مصر وقطاع غزة بين حتمية التحرك وضرورة النجاح
يوليو 19, 2018مؤتمر مصر وطاجيكستان في مواجهة التنظيمات الإرهابية دراسة حالة الإخوان وحزب النهضة الطاجيكى
أغسطس 1, 2018
يمكن قياس إنجازات ثورة 1952 وإخفاقاتها بالرجوع إلى مبادئها التى لم يتم الإعلان عنها إلا عام 1956، وهى: القضاء على الإقطاع والقضاء على الاستعمار والقضاء على سيطرة رأس المال على الحكم وإقامة جيش وطنى قوى وتحقيق العدالة الاجتماعية وإقامة حياة ديمقراطية سليمة. وبعد مرور ستة وستين عاماً على قيام الثورة، وبنظرة إلى الخلف لاستعراض تاريخ تلك الثورة وما أسفرت عنه من إنجازات وإخفاقات استناداً إلى مبادئها، نجد أنها نجحت فى تحقيق غالبية تلك المبادئ التى كان ينقصها تحقيق رفاهية الشعب المصرى ورفع مستويات المعيشة، من خلال تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
نجحت الثورة فى القضاء على الإقطاع، من خلال الإصلاح الزراعى والتشريعات الاشتراكية، إلا أن تطبيق تلك التشريعات وما صاحبها من تأميماتٍ أدى إلى هروب رؤوس الأموال الأجنبية والمصرية إلى الخارج وهجرة العقول، الأمر الذى أثر سلبا على تمويل خطط التنمية الاقتصادية، وتحقيق الأهداف التنموية، بالتوازى مع عدم التزام غالبية الدول المتقدمة المانحة بتقديم الحد الأدنى من أهداف المساعدات الحكومية للتنمية وهو ٧ر٪ من ناتجها القومى الإجمالى.
وبعد تأميم قناة السويس يوم 26 يوليو 1956، وبدون أن يتم التشاور المسبق حول هذا القرار مع الشعب، كان العدوان الثلاثى على مصر بتآمر إسرائيل مع بريطانيا، والتى لم يكد يجلو آخر جنودها من مصر فى يونيو 1956، وكذلك فرنسا التى اشتاطت غضباً من تأييد عبدالناصر لثورة التحرير الجزائرية، فكانت المأساة التى دفع ثمنها غالياً الشعب المصرى الذى كانت ستعود إليه القناة كاملة بعد انتهاء امتياز شركة قناة السويس بعدة أعوام، وبدون دفع أى تعويض. وهكذا أُصِيب الاقتصاد المصرى بنكسة اضرت بشدة هدف عبدالناصر من التأميم؛ أى تمويل بناء السد العالى. ونتيجة بسالة المقاومة الشعبية ومساندة الاتحاد السوفيتى لمصر والضغوط التى مارسها الرئيس الأمريكى أيزنهاور، رحل الجيشان الفرنسى والبريطانى عن مصر فى أواخر 1956.
وكان ثمن انسحاب إسرائيل من سيناء فى أوائل عام ١٩٥٧ تعهُّد الحكومة المصرية بحرية مرور السفن الإسرائيلية فى خليج العقبة، وتمركُز قوات الطوارئ الدولية فى سيناء لضمان ذلك. وهو التعهُّد الذى انتهكه جمال عبدالناصر فى مايو 1967، فكانت حرب 67 على مصر واقتصادها ومجتمعها وعلى المنطقة برمتها.
اضف إلى ذلك استنزاف الجيش المصرى فى اليمن منذ نهاية الوحدة بين مصر وسوريا مع بداية ستينيات القرن العشرين، ولذا فالشعب المصرى خسر خسائر اقتصادية فادحة، خصماً من والتمويل اللازم لتحقيق جهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية، كنتيجة لتلك القرارات التى تمَّ اتخاذها فى غياب «حياة ديمقراطية سليمة».
كانت النتيجة ضياع الهدف الأسمى المتمثل فى تحقيق رفاهية الشعب المصرى، من خلال خطة اقتصادية واجتماعية شاملة، وسط الزيادة الكبيرة فى عدد السكان الذى زاد من 20 مليون فى ستينيات القرن الماضى إلى ما يزيد على 100 مليون عام 2018، فابتلعت الزيادة السكانية أى زيادة فى معدل النمو الاقتصادى، مما أدى إلى تقهقر مصر فى سلم التنمية، حتى أن جمهورية كوريا الجنوبية التى كانت مصر أفضل منها اقتصادياً فى الخمسينيات من القرن العشرينيات أصبحت من الدول المتقدمة التى تتلقى منها مصر المساعدات التنموية.. ولا يغيب عنا التنويه بالمبادرات التى قامت بها مصر منذ ثورة ١٩٥٢ لصالح دول وشعوب الدول النامية، ومنها تأييد حركات التحرر الوطنى والمشاركة فى تأسيس عدم الانحياز فى يونيو ١٩٦١، الذى وضع أسسًا ومعايير الانضمام للحركة، كما استضافت القاهرة مؤتمر الدول النامية عام ١٩٦٢ والذى بُناءً على توصياته تمَّت الدعوة لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (UNCTAD) فى جنيف ١٩٦٤ برئاسة الدكتور عبدالمنعم القيسونى، وزير المالية حينذاك، وهو المؤتمر الذى نشأت فى ظله مجموعة الدول النامية الـ77 لتنسيق مواقف الدول النامية فى الموضوعات الاقتصادية والتجارية والتنموية فى جميع المحافل الدولية، وخاصة الأمم المتحدة والجات (المنظمة العالمية للتجارة الآن) وفى البنك وصندوق النقد الدوليين.
* مندوب مصر الأسبق لدى الأمم المتحدة
نشرت بجريدة المصرى اليوم بتاريخ 25 يوليو2018 ، رابط دائم:
http://www.almasryalyoum.com/news/details/1309813