تقرير السفير/د.محمود كارم حول مشاركته في أعمال لجنة دولية يابانية لبحث نزع السلاح النووي
نوفمبر 16, 2018لقاء مع مدير مركز الدراسات الاستراتيجية الفلسطيني برام الله حول “التطورات علي الساحة الفلسطينية وفرص عملية المصالحة الوطنية والمطروح من أفكار ومبادرات ارتباطاً بعملية السلام المتعثرة”
نوفمبر 28, 2018
عقد المجلس حلقة نقاشية يوم الثلاثاء 27 نوفمبر 2018 لبحث التداعيات المحتملة لانتخابات التجديد النصفي لمجلسي الشيوخ والنواب في الولايات المتحدة التى تم إجراؤها فى 6 نوفمبر 2018، وقد افتتحها السفير/د. منير زهران، رئيس المجلس، وشارك فيها نخبة من السفراء والأكاديميين المتخصصين فى الشأن الأمريكي وبعض رجال الأعمال من أعضاء المجلس.
وبعد أن قام السيد السفير رئيس المجلس بالترحيب بالضيوف، أعطى الكلمة للسيد/ محمد قاسم، رجل الأعمال وعضو المجلس، الذى أشار إلى ما يلي:
-
فى ظل الفوز الكبير الذى حققه الديموقراطيون فى مجلس النواب، سيواجه الرئيس ترامب المحسوب على الجمهوريين مشكلة في الأجندة التشريعية الخاصة به، حيث تصدر القوانين بالتوافق بين مجلسَي النواب والشيوخ.
-
يُعَد وصول مسلمات لأول مرة لعضوية الكونجرس، ومنهم سيدة من أصول فلسطينية، فى تحدٍ واضح للحظر الذى فرضه ترامب على مواطني سبع دول إسلامية من دخول الولايات المتحدة الأمريكية، أمراً إيجابياً.
-
بالنسبة للعلاقات الاقتصادية بين مصر والولايات المتحدة، والتى تتمحور حول الاستثمار فى مجال الغاز والنفط، فإنه من غير المتوقع أن تتأثر بنتائج الانتخابات.أمَّا بالنسبة للمناطق الصناعية المؤهلة (QUIZ)، والتي تم الاتفاق عليها بين مصر والولايات المتحدة وإسرائيل فى عام 2004، فلن يطالها على الأرجح أي تغيير أيضاً. وكما هو معلوم، لا تقتصر اتفاقية الكويز على البعد التجاري فقط، وإنما تمتد لتشمل بعداً سياسياً يتمثل فى إشراك إسرائيل فى عملية التصنيع بمكونات بنسب معينة داخل المناطق الصناعية الموجودة بمصر، والمستفيدة من الاتفاق، وذلك بدعوى توطيد دعائم السلام بين البلدين.وينبغى الإشارة في هذا السياق، أنه لولا اتفاقية الكويز لما تمكَّنت مصر من تصدير أي شىء للولايات المتحدة في مجال الملابس الجاهزة، ولقد وصلت حصيلة الصادرات المصرية فى إطار الاتفاقية إلى حوالي 850 مليون دولار.
-
كان معدل نمو الصادرات فى إطار الاتفاقية منذ دخولها حيز النفاذ، وحتى عام 2011، حوالي 22 % فى المتوسط سنوياً، وانخفضت هذه النسبة بصورة حادة بعد الثورة بسبب تقلبات سعر صرف الجنيه المصري وانخفاض التنافسية، وانحياز السياسة الاقتصادية المصرية لتخفيض الصادرات على حساب الواردات للحفاظ على سعر الجنيه مرتفعاً. وقد استمرت هذه السياسة لفترة ليست بالقليلة. وفي نوفمبر 2016، عاودت الصادرات الارتفاع مرة أخرى، ولكن ببطء، ومن المتوقع أن تستمر في الزيادة تدريجياً على مدار السنوات القادمة.
-
توجد مشكلة في مدى استعداد الدولة لاستقبال المشروعات الصناعية التي يرغب المستثمرون الأجانب فى تنفيذها في مصر، كما أن هناك زيادة في التكلفة الاستثمارية، ومنها تكلفة الحصول على الخدمات مثل وسائل مد المرافق كالكهرباء والمياه وغيرها.
أشار السفير/ حسين حسونة، منسق شئون الأمريكتين، وعضو مجلس الإدارة، إلى ما يلى:
-
أن فوز الديموقراطيين بالأغلبية فى مجلس النواب أنهى سيطرة الحزب الواحد (الجمهوري) على مقاليد الأمور فى النظام الأمريكي. ومن ثَمَّ، تم الوصول إلى نوع من التوازن بين السلطات، ومن المتوقع أن تكون وسيلة لفرض رقابة إلى حدٍ ما على ممارسات الرئيس ترامب، وتهديده بفتح تحقيقات جديدة بالنسبة لتواطؤ حزبه مع روسيا فى الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وكذا الأمر في فضائحه المالية والضرائب التي كان يتهرب من دفعها.
-
رغم ذلك، من المتوقع أن يتسم تحرك الديموقراطيين ببعض الارتباك، لأنهم لو قاموا بتعطيل الأجندة الداخلية بصورة كلية، فسيدعى ترامب أن الديموقراطيين يعملون على عرقلة أجندته التى يسعى من خلالها للنهوض بالاقتصاد الأمريكي والقضاء على البطالة وتحسين الأوضاع المعيشية للمواطن الأمريكي.
-
شارك نحو 110 مليون ناخب في العملية الانتخابية، وشهد الكونجرس لأول مرة وصول سيدتين مسلمتين إليه، وهذا بالطبع يُعَد أمراً جديداً على التقاليد الأمريكية. ومن الجدير بالذكر أن القاعدة الشعبية لترامب لا زالت كما هي، ولم تتغير إلى حدٍ كبير، لاقتناعها بأنه يريد مصلحة الولايات المتحدة، لكن يُلاحَظ أن هذه القاعدة لم تتسع، وقابلتها فى الجهة الأخرى زيادة فى أعداد المناصرين للجبهة الديموقراطية.
-
من المتوقع، فى المدى القريب، استمرار صدام ترامب مع الإعلام، وسيستغل ترامب ذلك إلى أقصى حدٍ ممكن. وعلى الصعيد الخارجي، من غير المحتمل حدوث تغيير كبير نظراً لأن الرئيس الأمريكي يتمتع بسلطات واسعة جداً، بحكم كون النظام الأمريكي رئاسياً وليس برلمانياً، ومن ثم فإنه يملك أجندة خارجية خاصة لن يتراجع عنها.
-
وفيما يتعلق بالشرق الأوسط، يمكن القول بأن صفقة القرن التى روَّج لها الأمريكيون قد وُلِدت ميتة، وأنها كانت فكرة حمقاء منذ البداية. ومن المرجح أن يضغط الديموقراطيون بشدة، إلى جانب عددٍ من الجمهوريين، لوقف الحرب فى اليمن. وفيما يتعلق بالملف الإيرانى، فيُذكَر أن الديموقراطيين كانوا موافقين على الاتفاق النووي في عهد أوباما. أمَّا ترامب فيرى أن استمرار الضغوط وتصعيدها ضد إيران ستؤدى إلى تغيير النظام هناك، وبالتالى من المتوقع، فى هذا السياق، ظهور نوع من الخلافات الحزبية فى تسوية هذا الملف، ومن ثم سيقوم الديموقراطيون بعرقلة رؤية ترامب فى هذا الشأن.
-
سيقوم الديموقراطيون بالضغط على الحكومة الأمريكية فى قضايا الديموقراطية وحقوق الإنسان لأخذها فى الاعتبار عند تنفيذ السياسة الخارجية، وسيربطونها بمسألة منح المساعدات للدول الأخرى. وفى هذا الصدد، من المتوقع انعقاد لجنة مصرية – أمريكية مشتركة لضمان عدم وقف المساعدات الأمريكية لمصر أو تخفيضها. وينبغى الإشارة هنا إلى أن العديد من الشركات الأمريكية تكون مترددة للعمل في مصر مقارنة بالشركات الأوروبية والآسيوية، حيث تركز أولاً على الأوضاع الداخلية فى المناطق التي ترغب في الاستثمار فيها، لاسيَّما حقوق الإنسان والبيئة.
-
فى ضوء ما يشهده الداخل الأمريكي من تغيرات عديدة، يجب على القيادة المصرية أن تحد من اعتمادها على الإدارة الأمريكية عبر صياغة استراتيجية مرنة، وفق ما تقتضيه المصلحة المصرية المتغيرة. وعليه، لابد من أخذ المبادرة واقتراح سياسات مصرية على الولايات المتحدة، ولا يجب انتظار العكس. كذلك من الضروري عدم حصر الاتصالات المصرية – الأمريكية فى الشكل الرسمي فقط، أى مع الإدارة أو الكونجرس، وإنما يجب أن تشمل الفضاء الشعبي الأمريكي عبر الجهات المعنية من الإعلاميين والأكاديميين ورجال الأعمال، بجانب تسخير القوة الناعمة المصرية، بما فيها الثقافة بأدواتها المختلفة، لاكتساب قاعدة شعبية أمريكية توفر قدراً من الدعم للمصالح والمطالب المصرية هناك.
أشار أ.د/ محمد كمال، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، وعضو المجلس، إلى ما يلى:
-
أهمية الانتخابات التشريعية الجديدة، ودورها في فهم المزاج السياسي السائد في الولايات المتحدة، فضلاً عن أنها تعطي مؤشرات حول الانتخابات الرئاسية لعام 2020.
-
هناك حالة انقسام غير مسبوقة داخل الولايات الأمريكية، ولم يعد يقتصر الأمر على التصنيف المبسط للولايات كولايات حمراء (Red States)، وأخرى زرقاء(Blue States)، وثالثة ضد (Versus). فمن الواضح الآن أن الريف مع ترامب، أمَّا المدن والضواحي، بما فيها تكساس وجورجيا وفلوريدا، والتي كانت تصوِّت تاريخياً لصالح الجمهوريين، قامت بالتصويت لصالح الديموقراطيين هذه المرة. كمايُلاحَظ وجود انقسام جيلى، فالشباب والمرأة بشكلٍ عام صوتوا للديموقراطيين، فيما صوَّت كبار السن للجمهوريين. يُضَاف إلى هذا الانقسام انقسام آخر سياسي حول سياسات ترامب المختلفة داخل وخارج الولايات المتحدة.
-
من الجدير بالذكر أن غالبية المرشحين الديموقراطيين الذين فازوا فى الانتخابات ينتمون إلى التيار المعتدل الوسطي، وليس إلى تيار “بيرنى ساندرز” المقابل لترامب. وهذا يعطي مؤشراً بأن قطاعاً كبيراً من الناخبين بدأوا في تفضيل المرشحين المعتدلين، مما يوفر فرصة للديموقراطيين للدفع بمرشحين من هذه الطائفة المعتدلة في الانتخابات القادمة.
-
بالنسبة لترامب، يمكن القول أنه فقد القاعدة الشعبية الخاصة به، بناءً على نتائج تصويت عدد من الولايات، خاصة فى منطقة وسط غرب البلاد، التى صوتت مرتين في السابق لصالح أوباما، ثم صوتت لترامب فى الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وأخيراً عادت مرة أخرى للتصويت لصالح الديموقراطيين في الانتخابات الأخيرة.
-
يمكن القول أن المحصلة النهائية للنتائج هي لصالح الديموقراطيين، وبالتالى سيُهمَّش الجمهوريون تماماً في مجلس النواب، بينما سيكون الوضع مغايراً في مجلس الشيوخ الذي لا زال الجمهوريون يسيطرون عليه، والذي يتطلب في بعض الأحيان غالبية مؤهلة وليست غالبية مطلقة لتمرير مشروعات القوانين.
-
يلعب الكونجرس الأمريكي دورين أساسيين، الأول تشريعي، والآخر رقابي. وبالنسبة للأول، وفيما يتعلق بالسياسة الخارجية، سيكون دور الكونجرس محدوداً لأن تمرير تشريع معين يتطلب موافقة غرفتي الكونجرس، وهذا أمر لا يمكن ضمانه بسهولة نظراً لسيطرة الديموقراطيين على مجلس النواب. أما بالنسبة للدور الرقابي، فسيكون هناك دوراً كبيراً للكونجرس في هذا الشأن، من حيث إمكانية عقد جلسات استماع وتحقيقات وطلب معلومات من الحكومة، وهكذا وقد يؤدى هذا إلى إعاقة أجندة الرئيس، وإضعاف قدرته على إدارة بعض الملفات على الصعيدين الداخلي والخارجي.
-
يهتم الديموقراطيون تقليدياً بقضايا حقوق الإنسان، ومن ثم سيمارسون ضغوطاً في المسائل المتعلقة بهذه القضايا، وقد يطال ذلك المساعدات الأمريكية التي تتلقاها مصر.
-
من المتوقع عدم حدوث تغيير فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، لأن الديموقراطيين أكثر تأييداً لإسرائيل من الجمهوريين. وذات الشيء بالنسبة لإيران، حيث لا يُتوقَّع التغيير، إذ إن موقف الكثيرين من الديموقراطيين تجاه إسرائيل يتوافق مع موقف ترامب منها، وبالتالي هناك احتمالية أكبر للضغط على إيران إرضاءً لإسرائيل.
-
هناك وجوه جديدة كثيرة في الكونجرس بغرفتيه، سواء نتيجة لموت البعض أو تقاعده. لكن تظل المشكلة الأساسية فى رئاسة لجان الكونجرس، لأنها خاضعة للبيروقراطية الأمريكية، من حيث اقتضاء عنصر الأقدمية في الرؤساء، والذين هم يهود في أغلب الأحيان. ويمثل ذلك، في الواقع، فرصة وتحدٍ فى ذات الوقت، فمن ناحية، سيسمحون للمساعدات الخاصة بمصر، ولكن – من ناحيةٍ أخرى – سيدعمون إسرائيل على طول الخط. وفي هذا السياق، يُتوقَّع أن تقوم كلٌ من مصر والسعودية بمحاولة إقناع الفلسطينيين بقبول الجوانب الإيجابية في الأطروحات الأمريكية بشأن القضية الفلسطينية، أو – على الأقل – قبول الدخول فى جولة جديدة من المفاوضات. وبالنسبة للسعودية بالذات، فإنها في حالة انكشاف أكبر جرَّاء قضية جمال خاشقجي، ومن ثم يمكن بسهولة ممارسة الضغوط عليها، وهو ما قد يضع مصر ذاتها في وضع حرج، ما يعنى تلبية المطالب الأمريكية كذلك.
-
بالنسبة للعلاقات المصرية – الأمريكية، يمكن ترجيح وجهة النظرالقائلة بأن نتائج الانتخابات الأمريكية لا تمثل بالضرورة تهديداً لمصر، بل من الممكن أن تكون فرصة. وفى هذا السياق، على الحكومة المصرية تنويع علاقاتها مع الحزبين فى الولايات المتحدة، وألا تضع كل بيضها فى سلة الإدارة الأمريكية الجمهورية، أو في سلة الديموقراطيين فقط. وعليه، هناك حاجة لصياغة استراتيجية مصرية شاملة ومتكاملة للتعامل مع المشهد الأمريكي الجديد.
في مداخلته، أشار السفير/ محمد توفيق، عضو المجلس، إلى ما يلى:
-
على مدى العشرين سنة الماضية لوحِظ وجود نوع من التدهور النسبي في وضعية القاهرة في واشنطن. وقد زاد هذا التدهور بشكلٍ كبير بعد عام 2011، فى خطين متوازيين؛ الأول يتعلق بقضايا حقوق الإنسان، والثاني بدور مصر فى المنطقة وما تمثله من فائدة للولايات المتحدة في الوقت الحالي. وكان من أسباب هذا التدهور انشغال مصر بأوضاعها الداخلية، وتغير التوجه الأمريكي ذاته تجاه الشرق الأوسط، وتواضع قدرة مصر في المعادلة الإيرانية. وفي هذا السياق، جاءت الانتخابات النصفية فى 6 نوفمبر 2018.
-
هناك قاعدة عامة مفادها أن المسئولين الأمريكيين كبار السن يقدرون مصر أكثر من الأجيال الجديدة، وذات الأمر بالنسبة للمنطقة العربية، كما أنهم يقدرون مصر فى حد ذاتها فى محيطها العربي. أمَّا الآن، فينظر الجيل الحالي إلى تونس باعتبارها الدولة الوحيدة الجديرة بالدعم الأمريكي، بينما باقي الدول العربية، بما فيها مصر، هي كتلة واحدة متخلفة. وقد ساعد على هذا الوضع السيء لمصر استنفاذ الأخيرة للنماذج القديمة الداعمة لها، وعدم سعيها منذ فترة لاستخلاف غيرهم فى المشهد الأمريكي لدعم الموقف المصري. ويُذكَر في هذا السياق التجربة التي أجرتها السفارة المصرية في واشنطن، وتحديداً في الكونجرس الأمريكي، والتي أُطلِق عليها “مجموعة مصر (Egypt Caucus)”، بهدف توفير قاعدة رسمية داعمة لمصر في الكونجرس. ولكن معظم أعضاءها، الذين كانوا في الغالب من أقصى اليمين، خسروا في الانتخابات التالية، بينما لم تسعَ مصر بعد ذلك إلى تكرار هذه التجربة مرة أخرى.
-
بالنسبة للمساعدات الأمريكية لمصر، كان مجلس الشيوخ يتبنى موقفاً سلبياً ضد مصر، بغض النظر عن السيطرة الديموقراطية أو الجمهورية داخل المجلس، وبالتالي لم يكن أمام القاهرة سوى الاعتماد على مجلس النواب.ويمكن القول أن المساعدات الاقتصادية الأمريكية لمصر لم تعد موجودة اليوم لأنها مرتبطة بمنظمات المجتمع المدني. أمَّا بالنسبة للمساعدات العسكرية، فقد لوحِظ – ولأول مرة – اقتطاع من قيمتها بحوالى 67 مليون دولار، ما يعني أنها أصبحت هي الأخرى فى مهب الريح. ومن المهم الإشارة إلى أن المساعدات العسكرية ليست قضية سياسية فحسب، ولكنها أيضاً ذات طبيعة براجماتية وفنية وأداة يمكن استخدامها لاختبار العلاقات المصرية – الأمريكية.ويستند هذا التقدير على حقيقة أن الأسلحة التى تتلقاها مصر من الولايات المتحدة ليس لها بديل – سواء في مجالات الصيانة أو التطوير أو التدريب – سوى الولايات المتحدة ذاتها. وبالتالي، لا تقتصر قضية المساعدات العسكرية على قيمتها، وإنما تتعداها للقدرة الحقيقية على استخدامها بتحديثاتها.
-
يمكن القول بأن نتيجة انتخابات الكونجرس الجديدة تعني استمرار مجلس شيوخ مُعادٍ لمصر، بجناحيه الديموقراطى والجمهورى. وبالنسبة لمجلس النواب، يُلاحَظ وجود نبرة معادية أيضاً لمصر نظراً لوجود عدد من السياسيين القدامى في المجلس، ولا بد من الأخذ فى الاعتبار أن نانسي بيلوسي، زعيمة الديموقراطيين في المجلس، لا تضع مصر في قائمة أولوياتها، بينما تترأس لجنة المساعدات نينا لوي، وهي شخصية مقربة من اللوبي الإسرائيلي، غير أنها مؤيدة فى ذات الوقت للمساعدات. أمَّا بالنسبة للجنة الشئون الخارجية في مجلس النواب، فسيترأسها إليوت إنجل، وهو من القدامى الذين يقدرون أهمية مصر. كماسيكون آدم شيف رئيساً للجنة المخابرات، وهو صحفي كان قد قدم طلباً لوقف المساعدات إلى مصر، ولكن تم احتواء هذا التحرك حينذاك. ومن المرجح أن تزيد مضايقات المذكور، وإن كان من المرجح أيضاً أن تستمر المساعدات.
-
هناك نظرة ديناميكية مفادها أن الأوضاع الحالية في المحيط المصري والولايات المتحدة تخضع لعملية تغيير، ويدخل في إطار هذه النظرة ثلاثة عناصر: أولها قضية خاشقجى، والتي أضعفت الرصيد السعودي والإماراتي، حليفتي مصر، ومن ثم ستتقلص قدرة مصر على التعامل مع الأزمات في المحيط العربي. وثاني هذه العناصر هو اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة، والذي يؤدي دوراً متعاظماً هناك على الإدارة الأمريكية، ويفرض ذلك تحديات كبرى أمام القيادات المصرية والعربية. أمَّا العنصر الثالث فهو أن الولايات المتحدة ستشهد صراعاً بين حزبَيْها الكبيرَيْن، وهو أمر يمكن أن يؤثر على مصر، ويصعب القول بأن ترامب سيأخذ مصلحة مصر فى الاعتبار، لأنه يبحث عن مصلحته الخاصة.
-
وخلص السفير توفيق إلى القول بأنه لا بد من مراجعة السياسات الداخلية المصرية المثيرة لانتقادات واشنطن مثل الأحكام بإعدام المئات التي تصدر عن المحاكم المصرية أحياناً، وضرورة وضع رؤية استراتيجية مصرية شاملة ومتكاملة للتعامل مع احتمالية سيطرة الديموقراطيين على الحكم في الانتخابات الأمريكية الرئاسية القادمة.
أشار السفير/ عبد الرحمن صلاح، عضو المجلس، إلى ما يلى:
-
أن مصر كانت تعتمد بشكلٍ عام على الإدارة الأمريكية أكثر من الكونجرس. ولكن كان يحدث، فى بعض الأحيان، أن يقوم الكونجرس بمساعدة مصر، حتى ولو لم تكن الإدارة راغبة في ذلك. وعلى إثر نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة، من المتوقع تعتمد مصر أكثر على الإدارة للرد على الانتقادات والاتهامات التي قد يثيرها الديموقراطيون في الكونجرس ضد مصر.وهناك الكثيرون من السياسيين القدامى والجدد فى الولايات المتحدة يتساءلون الآن حول مدى أهمية مصر للولايات المتحدة.
-
ومن الخطورة بمكان أن يتم وضع مصر فى ظل التطورات الجديدة لتكون بمثابة “مؤيد تلقائي(Rubber Stamp)” في خطة “صفقة القرن” التي تعبر عن رؤية وموقف الإدارة من القضية الفلسطينية، وهو بالتحديد موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وذات الأمر بالنسبة للملف الإيراني، بمعنى الضغط على مصر لتنفيذ الأجندة الأمريكية تجاه إيران، وما قد يؤدي إليه ذلك من احتمال الدخول في حرب معها.
-
يواجه ترامب احتمالاً بالعزل جرَّاء النتائج المتوقع صدورها عن عملية التحقيقات الجارية بشأن التدخلات الروسية في الانتخابات الرئاسية الأخيرة لصالح ترامب. ومن خلال نظرة سريعة على التاريخ الأمريكي، يتبين أن الرؤساء الذين يخضعون لإجراء العزل يقومون بإثارة أزمات خارجية لإلهاء الداخل الأمريكي، وقد قام هنري كسينجر بتصعيد الحرب في فيتنام لمحاولة الهروب من فضيحة ووترجيت وقت حكم نيكسون. وذات الأمر يمكن تكراره فى حالة إيران، ولن يكون بمقدور مصر حينها – في ظل الاعتماد الكامل على الإدارة الأمريكية – معارضة هذه الحرب. ومن ثم، على الحكومة المصرية أخذ هذا السيناريو في الاعتبار، وأن تعمل على تلافيه قدر الإمكان.
-
من جهة أخرى، فإنه مما يمكن أن يؤثر على مصر هو قضية الانصياع السعودي الكامل للولايات المتحدة الأمريكية، وحصول الأخيرة على أموال طائلة من السعودية. ويمكن في هذا الصدد تذكر أن الرئيس مبارك لم يقم بإرسال قوات إضافية إلى العراق في حربها ضد الكويت سوى بالرجوع إلى ملك السعودية، وليس إلى الإدارة الأمريكية، وذلك لأنها – وليست الإدارة – الجهة التى ستتحمل التكاليف. وفي وقتٍ لاحق، سيكون أمام مصر فعل هذا الأمر مباشرةً عبر التواصل مع الإدارة وليس مع السعودية.
-
أخيراً، لابد من إعادة تقييم السياسات المصرية الاقتصادية والحقوقية لتفويت فرص الانتقادات على الكونجرس، وكذا العمل على الاستثمار في أعضاء البعثة الدبلوماسية المصرية في واشنطن، فضلاً عن التنسيق فيما بين أجهزة الدولة المصرية والكونجرس، وعرض رأي مصر بصورة متناسقة غير متباينة، لأن أعضاء الكونجرس يسمعون الرأي وعكسه من الجهات المصرية، لاسيَّما في أزمة سوريا. وفي هذا السياق، من المفيد استهداف السياسيين الأمريكيين والاستثمار فيهم، وتنسيق زيارات للأعضاء الجدد في الكونجرس ولرؤساء اللجان إلى مصر.
-
وخلص السفير عبد الرحمن صلاح إلى التأكيد على ضرورة إدراك التغيير في النظام الدولي، وفي الولايات المتحدة نفسها، التي لم تعد راغبة في أن تكون القوة الدولية الوحيدة في هذا النظام، وقد اتضح هذا إبَّان إدارة أوباما، ثم ترامب منذ توليه الرئاسة الأمريكية، وإصراره على أن الولايات المتحدة غير مضطرة لأن تتحمل مسئوليات القوة العظمى الوحيدة في العالم. وبالتالي، لا يجب على الدولة المصرية أن تعوِّل فقط على القيادة الأمريكية، بل من الواجب عليها تنويع علاقاتها وتوطيدها مع القوى الأخرى على الصعيدين الدولي والإقليمي.
فى مداخلته، أشار السفير/ إيهاب وهبة، منسق الشئون العربية في المجلس، إلى الآتي:
-
أنه باستطاعة الكونجرس الأمريكى فرض عقوبات، التحكم في المساعدات الخارجية، تحديد ميزانية السياسة الخارجية والدفاعية، والتحكم في مبيعات السلاح، ما يعني أنه يلعب دوراً مهماً وحاسماً في السياسة الأمريكية، وبالتالى لا يمكن غض الطرف عن التطورات الحاصلة فيه.
-
تناول البيان الذى أصدره ترامب بشأن السعودية يوم 20 نوفمبر 2018، والذى أثار ضجة ضخمة في الكونجرس والصحافة الأمريكية حينها، والذى أشار فيه ترامب إلى أن السعودية لا يمكنها الصمود دون مساعدة الولايات المتحدة، وأن المملكة وافقت، فى عام 2017،على إنفاق واستثمار 450 مليار دولار في الولايات المتحدة، مما يوفر مئات الآلاف من فرص العمل، وإحداث تنمية اقتصادية هائلة، وتوفير ثروة إضافية كبيرة للولايات المتحدة.وأنه فى حال قامت الولايات المتحدة بإلغاءهذه العقود، فستذهب الاستفادة إلى كلٍ من روسيا والصين. ولذا،تنوي الولايات المتحدة البقاء شريكاً ثابتاً للمملكة العربية السعودية لضمان مصالحها وإسرائيل.
-
تواجه المملكة مشكلات جمَّة في الوقت الحالي، بما يسهل معها ممارسة الضغوط عليها إلى أقصى حدٍ ممكن، ومن أهم هذه المشكلات الجرائم والانتهاكات التى تُرتَكَب في اليمن، وانتشار الأمراض هناك، بالإضافة إلى قضية خاشقجي، التي كانت فيها السعودية بمثابة الخاسر الأكبر.
-
فى السياق عاليه، تدفع الولايات المتحدة بإنشاء حلف عسكري في الشرق الأوسط، ومطلوب من مصر الانضمام إليه، وهو ما لا يجب أن يكون. فبغض النظر عن المخططات والنوايا الأمريكية التي من المستهدف تحقيقها من وراء إنشاء هذا التحالف، ستجد مصر نفسها في بوتقة واحدة مع كلٍ من السعودية والإمارات المتورطتين في انتهاكات إنسانية في اليمن.
-
وخلص السفير وهبه إلى القول بأنه يتوقع فشل كل المشروعات التي ينادي بها ترامب، بسبب نتائج انتخابات الكونجرس الأخيرة، والتي أفرزت وضعاً جديداً تماماً.
فى مداخلته، أشار السفير د./ عزت سعد، مدير المجلس، إلى ما يلى:
-
أنه بغض النظر عن نتائج انتخابات التجديد النصفي الأخيرة، فإنه من الضروري العمل على إقامة حوار جدي ونشط مع الكونجرس الأمريكي، لشرح السياسات المصرية في بعض الملفات الشائكة، مع محاولة بحث ما يمكن أن يحسِّن من فرص التعاون بين مصر والولايات المتحدة.
-
هناك مشكلة تتعلق بالواقع السياسي المصري ذاته من المنظور الأمريكي– خاصة من قِبَل مراكز الفكر والكونجرس وشريحة كبيرة من السياسيين– التي تنظر إلى نظام الحكم في مصر نظرة معينة لا تتسق والمصالح والقيم الأمريكية. ويُلاحَظ هنا أن الولايات المتحدة تتبنى سياسات أو تسير في اتجاهات لا تتفق بالضرورة مع المصالح المصرية، ويُطلَب من القاهرة الاعتراف بأن إيران هي التهديد والعدو الأول للمنطقة، كما يُطلَب منها الدخول في تحالفات لا تتوافق مع مصالحها مثل التحالف الاستراتيجي الشرق أوسطي (MESA)، بينما تظل الأولوية الأولى لمصر تعافيها اقتصادياً، وهو مايجب أن يكون.
-
على حين ترى الولايات المتحدة في الصين وروسيا عدوين لدودين لمصالحها فى العالم، تسعى مصر قدر الإمكان للاستفادة من مبادرة الحزام والطريق مثلاً لتعزيز قدرتها الاقتصادية، وهو ما يأتي عكس التوجه الأمريكي. وعليه، يمكن القول بأن المصالح والتوجهات المصرية لا تتفق وتلك الخاصة بالولايات المتحدة، وهو ما يفرض على مصر السير في النهج المحقق لمصالحها وأمنها القومى.
-
وخلص السفير سعد إلى أن هناك تحديات كثيرة تواجه الدولة المصرية، لاسيَّما المشكلات الاقتصادية التي تفرض عليها توخي الحذر والتأني في توجهاتها الخارجية، وهو ما يبدو فى نظر البعض أحياناً على أنه قيود أو محددات تكبِّل القيادة المصرية في تحركاتها الخارجية.
في كلمته الختامية، أشار السفير د./ منير زهران إلى الأساب الدافعة لإنشاء تحالف عسكري فى الشرق الأوسط وهو مجابهة إيران باعتبارها العدو الأول فى المنطقة، وحذَّر من مغبة الانسياق وراء هذه المساعي، لأنه يصرف الدول العربية عن قضيتها الأساسية المتمثلة فى الخطر والتهديد الإسرائيلي الاستيطاني. وأضاف أن عدداً كبيراً جداً من أعضاء مجلسَي الشيوخ والنواب كانوا يأتون إلى مصر أيام الرئيس السادات ومبارك، ولم يعد يحدث ذلك إلا نادراً جداً، وهو ما يجب التغلب عليه.