حلقة نقاشية حول “تطورات الأوضاع الإقليمية والعربية واللبنانية بصفة خاصة…مابعد استقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري”
نوفمبر 19, 2017لقاء المجلس بسفيرة دولة بلجيكا
نوفمبر 23, 2017
في الفترة (21 – 22) نوفمبر 2017، وبدعوة شخصية من رابطة جمعيات الصداقة العربية الصينية، شارك السفير د. عزت سعد في أعمال المؤتمر الأول حول “آفاق العلاقات (العربية– الإفريقية– الصينية) في إطار مبادرة الحزام والطريق”، الذي عقد بالخرطوم بمشاركة مسؤولين وباحثين من أكثر من عشرين دولة عربية وإفريقية، وعدد من العلماء والأكاديميين الصينيين. حيث تضمن المؤتمرثماني جلسات نوقشت خلالها المحاور الآتية: “طريق الحرير وتغيير خريطة التجارة العالمية، الآثار المترتبة على إحياء طريق الحرير في الدول العربية والإفريقية، الآثار السياسية لطريق الحرير في كل من الدول العربية والإفريقية،العلاقات الصينية– العربية، التعاون الصيني– الإفريقي، آليات التعاون (الصيني– العربي– الإفريقي): الواقع والتحديات، الصين والترتيبات الأمنية في إفريقيا والشرق الأوسط، مستقبل التعاون (الصيني– العربي– الإفريقي)”.
وخلال كلمته حول طريق الحرير والتنافس الجيوسياسي في الشرق الأوسط وإفريقيا، وسبل تعزيز التعاون (العربي – الصيني)، و(الإفريقي – الصيني)، في إطار المبادرة، في الجلسة الثانية للمؤتمرحول “الآثار السياسية لطريق الحرير في كل من الدول العربية والإفريقية”، أكّد النقاط التالية:
-
إن القضايا التي سوف يتم بحثها اليوم وغدا تعكس الرغبة المشتركة، للعرب والأفارقة والصينيون، في تنمية مشتركة ورخاء وتكامل إقليمي وعبر إقليمي لتعزيز الترابط (Connectivity) بين المناطق التي ينتمي إليها الجميع، مشيرًا إلى أنه يتم السعي لتحقيق تناسق معولم (Globalized Harmony) على النحو المقترح في رؤية الرئيس ” Xi Jinping” بمبادرة الحزام والطريق.
-
أن تحليل آثار مبادرة الحزام والطريق علي المنطقتين العربية والإفريقية، أو بالأحرى في الشرق الأوسط وإفريقيا، هي مسألة مفيدة لفهم الجوهر الحقيقي لمشروع القرن( المبادرة)، وإذا ما أُخذ في الاعتبار الموقع الجغرافي، فإن العديد من دول الشرق الأوسط وإفريقيا لن تكون تحت مظلة المشروع الأكبر للبنية التحتية في إطار هذا المشروع. ومع ذلك، هناك استثمارات صينية ضخمة في المنطقتين أصبحت تحت الإطار الأوسع للمشروع، خاصة في منطقة الشرق الأوسط في ظل تنامي العلاقات (العربية – الصينية) في العقود الأخيرة.
-
في إطار تأثير مبادرة الحزام والطريق على مجمل العلاقات بين الصين وبلدان الشرق الأوسط وإفريقيا، سيكون عليها التعامل ليس فقط مع الجوانب التجارية والاقتصادية بل وأيضاً الجوانب السياسية. وفضلاً عن ذلك، فإن تنامي المصالح الاقتصادية الصينية في المنطقة قد قاد إلى وجود مخاوف أمنية تستوجب تعاونًا استراتيجيًا، بما في ذلك في المجال الأمني، بين الصين وبعض القوى الإقليمية في المنطقتين، وهو ما بدأته الصين بالفعل. ومثال على ذلك التدريبات العسكرية المشتركة بين الصين والمملكة العربية السعودية في اكتوبر 2016، كما وقع البلدان اتفاق تعاون عسكري في ذات العام. وقد بدأت الصين في إظهار اهتمام واضح بالأزمات الأمنية في المنطقة، دون أن يتضمن ذلك مساسًا بتوجهات سياستها الخارجية، حيث تزايد انخراط الصين في عمليات حفظ السلام تحت مظلة الأمم المتحدة، والمثال الأبرز على ذلك القوة الصينية لحفظ السلام وعملية التثبيت في جنوب السودان، والقاعدة العسكرية التي افتتحت مؤخرًا في جيبوتي.
-
كذلك تأتي مواجهة الإرهاب ضمن أولويات الصين للتعامل مع حالة عدم الاستقرار الإقليمي في مناطق تشهد مصالح اقتصادية متزايدة مرتبطة بقوة بمبادرة الحزام والطريق، منوّهًا إلى أن المقترحات التي طرحها الرئيس الصيني خلال استقباله الرئيس محمود عباس في بكين في يوليو 2017، بشأن تسوية الصراع (الفلسطيني – الإسرائيلي) هي أثر مباشر للنتائج الداخلية والإقليمية لمبادرة الحزام والطريق.
-
وبحكم الجغرافيا، تلعب منطقة الشرق الأوسط “دورًا مركزيًا” في إطار طريق الحرير القديم والجديد. ومما لا شك فيه أن جزءًا من نجاح المبادرة يرجع، في الواقع، إلى ارتباطها القوي بتقاليد تاريخية مشتركة بين الصين والمنطقة العربية. موضحًا أن أسطورة طريق الحرير لها وقع طيب في كافة البلدان الواقعة بين الصين وأوروبا. وانعكس هذا المعني بوضوح من قبل الحكومية الصينية في ورقتها حول سياستها العربية التي طرحت إبان زيارة الرئيس الصيني “XI” للجامعة العربية في يناير 2016 على هامش زيارته لمصر.
-
أوضح أن هذه الوثيقة تقدم الصين كشريك للدول العربية، كما أعلنت الصين بموجبها دعمها الكامل للجامعة العربية ولدولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 عاصمتها القدس الشرقية.
-
فيما يتعلق بالآثار السياسية للمبادرة، أشار إلى أن هناك نقطة هامة تتعلق المبادئ الاسترشادية التي طرحها الرئيس الصيني، في كلمته الافتتاحية للمنتدى الدولي للحزام والطريق في 14 مايو 2017، لضمان نجاح مبادرة الحزام والطريق، حيث يُمكن النظر إليها كأثار حاسمة للمبادرة، وهي:
-
إن وضع المبادرة موضع التنفيذ يتطلب سلامًا واستقرارًا. وبحسب كلمات الرئيس XI “فإنه يتوجب بناء نوع جديد من العلاقات الدولية يقوم على التعاون على أساس المنافع المتبادلة، كما يتعين تعزيز شراكات الحوار بدون مواجهة، والصداقة بدلًا من التحالفات، مع احترام السيادة والسلامة الإقليمية ونموذج التنمية الاجتماعية لكل بلد”.
-
ضرورة بناء رؤية مشتركة وشاملة وتعاونية ومستدامة للأمن.
-
تسوية المنازعات الدولية بالوسائل السلمية وتعزيز الوساطة في روح من العدالة.
-
تكثيف الجهود لمكافحة الإرهاب والتعامل مع أعراضه وأسبابه.
-
ربط الحضارات المختلفة كهدف رئيسي من أهداف المبادرة وإحلال قيم التعايش محل إدعاء التفوق، وهو ما يساعد على التفهم المتبادل والاحترام والثقة المتبادلة بين البلدان المختلفة.
-
إن ما أشار إليه الرئيس Xi من مبادئ هي آثار مباشرة للحوكمة العالمية كما تدافع عنها الصين والقوى الكبرى البازغة وأغلبية الدول النامية. وهذه المبادئ والأفكار تأكدت أيضًا في الجزء الثاني من ورقة سياسة الصين تجاه الدول العربية، السابق الإشارة إليها، بجانب التعاون في المجالات المختلفة بما فيها العسكري والأمني ومكافحة الإرهاب.
-
وعلى صعيد العلاقات (الصينية – الإفريقية)، فإنه مما لاشك فيه أن المبادرة توفر فرصة استراتيجية نادرة لكي تستفيد منها أجندة الاتحاد الإفريقي لعام 2063، التي أطلقها الاتحاد عام 2015، وهو العام الذي شهد ترقية العلاقات (الإفريقية – الصينية) إلى مستوى “الشراكة الاستراتيجية الشاملة والتعاونية” (Comprehensive strategic and cooperative partnership)، وإجمالاً فإن التنمية الاقتصادية في الشرق الأوسط وإفريقيا ارتباطًا بالمبادرة وتعاظم المصالح الاقتصادية الصينية في المنطقتين ستكون لها آثار سياسية هامة تتمثل أساسًا في تحقيق السلام والأمن الاجتماعي والاستقرار، والمساهمة في تحديث نظام الحوكمة العالمية تدريجيًا.
أخيرًا، فإنه من المهم الإشارة إلى أنه بجانب إدخال مبادرة الحزام والطريق في الدستور الوطني الصيني، في ختام أعمال المؤتمر التاسع عشر للحزب (18 – 24 اكتوبر 2017)، جنبًا إلى جنب مع اسم الرئيس “Xi Jinping”، وهو ما يؤشر لمكانتها المركزية في فكر الرئيس، تضمن القسم الثاني عشر من التقرير الصادر عن المؤتمر إشارة إلى أن الحزب الشيوعي الصيني يأخذ، كرسالة له، تقديم مساهمة أكبر للإنسانية.
“ Making greater contribution to mankind as its mission “.
كما يشير التقرير بوضوح إلى استعداد الحزب للعمل مع شعوب العالم لبناء مجتمع يتشارك مستقبل الإنسانية في مجالات أربعة، هى:
-
سلام دائم ورفض قاطع لعقلية الحرب الباردة وسياسات القوة.
-
الأمن العالمي، بما في ذلك الأمن غير التقليدي.
-
تعزيز العولمة الاقتصادية الجديدة الأكثر انفتاحًا وتقبلًا (للآخر)، وعالمية وتوازنًا وإفادة للجميع.
-
بيئة نظيفة وبدء مرحلة جديدة للحضارة البيئية وحماية الأرض من خلال العمل المشترك لمواجهة ظاهرة تغير المناخ.