السفير عبد الرؤوف الريدى يكتب: مصطفى الفقى في رحلة الزمان والمكان
يناير 27, 2021بيان المجلس لنعي السفير/ طاهر شاش، أحد الأعضاء المؤسسين للمجلس
فبراير 7, 2021
بين دعاة التغيير وأنصار الإبقاء على ما كان
الشرق الأوسط في أجندة بايدن
مقارنة تحليلية بين الأفكار الجديدة وبين سياسات مخالفة مستمرة للآن.
جو بايدن حدد بنفسه أجندته للسياسة الخارجية، على الأقل خلال المائة يوم الاولي من حكمه، في مقال نشر بمطبوعة فورين أفيرز عدد مارس – ابريل2020.
في الحال سارع خبراء أمريكيون الي طرح هذه التساؤلات:
هل في مقدرو بايدن أن يحقق عملياً تلك التوقعات التي وصفها بأنها الأسس الرئيسية لسياساته المقبلة؟
وهل يستطيع تعديل مسار السياسة الامريكية تجاه الشرق الأوسط؟
والذين طرحوا هذه التساؤلات شاركوا في جلسة مناقشات رأسها جيمس ديورسو مدير مركز “سيير” للدراسات السياسية، والعضو السابق في لجنة التخطيط بوزارة الدفاع عام 2006، ومستشار السلطة الانتقالية في العراق عام 2003، بحيث كان شاهدا على أخطاء السياسة الأمريكية.
عاطف الغمري
ديورسو يعترف بوجود مشاكل عديدة داخل أمريكا تحتاج البدء بالتركيز عليها، وإنه إذا كان هناك في أوروبا والشرق الأوسط، من يتوقعون ان تتغير الأمور بسرعة بالنسبة لهم، فسوف يصابون بخيبة أمل. لكنه أضاف أنه ينبغي على بايدن أن يعمل على تغيير أوضاع في الشرق الأوسط، كانت محل إهمال من أمريكا، وأن يعيد هذه المنطقة الي مقدمة جدول أعماله.
ومن داخل إدارة بايدن تحدث رون كلين، رئيس هيئة العاملين بالبيت الأبيض، ويصف الوضع الراهن الذي يواجهه بايدن، بأنه يتمثل في أزمة غير مسبوقة، بسبب وباء كورونا، وأنها منقسمة على نفسها، وتراجع مصداقية أمريكا في العالم، ثم أضاف أن الرئيس بايدن يدرس بعناية نموذج سياسات الرئيس بروفلت في الحكم، ليستفيد منه، في كيفية مواجهة التحديات، وذلك بإيجاد حلول تكون على قدر ضخامة التحديات الحالية. وأن بعض كبار مستشاري بايدن ومساعديه، يعتقدون إمكان حل هذه الأزمات المتشابكة في المائة يوم الاولي.
ومن أجل تحقيق ذلك، فإن بايدن يجلس مع أكثر من عشرة من مساعديه، بالإضافة الي مستشارين من خارج الدائرة الرسمية للبيت الأبيض، ليبحث معهم أهدافه الأولية.
أجندة بايدن
هنا نتوقف امام مقال بايدن المنشور بمطبوعة فورين أفيرز، قبل ظهور نتائج المنافسة الانتخابية بينه وبين ترامب. وسوف أعرض للبنود الرئيسية في سياساته المقبلة، كما طرحها هو. لكي يبقي بعد ذلك أن نرصد مسارات سابقة وثابتة تقريباً لسياسة أمريكا الخارجية في العالم وفي الشرق الأوسط حتى تكون أمامنا مقارنة بين ما يقول إنه ينوي عمله، وبين تلك المسارات، المستمرة في بعض مناطق الشرق الأوسط، وما نتج عنها من تداعيات لا تزال قائمة حتى الأن.
من جانب بايدن فهو يقول:
-
إن الرئيس الجديد سوف يعمل على إنقاذ سمعتنا، وإعادة بناء الثقة في قيادتنا، وحشد قدرات بلادنا بالمشاركة مع الحلفاء، لخلق مواجهة سريعة لهذه التحديات، فلم يعد أمامنا وقت نضيعه.
-
سوف أتأكد من أن يكون البيت الأبيض مرة أخرى مدافعنا قوياً، وليس مغيراً ولا هجومياً بصورة رئيسية.
-
سوف نضع الدبلوماسية في مرتبة تسبق الحرب، فالدبلوماسية ينبغي أن تكون الوسيلة الاولي للقوة الأمريكية، وللسياسة الخارجية.
والي جانب بنود أجندة بايدن، فإنني أضيف اليها ما ذكره مساعدوه عن رؤيته للشرق الأوسط، والتي رصدها مركز دراسات السياسات الأوروبية والأمريكية، من أن هناك مجموعة من مساعدي بايدن، يرون ضرورة إجراء تغييرات جوهرية في سياسة، وهؤلاء هم الأقرب الي تفكير بايدن، من مجموعة أخرى من فريق مساعديه مقتنعة بالسياسات السابقة تجاه العالم بشكل عام.
وكان المجلس الأمريكي للعلاقات الخارجية، قد نقل أقوالا سابقة لبايدن، بما فيها إسرائيل لوقف بناء المستوطنات، ولم يؤيد ضمها للضفة الغربية. واعتبر المجلس ان التغيير في عهد بايدن، سوف يتحقق بدرجات مختلفة في العالم وفي الشرق الأوسط.
ويصبح من الضروري أن نضع أمام أجندة بايدن النهج في عهود أكثرية الرؤساء.
-
عن المشاركة مع الحلفاء والشركاء في مواجهة التحديات في مناطق العالم هل ينطبق ذلك على الشرق الأوسط؟ وهنا أتذكر ما سبق أن عرضته دول أوروبا الحليفة لأمريكا، بأن تدخل معها شريكاً في مفاوضات التوصل الي حل سلمي للمشكلة الفلسطينية. لكن ما حدث أن الرؤساء الأمريكيين، اعترضوا على دخول هؤلاء الحلفاء معهم في البحث عن حل، وأعلنوا أن أمريكا تحملت عبء المفاوضات، وخبرت دخائلها، وأنها تتحمل مسئولية الوسيط النزيه Honest Broker. لكن هذا الدور الوسيط النزيه لم يكن نزيها حسب التعريف العلمي للكلمة، فهل يمكن أن تقبل أمريكا الأن هذه المشاركة من حلفائها، تطبيقا لمبدأ بايدن الجديد؟
-
أمام قول بايدن إن البيت الأبيض سيكون مرة أخرى مدافعاً قوياً، وليس مغيراً أو هجومياً، فنحن نسأل الم تكن الحرب على العراق إغارة وهجوماً على دولة أخرى؟ وعندنا ما نقلته صحيفة نيويورك تايمز عن بول ووليفتيز، الذي كان نائباً لوزير الدفاع، من أن حرب العراق ستكون من أجل خلخلة المنطقة، وإعادة رسم خريطتها السياسية.
بل هناك أيضاً ما اعترفت به تقارير المخابرات المركزية، من أن الإرهاب قد تضاعف ثلاث مرات عما كان قبل الحرب، وانتشرت منظماته من القاعدة الي داعش، وتمددها الي سوريا بمشاركة من منظمات أخرى منها جماعة “الاخوان الإرهابية”.
كما أن مخابرات دول اجنبية دعمت منظمات الإرهاب بالتمويل والسلاح، لتكون وكيلها المحلي في تنفيذ مخططات الفوضى الخلاقة، وهو ما جري في سوريا وليبيا.
وما زلت أذكر صورة السيناتور الجمهوري جون ماكين في ليبيا، أثناء زيارته لمجموعة تنتمي لمنظمات إرهابية، أعلنت فيما بعد أنها جزء من داعش، ويومها نقلت صحف أمريكية عن ماكين وصفه لهؤلاء الإرهابيين بالأبطال.
إن التفسير لسلوك رؤساء أمريكيين مارسوا هذه السياسات، أنقله عن الجنرال برنت سكو كروفت، مستشار الأمن القومي لاثنين من الرؤساء هما: جيرالد فورد، وجورج بوش الأب، اثناء لقائي معه في مكتبه في واشنطن في آخر التسعينيات، حيث قال لي سكو كروفت: من الخطورة أن يعتقد رئيس أمريكي بأن أهدافه وحدها نبيلة، وبالتالي فإن أي شيء يفعله لبلوغ هذه الأهداف، هو أمر مشروع، وكانت مشكلة الرئيس بوش الابن، أن لديه معتقدات مطلقة، تصور له أنه مكلف بمهمة وفق تقويض الهي. بينما مشكلة هذه المعتقدات، أنها تقودك الي فخ تري فيه جدوى مبدأ الغاية تبرر الوسيلة، ومكمن الخطر هنا سيكون في اقتناعك بأن اهدافك وحدها نبيلة، وإذا سيطر عليه هذا الاقتناع، فهو يتصرف بناء على ما يراه من أن عدم قيامه بهذا التصرف سيكون نوعاً من الخطايا.
وبشكل عام فإن هذه السياسات قامت – فيما بعد رئاسة بوش – على مبدأ أن ما هو في صالح أمريكا، هو إذن في صالح العالم.
وأشير هنا الي ان سكو كروفت، كان صوتاً موضوعياً، وغير متحيز في موافقه من العرب وإسرائيل.
-
وعن مقولته عن الدبلوماسية قبل الحرب، وهل نسينا الضربة القاصمة للدبلوماسية في استراتيجية السياسة الخارجية، عندما أعلنت الإدارة الامريكية في عام 2002، ما سمي بعسكرة السياسة الخارجية، بتأخير دور الدبلوماسية لتسبقها القوة العسكرية والحرب في حل المشاكل الدولية.
هذا المبدأ طبق في نظريتهم عن العدو المحتمل، حيث ستكون هناك دول صديقة لأمريكا، لكن يحتمل أن تصبح عدوا في وقت لاحق، من ثم برروا بهذا مبدأ الحرب الاستباقية.
-
أما عن الشرق الأوسط، فإذا كان بعض المقربين من بايدن يصفون المنطقة بانها متفجرة والسؤال هنا: ألم تكن سياسات رؤسائهم السابقين هي التي فجرت الأوضاع، من الفوضى الخلافة، والضربة الاستباقية، وتغيير المنطقة، وإعادة رسم الخريطة السياسية للمنطقة؟
ثم ما الذي اتخذه رؤساؤها من سياسات تقضي على الإرهاب؟ وكما يقول الجنرال ديورسو، إن إدراج أسماء منظمات إرهابية خارجية في القائمة الرسمية لوزارة الخارجية، صار امراً شديد التعقيد، فأمامه حسابات المصالح مع منظمات كالإخوان الإرهابية وصفها خبراء وضباط سابقون بالمخابرات المركزية بان الجماعة رصيد وسلاح استراتيجي للولايات المتحدة، بينما تقارير متعددة لمكتب التحقيقات الفيدرالي FBI تتفق على أن للإخوان الإرهابية علاقات تنظيمية وتمويلية مع منظمات الإرهاب في العالم.
إذا كنا ننتظر أن يغير بايدن من السياسات التي اتبعت تجاه المنطقة وقت أن كان نائباً لأوباما، حيث إنه هو الذي وصف نفسه بأنه رئيس يطبق منهجه هو، وليس استمراراً او استلهاماً من أوباما.
[*] – نشر هذا المقال في مجلة الاهرام العربي – السنة 22 – العدد 1237 – السبت 6 فبراير 2021.