بدعوة من السفير/ عبد الرؤوف الريدي، رئيس مجلس إدارة مكتبة مصر العامة، والرئيس الشرفي للمجلس، والسفير الدكتور/ منير زهران، رئيس المجلس، عقدت ندوة لمناقشة كتاب حول “مراكز الأبحاث في الولايات المتحدة وتأثيرها على السياسة الخارجية الأمريكية”، لمؤلفه عضو المجلس، الكاتب الصحفى/ عاطف الغمري.

عُقدت الندوة بمكتبة مصر العامة بالجيزة في 27 سبتمبر 2017، وشارك فيها بالإضافة إلى تقديم وتحليل من السفير عبد الرؤوف الريدي، ود. منير زهران – عدد من أعضاء المجلس منهم السفراء: د. عزت سعد، مدير المجلس، وإيهاب وهبة، ود. رضا شحاتة، ود. محمد بدر الدين زايد، ومحمد توفيق، ومحمد الشاذلي، والدكتور حازم عطية الله، والأستاذ عبد الغفار حنيش، والأستاذة عائشة عبد الغفار، والسفير اشرف حربي و أخرين من غير الاعضاء فى المجلس .

تضمن عرض الأستاذ/ عاطف مضمون الكتاب، وبداية معرفته بمراكز الأبحاث، منذ اليوم الأول لانتقاله إلى الولايات المتحدة، رئيسًا لمكتب الأهرام هناك بإرسال خطابات إلى العديد من هذه المراكز يعلمهم باهتمام مراسل الأهرام بحضور ندواتهم، منوّهًا إلى أنه كان من الملاحظ في هذه الندوات أن الحضور هم من النخبة من خبراء السياسة الخارجية، وأن هذه الندوات لاتقتصر مناقشاتها على عرض معلومات ووجهات نظر حول موضوع الندوة، بل إن بعضها يتخذ أحيانًا شكل المناظرة مع اختلاف في آراء وتوجهات المشاركين، وطرح معلومات لاتكون قد نشرت في الصحف الأمريكية.

مشيرًا إلى أنه حينما وُضع كمؤلف لهذا الكتاب، فإنه كان يعلم أن هذه المراكز تُعد شريك في صنع سياسة أمريكا الخارجية، فالرئيس المنتخب  يختار منها العشرات من معاونيه بدءً من مستشار الأمن القومي، ووزير الخارجية، وصولاً إلى أطقم المساعدين بالبيت البيض، ممن يجدهم أقرب إلى تفكيره.

وحين تنتهي ولايته، يعود هؤلاء إلى مراكزهم، ويحل محلهم أعضاء جدد من مراكز أخرى، يختارهم الرئيس الجديد.

ولايعني ذلك انقطاع صلة البيت الأبيض بمن خرجوا منه، فأحيانًا يشعر الرئيس حين تواجهه مشكلة في السياسة الخارجية أن خبيرًا أو باحثًا بأحد هذه المراكز قد وضع ورقة للتعامل مع هذه المشكلة، فيتبنى ماجاء بالورقة، ويتخذ منها سياسة خارجية لحكومته، جرى هذا من جانب كارتر، وأيزنهاور، وترومان، وبوش، وريجان.

ولاتكتفي هذه المراكز بتقديم أو صناعة الأفكار حيث تعمل أيضًا وفق قانون الاحتمالات – والتي قد يكون بعضها مدفوع بأهداف سياسية للدولة – فهي تطرح للمناقشة أحداث يحتمل أن تقع مستقبلاً حتى ولو كانت مستبعدة في حينها. وتجهز رؤى وتصورات وخطط للتعامل المستقبلي معها، من ذلك – على سبيل المثال – خطة غزو صدام حسين للكويت، من قبل وقوعها بعشر سنوات.

وعرض الأستاذ/ عاطف لمجموعة من المراكز ( الإسرائيلية الصنع حسبما ذكر) والمنحازة كلية لإسرائيل، وكيف تعمل لخدمتها، ومن ذلك قيام مركز مشروع القرن الأمريكي الجديد  “The Project for the new American Century”، بوضع خطة حرب العراق، والتي قدمها “ديك تشيني” إلى الرئيس بوش الأب عام 1992 لكنه رفضها. فوضعها تشيني في حقيبة أوراقه إلى أن أصبح نائبًا للرئيس بوش الإبن، فأخرجها من حقيبته بعد حوالي عشر سنوات ونفذت عام 2003.

الكتاب قدم وثائق عن خدمات الكثير من هذه المراكز لحكومات أجنبية، مقابل تمويلها ميزانية المراكز. وهو ماقامت به دولة قطر، وفضحته صحيفة نيويورك تايمز، ونوقش في الكونجرس، وباتهام صريح لقطر بدعمها للجماعات المتطرفة.

كما شرح وضع هذه المراكز، التي ستظل جزءًا من منظومة أوسع تتداخل الخطوط فيها، للضغط من أجل صدور قرار السياسة الخارجية في صورة معينة. منها قوى الضغط، وجماعات المصالح، ومؤسسة الصناعيات العسكرية، والمؤسسات الاقتصادية الكبرى، ووكالة المخابرات المركزية والإعلام.

مشيرًا إلى أن هذا التداخل ظهر– بالنسبة للعالم العربي– في الحشد بقوة وراء مشروع الخلافة وتغيير الأنظمة، وإشعال الصراعات الطائفية والعقائدية داخل هذه الدول، من أجل تقسيمها وتفتيتها وإعادة رسم حدودها. وكل ذلك مسجل في مناقشات ومساجلات مكتوبة نشرت في منابر عديدة بالولايت المتحدة.

ومعنى ذلك أن العالم العربي بأكمله، يقف على خط مواجهة واحد، وكل اللاعبين الخارجيين، والمحليين الذين يلعبون دور الوكيل للقوى الخارجية جزء من منظومة سياسية لقوى كبرى.