محضر مقابلة مع رئيس قسم رعاية المصالح الإيرانية فى القاهرة
مايو 16, 2022مشاركة السفير د./ عزت سعد مدير المجلس فى القمة الثالثة عشرة للتعاون الاقتصادي بين الدول الإسلامية وروسيا والاجتماع الرسمي لمجموعة الرؤية الاستراتيجية
مايو 19, 2022بتاريخ 17 مايو 2022، استضاف المجلس السيد المهندس/ سامح فهمى، وزير البترول والثروة المعدنية الأسبق، للحديث عن “قطاع النفط والغاز وتداعيات الجائحة والحرب فى أوكرانيا عليه”. وافتتح اللقاء السفير د./ منير زهران رئيس المجلس، وشارك فيه السفراء/ عزت سعد مدير المجلس، هشام الزميتى، فاروق مبروك، محمد منير، د. يسرى أبو شادى، ود. صادق عبد العال، وأ. عبد الغفار حنيش، وأ. ليلى موسى، وعددٌ كبير من الباحثين المهتمين بقطاع الطاقة، والمتابعين باهتمام للأزمة الأوكرانية وتفاعلاتها وتداعياتها الدولية، خاصة على قطاع الطاقة.
وقد تناول اللقاء ما يلى بصفةٍ خاصة:
-
استعرض السفير/ زهران بدايةً خلفية تاريخية للاهتمام العالمى بقطاع الطاقة، والجهود المبذولة فى هذا الصدد، حيث أشار إلى أن ذلك الاهتمام بدأ منذ فترة حرب أكتوبر 1973، حينما اتفق الرئيس السادات والملك فيصل وشاه إيران وقتها على استخدام البترول كسلاح فى تلك الحرب، للضغط على الدول لتعديل مواقفها المؤازرة لإسرائيل، ما أسفر فيما بعد عن إنشاء منظمتَى الأوبك والأوابك، وكذا إنشاء مجموعة الخمس التى تحولت فيما بعد إلى مجموعة السبع، بمبادرة من الرئيس الفرنسى الأسبق جيسكار ديستان، هذا إلى جانب دعوة الأخير إلى عقد مؤتمر التعاون الاقتصادى الدولى فى باريس فى عام 1975، والذى حاول جمع الدول المتقدمة ونظيرتها النامية للتعاون فى قضايا الطاقة والتنمية والمواد الأولية، ولكنه باء بالفشل. ومن ثمَّ، اضطلعت منظمة الأمم المتحدة بمحاولة إنشاء نظام اقتصادى دولى جديد.
-
من جانبه، قدَّم الوزير/ سامح فهمى عرضًا مفصلاً وشاملاً لمنظومة الطاقة العالمية، وأنصبة الدول المساهمة فيها من الصادرات والواردات وغيرها، بما يتضمنه ذلك من البترول ومنتجاته والغاز الطبيعى والغاز المسال، وذلك وفقاً للتقرير الإحصائى العالمى للطاقة (Statistical Review of World Energy) الصادر عام 2021. مشيراً، كمثال، إلى أن هناك 49 دولة رئيسية لديها احتياطيات من الزيت الخام، و69 دولة رئيسية لديها طاقات لتكرير ذلك الزيت، تحتل مصر المرتبة 24 و 28 فيها على التوالى. مضيفاً أنه قد يكون هناك عدم استغلال لطاقة بلدٍ ما أو اكثر على النحو المنشود. وعلى سبيل المثال، تتمتع فنزويلا بأكبر احتياطى للزيت الخام فى العالم، ولديها 1500 سنة إنتاج مستقبلى، ومع ذلك لا يتجاوز إنتاجها اليومى 20 ألف برميلاً، وهذا يعود فى الأساس إلى العقوبات الغربية الصارمة عليها، بما يُحِد من قدرتها التصديرية، وذات الأمر ينطبق على إيران.
-
إن السوق التجارى العالمى، وهو المحصلة النهائية لصادرات الدول الرئيسية من كلٍ من البترول والمنتجات البترولية والغاز الطبيعى والغاز المسال مجتمعين، يشير إلى تفوق روسيا، تليها الولايات المتحدة، فالسعودية، ثم كندا، الإمارات، العراق، الكويت، قطر، أستراليا، والنرويج، على التوالى.
-
ترتبط أسعار النفط الخام الفورية ارتباطاً وثيقاً بالأحداث الكبرى التى قد تؤثر على صناعة البترول، فمثلاً أدت ثورات الربيع العربى إلى تصاعد أسعار خام برنت بنسبة 43 %، وخام نيجيريا بنسبة 40 %، وخام دبى بنسبة 37,5 %، وخام تكساس بنسبة 20 %. وفى هذا السياق، أثَّرت جائحة Covid-19 على الصناعة إجمالاً، فانخفض الطلب العالمى على الطاقة بنسبة 4,5 %، بما فى ذلك انخفاض استخدام النفط الخام بنحو 9,30 %، وهو الأقل منذ عام 2011، وكذا انخفاض استخدام موارد الطاقة المتاحة بمعامل التكرير بـ 8%، كما وصلت أسعار الغاز لأقل سعر منذ عام 1995، وانخفض استهلاكه بمعدل 2,3%.
-
على النقيض من الجائحة، ساهمت الأزمة الأوكرانية فى ارتفاع أسعار الغاز فى أوروبا على وجه التحديد بمقدار 5 أضعاف، لتصل إلى متوسط سنوى قدره 15,8 دولار للمليون وحدة حرارية، وهو أعلى مستوى له على الإطلاق. إذ لا يخفى أن روسيا تمد الاتحاد الأوروبى بنحو 40 % من احتياجاته من الغاز، و27% من احتياجاته من النفط. وفى ظل الدعم الأوروبى الواسع لأوكرانيا، فى سياق حربها مع روسيا، وجهود أوروبا الحثيثة لوقف تمويل آلة روسيا العسكرية، والتى من بينها وقف استيراد الغاز والنفط تدريجياً من روسيا، مع ملاحظة أنه لا توجد دولة أو عدة دول يمكنها تعويض موارد الطاقة الروسية، على الأقل فى المدى القصير، الأمر الذى يُسهِم بدوره فى زيادة أسعار الطاقة أضعافاً مضاعفة خلال الفترة المقبلة، بل ويتوقع حدوث انهيار اقتصادى عالمى تدريجى.
-
ربما تكون هناك بدائل للغاز والنفط الروسيين، لكنها قليلة للغاية، ولن تُعوِّض موارد الطاقة الروسية على النحو الذى يرجوه الغرب كما سلفت الإشارة. ففنزويلا على سبيل المثال لديها أكبر احتياطى من الزيت الخام عالمياً، ومع ذلك إنتاجها محدود لضعف قدراتها الاقتصادية، كما أنها غير مؤثرة فى صناعة التكرير والمنتجات البترولية. بالمثل، فإن العقوبات الغربية على إيران قد أثرت بشدة على حقول الطاقة بها لضعف التصدير، وفى حال رُفِعَت العقوبات عنها، فستحتاج إلى ما لا يقل عن 3 سنوات لاسترجاع طاقة حقولها الكاملة مرة أخرى. أيضاً، ليس للكويت دور فى إحداث توازن للتخفيف من تداعيات النزاع، بالنظر إلى أن 93 % من صادراتها من الزيت الخام يذهب للصين والهند واليابان، وتحصل أوروبا فقط منها على نحو 2,6 %، و7 % من المنتجات البترولية. وبالنسبة للسعودية، فربما يمكنها لعب دورٍ ما بفضل تربعها على عرش صادرات النفط الخام فى العالم. أمَّا قطر، فإن أوروبا تستورد منها نحو 23,5 % من الغاز، فيما تُصدِّر 83 % من الغاز مُسالاً، وهذه معضلة بالنسبة لبلدان أوروبا التى لا توجد محطات لتسييل الغاز بها إلا فى عددٍ محدود منها، هذا إلى جانب العقود الخارجية المبرمة أساساً مع الدولة القطرية والتى تمنع البلدان الأوروبية من الاتكال عليها، على المدى القصير على الأقل.
-
فى سياقٍ متصل، لا تؤثر أستراليا فى صناعة النفط عالمياً، وتأثيرها الاستراتيجى فى صناعة الغاز محدود. وبالمثل، فإن صادرات الزيت الخام الكندية يذهب 95 % منها للولايات المتحدة، و 82 % من منتجاتها البترولية إليها أيضاً، وبالتالى فدورها غير مؤثر فى التخفيف من تداعيات الأزمة. هذا، ورغم أن الصين تتمتع بثانى أقوى اقتصاد عالمياً (بإجمالى ناتج محلى 19 تريليون دولار) بعد الولايات المتحدة (25 تريليون دولار)، فإنها لا تستطيع سد العجز كذلك، باعتبارها أكبر دولة مستهلكة للغاز الطبيعى فى العالم، ومحدودية صناعة البترول لديها.
-
من جهةٍ أخرى، فإن بإمكان مصر أن تلعب دوراً كبيراً فى هذا الصدد، وذلك بفضل مقدراتها وإمكانياتها ذات الصلة. فكما سبقت الإشارة، تحتل مصر المرتبة 24 و28 من بين 49 دولة رئيسية لديها احتياطيات من الزيت الخام، و69 دولة رئيسية لديها طاقات لتكرير ذلك الزيت، على التوالى. ولديها وحدات إسالة فريدة فى منطقة الشرق الأوسط – لم تبلغها الجزائر حتى – تسمح لها بتصدير الغاز المسال إلى جميع دول العالم، حتى أنها تأتى فى الترتيب السابع عالمياً فى التصدير بخطوط الإسالة بعد كلٍ من أستراليا وقطر والولايات المتحدة وروسيا وماليزيا ونيجيريا.
-
أكَّد الضيف أنه لا بد من إدراك مخاطر تداعيات الأزمة الأوكرانية على قطاع الطاقة العالمى جلياً على كافة الدول دون استثناء، وأنه ليس فى مصلحة أىٍ من الدول المنخرطة فى الأزمة استمرار الأخيرة. هذا مع الأخذ فى الاعتبار حقيقة أن صافى الصادرات والواردات من الطاقة العالمية للولايات المتحدة هى 56 مليون طن/ عام، ولأوروبا (-725 مليون طن)، فى حين يبلغ الصافى الروسى 532 مليون طن، وصافى ثانى أكبر اقتصاد عالمى، أى الصين، يبلغ (-674 مليون طن). وهذه المعادلة توضح مدى سوء تداعيات الأزمة الأوكرانية الراهنة على وضع الطاقة العالمى، الأمر الذى يرجِّح عدم تصاعد الأزمة، لأن وضع الطاقة حالياً لا يحتمل أن يشهد العالم مزيداً من التصعيد فيه، لاسيما إذا مارست الشعوب المتضررة تأثيرها على حكوماتها، لمحاولة التخفيف من تداعيات الأزمة.
-
وبناءً على ما سبق، أوصى الضيف بما يلى:
-
ضرورة تنويع الخيارات المصرية من الطاقة، وتعزيز موارد الطاقة المتجددة، على اختلافها وتنوعها.
-
ضرورة تشاور مصر مع البلدان الأوروبية التى بحاجة إلى الغاز، والقيام بدور الوساطة لاستضافة عمليات إسالة الغاز على أراضيها، ارتباطاً بمحطات الإسالة التى تتمتع بميزة نسبية كبيرة فيها، فضلاً عن اكتشافات الغاز الكبرى التى شهدتها على مدار السنوات القليلة الماضية، وهو ما يسهم فى توطيد وضعها كمركز إقليمى للطاقة فى الشرق الأوسط.
-
على السلطات المصرية، ارتباطاً بقمة المناخ التى ستستضيفها مصر العام الجارى، القيام بإزالة الموانىء والمرافق البحرية غير المستخدمة فى خليج السويس، بما يُسهِم فى دعم البيئة وتقليل فرص تلوث المياه، وتنشيط الحياة البحرية.