لقاء مع السفير الروسي بالقاهرة
نوفمبر 23, 2020بمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني
ديسمبر 8, 2020
بتاريخ 25 نوفمبر 2020، شارك السفير/د. عزت سعد- مدير المجلس، ممثلاً عن وزارة الخارجية، في احتفالية المجلس الأعلى للثقافة حول “العلاقات المصرية /الإندونيسية…العلاقات الثقافية)، بكلمة جاءت كالتالي:
معالي السيدة/ د. إيناس عبد الدايم– وزير الثقافة،
الأستاذ/د. هشام عزمي– أمين عام المجلس الأعلى للثقافة،
السيد الوزير المفوَض/ محمد أجي سوريا– القائم بأعمال سفارة أندونيسيا بالقاهرة بالإنابة،
السيدات والسادة الحضور،،،
إنه لمن دواعي سروري أن أكون هنا اليوم ممثلاً عن وزارة الخارجية للمشاركة في أمسية ثقافية تحت رعاية وزارة الثقافة ومجلسها الأعلى، للعلاقات المصرية ببلدٍ عزيز علينا جميعاً وتربطنا به صلات ذات جذور تاريخية عميقة. إنها جمهورية أندونيسيا التي كانت مصر أول دولة تعترف باستقلالها عن هولندا عام 1945 ووقعت معها معاهدة صداقة وتعاون وأقامت معها علاقات دبلوماسية عام 1949، وكما نعرف جميعاً فإن أندونيسيا – التي يبلغ تعداد سكَانها 261.8 مليون نسمة – وفقاً لإحصاء عام 2018- هي أكبر دولة من حيث عدد المسلمين، بجانب ديانات ومعتقدات أخرى (المسيحية والهندوسية والبوذية). وكما نعلم أيضاً فإن أندونيسيا أرخبيل يصل عدد جزره إلى 17508 جزيرة وتضم 34 مقاطعة، وتحتفي في 17 أغسطس من كل عام بعيد استقلال تلك الدولة الرائدة في منطقة جنوب شرق آسيا والتي تتسم بتنوع عرقي وديني وثقافي فريد بجانب امتدادها الجغرافي كما ذكرت.
وكما أشار سيادة القائم بالأعمال، يتضمن الدستور الأندونيسي ومنذعهد الرئيس سوكارنو مبادئ خمسة تحكم الفلسفة التي تقوم عليها الدولة الأندونيسية الحديثة فيما يعرف بفلسفة ” البانشاسيلا””Pancasila” التي هي جزء لايتجزأ من احكام الدستور، وهي: الإيمان بالله، القوميَة، الديمقراطية، الإنسانية العادلة المتحضِرة، العدالة الإجتماعية.
ومن الناحية السياسية، فقد ترسخَت علاقات البلدين إبَان حكم الرئيسين عبد الناصر وسوكارنو، حيث شاركت كل من مصر وأندونيسيا في تأسيس حركة عدم الانحياز ومنظمة التعاون الإسلامي، حيث لعبتا دوراً محورياً في المنظمتين كما تشجع الدولتان حوار جنوب/جنوب، وتنتميان إلى مجموعة الـ 77 + الصين ومجموعة الـ 15 ومجموعة الدول الثمانية الإسلامية النامية والشَراكة الجديدة بين آسيا وإفريقيا، والتي استضافت جاكرتا قمتها الأولى عام 2005، وكان لي شرف المشاركة فيها، كل ذلك بجانب الروابط الدينية والثقافية المشتركة.
ولقد شهدت علاقات البلدين طفرة نوعية في العلاقات خلال السنوات الأخيرة، حيث زار الرئيس عبد الفتاح السيسي أندونيسيا يومي 4 و5 سبتمبر 2015 أجرى خلالها مباحثات سياسية شاملة مع نظيره الأندونيسي، كما التقى سكرتير عام تجمع آسيان بمقره بجاكرتا لبحث علاقات التعاون المشترك وآفاقه المستقبلية، خاصةً وأن مصر أعلنت اهتمامها بتنمية علاقاتها بهذا التجمُع الناجح والواعد والذي تعد أندونيسيا قوته الدافعة واقتصاده الأكبر. والحقيقة أن زيارة الرئيس السيسي كانت نقطة تحوُل هامة في علاقات البلدين التي ظلت لفترة لايُستهان بها في اتجاه واحد بمعنى أن الزيارات الرئاسية والوزارية كانت دائماً من الجانب الأندونيسي، بينما زار الرئيس الأسبق مبارك جاكرتا مرة واحدة عام 1983 (قمتُ شخصياً بمرافقة الرئيس عبد الرحمن واحد في زيارة للقاهرة عام 2001 والرئيسة ميجاواتي في زيارة رئاسية لمصر عام 2002). وتجري المشاورات السياسية بين البلدين على نحو منتظم على مستوى مساعدي وزير الخارجية (آخر جولة، وهي السادسة، عقدت بالقاهرة في 27 يونيو 2019).
وفي الإطار المتعدِد الأطراف، تتشارك البلدين مواقف متقاربة إزاء الكثير من القضايا الإقليمية والدولية بما فيها الصِراع العربي/الإسرائيلي وحظر الأسلحة النووية ومكافحة الإرهاب وتغيُر المناخ وغيرها من القضايا المدرجة على الأجندة الدوليَة. كما يحرص البلدان على التنسيق الإيجابي في المحافل الدوليَة ويتبادلان التأييد والدَعم لمرشحيهما في المناصب الدوليَة.
وعلى صعيد التبادل التُجاري، بلغ حجم التبادل التُجاري 1154 مليون دولار (عام 2019) طبقاً لجهاز الإحصاء الأندونيسي، ويميل لصالح أندونيسيا بواردات تبلغ 1019 مليون دولار، ويوجد في مصر 22 شركة مستثمرة بقيمة 57.99 مليون دولار تعمل في مجالات الإنشاءات والإتصالات والزُجاج وحمض التاليك اللَامائي.
وتعد اللجنة المشتركة للتعاون الإقتصادي والفني بين البلدين الآلية الرئيسية القائمة على علاقات البلدين (عُقدت الدورة الخامسة والأخيرة في إبريل 2007). وقد أنشأت أندونيسيا مجموعة الصَداقة مع مصر في 26 فبراير 2020 وتعمل بنشاط.
ومن المعروف أن الإقتصاد الأندونيسي يحتل المرتبة العاشرة عالمياً من حيث القوَة الشرائيَة، وتتمتع أندونيسيا بعضويَة مجموعة الـ 20.
ويبرز التعاون الثقافي بين مصر وإندونيسيا ليُمثِل- بحقٍ- الرَكيزةالأساسيَة لعلاقات البلدين، رغم الإمكانات الواعدة في المجالات الإقتصادية والتجارية.
وهنا يقوم الأزهر الشريف بالدَور الأكبر بحكم مكانته الخاصَة لدى الشَعب الأندونيسي، لما يتميَز به من فكر وسطي معتدل يتلاءم مع طبيعة الشعب الأندونيسي. ويمتد هذا التقدير للأزهر ليشمل القيادة السياسية في أندونيسيا. ومن هنا يبدو حرص الإمام الأكبر د. أحمد الطَيٍب على زيارة أندونيسيا بانتظام وكانت آخر زياراته في عام 2018 وزارها عام 2016 حيث استقبله السيد رئيس الجمهورية.
ويمنح الأزهر لإندونيسيا 178منحة جامعية ومعاهد سنوياً. ومن خلال هذا الدور يتحقق الانتشار الثقافي لمصر بأندونيسيا لاسيَما وأن هناك مايقرب من ألف طالب وطالبة يلتحقون بالأزهر سنوياً على نفقته الخاصَة (الإجمالي حوالي 600 طالب وطالبة). وقد أحسنت مؤسسة الأزهر بافتتاح مركز لتعليم اللُغة العربيَة لغير النَاطقين بها في جاكرتا في يوليو 2019.
هذا وأود الإشارة إلى أن هناك اتفاقاً للتعاون الثقافي وقع بين البلدين في يونيو عام 1955، وبرنامج تنفيذي له وقع في 20 أكتوبر 1961 وعدد من اتفاقيات التآخي والصَداقة بين بعض المحافظات المصرية ونظيراتها الأندونيسية. وقد شاركت مصر في الدورة السابعة عشر لمهرجان “بالي” الدولي للأفلام خلال الفترة من 10 إلى 13 ديسمبر 2019. وفي المقابل شاركت أندونيسيا في الدورة العشرين لمهرجان الإسماعيلية الدولي للفنون الشعبية بمحافظة الإسماعيلية في سبتمبر 2019، كما شاركت مصر بنجاح في معرض أندونيسيا الدولي للكتاب عام 2019. وشاركت أندونيسيا في مهرجان أسوان الدولي للثقافة والفنون خلال الفترة من 14 إلى 24 فبراير 2019، وهو مايعكس تبادلاً ثقافياً نشطاً وإن كان لايعكس مكانة البلدين التاريخية، كلٌ لدى الآخر.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،