المؤتمر السنوي للمجلس المصري للشئون الخارجية (2018)
ديسمبر 19, 2018حلقة نقاشية حول “القرار الأمريكي بالانسحاب العسكري من سوريا وتداعياته”
يناير 16, 2019
استقبل السفير د.عزت سعد، المدير التنفيذي للمجلس، في 2 يناير 2019 ،السيد/ محمد محق السفير الأفغاني الجديد بالقاهرة، حيث دار اللقاء حول آخر مستجدات الوضع الأفغاني.
في البداية قال عزت سعد أن أفغانستان دولة صديقة مصر تاريخياً، وأنه عندما كان يعمل مساعداً لوزير الخارجية لشؤون اّسيا خلال الفترة من 2004 – 2006 حضر أول مؤتمر وزاري لدعم أفغانستان في بدايات 2006 في لندن.
وأضاف أنه في تلك الفترة أضيفت أفغانستان إلى قائمة الدول المستفيدة من البرامج التي يوفرها صندوق التعاون الفني لدول الكومنولث المستقلة قبل دمجه والصندوق الإفريقي لصبح الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية، والوزير استجاب لذلك.
أولاً: ذكر السفير الأفغاني مايلي:
-
أن بلاده تسعى لتحقيق الاستقرار والأمن ثم التنمية والإزدهار الاقتصادي، وعندما تولي الرئيس “حامد كرزاي” الحكم بعد الرئيس “برهان الدين رباني”، كانت لم تتجاوز الميزانية الخاصة بالدولة 100 مليون دولار والبنية التحتية منهارة تماماً نتيجة ثلاثة عقود من الدمار والحرب. أما الآن فالوضع مختلف، حيث تحظى البلاد بدعم مالي خارجي لابأس به، وهناك منصة تعليمية تتمثل في إنشاء جامعات جديدة وفي المجال الثقافي والإعلامي يوجد الآن أكثر من 50 قناة تليفزيونية.
-
أن الفتيات في بلاده يذهبن للمدارس والجامعات الآن بقدرٍ واضح من الحرية وبأعدادٍ كثيرة، عكس فترة التسعينيات حيث كانت الفتيات يذهبن للمدارس سراً. لكن الان حدثت طفرة كبيرة فملايين من البنات يتعلمن ويشاركن في مسابقات دولية وحققن نتائج مبهرة في عدد منها.
وخلص السفير إلى أنه إذا استطاعت بلاده أن تتغلب على المشكلة الأمنية سواء عن طريق المصالحة أو تقوية الجيش أو طرق أخرى، ستُفتح الأبواب على مصراعيها أمام عملية التنمية، خاصةً وأن الموقع الجغرافي المتميز لأفغانستان يؤهلها لأن تكون نقطة وصل بين آسيا الوسطي وجنوب وجنوب شرق آسيا. وقد وقعت أفغانستان مؤخراً اتفاقيات استثمار وتعاون اقتصادي، بما في ذلك تنقيب واستغلال الثروات المعدنية الهائلة في بلاده ومشاريع بنية تحتية بقيمة 30 مليار دولار.
في أفغانستان هي المشكلة الأمنية ثم قضية التنمية. هاتان المشكلتان هما أبرز ما يواجه المجتمع الأفغاني. وإذا أرادت البلدان المختلفة أن تساعد أفغانستان فعليها أن تساعدها في حل هاتين المشكلتين. وهذه البلدان ستستفيد وتنتفع أيضاً. وأوضح السفير أن الأمن في بلاده يظل التحدي الأكبر الذي يواجه عملية التنمية، وأن الأولوية في المرحلة الحالية هي للأمن.
-
على صعيد العلاقات المصرية – الأفغانية، طالب بضرورة أن يكون هناك مشروع تعاون طويل المدي بين البلدين على الأقل لمدة عشر سنوات قادمة، بعيداً عن أي تقلبات سياسية (كتغيير الحكومات أو تغيير شخص رئيس الجمهورية ) ويجب أن تسعى الدولتان لبلورة إطار كلي للعلاقات.
وفي تقدير السفير أن مصر غائبة عن أفغانستان، حيث توجد أطراف كثيرة يؤثر في مسارات حل المشكلة الأفغانية واستعادة الاستقرار هناك. وأضاف أنهم يرغبون في أن يكون هناك توازناً في أدوار إيران وتركيا بدور مصري مؤسسي، مؤكداً اهتمام تركيا، أكثر من السعودية ومصر، بقضية أفغانستان وأن لها استثمارات كبيرة في أفغانستان.
ومصر بلد صديق منذ 90 عاماً ولم يحدث بين البلدين أي مشاكل مثلما حدث بين أفغانستان وكل من إيران وباكستان والسعودية، وأنه لايوجد تعارض بين مصالح مصر وأفغانستان وليس لمصر اي أجندات خاصة في بلاده، على عكس إيران وتركيا، حيث تثير الأولى مشكلات لبلاده ارتباطاً بمنابع المياه التي تصب في إيران، بينما الثانية تستخدم الأقلية التركية من الأوزبك والتركمان في أفغانستان لخدمة مصالحها السياسية. كل ذلك في الوقت الذي لاتوجد فيه أية تحفظات على تطوير وتنمية العلاقات مع مصر والمكانة الخاصة التي يحظى بها الأزهر الشريف.
وقد ذكر السفير أنه بوسع مصر المساعدة في تدريب الجيش الأفغاني وباكستان طلبت أكثر من مرة أن ترسل ضباطاً لتدريبهم مجاناً، لكن أفغانستان رفضت ذلك. ورفضت أيضاً طلباً إيرانياً لنفس السبب، لكن الجيش المصري جيشاً محايداً. وأفغانستان تشعر براحة كبيرة في إرسال المئات من ضباطها لمصر للتدريب وتعليم اللغة العربية والتكتيكات والاستراتيجيات. وأضاف أنهم يقدرون الدورات التدريبية التي تنظمها مصر للشرطة الأفغانية، وأن الجانب الأمريكي طلب من مصر تدريب القوات المسلحة، وهو ماعارضت به مصر إلا أن عقد هذه الدورات تعثر، وتحاول أفغانستان إحياء هذا الموضوع من جديد، مضيفاً أن هذا الدعم الفني من القوات المسلحة المصرية يؤهل القاهرة للعب دور سياسي كبير في أفغانستان ويخلق نوعاً من التوازن مع النفوذ الإيراني والتركي المتزايد هناك، بما يحقق مصالح مصر وأفغانستان.
من ناحية أخرى، ذكر أن الولايات المتحدة لن يزعجها أي حضور أو تعاون عسكري مع أفغانستان، وأن الأهمية الجيواستراتيجية لبلاده في آسيا يجب أن تكون حافزاً لمصر لتعزيز تعاونها ببلاده.
-
انتقد الإعلام الأجنبي، لاسيما قنوات الجزيرة والـCNN، بأن لها أجندات خاصة وتبث صورة مشوهة عن أفغانستان، وتروج للجانب المظلم فيها فالصورة التي تقدم وبالأخص للعالم العربي صورة قاتمة، وهذا يقلق الأفغان كثيراً، مضيفاً لأنه في الماضي، عندما كان الأفغان يقاتلون الجيش السوفيتي، كان يتم تصوير الجندي الأفغاني علي أنه بطلاً ومقاتلاً مميزاً، لكن الإعلام الأن يصدر صورة مشوهة عن الجندي الأفغاني. وقد حذر السفير من أن الفراغ الذي سيخلفه انسحاب محتمل للولايات المتحدة من أفغانستان ستسعى إيران ولاعبن إقليميين آخرين لملئه، وبالتالي يهمهم انخراط مصر في الشأن الأفغاني ولعب دور أكبر فيه.
-
ارتباطاً بتطورات تسوية الوضع في أفغانستان، ذكر السفير أنهم يودون أن تكون عملية التسوية من خلال قناة واحدة وهي الحكومة الأفغانية، وتطلب من الأمريكان والروس والأخرين أن يقفوا بجانب الأفغان. وأن تكون الحكومة الأفغانية في المقدمة وهؤلاء داعمين لها من الخلف، وهذا ما طالب به الرئيس الأفغاني من المبعوث الأمريكي لافغانستان السيد زلماى خليل زاد. في الوقت ذاته، تتخوف الولايات المتحدة من تقارب روسيا وإيران مع طالبان، خاصة وان طهران تدرب الآلاف من طالبان علي أراضيها وتمدهم بالأسلحة ثم ترسلهم لأفغانستان، وهذا الامر غير مفيد لا لإيران ولا لأفغانستان. وأضاف أن روسيا كانت قد أعلنت طالبان حركة إرهابية عام 2012، إلا أن الروس لديهم مخاوف شديدة من أن تصبح أفغانستان ملاذاً لداعش بعد خروجهم من العراق وسوريا، وهذا هو مادفعهم إلى استئناف الحوار مع طالبان. هذا في الوقت الذي يرى فيه بعض المسؤولين الأمنيين في كابول أن وجود داعش في أفغانستان مشروع روسي بشكل كامل، روسيا تريد توريط الأمريكان لتكون فيتنام أخري، وقد عثر الأمن الأفغاني علي وثائق روسية في أيدي أعضاء داعش، كطريقة التخطيط وتنفيذ العمليات، وتستغل روسيا وجود داعش في أفغانستان لمحاربة الوجود الأمريكي.
وخلص السفير إلى أنه في كل الأحوال أصبحت منطقة آسيا الوسطى وأفغانستان ساحة للتنافس فيما بين القوى الكبرى، بما فيها روسيا، حيث تسعى كل من هذه القوى إلى تعظيم مصالحها.
وفي نهاية اللقاء قدم السفير عزت سعد تمنياته بالتوفيق للسفير الأفغاني في مهتمته الجديدة في مصر، ودعاه للتحدث أمام المجلس المصري للشئون الخارجية في حلقة نقاشية حول المسألة الأفغانية.