لقاء المجلس مع مدير مشروع عملية السلام في الشرق الأوسط بمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى
يناير 14, 2020المؤتمر السنوي للمجلس المصري للشئون الخارجية 2019 “أمن الشرق الأوسط… الفرص والتحديات”
يناير 15, 2020
بتاريخ 15 يناير 2020، استضاف المجلس السيد وزير الخارجية والتعاون الدولي الليبي السابق/ محمد الدايري، للتحدث عن تطورات الأزمة الليبية، وقد افتتحها السفير/ د.منير زهران، رئيس المجلس، وشارك فيها عدد من أعضاء المجلس.
أكد الوزير الليبي السابق في بداية حديثه على العلاقات التاريخية الوطيدة بين ليبيا ومصر، وعلى أواصر الصداقة والأخوة الكبيرة للغاية بين شعبي البلدين. وفى معرض حديثه عن الأزمة الليبية، ذكر أنها قضية معقدة للغاية، نظراً لانخراط العديد من القوى الإقليمية والدولية ذات المصالح المختلفة فيها، ناهيك عن النزاعات البينية بين الفرقاء الليبيين أنفسهم. وتطرق الحديث إلى استعراض المشاهد المختلفة الجارية في ليبيا بدءاً بالمشهد الأمني ثم السياسي فالاقتصادي فالدولي، وذلك على النحو التالي:
أولاً: المشهد الأمنى:
بداية، أشار السيد الدايري إلى أن لكلٍ من قطر وتركيا اليد الطولى فيما يحدث فى ليبيا، وأنهما استخدمتا الأراضي الليبية في تدريب عناصر المرتزقة لتحقيق مآرب خاصة فى عددٍ من دول المنطقة، وأن جذور المعضلة الأمنية في ليبيا تعود إلى سبتمبر 2011، حينما استضافت باريس اجتماع “أصدقاء ليبيا”، والذى ذكر فيه ممثل قطر أنه “لا رجوع لجيش القذافي”، وكان ذلك حق أُرِيد به باطل؛ إذ إن الجيش الليبي لا يخص شخص بعينه، لا القذافي الراحل ولا غيره. وبالتالي كان البديل لذلك هو دعم قطر للتشكيلات العسكرية المسلحة، والتي طالب مسئولو الدوحة بعدم حلها فى أكثر من مناسبة.
وأضاف أن هذه التشكيلات تشمل كلاً من: أولاً: العناصر الإرهابية التي كانت موجودة في أفغانستان، والتي قامت باغتيال اللواء عبد الفتاح يونس في يوليو 2011، والتي تشمل في طياتها جماعة أنصار الشريعة التى هاجمت القنصلية الأمريكية في بنغازى وقتلت السفير الأمريكي لدى ليبيا، والمصنفة إرهابية من قبل مجلس الأمن منذ نوفمبر 2014، وكذا الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة التى كانت قد خرجت من عباءة بن لادن فى عام 2008، والمصنفة كجماعة إرهابية من جانب المجلس، وكذا الولايات المتحدة وبريطانيا، إلا أن واشنطن رفعت تلك الصفة عنها في 9 ديسمبر 2017، تلتها لندن في عام 2019، إلا أن مجلس الأمن والليبيين لا زالوا يعتبرونها جماعة إرهابية إلى اليوم.
ثانياً: تشمل التشكيلات المسلحة مجموعات إجرامية بحتة، ساعدت في تشكيلها العناصر الإجرامية التي أطلقها القذافي في فبراير 2011، والتي قامت فيما بين عامَي 2012 و2014 بعمليات ممنهجة فى اغتيال ما يقرب من 600 فرداً من الضباط وضباط الصف والجنود فى مدينة بنغازي. تلك العمليات التي أدت فى نهاية المطاف إلى اختيار شعبي للمشير خليفة حفتر ليكون بمثابة حائط الصد أمام هذه الجماعات الإجرامية والتخريبية، فقام بعملية الكرامة فى منتصف مايو 2014، فقط بـ 300 ضابطاً وجندياً. وبفضل هذه العملية تم استئصال شأفة داعش من درنة وبنغازي فى شرق ليبيا، ثم كان السعي لتطهير جنوب ليبيا وغربها من سموم المتطرفين والتخريبيين. ونظراً لجهوده تلك، نال حفتر دعم مصر والإمارات.
من جهةٍ أخرى، قام ائتلاف فجر ليبيا الذى تهيمن عليه جماعة الإخوان المسلمين، وبعد فشله الذريع فى الانتخابات الليبية التى أجريت فى 25 يونيو 2014، بعملية المطار التي تحولت لاحتلال غرب ليبيا، والتي كانت بمثابة انقلاب فى طرابلس، لينشئ فى سبتمبر 2014 “حكومة الإنقاذ الوطني”، لتصبح موازية وافتئاتية على الكيان الليبي الذى كان متمتعاً بالشرعية آنذاك، وهو مجلس النواب الليبي في شرق البلاد، الأمر الذى أدى إلى استمرار المواجهات العسكرية بين طرفي ليبيا، والتأثير السلبى على مقدرات الدولة وهيبتها.
ثانياً: المشهد السياسي:
إن سبب الأزمة السياسية الحاصلة الآن في ليبيا – كما في الشق الأمني – يرجع إلى التدخل السافر من قِبَل قطر وتركيا في الشأن الداخلي الليبي، وهو ما أدى إلى تلاشي هيبة الدولة وعرقلة عمل المؤسسات في البلاد، وتدور هذه الأزمة أساساً حول محاولات تموضع الإخوان المسلمين فى المنطقة بشكلٍ عام، تلك الجماعة التى تستخدمها قطر وتركيا لتحقيق طموحاتهما الإقليمية. وكما سلفت الاشارة، قامت هاتان الدولتان بتأسيس معسكرات لتدريب الارهابيين من تونس ومصر وليبيا والجزائر فى المنطقة الغربية من ليبيا، ثم قامتا بترحيل بعضهم إلى تركيا، ومن ثم الى سوريا. وذكر ممثل سوريا الدائم فى مقر الأمم المتحدة بنيويورك بشار الجعفرى أن سلاحاً كيماوياً كان مخزناً فى ليبيا، ونُقل منها إلى تركيا، ثم سوريا حيث استُخدم فى مدينة خان العسَّال. ويُذكر أن تونسياً من هؤلاء ذهب الى مدينة سوسة الليبية وقام بقتل 37 سائحاً أجنبياً فى شهر رمضان، كان من بينهم 26 بريطانياً.
ولقد أخذت التحديات السياسية فى الظهور تدريجياً بعد الثورة الليبية، إلى أن جاءت الانتخابات التى أجرِيت فى 7 يوليو 2012 لاختيار المؤتمر الوطنى العام فى ليبيا؛ حيث فاز حزب تحالف القوى الوطنية بـ 39 مقعداً، بينما حصل حزب العدالة والبناء الإخوانى على 17 مقعداً فقط. ولما جرى اختيار السيد/ محمود جبريل، المرشح عن تحالف القوى الوطنية، ليكون رئيساً للمؤتمر الوطنى العام ورئيساً مؤقتاً لليبيا، ما عُد صفعة قوية للقطريين والأتراك، ثار عليه الإخوان، وقاموا بتشويه سمعته، واتهمه البعض بأنه ليبرالى سيأتى بالمثلية إلى ليبيا، وأن الناخبين له هم من الأزلام والفلول. ومن ثم تم تهميش جبريل الذى أُشيع انه سيقوم بانقلاب عسكرى فى البلاد، رغم انه مدنى، وتم إنشاء غرفة عمليات ثوار ليبيا المكونة أساساً من مجموعات من الميليشيات الإسلامية بدعوى التصدى لانقلاب جبريل المزعوم.
من جهةٍ أخرى، وبعد إطلاق عملية الكرامة بقيادة المشير خليفة حفتر، حاول الإسلاميون تشويهه ومقاومته مثلما فعلوا من قبل مع جبريل. وادعى هؤلاء انه شيطان جديد يسعى إلى إجراء انقلاب عسكرى ليعود بالبلاد إلى ما كانت عليه في عهد القذافي، خاصة وانه من أتباعه. والحق أنه رغم العلاقة التي كانت بين القذافى وحفتر، وأنهما تعاونا في ثورة الفاتح الليبية، إلا أنهما اختلفا بعد ذلك، وغادر حفتر البلاد ولم يعد اليها سوى مع قيام الثورة الليبية فى عام 2011. يُضاف إلى ذلك أن الليبيين فى مدينة بنغازى هم مَن اختاروه بأنفسهم ليتصدى للميليشيات التخريبية فى البلاد، وبالتالى فإن مزاعم الإسلاميين مردودة، ولكن هذا دأبهم دوماً لتحقيق مآربهم الخاصة.
تجدر الإشارة إلى أن مجلس النواب الليبى لم يعترف بحكومة الوفاق التى تم تشكيلها فى اعقاب اتفاق الصخيرات فى ديسمبر 2015، والتي ترأسها فايز السراج، نظراً لأن المادة الثامنة من الاتفاق كانت تهدف إلى إقصاء المشير حفتر، وبالتالي تحطيم حائط الصد أمام التنظيمات الإجرامية، فيما ينتشر نفوذ حكومة الوفاق المدعومة من قِبَل هذه التنظيمات القائمة على العنف والإرهاب والتى من بينها جماعة أنصار الشريعة المتورطة فى قتل السفير الأمريكى بليبيا. وبعد الاعتراف الدولي بحكومة الوفاق الليبية، لم يعد أحد يعترف بوزير الخارجية آنذاك/ محمد الدايرى، المحسوب على حكومة شرق ليبيا، سوى روسيا، وكذا تم التواصل معه من قِبَل تونس والجزائر. وفى هذا المقام، تنبغى الاشارة إلى أن المشير حفتر لا يعارض إطلاقاً حل الأزمة الليبية سياسياً، ولكنه حريص على القضاء على الميليشيات الإجرامية والجماعات الارهابية التى تعيث في أراضي ليبيا فساداً. لاسيما وأن مزاعمه مدعومة من قِبَل مدير مكتب نيويورك تايمز السابق فى القاهرة ديفيد كيركباتريك الذى نشر أكثر من مقال فى صحيفته فى إبريل 2019 يؤكد أن الذين يحاربون إلى جانب السراج بينهم جماعات إرهابية، منها جماعة أنصار الشريعة. وعلى الرغم من نفي حكومة السراج لتلك الدعاوي، إلا أن الرجل أصرَّ على ذلك وفقاً لتقاريره الخاصة.
ثالثاً: الشق الاقتصادى:
على الصعيد الاقتصادي، ونتيجة تمسك الولايات المتحدة وبريطانيا والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي بالمؤسسات المالية الموجودة في طرابلس، والتي كانت تسيطر عليها حكومة الإنقاذ الوطنى الإسلامية غير الشرعية ثم حكومة الوفاق الليبية – لايوجد أي توزيع عادل لعوائد النفط في البلاد؛ والمستفيد الوحيد منها هي السلطة في طرابلس، مع تهميش باقي ليبيا من فوائدها، ما عُدَّ غبناً وظلماً، وعطَّل الكثير من المصالح في أنحاء ليبيا. ومن جانبها لم تجد الحكومة الليبية المؤقتة فى شرق ليبيا سوى أن تستلف من المصارف التجارية الليبية بضمان من المصرف المركزى الليبى الموجود فى الشرق بـ 4 %، وذلك منذ عام 2014 إلى الآن. ويُذكر فى هذا الصدد أنه صدر بيان لست دول، من بينها مصر، فى منتصف يوليو 2019، يشير إلى ضرورة توزيع عوائد الثروات الليبية بشكلٍ منصف على كافة الليبيين.
رابعاً: الشق الدولى:
حاولت دول جوار ليبيا تقديم مساعٍ ومبادرات لحل الأزمة منذ عدة سنوات، منها على سبيل المثال مبادرة مصر والجزائر والسودان، كما كانت هناك مبادرات إيطالية وفرنسية وتركية وروسية. وتنبغى الإشارة إلى ان المبادرة الإيطالية كانت تهدف إلى التوفيق بين مبادرتي مصر والجزائر، ولكن كان قلب الإيطاليين في ذلك الوقت مع الجزائر لاعتبارات اقتصادية معروفة.
ومن جانبه حاول الرئيس الفرنسي ماكرون الإسهام فى حل الأزمة هو الآخر، فدعا كلاً من حفتر والسراج لإجراء حوار مشترك فى باريس فى 25 يوليو 2017، وذلك بعد أن التقيا سابقاً فى أبو ظبى فى مايو من ذلك العام، وذكر حينها أنه يعترف بالشرعية العسكرية لحفتر، فيما يُثبِت الشرعية السياسية للسراج. ولكن الحكومة الإيطالية برئاسة باولو جينتيلونى قامت بنسف المبادرة الفرنسية، لتؤكد وزيرة الدفاع الإيطالية بعد ذلك على أن القيادة والريادة فى ليبيا هى لإيطاليا وليست لفرنسا، ثم لتقوم روما بعد ذلك بالدعوة لمؤتمر باليرمو فى نوفمبر 2018، والذى كان مؤتمراً صورياً لم يؤد إلى شىء. والخلاصة أنه كان هناك تنافساً محموماً بين إيطاليا وفرنسا على الحل السياسى فى ليبيا.
بعد ذلك، حاول الأتراك والروس فى العام الماضي المشاركة فى هذا الأمر، وادعى المبعوث الأممي فى ليبيا غسان سلامة أن الوضع الليبى أصبح معقداً للغاية بدخول أطراف جدد فى القضية الليبية، وانتهى الأمر باجتماع فى 8 يناير 2020 خرجت على إثره مبادرة للبلدين بوقف إطلاق النار فى ليبيا. ولا يغيب عن البال هنا الاتفاق الذى تم بين أردوغان والسراج فى 27 نوفمبر 2019، حول التعاون العسكرى والأمنى وترسيم الحدود البحرية، بما يؤدي إلى تصعيد وإثارة الأوضاع فى المنطقة أكثر ممًا هي عليه الآن.
ويسعى مؤتمر برلين المزمع عقده في 19 يناير 2020، إلى إيجاد حل سياسي للأزمة الليبية، بعد ما شهدته ليبيا من دمار وانقسامات. لقد أخذت ألمانيا على عاتقها هذا الملف بعيداً عن إيطاليا وفرنسا، بل وعن تركيا وروسيا لعلها تنجح فى استعادة الأمن والاستقرار فى ليبيا مرة أخرى.
تجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة لم تكن موجودة فى ليبيا بقوة على المستوى الأمنى، ولكن المكالمة الهاتفية التى أجراها ترامب مع المشير حفتر فى مصر فى 15 أبريل 2019 كانت بفضل الجهود المصرية، ولكن الدولة العميقة، وعلى رأسها وزير الخارجية الأمريكى مايك بومبيو، أصدرت بيانات منددة بعمليات الجيش الوطنى الليبى، الذى يتزعمه حفتر، فى طرابلس منذ 4 أبريل. وبعد صدور تقارير تفيد بوجود قوات فاجنر الروسية إلى جانب قوات حفتر، أرسلت الخارجية الأمريكية لحكومة الوفاق تدعوها إلى واشنطن، وبالفعل تم الاجتماع بوزيرى الداخلية والخارجية فى 13 نوفمبر 2019، وقاما بالتنسيق مع الولايات المتحدة بعضاً من الإجراءات الخاصة بالميليشيات في ليبيا. وبعدما عاد وزير داخلية الوفاق، استصدر قراراً بإبعاد شخص يُدعى عبد المنعم الشقعابي بزعم قيامه بالتنسيق بين داعش والقاعدة في البلاد، علماً بأن هذا الشخص كان جزءاً من وزارة الداخلية فى حكومة الوفاق.
على إثر ذلك اجتمع وفد أمريكى، برئاسة نائبة مستشار الأمن القومى الأمريكى فيكتوريا كوست، بالمشير حفتر، علناً فى 24 نوفمبر 2019، فى الأردن، وأبدى الوفد قلقه من التواجد الروسى فى ليبيا، وأكد دعمه لضرورة حل المعضلة الأمنية فى البلاد، والتى تتسبب فيها الميليشيات العسكرية الإرهابية. وفى 3 يناير الماضى، اجتمع وفد أمريكى مع حكومة طرابلس فى تونس، حيث تناول الجانبان موضوع الميليشيات العسكرية وأصدرا بياناً يقضى بضرورة حلها. ثم اجتمع الوفد الأمريكى فى 9 يناير مع كلٍ من حفتر ووزير داخلية الوفاق فتحي علي باشا آغا في روما بشكلٍ فردي، وأكدوا على ضرورة حل المشاكل الأمنية فى ليبيا، ولكن ممثل الوفاق تمسك بالقول بأن حكومته ضد تواجد المرتزقة الروس والسوريين. وهذا هو مجمل الموقف الأمريكى حول الأزمة الليبية، بالإضافة إلى ما ذكره المسئولون الأمريكيون من أنهم يدعمون مسار برلين.
المناقشات:
السفير د./ محمد بدر الدين زايد: أشار إلى عدة نقاط، من أهمها: أن اتفاق الصخيرات كان خطأ جسيماً منذ البداية، وهو الذي ولَّد العملية السياسية الفاشلة الراهنة في ليبيا؛ وأنه رغم التنافس الإيطالى الفرنسى حول ليبيا إلا أن الدولتين ليستا اللاعبتين الرئيسيتين فى هذا البلد العربى، بل قطر وتركيا؛ ولابد من هزيمة الميليشيات والقضاء عليها، فبدون ذلك سيكون الحديث عن حل الأزمة الليبية بطريقة سلمية وهمياً لا صحة له؛ هناك محاولات من قِبَل المغرضين لجعل الصراع الليبى صراعاً مفتوحاً فى إطار خريطة الصراعات الأخرى المفتوحة فى المنطقة بهدف تحقيق مصالح خاصة، ومن ثم يجب العمل بأسرع وقت على إيجاد حل لهذه الأزمة.
السفير/ محمد النقلى: تساءل عما هو المطلوب من مصر لاستعادة دورها وتواجدها فى ليبيا، وكذا عن فرص عودة العمالة المصرية إلى الأراضى الليبية.
السفير/ إيهاب وهبه: ما هو التفسير لإصرار مجلس الامن على الاعتراف بحكومة الوفاق الليبية كحكومة شرعية لليبيا؟ ألم يحِن الوقت لحدوث لقاء وبناء جسور بين حكومة الوفاق فى طرابلس ومجلس النواب والحكومة المؤقتة فى طبرق؟ فالحل العسكرى لا يُعوَّل عليه فى حل الأزمة الليبية، وإنما الحل السياسى الذى يجمع الفرقاء المتنازعين معاً، وما هو مدى ثقتكم فى حفتر؟
السفير/ محمد مصطفى كمال: أعرب عن قلقله بشأن المستقبل الليبي، وتساءل: لو تم حل الجوانب الامنية المقلقة على الأرض حالياً، هل ستشهد ليبيا بعد ذلك استمراراً للتناحر بين الشرق والغرب على غرار ما كان يحدث فى السابق بين الولايات الليبية الثلاث برقة وطرابلس وفزان؟ أم سيكون هناك سلاماً حقيقياً؟.
السفير د./ عزت سعد: هل يمكن إعطاء تصور أو تقييم لما سيحدث فى برلين؟ وبالنسبة للمبادرة الروسية/التركية بوقف إطلاق النار والدعوة إلى هدنة من موسكو، فإنه لا بد من التأكيد على أن تركيا جزء أصيل من الأزمة، بينما لدى الروس قدر لا يُستهان به من الانتهازية، فهل عند الروس تصور معين لقضية الميليشيات المدعومة من قطر من واقع الاتصالات الليبية الروسية؟ هناك غموض شديد بشأن التحرك الروسي / التركي الأخير، ولماذا تماشي موسكو أنقرة في هذا الشأن، رغم عِلم بوتين بأن أردوغان شخص لا يمكن الوثوق به؟.
من جانبه، طرح الوزير الأسبق محمد الدايرى ردوداً موجزة، تمثل أهمها فيما يلى:
-
لا شك فى أن هزيمة الميليشيات العسكرية ضرورية، ولكن الحل عند الآخرين وليس عند الليبيين أنفسهم. فوفقاً لاتفاق الصخيرات، هناك المادة 34 من الاتفاق وملحق أمنى يقضيان بحل الميليشيات، ولكن لم يتم تنفيذه لا من قِبل حكومة الوفاق ولا من المجتمع الدولى المعترف بها ولا من بعثة الأمم المتحدة فى ليبيا. كان من المفترض أن يذهب المسار العسكرى مع المسار السياسى، حسبما أشار الوزير الدايرى فى خطابٍ سابقٍ له فى 9 نوفمبر 2014 أمام مبعوث الأمم المتحدة فى ليبيا الأسبق برناردينو ليون، ولكن لم تقم الأمم المتحدة بأى شىء. ولقد بادرت مصر، بقيادة الفريق محمد حجازي، بتقديم مقترح لإعادة تشكيل الجيش الوطني الليبي وتوحيده، إلا أن دعوة الجنرال باولو سيرَّا، الذي كان مديراً لإدارة الشئون العسكرية فى بعثة الأمم المتحدة فى ليبيا، بضم الميليشيات العسكرية الموجودة في غرب ليبيا إلى وزارتي الداخلية والدفاع فى حكومة الوفاق بدعوى حمايتها مقابل تلقى مبالغ مالية، تسببت في أن تكون تلك الميليشيات عبئاً على الحكومة، وتقوم بابتزازها عبر تهديد الأمن العام والأمن السياسي الخاص بالحكومة.
-
وارتباطاً بالمبادرة الروسية/ التركية بعقد هدنة، أكد المشير حفتر بشأن المبادرة الروسية إلى ضرورة تحديد إطار زمني لحل الميليشيات في المبادرة المذكورة، ووجوب القضاء على هذه الميليشيات بشكل واضح وقاطع.
-
وجوب عزل تركيا عن محاولات التسوية، إذ كيف يمكنها أن تكون خصماً وحكماً وجزءاً من لجنة مراقبة وقف إطلاق النار، وهي طرف أصيل في استمرار الأزمة.
-
فيما يتعلق بالشكوك حول المشير حفتر، فكما سبقت الإشارة، فإنه رغم العلاقة التي كانت بين القذافي وحفتر، وانهما تعاونا في ثورة الفاتح الليبية، الا انهما اختلفا بعد ذلك، وغادر حفتر البلاد ولم يعد اليها سوى مع قيام الثورة الليبية فى عام 2011. يُضاف إلى ذلك أن الليبيين في مدينة بنغازي هم مَن اختاروه بأنفسهم ليتصدى للميليشيات التخريبية فى البلاد.
-
بالنسبة للدور المصري، فإنه من المؤمل أن يكون هناك المزيد على الصعيد الشعبي؛ فقبل الأزمة كانت مصر هى الدرة المعروفة والملجأ لكل الليبيين، أما بعدها فقد سحبت تونس البساط من تحتها بفضل التسهيلات التي قدمتها فيما يتعلق بحركة الليبيين من وإلى تونس. كما أنه ينتظر من مصر بذل المزيد على الصعيد السياسي، حتى ان هناك دعوات من قِبَل الإخوان المسلمين الليبيين أنفسهم بأن تحتضن مصر حواراً سياسياً ليبياً.