زيارة السيد/ Andras Kovacs سفير المجر لدى القاهرة للمجلس
أبريل 3, 2023مشاركة السفير/ عزت سعد في المؤتمر الدولي الرابع عشر لجامعة الدراسات الاقتصادية العليا (موسكو: 5 – 13 أبريل 2023)
أبريل 5, 2023
بتاريخ 3 أبريل 2023، استضاف المجلس السيد السفير/ Axel Wabenhorst، سفير أستراليا لدى القاهرة، حيث استقبله السفيران/ محمد العرابى وعزت سعد، رئيس المجلس ومديره. وقد دار اللقاء حول العلاقات المصرية / الأسترالية وسبل تعزيزها، إلى جانب بعض القضايا الإقليمية والدولية، وذلك على النحو التالى:
-
أشار الضيف إلى أن بلاده شهدت العام الماضى عملية انتخابات برلمانية، نتجت عنها حكومة جديدة يقودها “حزب العمال”، تركز كثيرًا من جهودها على مكافحة تغير المناخ وتأثيراته السلبية الواسعة على أستراليا، بما فى ذلك محاولة تعزيز الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، للتقليل من الانبعاثات الكربونية المُساعِدة على زيادة الاحتباس الاحترارى، حيث تتبنّى البلاد خطة طموحة للاعتماد بنسبة 80 % على مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030، والوصول إلى “صفر كربون” بحلول عام 2050.
-
ردًا على تساؤل بشأن التغيرات الأخيرة فى السياسة الخارجية الأسترالية مقارنةً بالسابق، من قبيل الانخراط فى تحالف “أوكوس” وصفقة الغواصات الأمريكية التى تعمل بالطاقة النووية، المزمع تسليمها لأستراليا، وهل هذا يتم وفق عقيدة معينة للسياسة الخارجية الأسترالية، أم أن ذلك قرار خاص بالحكومة الجديدة، أجاب الضيف بأن هذه الصفقة كانت نتاج الحكومة السابقة، وقد نالت دعم مختلف الفاعلين فى الدولة، وجاءت نتيجة التطورات الإقليمية فى المنطقة، وما تنطوى عليه من مخاطر، كما أنها تنم عن حرية أستراليا واستقلالها فى اتخاذ ما تراه مناسبًا لتعزيز مصالح شعبها والحفاظ على أمنها القومى.
-
حول العلاقات الاقتصادية بين مصر وأستراليا، والاستثمارات ذات الصلة، أفاد الضيف بأن هناك صعوبات فى هذا الشأن، مشيرًا إلى أن هناك شركات أسترالية تركز بالأساس على قطاع التعدين والطاقة المتجددة، ولكن ليس لها وجود واسع فى مصر، مقارنةً بوجودها فى إريتريا والسودان، بل إن هناك توجهات استثمارية أكبر نحو السودان، رغم حالة عدم الاستقرار السائدة هناك، بفضل اتساع قطاع التعدين هناك. ومع ذلك، أشار إلى انخراط بعض الشركات الأسترالية فى عدد من المشروعات القومية الكبرى فى مصر، أحدها شركة “Worley” المتخصصة فى قطاع الطاقة، والتى تقدم خدمات استشارية للحكومة المصرية، ارتباطًا بكلٍ من مفاعل الضبعة النووى ومشروعات الطاقة الخضراء الجارى تنفيذها فى مصر. كما أشار إلى أنه يجرى الآن مشروع تعاون ثنائى، يتم بموجبه تصدير الفاكهة المصرية إلى أستراليا لتعليبها، ما من شأنه أن يساعد على تعزيز حجم التبادل التجارى بين البلدين، ويفتح مزيدًا من الآفاق الاستثمارية المشتركة.
-
بدا الضيف مهتمًا بالاستفسارات عن مسألة تطبيع العلاقات العربية مع سوريا وعودة الأخيرة للجامعة العربية، وتحديدًا فى التوقيت الحالى، وموقف مصر من ذلك، وردَّ الجانب المصرى بأن القاهرة تمسَّكت بمبادئ محددة بشأن سوريا منذ اندلاع ثورتها عام 2011، من أبرزها التعامل مع الحكومة المركزية فى دمشق، سواء كان الرئيس بشار الأسد على رأسها أو غيره، وكذا الحفاظ على السيادة والسلامة الإقليمية للأراضى السورية. والوضع الراهن يدل على أن الرئيس الأسد قد استطاع الحفاظ على مقاليد السلطة، ونجح فى استعادة الكثير من الأراضى التى كان قد تم الاستيلاء عليها، كما يحاول استعادة باقيها، وإعادة إعمار بلاده، هذا فى ظل وجود قوات عسكرية مختلفة تابعة لفواعل إقليمية ودولية متنوعة، بوجه شرعى وغير شرعى، وأيضًا فى ظل استمرار الوجود الإرهابى فى أكثر من جيب داخل البلاد، تلك الأمور التى من شأنها تعقيد تسوية الأزمة.
من جهةٍ أخرى، فإن المناخ الإقليمى أضحى مهيئًا أكثر لإعطاء دفعة فى اتجاه عودة سوريا لمقعدها العربى، فقد اتفقت السعودية وإيران على إعادة فتح السفارات، برعاية صينية، كما قامت تركيا بفتح قنوات مع كلٍ من الإمارات والسعودية، وآخرها مع مصر، لإعادة العلاقات إلى سابق عهدها. وقد دلَّ جميع ذلك على أن المشهد تغير تمامًا عمَّا كان عليه الحال إبَّان حجب سوريا عن مقعدها بالجامعة العربية فى عام 2011. كما ساهم حادث الزلزال الأخير الذى ضرب كلاً من تركيا وسوريا فى فبراير الماضى فى تمهيد الطريق أكثر، حيث انطوت الاستجابة العربية السريعة على مشاعر ود، وحرص كبير على مساعدة سوريا وشعبها الشقيق. هذا فضلاً عن حقيقة أن تكلفة لمّ الشمل وتطبيع العلاقات والتصالح أقل بكثير من تكلفة الخلافات واستمرار الصراعات وتصعيدها.
ولعلَّ بالإمكان القول بأن الهدف الأول لسوريا فى الوقت الحالى ليس استعادة مقعدها، بقدر الرغبة فى تطبيع العلاقات مع البلدان العربية الفاعلة منها، مثل السعودية والإمارات والجزائر ومصر. وعلى كلٍ، أضحى منحى العودة قاب قوسين أو دنى، حيث تعتزم السعودية دعوة سوريا لحضور القمة العربية المقرر عقدها فى مايو القادم فى العاصمة الرياض.
-
ردًا على استفسار بشأن رؤية أستراليا للأزمة الأوكرانية، وتوقعات الضيف حول إمكانية الوصول إلى تسوية سلمية لها، أشار الضيف إلى أن الشعور العام فى بلاده مماثل للشعور الأوروبى، حيث يدعم الشعب الأسترالى أوكرانيا فى حربها “العادلة” ضد “العدوان” الروسى، ويحمل قدرًا كبيرًا من التعاطف مع الأوكرانيين، حتى أن مئات اللاجئين الأوكرانيين قد توجهوا إلى أستراليا، حيث تم استقبالهم بحفاوة، بل ويتم النظر حاليًا فى إرسال معدات عسكرية إلى أوكرانيا لتعزيز موقفها فى الحرب. فى سياقٍ متصل، أشار إلى أن مسألة التسوية مرهونة بقرار كلٍ من روسيا وأوكرانيا دون سواهما، مضيفًا أن أوكرانيا لن تتخلَّى عن الدفاع عن أراضيها مهما طال أمد الحرب، وأن أفعال روسيا من شأنها أن تجلب لها مزيدًا من الخصومة والعداء، نتيجة ما أسفرت عنه من تداعيات سلبية كثيرة على حياة الشعوب، ليس أقلها نقص الغذاء وارتفاع أسعار الطاقة.
-
وحول التقارب المصرى التركى مؤخرًا، أشار السفير/ سعد إلى أن التطورات الحاصلة فى هذا الشأن تعكس نوعًا من الواقعية لدى البلدين فى ظل التغيرات التى يشهدها المسرح الإقليمى والدولى، على النحو المذكور أعلاه، وذلك لأجل الوصول إلى توافق فى موضوعات معينة. ولقد مضت تركيا منذ فترة فى تصفير خلافاتها مع بلدان المنطقة لإدراكها أن ذلك مفيدًا لمصالحها، فيما تسعى مصر هى الأخرى إلى محاولة إيجاد نوع من التوازن بين مبادئها ومصالحها لأجل صالح الشعب المصرى. هذا، ومن المرجَّح أن الحكومة المصرية لن تعطى أية امتيازات جوهرية لتركيا قبل إجراء الانتخابات الرئاسية التركية فى 14 مايو المقبل.
-
وفيما يتعلق بليبيا وتوقع مصر لتسوية قريبة، أشار السفير/ العرابى إلى أن هناك بالفعل تحولات فى المشهد الليبى، ومبادرة أممية طُرِحَت مؤخرًا، ولكن الأزمة الليبية، كغيرها من أزمات المنطقة، ستأخذ وقتًا حتى يتم تسويتها نهائيًا، نظرًا لانخراط أطراف دولية عديدة، ذات أجندات متباينة، فيها. مضيفًا أن مصر تبذل قصارى جهدها لكي يتم الوصول إلى هذه التسوية، سلميًا، وتحافظ على تمثيلها الدبلوماسى والقنصلى فى طرابلس وبنغازى، على التوالى، بغية ضمان التواصل المستمر مع كلٍ من الحكومتين المتنازعتين فى ليبيا، ومحاولة تقريب وجهات النظر. ولقد حرص معالى وزير الخارجية سامح شكرى على مفاتحة نظيره التركى، إبَّان زيارة الأخير للقاهرة فى مارس الماضى، حول الوجود التركى فى غرب ليبيا، بما قد يُسهِم فى التخفيف من حدة الأزمة، ويفسح المجال لتحقيق إنجاز ملموس، ولو قليل.
-
تطرَّق اللقاء كذلك إلى القضية الفلسطينية وتطوراتها فى ظل مضى إسرائيل قدمًا فى توسيع مستوطناتها فى الأراضى المحتلة. وفى هذا الصدد، أشار السيد رئيس المجلس إلى أن الإسرائيليين يقولون بأنهم يريدون السلام، ولكن يجب الانتباه إلى أن السلام المُراد هو الذى يتم وفق مفهومهم هم، وشروطه التى يضعونها، ومن ثمَّ لا عجب فى أنهم يتوسعون فى إنشاء المزيد من المستوطنات غير الشرعية. مضيفًا أن الولايات المتحدة لا تقوم بشئ فعَّال حيال ذلك، وتكتفى بإعادة التأكيد على ضرورة “حل الدولتين”.
من جانبه، استنكر السفير/ عزت سعد ازدواجية المعايير الغربية الفجَّة إزاء إسرائيل وتصرفاتها بحق الشعب الفلسطينى، مشيرًا إلى أنه رغم هذه التصرفات العنصرية، كانت الدول الغربية تجادل دومًا بأن إسرائيل هى الدولة الديموقراطية الوحيدة فى المنطقة. والآن، انقلب الوضع داخل إسرائيل ذاتها، بتشكيل أكثر حكومة متطرفة فى تاريخ البلاد، ومع ذلك لم يتخذ أىٌ من تلك الدول عقوبات ضد إسرائيل.
وأضاف السفير/ سعد أن الحشد الغربى السريع لكافة أشكال الدعم لمساعدة أوكرانيا وشعبها فى الأزمة الجارية، انطلاقًا من أن روسيا دولة معتدية ومحتلة لأراضٍ أوكرانية، يثير حفيظة الشعوب العربية والإسلامية، عند استدعاء موقف الغرب من القضية الفلسطينية التى قاربت على دخول عقدها التاسع دون حل. ومن ثمَّ، يجب أن يتنبَّه العالم الغربى لهذا الجانب المهم، ويوليه الاهتمام اللائق به.
-
هذا، وقد دعت قيادة المجلس الضيفَ لإلقاء محاضرة لاحقًا لأعضاء المجلس حول سياسة أستراليا الخارجية وعلاقاتها بمصر، وموقفها ورؤاها إزاء القضايا الدولية الجارية، وهو ما رحَّب به السفير الأسترالى.