أزمة علاقات روسيا والغرب التحديات وفرص التطبيع
سبتمبر 10, 2019زيارة وفد جامعة Renmin الصينية للمجلس
سبتمبر 17, 2019
فى 10 و11 سبتمبر 2019، استضاف المجلس المصرى للشئون الخارجية الجولة التشاورية الثالثة مع وفد من المجلس الهندى للعلاقات الخارجية، تناولت أجندتها العلاقات الثنائية بين مصر والهند وسبل تطويرها، بالإضافة إلى عددٍ من القضايا الهامة الأخرى. وشارك من المجلس كلٌ من السفراء/ منير زهران، رئيس المجلس، عزت سعد، مدير المجلس، على الحفنى، هشام الزميتى، خير الدين عبد اللطيف، محمد توفيق، محمد حجازى، جيلان علام، وأ.د./ محمد فايز فرحات، الخبير فى الشئون الآسيوية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، وأ.د./ محمد كمال، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، ود./ أحمد قنديل الخبير بمركز الأهرام. وضمَّ الوفد الهندى كلاً من د./ T. C. A. Raghavan، مدير المجلس الهندى للعلاقات الخارجية، والأستاذ/ Mohamed Sohrab، الأستاذ المشارك بجامعة مليَّة الإسلامية بنيودلهى، والأستاذ/ K. M. Seethi، من جامعة المهاتما غاندى بولاية كيرلا، ود./ Fazzur Rahman Siddiqui، ود./ Sanjiv Kumar، الحاصلان على زمالة المجلس الهندى.
وجرت الاجتماعات بمقر المجلس بالمعادى على مدار خمس جلسات: تناولت الأولى القضايا الدولية من وجهتَى النظر المصرية والهندية، بما فى ذلك قضايا إصلاح الأمم المتحدة ومكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية… إلخ، فيما تناولت الجلسة الثانية تطور العلاقات الثنائية بين مصر والهند فى كافة المجالات، وتطرقت الجلسة الثالثة – والتى بدأ بها اليوم التالى للقاءات – إلى التطورات فى منطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية، بما فى ذلك تطورات الصراع العربى الإسرائيلى والأزمة فى ليبيا والسودان وسوريا واليمن وإيران. وتناولت الجلسة الرابعة تطورات العلاقات الهندية – الصينية وموقف كلا الدولتين تجاه بعضهما البعض، لاسيَّما فيما يتعلق بمبادرة الحزام والطريق الصينية. وأخيراً، بحثت الجلسة الخامسة والأخيرة تطورات العلاقات الهندية – الباكستانية، بما فى ذلك أزمة كشمير الأخيرة، والرؤية الهندية للسلم والأمن فى منطقة جنوب آسيا.
-
افتتح السفير/ منير زهران، الجلسة الأولى من الاجتماعات، والتى ركَّزت على مناقشة القضايا الدولية الراهنة من وجهتَى النظر المصرية والهندية، أشار سيادته إلى أن أولى هذه القضايا هى الأداء الخاص بمنظمة الأمم المتحدة وسبل إصلاحها، مشيراً إلى وجود بعض التناقضات بين بعض مواد ميثاق الأمم المتحدة، فضلاً عن استمرار وجود بعض المواد رغم انمحاء موضوعها. على سبيل المثال، فإن المادة الخاصة بالمساواة بين الدول لا يتم العمل بمقتضاها كما هو واضح اليوم، كما أن المادة الخاصة بالدول الأعداء – كإيطاليا واليابان وقت صياغة الميثاق – فقدت مفعولها وقيمتها بتأثير التطورات اللاحقة منذ اعتماد الميثاق وحتى الآن. وبالإضافة إلى ذلك، فإن مسألة إصلاح الأمم المتحدة وتعديل الميثاق ليست بالأمر اليسير على الإطلاق، إذ إن أى تغيير فى الميثاق يتطلب موافقة ثلثى الدول الأعضاء، بما فى ذلك الدول الخمس الدائمة فى مجلس الأمن، وهذا لا يمكن حدوثه وفق المعطيات الدولية القائمة. من جهةٍ أخرى، أشار السفير/ زهران إلى وجود قضايا دولية أخرى ملحة مثل الإرهاب والحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين وتداعياتها… إلخ.
-
فى سياقٍ متصل، أشار الجانب المصرى إلى أن العالم المعاصر يتسم بالتعقيد وعدم التنبؤ، وأن المتغيرات الدولية تعطينا تحديات كبيرة ومتزايدة. ومن بين هذه التحديات تهديدات غير تقليدية مثل الجرائم العابرة للحدود كالهجرة غير الشرعية والإرهاب والتهديدات السيبرانية، كما أن هناك تحديات أخرى كتغير المناخ وتدهور الأحوال البيئية والتربة، وانتشار الفقر ودوره فى تفريخ الإرهابيين، وهذه وغيرها تحديات تمس أمن البلاد والشعوب، وذات أبعاد خطيرة جداً على استقرار البلدان والعالم أجمع.
-
إن هذه التحديات على اختلافها تحتاج فى معالجتها إلى نوعٍ ما من الحوكمة الرشيدة القادرة على مجابهة الأزمات وتوليد الفرص. ويمكن البناء على بعض الإيجابيات التى لا زالت تقدمها الأمم المتحدة، رغم السلبيات الكثيرة التى تعترى أدائها، لمحاولة الخروج من حالة السيولة السلبية الشديدة التى تأخذ العالم إلى اتجاهٍ يتسم بالمزيد من الفوضى والانهيار. ومن هذه الإيجابيات على سبيل المثال العمليات الخاصة بحفظ السلام والمهام التى تطلقها المنظمة فى المجالات الاجتماعية والصحية، مثل دبلوماسية الصحة العالمية “Global Health Diplomacy”، التى تنشرها المنظمة عبر أدائها فى هذا المجال. ويُذكَر أن مصر حققت الكثير من الجهود فى هذا الميدان، ومن ذلك على سبيل المثال مساعداتها التى قدمتها لعددٍ من الدول الأفريقية.
-
وأضاف الجانب المصرى أن العالم بالفعل يشهد تغيرات عميقة فى كافة المجالات، فى مقدمتها السياسة الدولية. وبالتركيز على سياسات الإدارة الأمريكية الحالية، فإنها أسفرت عن الكثير من التحديات والتهديدات الدولية، بما يُعظِّم فرص الفوضى والانهيار أكثر من فرص الاستقرار والبناء. ولعل بعض الأمريكيين قد أدركوا ذلك – وإن كانوا متأخرين – وقاموا بدعم الديموقراطيين فى الانتخابات النصفية الأخيرة للكونجرس الأمريكى، تلك الانتخابات التى شهدت، لأول مرة، صعود نواب مسلمين ومحجبات إلى الكونجرس، ما عُدَّ ضربة شديدة للتيار الشعبوى الداعم لترامب ولسياساته.
-
إن تصرفات إدارة ترامب قد أحدثت تغييرات هائلة فى منطقة الشرق الأوسط؛ وتكفى الإشارة إلى الخطوات غير المسبوقة التى اتخذتها الإدارة بشأن القدس والجولان، فى انتهاك لكافة القواعد والقوانين والقرارات الدولية ذات الصلة. وفى هذا المقام، يمكن الإشارة إلى عددٍ من الخطوط العريضة التى يبدو أن السياسة الخارجية الأمريكية لإدارة ترامب تتمسك بها. أولاً: انتقال الاهتمام من منطقة الشرق الأوسط إلى الفضاء الآسيوى، لاسيَّما الصين، وهكذا يجب النظر إلى الحرب التجارية التى تشنها الولايات المتحدة حالياً مع الصين على أنها تحقق الرغبة الأمريكية فى تحجيم الصعود الصينى. ثانياً: عدم الاعتماد الكامل على الحلفاء لتحقيق السياسات الأمريكية، ويتضح هذا بشدة عند النظر إلى الحال التى وصلت إليها العلاقات الأمريكية – الأوروبية. ثالثاً: العزم الكامل على التخلص من التواجد العسكرى فى الدول الأخرى، كالعراق وأفغانستان، ومن هذا المنطلق يمكن القول بأن واشنطن لن تشن حرباً على طهران، وإنما هى تسعى فقط لدفع الدول العربية للأمام للتعامل معها وعلى مسئولياتها الخاصة.
-
من جانبه، أشار الجانب الهندى إلى أن هناك بالفعل حاجة ملحة إلى إصلاح منظمة الأمم المتحدة، وهذا موضوع جذب اهتمام الهند منذ عدة سنوات مضت، ككثير من الدول الأخرى، ولكن هناك تشاؤم بشأن نتائج عملية الإصلاح هذه نظراً لعدم الاتفاق الدولى المطلق حولها، لاسيَّما فى ظل الظروف الدولية الراهنة. بالمقابل، فإن عدم الإصلاح يمثل تهديداً، ما يتطلب نوعاً من التعاون والتنسيق الدولى لحل هذه المعضلة. ولعل فى اللجوء إلى الدبلوماسية العامة وسيلة لإحداث ذلك. من جهةٍ أخرى، فإن قضايا العولمة والتحرير الاقتصادى تواجه تحديات كبيرة؛ ومما يثير الدهشة أن هذه التحديات آتية من قِبَل دول كانت قد ساعدت على قيام العولمة بمبادئها المعروفة، باستخدام السياسات الحمائية والشعبوية. يُشَار كذلك إلى أن هناك تغيرات جيوسياسية مهمة وحاسمة يشهدها العالم المعاصر؛ فهناك قوة صاعدة فى آسيا؛ ألا وهى الصين، ما يفتح المجال للتركيز على قضية توازن القوى الدولية والعلاقات بينها، ويبدو أن ذلك لا يبشر بخير فى ضوء ما يشهده العالم من نزاعات وخلافات بين الصين والولايات المتحدة.
-
بالإضافة إلى ما سبق، تُعَد قضية الإرهاب إحدى أهم التحديات التى تواجهها الدول فى الوقت الحالى. ويرى الجانب الهندى أنها قضية قائمة على أيديولوجية فاسدة، وقادرة على الصمود والانتشار بشكل عجيب رغم ما يتم اتخاذه من إجراءاتٍ للقضاء عليها. وفى هذا السياق، استعرض أعضاء المجلس دور تركيا وقطر فى دعم الإرهاب فى عددٍ من دول العالم، والسياسات التى اتخذتها الحكومة المصرية لمواجهة العناصر الإرهابية، والجهود التى يقوم بها الأزهر الشريف لتفنيد حجج المتشددين ونشر الإسلام المعتدل، مشيرين إلى أن هناك أيادٍ متنوعة ترعى العمليات الإرهابية، غير داعش والقاعدة وبوكو حرام؛ وأن المسلمين ذاتهم يتعرضون فى بعض الدول إلى العنف والاضطهاد، كما هو الحال مع مسلمى الروهينجا فى ميانمار.
-
تناولت الجلسة الثانية العلاقات الثنائية بين مصر والهند وسبل تطويرها، وتم خلالها استعراض مراحل تطور هذه العلاقات ، لاسيَّما فى عهد ناصر وجواهر لا نهرو، ومن قبلهما سعد زغلول وغاندى، كما تم التأكيد على ضرورة الاهتمام بهذه العلاقات حالياً ومستقبلاً. ولعل أكثر ما تم التركيز عليه فى هذه الجلسة هو بحث سبل تعظيم التعاون فى المجالات الزراعية والتكنولوجية، لاسيَّما وأن الهند باتت إحدى الدول التكنولوجية الكبرى الرائدة فى العالم. كما كان هناك اهتمام جلى بفرص التعاون التى يوفرها قطاع الطاقة؛ فمن جهة، أحرزت مصر العديد من الاكتشافات البترولية واكتشافات الغاز الطبيعى فى مناطق متعددة، ما سيجعلها مركز طاقة رئيسى فى منطقة الشرق الأوسط وفى أفريقيا، كما أنها استضافت منتدى الطاقة لدول شرق المتوسط، ومن جهةٍ أخرى تعد الهند سوقاً كبرى لتسويق الغاز الطبيعى. وبالتالى، يمكن للبلدين التعاون فى هذا المجال على المستوى الثنائى، بالإضافة إلى فرص التعاون الثلاثى لنقل الطاقة إلى أفريقيا وتعظيم الاستثمارات فيها.
-
فى سياقٍ متصل، تطرح آليات التنمية التى تقوم الدولة المصرية بطرحها منذ عدة سنوات فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس فرصاً هائلة لتعظيم التعاون التجارى والاقتصادى بين البلدين من قبيل إنشاء المنطقة الصناعية الهندية فى مصر على شاكلة مناطق دولية أخرى استضافها محور القناة. وفى هذا الصدد، أكَّد المشاركون ضرورة التعجيل بإنهاء المفاوضات القائمة بين البلدين فيما يتعلق بإنشاء هذه المنطقة والإسراع فى اتخاذ خطوات ملموسة فى هذا الشأن.
-
من جهةٍ أخرى، تطرقت الجلسة إلى البعد الثقافى للعلاقات بين البلدين، وأكَّدت على ضرورة إيلاء الاهتمام اللازم لهذا البعد لتعزيز التواصل الحضارى بين البلدين، لاسيَّما وأن هناك حاجة لرقمنة المجتمع المصرى، ما يمكن أن تتعاون نيودلهى بشأنها إلى حدٍ كبير، نظراً لتقدمها التقنى، وذلك عن طريق نقل التقنيات والخبرات ذات الصلة. وبالإضافة إلى ما سبق، وجَّهت الجلسة بضرورة تعظيم التعاون السياسى الثنائى بين البلدين فى إطار مجموعة عدم الانحياز للنهوض بها ولتعزيز مبادئها وأهدافها، لاسيَّما فى ظل الظروف الدولية الراهنة التى تتسم بالتعقيد وكثرة التحديات والتهديدات.
-
تطرقت الجلسة الثالثة – والتى بدأ بها اليوم التالى للقاءات – إلى التطورات فى منطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية، بما فى ذلك تطورات الصراع العربى الإسرائيلى والأزمة فى ليبيا والسودان وسوريا واليمن وإيران، فضلاً عن الانشقاق الحاصل فى مجلس التعاون الخليجى. ولقد أبدى المشاركون حرصهم على ضرورة العمل الدؤوب على حل الأزمات التى تعج بها منطقة الشرق الأوسط، بالطرق السلمية، وفى إطار الأمم المتحدة والقرارات ذات الصلة الصادرة عن مجلس الأمن الدولى.
-
وبالتركيز على قضية الصراع العربى الإسرائيلى، أشار أعضاء المجلس إلى أنها أضحت معقدة إلى أبعد حد، نظراً للدعم الأمريكى اللامحدود لإسرائيل، مع استمرار إسرائيل فى الاستحواذ على الكثير من الأراضى بفرض الأمر الواقع، وحقيقة أن القضية الفلسطينية لم تعد موجودة على قائمة أولويات الحكومة الإسرائيلية. ومن جانبه، ذكر الطرف الهندى أنه لا شك فى أن الاعتراف الأمريكى بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها قد أثر سلباً على حقوق الفلسطينيين وأضفى مزيداً من التعقيد على عملية السلام. ورغم ذلك، لا يمكن هجر الدبلوماسية الأمريكية ودور القوى الدولية الأخرى للتوصل إلى حلٍ لهذه المعضلة.
-
وفى هذا السياق، أكَّد أعضاء المجلس ضرورة كفّ الهند عن اتخاذ موقف سلبى تجاه التحركات الأمريكية بشأن القضية الفلسطينية، والقيام بدلاً من ذلك بتعزيز الانخراط الهندى فى هذا الملف الشائك، مشيرين إلى أن نيودلهى تمتلك قوة ناعمة لا يُستهان بها، ولها مصالح حيوية فى الشرق الأوسط بوصفه المصدر الأول للطاقة للهند، كما يستضيف نحو 8,5 مليون مواطناً هندياً. وبالتالى فإن من شأن اتباع دبلوماسية نشطة للهند فى هذا الصدد أن تحفظ الكثير من حقوق الفلسطينيين، فضلاً عن أنه سيجعلها حاضرة فى الذهن العربى. وقد أبدى الجانب الهندى امتعاضه مما سمعه مؤكداً أن لديه موقف ثابت داعم لحقوق الشعب الفلسطينى فى دولته المستقلة، مضيفاً أنه خلال جولة مشاورات مع الجانب الصينى اتهمهم الأخير بأنهم لا يقومون بما يكفى لدعم القضية الفلسطينية وهو ما كان مثاراً لاستنكارهم.
-
من جهةٍ أخرى، اتفق المشاركون على ضرورة تحجيم التدخل الإيرانى فى المنطقة ومواجهة البرنامج النووى الإيرانى، نظراً للتهديدات الكبيرة الناشئة عن هذين الملفين، والتى فى مقدمتها استمرار زعزعة الاستقرار فى المنطقة والتهديدات المحتملة على طرق تصدير النفط والطاقة. فى ذات السياق، أشار الجانب المصرى إلى أن الولايات المتحدة تكيل بمكيالين عند التعامل مع الملف النووى الإيرانى؛ إذ إنها تغض الطرف عن البرنامج النووى الخاص بإسرائيل، بينما تلوم على إيران. وهذا فى ذاته يعد جزءاً أساسياً من مشكلة الملف النووى الإيرانى، والذى لا يمكن إهماله عند النظر إلى الموقف الإيرانى المتشبث بالحفاظ على المقدرات النووية التى توصلت إليها طهران.
-
ركَّزت الجلسة الرابعة على العلاقات الهندية – الصينية وتطوراتها، والرؤية الهندية حيال مبادرة الحزام والطريق الصينية. وفى هذا السياق، أشار الجانب الهندى أن هناك اتجاهين فى نيودلهى؛ الأول يرى فى بكين فرصة اقتصادية كبرى تحمل الكثير من الطموحات التنموية والاستثمارية، فيما يعتبرها الاتجاه الآخر قوة عسكرية صاعدة من شأنها تهديد آسيا والعالم بأكمله، أخذاً فى الاعتبار إمكاناتها ومقدراتها الهائلة وتحديثاتها العسكرية الأخيرة. ولكن هذا لا يمنع مطلقاً من استمرار التشاور والتنسيق بين الجانبين الهندى والصينى، نظراً لكثرة الملفات وتقاطعها سواء فى القارة الآسيوية أو فى خارجها.
-
وعليه، فإن هناك لقاءات ومناقشات منتظمة بين الطرفين، ومن المقرر عقد قمة عادية هندية – صينية على مستوى وزيرَى خارجية البلدين فى شهر أكتوبر 2019 للتباحث بشأن الموضوعات غير السياسية، كتلك الثقافية والاقتصادية وغيرها وسبل تطويرها. وبالفعل هناك تعاون ثنائى فى مجالات الطاقة والتكنولوجيا، إلى جانب الاتصالات الاستراتيجية الثنائية.
-
هذا، وفيما يتعلق بمبادرة الحزام والطريق، فقد أبدى الجانب الهندى قلق نيودلهى إزاء مشكلة القروض التى قد تسفر عنها المبادرة الصينية، والتى قد تسبب الكثير من المشاكل لكثير من الدول المشاركة فيها، لاسيما وأن أغلبها دول نامية. ومن ثَمّ، فإن المبادرة فى رأى الهند تُعَد مشروعاً غير مستدام نظراً لما تحمله من قروض وديون كبيرة تشكل أعباء على الدول المشاركة فيها. وقد علَّق وفد المجلس بأنهم ينظرون إلى الانتقادات الموجهة للمبادرة فى سياق فهم الغرب لها كمشروع للهيمنة الصينية للقرن الواحد والعشرين، وهو ما لا يراه المجلس المصرى؛ حيث تعوِّل مصر على الاستثمارات والخبرة الصينية فى تطوير المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وأن العلاقات المصرية / الصينية تسير على نحوٍ جيد.
-
بالنسبة لموضوع الرؤية الهندية للسلم والأمن فى إقليم جنوب آسيا، والذى كان عنوان الجلسة الخامسة من المشاورات، ذكر الجانب الهندى أن الهند ذات حدود طويلة مع جيران كثر، وأنها تتمتع فى علاقاتها مع معظمهم بنوع من الشراكة، بفضل التعاون فى مجالات الطاقة والتكنولوجيا والصحة والزراعة … إلخ، بل وهناك علاقات استراتيجية بين الهند وبين كثيرٍ من الدول الآسيوية غير المجاورة لها، بل وخارج الإطار الآسيوى برمته. فى الوقت الحالى، هناك مبادرة تتحمس لها اليابان كثيراً وهى “المحيط الهندى – الهادى المفتوح والحر – Free & Open Indian – Pacific Initiative” وهى مبادرة تهدف إلى تحقيق المزيد من التعاون والشراكة وتعزيز التعاون البحرى فيما بين دول المنطقة بما يعظِّم من فرص النمو الاقتصادى وتعزيز الاستقرار والسلام فى إقليم جنوب وشرق آسيا. وأبدى الجانب الهندى أريحيته لهذه المبادرة، مشيراً إلى أنها تُعَد تطوراً طبيعياً وحيوياً بالنسبة لدول المنطقة، مضيفاً أن روسيا ليست متحمسة لها لأنها تتعلق بالأساس بالشئون البحرية الخاصة بمنطقة جنوب آسيا. وقد علَّق وفد المجلس بأنه يفهم المبادرة فى إطار جهود الولايات المتحدة وحلفائها فى آسيا، بما فيهم استراليا لتقويض المبادرة الصينية، وأن سفارة اليابان بالقاهرة قد أقامت ندوة مؤخراً حول هذا الموضوع، وذكر أعضاء المجلس المشاركين فيها أن المبادرة ما تزال طرحاً نظرياً لم يتحقق على أرض الواقع.
-
وفيما يتعلق بالعلاقات الهندية – الباكستانية وتطوراتها على ضوء التصعيد الذى يشهده إقليم كشمير، أوضح الوفد الهندى أن التعديل الدستورى الذى أفضى إلى ما يبدو أنه مشكلة فى جامو وكشمير هو امتياز داخلى خالص لجمهورية الهند، مشيراً إلى أنه يهدف إلى تحقيق الأمن فى هاتين المنطقتين، مع الالتزام بتحقيق التنمية فيهما، لاسيَّما فى ظل تصاعد العلميات الإرهابية الصادرة عنهما، وعدم قدرة باكستان القضاء عليها. ولقد جاء هذا التطور بناءً على آلية ديموقراطية مثلها البرلمان الهندى، ولم يكن تطوراً عسكرياً بحتاً. وفى هذا السياق، أشار الوفد الهندى إلى تنامى العلاقات الصينية – الباكستانية، والتى كان آخرها الاستثمار الصينى الهائل فى ميناء جوادار باكستان عبر إنشاء الممر الاقتصادى فى إطار مبادرة الحزام والطريق. ومن ثَمَّ، يفترض أن تقوم الصين بالعمل على تهدئة الأوضاع فى باكستان وإقناع الحكومة الباكستانية بقبول التطور الحاصل. هذا، وفيما يتعلق باحتمالية نشوب حرب فيما بين الهند وباكستان بشأن هذه الأزمة، رجَّح الجانب الهندى استبعاد هذا الخيار نظراً لتداعياته الخطيرة، وأنه سيتم فى النهاية اللجوء إلى طاولة المفاوضات.
-
اتفق الجانبان الهندى والمصرى على استمرار التعاون فيما بينهما للنهوض بالعلاقات الثنائية بين البلدين قدر الإمكان. واختُتِمَت اللقاءات بدعوة الهند إلى زيادة انخراطها فى المنطقة العربية وتعظيم التعاون مع دولها، لاسيَّما وأن الهند لديها مصالح ضخمة فى المنطقة، وبالتالى عليها تطوير التعاون معها، والاستثمار فيها بما يعود بالنفع على الجانبين.
-
هذا، وقد التقى الوفد الهندى – بمقر وزارة الخارجية، وفى حضور السفير د./ عزت سعد، مدير المجلس – بالسفير هانى سليم، مساعد وزير الخارجية للشئون الآسيوية، فى زيارة مجاملة فى ختام زيارة الوفد للقاهرة. وقد اقترح المساعد على الوفد الهندى إقامة شراكات مع مراكز فكر مصرية أخرى، مشيراً بصفة خاصة إلى مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية.