تهنئة الرئيس …..السفير عبد الرؤوف الريدي
أكتوبر 15, 2019السفير عزت سعد يلقي الضوء على القمة الروسية الإفريقية
أكتوبر 23, 2019
بتاريخ 21 أكتوبر 2019، عقد المجلس ندوة بعنوان “مستقبل عملية السلام فى ضوء الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة، وانعكاساتها على القضية الفلسطينية”، حضرها عدد من السفراء والأكاديميين والباحثين من المهتمين بالشأن الإسرائيلى والعربى، وافتتحها السفير د./ منير زهران، رئيس المجلس. وتناولت الندوة محاور خمسة هى: تقييم الموقف الإسرائيلى الحالى فى ضوء نتائج انتخابات الكنيست الأخيرة وانعكاساتها على السياسة الإسرائيلية تجاه عملية السلام؛ والموقف الفلسطينى… إلى أين فى ظل المتغيرات الإقليمية والدولية؛ وحدود الموقف العربى وفرص دفع عملية السلام؛ واستشراف مواقف القوى الكبرى الأخرى (روسيا – الصين – الاتحاد الأوروبى) تجاه عملية السلام فى المرحلة القادمة؛ وصفقة القرن وتأثيراتها بين التأجيل والطرح. وقد تحدث فى هذه المحاور، على التوالى، كلٌ من السفير/ حازم خيرت، والسفير د./ حازم أبو شنب، والسفير د./ محمد بدر الدين زايد، والسفير د./ عزت سعد، واللواء د./ محمد إبراهيم الدويرى.
فى كلمته الافتتاحية، أشار السفير د./ منير زهران إلى أن هذه الندوة أُقِيمَت للتداول فى نتيجة الانتخابات الإسرائيلية الثانية التى جرت فى 17 سبتمبر 2019، والتى سبقتها انتخابات تشريعية فى أبريل الماضى، فشلت فى حسم موقف تشكيل الحكومة. ولقد حصل حزب الليكود الذى يتزعمه نتنياهو فى الانتخابات الثانية على عدد أقل من مقاعد الكنيست مقارنة بنتيجة الانتخابات الأولى، حيث حصل على 32 مقعداً مقابل 33 مقعداً لحزب أبيض أزرق الذى يترأسه جانتس، ولكن حتى الآن لم ينجح نتنياهو فى تشكيل الحكومة، الأمر الذى يفتح المجال لإثارة الحديث عن السيناريوهات المحتملة لكيفية الخروج من هذا المأزق، والتى من بينها نجاح المفاوضات بين الفرقاء الإسرائيليين للوصول إلى اتفاق بين نتنياهو وجانتس لتشكيل حكومة ائتلافية أو حتى تكليف جانتس أو الدعوة لإجراء انتخابات ثالثة إذا وصلت المشاورات فيما بين الأحزاب إلى طريق مسدود.
من جهةٍ أخرى، وفى ظل الأوضاع الراهنة، يزداد تطرف نتنياهو ضد الفلسطينيين سواء فى الضفة الغربية أو ضد عرب 1948 ليزداد العداء والاستقطاب داخل إسرائيل، فى محاولة لإنقاذ حزب الليكود ونتنياهو نفسه، ويسير فى غيه بابتلاع الأراضى الفلسطينية واحدة تلو الأخرى، وبعد ابتلاع القدس بالكامل، اتجه إلى المستوطنات الإسرائيلية فى الضفة الغربية والقدس، واتجه إلى منطقة الأغوار بمحاذاة الحدود مع الأردن، سعياً للتوسع لكسب المزيد من الأصوات لصالح حزبه. وهكذا بعد أن أعلن دافيد بن جوريون إنشاء دولة إسرائيل يوم 15 مايو 1948 استناداً إلى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181 لسنة 1947 بتقسيم أرض فلسطين تحت الانتداب البريطانى إلى دولتين يهودية وفلسطينية مع وضع القدس وبيت لحم تحت نظام دولى منفصل(Corpus Sepratum) ، والذى خصَّ إسرائيل بـ 45 % من أرض فلسطين – فإذا بإسرائيل تبتلع غالبية أرض فلسطين تدريجياً قطعة قطعة حتى ابتعلت الآن نحو 80 % من فلسطين الأصلية بعد انتشار المستوطنات اليهودية فيها كالسرطان.
هذا، وينتهز نتنياهو الانقسام الفلسطينى لصالح حزب الليكود والمتطرفين الإسرائيليين، وساعد على ذلك الفلسطينيون من حماس بعد انقلابهم على السلطة الوطنية الفلسطينية فى رام الله، بالاستئثار بغزة.
وقد أدار الندوة السفير د./ عزت سعد مدير المجلس، حيث أعطى الكلمة إلى أول المتحدثين السفير/ حازم خيرت، عضو المجلس، حيث أشار فى سياق ورقته حول ” تقييم الموقف الإسرائيلى الحالى فى ضوء نتائج انتخابات الكنيست الأخيرة وانعكاساتها على السياسة الإسرائيلية تجاه عملية السلام” – إلى ما يلى بصفةٍ خاصة:
-
إن المشهد فيما بعد الانتخابات الإسرائيلية يتسم بقدر كبير من الغموض وعدم الوضوح. ولا تزال هناك مشكلة فى تشكيل الحكومة الإسرائيلية، وقد تستمر لعدة أشهر، ما يعنى أن الحكومة الحالية قد تظل فى موقعها كحكومة تصريف أعمال، وتبقى الحياة السياسية فى حالة شلل. فالحزبان الرئيسيان وهما الليكود وأزرق – أبيض لم يستطيعا تأمين 61 مقعداً فى الكنيست الإسرائيلى عن طريق التحالفات أو الائتلافات. فقط استطاع حزب الليكود الذى يتزعمه نتنياهو، والذى فاز وحده بـ 32 مقعداً فى الكنيست، تأمين 55 مقعداً بتحالفه مع الأحزاب اليمينة والدينية، فيما استطاع حزب أزرق- أبيض، الذى فاز بـ 33 مقعداً، الوصول مبدأياً إلى 44 مقعداً بالتحالف مع أحزاب الوسط واليسار، وبإضافة التوصية التى حصل عليها من القائمة المشتركة بإضافة 10 مقاعد – من إجمالى 13 مقعداً للقائمة – فيصل إلى 54 مقعداً. ويمكن القول بأن رمانة الميزان فى مسألة تشكيل الحكومة هو حزب إسرائيل بيتنا الذى يتزعمه أفيجدور ليبرمان، والذى حصل على 8 مقاعد، وإذا تحالف مع أىٍ من الحزبين الرئيسيين فسيتم تشكيل الحكومة، ولكن هذا لم يحدث حتى الآن.
-
وبالنسبة للسيناريوهات المحتملة فى هذا الصدد، فيمكن القول أن هناك أربعة احتمالات:
الأول: تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم حزبَى الليكود وأزرق – أبيض. وهذا السيناريو مستبعد تماماً لإصرار جانتس على استبعاد نتنياهو من المشهد السياسى الإسرائيلى كله، وليس فقط من رئاسة الليكود، بسبب تورطه فى قضايا فساد، وهذا لن يحدث؛ إذ إن نتنياهو قد نجح فى استصدار قرار من الليكود ينص على أنه هو المرشح الوحيد لقيادة الحزب طوال الولاية الثانية والعشرين للحكومة الإسرائيلية أى الولاية الحالية.
الثانى: تشكيل حكومة وحدة وطنية موسعة، تضم الليكود وأزرق- أبيض وإسرائيل بيتنا. وهذا السيناريو صعب جداً فى ظل المعطيات الحالية.
الثالث: تحالف أحد الحزبين مع حزب إسرائيل بيتنا، وهو أضعف سيناريو، فليبرمان معارض تماماً للأحزاب الدينية مثل حزب شاس، والتى استعان بها نتنياهو للحصول على أكبر قدر ممكن من أصوات المقاعد حتى ينجح فى تشكيل الحكومة. ومن ثم، فإن نتنياهو لن يستطيع التخلى عن هذه الأحزاب لأنه سيفقد حينذاك 17 مقعداً، وبالتالى فلن ينضم إليه ليبرمان. من جهةٍ أخرى، وبينما لن يكون تحالف ليبرمان مع جانتس مستحيلاً، إلا أنه سيكون صعباً، وجانتس بالمناسبة ليست لديه رغبة فى الأحزاب الدينية التى يعاديها ليبرمان.
الرابع: فشل المفاوضات لتشكيل حكومة ائتلافية وتكليف الكنيست بتعيين شخص لتشكيلها، وفى حال الفشل فيها أيضاً، فستشهد الساحة الإسرائيلية جولة انتخابية جديدة. وهو ما يرغب المجتمع الإسرائيلى فى تجنبه لتداعياته الاقتصادية السلبية، فضلاً عن انه سيزيد من حالة التشتت والانقسام.
-
خلال الفترة التى يتولى فيها جانتس مهمة تشكيل الحكومة والتى تبدأ من 24 أكتوبر 2019 ولمدة 28 يوماً، بعد فشل نتنياهو فى تشكيلها، ستشهد الساحة الإسرائيلية محاكمة نتنياهو فى القضية رقم 4000 المتهم فيها بالفساد والرشوة. ولا شك أن هذا التوقيت وهذه القضية مهمة جداً بالنسبة لجانتس لعله يفوز برهانه ويتمكن من تشكيل الحكومة فى إسرائيل.
-
فى تقدير البعض أنه فى حال تبرئة نتنياهو، وهذا ليس مستبعداً، لاسيَّما وأن نتنياهو قد استدعى عدداً من المحامين الأمريكيين الكبار لحضور أولى جلسات المحاكمة فى أوائل أكتوبر الماضى ونجحوا فى توجيه سير القضية لصالح نتنياهو – فى حالة تبرئته – فإنه سيسعى إلى إجراء انتخابات ثالثة، وأنه سيفوز فيها على الأرجح، وسينجح فى استعادة الأصوات التى خسرها من قبل، والتى لم تصوِّت له فى السابق لاتهامات الفساد المزعومة الموجهة إليه.
-
تجدر الإشارة إلى أن الانتخابات الأخيرة قد شهدت إقبالاً شديداً من عرب 48 الذين دعموا القائمة المشتركة التى تدعم مصالحهم، والتى نجحت فى الحصول على 13 مقعداً. ولقد حازت القائمة المشتركة المرتبة الثالثة فى الكنيست بعد أزرق – أبيض والليكود، ما يعنى أنها ستكون كياناً مؤثراً فى السياسة الإسرائيلية فى المراحل المقبلة، ولكنها أعلنت أنها لن تدخل فى أى تحالفات مع أى حزب أو أى تحالف فيه ليبرمان الذى أعلن أنه لا يمكنه الجلوس مع حكومة وحدة وطنية موسعة تدخل فيها أصوات عربية. ويُعتَقَد فى هذا السياق، أنه إذا تمت تبرئة نتنياهو فإنه سيقوم بإثارة المخاوف فى الداخل الإسرائيلى تجاه القائمة المشتركة وداعميها العرب بدعوى خطورتهم على الأمن القومى الإسرائيلى.
-
وخلُص السفير خيرت إلى القول بأن إسرائيل لا تأخذ عملية السلام على محمل الجد، ولديها أولويات أخرى، وهذا بالنسبة لكلٍ من نتنياهو وجانتس على السواء، بل وغيرهما، وبالتالى فالحديث عن عملية سلام فى ظل المعطيات الحالية لا يعطى أى بارقة أمل لتحريكها بشكل جدى، وخاصةً فى ظل عدم الإفراج عن صفقة القرن التى طال انتظارها؛ فإسرائيل تريد إنهاء حالة الصراع إلى الأبد والتعاون مع الدول العربية الفاعلة، خاصة الدول الخليجية، بدون تنازلات جوهرية؛ فهى ترغب فى القدس الشرقية والجولان، وتطمح إلى ضم مناطق المستوطنات الرئيسية بالضفة الغربية، على أنه ستترك بعض مناطق الضفة وتقوم بتفكيك المستوطنات التى تراها غير شرعية، مع الإقرار بمبدأ تبادل الأراضى بمساحات من النقب مقابل أراضى المستوطنات الإسرائيلية، هذا كله مع ضمان الأمن الذى يقع بصورة حصرية فى يد إسرائيل وحدها.
من جانبه، عرض السفير د./ حازم أبو شنب، عضو المجلس الثورى لحركة فتح – وثانى المتحدثين فى لندوة – مضمون ورقته حول “الموقف الفلسطينى… إلى أين فى ظل المتغيرات الإقليمية والدولية“، مشيراً فى ذلك إلى ما يلى:
-
لقد فُرِض على الموقف الفلسطينى أن يكون واضحاً بفعل المعطيات المطروحة على الساحة السياسية، لاسيَّما عدم ذكر عملية السلام على برامج قوائم الانتخابات الإسرائيلية، سواء تلك التى أُجرِيَت فى أبريل أو سبتمبر من العام الجارى. وبالتالى، بدا أنه لا يوجد شريك واضح فى إسرائيل يمكن الحديث معه حول قضية استئناف المفاوضات. حتى وإنْ ظهر هذا الشريك، فلن يجرؤ على اتخاذ خطوات تنفيذية فى هذا الصدد. ومن ثَمَّ، لا توجد عملية سياسية يمكن أن تجمع الطرفين معاً.
-
إن إسرائيل تهدد الأمن القومى العربى، ولكن لا يوجد تعريف أو محددات عربية لهذا المصطلح الفضفاض؛ إذ قد تغلِّب بعض الدول العربية أطرافاً أجنبية أخرى – غير إسرائيل – على أنها تمثل المصدر الأول للأمن القومى العربى، كتركيا وإيران. وبالتالى تشتت الموقف العربى وانقسمت جهود الدول العربية، وتراجعت القضية الفلسطينية لتشغل مكانة متأخرة على قائمة أولويات القضايا العربية. ومن ثَمَّ، هناك حاجة لإعادة تنشيط الكتلة العربية لاتخاذ موقف حاسم تجاه العدو الصهيونى.
-
لا يوجد راعى دولى يتولى عملية السلام إذا استؤنِفَت؛ وكما عرف الفلسطينيون أن نتنياهو – منذ اللحظة الأولى لتوليه رئاسة الحكومة الإسرائيلية – لا ولن يكون شريكاً يُعتَد به فى عملية السلام، فإن ذات الأمر ينطبق على ترامب الذى يحمل أيديولوجية معينة ومبرمج لتطبيقها لانخراطه بالجانب المتطرف فى إسرائيل وقاعدته الانتخابية اليمينية فى الولايات المتحدة؛ فالإدارة الأمريكية موقفها واضح، وتتبنى وجهة نظر المتطرفين فى دولة الاحتلال. من جهةٍ أخرى، فإن باقى الأطراف الدولية مشغولة بقضاياها الخاصة، وبالتالى لا توجد حاضنة دولية يمكن أن يعوَّل عليها فى استئناف علمية السلام فى المستقبل القريب.
-
من جهةٍ أخرى، ليست هناك قدرة على الاحتماء بموقف عربى أو حتى إسلامى نظراً للأوضاع العربية المتدهورة الجارية. وبالتالى، ليس أمام الفلسطينيين سوى الالتفات إلى الداخل واستعمال النهج البراجماتى المحض. وقد يظن البعض أن هذا الالتفات يعنى المصالحة مع حركة حماس، وهذا خطأ؛ إذ إن حماس لا زالت جزءاً من جماعة الإخوان ولن تغادرها، وإنما يعنى ذلك محاولة إصلاح العلاقة مع المجتمع الفلسطينى اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً، وهذه المهمة بالمناسبة هى المنوط بالحكومة الفلسطينية التى تم تشكيلها منذ عدة أشهر العمل عليها.
-
فى سياقٍ متصل، تنطوى هذه المهمة أيضاً على محاولة تعزيز العلاقة وتعظيم حجم التنسيق مع فلسطينيى 48 و67، لاسيَّما وأن الكتلة الفلسطينية العربية الموجودة فى الداخل الإسرائيلى قد نجحت فى التأثير على النظام السياسى هناك، بل واستطاعت إحراز نجاح متميز فى العملية الانتخابية الأخيرة. من جهةٍ أخرى، وعلى المستوى الدولى، يتعيَّن على الجانب الفلسطينى فى هذه الفترة الحرجة التنسيق مع مصر والأردن والسعودية كدول ذات خصوصية محددة فى معالجة القضية الفلسطينية، على أن يتم مثل هذا التنسيق مع دولة مثل اليابان فى وقتٍ لاحق.
فى تناوله لمحور “حدود الموقف العربى وفرص دفع عملية السلام“، أشار السفير د./ محمد بدر الدين زايد، عضو المجلس، إلى ما يلى:
-
هناك أزمة هيكلية فى النظام السياسى الإسرائيلى الحالى، وبالفعل لا يوجد هناك شريك واضح فى عملية السلام. وفى سياق الحديث عن حدود الموقف العربى، لا بد من الإشارة إلى نقطتين هما: صفقة القرن، ومَن هو العدو الاستراتيجى الأول للعرب؛ هل هو إسرائيل أم تركيا وإيران؟
-
بالنسبة لقضية صفقة القرن، هل هناك استعداد حقيقى لتجاوب عربى مع تنازلات جوهرية فى القضية الفلسطينية؟ فى الواقع لا؛ إن موقف مصر واضح، وكذلك موقف السعودية – بحكم تركيبة النظام هناك – التى لن تتنازل عن القدس. أمَّا باقى المشهد العربى، فلا يزال كما هو، رافضاً لأى تنازلات؛ ومن ذلك على سبيل المثال تصريحات الرئيس التونسى الجديد ومظاهرات الجزائر وحمل الأعلام الفلسطينية فى لبنان.
-
بالطبع هناك علاقات تجمع بعض الدول الخليجية – ليس من بينها الكويت والسعودية – مع إسرائيل أكثر من الفلسطينيين أنفسهم، ولكن لا ينبغى المبالغة فى هذه العلاقات والاتصالات لأنها جزء من الحرب النفسية الإسرائيلية، ولا يمكن تصور حدوث تنازلات عربية فى القضية الفلسطينية. وعموماً ما دامت السعودية لا تتقدم خطوة أكثر فى هذا الملف، فلن تقوم الدويلات الخليجية الصغيرة باتخاذ خطوات أخرى، ولن تذهب إلى أبعد من ذلك فى علاقاتها مع إسرائيل.
-
بالنسبة لتحديد العدو الاستراتيجى الأول، فلا بد من القول بأن إسرائيل لا زالت هى العدو الأول رغم كثرة التهديدات الآتية من قِبَل تركيا وإيران؛ فإسرائيل عدو رئيس منذ قيامها منذ ما يزيد عن 70 عاماً، ويجب مواجهتها بكل ما أمكن من وسائل. وفى هذا السياق، لابد من التمسك بالحد الأدنى – على الأقل – من ثوابت الموقف العربى بشأن القضية الفلسطينية.
-
إن الأوضاع الدولية تشهد تغيراً سريعاً، ويجب على العرب الاستعداد لعالم ما بعد الولايات المتحدة الأمريكية، الحليف الوثيق لإسرائيل. ويتعين على الدول العربية دعم عرب 48 لأنهم أهم أداة وأكثرهم قوة للتأثير على الجانب الإسرائيلى فى الفترة المقبلة. فى سياقٍ متصل، يجب على الأزهر الشريف القيام بدوره فى هذا الصدد لتأكيد ثوابت عرب 48، وهذا فى حد ذاته أفضل من تقديم أى تنازلات للجانب الإسرائيلى.
تحدث السفير د./ عزت سعد – المتحدث الرابع – عن “مواقف القوى الكبرى الأخرى (روسيا – الصين – الاتحاد الأوروبى) تجاه عملية السلام فى المرحلة القادمة“، حيث أشار إلى الآتى بصفةٍ خاصة:
-
من المعروف أن كلاً من روسيا والصين يعترفان بالدولة الفلسطينية على حدود 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. ورغم تصويت الاتحاد السوفيتى السابق لصالح قيام دولة إسرائيل، إلا أن الكرملين سرعان ما قطع علاقاته بإسرائيل بعد وقوفها مع المعسكر الغربى، ولم تستعد روسيا علاقاتها الدبلوماسية إلا عام 1991.
-
وعادة ما تؤيد الدولتان الموقف العربى سواء فى الجمعية العامة أو مجلس الأمن، وآخرها قرار إدارة ترامب فى ديسمبر 2017 بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس والاعتراف بها عاصمة لإسرائيل. إذ إنه إزاء فشل مجلس الأمن فى إصدار قرار فى هذا الشأن (بعد تصويت 14 دولة ضد قرار ترامب واستخدام واشنطن الفيتو، تم اللجوء إلى الجمعية العامة التى أصدرت القرار رقم 22L/10- E S فى جلسة استثنائية طارئة خلال دورتها الثانية والسبعين فى 21 ديسمبر 2017. ورغم اعتراض الولايات المتحدة وإسرائيل، إلا أنه تم إقراره بأغلبية 128 صوتاً مقابل 9 وغياب 21 عن التصويت وامتناع 35 عضواً، ولم يمتنع عن التصويت سوى كرواتيا والتشيك والمجر ولاتفيا وبولندا ورومانيا، رغم زيارة نتنياهو لبروكسل قبل أسبوع واحد من التصويت. وعموماً لم تقم أى دولة أوروبية بنقل سفارتها للقدس. حيث أكد القرار أن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل “باطل ولاغ ” ومخالف لقرارات الشرعية الدولية ومجلس الأمن بشأن القدس، التى تصف القدس بأنها ذات وضع خاص، وقد وقع ترامب قراراً فى 25 مارس 2019، بعد زيارة نتنياهو إلى واشنطن، يعترف بهضبة الجولان السورية المحتلة جزءاً من إسرائيل، وهو ما يعنى اعترافه بقانون إسرائيل حول الجولان الصادر عام 1981، المرفوض دولياً – والذى يقضى بضم هضبة الجولان السورية إلى أراضيها.
-
فى أعقاب الاستهجان الأوروبى للقرار الأمريكى، زار الرئيس محمود عباس بروكسل فى 22 يناير 2018 داعياً الدول إلى الاعتراف بدولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية، مؤكداً على أن “أوروبا شريك حقيقى للسلام فى المنطقة”. وفيما بعد، عُقِد اجتماع اللجنة التنسيقية للدول المانحة فى بروكسل على مستوى وزراء الخارجية (حضر وزراء خارجية مصر والأردن والمغرب) فى ضوء الأزمة الخانقة نتيجة للتراجع الحاد فى الدعم الخارجى للسلطة الوطنية الفلسطينية.
-
والحقيقة أن الاتحاد الأوروبى – سواء على لسان توسك أو موغيرينى –أكد التزامه الصارم بحل الدولتين، وأن موقف الاتحاد الأوروبى من القدس لم يتغير. وفى الواقع العملى، لم تؤثر تجارة إسرائيل وعلاقاتها الاقتصادية بدول الاتحاد السوفيتى التى تزايدت فيها المشاعر المعادية للسامية ولإسرائيل بسبب ممارساتها العنصرية.
-
هناك اهتمام روسى بعملية السلام الإسرائيلية / الفلسطينية، وهنا لابد من الإشارة إلى انفتاح موسكو على كل الأطراف، بما فيها حماس المُرحَّب بقياداتها دائماً فى موسكو. وعادة ما يتحدث الرئيس بوتين عن “تسوية عادلة ونهائية للصراع”. وأيضاً يُلاحَظ بدايات اهتمام صينى بهذه العملية. لكن عادة ما يكون التدخل الروسى هامشياً أو احتياطياً عندما يكون الخط الإسرائيلى / الأمريكى معقد، على غرار انهيار محادثات كامب دافيد (2) فى يوليو 2000، وذلك فى سياق تقديم روسيا كبلد سيحقق نجاحاً حيث فشلت واشنطن.
-
فى كل الأحوال لا روسيا ولا الصين ولا الاتحاد الأوروبى، مرشح للحلول محل الولايات المتحدة أياً كانت أوارق كل من الأطراف الثلاثة ارتباطاً بإسرائيل أو حتى بالجانب العربى. وفضلاً عن ذلك، من غير المتصور أصلاً أن تقوم النخبة السياسية فى إسرائيل بالذهاب إلى حد تخفيض علاقاتها بواشنطن. وفى هذا السياق، كثيراً ما تؤكد عناصر هذه النخبة ذلك، وعلى رأسها نتنياهو الذى ذكر خلال وجوده فى موسكو فى يونيو 2016، أنه لا يوجد بديل للولايات المتحدة (و) لست أبحث عن أى بديل، ولكن سياستى تقتضى البحث عن شراكات أخرى مع القوى الكبرى مثل روسيا والصين والهند وبلدان أخرى.
-
كما أن لإسرائيل أسباباً لعدم الثقة فى روسيا بصفة خاصة، حيث تطرح العلاقات التى تربط موسكو وطهران مشاكل. ويعتقد البعض أن تدخل بوتين فى سوريا هو لتعزيز ودعم الشيعة فى الشرق الأوسط، وهو تقييم غير دقيق.
-
ومع ذلك، هل يعنى ما تقدم أن تتجاهل الدبلوماسية العربية، فى إطار مساعيها لحلحلة الأزمة، كل هذه الأطراف لمجرد أن تأثيرها على إسرائيل غير حاسم؟ الاجابة بالقطع هى بالنفى؛ إذ إن لدى كل هذه الدول أدوات ضغط يمكن أن تساهم بها فى إقناع الجانب الإسرائيلى بجدوى عملية السلام ومصلحة إسرائيل المؤكدة فى قيام دولة فلسطينية كعامل استقرار للمنطقة كلها.
-
والخلاصة هى أنه لا ينبغى التعويل على مواقف الأطراف الأخرى، بما فيها حتى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يجب أن تكون نقطة الانطلاق هى الموقف الفلسطينى (حتمية المصالحة) ومعه الموقف العربى، خاصة وأن لدى العرب أوراق كثيرة سواء فى العلاقة مع الولايات المتحدة أو إسرائيل تمكنهم من تحريك المياه الراكدة، لو أحسنوا استخدامها. عندئذ يمكننا مطالبة القوى الكبرى خاصة تلك التى لديها علاقات متطورة بإسرائيل، مثل روسيا والصين والاتحاد الأوروبى، أن تقوم بالضغط على إسرائيل من أجل عملية السلام.
من جانبه، عرض اللواء د./ محمد إبراهيم الدويرى، عضو المجلس، مضمون ورقته حول “صفقة القرن وتأثيراتها بين التأجيل والطرح“، مشيراً فى ذلك إلى ما يلى:
-
يمكن إجمال الموقف الحالى فى الآتى: توقف كامل فى المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية منذ 5 سنوات؛ طوال هذه السنوات توجد حكومة إسرائيلية متطرفة أسقطت أولوية حل الدولتين؛ هناك مبادرة عربية للسلام مجمدة تماماً؛ يتسم الموقف الأمريكى بأكبر قدر ممكن من التحيز والتأييد لإسرائيل؛ رغم إيجابية التحرك الفلسطينى على المستوى الدولى إلى حدٍ كبير، إلا أنه لم يحدث شىء على أرض الواقع؛ وأخيراً معضلة استمرار الانقسام الفلسطينى – الفلسطينى.
-
إن صفقة القرن لم تُطرَح رسمياً حتى الآن، وكل ما طُرِح منها فى مؤتمر المنامة فى 25 و26 يونيو الماضى هو شق اقتصادى فقط. ولقد بدأ الإعلان عن هذه الصفقة بعيد تولى الإدارة الأمريكية الحالية فى يناير 2017، وشارك ثلاثة ممَّن درسوا فى مدارس كاثوليكية تلمودية فى صياغتها، وأُدخِل عليها تعديلات طفيفة دون إعلان ذلك. وتتمثل أهداف الصفقة فى: 1- حل القضية الفلسطينية حلاً كاملاً ونهائياً باعتبارها أزمة القرن الحادى والعشرين، 2- إدماج إسرائيل فى المنظومة العربية أو الإقليمية سياسياً واقتصادياً وثقافياً، 3- محاصرة النفوذ الإيرانى.
-
هذا، وتقوم الصفقة على عدة أطر ومبادىء أساسية، منها: 1- حل سياسى لا يرقى إلى ما يطالب به العرب (أى أقل من دولة وأكثر من حكم ذاتى)، 2- فرض سياسة الأمر الواقع والاستمرار فى بناء المستوطنات، 3- أولوية الأمن الإسرائيلى على ما عداه، والذى يتم على ضوئه صياغة شكل وكيان الدولة الفلسطينية المزمعة، 4- لا قدسية لقضايا القدس واللاجئين، 5- إجبار الفلسطينيين على الانصياع للصفقة دون تقديم أى تنازلات من الجانب الإسرائيلى، 6- أسبقية السلام الاقتصادى على السلام السياسى، وقد اتضح ذلك جلياً فى مؤتمر المنامة المشار إليه أعلاه.
-
فيما يتعلق بمواقف الأطراف من الصفقة، فإن الفلسطينيين رفضوها قبل أن تُطرَح، واتهموا الولايات المتحدة بعدم النزاهة. من جهةٍ أخرى، فإن نتنياهو لم يبدِ رأيه الواضح حولها. أمَّا الموقف العربى فلم يكن محدداً لأن الصفقة فى الواقع لم تُطرَح، ولكن لم يمنع ذلك جامعة الدول العربية من إصدار بيان تعلن فيه رفضها لأية صفقة لا تلبى تطلعات الشعب الفلسطينى. وتجدر الإشارة هنا إلى أنه إنْ كانت بعض الدول العربية قد شاركت فى مؤتمر المنامة، فإنه كان بمثابة نوع من المرونة التكتيكية للتعرف على جوانب الصفقة قدر الإمكان، وكان التمثيل العربى فيه دون القمة.
-
تتمثل التحديات القائمة أمام الصفقة المزمع الإعلان عنها فى الآتى: 1- الموقف الفلسطينى الرافض لها بصورة كاملة، وكذا الموقف العربى الرافض لأية صفقة لا تلبى رغبات الشعب الفلسطينى، 2- قد يؤدى الأمر فى لحظةٍ ما إلى اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة، 3- عدم قدرة الولايات المتحدة على التمويل الكامل للسلام الاقتصادى الذى تحتمله الصفقة، 4- قد تؤدى الصفقة إلى عدم إعادة انتخاب ترامب لولاية ثانية.
-
فيما يتعلق بتنفيذ الصفقة، فمن المرجح أنها ستُنفذ على مراحل، بدأت المرحلة الأولى منها فعلياً بمؤتمر المنامة الاقتصادى، والتى استهدفت طرح عدة مشروعات اقتصادية لجذب الدول العربية المعنية بهذا الملف الشائك لتحقيق مهادنة الجانب الإسرائيلى وتحقيق رغباته، ولكنه باء بالفشل.
-
بالنسبة للصفقة وعلاقتها بمصر، وتحديداً سيناء؛ فقد أكَّدت القيادة المصرية جوهرية القضية الفلسطينية والقدس وحل الدولتين. وفضلاً عن ذلك، تشهد سيناء الآن مرحلة تنموية فى كافة المجالات، وإذا أراد صائغو الصفقة إقامة مشروعات تنموية بها، فذلك متاح لهم بشرط ألاّ تؤثر على الأمن القومى المصرى وأن تُقَام وفق دراسات جدوى وألاَ تمس القضايا الجوهرية للملف الفلسطينى، أى أن تكون هذه المشروعات بعيدة كلياً عن القضية الفلسطينية، وأن يتم التعامل معها فى إطار اقتصادى بحت.
-
إن صفقة القرن لا تعدو أن تكون خطة سلام أمريكية قابلة للرد والتعديل والرفض والتحفظ؛ إذ قد تُفرَض علينا حرب ولكن لا يمكن أن تُفرَض علينا خطة سلام.
-
من جهةٍ أخرى، كيف نرفض صفقة لم تُطرَح بعد؟ والأهم من ذلك هو أنه فى حال طرحها، فإن على العرب التعامل مع الصفقة كجبهة واحدة لها موقف موحد.
-
من المحتمل أن يتم طرح الصفقة المزعومة بعد تشكيل الحكومة الإسرائيلية لأنها بمثابة رهان للإدارة الأمريكية الحالية.
-
من المفيد، بل من الضرورى فى هذا السياق، إعادة إحياء المبادرة العربية للسلام كونها تمثل الحد الأدنى المتاح لما تم الاتفاق عليه فى السابق. وفى حالة مواجهة الطرف العربى بصفقة أمريكية لا تلبى رغبات الشعب الفلسطينى، يعلن دعمه وتمسكه بالمبادرة العربية على أنها الحل الأمثل للصراع العربى – الإسرائيلى.
المناقشة:
السفير د./ رخا حسن:
-
أشار إلى أنه دائماً ما ينشغل الجانب العربى بقضية التغيرات السياسية الداخلية فى إسرائيل، وإن ذلك لا يعدو أن يكون مضيعة للوقت، وأن ما يجب أن ينشغل به العرب هو كيفية الدفاع عن قضيتهم والقضايا الجوهرية الثابتة فيها لاسترداد الحقوق الفلسطينية والعربية.
السفير/ نعمان جلال:
-
أشار إلى أن إسرائيل تربطها علاقات قوية جداً بروسيا والصين، ومن غير المتوقع أن تتخذ هاتان الدولتان موقفاً مغايراً لما هو عليه الوضع الآن فى حال تراجع الدور العالمى للولايات المتحدة، وبالتالى يجب العمل على تقوية الموقف العربى، بما فى ذلك الفلسطينى، من الداخل، لأجل تحقيق ثقل يمكننا من حل هذه المعضلة.
د./ نعيمة أبو مصطفى:
-
ذكرت د. نعيمة أبو مصطفى عضو منتدى مصر لدراسة إسرائيل أن صفقة القرن فى الواقع قد بدأ تنفيذها منذ عدة أشهر؛ من خلال الاعتراف الأمريكى بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية إليها من تل أبيب، وإطلاق مشروع “نيوم” السعودى قبل مؤتمر المنامة. وأضافت أن فقدان الأمل فى حركة حماس لانتمائها لجماعة الإخوان أمر غير مفهوم، فالتيارات الإسلامية فى أى دولة تسهم فى تشكيلها مكونات هذه الدولة على نحوٍ خاص، حيث يأخذ كل تيار طبيعة المجتمع الذى نشأ فيه، ولا يجب التعميم بأنها هدَّامة وضد العروبة. وعلى هذا، من المفيد العمل على إدماج حماس لتوحيد الصف الفلسطينى الداخلى. هذا، ومن النقاط الشائكة فى نظرتنا للمشهد السياسى الإقليمى السؤال التالى؛ هل يمكن لفلسطين التعاون مع إيران بحكم عداوتها لإسرائيل؟
السفير/ عبد الرحمن صلاح:
-
أشار إلى أن الطريقة المثلى للتأثير فى المعادلة السياسية هى التأثير فى إسرائيل، كما فعل الرئيس السادات من قبل، والعمل على دعم عرب 48. ومن الوسائل الأخرى المتاحة هو التواصل مع الجنرالات السابقين فى إسرائيل، والحديث معهم حول رؤيتهم بشأن أمن إسرائيل وعملية السلام. من جملة السيناريوهات البديلة لحل قضية الصراع هو حل الدولة الواحدة، ورغم أنه يقضى على هوية الدولة اليهودية، إلا أنه يحتاج إلى إضافات وتعديلات، فما المدى المتاح الذى يمكن إضفاء هذه التعديلات عليه؟ كل هذه الأمور يجب التشاور بشأنها مع الجنرالات الإسرائيليين لأنه لا يوجد إجماع بينهم مع نتنياهو بصددها. وإجمالاً، يجب العمل على تحريك مواقف الأطراف الإسرائيلية الداخلية، ويمكن للمجلس المصرى للشئون الخارجية القيام بالكثير فى هذا الأمر، من قبيل استضافة مثل هذه الشخصيات والتشاور معها… إلخ.
أ./ عبد المهدى مطاوع:
-
أكَّد أن عملية السلام لم تُذكَر مطلقاً فى البرامج الانتخابية الإسرائيلية الأخيرة، سواء فى أبريل أو سبتمبر 2019، وأشار إلى أنه تم إدخال تعديلات على صفقة القرن بشكل سرى، وأن استقالة جرينبلات جاءت على خلفية تضليله بما تنطوى عليه الصفقة. إن ترامب مختلف تماماً عن أوباما فيما يتعلق بالتعامل مع الملف الفلسطينى – الإسرائيلى؛ إذ بدأ ترامب فى ولايته الأولى التدخل الفورى فى هذا الملف، مبدياً انحيازاً غريباً للجانب الإسرائيلى. من جهةٍ أخرى، أطلق سيادته التساؤل التالى: لمَ لا تتخذ الدول العربية، وليست الجامعة العربية، مبادرة لحل القضية الفلسطينية وتواجه بها إسرائيل والولايات المتحدة، ولا تتنازل عنها؟
السفير/ يوسف الشرقاوى:
-
أشار إلى أنه يجب التحرك بشكل عملى وواقعى عن طريق جامعة الدول العربية، وأنه رغم وجود بعض السلبيات التى تعتريها، إلا أنها الحاضنة للمبادرة العربية للسلام، وأن هذه المبادرة تمثل الحد الأدنى الممكن الذى تتفق عليه الدول العربية فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية. من جهةٍ أخرى، لا بد من فتح قنوات اتصال مع دول الجوار العربى والإقليمى، مثل تركيا وإيران وإثيوبيا، لأجل القضاء على أو التخفيف من الضغط الذى تمثله هذه الدول على المنطقة العربية، بما يساعد على تركيز الانتباه إلى القضية الفلسطينية وإيلائها الأولوية فى القضايا العربية.
هذا، وقد أشار بعض الحضور إلى أن الولايات المتحدة لن تحمِّل نفسها أى أعباء مادية أو مالية لتنفيذ صفقة القرن، وحذروا من مغبة الوقوع فى الفخ الأمريكى الذى يلقى بتبعات هذه الأعباء على عاتق الدول العربية. كما أكَّدوا على أنه لا ينبغى الانتظار حتى تأتى حلول من الخارج، وإنما يجب العمل فوراً على تفعيل دور جامعة الدول العربية ومناقشة الملامح المعلنة من الصفقة المزعومة وعرض بدائل لها، إلى جانب ضرورة معالجة الانقسام الفلسطينى والعربى، والعمل بدلاً من ذلك على تعزيز العلاقات على نحوٍ سليم.
وبالإضافة إلى ما سبق، أثار البعض التساؤلات التالية: كيف يمكن رؤية ما يحدث فى سوريا ولبنان باعتبارهما من دول المواجهة؟ وما هو الأثر المحتمل لذلك على عملية السلام؟ وكيف يمكن إدخال عرب 48 فى المعادلة السياسية بين الطرفين الإسرائيلى والفلسطينى؟
هذا، وفى سياق الرد على ما أُثِير من تساؤلات وملاحظات، خلص اللواء د./ محمد إبراهيم الدويرى إلى القول بأنه يجب التعجيل بالتنسيق مع عرب 48 لدورهم المؤثر فى الداخل الإسرائيلى، وذكر أنه يرفض فكرة تعديل مبادرة السلام العربية لأنها قد تفضى إلى خلافات نحن فى غنى عنها، ولكن بدلاً من ذلك الاكتفاء بطرحها والتمسك بها، والعمل على وضع آليات واقعية لتنفيذها والترويج لها. وفيما يتعلق بمسألة التشاور مع الجنرالات الإسرائيليين السابقين، ذكر سيادته أنه قد تمَّت دعوة الجنرالات الذين صاغوا اتفاقات أوسلو، ولكن تبيَّن أن السياسة الإسرائيلية تميل نحو اليمين المتطرف، والذى وصل فى الوقت الحالى إلى أوجه. وبالنسبة لسيناء، أشار سيادته إلى أن مصر لن تقدم أية تنازلات فى سيناء من شأنها التأثير على سيادة مصر عليها أو على أمنها القومى، وإنما يمكن التعامل مع المشروعات الاقتصادية المقدمة بجدية وفق دراسات جدوى.
-
من جانبه، أكَّد السفير/ حازم خيرت ضرورة اختراق الجبهة الداخلية الإسرائيلية كما فعلت زيارة الرئيس السادات من قبل، وتقديم الدعم اللازم لعرب 48 الصامدين، ودعا إلى ضرورة التفرقة بين التطبيع الذى يصب فى صالح إسرائيل برمته والتطبيع لأجل تحقيق المصالح العربية، كما أكَّد أن العدو الحقيقى والرئيسى هو إسرائيل، وليست تركيا وإيران، ولا بد من التعامل معه على أنه أمر واقع.
-
هذا، وأشار السفير د./ محمد بدر الدين زايد إلى النقاط التالية:
-
إن النخبة المصرية هى النخبة العربية الوحيدة التى تعتبر إسرائيل عدو استراتيجى.
-
لن تستطيع الولايات المتحدة فرض تسوية فى أزمة مفتوحة، وخير دليل على ذلك ما حدث فى أفغانستان.
-
قد يتم تأجيل الإعلان عن صفقة القرن إلى ما بعد الانتخابات الأمريكية، وذلك على المدى المنظور.
-
إن توقف المفاوضات بين الجانبين الإسرائيلى والفلسطينى لا يعنى بالضرورة إلحاق الضرر بالموقف الفلسطينى، ما دام ليس هناك عدم تجاوز حاد من الجانب الإسرائيلى.
-
إن أى تفاوض يجب أن تكون له أدوات، فما هى الأدوات المتاحة فى أيدى الجانب العربى؟ رغم صعوبة الرد على هذا التساؤل إلا أن هناك عدة أدوات يمكن الاعتماد عليها فى الوقت الحالى، منها: التكثيف الشديد لدعم الموقف الفلسطينى على وسائل التواصل الاجتماعى، والاهتمام الشديد بعرب 48 ومراعاة دورهم فى إحداث التوازن الديموجرافى المقبل فى إسرائيل، إمكانية إطلاق انتفاضة مدعومة عربياً، هذا إلى جانب التواصل – كلما أمكن – بالجنرالات السابقين ومحاولة استشفاف التوجهات الإسرائيلية المستقبلية.
-
من جانبه، أشار السفير د./ حازم أبو شنب إلى ما يلى:
-
لا يجب إعطاء أى إشارة أو لمحة للتطبيع فى الوقت الحالى مع الجانب الإسرائيلى، لأن الأوضاع متداخلة وملتبسة إلى أقصى حد.
-
لم يعد هناك يسار فى إسرائيل، وذلك منذ عهد رئيس الوزراء الأسبق إيريل شارون.
-
لا يجب طرح مبادرة أخرى عربية، ويجب الإصرار، بدلاً من ذلك، على مبادرة السلام العربية باعتبارها الحد الأدنى الذى يتوافق عليه العرب.
-
لا بد من تعيين تعريف محدد وواضح للأمن القومى العربى.
-
لا بد من تقوية النظام الفلسطينى وليس مقاطعته أو الضغط عليه، إلى جانب ضرورة إنهاء الانقلاب الذى أحدثته حماس.
-
من الواجب على الجانب العربى فى الوقت الحالى القول بالقدس عاصمة لفلسطين.
-
بالنسبة لمواقع التواصل الاجتماعى ودورها فى هذا الملف، فإنها موجَّهة وتعمل بنظام خلايا الذباب، وتسيطر عليها الوكالات الاستخباراتية الأمريكية.