بناءً على اقتراح من قبل السفير/ د. حسين حسونة، خصصت لجنة الأمم المتحدة للقانون الدولي خلال اجتماعاتها في شهر مايو 2016، جلسة كاملة لتأبين المرحوم الدكتور/ بطرس بطرس غالي، العضو السابق في اللجنة، والأمين العام للأمم المتحدة سابقًا.

وقد أعرب سيادته في بداية الاجتماع عن شكره لأعضاء اللجنة لتنظيم تلك الجلسة الخاصة لتأبين شخصية مصرية بارزة متعددة المواهب، حيث عمل الدكتور بطرس غالى أستاذًا جامعيًا، وصحفيًا مشهورًا، ودبلوماسيًا مرموقًا، وعضوًا نشطًا في لجنة القانون الدولي، وكذا أول أمين عام عربي وأفريقي للأمم المتحدة. وأضاف سيادته بأن الدكتور غالى لعب دورًا مهمًا في مجال الدبلوماسية المصرية كوزير دولة للشؤون الخارجية حيث ساهم في جهود السلام في الشرق الأوسط، ومائدة كفاح الشعوب الإفريقية، ودعم حركة عدم الانحياز. كما تمسك خلال توليه منصب الأمين العام للأمم المتحدة بتطبيق مبادئ ميثاق الأمم المتحدة على كافة الدول دون تمييز، واحترام استقلالية منصب الأمين العام ومواقفه الحيادية، وقدم مبادرات مهمة كتقريره حول أجندة السلام، وتقريره حول أجندة التنمية، وتقريره حول أجندة الديمقراطية، وإنشاء أول محكمة جنائية دولية لمحاكمة مجرمي الحرب في يوغسلافيا السابقة.

كما أشار سيادته إلى أنه رغم إنجازاته هذه فلم يُجدد مجلس الأمن ولايته بسبب استخدام الولايات المتحدة حق الاعتراض إزاء هذا التجديد في الوقت الذى ساندته كافة الدول الأعضاء الأخرى في المجلس. وتقديرًا لأدائه المتميز، فقد تم انتخابه لاحقًا أمينًا عامًا لمنظمة الدول الفرنكوفونية حيث قام بتنشيطها وتوسيع عضويتها. وعند عودته لأرض الوطن، ترأس المجلس القومي المصري لحقوق الإنسان حيث كان على الدوام مساندًا وداعمًا لكافة مواثيق حقوق الإنسان سواء العربية أو الإفريقية أو الدولية. وفي سنواته الأخيرة ظل يُحاضر ويكتب ويترأس العديد من المنظمات والهيئات الثقافية والقانونية مثل أكاديمية “لاهاي للقانون الدولي” إيمانًا منه بأهمية تدريس ونشر أحكام القانون الدولي بين مختلف الأوساط والأعمار.

وفى أعقاب مداخلة سيادته، شارك كافة أعضاء لجنة القانون الدولي في الإعراب عن تقديرهم البالغ للدكتور بطرس غالى وإنجازاته الوطنية والدولية، فعلى سبيل المثال ذكر العضو الصيني، أن بلاده فقدت صديقًا حميمًا حيث زار الدكتور بطرس غالى الصين الشعبية أكثر من عشرين مرة، مما دعاها إلى منحه وسامًا رفيعًا حين زار الرئيس الصيني مصر في يناير 2016، وذلك تقديرًا لإسهامه في تعزيز الصداقة العربية – الصينية، وحماية حقوق الدول النامية ومصالحها، وإقامة عالم أكثر عدالة. وذكر العضو الفرنسي أن الدكتور بطرس غالي كان يؤمن بأهمية تعدد الثقافات واللغات بما في ذلك الثقافة واللغة الفرنسية التي سعى إلى نشرها حينما تولى منصب أول أمين عام للمنظمة الدولية للفرنكوفونية في الفترة من 1997 إلى 2002. كما أن مضمون التقرير الذى وضعه خلال فترة توليه الأمانة العامة للأمم المتحدة حول أجندة من أجل السلام قد ساهم في إرساء قواعد تحقيق وحفظ السلام. أمَا العضو الإندونيسي، فقد أشاد بما كان يتمتع به الدكتور بطرس غالي من صفات خاصة استقلاليته وشجاعته وتصميمه في مواجهة الأزمات التي كانت مطروحة على الأمم المتحدة في فترة التسعينيات.

من جانبه، ذكر العضو الياباني أن الدكتور بطرس غالي قد ساهم مساهمة كبيرة في أعمال لجنة القانون الدولي من خلال أبحاثه و تحليلاته ومفاهيمه، كما أن حرصه على تولي رئاسة أكاديمية “لاهاي للقانون الدولي” من عام 2002 حتى وفاته لدليل على إيمانه بدور القانون الدولي وأهمية تدريسه ونشره بين طلاب كافة دول العالم. أما أعضاء مجموعة دول أوروبا الشرقية في اللجنة، فقد أشادوا بالدور الذى لعبه الدكتور بطرس غالي في تسوية المنازعات بين دول عدم الانحياز، وفي إنشاء المحكمة الجنائية الدولية لجرائم يوغسلافيا التي مهدت لإقامة المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي. وأعرب أعضاء مجموعة الدول اللاتينية في اللجنة عن تقديرهم لما بذله الدكتور بطرس غالى من جهود خلال توليه منصب وزير الدولة للشؤون الخارجية، لإقامة حوار أفريقي – لاتيني، وتعزيز العلاقات بين الدول العربية والأفريقية من جهة واللاتينية من جهة أخرى، ثم دوره كأمين عام للأمم المتحدة في تسوية العديد من الأزمات في أمريكا اللاتينية.

وأعرب أعضاء المجموعة الأفريقية في اللجنة عن فخرهم واعتزازهم بتولي الدكتور بطرس غالى منصب الأمين العام للأمم المتحدة كممثل للقارة الأفريقية. وأشادوا بإسهاماته في القضايا الأفريقية، ودوره في حماية حقوق الأنسان، وحرياته الأساسية، وسعيه إلى التقريب بين الأديان و الحضارات، فضلاً عن دفاعه في إطار لجنة القانون الدولي عن مصالح  وتطلعات الدول الأفريقية.

وختامًا أعرب السفير/ د. حسين حسونة عن شكره و تقديره لكافة أعضاء لجنة القانون الدولي لمشاعرهم الجليلة إزاء المرحوم الدكتور بطرس غالى وإنجازاته.