مشاركة عدد من أعضاء المجلس في الاجتماع الثالث للجنة حكماء جامعة الدول العربية المعنية بقضايا ضبط التسلح وعدم الانتشار النووي
يناير 26, 2017لقاء المجلس بالسفير “فرانك ويزنر” والدكتور “شبلي تلحمي”
يناير 31, 2017
شارك السفير/ د. عزت سعد، مدير المجلس، في الجلسة الثالثة من أعمال مؤتمر “العلاقات العربية – الأمريكية” بتاريخ 30 يناير 2017، وذلك بالتعاون بين الجامعة الأمريكية في القاهرة (كلية السياسات العامة ومركز الوليد بن طلال، ومعهد الشرق الأوسط بواشنطن)، والمُعنوَن بـ “آفاق العلاقات العربية – الأمريكية في عهد الإدارة الأمريكية الجديدة“، والتي تناولت دور القوى العالمية الأخرى، متحدثًا عن فرص التقارب (الروسي – الأمريكي) في عهد الإدارة الجديدة، والانعكاسات المحتملة لذلك على مشكلات الشرق الأوسط سواء بالسلب أو بالإيجاب.
ومن بين أهم ما أشار إليه مدير المجلس ما يلى:
-
أن هناك إجماعًا بين المحللين – في الغرب وروسيا على السواء – على أن روسيا تمثل واحدًا من التحديات الرئيسية التي تواجه الرئيس “ترامب”، حيث كشفت تصريحاته – خلال حملته الانتخابية وبعد تنصيبه – عن رغبته في إعادة إطلاق العلاقات مع روسيا، في وقت لا تريد فيه مؤسسات أمريكية عديدة ذلك، مثل وزارة الدفاع والكونجرس والمخابرات.
-
بالرغم من ذلك، عبرّت أحزاب اليمين في عدد من دول الاتحاد الأوروبي، عن القلق من أن يكون أي تقارب روسي – أمريكي سيكون على حساب الاتحاد الأوروبي، وفي هذا السياق ألمحت بعض الدول الكبرى في الاتحاد – كفرنسا – إلى إنها لا تمانع في رفع العقوبات على روسيا، شريطة أن تعطي شيئًا في المقابل.
-
نعلم أن التقييم الروسي لثورات الربيع العربي بأنها كانت مؤامرة غربية، لتغيير النظم الحاكمة، بدعوى نشر الديمقراطية، كما أن الرئيس “بوتين” ووزير خارجيته “سيرجي لافروف”، كثيرًا ما يلقيان المسؤولية عن حالة الفوضى وعدم الاستقرار في كل من سوريا وليبيا والعراق على عاتق واشنطن، وإنها تقف وراء إنشاء القاعدة وداعش، وهو ما ردده الرئيس “ترامب” خلال حملته الانتخابية وبعدها.
-
وقد جاءت الأزمة الأوكرانية، وما تلاها من توقيع عقوبات اقتصادية ومالية على روسيا بسبب ضم “شبه جزيرة القرم”، لتشكل نقطة التحول في السياسة الروسية تجاه المنطقة، حيث أدى كل ذلك إلى توجه روسيا نحو الشرق في إطار استراتيجية جديدة للسياسة الخارجية تستهدف تنشيط علاقاتها بالدول غير الغربية، بدءًا من الصين، ودول أخرى مثل إيران وتركيا وحتى السعودية ودول الخليج الأخرى، ومصر بطبيعة الحال، بسبب الموقف الأمريكي من الإخوان المسلمين وانعكاساته على التعاون العسكري مع مصر بصفة خاصة، مما دفع القيادة السياسية المصرية لتبني سياسة تنويع الخيارات، وتنشيط علاقاتها بموسكو وبكين وغيرها.
-
مع ذلك، فإن ما تقدم لايعني أن الساحة الشرق أوسطية باتت مُمهّدة لدور روسي مُتصاعد في المنطقة، حيث تظل روسيا في حاجة إلى تعاون واشنطن للتوصل إلى حلول لمشكلات المنطقة، كما يُشّكل الوضع الاقتصادي الصعب الذي تمر به روسيا منذ فترة، سواء بسبب تدني أسعار الطاقة أو بسبب العقوبات، قيدًا لا يُستهان به على حركة روسيا الخارجية.
-
في تقدير عدد من المحللين الروس المرموقين، لم تكن روسيا في أي وقت منافسًا جيواسترتيجي للولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط، على الأقل بالمعنى الذي رأيناه إبّان فترة الاتحاد السوفيتي السابق، ويلاحظ هؤلاء المحللون على السياسة الروسية في المنطقة إنها دفاعية وتتسم بالحذر ولا تستفز أحدًا.
-
في السياق ذاته، هناك بعض التقديرات المتفائلة التي ترى أن روسيا والولايات المتحدة تعملان معًا على بلورة استراتيجية لمواجهة داعش، والمجموعات المرتبطة بتنظيم القاعدة في سوريا والعراق وليبيا وغيرها، على أساس أن لدى البلدين مصلحة مؤكدة في محاربة الإرهاب في المنطقة.
ويعني ذلك في تقدير البعض، اعترافًا أمريكيًا بروسيا كقوة عالمية وبدور إقليمي لها في الشرق الأوسط، بما يتضمنه ذلك من توجه سياسي جديد نحو الرئيس الروسي “بوتين” من أجل صياغة وتنفيذ استراتيجية مكافحة الإرهاب.
ويطرح هذا التوجه إشكالية المدى الذي قد تذهب إليه موسكو إذا ما طلبت منها واشنطن تقليص علاقاتها بإيران مقابل تطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية، سواء من خلال رفع الجزاءات أو تخفيف الضغوط عليها في منطقة شرق أوروبا (الملف الأوكراني).
هنا يعتقد البعض أنه يظل من الممكن أن تقوم روسيا بالتضحية ببعض مكاسبها من علاقتها بإيران في مقابل التطبيع مع الولايات المتحدة، خاصة وأن الأولوية بالنسبة لروسيا كانت دائمًا تعزيز علاقاتها بالغرب شريطة احترامه لتقاليدها ولسيادتها ولوضعيتها كقوة كبرى.
وختامًا، يجب التأكيد على أنه بالنظر إلى الأهمية الجيواستراتيجية الحيوية لمنطقة الشرق الأوسط، فإن مشكلات هذه المنطقة وأوضاعها المتردية تستوجب جهودًا منسقة وتعاونًا ليس فقط بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، بل وأيضًا الاتحاد الأوروبي والصين واليابان وكوريا. ذلك أن لكل هذه الأطراف مصلحة استراتيجية في تغيير الأوضاع المتدهورة الحالية في المنطقة، بما في ذلك إيجاد تسوية عادلة للصراع (العربي – الإسرائيلي) يضمن للفلسطينيين دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. ولا شك أن استمرار الفوضى وانعدام الأمن في هذه المنطقة يشكل بيئة خصبة لاستمرار الإرهاب والتطرف الديني في هذه المنطقة الحيوية من العالم.