تأبين المرحوم السفير د.محمد شاكر
أبريل 19, 2018لقاء وفد معهد شانغهاي للدراسات السياسية SIIS
أبريل 22, 2018
بتاريخ 22 إبريل 2018، عقد بمقر المجلس لقاء مع السفيرXie Xiaoaan المبعوث الصيني الخاص لعملية السلام في سوريا والوفد المرافق له، حيث مثل المجلس السفراء د. عزت سعد المدير التنفيذي وعلي الحفني منسق اللجنة الدائمة للشؤون الآسيوية، وهشام الزميتي أمين عام المجلس، ومجدي عامر، وعبد الفتاح عز الدين.
بدأت أعمال اللقاء بترحيب السفير د. عزت سعد بالمبعوث الصيني الخاص والوفد المرافق له، معرباً عن تقديره لحرص الجانب الصيني عى استمرار التشاور مع المجلس بشأن تطورات الأوضاع في سوريا، و تبادل الأفكار والرؤى المشتركة التي تعبر في الواقع عن تقارب كبير في الرؤيتين المصرية والصينية بشكل خاص.
عقب ذلك أعطى السفير سعد الكلمة للمبعوث الصيني Xie Xiaoaan الذي أكد على السياسة الصينية الثابتة إزاء الملف السوري متمثلة في السلامة الإقليمية ووحدة التراب السوري وضرورة حل النزاع سياسياً، مشيراً إلى أن الضربة الجوية الثلاثية على سوريا من قبل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا،ستؤدي لتعقيد الأزمة، فضلاً عن كونها تصرفات أحادية تتم دون أية مشاورات جماعية وفي إطار الأمم المتحدة ، مؤكداً أن الضربة مخالفة صريحة لميثاق المنظمة الدولية الذي أكد على ضرورة احترام سيادة الدول ، كما أن تلك الضربات تمثل تهديداً لحياة المدنيين وتعرض الدولة لمزيد من الانقسام وهو الأمر الذي عبرت عنه الصين في إدانتها للضربة المخالفة لكافة القوانين الدولية.
وأضاف أن الصين، التي كانت ضحية للحرب العالمية الثانية، تتمسك بقواعد ثابته تتمثل في إدانة أي استخدام للأسلحة الكيماوية سواء من قبل الأفراد أو المجموعات أو الدول، كما أن الاتهامات باستخدام أسلحة كيماوية تتطلب إجراء تحقيقات شفافة وحيادية لتحديد المسؤول ومنع وقوع مثل تلك الهجمات، خاصة وان هناك منظمة دولية معنية بهذه المسألة هي منظمة حظر الأسلحة الكيماوية (OPCW)، منوهاً إلى أن اللحظة الحالية لحظة حرجة تحتاج لمزيد من التوحد لإيجاد حل سياسي وتحالف كافة الفصائل السورية المتناحرة بتوحيد رؤيتها، وكذلك اتفاق المجتمع الدولي على رؤية واحدة لحل الأزمة، وهو ماسيمكن من التوصل لحل دائم وعادل للأزمة، يتضمن آليات للحل يحمي حقوق الشعب السوري ويحدد مستقبله السياسي. محذراً من خطورة التصعيد العسكري خاصة وأنه سيؤدي لمزيد من الدمار للدولة السورية ووقوع مواجهات بين قوتين عظميتين، فضلاً عن وقوع مواجهات بين قوى إقليمية مختلفة في رؤاها تمارس حرباً بالوكالة على الأراضي السورية .
وحول مؤتمر سوتشي للمعارضة السورية، ذكر المبعوث أنه رغم مابدا بأنه تحالفاً بين فصائل المعارضة، إلا أنه لايوجد توافق صريح حول النقاط الجوهرية، لأن كل طرف منها يهدف
إلى تحقيق مكاسب على الأرض وإعادة تغيير الأوضاع. وعليه فلايوجد توافق على موقف موحد بين الأطراف ولايتوقع أن تستمر اتفاقيات وقف التصعيد لفترات طويلة أو تشمل كافة المناطق.
منوهاً لحرص الجانب الصيني على توجيه رسالة للعالم والمجتمع الدولي بأن الحل العسكري واتفاقيات وقف إطلاق النار ليست بالحل الأمثل وهناك حاجة للتوحد لمواجهة الجماعات الإرهابية، خاصة وأن النزاع يتسبب في تدمير المؤسسات السورية وهناك العديد من العناصر داخل وخارج سوريا تزيد من خطورة الأوضاع في ظل رعاية العديد من الأطراف للجماعات المسلحة، بهدف تحقيق أجندات بعينها وتلك الجماعات لم تعد تمثل تهديداً للدولة السورية فقط، وهو مايستدعي ضرورة العمل على دفع العملية السياسية ومواجهة الجماعات الإرهابية وفي ذات الوقت الحفاظ على تثبيت اتفاقيات وقف إطلاق النار.
محذراً في هذا الصدد من الموقف المتغير للرئيس الأمريكي، الذي كان يؤكد أن الولوية بالنسبة للولايات المتحدة في المنطقة تتمثل في مواجهة خطر الإرهاب، لكنه عاد وأكد مؤخراً أن الولايات المتحدة لاترغب في استمرار التواجد بالمنطقة، في حين أن مواقفها المتخذة تتمثل في مزيد من التصعيد والمواجهات مع قوى دولية كروسيا بهدف استعراض القوة العسكرية وتوجيه رسائل مفادها أن الولايات المتحدة لن تقبل بسيطرة أي قوة أخرى على الأرض، وإذا ما استمر الوضع بهذا السوء فقد يؤدي لنقطة لارجعة فيها تتمثل في مواجهة مباشرة بين القوتين. وعلى الرغم من أن لفرنسا مواقف مختلفة عبرت عنها حيال غزو العراق عام 2003 حينما اعتبرته خطأ ، ولكن لاتوجد أسباب واضحة لتأييد فرنسا الضربة الاخيرة والمشاركة فيها.
وقد تحدث المبعوث الخاص عن الحاجة إلى استعادة الأمن والاستقرار في المنطقة، بما يهيء الظروف المناسبة لتنفيذ مبادرة الحزام والطريق.
تعقيباً على ماذكر، أكد السفير د. عزت سعد أن الموقف المصري يتوافق مع الموقف والرؤية الصينية، مؤكداًعلى صعوبة الموقف في سوريا في ظل الانقسام الملحوظ فيما بين المعارضة السورية وعدم وجود رغبة حقيقية لفصائلها للجلوس على طاولة المفاوضات، منوهاً للجولة التي قام بها البعوث الأممي لسوريا السيد/ دي ميستورا والتي شملت كلاً من موسكو وأنقرة وطهران بهدف العمل على توحيد المعارضة وبدء المفاوضات مرة أخرى، وأن الولايات المتحدة ستلعب دوراً سلبياً في سوريا، في ظل عدم وجود رؤية واضحة حول فرص الحل فضلاً عن اتخاذ مواقف تعمل على تأجيج المواجهات بينها وبين طهران على الأراضي السورية، من خلال إعلان ترامب المتوقع بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 12 مايو المقبل، بكل مالذلك من تداعيات سياسية وأمنية إقليمياً ودولياً.
منوهاً إلى أنه وفقاً لاستراتيجية الأمن القومي الأمريكية وكذلك استراتيجية الدفاع، لم تعد مسألة مكافحة الإرهاب هي الأولوية، وإنما مواجهة المنافسة الجيوسياسية من الصين وروسيا ومقاومة صعود هاتين القوتين. والواقع أن قرار إدارة ترامب الخاص بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، قد عكس قدراً كبيراً من انعدام المسؤولية من قبل هذه الإدارة وعدم اكتراثها بالأمن الإقليمي في المنطقة، وزيادة من حدة الأزمات المشتعلة بالفعل.
أما فيما يتعلق بالقوى الإقليمية كالسعودية، فهي ترى أن مصدر تهديد استقرار المنطقة هو طهران وليس إسرائيل، وهناك تنسيق أمريكي / سعودي/ إسرائيلي واضح في هذا الشأن، ويبدو أن السياسة السعودية لم تعد ترى إسرائيل التهديد الأول لأمن المنطقة والأمن القومي العربي.
وحول الدور التركي، أشار السفير سعد إلى أنه دور معقد في ظل إصرار أنقرة على التواجد العسكري على طول الحدود مع سوريا فضلاً عن التدخل العسكري المباشر في الشمال السوري، وسط الدعم الأمريكي للأكراد، وهو مايعود بنتائج سلبية عن مجمل الأوضاع في سوريا.
أكد السفير مجدي عامر، أن القضية السورية تتأثر بعنصر التواجد المادي للجماعات الإرهابية ، خاصة وان الصراع العسكري يؤدي لمزيد من التدهور للأوضاع على الأرض، وبعد مرور سبع سنوات على اندلاع الأزمة لاتزال الجماعات الإرهابية تتوسع وتمثل خطراً على الأرض وساهمت كافة الصراعات في تفاقم خطر الإرهاب على الأرض. ومصر قلقلة من توسع الجماعات الإرهابية ونحتاج لحوار مصري سني حول خطر الإرهاب وكيفية مواجهته وسبل تعزيز التعاون لمواجهة تلك المخاطر والتحديات, إن التعاون المصري الصيني في هذا الصدد سيعود بالنفع على البلدين على جميع الأصعدة وبخاصة على الصعيد الاقتصادي، معرباً عن أمله في فتح حوار معمق بين البلدين في القريب العاجل ، خاصة وأن الإرهاب لايعرف حدوداً أو أزمنة ولم تعد سوريا فقط الدولة الوحيدة التي تعاني من خطورته.
نوه السفير هشام الزميتي إلى أن مصر تمثل شريكاً رئيسياً في مبادرة الحزام والطريق، خاصة وأنها تلعب دوراً في تعزيز الاستقرار في المنطقة خاصة وأن دولاً كالعراق وسوريا وأفغانستان تعد دولًا رئيسية في المبادرة بالإضافة لليمن والصومال وليبيا فهي تقع على طريق الحرير البحري ، هذا الدور يمثل دافعاً رئيسياً للجانبين المصري والصيني في فتح حوار معمق للعمل على إنجاح المبادرة.
أكد السفير عبد الفتاح عز الدين أن الولايات المتحدة وحلفائها متواجدون على الأراضي السورية ، وفي الضربة الأخيرة الموجهة لسوريا، أرادوا إثبات أن المتبع في العلاقات الدولية هو قانون القوة وليست مبادئ القانون الدولي ، كم أرادوا محاصرة القوة الروسية وفرض واقع على الأرض، ويمثل النموذج السوري مثالاً للدعم العالمي للإرهاب ، ومنذ سنوات كانت للصين رؤية لحل الأزمة خاصة وأن الدولة الصينية لم تتدخل في تصعيد الأوضاع على الأرض، ونحتاج لرؤية جديدة تشارك الصين في بلورتها لحل الأزمة تتمثل في ثلاثة مستويات داخلياً وإقليمياً ودولياً، ولعب دور في إستصدار قرارات أممية تتعلق بحلحلة الأزمة نظراً لعضويتها الدائمة في مجلس الأمن واتسام موقفها بالحياد والتوازن على خلاف الأطراف الأخرى التي تمثل جزءاً من الصراع.
أكد السفير علي الحفني أنه منذ سنوات وهناك حديث عن الأوضاع في سوريا في ظل استمرار المواجهات بين النظام والمعارضة ووضع ملتبس وغامض وأزمة مستمرة وانعدام أي حلول في الأفق فضلاً عن التداخل بين أطراف النزاع، فضلاً عن مشكلة إقليمية في ظل السعي الإيراني لتوسيع هيمنتها ويتوافق ذلك مع تصريحات إيرانية في أنها باتت تسيطر على المنطقة امتداداً من العراق إلى اليمن، أما تركيا فهي لاتزال تدعم جبهة النصرة وترغب في السيطرة على حدودها وتحجيم الدور الكردي في سوريا والعراق، وهو الأمر الذي رفضته مصر على لسان الرئيس السيسي في القمة العربية الأخيرة بالدمام، الذي أكد أن مصر لاترى شرعية للوجود التركي ودخولها للعراق وهو مارفضته الحكومة العراقية، أما إسرائيل فهي أيضاً تلعب دوراً في الأزمة السورية بهدف مواجهة أي خطر إيراني.
متفقاً مع السفير عامر فيما يتعلق بموضوع الإرهاب وضرورة دفع الجهود الدولية والعالمية لوضع رؤية استراتيجية عالمية لمواجهة تلك الجماعات، وهو ماسيستمر لعقود، خاصة وان تلك الجماعات لم تكن تتمتع بالقوة ذاتها من قبل. هذه التحديات تلقي على عاتق الصين العمل مع مصر في بلورة رؤية استراتيجية لنظام سياسي واقتصادي عالمي جديد يهدف لتعزيز الاستقرار، و المشاركة في وضع تلك الرؤية وهو ماسيؤدي إلى تسهيل تنفيذ المبادرة.
وخلص اللقاء إلى تعليقات ختامية على النحو التالي:
أكد المبعوث الصيني أن الصين تشجع على فتح حوار وستلعب دوراً هاماً في تقريب وجهات لنظر كما لعبت دوراً حيال الأزمة الكورية، كما أنها لاتمانع في لعب دور في دفع الحوار والتفاوض مابين الجماعات المتعارضة في سوريا وعقد مؤتمرات دولية وإقليمية للتوصل لأرضية مشتركة بين كافة اللاعبين لحل الأزمة، ولكن لايمكن تجاهل وجود أطراف تخشى الصعود الصيني فضلاً عن وجود انقسام في المجتمع الدولي وانقسام داخل مجلس الأمن .
أن القرار الأمريكي باستخدام القوة العسكرية ، واستمرار دعمها للمليشيات في سوريا سيؤدي لمزيد من التصعيد في ظل تباين اجندات هذه الجماعات واختلاف مصالحها، فضلاً عن استمرار دعم القوى الاقليمية للعديد من الميليشيات والجماعات المسلحة.
أن حل الأزمة لن يتأتى إلا بحوار شفاف وموسع مع كافة الأطراف والتخلي عن استخدام مفهوم القوة والتوقف عن تصعيد الصراع، خاصة وأن ذلك لن يؤدي لاستقرار المنطقة ، والتوقف عن استعراض القوة ، والعودة لطاولة الحوارات.
واختتم السفير عزت سعد اللقاء بالتأكيد على أنه لابد من الانتظار لنتائج التحقيقات بشأن مدى استخدام لنظام للأسلحة الكيماوية، ولن تكون هناك ضربات مثيلة في الوقت الحالي في ظل افتقار الدول الغربية لأدلة دامغة على وجود مثل هذه الأسلحة، داعياً إلى العمل على تعزيز وتنسيق الجهود المشتركة لحل الأزمة وتفعيل التعاون المصري الصيني ، مؤكداً اعتزاز المجلس بالتنسيق والتشاور المستمر مع المبعوث الصيني الخاص لسوريا وشركاء المجلس الآخرين من مراكز الفكر الصينية.