من إضفاء شرعية أو منح مكانة دولية خاصة أو prestige يفرض أمراً واقعاً تسعى إلى تثبيته تلك الدول الثلاث ومنها إسرائيل. طالبت بضرورة عدم منح إسرائيل أي مزايا نكافئ بها سياسه غطرسة نووية ورفض تام للانضمام للمعاهدة النووية وإخضاع مرافقها لنظام الضمانات الشامل للوكالة الدولية للطاقة الذرية وذلك من ناحية المبدأ حتي تتضح عناصر هذا المقترح .
-
ختاماً فإن عمل اللجنة محاط بمشاكل عديدة أولها الطبيعة النظرية لعملها ومحاولة إيجاد مخرج بين المعسكرين، الدول النووية وغير النووية، كما أن الخلاف الراهن بين واشنطن وموسكو وانسحاب الولايات المتحدة من اتفاقيات كانت تشكل قاعدة راسخة للعمل والتعاون الثنائي المشترك في مجال الحد من التسلح، تشكل تحدياً جسيماً من الآن وحتى مؤتمر المراجعة في 2020 . فضلاً عن كون المبادرة من اليابان والتي تسعى لأن تساهم بأفكار تهدف لنزع فتيل الازمة لليقين بأن 2020 سيشهد مواجهة حتمية بين الدول النووية وغير النووية. وقد لخص الرئيس الموقف بأنه سيعد ورقة مفاهيمية توفيقية وإرسالها للمشاركين للنظر في أوائل 2019 .