السفير عزت سعد يكتب: الولايات المتحدة والصين والنظام الدولي
يونيو 30, 2019مدير المجلس
يوليو 3, 2019
بتاريخ 2 يوليو 2019، استضاف المجلس المصرى للشئون الخارجية وفداً مركز الصين لدراسات العالم المعاصر (CCCWS)، للتباحث حول مبادرة الحزام والطريق الصينية وبعض القضايا الدولية الهامة. وقد استقبل الوفد السفير د./ عزت سعد، مدير المجلس، وحضر اللقاء كلٌ من السفراء/ على الحفنى، مجدى عامر، وعبد الفتاح عزالدين.
من جانبه، عبَّر الوفد الصينى عن عظيم شكره لاستضافة المجلس له، وأعرب عن عدم شكه فى أن القيادة المصرية تختار دبلوماسيين وباحثين ذوى خبرة لمتابعة ومعالجة تطورات الشأن الصينى، والذين استطاعوا بالفعل تقديم مساهمات كبيرة فى هذا الشأن وفى طريق تنمية العلاقات الثنائية بين مصر والصين. وقدَّم رئيس الوفد د./ Wang نبذة مختصرة عن الوفد، موضحاً أنه من مركز الصين للدراسات الدولية المعاصرة، التابع للقسم الدولى للجنة المركزية للحزب الشيوعى الصينى. وأضاف أنه منذ عام 2015، حمل المركز على عاتقه مسئولية تعزيز الجمعية الخاصة بغرفة طريق الحرير للتجارة الدولية (Silk Road Chamber of International Commerce) عن طريق تعظيم العلاقات مع شركاء التعاون، مشيراً إلى مقولة الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني، الرئيس شي جينبينغ، بأنه “يجب علينا إيلاء الاهتمام الكامل لهذه الجمعية، وعلينا أن نبذل جهودًا لبناءها ولتعظيم دورها”. ويُشَار فى هذا السياق إلى أن الجمعية تشمل حالياً 138 عضواً صينياً و130 آخرين من الخارج، من بينهم ثلاثة أعضاء أفارقة.
أضاف د./ وانج أنه على الرغم من ازدهار التعاون التجارى والاقتصادى بين الصين وإفريقيا، فإن العلاقات الأفريقية مع الجمعية الصينية ضعيفة إلى حدٍ ما، مشيراً إلى أنه بينما يذكر خبراء الوفد أن المجلس لديه علاقة وثيقة مع الصين، إلا أنه يعتقد أن مستوى التعاون مع المجلس ليس كافياً، ولا يزال هناك الكثير من العمل. هذا، وأوضح د./ وانج أن الغرض من زيارة وفده للمجلس هو مناقشة التعاون فى إطار مبادرة الحزام والطريق ومناقشة الوضع العالمي. وفى هذا السياق، طرح الوفد الصينى رغبته فى سماع أفكار واقتراحات حول سبل تعزيز العلاقات المصرية – الصينية، انطلاقاً من أهمية الدولة المصرية كبلد ذو حضارة طويلة، لعب دورًا مهمًا فى الشئون الأفريقية وفي البلدان النامية عبر وسائل التضامن والتعاون، وإيماناً بقدرة مصر على طرح موقف أفريقيا وأفكارها على الساحة الدولية بفعالية، فهى بمثابة صوت أفريقيا.
السفير د./ عزت سعد: أبدى جزيل الشكر للوفد الصينى ولرئيسه، وذكر أن المجلس المصرى للشئون الخارجية قد نظَّم، بالتعاون المركز الصينى للدراسات الدولية المعاصرة، حلقة دراسية ناجحة للغاية فى عام 2017، فى النادى الدبلوماسى المصرى. وقد زار المشاركون فى الحلقة الشركة الصينية المسئولة عن أعمال التشييد والتطوير فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس بمدينة العين السخنة (TEDA)، بما أتاح رؤية المصانع والاستثمارات الصينية هناك، خلال زيارة استمرت لنحو 4 ساعات. وأضاف السفير/ سعد أنه قد دُعِى من قِبَل المركز الصينى للمشاركة فى ]افتتاح[ الموانئ البحرية في مدينة تيانجين، مؤكداً على أنه ينبغى العمل على تعزيز الزيارات وتبادل الآراء، لاسيَّما وأن المجلس المصرى للشئون الخارجية يعتبر المركز الصينى واحداً من أهم شركائه.
وذكر السفير/ سعد أنه زار بكين في أبريل 2019، وشارك فى افتتاح المعهد الصيني – الإفريقي، تحت رعاية الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية (CASS)، موضحاً أنه يحمل عضوية الهيئة الاستشارية الدولية لذلك المعهد.
د./ وانج: ذكر أن الرئيس الصيني Xi Jinping بعث برسالة تهنئة إلى المعهد الصيني – الإفريقي وقت افتتاحه، مشيراً إلى أن هناك العديد من الخبراء الأفارقة الذين كانوا مدعوين لحضور الافتتاح.
السفير د./ عزت سعد: أشار إلى أن الهيئة الاستشارية الدولية التابعة للمعهد ليس بها سوى ستة أعضاء من القارة الأفريقية، وأنه الوحيد من شمال أفريقيا. وعلى أي حال، كما ذكر د./ وانغ، تم إنشاء هذا المعهد بناءً على اقتراح الرئيس شي جينبينغ في خطابه الذى ألقاه في افتتاح أول منتدى لمبادرة الحزام والطريق في عام 2018.
ورداً على سؤال الوفد الصينى عن رأى المجلس عن المنتدى الثانى للمبادرة، أشار السفير/ سعد إلى أنه كان منتدىً ناجحاً كمنصة متعددة الأطراف لمتابعة الوضع الحالى للمبادرة، ومدى التطور فى خارطة الطريق الخاصة بها، مضيفاً أن ذلك المنتدى أوضح زيادة حجم الدعم الدولي لمبادرة الحزام والطريق بشكل كبير، وتكفى الإشارة إلى أن الدول التي انضمت للتوقيع على المبادرة أصبحت 173، وحضر ممثلون عن 130 دولة و29 منظمة دولية. أكثر من ذلك، حققت الصين طفرة خاصة فيما يتعلق بالموقف الأوروبي تجاه المبادرة؛ إذ للمرة الأولى، يشارك قادة من أوروبا فى المنتدى الخاص بالمبادرة، وبالطبع يُشَار هنا إلى زيارة الرئيس الصينى إلى إيطاليا وفرنسا، وتداعياتها في القارة الأوروبية. ومن الجيد مشاهدة التعاون المتزايد مع مجموعة 16 + 1 في وسط وشرق أوروبا، وتوسيعها لتصبح 17 + 1 بعد انضمام اليونان إليها. وعليه، يمكن التأكيد على أن المبادرة أضحت بالفعل مبادرة عالمية، أخذاً في الاعتبار حقيقة توسعها لتشمل بلدان أمريكا الوسطى وأمريكا اللاتينية.
السفير/ علي الحفني: أيَّد سيادته ما ذكره السفير/ سعد، وأشار إلى أنه كان في بكين وقت المنتدى الثاني، وتابع باهتمامٍ كبير الأنشطة العديدة التي حدثت خلال ذلك الوقت، مضيفاً أنه كان ملحوظًا هذه المرة إنشاء مجالات جديدة للتعاون مع الدول الأعضاء في المبادرة، لا سيما فيما يتعلق برقمنة المجتمعات والاقتصادات، فى سياق إصرار الصين على أهمية إنشاء شبكة عالمية من البلدان التي تعمل على تحويل مجتمعاتها واقتصاداتها إلى شكل رقمي. وفي مصر، يُعتَقَد أن هذا موضوع إضافي واعد له آثاره داخل المبادرة وخارجها. ومن ثَمَّ، يجب العمل على تكثيف التعاون في هذا المجال بين الصين ومصر، وكذلك بين الصين وأفريقيا، لأن القاهرة مشغولة الآن بتطوير تعاونها مع أفريقيا، وهناك أمل على ألا يقتصر هذا على الرئاسة المصرية الحالية للاتحاد الأفريقي فحسب، بل على العلاقة الكلية القائمة بين مصر وأفريقيا. بعبارةٍ أخرى، هناك رغبة في العمل على مستقبل مصر وأفريقيا بالتعاون مع الصين.
لقد كان هناك الكثير من الحديث حول زيادة استثمارات الصين في البنية التحتية الأفريقية لأنها تمثل أولوية بالنسبة لأفريقيا، وتكرَّر هذا مؤخراً عندما التقى كلٌ من الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس جنوب أفريقيا (Cyril Ramaphosa) ورئيس السنغال (Macky Sail) الزعيمَ شي جينبينغ في أوساكا قبل أيام. وبالطبع، يجب أن يواكب تعزيز الاستثمار الصيني في البنية التحتية الأفريقية جهود مصر وأشقائها الأفارقة في مجال رقمنة مجتمعاتهم. في الواقع، أنجزت الصين عملاً رائعاً في المنتدى الثاني لمبادرة الحزام والطريق، والذي كان خطوة مهمة إلى الأمام على طريق جعل المبادرة مخططًا عالميًا حقيقيًا للتنمية.
السفير/ مجدي عامر: أشار سيادته إلى أنه من الواضح تمامًا – كما قال سعادة السفير/ سعد – أن المبادرة عالمية، وكان واضحًا منذ اليوم الأول أن معظم الدول على استعداد للانضمام إليها، مضيفاً أنه حضر العديد من الاجتماعات التي تركت هذا الانطباع المهم – إما بإعدادها من قِبَل وزارة الخارجية الصينية أو من قِبَل الطرف الذي يشرح أهداف المبادرة – وقد حضرها أيضاً جميع السفراء في بكين، بمَن فيهم سفراء أمريكا اللاتينية، لذلك كان من الواضح جدًا أن المبادرة تتسم بالطابع العالمي منذ اليوم الأول لها.
وفي هذا السياق، كانت القمة الثانية في أبريل الماضي بمثابة تأكيد على استعداد جميع الدول للانضمام، حتى تلك البلدان التي لم توقع بعدُ على الاتفاق. لقد قامت الصين بعمل ممتاز للغاية، وأحرزت نجاحاً كبيراً في هذا الصدد. يمكن القول بأن القمة الأخيرة كانت بمثابة تأكيد لالتزام جميع الأطراف بقضية المبادرة. لقد كانت آلية لمتابعة التقدم المحرز في هذه المبادرة المهمة، ودعوة لبذل المزيد من الجهد لتعزيزها لخدمة مصالح الصين والأعضاء الآخرين فيها.
وبالنسبة للعلاقات بين مصر والصين في سياق مبادرة الحزام والطريق، ذكر سيادته أنه كان سفيرًا سابقاً لمصر لدى لصين، وحضر خمس مؤتمرات قمة بين رئيس مصر ورئيس الصين؛ أربعة منها في الصين، وواحد في القاهرة في عام 2016. وكان الرئيس المصري يكرر في كل مرة التأكيد على دعم مصر الكامل للمبادرة، واستعدادها التام للعمل مع الصين في إطارها، سواء في مصر أو في القارة الأفريقية عموماً. وهناك اهتمام مصري شديد بأن تكون هناك علاقة أفضل بين الصين والدول الأفريقية في سياق المبادرة. ولقد طلبت مصر من الجانب الصيني زيادة عنصر الاستثمار في المبادرة، في مقابل تخفيض جزء القروض قليلاً. فهذا مهم للغاية بالنسبة لمصر وأفريقيا، نظراً لحاجتَيْهما إلى مزيد من الاستثمارات الصينية وتخفيض عبء الديون. ولكن لا يزال الجانب الصيني يركز بشكل كبير على عنصر القروض. بالتأكيد هناك فهم مصري لمخاوف الجانب الصيني، ولكن في ذات الوقت هناك العديد من القطاعات الواعدة في مصر، والتي تتطلب المزيد من الاستثمارات الصينية، بما في ذلك المنطقة الاقتصادية في قناة السويس، والتي تشتمل على المنطقة الصناعية الصينية التي كانت موجودة هناك منذ ما يقرب من عشرين عامًا. ومن الجيد أن هذه المنطقة قد عززت أنشطتها في السنوات الخمس الأخيرة. لكن مرة أخرى، لا يزال الاستثمار محدوداً.
من جهةٍ أخرى، وفيما يتعلق بالقروض الصينية، التي طالبت مصر دائمًا بتخفيضها أو تقليل الفائدة المترتبة عليها من قِبَل البنوك الصينية، فيجب الإشارة إلى أن هذا يُعَد مطلباً مصرياً وأفريقياً على السواء، وكل الأطراف في أفريقيا لا زالت تحث عليه من حينٍ لآخر. ولكن من الإنصاف القول بأن هذه المشكلة تتضاءل بفضل مبادرات الجانب الصيني، ومن أدلّ الأمثلة على ذلك القطار الكهربائي الذي من المفترض أن يكون من شرق القاهرة إلى العاصمة الإدارية الجديدة. فقلد قامت مصر بتوقيع الاتفاق الخاص بهذا القطار مع الصين في عام 2014، واستغرق الأمر وقتًا طويلاً جدًا من المفاوضات بين الجانبين، وكانت إحدى النقاط الرئيسية ذات الحساسية بالنسبة للجانب المصري هي قيمة سعر الفائدة. ولكن وافقت بكين مؤخرًا على خفض سعر الفائدة على هذا المشروع. لكن هذا مثال فريد، ولا يزال هناك العديد من المشروعات الأخرى التي تمتد المفاوضات بشأنها لفترة طويلة بسبب عدم الاتفاق على سعر الفائدة. إن هذه المسألة لا تزال بحاجة إلى بذل المزيد من الجهد من جانب بكين مع البنوك الصينية، لأنه عادة ما تملي البنوك التجارية سعر الفائدة، مع تدخل ضئيل من قِبَل الحكومة الصينية. إن هذه المسألة مهمة للغاية، ليس بالنسبة لمصر فقط، ولكن أيضًا لأفريقيا، لأن عبء سعر الفائدة أصبح أكبر من ذي قبل. وكما هو معلوم لدى السلطات الصينية، دائماً ما يثقل الغرب كاهل أفريقيا والبلدان النامية باستغلال الحاجة إلى القروض، حتى أصبحت الأخيرة تمثل عبئًا كبيرًا على اقتصاديات هذه البلدان، لذلك سيكون من الجيد جدًا لمصلحة الصين أن تنظر في هذه القضايا.
فى سياقٍ متصل، أشار السفير/ عامر إلى نقطة انخفاض الوجود الإعلامي الصيني في مصر. فبينما قامت الصين بتقديم الكثير لمصر، خاصةً في عام 2016، حينما احتلت الصين المرتبة الأولى على مستوى العالم في مساعدة مصر ماليًا من خلال آلية تبادل العملات والقروض مع البنك المركزي وكذلك البنوك الأخرى في مصر، حتى بلغ المجموع نحو 5 مليارات دولار في عام واحد – إلا أنه يُلاحَظ أن الصين لا تبلي بلاءً حسناً على مستوى وسائل الإعلام لإظهار مساهماتها في الاقتصاد المصري، خاصة في ذلك الوقت العصيب. ومن المؤمل أن يقوم الجانب الصيني بالاهتمام بهذا الجانب لأن الجمهور في بعض الأحيان، وحتى بعض الأشخاص في الحكومة، لا يعرفون مقدار ما فعلته الصين لبلد مثل مصر خلال هذه الأوقات الصعبة.
السفير/ عبد الفتاح عزالدين: أشار إلى أن العلاقات المصرية – الصينية تطورت بسرعة منذ عام 2013، خاصة في المجال الاقتصادي، وكانت هناك بعض الاستثمارات المتبادلة، ولكن إذا تمّت مقارنة هذه الاستثمارات بقدرة الصين وقدرة مصر، فهي لا تعتبر كبيرة جدًا. إن مصر في حاجة إلى استثمارات كبيرة للغاية لتشييد القدرات الصناعية المطلوبة لتحقيق تنميتها وازدهارها. ولقد اتخذ المنتدى الصيني – الأفريقي قراراً بمساعدة البلدان الأفريقية على بناء قدراتها الصناعية، والآن أفريقيا في حاجة إلى تنفيذ هذا القرار. اليوم، لا تزال مصر دولة نامية، وحتى الآن لا نزال نتلقى منحًا من أوروبا واليابان وباقي الدول المتقدمة؛ يتم تقديم هذه المنح بشكل خاص لتلبية الاحتياجات الإنسانية الأساسية مثل المستشفيات والمدارس ونظام الصرف الصحي، وما إلى ذلك. وهذه المشروعات تلعب دورًا مهمًا للغاية في حياة المصريين العاديين. ومن الأمثلة على ذلك مستشفى الأطفال الذي أنشأته اليابان، ويساعد الكثير من الأطفال المصريين الفقراء في الحصول على العلاج.
وبالنسبة للتعاون مع مصر وأفريقيا، فهناك حاجة إلى تفعيل التعاون الثلاثي، مصر والصين وإفريقيا. وبالإشارة إلى المشروعات الكثيرة التي تقيمها الصين في مصر، فيمكن أن تصبح الأخيرة منصة لأفريقيا. وعلى سبيل المثال، تشارك الصين بأدوات خاصة في بناء العاصمة الإدارية الجديدة، وهذه الأدوات يمكن نقلها من مصر مباشرةً للعمل في بلد أفريقي آخر، لأنها أقرب إلينا من الصين.
من جهةٍ أخرى، ذكر سيادته أنه زار المنطقة الصناعية الصينية في الشمال الغربي من خليج قناة السويس، موضحاً أنها تطورت ولكن ليس بالسرعة الكافية، وقد يكون هذا بسبب مشاكل لدى كلا الجانبين أو بسبب البيروقراطية. والآن توجد بعض المصانع لتصنيع الألياف البصرية، والمحولات الكهربائية، وما إلى ذلك، ولكن يتم إنتاجها بشكل أساسي من خلال التجميع، إن ما تحتاج إليه مصر حقًا هو نقل التكنولوجيا وتدريب الخبراء بدلاً من مجرد عملية تجميع في المنطقة الصناعية. هذا، وقد أعرب السفير/ عزالدين عن تمسك الجانب المصري بأهمية زيادة الاستثمارات الصينية في المشروعات المختلفة في مصر، دون أدنى تأخير، موضحاً أن الجانب المصري لن يدخر جهداً في إبداء المساعدة المطلوبة في هذا الشأن، وخاصة من القيادة العليا، من الرئيس والوزراء.
السفير د./ عزت سعد: أشار سيادته إلى أن الحديث تطرَّق بالفعل إلى تقييم الجانب المصري لمبادرة الحزام والطريق في أفريقيا، وأيضاً إلى بعض المشكلات المنوطة بالتعاون مع أفريقيا في إطار هذه المبادرة. ولكنه تطرَّق إلى بعض الادعاءات المرتبطة بما تقوم به الصين في أفريقيا، بناءً على ما تعلنه الأوساط الصينية أو وسائل الإعلام الغربية عمَّا تفعله بكين في بعض البلدان الأفريقية، خاصة دول شرق أفريقيا مثل إثيوبيا وكينيا وجيبوتي وتنزانيا، مشيراً إلى أن مصر تدرك بالطبع حقيقة أن أفريقيا أصبحت ساحة للمنافسة لدول مثل الولايات المتحدة وفرنسا، والتي تتهم الصين بهذه الممارسات السيئة، مؤكداً على أن مصر لا تؤمن بهذه الاتهامات، ولديها دائمًا فهم أفضل وإيجابي للأنشطة الصينية في أفريقيا.
فى سياقٍ متصل، أشار السفير/ سعد إلى أن الصين لديها اليوم فرصة استراتيجية كبيرة لتعاون أوثق مع أفريقيا ودول الشرق الأوسط. السبب وراء ذلك هو أنه إذا تم النظر إلى السياسة والاستراتيجية الخارجية للولايات المتحدة تجاه أفريقيا، والتي تم الإعلان عنها منذ فترة، سنصل إلى نتيجة مفادها أن بلدًا مثل الولايات المتحدة ليست لديه رؤية على الإطلاق فيما يتعلق بالتعاون مع أفريقيا، وذات الأمر بالنسبة للاتحاد الأوروبي المشغول بقضاياه الداخلية. بالطبع، لن يتم التطرق إلى السياسة الخارجية للولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط؛ حيث يعلم الجميع أنها تقوم بعمل سيء للغاية في هذا الجزء من العالم.
وبالنسبة للسؤال الخاص بتقييم التعاون الصيني – الأفريقي من أجل مستقبل مشترك، فيمكن القول بكل تأكيد أن رؤية الصين للإدارة السياسية والاقتصادية العالمية تتفق ورؤية البلدان الأفريقية، بما فيها مصر، بمعنى أنهما على نفس الجانب إزاء هذه القضايا. وذكر السفير/ سعد أنه في إطار مشاركته الشهر الماضي في مؤتمر افتتحه الرئيس شي جينبينغ في بكين، وحضره حوالي 180 باحثًا من مختلف الدول، كان من الواضح جدًا أن الأوروبيين أنفسهم أدركوا أنه لا يمكنهم وحدهم، كما لا يمكن للولايات المتحدة، التعامل مع الوضع الحالي في العالم عندما يتعلق الأمر بالتجارة، والتسوية السلمية للنزاعات، وعدم التدخل في الشئون الداخلية، والتي تُعَد جميعها مبادىء تدافع عنها الصين. إن العديد من الدول لا يهتم بذلك؛ فالدول الأوروبية مثلاً تهتم حالياً بشكل رئيسي بالهجرة الأفريقية إليها، فيما ينصب اهتمام ترامب الرئيسي على حماية أمن إسرائيل، والبحث عن أفضل طريقة للتخلص من إيران، فهذا هو تقريباً جدول الأعمال الغربي في الوقت الحالي.
نعلم جميعًا أن الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة نشأت بسبب استراتيجية الأمن القومي للولايات المتحدة التى تم الإعلان عنها في ديسمبر 2017، وكذلك استراتيجية الدفاع الأمريكية في يناير 2018. ففي مفهوم الإدارة الأمريكية الحالية، تُعَد الصين خصمًا ومنافساً للولايات المتحدة، ولهذا السبب نعتقد أن الحرب التجارية القائمة هي أحد الأعراض، والسبب الحقيقي هو النجاح الهائل الذي حققته بكين وضيق الفجوة التكنولوجية بين الصين والولايات المتحدة أكثر فأكثر. لهذا السبب لم نفاجأ عندما قال ترامب في قمة مجموعة العشرين الأخيرة في أوساكا أن التجارة بين الولايات المتحدة والصين قد عادت إلى مسارها الصحيح، وأنها ستفتح أسواقها أمام شركة (Huawei). إن هذا بلا شك نابع من الاعتراف بما حققته الصين على مدى العقود الأربعة الماضية.
لقد كان هناك اهتمام كبير في مصر بدراسة أو فهم ما إذا كان لهذه الاحتكاكات بين الولايات المتحدة والصين تأثير على الاقتصاد المصري، وتمّ الاتفاق على أن الاقتصاد المصري يتسم بالمرونة الكافية حتى لا يتأثر حقًا بهذه الحرب.
بالنسبة لتقييم دور الصين في المجتمع الدولي، أشار السفير/ سعد إلى أنه دور إيجابي للغاية، كما أن المبادئ التي تدعو إليها هي نفسها التي تؤيدها مصر وغالبية أعضاء المجتمع الدولي. في الواقع، تراقب مصر الدور الصيني بإعجابٍ كبير، لاسيَّما وأن لديها مفاهيم جديدة متعلقة بالنظام الدولي الحالي، كما تدافع عن مبادئ مثل إنشاء مجتمع دولي يهتم بمستقبل مشترك للبشرية ويمتلك آليات فعَّالة للتسوية السلمية للنزاعات. يُضَاف إلى ذلك دورها المتميز في عمليات حفظ السلام في أفريقيا وفي أي مكان آخر، فضلاً عمَّا تم تحقيقه في إطار المنتديات المختلفة مثل منتدى التعاون الصيني – الأفريقي (FOCAC)، وذات الأمر مع أمريكا اللاتينية، وأيضًا مع جامعة الدول العربية.
بالطبع، تتفهَّم مصر أيضًا موقف الصين بشأن المشكلات الجارية في منطقة الشرق الأوسط مثل الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني وسوريا والصراعات المماثلة، نظراً لوجود قوى رئيسية أخرى متورطة بشدة، ويجب أن تتحمل مسئولياتها في هذا. فالأمريكان على سبيل المثال يدعون بأنهم يغادرون المنطقة، لكن هذا ليس صحيحًا، لاسيَّما وأن بعض المراقبين والمحللين يطلبون من الصين أن تسد الفجوة التي ستتركها الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. لكن الولايات المتحدة لم تغادر المنطقة، ومن ثَمَّ لم تنشأ الفجوة المذكورة. بل على العكس من ذلك، تشارك واشنطن في المنطقة أكثر من أي وقت مضى. لذلك، فإن مصر تتفهَّم نهج بكين الحذر عندما يتعلق الأمر بالقضايا الحرجة التي تمر بها المنطقة. لكن في الوقت نفسه، على الصين مواصلة دعم الفلسطينيين على أساس المبادئ التي أخذت تؤكد عليها منذ فترة طويلة.
السفير/ عبد الفتاح عزالدين: ذكر أنه لا ريب في أن هناك استراتيجية لاحتواء الصين بسبب صعودها، وليست الحرب تجارية فقط، فهناك الكثير من الحروب الأخرى الجارية؛ فهناك حرب حول التكنولوجيا والأسلحة والصراعات الداخلية مثل ما يحدث في هونغ كونغ على سبيل المثال. وعلى الرغم من ظهور بعض الصراعات داخل العالم الغربي، إلا أن هدفهم الاستراتيجي يبدو واحداً. لهذا السبب، لديهم تقسيم للعمل أو بمعنى أدق للمهام والمجالات؛ فالبريطانيون مثلاً يقومون الآن بإنشاء قاعدة في منطقة الخليج، في حين يرسل الفرنسيون سفنهم إلى بحر الصين الجنوبي… إلخ.
إن موقف الصين مع العرب بكل قضاياهم ذو موضع تقدير كبير، وصورة الصين في المنطقة إيجابية للغاية. ولقد أصبحت العلاقات بين مصر والصين أقوى من أي وقت مضى، وتقدر القاهرة عالياً مساعدة بكين لها في هذه الفترة الحرجة.
د./ وانج: أعرب عن شكره العميق لأعضاء المجلس على إجاباتهم الودية والصريحة على الأسئلة التي طرحها الوفد الصيني، مؤكداً على أنها ملهمة جداً بالنسبة لبلده. وأضاف أنه خلال زيارة الوفد للدول الأفريقية، تم سؤال الخبراء الأفارقة عن توقعاتهم بشأن إمكانية قيام الإدارة الأمريكية بشن ضربة أو حرب ضد إيران، فقال أكثرهم أنهم لا يعتقدون أن هناك فرصة كبيرة لأنْ تُقدم الولايات المتحدة على اتخاذ مثل هذا الإجراء. ومن ثَمَّ، طلب د./ وانج من خبراء المجلس رأيهم حول هذا الأمر.
السفير د./ عزت سعد: ذكر سيادته أنه لا يعتقد على المستوى الشخصي أن الولايات المتحدة ستتخذ هذه الخطوة لأن العام القادم – كما هو معلوم للجميع – سيكون فارقاً بالنسبة لترامب، وسط الحملة الانتخابية، وكان أحد الأسباب وراء انتخابه في عام 2016 هو إطلاق حملته الانتخابية انتقادات شديدة للحروب الأمريكية في العراق وأفغانستان. كما أنه يدرك تماماً أن شن حرب ضد إيران ليس بالأمر اليسير؛ إنها كارثة، وستكون هناك تداعيات خطيرة للغاية على دول الخليج، لأن هناك أيضًا أقليات شيعية في تلك البلدان، كما أن إيران ليست بلدًا ضعيفًا بالنظر إلى قدراتها العسكرية، ولقد رأينا كيف أسقطت أكثر من خمس طائرات منذ فترة، كانت آخرها طائرة كبيرة.
السفير/ علي الحفني: أشار إلى أن السؤال الرئيسي هنا هو لماذا ستشن الولايات المتحدة حرباً ضد إيران؟ ما مصلحة الولايات المتحدة في القيام بذلك؟ مشيراً إلى أن مثل هذه الحرب غير مجزية إطلاقاً بالنسبة للولايات المتحدة لتقوم بها. لقد رأينا ترامب خلال حملته الرئاسية وبعدها يكرر أنه يتعيَّن على دول الخليج أن يدفعوا المال للولايات المتحدة، لأنهم مدينون لها، لأنها توفر لهم الأمن، وأكَّد على أنه بدون الغطاء الأمني الأمريكي، ستنهار الأنظمة الخليجية ولن يكون بمقدورها الصمود لمدة أسبوع. وبالتالي، لماذا يتخلص ترامب من طرف يمثل مصدر قلق في منطقة الخليج وما وراءها، ما دام أنه مطمئن أن ذلك سيضمن له الحصول على المليارات الخليجية؟ لذلك ليس هناك سبب يدفع الولايات المتحدة إلى شن حرب ضد إيران، لاسيَّما وأن هذا لا يصب كذلك في مصلحة إسرائيل التي ترتبط عضوياً بواشنطن بها؛ حيث يتم تحقيق أغراض الطرفين ومصالحهم دون الاضطرار إلى شن هذه الضربة. وتنبغي الإشارة هنا إلى أنه في عام 2003، غزا الأمريكيون العراق، ومنذ ذلك الحين فتحوا الطريق أمام الإيرانيين ليكون لهم هذا التأثير في المنطقة بأكملها، في العراق وسوريا ولبنان واليمن. ولقد تابع الأمريكيون هذا التأثير الذي أخذ في التصاعد، بينما لم يفعلوا الكثير لوقف الإيرانيين.
السفير/ عبد الفتاح عزالدين: أشار إلى أن الرئيس ترامب يمثل الإدارة الأمريكية، بما لديها من خطط استراتيجية، وما على ترامب إلا أن ينفذ هذه الاستراتيجيات بطريقته الخاصة. ومن الملاحَظ أنه دائمًا ما يعطي رسائل محيرة ومتناقضة من أجل إرباك خصومه. إن الأمريكان يريدون التركيز على الهدف الاستراتيجي، ولا يريدون أن يتم تحويلهم إلى أي حرب جانبية. ولكن الأمر المقلق هو تصريحات ترامب بشأن إيران، حيث يقول على سبيل المثال: “بالنسبة لإيران، ليست هناك حاجة إلى قوات برية”، و”إذا كانت هناك حرب مع إيران، فستكون سريعة، ولن تستمر طويلاً”، وأخيراً “إذا نشبت حرب مع إيران، سنقضي عليها تماماً”. وبعد يومين من هذه التصريحات، أكد معهد الأمم المتحدة لبحوث الأسلحة النووية أن العالم أصبح الآن في خطر استخدام الأسلحة النووية أكثر من أي وقت مضى.
د./ وانج: شكر سيادته أعضاء المجلس على حسن الاستقبال والضيافة، وأشار إلى أن بلاده ستعقد في نوفمبر القادم ندوة عن “طريق الحرير البحري الدولي”، ومن ثَمَّ دعا سيادة السفير/ سعد وزملائه لحضور الندوة الدولية، لاستكمال المناقشات بشأن الوضع الدولي، والتعاون في إطار مبادرة الحزام والطريق، مُبدياً ترحيبه الشديد بأعضاء المجلس لإجراء المزيد من الزيارات إلى الصين، بغرض القيام بالمزيد من المناقشات والمشاورات.