اللواء محمد إبراهيم: الرئيس السيسي طرح ببرلين رؤية وطنية متكاملة لحل الأزمة الليبية
يناير 20, 2020بيان بشأن ” صفقة القرن”
يناير 30, 2020
استضاف المجلس المصري للشئون الخارجية يوم 22 يناير 2020 بالاشتراك مع معهد الأمم المتحدة لبحوث نزع السلاح “UNIDIR”، وبمبادرة من المعهد، حوار مائدة مستديرة عن تطلعات مصر لإنشاء منطقة في الشرق الأوسط خالية من الأسلحة النووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل، وكانت رئاسة المائدة المستديرة مشتركة بين الجانبين.
وشارك في المائدة المستديرة، بالإضافة الي المسئولين عن معهد الأمم المتحدة برئاسة مديرة المعهد السيدة “ريناتا دوان” من أيرلندا، والتي تولت ادارة المعهد منذ سنتين، خبراء نزع السلاح من أعضاء المجلس وغيرهم. وقد افتتح أعمال المائدة المستديرة السفير/د. منير زهران- رئيس المجلس.
الارهاب والهاجس الأمني:
توزعت مداولات المائدة المستديرة على ثلاث جلسات، تحدث في الأولى الدكتور عبدالمنعم سعيد والدكتور علي صادق، مستشار وكالة الفضاء، حيث تم طرح الهاجس الأمني لدى مصر، وبصفة خاصة الإرهاب الذي تعرضت له مصر منذ عدة عقود، والذي راح ضحيته عدد من رؤساء وزارات مصر منذ أربعينات القرن الماضي بالإضافة إلى ضحاياه من المدنيين، وقامت مصر إزائه بالمشاركة في الحملة الدولية ضد الارهاب، وصدرت عدة قرارات من الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن بإدانة تلك الظاهرة واتخاذ تدابير لمكافحتها، وخاصة قرار مجلس الأمن رقم 1540، وقد طالت العمليات الارهابية في مصر المدنيين والسياح، الأمر الذي أثر سلباً على توافد أفواج السياحة لمصر وتناقصت ايراداتها كمورد أساسي من موارد الميزانية.
محاذير استخدام الارهابيين لأسلحة نووية:
أثارت العمليات الارهابية التي طالت مصر وعدداً أخر من الدول، سواء في منطقة الشرق الأوسط أو في الدول المتقدمة في أوروبا والولايات المتحدة، مخاوف من أن تطال أيدي المنظمات الارهابية مواد نووية لاستخدامها في عملياتها، الأمر الذي دعا إلى زيادة الاحتياطات الأمنية في المرافق النووية حول العالم والالتزام الصارم بمعايير واحتياطيات الأمن والأمان للوكالة الدولية للطاقة الذرية.
مؤتمر مدريد للسلام ومحادثات الأمن ونزع السلاح:
تناولت المائدة المستديرة نتائج مؤتمر مدريد للسلام في نهاية 1991، والتي أسفرت عن إنشاء فريق عامل ضم عدداً من المسئولين من مصر وبعض من الدول العربية وخاصة مصر والأردن، بالإضافة لإسرائيل في إطار “ACRS” أي الرقابة على التسلح والأمن الإقليمي، والتي توقفت بدون التوصل إلى نتائج ايجابية لإنشاء المنطقة الخالية من الأسلحة النووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل، وتبعتها محادثات غير رسمية بين وفود ذات الدول في إطار ما يسمى بدبلوماسية المسار الثاني( Track II)، والتي لم تتوصل إلى أي تقدم حول هذا الموضوع. وفقاً لما عرضه الدكتور علي صادق.
الأمم المتحدة وإنشاء المنطقة:
تناولت المائدة المستديرة المبادرات التي تم اتخاذها في الأمم المتحدة منذ دورة الجمعية العامة لسنة 1974 والتي شهدت مبادرة من إيران وشاركت فيها مصر لإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية، وصدر عنها قرار من الجمعية العامة حينئذٍ وتكرر ذلك في جميع دورات الجمعية العامة سنوياً حتى الدورة 74 لسنة 2019، ولم تنجح تلك الجهود في إنشاء تلك المنطقة، نظراً لرفض إسرائيل الانضمام لمعاهدة حظر الانتشار النووي وإخضاع جميع مرافقها لنظام الضمانات الشامل للوكالة الدولية للطاقة الذرية رغم انضمام جميع الدول العربية وإيران للمنطقة.
قرار الشرق الأوسط والمد اللانهائي للمعاهدة عام1995:
كان عام 1995 موعد مؤتمر مراجعة ومد المعاهدة، وتزايدت حينئذٍ حملة الولايات المتحدة للضغط على الدول غير النووية ومنها مصر لتأييد استصدار قرار بالمد اللانهائي للمعاهدة، بما فيها حركة عدم الانحياز، حيث استضافت إندونيسيا مؤتمر وزراء خارجية دول الحركة في باندونج، وفي ذلك المؤتمر خرجت جنوب إفريقيا عن اجماع دول الحركة بتأييد صدور قرار بالموافقة على المد اللانهائي للمعاهدة.
وعندما التأم مؤتمر مراجعة المعاهدة في نيويورك في مايو 1995 – واصلت الولايات المتحدة ضغوطها لإصدار قرار المد اللانهائي للمعاهدة، وهو ما اعترض عليه وفد مصر وأصر على التصويت، وتفادياً للتصويت تفاوضت الولايات المتحدة باسم الدول المودعة ( الاتحاد الروسي وبريطانيا) على مشروع قرار بإنشاء منطقة الشرق الأوسط الخالية من ” السلاح النووي وغيره من أسلحة الدمار الشامل، ودعوة دول المنطقة التي لم تكن قد انضمت لمعاهدة منع الانتشار النووي بدون الإشارة لإسرائيل بالاسم، بالانضمام إليها وإخضاع جميع مرافقها النووية لنظام الضمانات الشامل للوكالة الدولية للطاقة الذرية. وكمقابل لقرار الشرق الأوسط تم الافاق على اعتماد قرار المد اللانهائي للمعاهدة وقد أصر وفد مصر على أن اعتماد قرار المد اللانهائي تم بالأغلبية والنص على ذلك في صلب القرار، وهذا ما تم بالفعل، وحتى عام 2020، ظلت إسرائيل هي الدولة الوحيدة في المنطقة التي لم تنضم للمعاهدة. ولم يتم إنشاء تلك المنطقة حتى الآن.
مؤتمرات مراجعة المعاهدة في الألفية الثالثة:
وقد تعرضت المائدة المستديرة لمحاولات إنشاء المنطقة الخالية في الشرق الأوسط من خلال مؤتمرات مراجعة المعاهدة التالية لأعوام 2000 و 2005 و 2010 و 2015 حيث فشل مؤتمرا 2005 و 2015 بسبب عدم إنشاء منطقة الشرق الأوسط، أما مؤتمر المراجعة لعام 2010 فقد نجح بفضل النص في وثيقته النهائية على الدعوة لعقد مؤتمر لإنشاء منطقة الشرق الأوسط قبل نهاية عام 2012، إلا أن الولايات المتحدة طالبت بتأجيل انعقاد ذلك المؤتمر في ديسمبر 2012 ، تحت ذريعة عدم كفاية الإعداد الكافي للمؤتمر، واستمر التسويف في انعقاد المؤتمر حتىي عام 2018 حيث قدمت مصر مشروع قرار للجمعية العامة في الدورة 73 يطالب السكرتير العام للأمم المتحدة بالدعوة لعقد مؤتمر حول إنشاء منطقة الشرق الأوسط الخالية من السلاح النووي وغيره من أسلحة الدمار الشامل في نوفمبر 2019 على هامش الدورة 74 للجمعية العامة.
مؤتمر الشرق الأوسط الذي دعا إليه السكرتير العام في نوفمبر 2019:
وقد عقد المؤتمر بالفعل في نيويورك خلال الفترة من 18 إلى 22 نوفمبر 2019 برئاسة الأردن، وشاركت فيه جميع الدول العربية ومنها مصر بالإضافة إلى إيران، وقاطعته الولايات المتحدة وإسرائيل، بينما شاركت فيه الدول النووية الأربع الاخرى أي انجلترا وفرنسا والإتحاد الروسي والصين، وانتهى المؤتمر يوم 22 نوفمبر2019 باعتماد تقرير إجرائي، وإعلان سياسي، نص على عقد مؤتمر الشرق الأوسط في نوفمبر من كل عام إلى أن ينجح في إنشاء منطقة الشرق الأوسط الخالية من السلاح النووي وغيره من أسلحة الدمار الشامل، وأن تكون رئاسة المؤتمر بترتيب الحروف الأبجدية لدول المنطقة بعد الأردن. كما نص الإعلان السياسي على فقرة تنص على دعوة جميع دول المنطقة على المشاركة في المؤتمر ( بدون الإشارة إلى إسرائيل)، كما طالب الاعلان جميع الدول الأخرى بدعم إنشاء المنطقة وعدم إعاقة أعماله ( بدون النص على اسم الولايات المتحدة).
عناصر ونطاق المنطقة الخالية من أسلحة الدمار الشامل:
تداولت المائدة المستديرة في الجلسة المسائية حول عناصر ونطاق المنطقة كالآتي:
-
ما الذي يلزم حظره من الأسلحة في المنطقة؟ وهل تشمل الأسلحة النووية والكيماوية والبيولوجية فقط، وقد أثير أهمية النظر في مدى إمكانية أن يضاف إليها الأسلحة الراديولوجية رغم عدم وجود معاهدة أو اتفاقية تحظرها حتى الآن.
-
وحول وسائل الإيصال، تم إثارة أهمية أن تشمل معاهدة إنشاء المنطقة وسائل الإيصال، وخاصة امتلاك الدول الأطراف في المنطقة للصواريخ مع تحديد ماهية أنواع الصواريخ: هل هي الكروز أو طويلة المدى ولأي مدى؟.
-
كما أثير موضوع مدى تحديد أنواع الطائرات كوسائل الإيصال وهل تشمل طائرات التجسس والطائرات المسيرة( درونز).
-
وما هي وسائل التحقق، وهل تدخل دول المنطقة في ترتيبات للتفتيش المتبادل؟. وهل تشمل ترتيبات التحقق – التفتيش بالتحدي، على غرار ترتيبات التفتيش والامتثال لمعاهدة حظر الاسلحة الكيماوية، وذلك للتعامل مع الأسلحة البيولوجية التي لم تنص على ترتيبات التحقق وكيفية التفتيش عليها، رغم سبق التفاوض على بروتوكول للتحقق، ولكن اعترضت عليه فيما بعد الولايات المتحدة.
-
وتم التأكيد من جانب المجلس أن ثغرة التحقق من الامتثال في معاهدة حظر الاسلحة البيولوجية لا يمكن ملؤها إلا من خلال الترتيبات الواردة في معاهدة حظر الاسلحة الكيماوية.
تنفيذ ترتيبات المنطقة الخالية من أسلحة الدمار الشامل ودور الدول من خارج المنطقة في تنفيذ المعاهدة:
تداولت المائدة المستديرة حول دور الدول النووية وهل تشمل الدول النووية أعضاء المعاهدة فقط وهي الدول الخمس الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، و أيضاً الدول النووية خارج المعاهدة وهي إسرائيل والهند وباكستان بالإضافة إلى كوريا الديمقراطية، من خلال التوقيع على بروتوكولات على غرار المناطق الأخرى في العالم إشارة لمعاهدة الأمريكتين ( تلاتيلولكو – وإفريقيا ( بيلاندابا – افريقيا) والمحيط الجنوبي ( راروتونجا) ومعاهدة بانجوك ( جنوب شرقا آسيا) ووسط آسيا، وبصفة خاصة بروتوكول عدم استخدام الدول النووية للسلاح النووي في المنطقة وبروتوكول آخر لحظر إجراء تجارب نووية فيها. كما تم إثارة وضع جزيرة دييجو جارسيا التي لم تشملها معاهدة بلاندابا، وتقع في المحيط الهندي جنوب الجزيرة العربية، وعن كيفية اتخاذ القرار( هل بالأغلبية او توافق الآراء وكيفية دخول المعاهدة حيز النفاذ من عدد الدول التي تصدق على المعاهدة والنصاب اللازم لتحقيق ذلك).
تعقيب:
ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل يعتبر عقد مؤتمر إنشاء منطقة الشرق الأوسط على هامش دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة في نوفمبر 2019، الذي قاطعته الولايات المتحدة وإسرائيل، بديلاً عن مناقشة هذا الموضوع في مؤتمر مراجعة معاهدة منع الانتشار النووي في نيويورك في إبريل / مايو 2020؟، أجاب السيد السفير/د. منير زهران – رئيس المجلس على هذا السؤال بالنفي، ذلك لأن أجندة مؤتمر المراجعة تم إعدادها بالفعل وتشمل مراجعة تنفيذ المادة السابعة من المعاهدة ومنها منطقة الشرق الأوسط.
والتساؤل الثاني، في حالة ما إذا تضمنت الوثيقة النهائية لمؤتمر المراجعة توصيات عن إنشاء منطقة الشرق الأوسط لا ترضي الولايات المتحدة وإسرائيل، فهل سيؤدي ذلك لفشل مؤتمر المراجعة لعام 2020 كما حدث لمؤتمري المراجعة لعامي 2005 و 2015؟، هذا احتمال قائم، رغم أن المؤتمر القادم يتزامن مع العيد الخمسين للمعاهدة. يضاف إلى ذلك أن السبب الحقيقي لفشل مؤتمري 2005 و 2015، هو ما تضمنته وثائقهما الختامية من نتائج تنتقد الدول النووية لعدم تنفيذ المادة السادسة من معاهدة منع الانتشار لنزع السلاح النووي، وهو ما عالجته معاهدة حظر الأسلحة النووية (TPNW) التي تم إبرامها عام 2017 ووقعتها حتى الآن 80 دولة وصدقت عليها 35 دولة، ويلزم تصديق 50 دولة على تلك المعاهدة حتى تدخل حيز النفاذ.