مصر وبايدن رئيسًا … السفير عبد الرؤوف الريدي
نوفمبر 11, 2020الصراع الداخلي المحتدم في إثيوبيا …رؤية تحليلية للأسباب والتداعيات
نوفمبر 17, 2020
(تحت رعاية الأستاذة/د. إيناس عبد الدايم- وزير الثقافة)
بتاريخ 11 نوفمبر 2020، شارك السفير/د. عزت سعد- مدير المجلس، ممثلاً عن وزارة الخارجية، في احتفالية المجلس الأعلى للثقافة حول “العلاقات المصرية /الروسية…العلاقات الثقافية”، بكلمة جاءت على النحو التالي:
السيد الأستاذ/د. هشام عزمي– أمين عام المجلس الأعلى للثقافة،
سعادة السفير جورجي بوريسينكو سفير روسيا الاتحادية بالقاهرة،
السيدات والسادة الحضور،
قبل عامين (2018) احتفلنا بذكرى مرور 75 عاماً على قيام العلاقات الدبلوماسية المصرية / الروسية. ولم يشأ البلدان أن تمر المناسبة دون الاحتفاء بها، حيث زار الرئيس السيسي روسيا للمرة الخامسة في أكتوبر 2018، ثم بعد ذلك، وللمرة السادسة، للمشاركة في قمَة روسيا/إفريقيا.
ولقد كانت ثورة 30 يونيو 2013 فاتحة لمرحلة جديدة في علاقات البلدين، حيث توافرت لدى الجانبين الإرادة السياسية القوية للمزيد من التعزيز لهذه العلاقات. ومنذ الزيارة الأولى للرئيس السيسي لموسكو في 14 نوفمبر 2013 – وقت أن كان نائباً لرئيس الوزراء ووزيراً للدفاع، ومعه وزير الخارجية السابق – نبيل فهمي، حيث عكست المشاورات السياسية بين البلدين تقاطعاً واضحاً بين أولويات الأمن القومي المصري وبين اهتمامات ومصالح روسيا الاتحادية في المنطقة، وهو ما ساهم في إيجاد مساحة كبيرة مشتركة تلاقت فيها الرؤي حيال معظم، إن لم يكن كل، الملفات الإقليمية والدولية.
وليس بوسع الجانبين تجاهل الثمار الكبرى للتعاون بينهما في كافة المجالات إبان فترة الاتحاد السوفيتي ورئاسة الراحل جمال عبد الناصر، والذي تجسد في بناء قاعدة صناعية مصرية شملت مشاريع عملاقة ما تزال شامخة حتى اليوم كالسد العالي ومصانع الألمنيوم والحديد والصلب وغيرها والتي تربو على المائة، كما أشار السيد السفير إلى صفقات تسليح الجيش المصري. ورغم التراجع الكبير في العلاقات إبَان حكم الراحل السادات، فإن ذلك لم يمنع موسكو من المضي قدماً في المساهمة في إعادة بناء القوات المسلحة المصرية ومساندتها في حرب أكتوبر 1973.
واليوم وبعد أن باتت روسيا منافساً جيوسياسياً مقلقاً للغرب – خاصة مع تصميم الرئيس بوتين على قيام الغرب بمعاملة بلاده على قدم المساواة على الساحة الدولية، وبما تستحقه من تقدير واحترام، وتعظيم قدراتها النووية الاستراتيجية والصاروخية – يلاحظ المراقب ضغوط واشنطن على الدول الصديقة والحليفة لها ارتباطاً بعلاقاتها بروسيا، بما فيها مصر ودول أخرى. وفي هذا السياق، أُشيرَ مراراً إلى عدم رضاء بعض الدوائر في واشنطن عن تنامي علاقات القاهرة بموسكو والحاجة إلى مراجعتها، وهنا كثيراً ما يؤكد الرئيس السيسي أن انفتاح مصر على روسيا وتعزيز العلاقات معها – أو مع غيرها – ليس موجهاً ضد أحد. وقد باتت مسألة إستقلالية سياسة مصر الخارجية والتنوع في شراكاتها الاستراتيجية بمثابة ركيزة أساسية في استراتيجية مصر الخارجية. وأصبحت روسيا بحق شريكاً استراتيجياً لمصر لاغنًى عنه في تسوية مشكلات المنطقة والحفاظ على الاستقرار والأمن فيها.
لا يستطيع أحد أن ينكر أنه في منطقة مضطربة مثل الشرق الأوسط، حيث تتفجر الصراعات ويتنامى الإرهاب والتطرف الديني، هناك مساحة كبيرة للتعاون المصري/ الروسي في كافة المجالات. وتشهد السنوات الأخيرة نشطاً روسياً واضحاً وتأثيراً حقيقياً في ملفات كثيرة، وهو ما يستوجب المزيد من التنسيق والتشاور الوثيق مع الشريك الاستراتيجي مصر، خاصة في ضوء تماثل توجهات البلدين ورؤيتهما للأوضاع في المنطقة ولمبادئ الحوكمة العالمية لا سيما مبادئ عدم التدخل في الشئون الداخلية وحظر استخدام القوة أو التهديد باستخدامها في العلاقات الدولية وقلقلة أو تغيير الأنظمة القائمة، تحت دعاوى زائفة أو مضللة، وحق كل دولة في اختيار نموذج التنمية الذي يتناسب ومنظومة القيم الخاصة بها، وحرص البلدين على البعد عن إسداء النصائح والتعالي والغطرسة ولغة التهديد وفرض الشروط.
ولا شك في حقيقة أن هناك إمكانات واعدة لتعاون مصري / روسي مثمر في كافة مجالات التعاون الاقتصادي والعلمي والفني، خاصة في ضوء حقيقة أن اقتصاد كل من البلدين مكمل للآخر. ومع ذلك اعتقد أن الجانبين لم يبذلا جهداً كافياً في هذا الشأن رغم هذه الإمكانات.
ما دمنا في ضيافة وزارة الثقافة ومجلسها الأعلى، لا يمكن أن نتجاهل التعاون الثقافي بين البلدين، والذي يمثل حجر الزاوية في التقارب والتفاهم بين شعبي البلدين وبالتالي هو الترمومتر الحقيقي للعلاقات بين شعبي البلدين.
لقد كان التبادل الثقافي بين الجانبين كبيراً ومتنوعاً في الماضي وكان من ثماره على سبيل المثال لا الحصر، إنشاء أكاديمية للفنون في مصر ووضع الأسس العلمية والفنية للفرق القومية للفنون الشعبية في طول مصر وعرضها والأوركسترا السيمفوني والكونسرفاتوار ومعهد الباليه وانشاء فرقة باليه مصرية، كانت الأولى من نوعها في المنطقة العربية وإفريقيا، فضلاً عن أن المسرح الروسي كان الأكثر تاثيراً على المسرح المصري من حيث الواقعية والاعتماد.
وللأسف لا يوجد اليوم هذا الزَخم من التعاون الثقافي الذي كان في الماضي، ويظل التعاون الثقافي قاصر منذ عقود على البعثات التعليمية، وبعض أسابيع الأفلام السينمائية وزيارات متقطعة للفرق الفنية، ولكن دون حماس لفعل المزيد، من الجانبين. وأود الإشارة في هذا السياق إلى عشرات المنح السنوية للطلبة المصريين، وإن كان التبادل الطلابي بين الجامعات لايزال محدوداً وهناك حاجة لعمل شراكات من خلال منصات الإنترنت، لكن أرجو أن يكون الجانب المصري قد استنفذ هذه المنح بالكامل واستخدمها لخدمة العلاقات الثقافية بين البلدين ولدراسة فنون السينما والباليه والكونسرفاتوار، على نحو ما جرى بكثافة حتى مطلع سبعينيات القرن الماضي، وأثمر عن رموز فنية مصرية عظيمة مثل رمزي يسي وحسن شرارة وماجدة صالح وعبد المنعم كامل وجابر البلتاجي وغيرهم ، يُذكر أن أول عميد لمعهد الكونسرفاتوار كان روسياً، كما أنه من المهم جداً إحياء حركة الترجمة.
أثق أن المجلس الأعلى للثقافة سيغتنم مناسبة عام الثقافة بين البلدين (2021) للتعاون مع زملائهم من الجانب الروسي لصياغة خطة شاملة لإحياء التعاون الثقافي المصري / الروسي في كافة أشكاله، بما يلبي طموحات الجانبين ويكون آداة للتقارب والتعارف بين الشعبين اللذين تجمعهما أواصر صداقة تاريخية متينة. ولا يجب أن ننسي التراث الإسلامي والعربي في كتابات أساطين الأدب والثقافة في روسيا من أمثال ليف تولستوي وألكسندر بوشكين وإيفان بونين وفي كتابات كتاب مصريين كبار قدماء مثل الامام محمد عبده وأخرين معاصرين.
وشكراً جزيلاً،،،