“القمة الأفريقية/ الأوروبية الأخيرة وتطورات المد الإرهابى فى أفريقيا”
March 20, 2022لقاء السفير هشام الزميتي أمين عام المجلس مع نائبة وزير خارجية سيراليون بمعهد الدراسات الدبلوماسية
March 22, 2022
عزت سعد
مدير المجلس المصري للشئون الخارجية
مقدمة:
في فبراير عام 2007، وأمام مؤتمر ميونخ لسياسات الأمن، وصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين انهيار الاتحاد السوفيتي بأنه “الكارثة الجيوسياسية الأكبر في القرن العشرين”، داعياً إلي وضع نهاية لهيمنة القطب الواحد وخلق نظام عالمي متعدد الأقطاب والكف عن تمدد حلف شمال الأطلنطي (ناتو) شرقاً وإنشاء نظام أمني أوروبي يأخذ في الاعتبار هواجس روسيا الأمنية. وعلى حين فُهم خطاب بوتين في الغرب على أنه رغبة في استعادة الاتحاد السوفيتي السابق، رأي فيه بعض المراقبين المستقلين، روس وغربيين، رسالة احتجاج على ترتيبات ما بعد الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفيتي، حيث أنشأت الولايات المتحدة وحلفاؤها نظاماً أوروبياً يقوم على الدور المهيمن لأمريكا والموقع المركزي للناتو كآداة عسكرية وسياسية، ضمان للأمن الغربي على حساب روسيا. وكانت الولايات المتحدة تدرك أن روسيا، وان قبلت الوضع الجديد على مضض، إلا أنها لم تكن راضية عنه، ولكنها فضلت تجاهلها والنظر إلى روسيا على أنها قوة متراجعة. وعادة ما يشار، في هذا السياق، إلى أن التاريخ أثبت انه إذا لم يتم دمج قوة كبيرة مهزومة في نظام ما بعد الحرب، أو إذا لم يعرض عليها مكان تجده مقبولاً، فإنها ستبدأ، بمرور الوقت، في اتخاذ ما يلزم من تدابير تستهدف تدمير ذلك النظام أو، على أقل تقدير، تغييره، وهو ما تحاول روسيا القيام به في أوكرانيا اليوم ومن قبلها في جورجيا عام 2008.
وعلى مدي العقود الثلاثة الماضية، سعت السياسة الخارجية الروسية إلى التكيف مع الحقائق الجديدة غير المواتية بالنسبة لها مع السعي في الوقت ذاته إلى وقف تدهور الموقف الجيوسياسي للبلاد من خلال محاولة إعادة دمج جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق في تنظيمات سياسية – أمنية واقتصادية وتجارية، على أمل موازنة الهياكل الأوروبية / الأطلنطية، دون أن تحقق نجاحاً ملموساً في هذا الشأن. وبجانب ذلك، استخدمت موسكو الأدوات الدبلوماسية، وأحيانا الحشد العسكري واستعراض القوة العسكرية – دون جدوى – لتوجيه رسائل بأن توسيع حلف الناتو شرقاً هو تهديد جدي للأمن القومي الروسي. ولفترة طويلة، لم تكن لدي موسكو أي وسيلة لمقاومة موجات توسع الحلف شرقاً عبر خمس موجات، منها أربع تمت في وجود بوتين في الحكم.
فلم يكن لدي روسيا ما يكفي من النفوذ في هذه البلدان، ولا وسائل للضغط عليها، والأن يبدو – في تقدير بوتين – أن لديها من الوسائل ما يمكنها من تعويض ما فقدته من نفوذ ووقف تدهورها الجيوسياسي. وفي هذا السياق جاء قرار بوتين بشن ما أسماه عملية عسكرية “خاصة” في أوكرانيا صباح 24 فبراير الماضي ذكر أن الهدف منها وقف تمدد الناتو شرقاً من خلال حياد أوكرانيا، ضمن أهداف أخرى.
ويتناول هذا المقال النقاط التالية:
-
السياسة الأمنية الروسية ما بعد انتهاء الحرب الباردة (أولاً).
-
مساعي روسيا إنشاء هياكل موازية للهياكل الاورواطلنطية في الفضاء السوفيتي السابق (ثانياً)
-
الدور الروسي وتغيرات المشهد الجيوسايسي في أوراسيا (ثالثاً).
-
العملية العسكرية في أوكرانيا وتداعياتها وارتداداتها (رابعاً).
أولاً: السياسة الأمنية الروسية ما بعد انتهاء الحرب الباردة:
ترتبط أزمة روسيا مع الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين بصفة عامة، بنهاية الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفيتي، حيث أنشأت الولايات المتحدة وحلفاؤها نظاماً للأمن الأوروبي يقوم على الدور المهيمن لواشنطن والموقع المركزي لحلف الناتو كآداة للتنظيم العسكري والسياسي، وضمان الأمن الغربي. وعادة ما يشار في ذلك إلى التفاهمات الشفوية التي جرت بين جورباتشوف والقادة الغربيين ارتباطاً بإعادة توحيد المانيا وسقوط حلف وارسو وتعهد الولايات المتحدة بعدم توسع حلف الناتو شرقاً ليشمل دول الفضاء السوفيتي السابق، خاصة بلدان أوروبا الشرقية المجاورة، وهو ما لم يحدث، حيث شهدت عملية توسع الحلف خمس موجات منذ عام 1997 (بولندا – التشيك والمجر)، وحتى عام 2020 منها موجات أربع حدثت خلال فترة حكم بوتين الطويلة شملت: جمهوريات البلطيق الثلاث وسلوفاكيا وسلوفينيا ورومانيا وبلغاريا (2004)، كرواتيا وألبانيا (2009) الجبل الأسود (2017) وشمال مقدونيا (2020). هذا في الوقت الذي تمحورت فيه مطالب موسكو الأمنية ضمن استراتيجيتها للأمن الأوروبي حول مطلب رئيسي هو عدم توسيع الحلف إلى أراضي الاتحاد السوفيتي السابق.
ويشار إلى أنه عندما إنهار الاتحاد السوفيتي عام 1991، وجد نحو 25 مليون من أصل روسي – مقارنة بسكان روسيا آنذاك البالغ عددهم 147 مليون نسمة – خارج الحدود الدولية الجديدة لروسيا. وكان من بين هؤلاء نحو مليوني شخص يشكلون القسم الأعظم من سكان شبه جزيرة القرم، التي نقلها نيكيتا خروباتشوف، في عام 1954، من روسيا الاتحادية إلى أوكرانيا. وكانت النتيجة الأكثر أهمية لانهيار الدولة عام 1991هي انقسام قلب الدولة الروسية القديمة وظهور دولتين مستقلتين هما أوكرانيا وبيلاروس، للمرة الأولي في التاريخ الحديث تقريباً. وقد أعقب قمة حلف الناتو في بوخارست في أبريل عام 2008، والتي تعهد فيها بضم جورجيا وأوكرانيا إليه، تدخلاً عسكرياً روسيا في جورجيا في أغسطس من نفس العام بعد توغل عسكري جورجي أولاً في إقليم أوسيتيا الجنوبية. وأعقب نزاع عام 2007 حول خطط إدارة بوش لنشر منظومة دفاع صاروخي في بولندا والتشيك، تهديدات روسية بالخروج من اتفاقات الحد من التسلح ذات الصلة. وفي عام 2014، عّجل عرض الاتحاد الأوروبي على أوكرانيا اتفاقية شراكة بثورة “الميدان” في كييف، مما زاد من المخاوف الروسية من عضوية أوكرانيا في الناتو. ومن منظور روسيا، من غير المقبول أن تسعي دولة أوكرانيا، التي اعترفت موسكو بسيادتها على الفور عام 1991، إلى تشكيل حكومة تسعي إلى الاندماج في حلف شمال الأطلنطي والاتحاد الأوروبي، والحد من استخدام اللغة الروسية، وتشجيع “تأميم” الكنيسة الأرثوذكسية الروسية في أوكرانيا. وهكذا أدي وصول النظام الحالي في عام 2014 إلى استيلاء روسيا على شبه جزيرة القرم ودعم الانفصاليين مادياً في منطقة الدونباس الشرقية في أوكرانيا. وكانت هذه هي الحالة الأولي، منذ عام 1945، التي تضم فيها روسيا أراضي، فأحدثت موجات صدمة في جميع أنحاء الاتحاد السوفيتي السابق وأوروبا والعالم، ترتب عليها سلسلة من العقوبات المتواصلة حتى الأن. وكان القلق الأكبر من نصيب الجمهوريات التي تعيش فيها أقليات روسية مثل استونيا ولاتفيا، خاصة وأن الروس المقيمين في الدولتين لم يحصلوا تلقائياً على حقوق المواطنة عندما منحت هذه الجمهوريات الاستقلال قبل ثلاثة أشهر من الانهيار الكامل للاتحاد السوفيتي. ويؤكد بعض الخبراء الروس أن مخاوف بلدان البلطيق وبولندا من روسيا لا يمكن تفسيرها باعتبارات الواقع الحالي، وإنما بظروف تاريخ هذه الدول المضطرب والاحتلال السوفيتي لها في الماضي.
وفي تقدير بعض الخبراء الغربيين، مثل إيجوين رومر وريتشارد سوكولسكي، وهما من كبار الباحثين بمؤسسة كارنيجي الأمريكية للسلام الدولي – تجاهلت السياسة الأمريكية في التعامل مع روسيا، والي حد كبير، عوامل حاسمة مثل تاريخ روسيا، وثقافتها، وجغرافيتها، ومتطلباتها الأمنية كما تراها موسكو. واتبعت الإدارات الأمريكية طوال العقود الثلاثة الماضية، نفس السياسات غير الواقعية التي أسهمت في فشل سياسة واشنطن تجاه موسكو، والذي يرجع إلى عاملين رئيسيين: الأول ويتمثل في رفض قبول روسيا بما هي عليه، كما يتضح من المبادرات المتكررة لإصلاح نظامها السياسي وإعادة تشكيله، على الرغم من رفض الكريملين تعزيز الديمقراطية في روسيا وحولها، باعتباره تهديد للاستقرار الداخلي الروسي. أما العامل الثاني فيتعلق بالإصرار على أن حلف الناتو هو المنظمة الأمنية الشرعية الوحيدة لأوروبا وأوراسيا، ومد البنية الأمنية الأوروبية الأطلسية إلى الفضاء الاورواسي المحيط بروسيا، والذي يمثل في نظر موسكو تهديداً للأمن الروسي. ويضيف هذا البعض أن صناع القرار السياسي في الولايات المتحدة بالغوا مراراً وتكراراً في تقدير قدرة أميركا على التأثير في التطورات داخل روسيا وتأثيرها على الكريملين، وأنه عندما تراجعت موسكو، أكدت واشنطن على حقها، بل ومسئوليتها في تعليم روسيا وجيرانها كيفية إدارة شؤونهم بدلاً من مراعاة اعتراضات روسيا وأخذ هواجسها في الاعتبار. وقد كتب ريتشارد بيتس أستاذ دراسات الحرب والسلام في جامعة كولومبيا، في دورية الشئون الخارجية مؤخراً (10 مارس 2022) “أن الحرب في أوكرانيا هي النتيجة المؤلمة لرد بوتين على خطأين من جانب حلف الناتو، كان أولها إعلان الحلف، في عام 2008، أن أوكرانيا وجورجيا ستنضمان اليه يوماً ما”، مضيفاً أنه في حالة أوكرانيا، كان من الأفضل وضع خطط للأخذ بالنموذج الفنلندي، واستبدال حيادها في العلاقات بين موسكو والغرب باستقلال البلاد وديمقراطيتها.
ثانياً: مساعي روسيا إنشاء هياكل موازية للهياكل الاورواطلنطية في الفضاء السوفيتي السابق:
سعت موسكو إلى إعادة دمج الجمهوريات السوفيتية السابقة في تنظيمات إقليمية، وبدأت ذلك بكومنولث الدول المستقلة، كتجمع يتسم بالمرونة ويضم الأن كل من أرمينيا، وأذربيجان، وبيلاروس، وكازاخستان، وقيرجستان، ومولدوفا، وطاجيكستان وأوزبكستان بجانب روسيا. وماتزال أوكرانيا عضواً، ولكن إسمياً فقط. وتمثل التجمع الثاني في منظمة معاهدة الأمن الجماعي، التي أنشئت في مايو 1992تضم أرمينيا وبيلاروس وكازاختسان وقيرجستان وروسيا وطاجيكستان. أما التجمع الثالث فهو الاتحاد الاقتصادي الاورآسيوي، والذي يضم أرمينيا وبيلاروس، وكازاخستان وقيرجستان وروسيا.
ويمكن القول بأن هذه التجمعات لم تحقق سوي نجاحاً محدوداً. فقد تحولت رابطة الدول المستقلة إلى آلية للتفكك في مرحلة ما بعد الاتحاد السوفيتي وبناء الدولة، وبالنسبة لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي، وهي في الأساس اتفاقية للتعاون الأمني، وليس تحالفاً سياسياً عسكرياً، بينما الاتحاد الاقتصادي الاورآسيوي فلا يعدو كونه اتحاداً جمركياً ولا يمكن مقارنته بالاتحاد الأوروبي. وهكذا من غير المستغرب أن تتخذ كل هذه الدول – عدا بيلاروس – موقفاً محايداً إلى حد كبير آزاء العمل العسكري الروسي في أوكرانيا مؤخراً.
ولروسيا عدد قليل من الحلفاء العسكريين. فالاتفاقيات الملزمة قانوناً هي فقط مع كلا من أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية اللتين اعترفت بهما روسيا دولتين مستقلتين عن جورجيا عام 2008، ومؤخراً مع كلا من دونيتسك ولوجانسك. وتنص هذه الاتفاقيات على أن أي هجوم مسلح ضد طرف يعد هجوماً على الطرف الأخر. وفضلاً عن ذلك تتحمل الدول الأعضاء في معاهدة الأمن الجماعي التزامات أقل بالمقارنة ببلدان حلف شمال الأطلسي، وهو ما يمكن التعرف عليه من إجراء مقارنة للنص ذي الصلة في الاتفاقين بشأن الضمانات الأمنية المتبادلة. فالمادة (5) من معاهدة حلف شمال الأطلسي الموقعة في واشنطن في 4 أبريل 1949 تنص على أن: “تتفق الأطراف على أن أي هجوم مسلح ضد طرف أو أكثر منها، في أوروبا وأمريكا الشمالية، يعتبر هجوماً ضد الأطراف كلها”، بينما تنص المادة 2 من معاهدة الأمن الجماعي، على أنه: “في حال وجود تهديد للأمن والسلامة الإقليمية لاحدي الدول الأعضاء أو أكثر، أو تهديد للسلم والأمن الدوليين، ستقوم الدول الأعضاء فوراً بتفعيل put into action آلية المشاورات المشتركة بهدف تنسيق مواقفها واتخاذ تدابير للقضاء على التهديد الذي وقع”. وإجمالاً توفر منظمة معاهدة الأمن الجماعي إطاراً مؤسسياً للتعاون العسكري التقني وتبادل المعلومات والتدريب العسكري، الذي يستكمل بالضمانات الروسية لشركائها وفقاً لاتفاقيات ثنائية. وكانت الحالة الوحيدة التي تم خلالها تفعيل المعاهدة في يناير 2022 لمساعدة إحدى حكومات الدول الأعضاء (كازاخستان) لاستعادة الاستقرار بعد احتجاجات واسعة وأعمال عنف وقتل داخلية.
ولتجنب أن يكون لها حلفاء من غير الدول، وفرت روسيا لنفسها إطاراً قانونياً للأقاليم الانفصالية معلنة الاعتراف بها كدول مستقلة وإتمام الإجراءات القانونية الداخلية في هذا الشأن وعقد معاهدات صداقة وتعاون دفاعي مشترك يتيح لها التدخل عسكرياً للدفاع عنها. ويدخل في ذلك كلا من أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية ودونيتسك ولوجانسك أما بالنسبة لإقليم “ترانسنستريا” الانفصالي في مولدوفا، فيتلقى أشكالاً متنوعة من المساعدة من روسيا وتجري معه تدريبات مشتركة، وتوجد قوات حفظ سلام في الإقليم منذ عام 1992. وقد التزمت مولودفا بالحياد دستورياً، وبالتالي من غير المتوقع إنضمامها لحلف الناتو في المدي المنظور، علماً بأن روسيا اعترفت رسمياً بوحدة مولودفا، وشاركت دورياً في حوار بشأن إعادة توحيد الإقليم الانفصالي. ومن جانبها تبنت الحكومات المولدوفية المتعاقبة سياسة تهدف إلى التكامل مع الاتحاد الأوروبي، وطالبت بانسحاب القوات الروسية من الإقليم. وأشارت قياسات رأي عديدة إلى انقسام الرأي العام في مولدوفا بالتساوي تقريباً بين أولئك الذين يميلون نحو أوروبا، بما في ذلك رومانيا المجاورة، ونحو روسيا.
وكان بوتين قد أعلن عن خطة في عام 2011، ذكر أنها تستهدف في خلق ميثاق سياسي اقتصادي عسكري، أو اتحاد أوراسي كامل تجمع اغلب الاتحاد السوفيتي السابق، إلا انه لم يكتب لها النجاح أيضاً، ومن غير المرجح أن يحدث ذلك في المستقبل – وفقاً لمحللين روس – بسبب الشكوك وعدم الثقة من قبل الدول المجاورة في روسيا، التي تسعي وراء نسختها الخاصة من القومية في مرحلة ما بعد سقوط الاتحاد السوفيتي.
وآزاء هذا الفشل في خلق هياكل أمنية وسياسية واقتصادية فاعلة، تزايدت مخاطر انخراط روسيا في نزاعات عسكرية غير كبيرة. فقد أدت حالة عدم الاستقرار على طول بعض الحدود إلي دفع روسيا لزيادة حضورها العسكري في هذه المناطق، وباتت لها قواعد عسكرية في مناطق الصراع ذات المخاطر، وتحديداً أوسيتيا الجنوبية وابخازيا، ومولدوفا وأرمينيا وقيرجستان وطاجيكستان. وزاد عدد المناطق التي يمكن لروسيا استخدام قوتها العسكرية فيها لحماية ما تري أنه مصالحها القومية، وتشمل، ليس فقط تلك الواقعة على حدود البلاد، بل وأيضاً المناطق التي كانت جزءاً من منطقة المسئولية العسكرية والسياسية للاتحاد السوفيتي السابق خلال الحرب الباردة، ومنها سوريا حيث توجد لروسيا قاعدتين عسكريتين في طرطوسواللاذقية.
ثالثاً: الدور الروسي وتغيرات المشهد الجيوسياسي في أوراسيا:
ساهمت مجموعة من المستجدات خلال العامين الأخيرين في تغيير المشهد الجيوسياسي في أوراسيا، وهو ما استغلته روسيا في ترسيخ وضعيتها كقوة رئيسية يصعب تجاهلها على طول حدودها الجديدة سواء مع أوروبا الشرقية أو مع جنوب القوقاز وآسيا الوسطي. وتتمثل هذه المستجدات – بخلاف العملية العسكرية في أوكرانيا التي سنتناولها في بند مستقل – في الاتي بصفة خاصة:
كان أغسطس 2020 بمثابة نقطة تحول في السياسة الخارجية البيلاروسية، حيث أدت حملة ألكسندر لوكاشينكو ضد المتظاهرين الذين اتهموه بتزوير الانتخابات الرئاسية إلي رفض الدول الغربية الاعتراف به رئيساً لبيلاروس. ومع تجميد العلاقات مع أوروبا والولايات المتحدة، أُضطر لوكاشينكو إلى التخلي عن سياسته الخارجية المتقلبة مع روسيا، وبات معتمداً على دعمها ومساعداتها إلى حد كبير. وبدورها استغلت موسكو هذا الوضع لربط بيلاروس بها من الناحيتين الاقتصادية والعسكرية في إطار صيغة دولة الاتحاد التي كانت شبه ميتة رغم إعلانها في عام1999. وكثيراً ما نظرت روسيا إلى لوكاشينكو كشخص يصعب التنبؤ بتصرفاته، والاعتماد عليه.
وقد رأينا كيف أصبحت الأراضي البيلاروسية جبهة رئيسية لمهاجمة شمال أوكرانيا من قبل القوات العسكرية الروسية منذ أواخر فبراير الماضي، واستغلال لوكاشينكو الأزمة في علاقات روسيا بالغرب لتسليط الضوء على أهمية بيلاروس وهو شخصياً بالنسبة لروسيا. وفي هذا السياق، استضاف لوكاشينكو ثلاث جولات تفاوض بين روسيا وأوكرانيا في المنطقة الحدودية مع بيلاروس، منذ اندلاع الحرب وحتى منتصف مارس 2022.
-
علاقات روسيا بمنطقة البلقان:
شهد العقد الماضي بعض الحقائق الجيوسياسية الجديدة، أبرزها قيام جمهورية مونتينجرو (الجبل الأسود) بتسريع خطواتها للانضمام لحلف شمال الأطلسي بدعوي تورط روسيا في تدبير انقلاب فيها. ومن المنظور الروسي، كان الهدف من هذا التوجه إظهار أن “مونتينجرو” مختلفة عن صربيا التي تطور تعاوناً عسكرياً مع روسيا، بما في ذلك شراء أسلحة روسية وإجراء تدريبات عسكرية مشتركة وتنسيق الخطط العسكرية. وفي تقدير خبراء روس، فإن ذلك يمكن أن يقود إلى قيام روسيا بمنح ضمانات أمنية غير رسمية لصربيا وجعلها عضواً في منظومة الأمن الجماعي لمعاهدة منظمة الأمن الجماعي.
ويشير الخبراء الصرب إلى أن عدوان قوات حلف الناتو 1999 ضد يوغسلافيا السابقة كان من الممكن ألا يحدث في الظروف الحالية بفضل العلاقات المتطورة مع روسيا. ووفقاً لتقديرات روسية، فإن الأوضاع الحالية في منطقة البلقان، ووجود صرب يعيشون خارج صربيا، تدعي هذه الأخيرة بأنهم يتعرضون لمعاملات تمييزية تستوجب تحرك صربيا لحمايتهم، قد تشجع صربيا على استخدام الضمانات الأمنية الروسية غير الرسمية.
-
الحرب حول ناجورنو – كاراباخ:
اندلعت هذه الحرب بين أذربيجان وأرمينيا في خريف عام 2020، بعد تجميد للنزاع لمدة ستة وعشرين عاماً بفضل وقف إطلاق النار بوساطة موسكو. وبعد أن فشلت روسيا في منع نشوب حرب جديدة، وجدت نفسها في موقف لا تحسد عليه بين حليفتها الرسمية أرمينيا وشريكتها الغنية أذربيجان. وفي إطار سياستها الواقعية، بقيت موسكو بعيدة عن الصراع، على أساس أن التزاماتها التعاهدية ارتباطاً بعضوية أرمينيا في معاهدة الأمن الجماعي لا تشمل الإقليم المتنازع عليه، واكتفت برؤية حليفتها أرمينيا تخسر الحرب نتيجة للتحالف الوثيق لأذربيجان مع تركيا – المنافس التاريخي لروسيا في المنطقة.
ومع ذلك، تمكنت موسكو من الحد من الضرر الذي لحق بمكانتها الدولية. فقد نجحت في وقف القتال بعد أن بات النصر الأذربيجاني واضحاً، ولكن قبل طرد الأرمن تماماً من الإقليم. وتوسطت روسيا في اتفاق جديد مع أطراف النزاع، لا يزال صامداً واحتفظت بموقفها كوسيط وحيد، ونشرت للمرة الأولي قوة لحفظ السلام في كاراباخ وتقوم القوات الروسية الأن بحماية ما تبقي من الجيب الأرميني داخل أراضي أذربيجان.
والخلاصة هنا هي أن أزمة ناجورنو كاراباخ كشفت عن الأولوية التي تقرها روسيا لمصالحها الوطنية بعيداً عن العواطف – سواء فيما يتعلق بحليفتها أرمينيا أو تركيا منافستها القديمة الجديدة – فضلاً عن قدرتها على الحفاظ على التوازن في أكبر الحالات تعقيداً، واستعدادها لاستخدام القوة العسكرية لأغراض حفظ السلام.
-
استعادة الاستقرار في كازاخستان:
استجابت روسيا على الفور لنداء المساعدة من رئيس كازاخستان لمواجهة الاحتجاجات الاجتماعية الواسعة النطاق التي جرت أوائل يناير الماضي تحولت إلى أعمال عنف وقتل وتخريب في دولة تشترك روسيا معها في حدود مفتوحة وبطول 7500كم. وبغض النظر عن أسباب الاحتجاجات، ولكي تساعد كازاخستان على استعادة النظام، قامت روسيا بتفعيل منظمة معاهدة الأمن الجماعي. ولأول مرة منذ تأسيسها، نفذت المنظمة عملية لحفظ السلام بقيادة روسيا شارك فيها 2500 جندي، معظمهم من القوات المحمولة جواً، مما سمح للقوات الكازاخية بالتحرك ضد مثيري الشعب لاستعادة النظام. وقد فاجأت روسيا العالم بمدي سرعة أرسالها لقوات إلى كازاخستان، وفعالية هذا الدعم، وكيف أمكن تجنب خطر الصدام مع مثيري الشعب، ثم مدي سرعة انسحاب قوة المنظمة بالكامل، بعد أسبوعين فقط من بدء العملية. ونتيجة لذلك، يمكن القول بأن روسيا عززت نفوذها في كازاخستان بجانب القضاء على خطر تفككها.
رابعاً: العملية العسكرية في أوكرانيا وتداعياتها وارتداداتها السلبية:
على خلاف وصف وسائل الأعلام الغربية للازمة التي اندلعت في أوائل العام الجاري، بسبب الحشد العسكري الروسي على الحدود الأوكرانية، بأنها أزمة بين روسيا وأوكرانيا، نظرت موسكو اليها بطريقة مختلفة. ذلك أنه من خلال إظهار قدراتها العسكرية وتصميمها السياسي على التدخل، تسعي روسيا إلى استبدال النظام الأمني الأوروبي الحالي القائم على هيمنة الولايات المتحدة والدور المركزي لحلف الناتو ببنية جديدة تقوم على توافق روسي / أمريكي.
وهكذا وفي 21 فبراير الماضي ألقي الرئيس بوتين خطاباً مطولاً استدعي فيه تاريخ بلاده الإمبراطوري مروراً بفترة ما بعد انتهاء الحرب البادرة وعدم اكتراث الغرب بالشواغل الأمنية لبلاده، معلناً الاعتراف بإقليمي دونيتسك ولوجانسك كدولتين مستقلتين، واللتين طلبتا من روسيا المساعدة، بحسب بوتين. وفي 24 فبراير ظهر بوتين مجدداً على شاشات التلفاز معلناً عن القيام بعملية عسكرية “خاصة”، استناداً إلى المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، تستهدف حماية الروس في إقليمي دونيتسك ولوجانسك، مشيراً إلى أن بلاده لا تخطط لاحتلال الأراضي الأوكرانية. ولقي الإعلان عن العملية أدانات دولية واسعة من واشنطن وحلفائها الغربيين، وتعهد الرئيس الأمريكي بمحاسبة روسيا وفرض عقوبات غير مسبوقة عليها.
وبعد فشل الولايات المتحدة وحلفائها في استصدار قرار من مجلس الأمن الدولي يدين العملية بسبب الفيتو الروسي، لجأت إلى الجمعية العامة التي عقدت جلسة طارئة في 2 مارس 2022 إعتمدت في ختامها قراراً بأغلبية ثلثي الأعضاء، يشجب “بأشد العبارات” العدوان الروسي على أوكرانيا، ويطالب روسيا بالكف فوراً عن استخدامها للقوة ضد أوكرانيا والامتناع عن أي تهديد أو استخدام غير قانوني للقوة ضد أي دولة عضو. وطالب القرار روسيا بالسحب الفوري والكامل غير المشروط لجميع قواتها العسكرية من أراضي أوكرانيا وصوتت لصالح القرار 141 دولة، فيما صوتت 5 دول ضده هي كل من روسيا وسوريا وبيلاروس وأريتريا وكوريا الشمالية، وامتنعت 35 دولة عن التصويت من بينها الصين والهند وإيران وكوبا وباكستان والعراق والجزائر والسودان وجنوب السودان.
وسبق التدخل العسكري مساعي دبلوماسية مكثفة، ثنائية ومتعددة الأطراف، بين روسيا والولايات وحلفائها ولم تسفر عن أي نتائج، الأمر الذي عكس هوة عدم الثقة بين القيادة الروسية والغرب. وقد توعد الرئيس بوتين بأنه إذا فشلت المحادثات فسوف تتخذ موسكو إجراءات “عسكرية تقنية” وحتى “عسكرية، وهو ما حدث بالفعل.
وقد بررت موسكو عمليتها العسكرية بنزع سلاح أوكرانيا، وإعلان حيادها بما يكفل عدم انضمامها إلى حلف شمال الأطلسي، بجانب طلبات أخرى كانت قد تمسكت بها في مفاوضاتها قبل شن العملية العسكرية، شملت بجانب ضمانات أمنية مكتوبة بعدم توسع الناتو شرقاً وتحديداً إلى دول سوفيتية سابقة، وعدم وضع أنظمة أسلحة هجومية في أوروبا، يمكن أن يصل مدها إلى الأراضي الروسية وسحب البنية الأساسية العسكرية التي أقامها الناتو في أوروبا الشرقية منذ توقيع القانون التأسيسي للعلاقات بين الناتو وروسيا الموقع عام 1997.
ومع دخول الحرب أسبوعها الثالث، وبالرغم من العقوبات الاقتصادية والمالية غير المسبوقة التي وقعتها الولايات المتحدة وحلفائها على روسيا، ما يزال الرئيس الروسي مصمماً على استمرار العملية العسكرية حتى تحقيق أهدافها. ويعتقد بعض المراقبين أن العملية أظهرت، وللمرة الأولي منذ نهاية الحرب الباردة، استعداد روسيا لاستخدام القوة العسكرية لمنع المزيد من توسع الناتو في الفضاء السوفيتي السابق رغم المخاطر الاستراتيجية لذلك.
وبالنظر إلى توقيت العملية العسكرية، أشار العديد من المراقبين إلى أنه ربما يكون الرئيس الروسي قد أخذ بعين الاعتبار البيئة الدولية المتغيرة، وبصفة خاصة تراجع الدور الأمريكي على النحو الذي رأيناه في الانسحاب الأمريكي من أفغانستان في أغسطس من العام الماضي، وتركيز بايدن على الأجندة الداخلية والتداعيات الاقتصادية والاجتماعية للجائحة، وخارجياً التنافس مع الصين والانقسام في صفوف الاتحاد الأوروبي.
ومع ذلك، كشفت الأسابيع القليلة التي مضت على بدء العملية العسكرية عن عدد من التداعيات والارتدادات السبيلة، أهمها الاتي:
-
أن التدخل العسكري خلق واقعاً جديداً، لم تعد معه مسألة تنفيذ اتفاقيات منسك قضية مطروحة، كما أُغلق النقاش أمام مطالب روسيا الأساسية، على النحو السابق الإشارة اليه، على الأقل في الوقت الحالي. ومن المنظور الغربي، باتت وحدة أراض أوكرانيا ودعم صمودها أمام الجيش الروسي بمثابة أولوية الأولويات الأن.
-
في تقدير الكثيرين “بعث هذا التدخل حلف شمال الأطلسي من تحت الرماد”. ذلك أنه منذ بدء التدخل أظهرت الولايات المتحدة وباقي أعضاء الحلف تماسكاً واضحاً وحماساً لدعم أوكرانيا بالأسلحة والمعدات، بجانب الدعم السياسي القوي والعقوبات غير المسبوقة، ولم يعد هناك مجال للحديث عن ما أسماه الرئيس الفرنسي ماكرون بــــ “الاستقلال الذاتي الاستراتيجي” لأوروبا. والملفت في هذا السياق أنه كان من المقرر أن يقوم وزراء دفاع دول الاتحاد الأوروبي بحث اقتراح إنشاء القوة الأوروبية المستقلة عن حلف شمال الأطلنطي، خلال اجتماع في 15 يناير الماضي، كان قد تقرر سلفاً. وبدلاً من ذلك اقتصر الاجتماع على بحث الأزمة الأوكرانية التي فرضت نفسها على أجندته، خاصة وأن الدول الأوروبية أبدت استيائها من تهميش روسيا لها والتركيز دائماً على الحوار مع واشنطن أولاً في شأن أوروبي بامتياز.
ومع التغير الكبير في الظروف الأمنية على الأرض، هناك مخاطر جديدة من أن يمتد الصراع ما وراء حدود أوكرانيا، مع انخراط أوروبا في حالة من إعادة التسلح وتدفق القوات الأمريكية إلى المنطقة لطمأنه وتعزيز دول شرق أوروبا، كما أعربت دول مثل فنلندا والسويد عن مخاوفها الأمنية، ويجري الحديث عن فرص انضمامها للحلف في المستقبل.
-
تشير تقديرات عديدة إلى تأثر الاقتصاد الروسي بشدة بالعقوبات الغربية الجديدة، والتي وصفها البعض بــ “الحرب الاقتصادية” والتي إمتدت من حرمان النظام المالي الروسي من منظومة المدفوعات الدولية (سويفت) لتشمل حرمان الكريملين من استخدام احتياطاته من النقد الأجنبي وتطبيق ضوابط التصدير لمنع روسيا من استيراد سلع التكنولوجيا الفائقة. ويشار في ذلك إلى أن هذه هي المرة الأولي التي تستخدم فيها مثل هذه العقوبات ضد اقتصاد عالمي كبير مثل روسيا. ففي غضون أيام قلائل، كان تأثير هذه التدابير محسوساً. فقد إنهار الروبل، واصطف المواطنون الروس في طوابير أمام البنوك لسحب مدخراتهم، وفرضت الحكومة الروسية ضوابط على رأس المال وخرجت الشركات الغربية، مثل “بريتيش بتروليوم” وغيرها، بسرعة من السوق الروسية وامتدت العقوبات لتشمل جزاءات دبلوماسية وثقافية ورياضية بشكل لم يسبق له مثيل.
-
كان من بين الارتدادات السلبية للتدخل الروسي هي أن الخصوصية في علاقات روسيا بألمانيا، والتي تعد عاملاً مهماً في معادلة علاقات موسكو بأوروبا والولايات المتحدة، قد تأثرت سلباً وبشدة. فقد وجد التحالف الحاكم في برلين نفسه في وضع محير، واُضطر ليس فقط إلى تجميد مشروع “نورد ستريم -2″، بل وأيضاً تزويد أوكرانيا بالأسلحة والمعدات العسكرية الفتاكة (الف صاروخ مضاد للدبابات و 500 صاروخ أرض جو من نوع “ستينجر” من مخزون الجيش الألماني) في خطوة اعتبرت خروجاً على ثوابت السياسة الخارجية والأمنية الألمانية المعتمدة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. ومع ذلك، لا ينبغي قراءة الموقف الألماني الجديد على أنه سعي إلى التصعيد العسكري، حيث تمسك المستشار شولتس باستبعاد تدخل حلف الناتو عسكرياً في الأزمة، رغم رفع موازنة الدفاع في الميزانية الألمانية الجديدة لتتجاوز مائة مليار يورو، تقّربها من نسبة 2% من إجمالي الناتج المحلي التي تنص عليها معاهدة الناتو.
والخلاصة هي أنه بالرغم من تأكيد الغرب على أن توسع حلف الناتو ليس بالضرورة موجهاً ضد روسيا، إلا أنه أثر سلباً على تقييم الكريملين لدوافع الولايات المتحدة ونواياها من عملية التوسيع، التي قوبلت دائماً باعتراضات قوية من الروس. وقد ساهم هذا التوسع المتواصل في تشكيل تصورات روسيا لاحتياجاتها الأمنية، والتي كان لها تأثير عميق على العلاقات بين شرق القارة الأوربية وغربها. ومن الواضح أن الرئيس الروسي مصمم على المضي قدماً في عمليته العسكرية – التي دخلت أسبوعها الثالث – لحين تحقيق أهدافها. ومع اقتراب القوات الروسية من العاصمة كييف، تسعي إدارة بايدن وحلفائها إلى تحقيق هدفين يقفان على طرفي نقيض. فمن ناحية تحشد الإدارة كل الدعم العسكري والمساعدات الإنسانية الممكنة لأوكرانيا، بما في ذلك المرتزقة الأجانب للقتال هناك، وذلك بما يتيح لها الاستمرار في مقاومة الهجوم الروسي على أمل استنفاذ طاقاته، ومن ناحية أخرى تسعي واشنطن إلى منع نشوب حرب واسعة النطاق بين روسيا وحلف الناتو. ويكمن التحدي الأصعب هنا، وفقاً لتقديرات أمريكية عديدة، في أنه كلما ضاعف الغرب من دعم أوكرانيا عسكرياً، تضاعفت مع ذلك احتمالات اندلاع حرب واسعة بين الحلف وروسيا. وحتى الآن ما تزال هذه المعضلة محل شد وجذب، على النحو الذي نراه – كمثال – في الحاح الرئيس الأوكراني على فرض منطقة حظر جوي على بلاده، على وجه السرعة، وهو الطلب الذي تحفظ عليه بايدن وحلفائه تحسباً لإمكانية مهاجمة القوات الروسية طائرات الحلف، سواء عمداً أو عن غير قصد، مما يضع الجانبين في مواجهة مباشرة.
نشر المقال بمجلة أفاق أستراتيجية – العدد (5) مارس 2022