زيارة وفد من أعضاء هيئة الأمم المتحدة لمراقبة الهدنة
نوفمبر 7, 2017مشاركة السفيرد./ منير زهران في أعمال منتدي عمان الأمني للدورة الحادية عشر
نوفمبر 17, 2017
على مدى يومي 13 و14 نوفمبر 2017، زار وفد من المجلس، ضم كلاً من السفير د. عزت سعد، مدير المجلس، والسفير/ مروان بدر، والسفير/ د. محمد بدر الدين زايد، عضوي المجلس، أديس أبابا، حيث أجرى مشاوراته (الأولى) مع المعهد الإثيوبي للعلاقات الخارجية والدرسات الاستراتيجية (EFRSSI). وقد تناول جدول الأعمال مايلي:
أولاً: القضايا الثنائية
-
القضايا الخاصة بحوض النيل وسد النهضة .
-
فرص ومجالات التعاون الاقتصادي بين البلدين.
ثانيًا: قضايا إقليمية
-
التعاون الإقليمي بين البلدين لاسيما في منطقة القرن الإفريقي.
-
الأوضاع في إفريقيا والعالم العربي.
-
قضايا الإرهاب باعتباره مهددًا مشتركًا للطرفين.
-
التعاون بين مصر وإثيوبيا للإسهام في تنفيذ أجندة التنمية الإفريقية 2063.
أولاً: العلاقات (المصرية – الإثيوبية)
عرض الجانب الاثيوبي تطور العلاقات (المصرية – الإثيوبية) منذ أواخر القرن التاسع عشر، مشيرًا إلى الحملات العسكرية التي شنتها مصر على إثيوبيا، وكذلك إلى الدور السلبي للكنيسة في إثيوبيا (والتي كان يرأسها أنبا مصري في ذلك الوقت) بدعمها لهذه الحملات، وهو ما كان له مردود سلبي لدى الشعب الإثيوبي تجاه دور ومكانة الكنيسة، وانتهى هذا الأمر إلى اتخاذ قرار بانفصال الكنيسة الإثيوبية عن الكنيسة المصرية في منتصف القرن العشرين.
تطرق الجانب الإثيوبي كذلك إلى الوضع في مصر بعد ثورة 1952، واهتمامها بتحقيق التنمية في مصر، مشيرًا إلى أن إثيوبيا استمرت في معاناتها من الفقر وانتشار موجات الجفاف والمجاعات، وأن تلك الفترة شهدت تنامي الدور المصري إقليميًا وقاريًا مقارنة بإثيوبيا.
ثم تناول الجانب الإثيوبي العلاقات بين البلدين خلال فترة حكم السادات لمصر ومنجستو لإثيوبيا، وهي الفترة التي اتسمت – وفقًا للوفد الإثيوبي – بالتوتر الشديد والتهديدات المتبادلة.
انتقل الجانب الاثيوبي للحديث عن الفترة الحالية وما تشهده من مساعي للتوصل إلى تفاهم أو اتفاق بشأن مياه النيل، مؤكدًا أهمية وضرورة المضي قدمًا في ذلك، وكذلك أهمية إيجاد إطار يجمع كافة دول حوض النيل بما يسمح بتحقيق الاستفادة من مياه النيل.
ومن ناحية أخرى تطرق الجانب الإثيوبي إلى العلاقات (الإثيوبية – السودانية)، مشيرًا إلى أن العلاقات بين البلدين أكثر قربًا بالمقارنة بالعلاقات (الإثيوبية – المصرية) نظرًا للجوار الجغرافي من ناحية، وللتقارب العرقي واللغوي من ناحية أخرى. ومع ذلك أشاد الجانب الإثيوبي بالعلاقات (المصرية – الإثيوبية) في ظل حكم الرئيس السيسي باعتبار ذلك توجهًا جديدًا في العلاقات بين البلدين يعززه تبادل الزيارات والاتصالات بين القيادة السياسية في البلدين، ولذا فإنهم يشعرون بالارتياح للتعامل مع الرئيس السيسي مقارنة برؤساء مصر السابقين.
ردًا على ذلك، عقّب الوفد المصري أنه مع التقدير لهذا الشعور الإثيوبي، إلا أنه لم يترجم إلى أي تغير في السياسات الإثيوبية والموقف من ملف مياه النيل، وأنه يتعين توثيق الإعلانات الإثيوبية المتكررة بعدم الإضرار بمصر أو انتقاص حصتها من المياه من خلال اتفاق مكتوب بين البلدين.
-
فيما يتعلق بقضايا مياه النيل، استعرض الجانب الإثيوبي العلاقات بين البلدين في هذا الإطار، وتطرق إلى الاتفاقيات الخاصة بمياه النيل، والتي وصفها بالاتفاقيات الاستعمارية، وصولاً إلى الاتفاقية الإطارية في عنتيبي والخلافات حولها ومحاولات التوصل إلى حلول بشأنها.
وفي هذا الصدد، استطرد الجانب الإثيوبي في استعراض ما يرونه محاولة من قبل مصر للسيطرة على مياه النيل مستغلةً التطورات في منطقة القرن الإفريقي خاصة في إريتريا، حيث أكّد أنهم يستشعرون وجود أيادي لمصر في كافة ما يواجهونه من أزمات ومشكلات سواء في الداخل أو مع دول الجوار، وذلك عبر تاريخ أثيوبيا (على حد قول الجانب الاثيوبى).
من جانبه استهل الوفد المصري حديثه بالتأكيد على أنه بحكم كون الدولتين قوتين إقليميتين، فإن ذلك يفرض عليهما الحوار والتنسيق في كافة القضايا والموضوعات الثنائية والإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك. وأكّد الوفد الحاجة إلى أن يكون التعامل بين البلدين قائمًا على الصراحة والوضوح وحسن النوايا، مشيرًا في ذلك إلى أن لمصر – كما لإثيوبيا – مصالح مؤكدة في منطقة القرن الإفريقي يتعين على إثيوبيا الاعتراف بها، وأنه من مصلحة البلدين التنسيق والتشاور في هذه الأمور تجنبًا للصدام الذي ليس في مصلحة أحد.
أعرب الجانب المصري عن تطلعه لتدعيم العلاقات بين البلدين في كافة المجالات بما يساهم في بناء الثقة وإزالة الشكوك التي تحيط بهذه العلاقات وتجاوز الموروث التاريخي السلبي المتبادل بينهما. وأشار بصفة خاصة، إلى إمكانية زيادة التبادل التجاري بين البلدين لاسيما صادرات إثيوبيا من المواد الغذائية والثروة الحيوانية لمصر في ضوء استيرادها لحوالي 60% من احتياجاتها الغذائية. وإتاحة الفرصة أمام الاستثمارات المصرية خاصة من القطاع الخاص، ولاسيما في مجال الاستثمار الزراعي، في ضوء توجه الدولة للتوسع في هذا المجال بالخارج لسد الفجوة الغذائية ونتيجة محدودية مواردها المائية. كما أشار إلى إمكانية استفادة إثيوبيا من المنطقة الاقتصادية بقناة السويس والربط البري والنهري على نحو يساعد في إطلاق إمكانيات إثيوبيا الاقتصادية التي قد يحد منها وضعها كدولة حبيسة.
في السياق عاليه، أشار الوفد إلى مشروعات محددة اقترحها الجانب المصري على نظيره الإثيوبي دون أن يتلقى أية ردود فعل، ومنها، (إنشاء طريق بري لتعزيز الحركة التجارية بين مصر وإثيوبيا مرورًا بالسودان، العرض المقدم من شركة “السويدي” المصرية العام الماضي لإنشاء منطقة صناعية متكاملة ومتعددة الأغراض في إثيوبيا بقيمة 120 مليون دولار، استيراد اللحوم الحية والمجمدة من إثيوبيا، مع النظر في المطالب المصرية المتعلقة بإنشاء مزرعة نموذجية مصرية في إثيوبيا لضمان مناسبة تلك اللحوم مع الذوق المصري، وإتمام المتابعة البيطرية السابقة لمرحلة نقل اللحوم إلى مصر). وقد أبدى الجانب الإثيوبي ترحيبًا بذلك.
-
فيما يتعلق بملف مياه النيل وتطوراته، أكد الوفد تفهم مصر لموقف دول أعالي النيل من اتفاقيات مياه النيل، وهو الموقف الذي عبرّت عنه هذه الدول بوضوح بعد استقلالها تباعًا اعتبارًا من الستينيات، كما تم التأكيد على اهتمام مصر بالتوصل إلى اتفاق جديد يجُّب تلك الاتفاقيات ويحقق مصلحة كافة دول حوض النيل.
وفي هذا الإطار عرض الوفد المصري المبادرات المختلفة التي تقدمت بها مصر منذ الستينيات والمتمثلة في: الهيدرومات والتكونايل والاندوجو والإعلان الإطاري مع إثيوبيا عام 1993، ومبادرة حوض النيل، وصولاً إلى المفاوضات الخاصة بالاتفاق الإطاري، وهو ما يعكس رغبة مصرية حقيقية لإقامة إطار جديد للتعاون يحظى بقبول كافة الأطراف ويحقق مصالحها.
وأعرب الوفد المصري عن أسفه للموقف الإثيوبي الذي عارض كافة هذه المبادرات ومحاولته التشكيك فيها وفي صدق نواياها، وما يمكن أن تحققه من نتائج ملموسة لفض الاشتباك الممتد عبر سنوات بين دول حوض النيل.
وقد تطرق الوفد كذلك بشيء من التفصيل إلى الموقف المصري من الاتفاق الإطاري في عنتيبي، ونقاط الخلاف بشأنه، والمحاولات والحلول المقترحة من الجانب المصري لتجاوزها والعودة إلى المسار الصحيح للمفاوضات للاتفاق على النقاط الخلافية قبل دخول الاتفاقية حيز النفاذ.
وأوضح الوفد المصري أن هذه الخلافات حالت دون تنفيذ العديد من المشروعات التي تم التوافق بشأنها في إطار مبادرة حوض النيل، والتي كانت ستحقق فوائد كبيرة لكافة دول الحوض لاسيما وأنها تلقى دعمًا من مجتمع المانحين، كما أن التعاون بين تلك الدول يسهم في تحقيق الاستقرار والأمن والسلم لدول المنطقة. كذلك أوضح الوفد أن أحد الأسباب الجوهرية لتعثر مفاوضات الاتفاق الإطاري لعنتيبي هو ما استشعره الجانب المصري من أن الهدف من هذه المفاوضات، والإطار المقترح، ليس تحقيق الأمن المائي لدول الحوض والوفاء باحتياجاتها المائية، بقدر ما هو السعي لتخفيض حصة مصر الحالية من مياه النيل، والتي تعتبرها مصر غير كافية للوفاء باحتياجاتها المتزايدة حاضرًا ومستقبلاً.
وفي الإطار عاليه، أشار الوفد المصري إلى كمية الأمطار التي تسقط على دول حوض النيل، والتي تقدر بـ 7000 مليار م3 من المياه سنويًا منها حوالي 3000 مليار م3 تسقط على الكونغو، و1000 مليار م3 على تنزانيا، و900 مليار م3 على إثيوبيا، و800 مليار م3 على جنوب السودان، و300 مليار م3 على السودان، في حين يسقط على مصر 1.3 مليار م3 من المياه فقط، الأمر الذي لا يمكن تفسيره أو فهمه على أنه يتعلق باحتياجات دول أعالي النيل للمياه من أجل التنمية، وأنه بفرض تنازل مصر عن كامل حصتها من المياه المختلف عليهالصالح دول أعالي النيل، وتوزيعها علي هذه الدول بحيث يحصل كل منها على 5 مليار م3 في المتوسط، أي ما يعنى زيادة كمية المياه التي تسقط على إثيوبيا، على سبيل المثال من 900 مليار إلى 905 مليار م3، وبافتراض حدوث ذلك فهذا القدر الزائد أو الناقص من المياه ليس هو العامل الذي كان يعوق التنمية في إثيوبيا، ويبرر الخلاف بين دول حوض النيل على امتداد الـ50 عامًا الماضية.
وردًا على ادعاء دول أعالي النيل بصفة عامة، وإثيوبيا بصفة خاصة على نحو ما ردده الوفد الاثيوبى، باحتكار مصر لمياه النيل وحرمان دول أعالي النيل منها كسبب لعدم تحقيقها التنمية المنشودة، أوضح الوفد المصري أن من أسباب عدم تحقيق التنمية في هذه الدول منذ استقلالها استمرار النزاعات الحدودية والحروب الأهلية التي شهدتها هذه الدول، وأنه بمجرد تسوية تلك النزاعات فقد حققت أغلب دول حوض النيل معدلات عالية من التنمية خلال السنوات الماضية، دون أن يرتبط ذلك بحصولها على كميات إضافية من المياه. وأضاف الجانب المصري أن مصر لم تكن طرفًا في هذه النزاعات رغم تحميلها مسؤلية جانب كبير منها، ولم يكن لها مصلحة فيها، بل بالعكس فهي تتعارض مع حرص مصر على استقرار دول المنطقة بما يسمح بتدفق مياه النيل لمصر وتنمية الموارد المائية للنهر.
-
وفيما يتعلق بسد النهضة تحديدًا، أوضح الجانب المصري أن الرأي العام في مصر يجد أنه من الصعوبة تفهم اقدام إثيوبيا على بناء هذا السد، وبالسعة المعلنة، ومدى الحاجة الحقيقية لمثل هذا السد سواء لتخزين المياه أو لتوليد الكهرباء، خاصة وأن ذلك يتحقق، وباستفادة أكبر، من خلال بناء عدد من السدود الأقل سعة وأكثر انتشارًا جغرافيًا، لاسيما وأن الهدف المعلن لسد النهضة هو تحقيق وفر في الطاقة الكهربائية بغرض بيعها إلى دول الجوار، وهو ما يقتضي معه المنطق أن تكون هذه السدود أقرب لدول الجوار في ضوء أن خطوط نقل الكهرباء والربط الكهربائي عالية التكلفة وقد تتساوى مع تكلفة بناء السد، ومن ثم تقلل من الجدوى الاقتصادية لعملية تصدير الطاقة الكهربائية.
-
كما أضاف الوفد المصري أن سعة السد تقدر بمرة ونصف لكمية إيراد النيل الأزرق السنوي، وهو الأمر الذي ليس له تفسير سوى تخزين مياه عدة سنوات لاسيما وأن خطة السدود الإثيوبية المعلنة تتضمن إنشاء سدين آخرين على النيل الأزرق، وأن كل هذا لا يستنتج منه إلا استهداف الإضرار بمصر. وفي هذا الإطار أيضًا أعرب الوفد عن عدم تفهم الرأي العام المصري لأسباب اقتصاراستغلال إثيوبيا الكثيف على مياه النيل الأزرق دون غيره من أحواض الأنهار الأخرى العديدة الموجودة في إثيوبيا وحصد الأمطار المتساقطة عليها، وهو يعزز ما يستشعره الرأي العام المصري بأن الهدف الحقيقي من هذا السد هو الإضرار العمدي بمصر ووسيلة للضغط عليها. وأن استمرار هذا النهج الإثيوبي في ملف المياه سيؤدي إلى عواقب وخيمة يجب العمل على تجنبها.
-
وقد عقب الجانب الإثيوبي على ذلك، بأنهم مندهشين من ما تم استعراضه من قبل الجانب المصري، والذي يوضح مدى القلق المصري الرسمي والشعبيمن بناء سد النهضة عكس ما كان يعتقدونه من استقرار العلاقات المصرية الإثيوبية في ضوء ما تم الاتفاق عليه بين البلدين في إطار إعلان المبادئ ودراسات المكتب الاستشاري.
ثانيًا: التعاون الإقليمي بين البلدين في منطقة القرن الإفريقي
عرض الجانب الإثيوبي سياسة أديس أبابا تجاه دول الجوار حيث تعتبر مصر من بينها، وتستهدف هذه السياسة تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة وإقامة علاقات طيبة مع كافة الدول خاصة في ضوء أن إثيوبيا أصبحت دولة حبيسة، وأنها لم تتخذ أية إجراءات عدائية تجاه دول الجوار صغيرها أو كبيرها طوال 25 عاماً الماضية، ومنذ وصول الجبهة الحاكمة حالياً للحكم عام 1991، مشيرين في ذلك إلى العلاقات الطيبة التي تربط إثيوبيا وجيبوتي كمثال للسياسة الإثيوبية تجاه دول الجوار .
-
الصومال:
-
أكد الجانب الإثيوبي أهمية تحقيق استقرار الأوضاع في الصومال وحرص بلادهم على ذلك، وأيضًا أهمية أن يُترك للصوماليين تسوية أوضاعهم الداخلية دون تدخل من الخارج، وفي هذا الإطار نفى الجانب الإثيوبي إدعاءات هيمنة إثيوبيا على الصومال مدللين على ذلك بعدم اعتراف إثيوبيا بانفصال صومالي لاند رغم وجود علاقات معها.
-
في هذا الإطار، أكّد الوفد المصري على سياسة مصر الداعمة لتحقيق السلم والأمن في كافة دول القرن الإفريقي، وانطلاقًا من هذه السياسة فإنه يهم مصر استقرار الأوضاع في الصومال مع تفهمها لأهميتها وعلاقتها الخاصة مع إثيوبيا، وأن كافة مساعي مصر لتحقيق الاستقرار في الصومال منذ سقوط “سياد بري” عام 1991 كانت بهدف تحقيق الاستقرار والأمن في منطقة القرن الإفريقي، وأنه ساءها جدًا أن تعتبر إثيوبيا ذلك عملاً مناهضاً لها.
-
كما أعرب الوفد المصري عن أسفه لأنه بالرغم من الجهود الإثيوبية طوال هذه السنوات، وكذلك دور “الإيجاد” وإرسال قوة سلام إفريقيا إلى الصومال، فإن الاستقرار المنشود لها لم يتحقق، لذا فإنه كان من الأفضل الترحيب بكل جهد صادق يسعى لتحقيق هذا الاستقرار بما فيه الجهد المصري.
-
في الإطار عاليه، استفسر الجانب الإثيوبي عن مدى استعداد مصر للمساهمة في قوات الاتحاد الإفريقي في الصومال، حيث عقّب الوفد المصري أن مصر من بين الدول الأكثر مشاركة في قوات حفظ السلام الدولية على مستوى العالم، وأن عدم مشاركتها في قوة الاتحاد الإفريقي في الصومال يرجع لاستشعارها عدم الترحيب من جانب بعض الأطراف المعنية بهذه المشاركة للتواجد العسكري المصري هناك.
-
إريتريا:
-
أشار الجانب الإثيوبي إلى خلافاتهم مع إريتريا، موضحًا أنها تصرفت على نحو يتنافى مع الهدف للعمل على استتباب الأمن والسلم في منطقة القرن الإفريقي، وذكر أن إثيوبيا ارتكبت خطًأ كبيرًا بقبول التحكيم في نزاعها مع إريتريا والانسحاب من أراضيها قبل تسوية الخلافات بينهما. وتطرق الجانب الإثيوبي في هذا الإطار إلى العلاقات (المصرية – الإريترية) ودعم مصر لجبهة تحرير إريتريا في خمسينيات القرن الماضي، كما استفسر عن مستوى العلاقات (المصرية – الإريترية) حاليًا، وعما إذا كان يمكن لمصر أن تقوم بدور في تحسن العلاقات (الإثيوبية – الإريترية).
-
وفي هذا الصدد عقّب الوفد المصري بأنه لا يعتقد أن مستوى العلاقات الحالية بين مصر وكل من الجانبين الإثيوبي والإريتري يسمح لمصر بالقيام بهذا الدور، إلا أنه أعرب عن اعتقاده بأنه ربما يكون ذلك ممكنًا في إطار جهد جماعي تشارك فيه مصر.
-
كما أشار الوفد كذلك إلى أن مصر يهمها تدعيم علاقاتها بإريتريا باعتبارها من دول البحر الأحمر الذي تهتم وتسعى مصر لتحقيق أمنه، إلى جانب عدد من الملفات الثنائية للتعاون بين البلدين، ومن أهمها موضوع الصيد المصري في المياه الإقليمية الإريترية، وما تسببه من مشكلات في بعض الأحيان، وأنه في جميع الأحوال يجب أن لا تقلق إثيوبيا من تنامي العلاقات (المصرية – الإريترية) التي لا تستهدف إثيوبيا بأي شكل من الأشكال.
-
السياسة تجاه منطقة القرن الإفريقي بصفة عامة:
-
تناول الجانب المصري سياسة مصر تجاه منطقة القرن الإفريقي بصفة عامة، باعتبارها منطقة حيوية تمثل العمق الاستراتيجي لأمن مصر القومي، كما تزداد أهميتها باعتبارها المدخل الجنوبي للبحر الأحمر، وبالتالي قناة السويس لاسيما في ضوء ما تقوم به مصر حاليًا من مناطق اقتصادية ومشروعات ضخمة في منطقة القناة، ولذا فإنه يقلق مصر نشاط القرصنة في منطقة القرن الإفريقي، وكذلك يزعجها تواجد الأساطيل الأجنبية في هذه المنطقة، وهي الأوضاع التي طالما وقفت ضدها مصر مع شقيقتها من دول القرن الإفريقي ودول القارة عمومًا.
-
أكد الوفد المصري أن اهتمام مصر بمنطقة القرن الإفريقي لا يستهدف بأي حال من الأحوال إثيوبيا أو محاولة تطويقها، وأنه إذا كانت منطقة القرن الإفريقي مهمة لإثيوبيا باعتبارها دولة أصيلة في المنطقة، فإنها لا تقل أهمية لدى مصر، وذلك على الرغم من عدم التواجد الجغرافي لمصر في هذه المنطقة، ومن ثم فإن مصر تنزعج كثيرًا من محاولات إثيوبيا عزل مصر عن دول وقضايا المنطقة، وأنه من الأفضل لكل من البلدين أن يتعاونا معًا من أجل تحقيق الاستقرار والأمن والسلم في هذه المنطقة. وأشار الجانب المصري في هذا الصدد إلى عدم ترحيب “الإيجاد” بانضمام مصر إليه بالرغم من أنه معني بكثير من القضايا الحيوية بالنسبة لمصر.
-
أضاف الوفد بأنه حتى من منظور أهمية مياه النيل لمصر، فإنه يهمها تحقيق الاستقرار في منطقة القرن الإفريقي ودول حوض النيل باعتبار ذلك يضمن استمرارية تدفق مياه النيل الواصلة لمصر، وكذلك يضمن لمصر المضي قدمًا في التعاون مع شقيقاتها من دول الحوض الأخرى لتنفيذ المشروعات المستقبلية التي تستهدف زيادة إيرادات النهر وتعظيم الاستفادة من موارده المائية لكافة الدول، وفي هذا الإطار فإنه ليس منطقيًا أن تعادي مصر إثيوبيا والتي يأتي من خلالها 85% من مياه النيل الواصلة لمصر.