مشاركة السفير/ عزت سعد فى ندوة للمجلس الأعلى للثقافة حول “ثورة يونيو 2013 والسياسة الخارجية المصرية .. تحديات وإنجازات” بالمجلس الأعلى للثقافة
يوليو 12, 2023رؤية مغايرة.. كيف استفاد بوتين من تمرد فاغنر؟
يوليو 19, 2023
بتاريخ 18 يوليو 2023، عقد المجلس ندوة، تحدث فيها السيد/ فوزي عمار حسن اللولكى، الكاتب الليبي المتخصص في مجال الاستثمار والتعاون الدولي، وعضو الفريق الاقتصادي لمؤتمر برلين حول ليبيا، عن “تطورات الأوضاع الاقتصادية والمالية في ليبيا”، والنقاش الدائر في هذا الشأن في الداخل الليبي والخارج. وقد شارك فى اللقاء السادة السفراء/ أحمد عبد المجيد مدير إدارة ليبيا بوزارة الخارجية، عزت سعد مدير المجلس، ويوسف الشرقاوى عضو المجلس.
وقد تناول اللقاء ما يلي بصفة خاصة:
-
قدَّم السيد/ اللولكى عرضاً وافياً للمشهد الليبي وتطوراته منذ اندلاع ثورة فبراير 2011، واصفًا إيَّاه بالهشاشة، وينطوي على درجة عالية من الفوضى، وسط التناحر السياسي الحاد والصراع المسلح بين حكومتي شرق وغرب ليبيا، وكذا التدخلات الخارجية الإقليمية والدولية فى الشأن الليبي الذي لم يزد الأمر إلا سوءًا، وذلك بداية من تدخل الناتو فى عام 2011، الذى أدى إلى تفتيت العديد من مؤسسات الدولة، خاصة المؤسسة العسكرية، مقابل ازدياد دور الميليشيات العسكرية، وانتشار قطع السلاح فى الشارع الليبى إلى أن بلغت نحو 20 مليون قطعة سلاح حاليًا.
-
على هذه الخلفية، يمكن أن يُطلَق على القُطر الليبي الآن المجتمع الليبى، لأنه مرحلة ما قبل الدولة، خاصة فى ظل عدم وجود دستور حتى اليوم، كما أن بعثة الدعم التابعة للأمم المتحدة بشأن ليبيا (UNSMIL) هى فى الحقيقة منزوعة الآليات اللازمة لتفعيلها. ومن ثمَّ، يُلاحَظ أن الأمم المتحدة تُصِر دومًا على أن الصراع فى ليبيا هو صراع سياسى بالأساس بين الفرقاء الليبيين، وليس نزاعًا قانونيًا يسهل حله.
-
أن ليبيا يحكمها موقع جغرافى لم يستطع الليبيون أنفسهم فكّ شفرته إلى الآن، إذ إن بها عدة قبائل لها امتدادات واسعة فى الدول المجاورة، مثل تشاد والنيجر والجزائر، لعلَّ أبرزها قبيلتَى الطوراق وأوبارى. وهذه مسألة مهمة للغاية؛ لكونها أحد عناصر التغير الديموجرافى الرئيسية فى البلاد، هذا فى ظل حقيقة أن القبائل العربية الموجودة بليبيا تمثل 90 % من شعبها. ومن ثم، فهذه النسبة عُرضَة للانخفاض تدريجيًا. وللأسف، فإن أحداث ليبيا تؤكد مدى الهشاشة المرتبطة بهذه المسألة، بمعنى أنه ليست هناك هوية ليبية وطنية واحدة، وأضحت القبائل متعصّبة لأفرادها ضد القبائل الأخرى.
-
على الصعيد الاقتصادى، أشار الضيف إلى أن التعاون فى هذا المجال قد يكون دافعًا نحو تسوية الأزمة، فى ظل إدراك جميع الأطراف الليبية أن الاحتراب العسكرى لن يؤدي إلى حل، مضيفًا أنه يجرى الآن حديثٌ حول إمكانية تطبيق اقتصاد السوق فى البلاد. ومع ذلك، يمكن القول بأن هذا النوع من الاقتصاد لن يحل مسألة كيفية توزيع عوائد النفط بالأساس بشكل عادل ترضى به كافة الأطراف. وبالتالى، يدافع البعض عن الاقتصاد المختلط الذى تتدخل فيه السلطات الرسمية بدور رئيسى فى إدارة الأمور الاقتصادية فى البلاد، وهذا قد يكون فى الواقع أفضل من الخيار الأول. هذا مع إمكانية إنشاء صندوق سيادى وطنى، يمكن من خلاله شراء الخدمات من القطاع الخاص، على نحوٍ يضمن حركة القطاعين الحكومى والخاص بفاعلية ونشاط، لصالح إعادة إعمار الدولة الليبية.
-
ارتباطًا بقضية النفط الليبى، وما هى العلاقة بين المصرف الليبى الخارجى والمصرف المركزى الليبى، ارتباطًا بذلك، أشار السيد/ اللولكى إلى أن المصرف الليبى الخارجى لديه حساب بعوائد النفط الليبيى، تحت تصرف محافظ مصرف ليبيا المركزى، وهو السيد/ الصديق الكبير، التابع للمجلس الرئاسى الليبى، والذى صدر قرار بإعفائه من قِبَل مجلس النواب الليبى، وتكليف السيد/ محمد الشكرى بدلاً عنه، إلا أن هذا القرار لم يُنفَّذ بعد. وأضاف اللولكى أن الصِّدِّيق الكبير ذو توجه إخوانى ملحوظ، واستطاع اللعب على كافة الأوتار، ولم يزل فى منصبه إلى الآن.
-
فى سياقٍ متصل، تم التأكيد على أن الغرب – بقيادة واشنطن – يهتم بالنفط الليبى فى المقام الأول. وقد كانت هناك شركات غربية عديدة تعمل فى هذا المجال، من بينها شركة “توتال” الفرنسية، وكذا شركة “إينى” الإيطالية، التى قد عمدت إلى استثمار نحو 8 مليار دولار لتطوير خط غاز “Green Stream” الواصل بين مدينة زوّارة الليبية إلى جزيرة صقلية الإيطالية. وقد ازداد هذا الاهتمام الغربى على مدى الأشهر الأخيرة؛ لتعويض نقص موارد الطاقة الروسية، وذلك بالتوازى مع مكافحة وجود عناصر شركة فاجنر الروسية فى ليبيا. حيث أكَّد الضيف أن روسيا لن ترضى مطلقًا بخروج تلك العناصر دون الحصول على ضمانات تحقق مصالحها، وليس أقلها إعادة إحياء شراكات موسكو التى كانت قد أبرمتها مع نظام القذافى سابقًا، والتى كان من بينها عقود خاصة بشركة “غازبروم” الروسية، والتى لم تعُد لليبيا إلى الآن.
-
تتكون ميزانية ليبيا السنوية من أكثر من بند، من بينها المرتبات والدعم والتنمية. ومع تراجع عوائد النفط الليبية، اقترحت واشنطن العمل بـ “آلية المستفيد”، حيث يتم الصرف فقط على كلٍ من المرتبات والدعم فقط دون سواهما من بنود. وهذه الحالة لا تعدو أن تكون مخدِرًا، لتسكين الأزمة دون حلها حلاً جذريًا، ومن ثمَّ لم يتم التعامل مع هذا الطرح بجدية من قبل الفصائل الليبية.
-
من جهةٍ أخرى، أشار الضيف إلى ما يسمَّى بمحفظة “ليبيا – أفريقيا” للاستثمار، وهى محفظة مملوكة للمؤسسة الليبية للاستثمار، ورئيس مجلس أمنائها الحالى هو السيد عبد الحميد الدبيبة. وقد أنشئت في العام 2006 برأس مال قدره 5.3 مليار دولار، يستثمر 75% منها بالقارة الأفريقية، والباقى في بعض البلدان والأسواق الأوروبية، وتتنوع أنشطتها لتشمل العديد من القطاعات الاقتصادية، مثل الفنادق والمصارف والمزارع والعقارات والاتصالات ومحطات الوقود.
-
فى ذات السياق، استنكر السيد/ اللولكى حجم الفساد الذى يعانيه الاقتصاد الليبى منذ الثورة فى عام 2011، مشيرًا إلى أن حجم الفساد المالى فى عهد حكومة السراج قُدِّر بنحو 200 مليار دينار ليبي، وبـ 100 مليار دينار فى عهد الدبيبة.
-
ارتباطًا بالعلاقات المصرية – الليبية، دعا الضيف إلى ضرورة التعاون المصرى الليبى فى مجالات البنية التحتية وغيرها، والدفع بالمزيد من الشركات والعمالة المصرية فى الأراضى الليبية، وكذا التعاون الثلاثى فى أفريقيا؛ بحكم أن ليبيا تعد معبرًا للكثير من السلع والبضائع إلى دول الجوار الأفريقية، فيما لديها حاليًا 5 موانئ. وأوضح فى هذا الصدد أنه كانت هناك العديد من الصفقات بشأن عدد كبير من المشروعات الاقتصادية التى أبرمتها حكومة القذافى مع الشركات الأجنبية، تُقدَّر بأكثر من 120 مليار دولار، وأنه يرحب بإعادة إبرام صفقات مماثلة مع مصر لتنفيذ تلك المشروعات. فى ذات الصدد، اقترح أن يكون هناك تعاون متماثل بين مؤسسات البلدين، حيث تعاون حكومة مع حكومة، وشركات مع شركات، وبرلمان مع برلمان، وهكذا.
-
وإجابةً على عمَّا إذا كان من الممكن ترجمة إعادة تطبيع العلاقات المصرية / التركية إلى شئ إيجابى بالنسبة لليبيا، أشار الضيف إلى أن الحل فى ليبيا مرهون بتوافق الفصائل الليبية. ومع ذلك فإن وزير العمل الليبى يطلب عمالة مصرية، وتركيا تحاول الاستفادة من غاز شرق المتوسط، وأملت فى تحقيق ذلك بدخولها فى ليبيا. ومن ثم، يتصور أن يكون هناك توافق مصرى تركى بشأن التعاون الاقتصادى فى ليبيا، وهو ما سيكون محل ترحيب من قِبَل الأطراف الليبية المختلفة، بما فى ذلك الدبيبة، بالنظر إلى اعتماده على تركيا. فى ذات السياق، اقترَحَ تعاون مصر وروسيا وليبيا فى مد خط السكك الحديدية من منطقة العين السخنة على طول الساحل الشمالى لكلٍ من مصر وليبيا؛ لتعزيز حركة التجارة الإقليمية فى المنطقة.