ندوة حول “السمات المميزة لشخصية الاتحاد الأفريقى”
أغسطس 28, 2023بيان لدعم شعب المغرب الشقيق
سبتمبر 13, 2023بتاريخ 9 سبتمبر 2023، استضاف المجلس ندوة، تحدث فيها السيد/ محمد فايق، وزير الإعلام الأسبق، عن “مستقبل العلاقات المصرية / الإفريقية”، وذلك بعد صدور مذكراته تحت عنوان «مسيرة تحرر» التى نشرها مركز دراسات الوحدة العربية ببيروت فى يوليو من العام الجارى. وأدار اللقاء السفير/ محمد العرابى رئيس المجلس، فيما شارك فيه عددٌ كبير من الدبلوماسيين والأكاديميين والباحثين المعنيين بالشأن الأفريقى.
وقد تناول اللقاء ما يلى بصفة خاصة:
-
أشار الضيف إلى المحطات الرئيسية فى مسيرة حياته، بداية من نشأته المبكرة فى مدينة المنصورة، ثم انتقال الأسرة إلى القاهرة والتحاقه بالمدرسة الإبراهيمية الثانوية، فالكلية الحربية عام 1946، مرورًا بمشاركته فى ثورة 1952، حيث قام بقيادة القوة التى حاصرت قصر القبة، وكان ما زال برتبه اليوزباشى “نقيب”، فعمله بكل من المخابرات الحربية والمخابرات العامة تحت قيادة زكريا محيى الدين، وصولاً إلى توليه وزارة الإرشاد القومى التى تحولت فيما بعد إلى وزارة الإعلام، ورئيسًا للمجلس القومى لحقوق الإنسان.
-
فى هذا السياق، استطرد الضيف حول دوره كضابط للمخابرات العامة فى إعادة اكتشاف مصر لإفريقيا، ودورها التحررى الرائد فى القارة السمراء، وذلك بعدما أدرك الرئيس عبد الناصر مبكرًا أهمية الدور الإقليمى لمصر كقوة تحرر وطنى معادية للاستعمار وداعمة لحق الشعوب فى الحصول على الاستقلال. ومن ثم، جاء تكليف فايق بأن يتولى مسئولية التعامل مع القارة الأفريقية، فكان إنشاء الإذاعات الموجهة باسم «صوت إفريقيا من القاهرة»، والتى خاطبت الشعوب الإفريقية بلغاتها المحلية، والتى بلغت خمس وعشرين لغة، وكان لها تأثير كبير بسبب انتشار الراديو فى القرى والأماكن النائية، وبالتالى وصلت رسالة القاهرة إلى كل مكان تقريبًا.
-
أشار فايق إلى أن الأمر لم يكن سهلا، فالقارة التى تضم اليوم أكثر من خمسين دولة مستقلة، لم يكن بها عام 1952 سوى ثلاث دول مستقلة هى مصر وليبيريا وإثيوبيا، أما بقية القارة فكانت ترزح تحت حكم الاستعمار الأوروبى البريطانى والفرنسى والإيطالى والبرتغالى والبلجيكى والألماني، ما كان يعني أنه لا يمكن دخول أى من هذه البلاد دون الحصول على تأشيرة الدخول من السلطات الاستعمارية. ولما كان من غير الممكن لفايق كضابط مخابرات مصرى أن يحصل على هذه التأشيرة، فقد استخدم جواز سفر لبناني. وفى إحدى المرات، سافر مُتخفيًا كعضو فى بعثة تجارية لشراء الماشية.
-
وفى هذا السياق، نجحت مصر فى إقامة علاقات وثيقة مع أغلب أحزاب وحركات التحرر الوطنى التى حرص قادتها على زيارة مصر. ومع ازدياد عدد ممثلى هذه الحركات فى القاهرة، قام فايق بإنشاء «الرابطة الإفريقية» فى شارع أحمد حشمت بالزمالك، لتكون مقرا لمكاتب هذه الحركات. ولعبت هذه المكاتب دورا مهما كحركة اتصال بين قيادات الحركات فى بلادها والحكومة المصرية، وكذلك مع سفارات الدول الأجنبية المتعاطفة معها فى القاهرة. وقد أصبحت الرابطة خلية نحل لها أنشطتها المتنوعة، وأصدرت مجلة “نهضة إفريقيا” التى رأس تحريرها عبدالعزيز إسحاق، وأسهم فى كتابة مقالاتها ممثلو حركات التحرير الإفريقية وعدد من الباحثين المصريين كالدكتور عبدالملك عودة والأستاذ حلمى شعراوي.
-
ومن الجدير بالذكر أنه تردد على الرابطة قادة حركات التحرر الذين أصبح كثير منهم رؤساء لبلادهم فيما بعد، مثل نيلسون مانديلا فى جنوب إفريقيا، وسام نيوما فى ناميبيا، اغوستينيو نيتو فى انجولا، وكينيث كاوندا فى زامبيا، وروبرت موجابى فى زيمبابوي. ولذلك، تمتعت مصر بنفوذ كبير فى إفريقيا وكان فايق هو رمز هذه الصلة وعنوانها. ومن مظاهر ذلك، عندما زار مانديلا مصر فى نهاية الثمانينيات أعدت له الحكومة المصرية برنامج زيارته الذى وافق عليه، وأضاف إليه بندًا واحدًا وهو مقابلة فايق. وعندما زار فايق جنوب إفريقيا لمتابعة أول انتخابات عامة شارك فيها السود مع البيض فى عام 1994، كان أحد أربع شخصيات اعتبرهم مانديلا ضيوفه.
-
من جانبهم، أثنى المشاركون على مذكرات “مسيرة تحرر”، باعتبارها أكبر من مجرد سيرة ذاتية لشخص، مهما تعددت وعلت المناصب التى شغلها، فهى توثيق لعدد من أهم معالم التطور السياسى فى مصر، فى السبعين عامًا الماضية، فى عهود الرؤساء عبدالناصر والسادات ومبارك. وهى أيضًا لا تحصر نفسها فى الأمور السياسية، بل نجد فيها أحاديث عن كثير من الشخصيات الفنية والأدبية، مثل أم كلثوم وعبدالوهاب وعبدالحليم وفريد الأطرش وفيروز وصباح من الفنانين، وعن محمود درويش وسميح القاسم وتوفيق زياد من شعراء المقاومة الفلسطينية، وعن لقاءاته شخصيات أثرت فى تاريخ العالم، كالمناضل الكوبى جيفارا ورئيس الوزراء الصينى شواين. وفى كل هذه الأمور، كتب فايق عما شاهده أو رآه أو سمعه بشكل مباشر، وذلك بطريقة موضوعية وباستقامة أخلاقية واضحة دون المبالغة فى عرض دوره وقيمته، وهو أمر يُحسب له بالتأكيد.
-
كما أكد المشاركون أنه ليس من قبيل المبالغة القول بأن فايق أعاد اكتشاف إفريقيا فى خمسينيات القرن الماضى، مستخدمًا الأدوات التى كانت قائمة وقتذاك وحقق نجاحًا كبيرًا. وبالتالى يجب اليوم، وقد أعادت مصر اهتمامها بالقارة الإفريقية، الاستفادة من تجربة الخمسينيات والتعلم من دروسها، ولكن فى ظروف وسياق مختلف. وكما يقول فايق، علينا أن ندرس الماضى لخدمة المستقبل.
