ينعى المجلس المصري للشئون الخارجية شهداء الوطن والقوات المسلحة الباسلة الذين طالتهم يد عناصر إرهابية تكفيرية يوم السبت 7 مايو 2022
مايو 8, 2022مشاركة المجلس فى ندوة افتراضية نظمتها شبكة المنظمات غير الحكومية لدول الحزام والطريق حول “سبل تعزيز التعاون الأفريقى / الصينى فى إطار مبادرة التنمية العالمية (GDI) الصينية”
مايو 12, 2022بتاريخ 10 مايو 2022، استضاف المجلس السيد/ محمد الهادى الدايرى، وزير الخارجية الليبى السابق، للحديث حول تطورات الأوضاع الداخلية فى ليبيا وفرص التوصل إلى توافقات بشأن القضايا الخلافية، ومواقف القوى الإقليمية والدولية المختلفة، والتأثيرات المحتملة للصراع الروسى الغربى حول أوكرانيا على فرص تسوية الأزمة. وافتتح اللقاء السفير د./ منير زهران رئيس المجلس، وشارك فيه عددٌ من أعضاء المجلس من السفراء والأكاديميين والباحثين المهتمين بالشأن الليبى وتطوراته.
وقد تناول اللقاء ما يلى بصفةٍ خاصة:
-
استعرض الضيف تطورات المشهد الليبى منذ انعقاد ملتقى الحوار السياسى الليبى فى فبراير 2021، مشيراً إلى أنه شارك فيه 75 عضواً ليبيَّا يمثلون الطيف السياسى والاجتماعى الليبى، وقد أسفر ذلك الملتقى، عبر آلية انتخابية أقرَّتها البعثة الأممية التى تقودها ستيفانى ويليامز بشأن ليبيا، عن اختيار محمد المنفى رئيساً للمجلس الرئاسى، وكلٍ من عبد الله حسين اللافى وموسى الكونى نائبَين له، وعبد الحميد الدبيبة رئيساً لحكومة الوحدة الوطنية الانتقالية المؤقتة، وقد تمثلت مهمة كلٍ من المجلس الرئاسى والحكومة الجديدة فى تحقيق المصالحة الوطنية وإدارة الفترة الانتقالية وضمان توفير الخدمات حتى إجراء الانتخابات الرئاسية فى 24 ديسمبر 2021. ولقد كان هناك توافق دولى، بل وليبى قوى بشأن تلك التطورات، فيما نالت الحكومة ثقة البرلمان الليبى فى العاشر من مارس 2021.
-
ومع ذلك، فقد انطوى المشهد الليبى منذئذٍ على العديد من الإجراءات التى حالت دون إجراء تلك الانتخابات فى موعدها المزمع، بل ساهمت فى المقابل فى تعقيد الأزمة، انطلاقاً من عجز حكومة الدبيبة عن تحمل مسئولياتها على النحو المنشود، وفشلها فى توفير تأمين الخدمات للشعب الليبى حتى فى طرابلس ذاتها. ففى سبتمبر 2021، صوَّت مجلس النواب على سحب الثقة من حكومة الدبيبة لأسباب منوطة بسلبياتٍ حول إعداد الميزانية والإنفاق الحكومى، فيما أقرَّ المجلس أيضاً آنذاك قانوناً انتخابياً بدون تصويت، وهو ما رفضته حكومة الدبيبة، فيما قُوبِل إجراء سحب الثقة بالرفض داخلياً ودولياً، اعتقاداً بأن طبيعة الحكومة ومهمتها مؤقتة، وأنها مسئولة عن تسيير أمور البلاد إلى حين إجراء الانتخابات وتسليم السلطة للمؤسسات المنتخبة، وقد أعلنت البعثة الأممية بياناً أكدت فيه على أن حكومة الوحدة الوطنية هى الحكومة الشرعية الوحيدة حتى إجراء الانتخابات.
-
أشار الضيف إلى أن مقاربة “يان كوبيتش” الذى خلف “ستيفانى ويليامز” فى فبراير 2021 كانت مختلفة تماماً عن الأخيرة، خاصة وأنه لم تكن له تجربة سابقة فى ليبيا، عكس ويليامز، وكان مُقِراً منذ البداية بصعوبة حل الأزمة، كما رأى أن اللجنة المنوط بها وضع قاعدة دستورية لعمل الانتخابات فشلت منذ البداية، بسبب تعنّت الأعضاء الإسلاميين، الذين طالبوا بعمل انتخابات غير مباشرة عن طريق مجلس النواب القائم، لعلَّهم يفوزون عن طريق الفساد المالى، ومن ثمَّ ترك كوبيتش الأمر لنائبه الزيمبابوى الجنسية، إلى أن قدَّم استقالته فى نهاية المطاف فى نوفمبر 2021.
-
لقد نصَّ قانون الانتخابات الرئاسية الذى سنَّه البرلمان الليبى فى مادته العاشرة على ألا يكون المرشح مزدوج الجنسية، وألا يكون قد حُكِم عليه بحكم نهائى، ويُلاحَظ أن البند الأول يفوِّت الفرصة على الجنرال حفتر فى الترشح لتمتعه بالجنسية الأمريكية إلى جانب جنسيته الليبية، فى حين يُفسِح البند الآخر المجال لسيف الإسلام القذافى للترشح، بحكم أنه لم يصدر إزائه حكماً نهائياً، لاسيما وأنه قد حُكِم عليه بالإعدام، وأن ممثله فى اللجنة القانونية فى ملتقى الحوار السياسى، وهو د. محمد أبو عجيلة الغدى، هو مَن أصرَّ على عبارة “الحكم النهائى”. من جهةٍ أخرى، نصَّت المادة (12) على أن يتوقف كل مرشح عن عمله قبل 3 أشهر من موعد الانتخابات، وقد امتثل عقيلة صالح لهذا المطلب وترك المنصب لنائبه الأول، ولكن كان من أبرز المعترضين على تلك المادة،ومن خالف نصها بشكل واضح، هو رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة الذي واصل مهامه وقدم أوراق ترشحه وقُبلت، وذلك إلى جانب استخدامه المال العام فى الترويج لأجندته، فيما كان مُصِراً على عدم إجراء الانتخابات فى 24 ديسمبر 2021، حيث أكَّد على ذلك صراحة فى مؤتمر “دعم استقرار ليبيا” الذى عُقِد فى أكتوبر 2021، وكذا فى الجلسة المغلقة التى عُقِدت على هامش مؤتمر باريس بشأن ليبيا فى نوفمبر من ذلك العام، بدعوى ضرورة حدوث توافق وطنى قبل إجراء العملية الانتخابية.
-
فى غضون ذلك، تمَّ فى 22 ديسمبر 2021، إعلان “القوة القاهرة” وتأجيل إجراء الانتخابات العامة من قِبل المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، حيث ذكر رئيسها عماد السايح أن هناك ثغرات قضائية وقانونية وضغوطاً مُورِست عليه. كما جاء قرار مجلس النواب آنذاك بتشكيل لجنة لوضع خارطة طريق للانتخابات، ثم تكليف فتحى باشاغا فى فبراير 2022 بتشكيل حكومة ليبية جديدة، ومنحها الثقة فى مارس 2022، والتى من المفترض أن تقود البلاد إلى انتخابات خلال 14 شهراً، وفقاً للخارطة. وجديرٌ بالذكر أن أعضاءً من المجلس الأعلى للدولة قد اشتركوا فى تخريج تلك القرارات، ومع ذلك اعترض رئيس المجلس خالد المشرى، بدعوى أن المشاركين لم يعودوا إلى المجلس لمناقشة المسائل المذكورة، هذا إلى جانب اعتراض الدبيبة، الذى أشار إلى أن هناك انتخابات فى يونيو 2022، بل وقام باختطاف عدة وزراء من حكومته، كانوا يهِمون بالذهاب إلى طبرق لحلف اليمين لباشاغا، فضلاً عن حظره المجال الجوى لغرب ليبيا أمام الأخير، لتدخل البلاد فى دوامة جديدة من التوترات التى لا تُعرَف عقباها.
-
وحول دور القوى الإقليمية والدولية فى الأزمة الليبية، أشار السيد/ الدايرى إلى أنه كما لتركيا وروسيا وجوداً فى سوريا، فإن لهما وجوداً مماثلاً فى ليبيا، أخذاً فى الاعتبار أنه فى حين أن لروسيا اليد الطولى فى سوريا، فإن لتركيا اليد الطولى فى ليبيا. ومع ذلك، أصرَّ الطرفان من قبل على أن مسألة وقف إطلاق النار فى ليبيا تكون خاضعة لترتيبات ثنائية بينهما، وقد أعلن وزير الخارجية الروسى ذلك صراحةً فى سبتمبر 2020، هذا فيما ذكرت تركيا آنذاك أن مسألة وقف إطلاق النار تعود إليها، وليس للمبعوث الأممى الخاص لليبيا، ولا للجنة (5+5) العسكرية. فى سياقٍ متصل، فإن مصر قد حُسِب دعمها لصالح باشاغا، هذا فيما تدعم الإمارات والجزائر الدبيبة، وكذلك بريطانيا. ومن جانبها، تدعم ستيفانى ويليامز الدبيبة، رغم علاقاتها الشخصية القوية مع باشاغا، وذلك لحرصها الشديد على إتمام الانتخابات فى أقرب وقتٍ ممكن. ومع ذلك، لا توجد رؤية واضحة لحل الشأن الليبى، خاصة فى ظل صراع مجلس الأمن ذاته حول ذلك، حيث تطالب روسيا وفرنسا بمبعوث جديد، حتى أن بريطانيا قدَّمت فى 29 أبريل الماضى المسودة الرابعة بتجديد ولاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (أونسميل) لمدة ثلاثة أشهر حتى 31 يوليو، فيما اتفقت البلدان الخمس على ضرورة تعيين ممثل خاص للأمين العام على وجه السرعة. من جهةٍ أخرى، فإنه يُؤمَل أن تحقق الجهود التى تقوم بها مصر، واستضافتها للمبادرة التي أعلنتها البعثة الأممية في ليبيا، في 4 مارس الماضي، لتشكيل لجنة مشتركة من مجلس النواب بطبرق والمجلس الأعلى للدولة؛ بغية وضع قاعدة دستورية تقود البلاد إلى الانتخابات – أن تحقق نجاحاً فى رأب الصدع بين الفرقاء الليبيين، وبما يُجنِّب الأراضى الليبية المزيد من إراقة الدماء.
-
استبعد المشاركون احتمال إجراء انتخابات ليبية فى ظل عدم وجود مصالحة وطنية ووجود جيشين بالبلاد، بما لذلك من دور فى السماح بتعزيز التدخل الخارجى فى الأراضى الليبية، والذى من المحتمل ازدياده فى ظل الأزمة الأوكرانية الحاصلة بين روسيا والغرب بقيادة الولايات المتحدة. وفى هذا السياق، تساءل المشاركون حول مدى إمكانية عمل حوار وطنى ليبى خالص يجمع كافة الفرقاء الليبيين، بالتوازى مع الجهود الدولية فى هذا الصدد، بغية ضمان أمن وسلامة ليبيا. ومن جانبه، أشار الضيف إلى أن 80 % من القدرة على صناعة القرار فى ليبيا هى بيد القوى الإقليمية والدولية، فيما لا يعدو موقف الأطراف الليبية أن تكون متلقيَّةً فقط، أو تستعين بمَن يعينها داخل البلاد، مضيفاً أن أزمة الثقة بين الفرقاء الليبيين هى أحد القضايا الأساسية فى الأزمة، والتى من المرجَّح لها أن تطول فى ظل الأوضاع الحالية. وفيما يتعلق بمصر، أشار إلى أن القوة الناعمة المصرية فى ليبيا قوية إلى حدٍ كبير سياسياً وثقافياً، وتستحوذ على ثقة الليبيين، لنزاهتها ودعوتها لتعزيز السيادة الليبية، بما فى ذلك خروج القوات الأجنبية كافة من البلاد. وفى هذا الصدد، دعا أحد المشاركين فى تعزيز المبادرات الطبية المصرية، على سبيل المثال، لدورها فى لمِّ شمل الأهالى فى شرق وغرب ليبيا.
-
نادى البعض بضرورة عدم التعويل الكامل على منظمة الأمم المتحدة فى إيجاد مخرج للأزمة، ارتباطاً بفشلها العام فى حفظ السلم والأمن الدوليين، وكذا انتهاك المادة (100) من الميثاق، والتى تقول بأنه لا يجب على سكرتير عام المنظمة أن يتلقى أوامر من الدول الأعضاء بها. وقد أكّد السيد/ الدايرى أن هذا الأمر قائم بالفعل، وأن أنطونيو جوتيريش قد تراجع عن ترشيح رئيس الوزراء الفلسطينى السابق سلام فياض مبعوثاً له فى ليبيا فى عام 2017، تحت ضغوط أمريكية وإسرائيلية، ليتم بعدها اختيار غسّان سلامة لذلك المنصب.
-
فى سياقٍ متصل، أشار الضيف إلى ما يلى:
-
أن المسألة الأمنية ووجود الميليشيات العسكرية فى ليبيا تمثل أحد أهم جوانب الأزمة، لاسيما وأن بعضها يتلقى دعماً خارجياً، بدعوى دعم الاستقرار بالبلاد، هذا فيما يعتمد عليها الدبيبة فى تأمين موقفه، مضيفاً أنه لم يتم مطلقاً تفعيل المادة (34) من اتفاق الصخيرات ولا الملحق الخاص به، ارتباطاً بضرورة تفكيك تلك الميليشيات.
-
أن المخابرات الجزائرية هى المسيطرة على الموقف الجزائرى تجاه الملف الليبى، وأن نخاوف ذلك الجهاز تنبع من الرغبة فى الحد من التوترات التى قد يفرضها الإسلاميون فى غرب ليبيا تجاه حدود الجزائر الشرقية ومناطقها.
-
لا وجود لنفوذ إيرانى فى ليبيا، على النقيض من وجودها فى سوريا.
-
إن وجود روسيا فى ليبيا يساعدها فى تعزيز وجودها فى مالى وبلدان وسط أفريقيا، خاصة وأنه يُلاحَظ أن قوات فاغنر الروسية أخذت تتواجد فى هذه المنطقة. وعلى الرغم من توجه نحو 200 مقاتلاً من عناصر فاغنر من ليبيا إلى أوكرانيا للقتال فى الصفوف الروسية، إلا أن البنية التحتية لتلك العناصر فى ليبيا لم تزل قائمة، لإعادة استعمالها مرة أخرى. فروسيا لن تنسحب من ليبيا على المدى القصير، بل إنهم يُصرِّحون بأنهم لن يقوموا بذلك حتى تولِّى سلطة رئاسية ليبية جديدة، عبر انتخابات شرعية. ومن جانبها، فإن الولايات المتحدة قد عززت اهتمامها بليبيا هى الأخرى فى ظل وجود تلك العناصر الروسية فى الأخيرة، وتجلَّى ذلك فى “الاستراتيجية العشرية” التى أعلنها وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن فى أوائل أبريل الماضى، بما يعنى أن واشنطن ستعمل على مدى 10 سنوات قادمة على إنهاء الصراع فى ليبيا وتأهيل البلاد من أجل استقرار مستقبلى.
-
رداً على ما اقترحه بعض المشاركين من فكرة مطالبة الليبيين بمعاقبة حلف الناتو ومطالبته بتعويضات على خلفية تدخله العسكرى فى ليبيا فى عام 2011 والتداعيات الكارثية المترتبة عليه. أشار الضيف إلى أن الخويلدى الحميدى وزير الداخلية الأسبق فى عهد القذافى قد تقدم بفتح قضية ضد الناتو بسبب موت إخوته جرَّاء ضربات الأخير، ولكنه توفى، هذا فيما يندِّد الإعلام الليبى بتدخل الناتو منذئذٍ، ومع ذلك فإن صراع السلطات الليبية يحول دون رفع قضية رسمية ضد الناتو إلى الآن.
-
إجابةً على ما إذا كانت هناك إمكانية لتحرك مصرى لحشد موقف عربى واضح لتحقيق نوع من التوافق بين القوى الليبية المتنازعة، وللتخفيف من حدة الخلافات الدولية فى ليبيا، أشار الضيف إلى أن الدور المصرى يجب أن يركز على سبل إيجاد توافق فيما بين الفرقاء الليبيين، مضيفاً أن مصر انخرطت بالفعل فى مقاربة ثلاثية “تونسية – مصرية – جزائرية” بشأن ليبيا، دعا إليها الرئيس التونسى الراحل الباجى السبسى فى 2016/ 2017 ، ولكنها فشلت بسبب تعنت الجانب الجزائرى بالنسبة لتأييد الإسلاميين فى غرب ليبيا كما سلفت الإشارة. ومع ذلك، فإنه لا يزال يُعوَّل على الجهود الجارية لإيجاد حلٍ للازمة.