أليكس هيلى.. Alex Haley عبد الرؤوف الريدي
أغسطس 17, 2021مشاركة المجلس فى احتفالية سفارة جمهورية طاجيكستان لدى القاهرة بمناسبة مرور 30 عاماً على استقلال الجمهورية الطاجيكية
سبتمبر 6, 2021
سفير د صلاح حليمه
نائب رئيس المجلس المصرى للشئون الافريقية
بثوابت الجغرافيا وتداعاياتها ، افغانستان دولة حبيسة تحدها ست دول الصين وايران وطاجيكستان واوزبكستان وتركمستان وباكستان ، تتمتع بموقع جيواستراتيجى يربط بين شرق وغرب وجنوب ووسط اسيا حيث يتواجد بالقارة حوالى 65% من مسلمي العالم ، تضم دولا تعد أرضا خصبة للأفكار المتطرفة . طالبان تعنى الطلبه ربطا بنشأتها فى المدارس التقليدية الدينية الباكستانية . وهى” حركة قومية إسلامية سنية سياسية متشددة ومسلحة عسكريا بل وبعقيدة تطبيق الشريعة الاسلامية ( 85 % مسلمين )”، ولدت من رحم التنظيمات الجهادية السلفية التى سبقتها ، أسسها الملا محمد عمر بهدف إقامة امارة أفغانستان الاسلامية ، عدد قواتها حوالى 200 الف جندى ، تضاعفت قوتها بما خلفته القوات الامريكية مؤخرا من كميات ضخمة من الأسلحة المتنوعه المتقدمة . ينتمى أعضاء الحركة الى قبائل البشتون التى تشكل أغلبية المجتمع القبلي الأفغاني ( حوالى 40 مليون نسمة ) الذى يضم ما يقرب من 14 عرق ، ( البشتون 45 % ، الطاجيك 35 % ، الهزارا وهم شيعة 9 % ، الاوزبك 9 % التركمستان 2 % ) .تمتد قبائل البشتون بالجوار خاصة بباكستان لتثير حلم اقامة دولة البشتون . تم إدانتها لتطبيقها القاسي والبشع لمفهوم الشريعة الاسلامية لديها على البشر والآداب والفنون …… خلال فترة حكمها 1966 ـ 2001 فى إطار أيدولوجيتها آنذاك، التى تجمع بين شكل مبتكر من الشريعة الاسلامية ( القائمة على أصولية ديوبندية واسلاموية متشددة بجانب معايير اجتماعية وثقافية بشتونية ،تعرف باسم الباشتونوالى ) .هذا ومن المرجح أنه طرأ عليها قدر من المرونة مؤخرا كنتاج للتجربة التى مرت بها الحركة منذ النشأة وحتى الآن ، وبما يتردد عن تيارين داخل الحركة ( القديم والجديد ) . تجسد ذلك فى تصريحات كبار المسئولين حاليا عن إقامة حكم مركزي، المشاركة فى السلطة مع قوى أفغانية أخرى ، تناول قضايا المرأة بإيجابية وبقدر من الانفتاح ،الاخذ بالحوار مع كافة القوى السياسية ، نبذ الحرب والجنوح الى السلم والتفاوض ، عدم التوسع او الانتشار الإقليمي ، إقامة علاقات طيبه مع دول العالم وخاصة الدول الغربية . طالبان حركة إقليمية قبلية، تختلف عن تنظيم الدولة العابر للحدود والذى ينظر للعالم أجمع كعدو، لذا لم تصنف الولايات المتحدة طالبان كحركة ارهابية بعكس تنظيم الدولة. تدخلت الولايات المتحدة فى أفغانستان ـ من بين أسباب اخرى ـ لايواءها تنظيم القاعدة المسئول عن أحداث سبتمبر لمحاربته والقضاء عليه . يتردد أن بأفغانستان مجموعة منشقة عن طالبان تسمى طالبان البنجاب، أو داعش أفغانستان بولاية خراسان .
واقع الامر، افغانستان بالمعايير الدولية دولة فاشلة ، من أفقر دول العالم ، إجمالي الناتج القومي 20 مليار دولار ، تذخر بثروات معدنية إستراتيجية هائلة تقدر بما بين تريليون الى ثلاثة تريليون دولار ، تعد عماد صناعات حيوية متقدمة ، وهى محط أطماع قوى عالمية ، من أبرزها الليثيوم ( من أكبر الاحتياطات فى العالم ، البريليوم إحتياطى 88 مليار دولار، اليورانيوم الذهب الزنك البترول الغاز النحاس إحتياطى 88 مليار دولار ، الكوبالت الحديد الاحجار الكريمه ، ومعظمها تدخل فى إطار التحول للطاقة النظيفة التى سيتضاعف الطلب عليها خاصة الليثيوم ( 40 ضعفا منذ عام 2020 ).
لم يكن التدخل الامريكى فى أفغانستان بهدف تصفية القاعدة فقط ، وإنما اسقاط نظام حكم طالبان واقامة نظام جديد يختلف جذريا عن نظيره السابق عبر قيادات أمريكية الصنع بدءا من كرازاى وانتهاءا بالرئيس الهارب ـ ، فى ظل جيش أفغانى ـ أمريكى الصنع ـ ، ولكنه جاء فاقدا لمقومات الجيش الوطنى فكرا ولاءا للوطن . فشلت الادارة الامريكية فشلا ذريعا فى تحقيق أى من هذه الاهداف ذات الطبيعة الاستراتيجة سياسيا واقتصاديا ، وجاء الانسحاب الامريكى فى صورة مهينة كارثية إتسمت بسوء التقدير من كافة الجوانب ،والتسرع غير المدروس ،وتبريرات تدين ولا تنصف . ربما أراد بايدن أن يدخل التاريخ بقرار الانسحاب ليوقف نزيف تريلونات الدولارات الامريكية فى افغانستان ، لكنه ترك أفغانستان فى ظل سيطرة طالبان ، وإنهيار نظام الحكم القائم فى رعايته ، وتحلل الجيش الذى أنشأه ، فضلا عن إتاحة ثروات هائلة تمتلكها افغانستان لقوى مناوئه له من أبرزها الصين وروسيا وايران .
هرولت الدول الغربية التى وجدت نفسها فى ورطة لاجلاء مواطنيها فى وسط حالة من الفوضى العارمة ، وحددت موقفها من الاعتراف بسيطرة طالبان على افغانستان بمستقبل وضعية المرأة ، والحريات وحقوق الانسان ، فى وقت حددت فيه الادارة الامريكية موقفها بالتزام طالبان بتعهداتها ، بينما إتخذت دول الجوار لافغانستان والصين موقفا إتسم بالحكمة والبراجماتية بارهاصات نحو الانفتاح على النظام الجديد .هذا بالرغم من الهواجس التى لدى كل منها ، فباكستان وهى الاقرب للنظام الجديد قلقة بسبب امتداد قبائل البشتون لاراضيها وحلم دولة البشتون لدى طالبان ، الصين قلقة من تأثر اقلية الايجور المسلمة ( 1،7 % ) بالنظام فى افغانستان ، وإيران لديها مخاوف على الاقلية الشيعية بافغانستان ( حوالى 9 % )، وروسيا لديها تخوفات بسبب الاقلية المسلمة لديها ( 13،5 % ) ، وأيضا دول الإتحاد السوفيتى السابق بالاغلبية المسلمة ( طاجيكستان واوزبكستان وتركمستان 90 % ) .
تسيطر طالبان وتحكم أفغانستان ” بالامر الواقع ” De FACTO ، وتسعى الى بسط سيطرتها على ما قد تبقى وهو محدود عبر طرق سلمية ، أولا ، بمناشدة قيادات قديمه معارضة وخاصة من الطاجيك ( أبرزهم نجل أحمد مسعود ) وبقايا نظام كابول المنهارالامريكى الصنع ، وبقوة السلاح ثانيا ، وهو امر ليس بالصعب عليها .كما أنها تتجه نحو الانفتاح على العالم الخارجى والاندماج فى المجتمع الدولى بتصريحات تجسد رغبة فى تحقيق هذا الهدف ، كما تبدى استجابه لمطالب تصحيح وضعية المرأة وتأمين حقوق الانسان ، وفتح الباب أمام المشاركة فى السلطة فى ظل نظام حكم مركزى تجنبا لنظام بديل قد يحمل فى طياته فرص لمطالب انفصالية ، مؤكدة على نبذها للارهاب ، نافية أية نوايا لتوسعات إقليمية .
يجب أن تلقى هذه التوجهات ، تشجيعا وترحيبا من المجتمع الدولى لتدفع طالبان نحو الانخراط فيه ، والتوجه نحو الحد بالتالى من التطرف ، من منطلق موقف يحترم خيارات الشعب الافغانى فى إطار التزام طالبان بمنظومة المجتمع الدولى وما بها من مواثيق وقوانين دولية ، ومنظمات ومؤسسات إقليمية ودولية سياسية وإقتصادية ومالية وإجتماعية . يتعين على الدول العربية وخاصة دول الخليج سواء فى الاطار الثنائى أو المتعدد ( عبر الجامعة العربية والتعاون الاسلامى ) أن تلعب دورا إيجابيا فى هذا الصدد بالتوجه نحو التجاوب مع المواقف الطلبانية المشار اليها ، بالمبادرة بتوفير دعم ومساعدات فى مجالات بناء المؤسسات الافغانية والبنية التحتية والاستثمار فى مجالات الثروات الطبيعية الافغانية فضلا عن قطاع التعليم والصحة وخاصة بالنسبة للبنات والمرأه ، مع دور ايجابى وبناء للازهر الشريف فى التعاليم الدينية عبر المنح والبعثات ، وهى أمور فى مجملها تبعد الطالبان لحد ما عن النموذج الايرانى فى الحكم ، وتجاوز الموقف الغربى الذى يضع شروطا مسبقة للإعتراف بطالبان قد يأتى بنتائج عكسية .