حلقة نقاشيةلمجموعة عمل السودان بالمجلس حول “فرص تعزيز العلاقات المصرية / السودانية”
مارس 30, 2021دلالات التحركات الأخيرة للصين وروسيا في الشرق الأوسط
أبريل 13, 2021فى ندوة حول “الإدارة الأمريكية الجديدة وفرص تحريك عملية السلام فى الشرق الأوسط”، عُقِدَت بمقر المجلس فى 7 أبريل 2021، توقع المشاركون أن تكون فرص هذه الإدارة لتحريك عملية السلام، محدودة جدا، وألا تقوم بطرح أية مبادرات لإعادة إحياء تلك العملية؛ ومع ذلك، يمكن إحياء الإطار المتعدد الأطراف، مع التأكيد على كونه رمزياً ومحدوداً وقليل الفعالية، مع حديثٍ عن حل الدولتين.
واستند المشاركون- فى توقعاتهم – إلى انشغال الإدارة الجديدة بترتيب أولوياتها، وأن القضايا الداخلية، التى يشهدها الشارع الأمريكى، من قبيل: مواجهة أزمة وباء Covid-19،ومعالجة الانقسام الحاصل فى المجتمع الأمريكى بين المعتدلين والشعبويين المتطرفين، هى التى تتصدر قائمة أولويات الإدارة الأمريكية الجديدة، يليها الاهتمام بالتنافس مع الصين وروسيا، ثم قضايا أمريكا اللاتينية، فمنطقة الشرق الأوسط، إن وُجِدَت؛ إذ إن هناك العديد من المحللين القائلين بأن الأهمية الاستراتيجية للمنطقة تراجعت إلى حدٍ كبير على مدار السنوات القليلة الماضية بالنسبة للإدارات الأمريكية الحديثة، بما فى ذلك إدارة بايدن، التى لم تعيِّن حتى الآن مساعداً لوزير خارجيتها لمنطقة الشرق الأوسط أو مبعوثاً خاصاً للملف. وتتجلَّى الأسباب الكامنة، وراء ذلك، فى تراجع أهمية بترول المنطقة فى ظل اكتشافات البترول الصخرى الأمريكى، وسحب بعض القوات الأمريكية من المنطقة وإيفادها إلى مناطق أخرى فى آسيا، وكذا تعقيدات قضايا المنطقة المكلفة للغاية بالنسبة للقيادة الأمريكية، والتى يشوبها قدر كبير من التأزم؛ وسط قدر كبير من التشاؤم فيما يتعلق بإمكانية حلها على المدى القريب أو حتى المتوسط. ومع ذلك، تنبغى الإشارة إلى أن اثنتين من القضايا الشرق أوسطية تحتلان مرتبة متقدمة على قائمة قضايا المنطقة بشكلٍ عام، وهما: الحرب فى اليمن- والتى تنظر إليها أمريكا كأزمة إنسانية- والملف النووى الإيرانى؛ لخطورته الأمنية.
كما أن الإدارة الجديدة تنظر للقضية الفلسطينية، فى سياق إرثين خلفتهما إدارة ترامب المنصرمة؛ الأول: صفقة القرن، والثانى: اتفاقات التطبيع الإبراهيمية بين الدول العربية وإسرائيل. ويتحدث بايدن (الرئيس الأمريكى) الآن، ليس عن الصفقة، ولكن عن حل الدولتين، وأن عمليات الاستيطان الإسرائيلية غير مشروعة، مع إعادة المساعدات للفلسطينيين، وتتمسك الإدارة الجديدة ببعض قرارات الصفقة؛ مثل: الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس. وهناك بعض التقديرات، التى تشير إلى إمكانية حدوث نوع من فك الارتباط بين الإدارة الأمريكية والدفاع عن التصرفات الإسرائيلية فى المنظمات الدولية، عملاً بتوجيهات الجناح التقدمى فى الحزب الديموقراطى (الأمريكى)، الذى ينادى بوجوب معاملة إسرائيل كدولة عادية غير استثنائية.
ونوه المشاركون إلى أنه بالرغم من أن الإدارة الجديدة ستعمل على استكمال اتفاقات التطبيع بين إسرائيل والدول العربية، الراغبة فى ذلك؛ دون ممارسة ضغط على الأخيرة لخوض ذلك المسار، فإن الاتفاقات لن تدفع إلى تحقيق تقدم فى الملف، على نحو ما كان يُشَاع فى أثناء إبرام تلك الاتفاقات؛ فعلى النقيض، قدَّمت مزايا عدة للجانب الإسرائيلى، من بينها الوصول إلى ثروات البلدان الخليجية، وكذا إلى الأراضى السودانية ومياهها… إلخ. ومع ذلك، فإن مواقف الدول المُطبِّعة مع إسرائيل لا يمكن فصلها عن الموقف العربى الذى يتسم بالضعف فى مجمله بشأن إمكانية اتخاذ تحرك فعَّال لحل القضية الفلسطينية.
وعلى المستوى الإسرائيلى: استند المشاركون إلى أن حالة السيولة السياسية فى إسرائيل، تجعل من الصعوبة بمكان ايجاد سبيل للتحرك فى مسيرة سلمية. وأشاروا إلى أن إجراء جولة رابعة من انتخابات الكنيست الإسرائيلى فى غضون عامين- فى مارس 2021- تعكس حالة الاضطراب السياسي الداخلي الشديد في إسرائيل؛ وقد يكون وفقاً لتقديرات بعض الساسة الإسرائيليين “بداية النهاية” لحقبة نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل. وأكدوا أن الجولات السابقة جعلت من الصعوبة التكهن بما يمكن أن تتجه إليه الأمور؛ إذ إن كافة البدائل أصبحت مفتوحة، ويمكن إيجازها فيما يلى:
البديل الأول- فشل جميع الأحزاب في التواصل لتوافق لجمع 61 مقعداً في الكنيست، خاصة في ظل انقسام المعسكرين، المؤيد لنتنياهو وهو 52 مقعداً، والمعارض له وهو 57 مقعداً، مع بقاء 11 مقعداً، وهى 7 مقاعد لحزب يميناً بزعامة نفتالي بينيت، و4 مقاعد للقائمة الموحدة بزعامة منصور عباس، وهذان الحزبان لم يحددا بعد في أى معسكر سيذهبان؛ وبالتالي إذا لم يتم التوصل إلى حل، فالانتخابات الخامسة قادمة. وبالطبع، فإن هذا يصب في مصلحة نتنياهو؛ لأنه سيبقى متمتعاً بالحصانة كرئيس وزراء حكومة تسيير الأعمال.
البديل الثانى- نجاح حزب أزرق- أبيض فى تكوين الحكومة.
البديل الثالث- نجاح المعسكر المعارض لنتنياهو في التوصل لاتفاق على تشكيل ائتلاف يهدف في المقام الأول لإزاحة نتنياهو من المسرح السياسى؛ علماً بأن هذا الخيار يُعَد الوحيد الجامع لهذا المعسكر فى ضوء الاختلافات الأيديولوجية العميقة بين أطرافه.
كما أكد المشاركون الافتقاد للمحفزات الحقيقية لشد انتباه إسرائيل- مرة أخرى- لعملية السلام؛ لأن إسرائيل لا تتحرك على المسار التفاوضى، إلا فى أعقاب حدوث خسائر كبيرة فى الأرواح لديها؛ أى: فى ظل قوة ضاغطة تجبرها على ذلك من قِبَل الفلسطينيين: كما فى حالات الانتفاضات ،أو من قِبَل إحدى الدول العربية (مثل حرب أكتوبر1973).
ورصد المشاركون تنامى نفوذ اليمين الإسرائيلى، منذ بداية حقبة نتنياهو عام 2009 “Bibi Era”؛ بل وتحرك المجتمع الإسرائيلي بأطيافه المختلفة باتجاه اليمين. وخير دليل على ذلك أن أحزاب الوسط (اليوم) مثل: حزب “يـش عتيد”، الذي يتزعمه “يائير لبيد”، أصبح يتبنى مواقف الليكود واليمين؛ وهذا إضافة إلى أحزاب أخرى. وفى الوقت نفسه، فشلت الأحزاب العربية فى تحقيق نتائج ملموسة للمجتمع العربى والبدوى فى إسرائيل؛ وهو ما ينعكس في تزايد معدلات البطالة والجريمة بشكل عام، مقارنة بباقى المكونات الإسرائيلية؛ مثل: اليهود والدروز.
وأشاروا إلى حالة الهدوء والسلام النسبى، التى تتمتع بها إسرائيل على صعيد حدودها مع غزة؛ حيث لا ترى حماس وجود مصلحة لها- فى الفترة الراهنة- فى الدخول فى مواجهات موسعة مع تل أبيب، وإن كان يتم بين الحين والآخر إطلاق تكتيكى للصواريخ من غزة لتسقط في مناطق خالية؛ لتحقيق أغراض أو مصالح خاصة؛ فضلاً عن الحصول على الدعم المالى من قطر.
ونوهوا إلى تراجع القضية الفلسطينية من على سلم الأولويات الإقليمية- من الناحية العملية- وهو ما انعكس في اتفاقيات التطبيع التى أبرمتها إسرائيل مع أربع دول عربية، استناداً لنجاح إسرائيل، وبدعم من إدارة ترامب ( رئيس الولايات المتحدة)، فى الترويج لنفسها؛ باعتبار أنها- إسرائيل- المدخل الصحيح لبوابة واشنطن. وفى هذا الإطار، ذكَّر المشاركون بانشغال المنطقة بالعديد من الصراعات والنزاعات، فى: اليمن وسوريا وليبيا ومناطق أخرى؛ بالإضافة إلى الزخم الداخلى فى لبنان، ودخول تركيا وإيران إلى المسرح الإقليمى- بشكل أكثر شراسة فى العقد الأخير- استغلالاً لحالة الفراغ الإقليمي.
ومن بين المحفزات، التى تفتقدها إسرائيل، ذكر المشاركون حالة الانقسام الفلسطينى- ما بين قطاع غزة والضفة الغربية- ومحاولة حركة حماس لفرض دورها كقوة وإدارة فعلية. ومن ناحية أخرى، حالة التشرذم الداخلى في حركة فتح؛ وهو ما تجسد فى دخولها انتخابات المجلس التشريعي فى مايو القادم (تم تأجيل هذه الانتخابات) بعدة قوائم بين تلك التابعة للحركة، ودخول مروان البرغوثى وناصر القدوة بقائمة منفصلة.
وقد شكَّك بعض المشاركين فى إمكانية عقد الانتخابات لتعارضها مع مصلحة إسرائيل؛ خاصة وأنها قد تفسح المجال لصعود حركة حماس- المناوئة لإسرائيل والولايات المتحدة- بما يقضى على أية فرصة ممكنة لاستعادة الحوار الفلسطينى – الإسرائيلى؛ فضلاً عن أن ذلك يشكِّل قيداً إضافياً على فرص تعاطى الإدارة الأمريكية مع هذا الملف، وكذا للدور الذى يمكن أن يلعبه ذلك فى تعظيم فرص تشتت وتمزق حركة فتح، التى تمثل لُب عملية السلام والمقاومة الفلسطينية.
واستكمالاً لذلك، على المستوى الفلسطينى، أشار المشاركون إلى بقاء حالة الهدوء على ما هى عليه فى الضفة الغربية. وأكدوا أهمية تحقيق مصالحة فعَّالة وشاملة بين الفصائل الفلسطينية المختلفة لتكوين جبهة تفاوضية موحَّدة ومعتدلة مع الجانب الإسرائيلى. وعلى الرغم من استضافة مصر لجولتين لتقريب وجهات النظر بين الفصائل الفلسطينية فى فبراير ومارس من العام الجارى، إلا أن هاتين الجولتين جاءتا للاتفاق على بنود العملية الانتخابية الفلسطينية المقبلة التى أعلن عنها الرئيس الفلسطينى محمود عباس فى يناير الماضى لا أكثر. وقد تم فى سياقهما توقيع ميثاق شرف، فى 16 مارس الماضى، بشأن تلك المسألة، ينص فى أحد بنوده على تعهد الجميع بالالتزام بنتائج تلك العملية، وهو ما حظى بإجماع كافة الفصائل المشاركة.
وفيما يتعلق بالموقف العربى تجاه عملية السلام، فلا يخفى أن هذا الموقف يكاد يكون منعدماً نتيجة حالة الضعف غير المسبوقة التى يتسم بها المشهد العربى فى السنوات الأخيرة، والتى لا تُمكِّنه من لعب دورٍ فعَّال أو حتى إطلاق مبادرة عربية بشأنها. والواقع أن استعادة الموقف العربى مرهون بالتحركات والإمكانات المصرية، ومن المؤسف أنه يصعب على مصر القيام بتحريك الموقف العربى، على المدى القصير، نتيجة القيود والأزمات التى تواجهها فى الوقت الحالى، وعلى رأسها سد النهضة.
وبالنسبة للمدى، الذى يمكن أن تلعبه الجهود الدولية فى تحريك الملف، أشار المشاركون إلى أن الرباعية الدولية، التى تم إنشاؤها فى عام 2002 مجمدة منذ عام 2014، وأن تحركاتها- مؤخراً- صورية غير فعَّالة؛ كما لم ينتج عنها أى تقدمٍ يُذكَر على الصعيد السياسى؛ ويُنظَر إليها على أنها مكافأة حظى بها رئيس الوزراء البريطانى الأسبق تونى بلير بعد خروجه من حكومة بلاده؛ فضلاً عن كونها خاضعة بشكلٍ أساسى للرؤية الأمريكية، وكان كل تركيزها على إدارة الشأن الداخلى الفلسطينى.
ولمعالجة الوضع السابق، تقدَّم المشاركون بمقترحات هى:
1- ضرورة العمل على تعزيز الجبهة الفلسطينية، عن طريق تحقيق مصالحة شاملة بين الفصائل الفلسطينية المختلفة، والحيلولة دون حدوث المزيد من الانشقاق بين الأشقاء الفلسطينيين، والتوعية بمخاطر ذلك. ولعل من أهم الأولويات، التى يجب التعرض لها حالياً، هو قيام السلطة الفلسطينية الحالية بالتنسيق مع باقى الفصائل الفلسطينية بشأن وسائل التعاطى مع الجانبين الإسرائيلى والأمريكى؛ فى حال إزاحة حركة فتح، التى تمثل مشروع عملية السلام عن مقاليد السلطة الفلسطينية، فضلاً عن دور ذلك فى عدم تكرار السيناريو الذى شهدته الأراضى الفلسطينية فى أعقاب انتخابات عام 2006.
2- ضرورة أن يكون هناك تحرك عربى شامل وفاعل وفورى لدعم القضية الفلسطينية، دون انتظار لأية انتخابات إسرائيلية أو فلسطينية؛ إذ إن الطرف الفلسطينى ليس هو وحده المنوط به القيام بأى تحرك سياسى، نظراً لمحدودية إمكاناته والقيود المفروضة عليه. وفى هذا السياق، يجب على جامعة الدول العربية الدعوة إلى صياغة رؤية عربية واقعية يمكن تنفيذها لحل القضية الفلسطينية، حتى وإن تضمَّن ذلك تعديلاً فى مبادرة السلام العربية التى تم الإعلان عنها فى عام 2002، بمحددات تتواكب مع الواقع الجديد من جانب، وفى نفس الوقت لا تتنازل عن الثوابت الوطنية للقضية الفلسطينية. كما أن هناك حاجة لإعادة تعزيز الموقف العربي إزاء القضية الفلسطينية لضبط إيقاع قطار التطبيع وربطه بشكل أو بآخر بالمسيرة السلمية.
3- يجب العمل على صياغة خارطة طريق فلسطينية كصفقة القرن الأمريكية، يتم توزيعها على بلدان العالم، بما تتضمّنه من توضيحٍ لكافة التنازلات التى قدَّمها الجانب الفلسطينى فى إطار عملية السلام على مدار العقود الماضية، وسط تآكل أراضيه بصورة غير مشروعة.
4- إن تعزيز التحرك المصرى على الصعيدين الإقليمى والدولى، ومنها تفعيل آلية صيغة ميونخ (مصر والأردن وفرنسا وألمانيا)، بالإضافة إلى آلية الحوار الثلاثي مع الأردن والسلطة الفلسطينية، يمكن أن يمثلا أدوات مهمة؛ لإعادة طرح عملية السلام على الأجندة الدولية. كما يمكن زيادة التفاعل مع ما يسمى بالمسار الثاني “Track 2″، بل هناك مقترح بإنشاء المسار Track 15، وهو المعنى بفتح حوار بين المسئولين شبه الرسميين؛ لبحث إمكانية تناول تفاصيل فنية يمكن أن تلبى مصالح الجانبين.
5- العمل على تجميع الأفكار التفصيلية المتعددة المتعلقة بتفعيل عملية السلام، بعيداً عن العناوين العامة، حيث يوجد العديد من المبادرات والأفكار التى يمكن تنفيذها من الناحية العملية ولا تحتاج لتكلفة كبيرة من الطرفين الفلسطينى والإسرائيلى؛ منها- على سبيل المثال- تعديل بروتوكول باريس المعنى بتنظيم العلاقات الاقتصادية بين السلطة وإسرائيل، بما يلبى مصالح الطرفين، بالإضافة إلى العمل على نقل بعض المناطق غير الخلافية فى الضفة الغربية من المنطقة ” ج ” إلى المنطقة ” ب ” أو ” أ “.
6- إطلاق العنان لمراكز الفكر العربية، بما فى ذلك المجلس المصرى للشئون الخارجية، بالتعاون والتنسيق الفورى مع مراكز الفكر الأمريكية، الفاعلة المعروفة بمواقفها المتوازنة من الصراع؛ للتباحث حول القضية الفلسطينية وفرص تحريك عملية السلام، والخروج بتوصيات بشأنها، بما يتضمَّنه ذلك من مساعدة على حث الإدارة الأمريكية لتعزيز الاهتمام بذلك الملف واتخاذ خطوات فعَّالة بشأنه.