بمناسبة مرور (65) عاماً على قيام العلاقات الدبلوماسية بين مصر وجمهورية الصين الشعبية
مايو 18, 2021حرب غزة غير المتكافئة والحصاد المر للسياسة الأمريكية في المنطقة
مايو 21, 2021
فى ندوة بمناسبة مرور(65)عاماً على قيام العلاقات الدبلوماسية بين مصر والصين، أكد متحدثون مصريون أن العلاقات القوية التى تربط بكين بأديس أبابا كان بالإمكان توظيفها لإيجاد حل متوازن لهذه الأزمة، التى اتخذ الجانب الأثيوبى موقفاً متعنتاً منها منذ البداية وحتى الآن، مضيفين أن الهدف، من هذا المشروع، سياسى بحت. وأضاف المشاركون أن للصين مصلحة مباشرة فى استقرار منطقتى القرن الأفريقى وشرق القارة، وأنه كان المأمول أن تستثمر رئاستها الشهرية لمجلس الأمن لبذل مساعيها الحميدة فى اتجاه إيجابى فى هذا الشأن.
وقد حظيت العلاقات الثنائية المصرية – الصينية ومستقبلها بأغلب وقت الندوة التى نظمها المجلس المصرى للشئون الخارجية بالتعاون مع المركز الصينى/العربى للإصلاح والتنمية (مركز فكر مقره شنغهاى، وترعاه وزارتا الخارجية والتعليم، ويضم سفراء الصين السابقين فى الشرق الاوسط )، وبتنسيق من السفارة الصينية فى القاهرة، بتاريخ 18 مايو 2021.
فقد استعرض الجانبان مسيرة العلاقات الثنائية بين البلدين فى مختلف مجالاتها، خاصة خلال العقد الأخير، حيث أعربا عن رضائهما لما تم إنجازه وللمستوى المتقدم الذى وصلت إليه هذه العلاقات بفضل الثقة المتبادلة من القيادة السياسية فى البلدين والشراكة الموثوق بها بينهما. وارتباطا بذلك، استذكر المشاركون الاتصال الهاتفى، الذى تم بين رئيسى البلدين فى فبراير الماضى، واللذين أشادا فيه بما وصلت اليه تلك العلاقات من تقدم وازدهار فى العيد الـ 65 لإنشائها، ودعم استراتيجيات التنمية فيهما، وتعزيز التنسيق والتعاون فى القضايا الاقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك .
وفى هذا السياق أبدى الجانب الصينى تقديره العميق للدور المصرى المحورى فى دعم التعاون الصينى/ العربى، والصينى الافريقى، مضيفاً أن ذلك أمراً طبيعياً بحكم كون مصر أول دولة عربية وأفريقية تعترف بجمهورية الصين الشعبية. ومن جانبه، أكد الجانب المصرى أنه فى ضوء التحديات- التى يفرضها وباء” كوفيد – 19″ ارتباطاً بتوقعات النمو، لاسيما بالنسبة للاستثمار والصادرات وسوق العمل فى مصر- فإننا نأمل المزيد من الاستثمارات الصينية فى الصناعات الموجهة للتصدير، لاسيما تلك التى تعتمد على العمالة، كالمنسوجات والسيارات وغيرها؛ وذلك حتى يمكن تقليص الآثار السلبية للعجز الكبير فى الميزان التجارى، الذى يشكل عبئاً كبيراً على ميزان المدفوعات المصرى .
وتم التأكيد على الأهمية الخاصة للتعاون الدولى لمكافحة وباء ” كوفيد- 19″، بما يكفل نظاماً صحياً عالمياً مستداماً ومتماسكاً، تستفيد منه جميع الدول باعتبار أن الأمر يتعلق بالأمن الإنسانى العالمى، الذى يجب اقراره للجميع. وفى هذا السياق، تمت الإشارة إلى الدعم المتبادل بين البلدين لمواجهة الجائحة، والتعاون الصينى المصرى فى مجال اللقاح، وتوقيع البلدين اتفاقاً بإنتاج اللقاح الصينى فى مصر.
من ناحية أخرى، استعرضت الندوة برامج التعاون القائمة بين البلدين والبرنامج التنفيذى الجديد للأعوام 2021 – 2026، بما فيها الاستثمارات الصناعية الصينية فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس ومشروع حى الأعمال والمنطقة المحيطة به فى العاصمة الإدارية الجديدة، ومشروع تصميم وتنفيذ خمسة أبراج سكنية بمدينة العلمين الجديدة، ومشروع القطار الكهربائى، الذى يربط بين مدن السلام والعاصمة الإدارية الجديدة والعاشر من رمضان: كأحد أهم مشروعات البنية التحتية التى يتعاون فيها الجانبان للربط بين المحافظات المصرية، بطول يصل إلى 460 كم؛ وهو ما يسهم فى تنمية الساحل الشرقى المصرى على البحر الأحمر، ومشروعات التصنيع المشترك لحافلات النقل الكهربائية، وإنشاء مجمع لتصنيع الأسمدة الفوسفاتية فى الوادى الجديد؛ بجانب المساهمة الكبيرة للجانب الصينى فى إقامة مركز تصنيع واختبار الأقمار الصناعية فى مصر، وتوفير المعدات الأرضية اللازمة بالكامل، وتدريب الكوادر البشرية على إدارتها وتشغيلها. هذا، بجانب مشاريع أخرى عديدة متنوعة.
وتطرق الجانبان إلى التعاون المشترك ارتباطاً بمبادرة الحزام والطريق. وحرص الجانب المصرى على تأكيد اهتمامه بتعزيز الشراكات القائمة والجديدة فى إطار المبادرة، على نحو ما أشار إليه الرئيس السيسى، خلال مشاركته فى قمة مبادرة الحزام والطريق، التى عقدت فى إبريل 2019، خاصة وأن المبادرة تتوافق مع الاستراتيجية التنموية، التى تتبناها مصر، بما فى ذلك رؤية 2030.
وقد تمت الاشارة الى مذكرة التفاهم بين الهيئة العامة لمنطقة قناة السويس وإحدى المقاطعات الصينية؛ لتطوير المرحلة الثانية من منطقة النشاط الاقتصادى الصينى فى منطقة قناة السويس. وبموجب هذه المذكرة، تنشأ منطقة صناعية متطورة فى المنطقة الاقتصادية؛ لإقامة العديد من المشروعات البتروكيماوية والبلاستيكية.
هذا، ويجرى حالياً التفاوض بشأن وثيقة التعاون الثنائى فى إطار المبادرة تشمل الكثير من جوانب التعاون بين البلدين؛ فى مجالات: النقل، والبنية التحتية، والمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، والصحة، والزراعة، والطيران، والفضاء والتكنولوجيا، والابتكار….إلخ.
وتوافق المشاركون حول القواسم المشتركة بين الرؤية الصينية للحوكمة العالمية والتوجهات العامة للسياسة الخارجية المصرية؛ بما فى ذلك المفهوم الخاص ببناء جماعة تتشارك مستقبل البشرية، وهو المفهوم الذى- فى إطاره- تدافع الصين عن تعزيز مفهوم جديد للعلاقات الدولية، يقوم على: الاحترام المتبادل، وعدم التدخل فى الشئون الداخلية، والتعاون على أساس المنافع المتبادلة، والأمن المشترك، الذى يعد مسئولية لجميع بلدان العالم، خاصة وأنه فى ظل المخاطر المتعددة الماثلة فى عالم اليوم، لا توجد دولة واحدة مهما بلغت قوتها، تستطيع مواجهة المشكلات الدولية بمفردها؛ وبالتالى على كل الدول العمل معاً كقوة واحدة وصولاً إلى نظام دولى يقوم على السلام والعدالة، ويحقق التنمية والازدهار للجميع.
وفى السياق عاليه، اتفق المشاركون على ضرورة الحفاظ على الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة، باعتبارها الخيار الأفضل؛ لتوفير الضمانات الفعالة للحوكمة العالمية، بما فيها التعايش والتعاون القائم على قوى متنوعة ومتعددة الاقطاب. وفى هذا الصدد، اتفق الجانبان على وجوب التصدى لمحاولات البعض تأطير الوضع الدولى الحالى وتقديمه على أنه يضم نادياً للديمقراطيات- تقوده الولايات المتحدة الامريكية- يتنافس ضد النادى الاستبدادى؛ والذى من شأنه وضع الدول الأخرى أمام الاختيار بين قوتين متنافستين؛ بما يزيد من فرص التصادم والمواجهة.
وأعرب المتحدثون من الجانب المصرى عن أنه فى ضوء كون الصين- القوة الاقتصادية العالمية الثانية، والقوة التجارية الأكبر عالمياً، ومصالحها الاقتصادية والتجارية الضخمة فى الشرق الاوسط- تتوقع دول المنطقة أن تضطلع بكين بدور سياسى نشط فى مشكلات المنطقة، والانخراط فى إيجاد حلول لها؛ تفعيلاً لمبادرات عديدة قدمتها بكين، وآخرها “مبادرة النقاط الخمس”، التى طرحها وزير الخارجية الصينى، خلال جولته الشرق أوسطية الأخيرة، فى مارس الماضى.