ندوة “مصر والهجرة غير الشرعية .. التحديات وآليات المواجهة”
يونيو 12, 2023زيارة السيد/ Thomas Volk مدير البرنامج الإقليمي بمؤسسةKONRAD ADENAUER STIFTUNG للمجلس
يونيو 18, 2023
على مدى يومَى 17 و18 يونيو 2023، استضاف المجلس النسخة الأولى من مؤتمر “الهند – غرب آسيا وشمال إفريقيا (WANA)”، تحت شعار “إعادة ربط الجذور من أجل الرخاء المشترك –Reconnecting Roots for Shared Prosperity”، وذلك بناءً على مقترح تقدَّمت به مؤسسة الهند “India foundation” التابعة للحزب الحاكم “بهاراتيا جاناتا”؛ بغية إقامة مشاورات مع المجلس وعدد من الباحثين العرب بشأن القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، واستكشاف سبل التعاون الممكنة إزائها. وقد ضمَّ وفد “مؤسسة الهند” الزائر كلاً من: د./ Ram Madhav رئيس مؤسسة الهند والأمين العام السابق لحزب “بهاراتيا جاناتا”؛ السيد/ MJ Akbar عضو مجلس إدارة المؤسسة ووزير الدولة الأسبق للشئون الخارجية؛ د./ Alok Bansal مدير المؤسسة وضابط سابق بالبحرية الهندية؛ د./ Haseeb Drabu وزير المالية السابق بولاية جامو وكشمير؛ السيد/ Anile Trigunayat سفير الهند السابق لدى الأردن وليبيا؛ والسيدة/ Soumya Chaturvedi زميلة باحثة لدى مؤسسة الهند.
وقد تركَّزت أعمال اليوم الأول على بحث العلاقات الثنائية بين مصر والهند، وسبل تعزيزها، بجانب رؤى الجانبين إزاء القضايا الإقليمية والدولية. وضمَّ الجانب المصرى كلاً من السادة السفراء/ محمد العرابى، عزت سعد، على الحفنى، محمد حجازى، محمد النقلى، ود./ محمد كمال، ود./ صادق عبد العال، ود./ محمد عز العرب رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية. وشهد اليوم الثانى تفاعلاً بين الوفد الهندى وباحثين من عدة بلدان عربية (فلسطين – ليبيا – السودان)، هم: د./ محمد غريب أمين سر حركة فتح بالقاهرة؛ د./ رمزى عودة الأمين العام لحملة “من أجل فلسطين”؛ أ/ قاسم عواد منسق الحملة الفلسطينية؛ د./ محمد الهادى الدايرى وزير خارجية ليبيا الأسبق (بالفيديو)؛ د./ مصطفى الزايدى أمين اللجنة التنفيذية بالحركة الوطنية الشعبية الليبية؛ والسفير د./ على يوسف القائم بأعمال رئيس المجلس السودانى للشئون الدولية.
فى السياق عاليه، تناول النقاش فى اليوم الأول ما يلى:
-
أكَّد المشاركون أن العلاقات بين مصر والهند لا تعود فقط إلى مرحلة ناصر ونهرو، بل تمتد في أعماقها إلى سعد زغلول والمهاتما غاندى، ولكنها شهدت بالتأكيد تطورًا كبيرًا في مرحلة الرئيس السيسى ورئيس الوزراء الهندى مودى. وفي هذا الصدد، تمت الإشارة إلى زيارة رئيس الوزراء الهندى “ناريندرا مودى” القاهرة يوم ٢٤ يونيو الجارى، ومدى أهميتها فى الوقت الحالى، تلك الأهمية التى لا تنبع فقط من أن الهند أصبحت كبرى دول العالم من حيث عدد السكان، وثانى أكبر اقتصاد في العالم من حيث معدلات النمو، أو قيادتها الحالية لمجموعة العشرين واعتبارها صوتًا للجنوب داخل هذه المجموعة، ولكن أيضًا لأهمية المرحلة التاريخية التي يعيشها العالم؛ فمع تراجع الدور القيادى للولايات المتحدة في العالم، وتزايد حدة التنافس الأمريكى / الصينى، يبرز دور دول مثل مصر والهند، وهى الدول التي يطلق عليها القوى المتوسطة أو القوى الإقليمية المحورية، وهى دول لديها القدرة على ملء الفراغ الأمريكى في الأقاليم الجغرافية التي تنتمى إليها، كما أنها لا تريد أن تكون طرفًا في معركة التنافس بين القوى الكبرى في العالم سواء التنافس الأمريكى / الصينى أو الأمريكى / الروسى. وقد ظهر ذلك واضحًا في موقف البلدين المتقارب من أزمة أوكرانيا، حيث دعت مصر والهند إلى وقف الحرب وبدء مباحثات للسلام، واعتبار أن هذه الحرب ليست لها علاقة بأولوياتهما الحقيقية المتعلقة بقضايا النمو والأمية والبيئة وغيرها، وهى قضايا الاهتمام الحقيقى للدول النامية. وفي هذا السياق، يمكن أن تمثل زيارة مودى للقاهرة، وما قد يصدر عنها من تفاهمات مصرية هندية، نقلة نوعية لتعزيز مصالح البلدين، وتقوية صوت الجنوب في النظام الدولي.
-
طرح أحد الباحثين الهنود مفهوم “قوة التوازن” بديلًا لمفهوم “توازن القوى” في العلاقات الدولية، والذي يُراد به أن تسعى دول العالم لإقامة توازنات في علاقاتها، وخاصة مع القوى الكبرى. وفى هذا الإطار، توافق المشاركون في الندوة على أهمية السعى لبناء نظام دولى تعددى، وليس قائمًا على أحادية أو ثنائية قطبية، وأهمية تطوير آلية جديدة تجمع الدول التي تؤمن بما يسميه الهنود “الاستقلالية الاستراتيجية” وعدم التبعية، وهو تطوير لفكرة عدم الانحياز، كما أعربوا عن توافقهم إزاء فكرة توسيع مجلس الأمن بشكل منصف، بحيث يكون للدول النامية تمثيلاً عادلاً فيه.
-
ارتباطًا بذلك، توافق الجانبان على فكرة أهمية “تعددية العملات” الدولية للتجارة، وعدم الاقتصار فقط على الدولار، رغم التطور المتزايد في العلاقات بين نيودلهى والعاصمة الأمريكية واشنطن، التي سيزورها رئيس الوزراء مودى قبل مجيئه للقاهرة مباشرة. وقد بدأت الهند في استخدام عملتها المحلية “الروبية” في الصفقات التجارية مع دول أخرى.
-
كان هناك أيضًا حديث هندى إيجابى عن تجمع “البريكس” رغم وجود بعض التوترات بين الهند والصين عضوَى التكتل، ويتحدث الهنود عن “البريكس” بكونه إطارًا لما يسمى “التحالف بين الأسواق”، وليس بالضرورة التحالف بين الدول، وتؤيد الهند تبنى “البريكس” عملة موحدة للتبادل التجارى بين أعضائه، حيث سيُعرض الأمر على قمة التجمع في أغسطس القادم. وهنا جاء الحديث إيجابيًّا أيضًا حول طلب مصر الانضمام إلى “البريكس”، وأهمية مساندة الهند لهذا الطلب، وهو أمر ستتم مناقشته بالتأكيد في المحادثات الرسمية بين البلدين.
-
البُعد الاستراتيجى كان حاضرًا كذلك فى النقاشات، حيث تم التطرق لاستراتيجية “المحيط الهندى – الهادى المفتوح والحر”، والتى تنظر إليها الهند بارتياح، باعتبارها تطوراً طبيعياً وحيوياً بالنسبة لدول المنطقة، ومن شأنها تحقيق المزيد من التعاون والشراكة وتعزيز التعاون البحرى فيما بين دول المنطقة بما يعظِّم من فرص النمو الاقتصادى وتعزيز الاستقرار والسلام فى إقليم جنوب وشرق آسيا. وفى هذا الصدد، أكَّد الجانب المصرى أن منطقة المحيطين الهادى والهندى، التى أصبحت محور اهتمام الهند والقوى الكبرى، لا يمكن فصلها عن منطقة البحر المتوسط والمحيط الأطلنطى، وأن مصر وقناة السويس هي حلقة الاتصال بين هاتين المنطقتين. هذا، فيما تحدث الهنود عن اهتمامهم الاستراتيجى بمنطقة تمتد من مضيق “ملقا” في جنوب شرق آسيا إلى قناة السويس.
-
ثمَّن الجانب الهندي الدور الكبير الذى تلعبه مصر فى محاولات إرساء الأمن والاستقرار فى المنطقة، باعتبارها رمانة الميزان وإحدى القوى الإقليمية ذات الثقل. ومع ذلك، أشار إلى أهمية تقاسم الأعباء فى بذل الجهود ذات الصلة مع بلدان الإقليم، وحتى من دول أوروبية، كفرنسا مثلاً، مشيرًا إلى استعداد الهند لدعم مثل هذا الإجراء، عبر المشاركة فى الحوار ذى الصلة فى حال طُلِب منها ذلك.
-
أشار الجانب المصرى إلى أن هناك عدة تفاعلات إقليمية تسِم الاتجاهات الرئيسية فى منطقة الشرق الأوسط خلال العام الجارى، هى:
-
استمرار النزاعات الداخلية فى عدد غير قليل من البلدان العربية، مثل ليبيا واليمن وسوريا، وتصاعدها بدرجات متفاوتة، والتي تنطوي على انخراط أطراف متعددة، ويستمر نطاقها في الاتساع، بما في ذلك انتشار المليشيات المسلحة وانتشار الأسلحة الثقيلة والمتوسطة في مناطق مختلفة من هذه البلدان. الأمر الذي يؤدي بدوره إلى زيادة عدم الاستقرار في المناطق المجاورة بسبب الحدود المليئة بالثغرات وظهور اقتصادات “الظل” المنخرطة في أنشطة غير مشروعة مثل الاتجار بالبشر وتهريب الأسلحة والمخدرات والنفط. هذا في الوقت الذي لا تُبذل فيه الجهود الكافية لمعالجة وحل هذه النزاعات، بسبب تركز الاهتمام العالمي على الحرب المتصاعدة بين روسيا وأوكرانيا، بما يساهم فى إطالة أمد هذه الصراعات.
-
شيوع حالة من عدم الاستقرار فى بلدان عربية عدة، والتى غذتها تراكمات على مدى السنوات السابقة، كما هو الحال في السودان ولبنان وتونس، وذلك إلى جانب ما تشهده من تنامٍ في الانقسامات الداخلية والأزمات الاقتصادية الحادة.
-
الانخراط العربي المتزايد مع الحكومة السورية، في تحول في النهج العربي تجاه الأزمة السورية، تجلى في الجهود العربية لإعادة دمج سوريا في جامعة الدول العربية، ووجود الرئيس السوري بشار الأسد في القمة العربية الأخيرة في جدة، وكذا إدراج سوريا في العديد من المشاريع الاقتصادية العربية. وهو الأمر الذي يمكن تفسيره من عدة أوجه؛ إذ يتماشى مع المرحلة الحالية في سوريا، التي تتميز بهدوء نسبي في الصراع، وموقع الجيش السوري المهيمن على الجبهة العسكرية. بالإضافة إلى تحفيز المصالح الاقتصادية على تطوير العلاقات مع دمشق، فضلاً عن الشعور العربي بالقلق من التهديد الإرهابي في سوريا، وهناك مبادرة روسية لإعادة دمج سوريا في العالم العربي. ومع ذلك، تواجه الدول العربية تحديات كبيرة في سعيها لتوثيق العلاقات مع الحكومة السورية، من قبيل موقف الولايات المتحدة من هذا التقارب والتأثير المحتمل للانخراط الاقتصادي العربي مع سوريا على عقوبات قانون قيصر. علاوة على ذلك، يشكل النفوذ الإيراني القوي في سوريا عقبة كبيرة، إذ تمتلك طهران القدرة على الضغط على النظام السوري لردع أي مساومة بشرعيته العربية مقابل الدعم.
-
تراجع ظاهرة “الاستقطاب” في التفاعلات الإقليمية الثنائية؛ ففي عام 2022، شهدت السياسات الخارجية للعديد من البلدان في المنطقة تحولًا ملحوظًا نحو تعزيز التقارب مع الدول التي كانت تعتبر في السابق خصومًا، على الرغم من الديناميكيات الجيوسياسية المتغيرة. وقد تجلى هذا التحول من خلال مؤشرات مختلفة، منها زيادة الاتصالات والزيارات والمناقشات بين الوفود الرسمية، وإنشاء لجان لمعالجة القضايا العالقة والمسائل الخلافية في العلاقات الثنائية، فضلاً عن التحديات العاجلة للأمن الوطني والإقليمي. في ذات السياق، أعيدت العلاقات الدبلوماسية بين الأطراف المتنافسة، مثل السعودية وإيران ومصر وتركيا. بل وقد تشهد الفترة المقبلة إعادة العلاقات الدبلوماسية بين مصر وإيران، مصحوبة بتوقيع اتفاقيات اقتصادية بين هذين البلدين. ويمكن أن يُعزى الاتجاه المتزايد نحو خفض التصعيد وتقليل التوتر بين القوى الإقليمية في الشرق الأوسط إلى عدة عوامل، من بينها التأثير المتزايد للصراعات العربية الداخلية، إذ لا تقتصر النزاعات في ليبيا واليمن على الأطراف المحلية وحدها، ولهذا السبب يعتمد وقف التصعيد أو حل هذه النزاعات إلى حد كبير على الاتفاقات الإقليمية، خاصة في الوقت الذي لم يتمكن أي من الأطراف المعنية من كسب هذه النزاعات بشكل حاسم لصالحه على مدى السنوات الماضية. وبالتالي، فإن وقف تصعيد الصراع اليمني على سبيل المثال مشروط باتفاق سعودي إيراني، بينما يتطلب حل الصراع الليبي توافقًا مصريًا تركيًا.
-
استمرار الغموض بشأن الملف الإيراني، بما في ذلك برنامج إيران النووي، والصواريخ الباليستية، وعلاقة طهران بوكلائها في الشرق الأوسط (مثل حزب الله في لبنان، وجماعة الحوثيين في اليمن، والميليشيات الشيعية في سوريا، وقوات الحشد الشعبي في العراق).
-
تانمي الآثار الاقتصادية بعيدة المدى للأزمة الأوكرانية على المنطقة العربية، والتي استمرت في التأثير بشكل كبير على التفاعلات الإقليمية في عام 2023، مع تداعيات ملحوظة في قطاعي الطاقة والغذاء، بالنظر إلى أن الصراع يشمل موردين رئيسيين للحبوب والغاز، بما تسبب في اضطرابات كبيرة في اقتصادات العديد من البلدان. وبينما أتاحت هذه الأزمة لدول الخليج الغنية بالنفط فرصة الامتناع عن زيادة الإنتاج والاستفادة من ارتفاع الأسعار، تواجه دول عربية أخرى تحديات اقتصادية ملحة قد تؤثر في نهاية المطاف على استقرارها الداخلي.
-
فى هذا السياق، أكَّد الجانب المصرى أهمية توفير الدعم الدولى اللازم لحل الأزمات التى يعج بها الإقليم، بما فى ذلك القضية الفلسطينية، مستنكرًا فى هذا الصدد ازدواجية المعايير الغربية إزاء ملف حقوق الإنسان، بالنظر إلى الدعم الغربى غير المحدود لأوكرانيا ولاجئيها، مقارنة بإهمال الملف الفلسطينى وحقوق الفلسطينيين، والتى تنتهكها سلطات الاحتلال الإسرائيلى طوال عقود على مرأى ومسمع العالم أجمع.
-
تناول اللقاء الحديث عن سبل دعم “الشراكة الاستراتيجية” بين البلدين، حيث أعرب الجانب الهندي انفتاحه واستعداده لتعزيز الاستثمارات الهندية في مصر في مجالات التكنولوجيا وفى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، باعتبار الهند هي أكبر دولة تشهد معاملات رقمية، وكذلك دعم التعاون في مجالات التعليم، وخاصة التعليم الفنى والتكنولوجى والإدارة، والتي تتميز فيها الهند، بالإضافة إلى التعاون في مجالات الفضاء، والصحة والطاقة البديلة، وتبادل الخبرات في مجال القوة الناعمة. كما دعا إلى تعزيز التعاون في مجال الأمن الغذائى، وتسهيل منح التأشيرات للسياح الهنود عند الوصول، لتشجيع السياحة القادمة من الهند، فالهند تضم الآن طبقة متوسطة كبيرة، وأصبحت تنفق بسخاء أثناء السفر للخارج. إلى جانب ذلك، دعا الجانب الهندى إلى تعزيز الواردات المصرية من الأسلحة الدفاعية الهندية المتقدمة، وكذا التعاون في مجال مكافحة الإرهاب، وخاصة الأبعاد الفكرية له، من خلال آلية للحوار بين الأزهر الشريف والمؤسسات الهندية المعنية.
-
إضافةً لما عُرِض من حديث حول “الشراكة الاستراتيجية” بين مصر والهند، وحيث إن مصر من أكثر الدول تعدادًا سكانيًا فى المنطقة العربية، وكذا الهند على مستوى العالم مؤخرًا، فقد أشار الجانب المصرى إلى أهمية تبادل الخبرات العلمية لتعزيز سبل الاستثمار فى مجالات التنمية البشرية المتمكِّنة “Skilled Human Development”، خاصة فى مجال الطفولة، والتى تمثل شريحة ديموجرافية ضخمة لدى كلا البلدين. ومن ثمَّ، حرص الجانب المصرى على اقتراح قيام الجهات المعنية فى مصر بتحضير ورقة مشتركة مع نظيراتها فى الهند، ترتكز على سبل الارتقاء بالصحة العامة للطفل إزاء المتغيرات الوبائية والكوارث الطبيعية، ومستحدثات الهوية الجنسية للطفل “Child Gender Identity”؛ ليتم تقديمها فى مؤتمر “قمة المستقبل” المزمع انعقادها بمقر الأمم المتحدة خلال العام المقبل، بدعوة من السيد الأمين العام.
-
وبموافقة الجانبين على اعتبار وضع الطفل “عُملة ثمينة – Precious Currency” داخل أطر الشراكة الاستراتيجية بين الدول، وحيث إن الهند بصدد استضافة قمة مجموعة العشرين القادمة، وتترأسها حاليًا، فقد بادر الجانب المصرى بعرض اقتراح قيام الهند بالترويج لما يمثل الأمر لدى كلا البلدين بدراسة جدوى تخصيص وزارة مستقلة للطفولة، تشمل إلى جانب الصحة والثقافة والتعليم بثًا استباقيًا لمفهوم التواصل الحضارى وغرسه فى عقول الأطفال، وذلك لترسيخ مفاهيم السلم والأمن والتنمية كأولوية فى نشأة الطفل العالمى.
-
هذا، وقد تمَّ اقتراح إنشاء مجلس أعلى للعلاقات الثنائية بين البلدين، ومجلسًا يضم مراكز البحث والفكر فيهما؛ بغية تعزيز الروابط والعلاقات والمنافع المشتركة.
هذا، وقد تناول لقاء اليوم الثانى ما يلى بصفة خاصة:
-
فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، أعطى السادة الفلسطينيون المشاركون إطلالة عامة حول الأوضاع الصعبة فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، موضحين حدة القيود التى تفرضها سلطات الاحتلال الإسرائيلى فى كافة مناحى الحياة، وتقويضها لأى فرصة للشروع فى عملية تنموية مستدامة تحقق الرخاء للشعب الفلسطينى، وهى عملية صعبة على أى حال جرَّاء استمرار الاحتلال وإعماله للسياسات العنصرية والأبارتيد وعمليات الاستيطان غير المشروعة، والتى أسفرت فى مجملها عن الانقطاع الجغرافى بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وزيادة الكثافة السكانية فيهما، فى ظل أوضاع إنسانية يُرثَى لها. وقد عرض الجانب الفلسطينى عدة خرائط بيَّنت تآكل الأراضى الفلسطينية من قِبَل مشروعات الاحتلال الاستيطانية، والتى طلب الوفد الهندى نسخة منها.
-
أشار الجانب الفلسطينى إلى أن نمط تصويت الهند خلال الخمس سنوات الماضية على وجه التحديد قد تغير لصالح الاحتلال على حساب القضية الفلسطينية، داعيًا الهند إلى القيام بدلاً من ذلك بتعزيز انخراطها فى هذا الملف، مشيرًا إلى أن نيودلهى تمتلك قوة ناعمة لا يُستهان بها، ولها مصالح حيوية فى الشرق الأوسط بوصفه المصدر الأول للطاقة بالنسبة لها، فيما يوجد نحو 200 مليون مسلمًا بالهند، قلوبهم متعلقة بالقدس والمسجد الأقصى، وأن من شأن اتباع دبلوماسية نشطة للهند فى هذا الصدد أن تحفظ الكثير من حقوق الفلسطينيين، فضلاً عن أنه سيجعلها حاضرة فى الذهن العربى والإسلامى. وفى هذا السياق، طالب الأشقاء الفلسطينيون الهند بدعم خطاب الرئيس الفلسطينى محمود عباس فى الدورة 78 للجمعية العامة، المقرر عقدها فى سبتمبر 2023، والتى سيطالب فيها بإعلان الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس، لتكون دولة كاملة العضوية بالأمم المتحدة، معوِّلين فى ذلك على دعم الهند التاريخى لحركات التحرر والاستقلال. كما دعا الجانب الفلسطينى نظيره الهندى إلى زيارة رام الله، لإجراء مشاورات مماثلة مع مراكز الفكر الفلسطينية، والتعرف أكثر على واقع الأوضاع فى الأراضى الفلسطينية.
-
من جانبه، أشار الجانب الهندى إلى أن لديه زيارة مزمع إجراؤها قريبًا إلى تل أبيب، وأنه قد سَعِد بلقاء الفلسطينيين أثناء زيارته للمجلس المصرى للشئون الخارجية فى هذا التوقيت قبل زيارة تل أبيب، مشيرًا إلى أن الهند ساندت القضية الفلسطينية مرارًا، وأن تغير الحكومات قد يستتبع تغيرًا فى المواقف. مضيفًا أنه وإن حدث تغير على المستوى السياسى، فإنه لا بد من مواجهة الأزمات الإنسانية التى ينطوى عليها هذا الملف الممتد. ومع ذلك، فقد أشار إلى أن القضية الفلسطينية هى قضية سياسية عربية بامتياز، وقد خاضت الدول العربية حروبًا عديدة سابقة مع إسرائيل. كما تساءل الوفد حول معضلة الخلاف بين فتح وحماس، والدور السلبى لذلك فى تسوية الملف، وهو ما أجاب عنه الجانب الفلسطينى بأن حركة فتح ليس لديها أى اعتراض على المصالحة، وأفصحت عن ذلك مراتٍ عديدة.
-
بالنسبة لليبيا، عرض المشاركان لخلفية الأزمة الليبية، وتطوراتها، وصولاً إلى إعلان لجنة “6+6” توصلها إلى توافق بشأن قوانين الانتخابات الرئاسية والتشريعية فى السادس من يونيو 2023 بمدينة بوزنيقة المغربية. وأشار د./ محمد الدايرى إلى أن هناك تفاؤلاً واحتمالاً لإجراء الانتخابات خلال العام الجارى أو العام القادم على أقصى تقدير، وذلك بصرف النظر عمَّا يطلقه البعض من انتقادات، ارتباطًا بانعدام خبرة الشعب الليبى الانتخابية لاختيار رئيسًا له، وأن الانتخابات ذات الصلة هى الأول من نوعها فى تاريخ ليبيا.
-
فى ذات السياق، أشار الأخوة الليبيون إلى المخاطر الجسيمة التى انطوى عليها – ولا يزال – انخراط القوى الدولية والإقليمية فى ليبيا، فى ظل توجهاتها المختلفة وأجنداتها المتباينة، لتحقيق مصالحها الخاصة، على حساب الشعب الليبى ومصالحه، وأن ذلك قد أسفر عن حالة الفوضى التى تشهدها ليبيا عقب اندلاع ثورتها فى 2011، محذرين من مخاطر تقسيم البلاد، وتأزم قضايا الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر، والتى من شأنها أن تؤدى إلى تغيير ديموجرافية الشعب الليبى بحكم الأمر الواقع والرفض الأوروبى المستمر لاستقبال مزيد من المهاجرين، والذين يستغلون بدورهم فقدان السيطرة على الإقليم الليبى. وفى هذا الصدد، طالبوا الهند بدعم خيارات الشعب الليبى، ومساندة بلادهم لإخراج المرتزقة والميليشيات العسكرية وكافة القوات الأجنبية من الأراضى الليبية.
-
من جانبه، ذكر السفير/ Anile Trigunayat أنه قد عاصر أحداث الثورة الليبية عند اندلاعها فى 2011، أثناء عمله سفيرًا لبلاده فى ليبيا آنذاك، مؤكدًا حالة الفوضى التى أحدثها التدخل العسكرى للناتو وقتها، والتى أدت إلى تأخر تحقيق التحول الديموقراطى الذى كان يتطلع إليه الشعب الليبى بفعل التطورات اللاحقة، آملاً أن تثمر عملية التوافق الأخيرة حول قوانين الانتخابات فى تحقيق تقدم ملموس فى هذا الصدد.
-
تساءل الجانب الهندى عن معضلة القيادة فى ليبيا بين شرق البلاد وغربها، والدور التركى فى ليبيا، وموقف الدول المجاورة لها من التطورات الأخيرة فيها. وقد أجاء الجانب الليبى بأن معضلة القيادة سيتم حلها فور إتمام الانتخابات الليبية، والتى توافق الطرفان على إجرائها، أمَّا تركيا فقد دخلت لتحقيق مصالحها، مستغلة ضعف الوضع الليبى. من جهةٍ أخرى، أضاف أن كلاً من تونس والجزائر قد مالَتا إلى حكومة طرابلس، المجاورة لهما مباشرةً، وإن كانتا تصرحان بضرورة وصول الفرقاء الليبيين إلى توافق. هذا فيما يُعَد الموقف المصرى محايدًا ومقبولاً من الطرفين، لكونه لم يُقصِ أحدًا، أمَّا تشاد والنيجر فهما دولتان ضعيفتان بفعل ضربات التنظيمات الإرهابية، على شاكلة بوكو حرام وغيرها، وبالتالى فإن دورهما ضعيف للغاية فى حلحلة الملف الليبى.
-
ارتباطًا بالسودان، عرض السفير/ على يوسف للوضع الراهن والمعقد، بالتضافر مع خلفية تاريخية لتطورات الأوضاع فى السودان منذ استقلالها فى عام 1956، مشيرًا إلى اعتقاده بأن هناك نظرية مؤامرة ضد بلاده، وضد مصر كذلك، بالنظر إلى أن السودان هى “ظهر” مصر، وأن ما يحدث فيها يؤثر على الأخيرة بشكلٍ مباشر. وأضاف أن بلاده تتمتع بثروات طبيعية هائلة، من نفط وغاز وذهب وأرض خصبة وغيره. ومع ذلك، لم تُدار بلاده بالطريقة الصحيحة على مدى عقود، حتى خلَّفت شعبًا فقيرًا ومهمشًا. وهذا لا شك يحفز الجهات الخارجية على الانخراط فى المشهد الليبى لاقتناص ما أمكن من تلك الثروات، خاصة فى ظل حالة الفوضى التى تئن تحت وطأتها البلاد.
-
فى سياقٍ متصل، تناول السفير/ يوسف ماهية قوات الدعم السريع، عارضًا لتاريخها ومهامها، ونشأتها على يد الرئيس السابق عمر البشير، مشيرًا إلى أنه قد استفحل أمرها حتى أصبحت هى الخصم الرئيسى للجيش السودانى النظامى، وماطل قائدها “حميدتى” فى الاندماج فى هذا الجيش، ومن ثمَّ حدثت الفوضى التى تشهدها الساحة السودانية حاليًا، والتى تفشل محاولات تسويتها بشكلٍ مستمر.
-
دعا الضيف الجانب الهندى بتوفير الدعم اللازم للسودان بغية تحقيق وقف إطلاق نار دائم بين الأطراف المتناحرة، والشروع فى عملية سياسية جديدة وشاملة تخدم الشعب السودانى ومصالحه، وأن تكون القيادة فيها لمدنيين تكنوقراط، مضيفًا أن ذلك قد يتحقق كذلك بالتنسيق مع المجتمع الدولى ومجموعة أصدقاء السودان.
-
تساءل الجانب الهندى عن الأوضاع خارج العاصمة الخرطوم، وعمَّا إذا كانت تسودها الأزمات كما العاصمة، كما تساءل عن احتمالات التدخل الإسرائيلى فيما يحدث فى السودان. وقد ردَّ السفير/ يوسف بأن مناطق السودان قاطبة تسودها الفوضى، فى ظل عدم وجود حكومة قوية مسيطرة على الأوضاع بها، بل إن تلك المناطق مرشحة للانفصال، نتيجة التنافسات القبلية الحادة المنتشرة فيها، والوضع فى دارفور على سبيل المثال يزداد سوءًا يومًا بعد يوم جرَّاء التوترات المتصاعدة بين القبائل العربية والزنوج الأفارقة، والذين يشكلون معظم عناصر الدعم السريع. من جهةٍ أخرى، لا يُستبعَد على الإطلاق وجود يد لإسرائيل فى تدهور المشهد السودانى، وإن كان ذلك غير جلى كفاية، خاصة وأنها لعبت من قبل دورًا رئيسيًا لدعم انفصال جنوب السودان، حتى حدوثه فى عام 2011. ومن المفارقات التى يُرثَى لها أن جنوب السودان، رغم ما بها من أزمات، تُعَد أفضل حالاً الآن من السودان نفسه.
-
اتفق الجانبان الهندى والمصرى على استمرار التعاون فيما بينهما للنهوض بالعلاقات الثنائية بين البلدين قدر الإمكان. واختُتِمَت اللقاءات بدعوة الهند إلى زيادة انخراطها فى المنطقة العربية وتعظيم التعاون مع دولها، لاسيَّما وأن الهند لديها مصالح ضخمة فى المنطقة، وبالتالى عليها تطوير التعاون معها، والاستثمار فيها بما يعود بالنفع على الجانبين.
-
التقى الوفد الهندى – بمقر وزارة الخارجية، وفى حضور السفير د./ عزت سعد، مدير المجلس – بالسيد السفير/ أيمن كامل مساعد وزير الخارجية للشئون الآسيوية، والسيد السفير/ أشرف إبراهيم أمين عام الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية، فى زيارة مجاملة فى ختام زيارة الوفد للقاهرة. وفى هذا الصدد، قام السيد السفير/ أيمن كامل بتقديم لمحة عن تطورات العلاقات المصرية / الهندية، مشيرًا إلى ما حققته خلال السنوات الأخيرة من تطور مطَّرد منذ الزيارة الأولى للرئيس السيسى لنيودلهى فى 2015، ثم زيارته فى 2016، وفى يناير 2023 كضيف شرف في احتفالات الهند بيوم الجمهورية، والذي يوافق اليوم الذي بدأ فيه العمل بدستور جمهورية الهند عام 1950. ومن بين أهم ما أشار إليه السيد السفير المساعد:
-
حرص مصر على ترقية شراكتها الاستراتيجية مع الهند لتشمل آفاقًا أرحب. وفى هذا السياق، أشار إلى الفرص الواعدة للتعاون بين البلدين فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، داعيًا الهند إلى إنشاء منطقة صناعية هناك، والاستفادة من اتفاقيات التجارة الحرة التى تربط مصر بالمنطقة العربية وبالقارة الأفريقية وأوروبا، وحتى بعض دول أمريكا اللاتينية، ممثلة فى اتفاقية تجمع الميركوسور التى تتمتع مصر بعضويتها.
-
الحاجة إلى تطوير العلاقات بين البلدين من خلال التعاون مع أطراف ثالثة، خاصة فى أفريقيا.
-
أكَّد أن التعاون الدفاعى يشهد تطورات إيجابية بين البلدين، مشيرًا فى ذلك إلى زيارة رئيس الأركان الهندى لمصر فى مايو الماضى ولقائه بنظيره المصرى، وإمكانية عقد اللجنة المشتركة للتعاون العسكرى بين البلدين فى نيودلهى قبل نهاية العام الجارى. كما نوَّه إلى المناورات العسكرية التى جرت بين القوات الجوية والقوات البحرية فى البلدين فى سبتمبر 2022 وفى يناير 2023.
-
طلب دعم الهند لمسعى مصر للانضمام لعضوية تجمع “بريكس”، مشيرًا إلى أن التجمع يعد بمثابة منصة للمزيد من التعاون الاقتصادى والمالى بين مصر ودول المجموعة، وعلى رأسها الهند.
-
بدوره، قدَّم السيد السفير/ أشرف إبراهيم عرضًا لأنشطة الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية، لاسيَّما فى القارة الأفريقية، وما تبذله من جهود فى مجالات دعم القدرات وتقديم مساعدات إنسانية ولوجيستية وتعزيز التعاون فى قطاع الصحة. وأضاف أن لدى الوكالة تعاونًا ثلاثيًا مع الوكالة اليابانية للتعاون الدولى (JICA)، ومنظمة الأغذية والزراعة (FAO)، وعدد من البنوك والمؤسسات الاقتصادية والتمويلية الإقليمية والدولية. وقد اقترح السفير/ إبراهيم إمكانية الدخول فى تعاون ثلاثى مع الهند فى إفريقيا، بحكم الحضور الهندى القوى فى القارة.
-
من جانبه، أعاد الجانب الهندى التأكيد على رؤيتهم لمصر كقوة رئيسية وعامل استقرار مهم فى منطقتها، مضيفًا حرصه على تعزيز علاقاتهم بها فى كافة المجالات. وفى هذا السياق، حدَّد الجانب الهندى مجالات للتعاون فى مجال الفضاء وتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، والصناعات الدفاعية، (نوَّه رئيس الوفد إلى أن صادراتهم من السلاح قفزت من 250 مليون دولار قبل عشر سنوات إلى 12 مليار دولار العام الماضى). كما اقترح الجانب الهندى قيام نظيره المصرى بمنح تأشيرات الدخول للسائحين الهنود لدى الوصول إلى منافذ الدخول المصرية؛ بهدف تشجيع السياحة الهندية، باعتبار الهند ثانى أكبر مُصدِّر للسياحة على مستوى العالم بعد الصين.