الصراع الداخلي المحتدم في إثيوبيا …رؤية تحليلية للأسباب والتداعيات
نوفمبر 17, 2020أردوغان رهينة استراتيجيته (2023)
نوفمبر 20, 2020
بتاريخ 18 نوفمبر 2020، استضاف المجلس المصري للشئون الخارجية الدكتور/ محمود ضاهر عويس، الصومالي الأمريكي الجنسية، ورئيس حزب التشاور الوطني، بناءً على طلبه، حيث ذكر أنه يعتزم الترشح لانتخابات رئاسة الدولة في بلاده، والتي ستُجرَى في فبراير 2021، وأنه في ضوء تقديره العميق للعلاقات التاريخية المصرية / الصومالية، ودور القاهرة الإيجابي المعروف في دعم الشعب الصومالي منذ الاستقلال، وتواصله وأسرته الدائم مع مصر وشعبها منذ عقود، فقد رأى إطلاع الجانب المصري على التطورات في بلاده وتقييمه لها، راجياً النظر في إمكانية تفعيل الدور المصري في الصومال. ومن بين أهم ما أشار إليه الضيف ما يلي:
-
على الرغم من تحول الصومال صوب الولايات المتحدة بعد سقوط نظام بري، فإنه لم يحقق ما كان يأمله من الحصول على الدعم العسكري والاقتصادي اللازمين لحفظ أمن البلاد والنهوض بأوضاعه المتدنية. ومن ثَم، ظهر العديد من الفصائل القبلية المتناحرة على السلطة، إلى جانب بروز حركات الإسلام السياسي كالإخوان المسلمين والحركات الجهادية المسلحة، نتيجة لغياب مؤسسات الدولة التي تستطيع إيقافها.
-
تدخلت الأمم المتحدة أيام الأمين العام الأسبق بطرس غالي في الأزمة آنذاك، وابتعثت قوات حفظ سلام إلى الصومال، فضلاً عن تعيين الدبلوماسي الجزائري/ محمد سحنون، ممثلاً عن الأمين العام إلى الصومال، بغية محاولة تقريب وجهات النظر بين الأطراف المتنازعة هناك. ولكن رغم التقدم الكبير الذي تم تحقيقه على المستوى الدبلوماسي، إلا أنه لم يلبث أن تلاشى تماماً، نتيجة الضربات الشديدة التي شنتها الولايات المتحدة فجأةً في أنحاءٍ من الأراضي الصومالية، والتي تمَّت دون التشاور مع الأمم المتحدة ودون علم الأمين العام الدكتور بطرس غالى، ما أدى إلى تقديم المبعوث الأممي استقالته، وسحب قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، وانهيار عملية السلام بشكلٍ كامل.
-
عقب انتهاء الضربات الأمريكية، وخروج الولايات المتحدة من المشهد الصومالي، تم تسليم ملف الصومال بشكلٍ كامل إلى رئيس الوزراء الإثيوبي الأسبق ملس زيناوى، والذي قام باستكمال الدور الإثيوبي الخبيث الذي بدأ منذ انهيار دولة الصومال، والمتمثل في تأليب الفصائل الصومالية على بعضها البعض، ودعم بعض الأحزاب السياسية دون غيرها، الأمر الذي أدى إلى تقسيم البلاد إلى دويلات، من أبرزها “أرض الصومال” و “بونت لاند” و “جوبا لاند”، وذلك على أسس عشائرية وقبلية. ومن ثمَّ، طُرِحت أفكار وتصورات حول كيفية احتواء الواقع المعقد الجديد، من قبيل تكوين حكومة فيدرالية.
-
لاحقاً، وبعد تصدّر الرئيس الصومالي الحالي محمد عبد الله فرماجو المشهد السياسي في البلاد بعد خوضه منافسة مع الرئيس المنتهية ولايته حسن شيخ محمود، اعتقد الصوماليون أن بيده الخلاص من الأزمات التي يعانيها وطنهم، خاصة وأن شعاره الانتخابي كان يدور حول رفض ومناهضة أي تدخل أجنبي في البلاد، بما في ذلك التدخل الإثيوبي. ولكن الحقيقة كانت على خلاف ذلك؛ إذ لم يلبث أن سلَّم مقاليد الأمور لإثيوبيا ورئيس وزرائها آبي أحمد.
-
من جهة أخرى، حاولت كلٌ من قطر وتركيا الاستئثار بقدرٍ من النفوذ داخل الصومال، إلى جانب إثيوبيا، عبر توزيع الأدوار فيما يتعلق بوجود الدول الثلاث في الأراضي الصومالية؛ فبينما تعمل تركيا على تطبيق استراتيجيتها التوسعية من خلال التركيز على مشروعات التعليم والبنية التحتية… إلخ، تركز قطر على دعم فرماجو مادياً، بالتوازي مع الدعم العسكري الإثيوبي. وقد نجحت الدولتان في ذلك إلى حدٍ كبير. وتوهَّم الكثيرون من البسطاء في الصومال أن تركيا ستمثل طوق النجاة للتغلب على الأوضاع الصومالية المعقدة، لاسيما بعد زيارة أردوغان للعاصمة الصومالية وفتحه الباب على مصراعيه أمام الطلاب والتجار الصوماليين وكذا القوات الوطنية الصومالية لتدريبها… إلخ. ولكن الحقيقة هي أن الاستراتيجية التركية تقوم على أيديولوجية الإسلام السياسي والهيمنة ونهب الثروات، وبالتالي القضاء على أية فرصة لحوار صومالي/ صومالي.
-
ارتباطاً بما تقدم، ذكر الضيف الصومالي أن التوجه الإسلامي التركي وظهيره القطري وصل إلى حد تعيين مراسل قناة الجزيرة في مقديشيو/ فهد ياسين مديراً للمخابرات الصومالية، رغم فقدانه أي مؤهلات لمنصب كهذا. وبجانب الدعاية الكاذبة بأن الدول المعتدلة في المنطقة هي ضد الإسلام، يستغل ياسين الشباب الصغار وغير المتعلمين للعمل في مؤسسات الدولة وفي العمليات الاستخباراتية، كما يخطط لأنْ يصبح التشكيل البرلماني القادم مكوَّناً من المجموعات الإسلامية التابعة له. ومن المفارقات أن ياسين استمر في سياسة تسليم الصومال لإثيوبيا على نحوٍ جلي، على عكس أفعاله التي توحي بانتمائه للتوجه الإسلامي المدعوم من تركيا وقطر. والأخطر من ذلك ارتباط ياسين بحركة الشباب التي تدعمها قطر، وأيضاً إثيوبيا، من وراء ستار.
-
وقعت أرض الصومال اتفاقاً مع إثيوبيا منذ عامين بشأن إدارة أربعة موانئ صومالية، دون تحديد تلك الموانئ أو إعلان المزيد من التفاصيل في هذا الشأن، ودون عرض ذلك على البرلمان الصومالي. ويُتوقَّع أن تكون السواحل الصومالية المضيفة للقوة البحرية الإثيوبية التي يجري تحديثها في الوقت الراهن.
-
نتيجة المقاومة التي أبدتها قبائل مقديشيو ضد القوات الإثيوبية عند دخولها في عام 2006 لنصرة الحكومة الانتقالية الموالية لها هناك، فيمكن القول إن دعم إثيوبيا لفرماجو يأتي كانتقام من تلك القبائل، التي بدأ صوتها يعلو برفض سياسات الرئيس. وهذا الأخير لم يكن له ظهير قبلي في مقديشيو أو المناطق المحيطة بها، وإنما الدعم الذي يحصل عليه هو بفضل مصاهرته لإحدى القبائل الكبرى في العاصمة، وكذا بفضل الدعم الخارجي وحركة الشباب، فضلاً عن دعم قاعدة عسكرية مكونة من 5 آلاف عسكرياً تم تدريبهم في إريتريا لمعاونته وحمايته. وارتباطاً بذلك، يمكن القول بأن الرئيس الإريتري أسياس أفورقى يؤيد الاستراتيجية الإثيوبية بشأن الصومال، ومن ثَم يدعم فرماجو، على الرغم ممَّا نفاه المستشار السياسي للرئيس أفورقى، يماني جبر آب، في محادثة هاتفية مع الضيف بأن بلاده لن تتدخل في العملية الانتخابية القادمة في الصومال، ولا تعتد بأية انتخابات هناك.
-
يعد إقليم أوجادين من أكبر أقاليم المنطقة الحاوية للنفط والغاز، والذي يخضع للسلطات الإثيوبية. ولقد انخرطت الصين مع إثيوبيا في استخراج هذا الغاز منذ أيام ملس زيناوى، وهو ما أدى إلى سقوط التيجراى من الحكم في نهاية المطاف. إذ إن الولايات المتحدة غير راضية عن أي تدخل صيني في إفريقيا. كما أن إثيوبيا تعلم أن الصومال يمتلك كميات هائلة من اليورانيوم والمعادن النادرة، إضافة إلى الموقع الاستراتيجي.
-
تعرَّض الصومال لتدخلات وغزوات خارجية عديدة، من البرتغال وإيطاليا وحتى ألمانيا، ولكن لم يؤثر على الهويات الصومالية. وللأسف يجرى الآن اندماج عدد كبير من عرقية الأورومو الإثيوبية في الصومال. ويقف رؤساء الأقاليم مثل جوبا لاند (أحمد محمد إسلام) وبونت لاند (سعيد عبد الله)، والرؤساء السابقين (حسن شيخ محمود وشريف شيخ أحمد وعلي مهدي وعبد القاسم صلاد حسن) ضد هذا التوجه.
-
بالنسبة للموقف الأمريكي مما يجرى في الصومال، فيمكن القول بأنه كان متأرجحاً وغير مستقر، في سياق الإطار العام الذي كانت تسير عليه السياسة الخارجية الأمريكية الفوضوية في عهد ترامب. ويمكن الادعاء بأن الأخير كان يدعم فرماجو إلى حدٍ ما، حيث كان يرسل أحياناً قوات أمريكية، فيما يقوم بشن ضربات باستخدام طائرات بدون طيار. وقد ساعد على ذلك صداقة فرماجو لأحد المقربين من ترامب، وهو رجل أعمال يُدعَى/ Michael Caputo، الذي قاد الحملة التمهيدية للحزب الجمهوري لدونالد ترامب في The Empire State. وكان فرماجو قد فرَّ من الصومال، وحصل على حق اللجوء في الولايات المتحدة، وأصبح مواطنًا أمريكيًا، والتحق بجامعة Buffalo، وانخرط في سياسة الحزب الجمهوري في غرب ولاية نيويورك، وذلك قبل أن يعود إلى الصومال، فما أن عاد إلى بلاده ونجح في الترشح للرئاسة في عام 2016، ثم تولى منصبه في فبراير 2017، تخلى عن جنسيته الأمريكية.
-
يُعلَم أن هناك نوعاً من التوتر في علاقات الولايات المتحدة بفرماجو على إثر تعيين فهد ياسين مديراً للمخابرات الصومالية في أغسطس 2019، حيث أدى ذلك إلى قطع المخابرات الأمريكية تعاونها مع نظيرتها الصومالية. وبشكل عام، يمكن القول بأن أهمية الصومال بالنسبة للولايات المتحدة ترتبط بمحاولات الصين تعزيز وجودها هناك، والاستفادة من الميزة الجيوستراتيجية التى تتمتع بها الصومال. ولا شك فى أن انسحاب الطرف الأمريكي من المشهد الصومالي يترك الفاعل الإثيوبي وحيداً فى الأراضي الصومالية، ما يعنى أن هناك فرصة لإعادة تقوية الجبهة الصومالية الداخلية، ولكن الحقيقة هي أن دول الجوار الجغرافي للصومال تنظر إلى الأخيرة على أنها بمثابة هدية فى ضوء غناها بالموارد، والتي يجب استغلالها والفوز بأكبر قدر منها، ومن ثمَّ لا تتوانى إثيوبيا عن مخططها التخريبي فى البلاد، وكذا كينيا من الجنوب.
-
أكَّد أنه لكي تنجح الصومال فى التغلب على أزماتها، فإنه يجب العمل على تأكيد هويتها وروابطها العربية، وإعادتها إلى الحاضنة العربية بنشاط؛ خاصة مع تسابق الشباب الصوماليين على تعلم اللغة التركية، فى مقابل انخفاض العلاقات التجارية التى كانت تجريها الإمارات مع الصومال، خاصة وأن الأولى كانت أحد الشركاء التجاريين الرئيسيين للصومال على مدار العقود الثلاثة الماضية. ومن ثم، يجب أن تحصل الصومال على الدعم العربي اللازم لمواجهة الزحف الثلاثي الإثيوبي – التركي – القطري، وليكن ذلك من خلال مراقبة عملية الانتخابات القادمة، وتعطيل اللجنة الانتخابية التى شكلها فرماجو لمتابعة تلك العملية، فضلاً عن فتح أبواب الدول العربية أمام الصومال ودعم حقوقه ومصالحه.
-
بالنسبة للدور السعودي فى الصومال، استضاف الملك سلمان فرماجو فى بداية عهده، ووعده بضخ نحو 4 مليار دولار استثمارات فى البلاد، فضلاً عن تعهد الملك بإخراج البلاد من الوضع الحالي. بيد أن فرماجو لم يلبث أن عيَّن رئيس وزراء تابع لقطر، وهو السيد/ حسن علي خيري، الذي تمت الإطاحة به مؤخراً على خلفية طموحه بالترشح للانتخابات الرئاسية ومنافسة فرماجو على منصب رئيس الصومال. كما أن قطر لعبت دوراً إعلامياً كبيراً فى اتهام رئيس الديوان الملكي السعودي، على إثر زيارته لمقديشيو، بأنه كان يقدم رشاوي للرئيس الصومالي ولكن الأخير رفض تسلمها. الأمر الذي أدى إلى دخول العلاقات السعودية – الصومالية فى حالة من الجمود. كما أنه لم يتم الموافقة على أسماء عدد من السفراء الصوماليين من قِبَل المملكة، ولا يزال المنصب شاغراً حتى اللحظة الراهنة، وذات الشيء بالنسبة للعلاقات الدبلوماسية الإماراتية/ الصومالية.
-
حول ما إذا كانت هناك فرصة لمنافسة فرماجو فى الانتخابات القادمة وإقصائه من المشهد الإثيوبي، أشار د. عويس إلى أن فرماجو ضعيف جداً من ناحية؛ إذ إنه ينتمي إلى قبيلة صومالية صغيرة جداً، وهي قبيلة “المريحان” التى كان ينتمي إليها سياد برى، ولكنه من ناحية أخرى يتسم بالشراسة، بفضل الدعم الخارجي المشار إليه أعلاه. ولكن هذا لا يمنع من دخول أشخاص فى الانتخابات ضد فرماجو، ومن بينهم د./ عويس الذي يعتزم اتخاذ تلك الخطوة. وفى هذا السياق، أفصح سيادته عن انتمائه لقبائل “الهوية”، وتحديداً لجماعة الـ “هبر جدير” إحدى كبريات البطون الصومالية.
-
فيما يتعلق بأخيه الشيخ/ حسن عويس، أشار د. محمود إلى أنه كان رئيساً للحزب الإسلامي فى الصومال، والذي كان يحاول الضغط على الرئيس شريف شيخ أحمد، ولكنه كان في خلاف واضح مع حركة الشباب، الأمر الذي دعا الولايات المتحدة إلى عرض استعدادها لتقديم الدعم للشيخ حسن فى مواجهة حركة الشباب، ولكنه رفض بحجة أنه لن يستعين بشيطان على مواجهة شيطان، كما أنه كان يرى أنه بالإمكان إعادة تأهيل المنتمين لحركة الشباب بعد القضاء على قياداتهم التى اعتقد أنها تنتمي للمخابرات الإثيوبية التى تعيث في الصومال فساداً.
-
تجدر الإشارة إلى أن قبائل الهوية وقبائل الوسط والعديد من القبائل الصومالية الكبرى ترفض مطلقاً أية سيطرة إثيوبية على الأراضي الصومالية، وتناصبها العداء الشديد. ويعتبرون الإثيوبيين أعداء تاريخيين. وهناك توجه عام لدى الصوماليين بأن الرئيس القادم للبلاد يجب أن يكون من الهوية. وهناك دعم لا بأس به من قِبَل الصوماليين لشخصية د. محمود عويس، فهو قد جالسهم ومعروف لديهم بانتمائه القبلي المؤثر فى الصومال، ولأسرة عويس أو الفقهيين ذات الشأن هناك، وكذا بشخصيته الدينية وأخلاقه الحميدة ووطنيته، ورفضه للتدخلات الإثيوبية والتركية والقطرية فى البلاد.
-
وتجدر الإشارة فى هذا السياق إلى أن وجهاء قبائل إقليم “أرض الصومال” أدركوا خطورة الوضع الراهن، واجتمعوا مؤخراً فى العاصمة الكينية نيروبي واتخذوا قراراً لأول مرة بأن يكون تعيين ممثلي الإقليم فى اللجان البرلمانية خاضع لإشراف الوجهاء وليس لفرماجو وأعوانه. وفى هذا السياق، طرح د. عويس تشكيل مجلس إنقاذ وطني مكوَّن من رؤساء الأقاليم بونت لاند وجوبا لاند والرؤساء السابقين، ووجهاء سياسيين من قبائل الهوية من مقديشيو، وخُصَّت مقديشيو فى هذا السياق لأن زوال نفوذ فرماجو منها سوف يُسهِّل الأمور. ومن ثم، يمكن القول بأن عمليات التعبئة والحشد والعصيان ومقاطعة اللجان يجب أن تنطلق بالأساس من العاصمة التى تمثل معقل فرماجو فى البلاد. ومما يساعد على تحقيق ذلك خطاب أرسله رؤساء قبائل الهوية للرئيس فرماجو، لتغيير أعضاء لجنة الانتخابات، وتعديل آلية انتخاب أعضاء البرلمان لكي تتم وفقاً للترشيح الخالص لأفراد القبائل والعشائر، بدلاً من الترشيح الصوري الذي يتدخل فيه مدير المخابرات الصومالية فهد ياسين، الذي يحدد كلاً من الناخبين والمختارين من المرشحين البرلمانيين.
-
حول العلاقات مع الولايات المتحدة، ذكر د. عويس أنها ضرورية فى المرحلة الحالية، نظراً للثقل الأمريكي الدولي، ولكونها تستضيف جالية كبيرة من المهاجرين الصوماليين، فضلاً عن سهولة الالتقاء بالمسئولين هناك. من جهة أخرى، وبالنسبة لروسيا، أشار سيادته إلى أن موقفها مما يحدث فى الصومال غير واضح، وأشار إلى القاعدة العسكرية البحرية التى يستعد الروس لإنشائها فى السودان على شاطئ البحر الأحمر.
-
بشأن الإعلام الصومالي، أشار إلى أنه يمارس دوراً معارضاً قوياً جداً، وهو ما يجب استغلاله للتأثير على الرأي العام فى حملته الانتخابية، مثل قناة Goobjoog News” – أي “الخبر الآن” وقناة “Universal”. فالمعارضة الصومالية للنظام القائم قوية جداً، لكنها فى حاجة إلى تنظيم وتنسيقٍ فى الحشد والعرض. ومن ثمَّ، لابد من العمل على تغيير النظام وزرع الثقة بين الصوماليين أنفسهم، الذين أصبحوا ينظرون إلى ممارسة دورٍ ما فى البلاد بمدى استناده إلى قوة خارجية.
-
من جهة أخرى، ورداً على استفسار حول تصوره لما يمكن أن تقوم به جامعة الدول العربية فى الانتخابات الصومالية القادمة، أشار د./ عويس إلى أن الدور الرسمي للجامعة يمكن استخدامه كمدخل للتعامل مع القضية الصومالية، وليس كمحرك لها، إذ بإمكانها تقديم توصيات واضحة بأن تكون عملية تشكيل لجان الانتخابات خاضعة للتكوين المجتمعي للشعب الصومالي، وأن تشتمل على شخصيات محايدة وموثوق بها، لكي تكون عملية الانتخابات نزيهة وعادلة. وأضاف أنه يأمل أن تقوم الدول العربية المعتدلة بالانخراط فى الأزمة الصومالية والسعي للمِّ شمل الفرقاء الصوماليين، وبدء حوار بنَّاء بحضور الشخصيات والقوى الوطنية، بما فى ذلك تقديم الدعم اللوجيستي اللازم لهم، والدفع بحزمة من المشروعات التنموية والاستثمارية فى الصومال، بما يعظم الرصيد العربي لدى الصوماليين، وتلاشى التأثير الإثيوبي والتركي والقطري.
-
فى السياق عالية، تناول العلاقات المصرية – الصومالية، والتصورات الممكنة للدور الذي يمكن أن تلعبه القاهرة لمساعدة الصومال فى محنتها، مشيراً إلى أن مصر تشغل مكانة خاصة فى عقول وقلوب الصوماليين، كدولة لها بصمات واضحة عليهم، لاسيما فى مجال التعليم، عبر استثمارها فى إنشاء المؤسسات التعليمية العامة والأزهرية، الأمر الذي لن ينساه الكثير من المثقفين الصوماليين الذين تلقوا العلم فى تلك المؤسسات. ومن ثمَّ، فيمكن لمصر أن تلعب دوراً كبيراً فى الأزمة الصومالية، من خلال العمل على لم شمل الجماعات المعارضة للتدخل الإثيوبي والتركي والقطري، ودعم القبائل التى تحاول الوقوف ضد عملية تزوير الانتخابات القادمة لضمان استقلاليتها، والتأكد من سلامتها ضد دخول عناصر حركة الشباب فى تشكيل البرلمان القادم، بما يؤدى إلى إجهاض سياسات فرماجو، وبما يمكن معه تعديل دفة الأحداث لصالح الصومال، وقد يساعد كثيراً فى هذا السياق انشغال إثيوبيا بأحداثها الداخلية الجارية فى إقليم التيجراى.
-
وعليه، طرح د./ عويس الدعوة إلى تعزيز الوجود المصري فى الصومال عبر إنشاء المزيد من المؤسسات التعليمية وإرسال البعثات التعليمية وزيادة المنح الدراسية للطلاب الصوماليين… إلخ. وأشار فى هذا السياق إلى أن المقرات التعليمية التى كانت قد أنشأتها مصر هناك حاول الرئيس التركي استغلالها لصالحه، الأمر الذي تم على إثره ذهاب وفد مصري إلى الصومال لإعادة التباحث فى عددٍ من المشروعات التنموية مثل تلك الخاصة بالتعليم والكهرباء والري، ولكن لم تلبث أن توقفت كافة المشروعات المقترحة بمجرد وصول فرماجو إلى رئاسة البلاد.
-
من جهة أخرى، يجب العمل على تنشيط العلاقات التجارية بين الجانبين المصري والصومالي، وتيسير تصريحات ممارسة الأعمال التجارية لرجال الأعمال الصوماليين، لإثنائهم عن الذهاب إلى اسطنبول لذلك الهدف، خاصة وأن حواجز اللغة والثقافة التركية قد تُيسِّر فى المقابل تنشيط تلك الأوضاع على المستوى المصري. وأضاف أنه يمكن تعزيز التعاون الطبي فيما بين الطرفين، بما فى ذلك فتح جناح خاص فى إحدى الجامعات المصرية للزمالة لتدريب الأطباء الصوماليين الجدد، ما يفضي إلى تعزيز القوة الناعمة المصرية فى الصومال. هذا، واختتم بالقول بأنه فى مرحلة لاحقة سيفرض التعاون الاستراتيجي نفسه، واضطلاع مصر بدور متنامي فى تدريب القوات الوطنية الصومالية، ضمن إطار أوسع للتعاون المشترك بين البلدين فى كافة المجالات.