بريماكوف … السير على “حد السيف” ورحلة التقارب مع بوتين
نوفمبر 4, 2019ورشة العمل الإقليمية حول تعزيز التنفيذ الوطني لعقوبات الأمم المتحدة
نوفمبر 7, 2019
في 7 نوفمبر 2019، استقبل المجلس وفداً من معهد الدراسات الشرق أوسطية بالمعاهد الصينية للعلاقات الدولية المعاصرة (CICIR)، بناءً على طلبه، برئاسة البروفيسور/ Zhang Li ، نائب رئيس المعهد، والدكتور/ Niu Xinchun مدير المعهد وثلاثة باحثين هم كل من : Gong Zheng ، Li Yanan ، Dong Bing ، – وذلك في ختام جولة للوفد شملت كلٍ من إسرائيل وتركيا- لإجراء جولة مشاورات مع المجلس شملت تطورات العلاقات الصينية/المصرية، مع التركيز بصفة خاصة على الاتحاد الاقتصادي المصري والمستجدات في منطقة الشرق الأوسط والسياسة الخارجية الأمريكية فيها، ودور مصر والصين في استقرار المنطقة. وقد بدا الجانب الصيني حريصاً على معرفة ماإذا كانت هناك معوقات أمام التعاون الاقتصادي والاستثماري بين البلدين.
وقد مثل المجلس في الجولة التشاورية كلٍ من: السفير/د. عزت سعد- مدير المجلس، والسفير/هشام الزميتي- أمين عام المجلس، والسفير/علي الحفني – منسق اللجنة الدائمة للشئون الآسيوية بالمجلس، والسفير/عبد الفتاح عز الدين- عضو المجلس، ورجل الأعمال/محمد قاسم-عضو المجلس.
وفيما يلي أهم مادار خلال اللقاء:
-
بدأت أعمال الندوة بكلمة ترحيبية من السفير/د. عزت سعد – مدير المجلس، أكد فيها على مايلي:
-
أن الصين تشغل اليوم مكانة متميزة على أجندة السياسة الخارجية المصرية، أو بالأحرى الأجندة الداخلية والأجنبية على السواء. وينعكس ذلك في الزيارات المتكررة للرئيس السيسي للصين منذ رحلته الأولى في ديسمبر 2015، وحتى رحلته الأخيرة في إبريل 2019 للمشاركة في القمة الثانية لمنتدى الحزام والطريق، فضلاً عن عقد ستة لقاءات على هامش مناسبات دولية مختلفة مثل الـG20 وقمة بريكس 2017 وغيرها، هذا بالإضافة لمذكرة التفاهم الموقعة بين الجانبين المصري والصيني في 5 أغسطس 2019 بهدف تكثيف التعاون في المجالات المختلفة وعلى رأسها المشروعات المقامة في المنطقة الاقتصادية للقناة، وكذا في المشاريع التي تتم في العاصمة الإدارية الجديدة.
-
أن هناك أسباباً عديدة لتطوير العلاقات بين الجانبين المصري والصيني، أبرزها:
– التماثل في توجهات السياسة الخارجية للبلدين، خاصة مبادئ عدم التدخل في الشأن الداخلي واحترام كل جانب قيم وخصوصيات الآخر، والتسوية السلمية للمنازعات ونبذ استخدام القوة في العلاقات الدولية.
– إعجاب مصر بالنموذج الصيني للتنمية، وبالتالي الحاجة إلى الاستفادة من التجربة الصينية، فالصين هي ثاني أكبر قوة اقتصادية عالمياً والأولى تجارياً. ولدى مصر إرادة سياسية لتطوير تعاونها مع الجانب الصيني لكي تكون بالفعل قوة اقتصادية وتجارية رئيسية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
2- أخذ الدكتور/ Zhang Li نائب رئيس المعهد الصيني والخبير في مجال الأمن السيبراني الكلمة، حيث أكد على ماتشهده منطقة الشرق الأوسط من تغيرات كبيرة وسط تعدد الأجندات الدولية والإقليمية، والصراع بين إيران والولايات المتحدة، والعمليات العسكرية التي تتم على الأراضي السورية واختلاف أجندات القوى الدولية حيال عملية التسوية لكافة الأزمات، منوهاً إلى أهمية التعاون الدولي في مجال مكافحة الإرهاب منوهاً إلى أن مقتل البغدادي لايعني نهاية تنظيم داعش، بل لابد من وجود جهد دولي منسق لمواجهة كافة التنظيمات الإرهابية دون تمييز، فضلاً عن مواجهة الدول التي تدعم التنظيمات الإرهابية، مؤكداً على الحرص الصيني على الاستفادة من الخبرة المصرية في هذا المجال.
وأضاف أن الولايات المتحدة يجب أن تتخلى عن مبدأ التصعيد مع إيران تجنباً لإشعال حروب أخرى في المنطقة ، خاصة وأن حصول إيران على السلاح النووي سيؤدي لمزيد من التوترات في المنطقة وقد يهدد بمزيد من التصعيد قد تتطور لمواجهة نووية بين القوتين خاصة وأن الولايات المتحدة لن تسمح بما يهدد الأمن القومي.
3- تحدث رجل الأعمال محمد قاسم عن تطورات أداء الاقتصاد المصري مشيراً في ذلك إلى ماتضمنه آخر تقرير للبنك الدولي في هذا الشأن، والذي أكد أن نمو الاقتصاد المصري يبلغ 5.8% خلال العام المالي الجاري، وأن الحكومة المصرية استطاعت الحفاظ على استدامة هذا النمو وتحسينه، وتوقع البنك وصول معدل النمو إلى 6% خلال العام المالي 2020 /2021. وأضاف السيد/ قاسم:
-
أن الاستثمارات الصينية في مصر لم تشهد الزيادة المأمولة، كما لايمكن مقارنتها بالاستثمارات الصينية في إفريقيا، معرباً عن أمل الجانب المصري في زيادتها حيث لايمكن الاستمرار في الاستيراد.
-
أنه يدرك أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة في تراجع على المستوى العالمي، وهو مايؤشر لانخفاض في معدلات النمو العالمي، إلا أن هناك حاجة إلى قيام الجانب الصيني بالتعامل مع القطاع الخاص المصري الذي ذكر السيد/ قاسم بأنه مهمش، ولكن المستثمر الصيني يوصي بالتعامل مع الحكومة فقط ويصدق ماتقوله على خلاف رجل الأعمال.
-
أكد ضرورة تعلم الجانب المصري من التجربة الصينية في مجالات مكافحة الفقر والسلطات والصلاحيات التي تحظى بها المقاطعات ووحدات الحكم المحلي والمنافسة فيما بينها على التطوير والنمو في إطار من المحاسبة والرقابة الجيدة.
-
أن الجانب الصيني كثيراًمايطلب معلومات لاحدود لها من نظيره المصري مما يؤدي أحياناً إلى التضارب، خاصة وأن لدينا جهات كثيرة تعطي معلومات متضاربة وأحياناً متناقضة.
-
في السياق عاليه، أبدى السيد/ قاسم أسفه إزاء قيام إثيوبيا بـ”خطف” مشروع هام بإنشاء مدينة للنسيج في المنيا بعد أن منحت الأرض مجاناً وإعفاء ضريبي لمدة عشر سنوات من تاريخ الانتاج.
4- علق السيد/Zhang Li بالقول بأن الصين، في تعاونها مع الجانب المصري، لاتستهدف تكرار النموذج الصيني خاصة وأن الدول وبخاصة الإفريقية التي حاولت تكرار النموذج الغربي لم تنجح في تحقيق المعدلات الاقتصادية من النمو والتنمية المطلوبة ، منوِهاً إلى الحاجة إلى توفير البيانات الحكومية الصحيحة من الحكومية المصرية لتقديمها للمستثمر والعمل على تبادل المعلومات بصورة صحيحة بين الجانبين المصري والصيني حول مجالات الاستثمار والتعاون ، بهدف تجاوز المشاكل المتعلقة بتضارب المعلومات المقدمة للمستثمرين، حيث يؤثر هذا التضارب على معدلات الاستثمار الصيني المباشر في مصر كما يجعل البيئة الاستثمارية غير مواتية، في الوقت الذي تؤدي فيه الصراحة والشفافية في المعلومات المقدمة إلى توفير بيئة من الأمن والاستقرار تكون عامل جذب رئيسي للمستثمرين.
وخلص الضيف الصيني إلى أن الصين حريصة على التعاون مع الحكومة المصرية في مجال البنية التحتية وبناء المدن الجديدة وتبادل الخبرات في هذا المجال لتأسيس مدن عصرية ذكية باستخدام أحدث التكنولوجيا بالتعاون مع القطاع الحكومي والخاص. منوهاً في ذات السياق، إلى أن تلك المشاريع ستفتح الباب أمام خطة التنمية في مصر 2020 داعياً لأهمية أن تتواكب التنمية الاقتصادية مع برامج اجتماعية مماثلة لتحقيق التنمية المتوازنة والقضاء على الفقر ، منوهاً أنه من المقرر أن تنتهي الصين من خطتها للقضاء على الفقر في العام 2020.
وفيما يتعلق بالاقتصاد العالمي، فقد أكد على أن العالم يعاني بالفعل من تراجع معدلات الاستثمار والنمو فضلاً عن اتجاه قوى اقتصادية كبرى كالولايات المتحدة لاتباع مبدأ الحمائية التجارية وفرض العقوبات الاقتصادية بما يؤثر على العولمة الاقتصادية والتي لعبت دوراً أساسياً في تحقيق الولايات المتحدة ازدهارها الحالي، في حين أن الصين تعارض هذا النهج وتعمل من خلال مبادرة الحزام والطريق الى خلق إطار عالمي جديد للانفتاح والتعاون الاقتصادي بين الدول المتقدمة والنامية بما يحقق الرخاء للشعوب، فضلاً على القضاء على ارتفاع معدلات التضخم وتوفير فرص عمل بما يقلل من معدلات البطالة، خاصة وأن معظم الدول في العالم سواء المتقدمة أوالنامية تواجه موجات غضب شعبية نتيجة لارتفاع الأسعار ومعدلات البطالة وغياب العدالة الاجتماعية وهو الأمر الواجب مجابهته لتحقيق الاستقرار العالمي.
5- تحدث السفير/ هشام الزميتي- أمين عام المجلس- عن الحاجة إلى تنشيط السياحة الصينية إلى مصر، كما تناول باستفاضة دور الحكومة المصرية – والرئيس عبد الفتاح السيسي شخصياً- بالاهتمام بالطبقات الفقيرة والأكثر فقراً مشيراً في ذلك إلى برامج الرعاية الاجتماعية العديدة التي ترعاها الحكومة مثل تكافل وكرامة وحياة كريمة و100 مليون صحة. وفي هذا السياق، عرض كلاً من السفير/علي الحفني والسفير/عبد الفتاح عز الدين الجوانب المختلفة لهذه البرامج، ونجاحها في توفير ظروف مناسبة إجتماعية وصحية لشريحة لايستهان بها من المواطنين.
6- تعليقاً على ماتقدم، أكد الجانب الصيني أنهم يعلمون أن مصر حققت تقدماً كبيراً في مجال مكافحة الفقر وكذلك التغلب على مشكلة العشوائيات. وفي هذا السياق، أشار رئيس الوفد إلى أن أحد الأسباب الرئيسية للاضطرابات في هونج كونج هو العامل الاقتصادي وأزمات ارتفاع أسعار السلع والخدمات والسكن، وأن الشباب المتظاهر شن غضبه على العولمة وهو ماينبغي مواجهته.
7- تطرقت المشاورات إلى تطورات المواجهة بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية، حيث أشار الجانب الصيني إلى رغبة إيران في التفاوض ولكن بعد رفع العقوبات، وأن تراجع طهران عن التزاماتها بموجب الاتفاق النووي وبما يتيح لها تطوير قدرات نووية عسكرية سوف يفاقم الوضع.
وأضاف أن واشنطن تتحكم في الفضاء السيبراني الذي لاتحكمه قواعد دولية حتى الآن، مشيراً إلى أن القدرات الأمريكية في هذا الشأن خطيرة وتمثل تهديداً لأمنهم القومي ( جاءت الإشارة في معرض الحديث عن هجمات سيبرانية عديدة متزايدة تتعرض لها إيران من كل من الولايات المتحدة وإسرائيل).
كذلك تم التطرق إلى الملف الكوري الشمالي، حيث ذكر الجانب الصيني أنه حاول مراراً إقناع الولايات المتحدة بتقديم حوافز للكوريين بما يسمح بالبدء في تقديم تنازلات في المقابل، إلا أن الأمريكيين ينظرون إلى المسألة على أنها معادلة صفرية وأنه على بيونج يانج أن تتوقف تماماً عن تجاربها النووية والصاروخية قبل رفع أي عقوبات، وهو مالن يقبل به الرئيس الكوري الشمالي.
وحول الانسحاب الأمريكي من الشرق الأوسط، أشار الجانب الصيني إلى أنه خلال مشاورات الوفد مع الإسرائيليين، أكد هؤلاء أن مسألة الانسحاب غير واردة وأن التزامات الولايات المتحدة تجاه إسرائيل لن تتغير. وأضاف أن كلٍ من إيران وتركيا وإسرائيل ستشكل الشرق الأوسط الجديد فيما بينها حسبما ذكر الإسرائيليون لهم.
ومن جانبه، فقد أشار وفد المجلس إلى أن أمام الصين فرصة استراتيجية كبيرة للمساهمة في تحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة العربية، لاسيما مصر، من خلال زيادة استثماراتها فيها والتمسك بمواقفها السياسية المتوازنة بشأن كافة قضايا المنطقة وأن المصالح الاقتصادية والتجارية الضخمة للصين في المنطقة تفرض عليها النظر في تفعيل سياستها الخارجية والانخراط في الصراعات المختلفة في هذا المنطقة بمايتيح التوصل إلى حلول سياسية عادلة لها.