
احتفالية المجلس بمرور 75 عاماً على تأسيس الأمم المتحدة
أكتوبر 24, 2020
بيان المجلس المصرى للشئون الخارجية بمناسبة دخول معاهدة حظر الأسلحة النووية “TPNW” حيز النفاذ
نوفمبر 1, 2020بمناسبة مرور 75 عاماً على إنشاء الأمم المتحدة، بدخول الميثاق المُنشئ لها حيَز النَفاذ في 24 أكتوبر1945، نظَم المجلس المصري للشئون الخارجية – بجانب ندوة افتراضية بالتعاون مع منسق الأمم المتحدة بالقاهرة في 18 الجاري حول “إنقاذ تعدُدِيَة الأطراف”- ندوة لإستذكار المناسبة تم خلالها تناول دور مصر كعضو مُؤسِس للمنظمة حيث شاركت في صياغة الميثاق في مؤتمر سان فرانسيسكو عام 1945، وفي صياغة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948، كما شاركت بنشاط في أعمال مجلس الأمن كعضو غير دائم في المجلس خمس مرَات، وفي أنشطة مكافحة الإرهاب، كما تعد مصر سابع أكبر دولة من حيث حجم المشاركة في قوَات حفظ السلام عالمياً.
وقد تم التأكيد خلال المناقشات على ضرورة البناء على الدروس المستفادة لتعزيز دور المنظمة العالمية بحلول الذكرى المئوية لإنشائها عام 2045، حيث أظهرت جائحة (كوفيد-19) مدى الحاجة لتعزيز منظومة التعاون الدولي بين الدول والشعوب لمواجهة التحديات المشتركة للكافة على المستويات الثنائية والإقليمية والدولية. والتأكيد على أن لنظام الأمم المتحدة دورٌ لتيسير هذا التعاون، من خلال المنظمات الدولية المعنية وخاصةً منظمة الصحة العالمية من منطلق الأدوار التكاملية للمنظمات الدولية. ويتطلب الأمر مُراجعة الوضع الحالي والترتيبات القائمة ذات الصلة للوقوف على آفاق تطويرها.
كما أفرزت الجائحة نوعاً جديداً من التعاون حيث قدمت بعض الدول ومنها مصر مساعدات لدول منكوبة عديدة في بداية الأزمة وعلى امتدادها، خاصةً الإفريقية، قبل أن تتلقى مصر مساعدات خارجيَة عندما إشتدت وطأة الجائحة بها. ومن بين ما خلصت إليه المناقشات خلال الندوتين، ما يلي بصفةٍ خاصة:
-
الحاجة لاضطلاع الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن بمسئولياتها بشكلٍ ملموس تجاه صون السلم والأمن الدوليين بموجب الميثاق وبحكم وضعها الدولي، وعدم التعامل مع المجلس كساحة للتجاذب السياسي والسعي لإحراج أطراف لأهداف سياسية تتعلق بالمواقف من قضايا محل نظر المجلس كحالة سوريا وليبيا واليمن، وغيرها في إفريقيا، حيث يحُول هذا التجاذب السياسي بين الدول الخمس وغياب وحدة مواقفها، أو اتفاقها على الحد الأدنى، دون تمكن المجلس من الوفاء بمسئولياته، ممَا يُضعف دور المجلس تدريجياً ودور الأمم المتحدة ككل لصالح ترتيبات دولية وإقليمية أخرى، وبما يخصم من رصيد ومصداقية المنظمة باعتبارها الجهاز الدولي المعني بتسوية النزاعات. وفي هذا السياق عجز مجلس الأمن عن التوصل إلى اتفاق حول دعوة السكرتير العام في مارس 2020 لاستصدار قرار يدعو لوقف إطلاق النار الشامل في كل النزاعات لأسباب إنسانية لمواجهة تفشي جائحة (كوفيد-19) وضرورات مواجهتها.
-
مع الاعتراف بأهمية التنسيق المستمر بين الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية بموجب أحكام الفصل الثامن من الميثاق، وتعزيز دور الأخيرة في منع وتسوية نزاعات الأقاليم التي تمثلها، إلا أن ذلك لا يعنى ولا يجب أن يُفهم على أنه تخلي من الأمم المتحدة عن دورها الرئيسي باعتبارها الجهاز الدولي الأكبر والأقدر على معالجة الحالات التي تشكل تهديداً للسلم والأمن الدوليين، والتعامل معها ومتابعة ما يتم من جهدٍ إقليمي بشأنها. وتُؤكد التجارب أن الأدوار المحدودة التي تلعبها المنظمات الإقليمية تظل بحاجة إلى دعم وتنسيق أممي، خاصة فيما يتعلق بالوقاية من النزاعات وتسويتها بالوسائل السلميَة وفقاً لأحكام الفصل السادس من الميثاق، بما فيها الوساطة وحفظ السلام وبناء السَلام.
-
لايُمكِن أن يتحقق التَكامُل والاعتماد المُتبادل فيما بين الأمم المتحدة والوكالات المتخصِصة والبرامج والصَناديق لمواجهة تفشي وباء( كوفيد- 19) وتنفيذ أجندة التنمية المُستدامة إلاَ بالتنفيذ الكامل والأمين لأحكام المادة (17) فقرة(3) من ميثاق الأمم المتحدة الذي توقَف منذ سبعينيَات القرن الماضي، وتنص الفقرة على أن: “تنظر الجمعية العامة في أية ترتيبات ماليَة مُتعِلقة بالميزانيَة مع الوكالات المُتخصِصة المُشار إليها في المادة (57) وتُصدِق عليها، وتدرُس الميزانيَات الإدارية لتلك الوكالات لكي تُقدِم لها توصيَات.
-
ضرورة بذل جهود حقيقية وجادة من جانب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، فما يشهدُه العالم من تصاعد في وتيرة وعمليات الإرهاب واتباع التنظيمات الإرهابية أساليب معقَدة لتنفيذ عملياتها بقدرات تسليحية ولوچيستية ومالية واستخباراتية تفوق قدرات الدول، وعبر الحدود إنما تؤكد الحاجة لقيام الأمم المتحدة بالتعامل بصورة مُتسَقة على مستوى المنظومة لتعزيز التعاون الدولي بشأن مكافحة الإرهاب ومسبباته للقضاء على التنظيمات الإرهابية، مع التركيز في هذا السياق على كسر الترابط بين الإرهاب وتهريب المخدرات والإتجار في البشر والجريمة المنظمة العابرة للحدود، ودحض أي مساعِ لربط الإرهاب بحقوق الإنسان أو موضوعات الديمقراطية، ودعم المنشقين الداخليين وتجفيف منابع تمويل الإرهاب من خلال جهود دولية وإقليمية فعَالة، فضلاً عن مواصلة تعزيز دور الأمم المتحدة في رصد أنشطة الكيانات الإرهابية وإدراجها على قوائم الإرهاب. وطالب المجلس بضرورة إحترام جميع فئات حقوق الإنسان وتمويل أنشطتها من خلال الميزانية العادية للأمم المتحدة، بدلاً من تمويلها من خلال المُساهمات الطَوعيَة التي ترتبط بأي مشروطيَات.
-
يظل تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية ومكافحة الفقر وخفض معدلاته هدفاً أساسياً يجب أن تواصل الأمم المتحدة العمل على تحقيقه ووضعه في صدارة الأولويات، خاصة مع تداعيات جائحة ( كوفيد – 19) السلبية، حيث تحتاج الأمم المتحدة لوضع تصوُر شامل لكيفية تعزيز دورها في تحقيق أهداف التنمية المُستدامة وتطوير أجندة 2030، مع معالجة الآثار الناتجة عن الجائحة على حالة التنمية ومعدلات النمو الاقتصادي في العالم. فتحقيق السلم والأمن الدَوليين لا يُمكن فصله عن تحقيق وتعزيز التنمية، مما يتطلب تعزيز الدور التنموي للأمم المتحدة وعدم تخلِي المنظمة عن مسئوليَاتها التاريخيَة تجاه المساعدة في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدول النامية، والحقوق التي كفلها القانون الدولي لحقوق الإنسان، والتنفيذ الكامل والأمين لها من جانب الأمم المُتحدة والوكالات المُتخصِصة وبرامجها وصناديقها بالتنسيق مع الدُول الأعضاء، وذلك بما تحقق أهداف التنمية المُستدامة مع حلول العام 2030.
-
من جانب آخر، يشهد العالم منذ عام 2015 تصاعداً في أهمية قضايا النزوح القسري بما تتضمَنه من مشكلات تتعلق بالهجرة واللجوء، خاصة مع اعتماد الاتفاق العالمي للاجئين والعهد الدولي للهجرة في ديسمبر 2018، وما صاحب ذلك من إنشاء شبكة الأمم المتحدة للهجرة، وتحول المنظمة الدولية للهجرة إلى وكالة متخصصة، وتعزيز الدور السياسي للمفوضية السَامية لشئون اللاجئين ووكالة إغاثة اللاجئين الفلسطينيين (الأنروا)، وتمكين كل تلك الأجهزة من أداء مهامها بكفاءة من خلال دعمها ماليًا وسياسيًا.
ورغم كل ما بُذِل من جانب الأمم المتحدة للتعامل مع قضايا اللَاجئين، والتي تدخل ضمن تسوية النزاعات والوقاية من تجدُدها وكذلك مكافحة الفقر وتغيُر المناخ والجفاف، والتنمية، إلا أن ذلك لا يُغنى عن الحاجة لإيجاد حلول مستديمة للجوء من خلال معالجة مسببات النزوح وتهيئة المناخ السياسي والتنموي والأمني المناسب للعودة الطوعية والآمنة للاجئين إلى دولهم الأصلية، من خلال تعزيز العلاقة بين العمل الإنساني والتنمية والسلام، حيث تمثل الأعداد المتزايدة للاجئين عبئاً سياسياً وأمنياً واقتصادياً على الدول المضيفة لهم، وتعد مصدرًا لتجدد النزاع بدولهم الأصلية، ممَا يتطلب من الأمم المتحدة وضع رؤية أكثر شمولاً لتعزيز جهود إيجاد حلول دائمة لأوضاعهم، مع التركيز على متطلبات العودة والعمل على إيجاد حلول دائمة بدلاً من التركيز على المعالجة الوقتية. ومن هنا يأتي الدَور الهام الذي تقوم به الأمم المتحدة في إطار بناء السَلام منذ أَنشأت الجمعيَة العامَة للأمم المتحدة عام 2006 لجنة بناء السَلام.
-
ارتباطاً بما تقدَم، يُؤكد المجلس ضرورة الامتناع عن استخدام الاعتبارات الإنسانية كذريعة للتدخُل في الشئون الداخلية للدول من خلال التوسع في تفسير مفهوم “مسئولية الحماية” واستخدامه لأهداف سياسية انتهاكاً للمبدأ السابع من مبادئ الأمم المتحدة الذي نصَت عليه المادة الثانية من الميثاق، حتى أن هذا المفهوم مدرجاً ضمن أعمال الجمعية العامة، خاصة على خلفية التجارب السلبية لتفعيل مفهوم “مسئولية الحماية” في ليبيا، وفي غيرها من مناطق للنزاعات وتعدد تفسيرات مفهوم الأمن الإنساني.
-
ضرورة التَنفيذ الكامل والأمين لأجندة نزع السِلاح التي نصَت عليها نتائج الدَورة العاشرة الخاصة للجمعيَة العامة للأمم المتحدة I لعام 1978 وعلى رأسها السَلاح النَووي، وتحقيق إخلاء العالم من السَلاح النَووي وغيره من أسلحة الدَمار الشَامل، عالميَا وإقليميَا، وبصفة خاصَة في منطقة الشرق الأوسط وفقاً لقرارات الجمعيَة العامة العديدة ذات الصِلة، وذلك لتفادي فناء الجنس البشري وتحقيقاً للسلم والأمن الدَوليين. وتحقيقاً لهذا الهدف يجب أن تقوم الدِول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن وغيرها من الدِول الحائزة على أسلحة الدَمار الشَامل وخاصةً السِلاح النَووي بالتخلُص من تلك الأسلحة، وتخصيص الوفورات التي تتمخَض عن ذلك لتمويل جهود التنمية الإقتصاديَة والإجتماعيَة، وبصفة خاصة تمويل أجندة التنمية المُستدامة. وقد رحَب المجلس المصري، بهذه المناسبة، بقُرب دخول معاهدة حظر الأسلحة النَوويَة TPNW مع تصديق الدولة الخمسين على المعاهدة (هندوراس).
-
أخيراً يُؤكِد المجلس المصري للشئون الخارجية ضرورة العمل جديًا على إصلاح نظام الأمم المتحدة بحيث تكون أكثر ديموقراطيَة لخدمة قضايا السِلم والأمن الدَولييَن وقضايا التنمية الإقتصاديَة والإجتماعيَة.