المؤتمر السنوي للمجلس المصرى للشئون الخارجية 2019 “أمن الشرق الأوسط… الفرص والتحديات”
ديسمبر 24, 2019محاضرة السفير/ محمد العرابي حول “الأوضاع الاستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط”
يناير 5, 2020في 30 ديسمبر 2019 استضاف المجلس السيد/سيهانوك ديبو عضو مجلس سوريا الديمقراطية، للتحدث حول الوضع السوري الراهن وتطوراته، وموقف الأكراد منه. وهي الزيارة الثالثة للسيد/ سيهانوك للمجلس، حيث زاره مرتين خلال عام 2015 ضمن وفد المعارضة السورية.
في البداية رحب الدكتور منير زهران، رئيس المجلس بالسيد سيهانوك، مشيراً لتأكيد المجلس المصري والدولة المصرية على وحدة سوريا و استقلالها و سلامة أراضيها، ثم أعطى الكلمة للضيف.
وقد أشار السيد/ سيهانوك ديبو في كلمته الآتي:
-
تناول تكوين مجلس سوريا الديمقراطية، مشيراً إلى أنه يضم كافة المكونات الموجودة في شمال سوريا ( العرب- الأرمن- السريان…إلخ)، ويعد المكون الكردي هو الأكبر في هذا المجلس، والذي يدار برئاسة مشتركة من السيدة/ إلهام أحمد (كردية) ورياض حزار (عربي). ويتبع المجلس قوات سوريا الديمقراطية، التي لعبت دوراً رئيسياً في القضاء على داعش ويقودها الجنرال مظلوم عبدي.
-
في معرض حديثه عن أسباب الأزمة السورية، أشار إلى أن أحد أهم هذه الأسباب هو فشل النظام في إشراك جميع مكونات الشعب السوري في السلطة، بحيث يسود شعور بأن سوريا وطن لجميع السوريين. وبدلاً من ذلك تركزت السلطة في نظام مركزي تهيمن عليه الأقلية العلوية، ولاترى إلا نفسها.
-
في السياق عاليه، أكد أن الأزمة السورية مرآة لكل الأزمات في الشرق الأوسط وأنها دليل على فشل الدولة القومية المركزية التي فرضت فرضاً على المنطقة منذ ترتيبات “سايكس بيكو” عام 1916.
وأضاف أن مصر تظل استثناءً من ذلك بحكم تاريخها ونسيجها الاجتماعي، وأشار إلى أن نجاح نموذج الدولة القومية في أوروبا يرجع أساساً إلى فصل الدين عن الدولة والسياسة.
ارتباطاً بما تقدم، ذكر أن النموذج الأمثل هو الدولة الوطنية، حيث المساواة بين جميع الأطياف، وأن الأكراد يدافعون عن مثل هذا النموذج منذ سنوات، موضحاً أنهم اختاروا “اللامركزية الديمقراطية” كمعارضة لسوريا المستقبل، بما يتيح السلطة للجميع.
-
أشار سيهانوك إلى أن الإسلام السياسي، ودعمه من قبل كل من تركيا وقطر في سوريا، هو سبب رئيسي آخر للمأساة السورية حتى الآن. وأضاف أنه، باستثناء الإخوان المسلمين، رحب الأكراد بحوار مع جميع أطياف المعارضة مشيراً إلى أنه وإن كان النظام في دمشق هو سبب المأساة إلا أنه جزء من الحل، وأنه انطلاقاً من هذه القناعة تحاور الأكراد مع النظام في جولات أربع نوقشت خلالها كافة القضايا الخلافية، إلا أن النظام أصرً على إعادة إنتاج نفسه بالصيغة التي كانت قبل عام 2011.
-
تقوم تركيا بإبتزاز الأوضاع في سوريا واستغلال مشكلة اللاجئين السوريين لتحقيق أهدافها ومطامعها في سوريا. إلا أن اتفاق وقف إطلاق النار اللذين أبرمتهما تركيا مع الولايات المتحدة في 17 أكتوبر 2019، ومع روسيا في 22 أكتوبر إلى احتواء نسبي للصراع ووقف سيطرة تركيا على المزيد من الأراضي في شمال شرق سوريا. وفي هذا السياق، من الجدير بالذكر بأن هدف أردوغان الأساسي هو جلب مواطنين من غير السكان المحليين وإرغامهم على الاستقرار، وإبعاد الشعب الكردي من المناطق الحدودية والمواطنين من غير السكان المحليين، الذين هم في الأساس مرتزقة يستخدمهم أردوغان لتنفيذ أجندته في سوريا. وتتبلور هذه الأجندة بوضوح في عفرين، حيث تستقر أعداد من العرب في منازل الأكراد هناك.
الواقع أنه رغم تراجع قوات “قسد” بعد عملية “نبع السلام” التركية في 9 أكتوبر 2019، والخسارة السابقة لعفرين خلال عملية “غصن الزيتون” التركية في مارس 2018، ممًا أفقدها السيطرة على رأس العين وتل أبيض، إلا أنها تمكنت من الحفاظ على استقلاليتها بحكم الأمر الواقع، من خلال إقامة توازن بين موسكو ودمشق وأنقرة وواشنطن من دون أن تتفكك. كذلك فإن استمرار الوجود الأمريكي في المناطق الغنية بالنفط في شمال شرق سوريا أعطى هذه القوات ميزة في المفاوضات في دمشق.
-
وفضلاً عن ذلك فقد توصلت قوات سوريا الديمقراطية إلى تفاهمات مع دمشق بوساطة روسية لحماية الحدود السورية. ووفقاً لتأكيدات قائد قسد فإنها ستنضم إلى الجيش السوري فقط في حال وضع دستور جديد للبلاد يكفل حق القوات بـ”الحفاظ على استقلاليتها في منطقة قيادتها ومؤسساتها”. ومن جانبها لاتزال دمشق ترفض الموافقة على أي أحكام تقضي بالاعتراف بقسد وهي لاتزال مصممة على دمج مقاتليها على أساس فردي في الجيش السوري. ولايبدو أن الأسد مهتماً بإبرام اتفاق مماثل رغم أنه قد يحسن اقتصاد سوريا المتدهور، حيث تسيطر قسد على موارد نفطية وزراعية كبيرة وتجري صفقات تجارية مع الأكراد العراقيين ، مما قد يوفر تدفقات إلى الاقتصاد السوري ككل في حال التوصل إلى اتفاق ما.
الواقع أنه في حال عجزت دمشق وقسد عن التوصل إلى اتفاق، فقد يؤدي ذلك أن تزداد التوترات مرة أخرى. كما يمكن للتوترات الإقليمية الراهنة بين الولايات المتحدة وإيران أن تؤثر سلباً أيضاً على ” قوات سوريا الديمقراطية”، خاصةً في ظل تدهور اقتصادها، وبالتالي ستبقى “قسد” كياناً مستقلاً بحكم الأمر الواقع رغم الضبابية حيال مستقبلها، مالم تحدث تغييرات مفاجئة على الصعيد السياسي في سوريا.
-
اختتم السيد/ سيهانوك كلمته بأنهم يعولون كثيراً على الدور المصري وأنهم يترددون على القاهرة لمواصلة الحوار إدراكاً منهم بأنه ليس لدى مصر أطماع في سوريا. وأضاف أنهم يرون من المهم إعادة هيكلة منصة القاهرة للمعارضة السورية. وفي هذا السياق، فهم يعدون لجولة ثالثة في القاهرة لم يتحدد موعدها بعد.
المناقشات:
طرح أعضاء المجلس عدد من الأسئلة كالتالي:
– تساءل السفير إيهاب وهبة- منسق اللجنة الدائمة للشئون العربية بالمجلس- عن إمكانية وضع خريطة للأحزاب الكردية حتى نستطيع فهم النهج الكردى في سوريا؟، مضيفاً أن التدخل الروسي يشكل خطراً كبيراً وأن الروس يسعون لإقامة قواعد جوية بحرية و برية وأنه لايجب الاستهانة بالتدخل الروسي، فهو على قدر عالٍ من الخطورة شأنه شأن التدخل التركى مشيراً أن روسيا تخدم أغراضها وليس أغراض النظام السورى.
– استفهم السفير منير زهران- رئيس المجلس- عن مدى التنسيق بين مجلس سوريا الديمقراطية والجانب الأمريكى.
– أشار السفير عزت سعد- مدير المجلس- إلى منصة القاهرة كمكوٍن من مكونات المعارضة، مشيرا أنه كانت بالمجلس جولة أولى في القاهرة في يناير 2015 وأخرى في يونيو، متساءلاً عن ما إذا كانت الجولة الثالثة في القاهرة، التي أعلن عنها السيد سيهانوك في ثنايا حديثه، بأنه قد تم التنسيق لها أو تم تحديد تاريخ لعقدها من عدمه.
وطرح سؤالاً آخر حول الغزو التركى لشمال سوريا ومواقف الأطراف المختلفة من المشروع الأردوغاني.
– في مداخلته تساءل الدكتور يسري أبو شادي عن طبيعة المفاوضات التي أجراها مجلس سوريا الديمقراطية مع النظام في دمشق ولماذا تعثرت المفاوضات؟ مشيراً أنه من أجل التوصل لحلول وسط ترضي جميع الأطراف فعلى المجلس أيضاً عدم المبالغة في مطالباته كي يتم التوصل لصيغة للتفاهم بين الأطراف.
– كما علًق السفير/ سيد أبو زيد- عضو مجلس الإدارة، مؤكداً اتفاقه الكامل مع السيد سيهانوك في أن وحدة سوريا هي الهدف ويجب وقف أي نوايا لعرقلة ذلك. وأن هدف المجلس بالأساس ليس للتفريق و إنما للوحدة، كما أكد اتفاقه معه على أهمية تضمين البعد الإقليمي العربي لحل الأزمة السورية، وإشارته إلى أن التدخل الروسي كان ضرورياً ومفيداً للحفاظ على وحدة الأراضي السورية، وأن التعددية القطبية تحقق التوازن في العلاقات الدولية.
– تساءل الدكتور فاروق مبروك، عن مدى قرب أو بعد الإدارة الذاتية لشمال سوريا من نموذج العراق الذي يعتبر مستقل ذاتيًا إلى حد كبير؟ وهل هناك إمكانية أن يحدث حكم ذاتي لجميع الأكراد؟.
– بينما تسائل السفير حازم خيرت، واتساقاً مع الأحداث الأخيرة، عن حقيقة وجود غدر أمريكي بقوات قسد؟ وهل يمكن حدوث شراكة بين هذه القوات والجيش السوري؟
– من جانبه تساءل السفير محمد أنيس سالم، عن دور المعارضة الحالي وهل ماتزال قادرة على التأثير في التسوية النهائية؟.
– وفي الختام تساءل السفير محمد منير، عن نسبة الأكراد في مجلس سوريا الديمقراطية؟.
وقد أجاب السيد/ سيهانوك على تساؤلات الحضور بالآتي:
– جاء تشكيل مجلس سوريا الديمقراطية رداً على عجز مؤتمر القاهرة للمعارضة السورية، الذي كان من المتوقع أن يتمخض عنه جسد سياسي يضم من حضره، والذي كان تعداد من حضره 167 من الأحزاب السورية من كافة المناطق وشخصياتها العسكرية، كان من المفترض أن يكون هذا الجسد السياسي مخول بشؤون التفاوض مع النظام، ولكن نتيجة سيطرة بعض الأطراف لم يكن سوى مجرد اجتماع خرج عنه فقط بعض الوثائق. مما دعى بعض فصائل مؤتمر القاهرة أن تتوجه لشمال سوريا وتعلن عن تأسيس مجلس سوريا الديمقراطية، بنفس الصيغة والوثائق التي خرجت عن مؤتمر القاهرة ولكن بتطوير وتعديل لبعض النتائج، في مقدمتها هذا المصطلح الذي يُستخدم للمرة الأولى في التاريخ السياسي، وهو مصطلح “اللامركزية الديمقراطية”.
– أن مجلس سوريا الديمقراطية يضم ما يقرب من 23 حزباً كردياً و 15 حزباً عربياً و 3 أحزاب سيريانية، بالإضافة للمظلة السياسية لقوات سوريا الديمقراطية التي يبلغ تعدادها اليوم 110 ألف من المقاتلين الذين أبلوا بلاءاً حسناً بقتال تنظيم “داعش” الإرهابي لمدة 5 سنوات، وأكثر من نصف هؤلاء من المكون العربي.
– وفيما يتعلق بقيادة الكُرد لهذا المجلس، أوضح أن الكرد عانوا معاناة شديدة من نموذج الدولة القومية المركزية، وأن ذلك النمط من الدولة فشل فشلاً ذريعاً ليس فقط في سوريا ولكن في الشرق الأوسط عموماً عدا مصر. وأن هدف مجلس سوريا الديمقراطية هو تحويل سوريا من دولة مركزية إلى دولة لامركزية ديمقراطية. على أن يكون الشعب هو مركز السلطات، وهذا ما أُقر في العقد الإجتماعي لمجلس سوريا الديمقراطية.
– فيما يتعلق بالمفاوضات التي أجراها مجلس سوريا الديمقراطية مع النظام في الدمشق، أوضح أن هذه المفاوضات ركًزت على عدد من المسائل السيادية وهي:
-
الدفاع “الجيش” وأن قوات سوريا الديمقراطية هي جزء من مؤسسة الجيش الوطنية.
-
السياسة الخارجية، على أن تكون من صلاحيات الحكومة المركزية.
-
الأمور والمسائل الاقتصادية، تكون من اختصاص الحكومة المركزية أيضاً.
