الولايات المتحدة والصين.. ما وراء حرب التجارة ( السفير عزت سعد)
يوليو 31, 2019إلقاء محاضرتين أمام معهد الدراسات الدبلوماسية
أغسطس 20, 2019
بتاريخ 4 أغسطس 2019، استقبل المجلس وفداً من عدد من المدن الصينية برئاسة البروفيسور/ Wang Xingping مدير معهد التنمية الحضارية والإقليمية بجامعة جنوب شرق الصين، وبعضوية كلٍ من: د. Zhao Sidong ، د.Mao Bin الباحثين بالمعهد، والسيد/ Chen Qinin رئيس شركة SCP للاستشارات والتخطيط ، والمحلل الاقتصادي/Chen Yanjie والمخطط المساعد/Yang Sihan بالشركة، بهدف التباحث حول العديد من القضايا ذات الإهتمام المشترك وعلى رأسها التعاون الاقتصادي والتجاري بين مصر والصين في إطار مبادرة الحزام والطريق.
وقد جرت أعمال اللقاء بمشاركة السادة السفراء: عبد الرؤوف الريدي- الرئيس الشرفي للمجلس، د. عزت سعد- مدير المجلس، هشام الزميتي- أمين عام المجلس، علي الحفني- منسق اللجنة الدائمة للشئون الآسيوية بالمجلس، ومجدي عامر ومحمود علام وعبد الفتاح عز الدين، ورجل الأعمال محمد قاسم – أعضاء المجلس.
بدأت أعمال اللقاء بترحيب السفير عبد الرؤوف الريدي بالحضور مؤكداً على وجود تراث ضخم وعظيم من المشتركات تتمتع به الدولتان، منوهاً إلى الدور الذي يلعبه المجلس إزاء كافة مجالات التعاون الخارجي فضلاً عن كونه منصة تجمع بين وجهات النظر المختلفة. مشدداً على أهمية إيلاء اهتمام بالتراث الذي يمثل عنصراً أساسياً في استمرار التواصل بين الأجيال الحالية، مقترحاً في هذا السياق إنشاء مكتبة في مدينة السويس لتكون نبراساً للتعاون الثقافي بين الجانبين، خاصةً وأن المدينة تقع في إطار مبادرة الحزام والطريق ، وسيكون هذا التعاون في إطار شبكة التعاون التي تجمع بين المكتبة وشركائها في العديد من مناطق العالم ومنها شركائها في غرب أوروبا.
عقب ذلك أعطى السفير الريدي الكلمة لرئيس الوفد السيد/ Wang Xingping الذي أعرب عن شكره وتقديره لإستقبال المجلس للوفد، منوهاً إلى أن الزيارة لاتأتي في المجال السياسي بل تأتي في إطار العمل على تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين الجانبين وبصفة خاصة بين المدن المصرية والصينية والوقوف على أهم مجالات التعاون الراهنة خاصة وأن الزيارة تأتي لدراسة سبل التعاون المستقبلي واستثمار النقاط المشتركة بين البلدين بين المدن والريف ، وبالفعل تمت زيارة عدد من المدن بهدف الاطلاع على عدد من الخطط الاقتصادية والصناعية المصرية من أجل العمل المشترك على نقل الخبرة الصينية في مجال تطوير المدن بما يساهم في خلق مجتمع متحضر ومزدهر.
وعلى مستوى التعاون الثنائي في إطار مبادرة الحزام والطريق، هناك تعاون ملموس بين الجانبين ، وهو تعاون ارتقى مع عدد من الدول الواقعة في إطار المبادرة ليشمل التعاون الثقافي والأكاديمي. وهو مايمكن أن يتم العمل عليه خلال الفترة القادمة بين الجامعات المصرية ونظيراتها الصينية وتطبيق برامج للتبادل الطلابي في عدد من المجالات التي يمكن من خلالها نقل الخبرة الصينية، فضلاً عن تأكيد الجانب الصيني على أهمية العمل المشترك لحماية التاريخ والتراث في منطقة الشرق الأوسط من الهجمات الإرهابية، موجهاً الدعوة للجانب المصري لزيارة المدن الأثرية والمناطق التاريخية الصينية.
وبجانب التعاون الثقافي بين الجانبين تحدث السيد/Chen Qining مدير إحدى الشركات الصينية المتخصصة في مجال التخطيط والبنية التحتية ،وأحد المؤسسين لمدينة “سوجو” الصينية، أحد المدن المقامة حديثاً والتي يجمعها تعاون بين المدينة وسنغافورة في مجال تأسيس المدن الصناعية ، وهذا التعاون مثيل بالتعاون الحالي بين المدن الصناعية الصينية والمصرية ، وهناك مثيله في مناطق أخرى بمنطقة الشرق الأوسط.
داعياً في هذا السياق الى المزيد من تعزيز التعاون بين المدن المصرية والصناعية، وكذا التعاون في مجال التخطيط وإقامة المناطق الصناعية والترويج لذلك بين الشركات الصينية والتعرف على البيئة الاستثمارية في مصر.
أما على صعيد العلاقات الدبلوماسية، فقد أكد الجانب الصيني اعتزازه بما يجمع الجانبين من تفاهم مشترك في العديد من القضايا في ظل تمسك الجانبان المصري والصيني بمبادئ الحل السلمي للنزاعات والابتعاد عن الحلول العسكرية وبصفة خاصة أزمات منطقة الشرق الأوسط.
عقب ذلك جاءت مداخلات الوفد المصري على النحو التالي:
– أكد رجل الأعمال أ. محمد قاسم – عضو المجلس، أن الصين شهدت منذ فترة طفرة كبيرة في مجال المدن الصناعية وكان أبرزها بناء المدن الصناعية في مدينة شنغهاي والتي أعقبها العمل المصري على تأسيس أول شركة لبناء المدن الصناعية في مصر بدءاً من العام 2007، وبالفعل جرى منذ إنشائها العمل على تطوير عدد من المدن المصرية كمدينة السادات و6 أكتوبر والمنطقة الاقتصادية بمنطقة قناة السويس حالياً ، فضلاً عن مناطق أخرى يجرى العمل على تطويرها في جنوب القاهرة في مدينة المنيا ، منوهاً إلى أن هذا يشير لضرورة التعاون مع الجانب الصيني في تطوير العديد من المدن في محافظات وجه قبلي، خاصة وأنها المناطق التي يجب أن تحظى بالأولوية خلال الفترة القادمة للنهوض بمستوى المعيشة فيها.
منوهاً إلى أن هذا التطوير يأتي في إطار التعاون الحالي بين الشركة، الذي يتولى رئاستها، وعدد من الشركات الصينية الأخرى، حيث أن هناك تعاون قائم في مجال الطاقة والتنمية الشاملة واستيراد معدات البناء، وهناك ضرورة لتعزيز التعاون بن الجانبين في إقامة المدن الصناعية المتخصصة في صناعة الغزل والنسيج، وهو مااتفق عليه الجانب الصيني منوهاً لوجود عدة مشاريع صينية في مجال هذه الصناعة وتخطط فعلياً لتوسيع أنشطتها خلال الفترة القادمة.
– تساءل السفير علي الحفني منسق اللجنة الدائمة لشئون الآسيوية بالمجلس، عن المشاريع الاستثمارية الضخمة التي وعد بها الرئيس الصيني خلال منتدى التعاون الصيني الإفريقي في سبتمبر 2018، خاصة وأنه كان من المقرر أن تركز بصفة أساسية على الاستثمار في المجال الصناعي ، مشيراً إلى ضرورة بدء التفعيل الحقيقي لهذه المشاريع على أرض الواقع خاصة وأنه من المقرر أن يشهد عام 2020 الاحتفال بمرو 20 عامًا على تأسيس منتدى التعاون الصيني الإفريقي، مشدداً على ضرورة تبني الصين مقاربة جديدة للتعاون الصيني الافريقي تخرج عن الإطار الخاص بالقروض والمنح والذي يواجه عدة انتقادات .
أما على الصعيد الثنائي، فقد نوًه إلى أهمية تعزيز التعاون الثنائي من خلال الزيارات المتبادلة وأنه من المقرر أن يشهد العام 2020 زيارة للرئيس الصيني وفقاً للتقليد المتبع بزيارة مصر كل أربع سنوات مقترحاً أن يقوم رئيس الوزراء الصيني بزيارة للقاهرة بما يعزز من ديناميكية العلاقة بين الجانبين.
– أكد السفير محمود علام – عضو المجلس، أهمية نقل صورة الدعم الحكومي المصري للمستثمر الصيني، وهو مايتضح من المنطقة التي كانت مساحتها في وقت سابق نحو 1 كم فقط عام 1997 واليوم تمتد إلى نحو 6 كم، بعدما تم التغلب على العديد من المشكلات والعقبات الاستثمارية وظلت نموذجاً هاماً لنقل التجربة الصينية والتعاون في مجال تأسيس المناطق الصناعية ، وهي تجربة لابد أن تحظى باهتمام خاص وهناك حاجة لوضع إطار متكامل وشامل لنقل الخبرة الصينية بكافة تفاصيلها في مجال المدن الصناعية خاصة وأنها كانت من أولى الدول التي شرعت في إقامة مناطق صناعية بمنطقة السويس.
أما فيما يتعلق بمشروعات التطوير الحضاري التي تقوم بها مصر حالياً، فإنها تشهد قفزة كبيرة اليوم داعياً الجانب الصيني للتعاون في هذا المجال وعلى رأسها إقامة مشروعات صينية في العاصمة الإدارية الجديدة والتي يعمل بها العديد من المطورين. هذا بالإضافة لدعوته للبدء في الاستثمار والتعاون في مجال النقل في ضوء اهتمام مصر بالعمل على تنفيذ عدة مشروعات في قطاع النقل، بما فيها مشروع إنشاء خط سكة حديد يربط بين البحرين الأحمر والمتوسط .
وعلى الصعيد الثقافي نوه إلى الحاجة لإطلاق حوار حضاري مشترك بين الشرق والغرب من أجل العمل على تحقيق التوازن، والتواصل مع الحضارات الإنسانية في الشرق.
– طالب السفير هشام الزميتي – أمين عام المجلس، من الوفد تخصيص منح للطلاب المصريين بهدف نقل الخبرة الصينية في مجال تخطيط المدن وكذا تقييم الوفد للتطورات الجارية في المنطقة الصناعية بالسخنة وكذا المشاريع التي تقوم بها شركة تيدا الصينية.
– دعا السفير مجدي عامر – عضو المجلس، إلى الاستفادة من السياسة الصينية المتكاملة للحد من الفقر من خلال تخصيص فرص عمل للتجمعات السكنية بما يعمل على تحقيق التوازن الاقتصادي والاجتماعي والحد من الفقر، وبالفعل، وطبقاً لهذه السياسات، تمكنت الصين من رفع 700 مليون نسمة من تحت خط الفقر وتم إعلان الحكومة الصينية عن نيتها لتنفيذ خطتها لإعلان عام 2020 عام خال من الفقر، وهنا لابد من الربط بين التنمية العمرانية والحضارية وسياسات الحد من الفقر وإعادة تخطيط القرى الصينية النائية، داعياً لإعداد برامج تدريبية في الجامعة في مجال التنمية العمرانية وإعادة تخطيط المدن في إطار السياسات العامة للحد من الفقر ونقل تلك التجارب لمصر.
– هنأ السفير عبد الفتاح عز الدين – عضو المجلس، الجانب الصيني بمناسبة احتفال الحزب الشيوعي الصيني بالعيد السبعين في أول اكتوبر القادم، مؤكداً أهمية مايجمعهما من علاقات تاريخية وثقافية مشتركة وفي الظروف الدولية المحيطة بمنطقتنا دعا لأهمية العمل إلى تعزيز التعاون وتبادل وجهات النظر بصورة مشتركة فيما يخص القضايا التي تهم الجانبين .
كما نوًه إلى ضرورة العمل على جذب الاستثمارات الصينية بصورة أكبر في مصر خاصة وأنها لم ترق للمستوى المطلوب مشيراً إلى أن زيادة الاستثمارات الحكومية ستكون دافعاً قوياً للقطاع الخاص الصيني لزيادة استثماراته في مصر وبصفة خاصة في المشاريع لاستثمارية الجديدة والخاصة بإنشاء مدن جديدة وتطوير الفقيرة ( في إطار خطة الدولة لتطوير نحو 150 قرية على مستوى الجمهورية) ، موضحاً أنه رغم التحديات التي واجهتها منطقة “تيدا” الصناعية في بدايتها، إلا أنها استطاعت تجاوزها لتكون نموذجاً للتنمية السريعة في مصر والمنطقة العربية وإفريقيا ويمكن العمل على تعزيز التعاون مع رجال الأعمال المصريين والمالكين للمصانع هناك والعمل من خلال تلك المشاريع على نقل الخبرة والبرامج التدريبية للعاملين في مصر وتوسعة المصانع الصينية المقامة تلبيةً للتوسع في الطلب. فمثلاً يمكن التعاون مع الجانب الصيني في تطوير صناعة الألياف الضوئية لصناعة الكابلات الضوئية ، وكذا العمل على التوسع في التوأمة بين المدن الجديدة المصرية والصينية ، والتوسع في مجالات صناعية جديدة كالأدوية وألواح الطاقة الشمسية وأدوية وأشباه الموصلات وتطوير تكنولوجيا للمناطق الجافة فيما يعرف بالاقتصاد الصحراوي.
وفيما يتعلق بالمجال الثقافي في إطار مبادرة الحزام والطريق، دعا للاستفادة من المبادرة في هذا المجال خاصة وأنه يرى حالياً أن توسيع التعاون الثقافي مع الدول الواقعة في إطار المبادرة كان من خلال إنشاء مؤسسات ثقافية بمختلف أنواعها ومنها إنشاء مكتبة عامة في المنطقة الاقتصادية بالسويس تكون نبراساً وتتويجاً للتعاون الثقافي بين المجالين.وكذا التفكير في إنشاء مركز للعلوم في مدينة شانغهاي .
رداً على ماذُكر، أكد رئيس الوفد الصيني على مايلي:
– أن الصين تولي اهتماماً كبيراً بالعلاقات الثنائية مع مصر والتنسيق الوثيق حيال العديد من القضايا على رأسها أزمات الشرق الأوسط ، وهو ماأكدته زيارة المدير العام بالشئون الإفريقية بالخارجية الصينية.
– أنه من المخطط استضافة مؤتمر للتعاون مابين الصين وإفريقيا، يعقد لاحقاً تحت رعاية المجلس الاقتصادي التابع للأمم المتحدة، وهو مايؤكد الحرص الصيني على تنفيذ وعود الرئيس شي حيال المشروعات المزمع إقامتها في القارة.
– لاتزال هناك تحديات تتعلق بصفة خاصة بالبنية التحتية اللازمة بالمنطقة داعياً إلى إمكانية استغلال، والاستفادة من، العديد من المباني الخالية من السكان وتخصيصها للعمالة الوافدة والاستفادة من السكان المحليين في توفير وظائف لهم بتلك المنطقة بدلاً من استضافة عمالة وافدة من خارج المحافظة بما يوفر فرص عمل ، وذات الأمر ينطبق على توفير فرص عمل كذلك لكافة العمالة بالمشاريع الجديدة وعلى رأسها العاصمة الإدارية الجديدة.
– أعرب سيادته عن الترحيب بفكرة توفير برامج تدريبية وبتنسيق السياسات العامة والحكومية بين الجانبين بهدف خلق تطور حضاري ، منوهًا إلى أن خطة الحكومة الصينية بتحقيق التنمية المتكاملة لكافة المدن الصينية وإعلانها خالية من الفقر بحلول العام 2020 هي إحدى الخطط الرئيسية للحزب الشيوعي الصيني للنهوض بالمناطق النائية والفقيرة ، وبالفعل يعمل أعضاء الحزب في تلك المناطق على تحقيق خطط الحزب بمساعدة الطلاب والمتخصصون في مجال التنمية الاقتصادية بما سيوفر حياة كريمة لمواطني تلك المناطٌق.
كما اتفق الجانبان على استمرار التنسيق والمشاورات ومتابعة ماتم الاتفاق عليه خلال الاجتماع.
من الجدير بالذكر، أنه عقب انتهاء جولة المشاورات بمقر المجلس لبَى الجانب الصيني دعوة السفير/ عبد الرؤوف الريدي لزيارة مكتبة مصر العامة – بالجيزة، والإطلاع على كافة التطورات وكذا الدور الذي يمكن أن تلعبه في تعزيز التعاون الثقافي بين الجانبين في إطار مبادرة الحزام والطريق.