
فى مشاركته بقمة حول “مراكز الفكر فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا”
نوفمبر 23, 2021
نعى المجلس للبروفيسور جيمس ماكجان
نوفمبر 30, 2021السفيرة: اعتزام إنشاء جامعة خاصة برتغالية لأول مرة فى مصر
الاتحاد الأوروبى والناتو والبرتغاليون بالخارج يؤثرون على السياسة الخارجية
وصفت سفيرة البرتغال لدى مصر / مانويلا فرانكو العلاقات المصرية/ البرتغالية بأنها أضحت تأخذ منحى إيجابياً متقدماً مؤخراً، وأنه، فى هذا السياق، يُعتزَم إنشاء جامعة برتغالية خاصة فى مصر، فى إطار مذكرة التفاهم التى تم توقيعها بين مصر والبرتغال فى يونيو 2021؛ بهدف دراسة إنشاء أفرع للجامعات البرتغالية فى مصر، مع التركيز على قطاعات كهندسة البيئة والإدارة وعلوم الحاسب، وتخريج 500 طالب سنوياً، بالإضافة إلى تحقيق تعاون ثنائى فى مجالات البحث العلمى ذات الاهتمام المشترك، وكذلك تبادل الاعتراف بالشهادات والدرجات العلمية. وهو الأمر الذى يمكِّن من تعزيز الاطّلاع عن كثب على الثقافة البرتغالية، وكذا تعزيز السياحة البرتغالية إلى مصر. وأكدت عمق العلاقات الثنائية بين الجانبين البرتغالى والمصرى، مشيرة إلى أن العلاقات الدبلوماسية بينهما قد أقِيمَت فى عام 1942.
جاء ذلك خلال استضافة المجلس المصرى للشئون الخارجية سفيرة البرتغال، للحديث عن العلاقات البرتغالية/ المصرية، وموقف بلادها من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك. وافتتح اللقاء السفير د./ منير زهران رئيس المجلس، وشارك فيه السفراء د./ عزت سعد مدير المجلس وعبد الرحمن صلاح وعادل السالوسى وجيلان علام، وعدد من الباحثين المهتمين الشأن الأوروبى، بتاريخ 29 نوفمبر 2021.
وبالإشارة إلى انخفاض الجهود الثقافية البرتغالية فى مصر، فى ظل وجود مراكز ثقافية أجنبية عديدة بمصر، أفادت السفيرة بأن هناك صعوبة كبيرة للمنافسة فى هذا الصدد، خاصة فى ظل الانتشار الملحوظ للغات الإنجليزية والفرنسية والألمانية، مشيرة إلى أن هناك بالفعل قسماً للغة البرتغالية فى كلية الألسن بجامعة عين شمس، آملةً أن تساعد عملية إنشاء جامعة خاصة برتغالية، لأول مرة فى مصر، فى تحقيق تقدم ملحوظ فى هذا الشأن.
وحول رؤيتها لمدى إسهام مؤسسة الأزهر الشريف فى نشر الإسلام المعتدل ومواجهة التطرف فى الاتحاد الأوروبى، بما فى ذلك البرتغال التى زارها شيخ الأزهر الإمام الأكبر/ أحمد الطيب فى عام 2019، وكذا رؤيتها للجهود الثنائية فى هذا الصدد، أشارت إلى أنه لا شك أن لتلك المؤسسة العريقة دوراً كبيراً فى هذا الصدد، ومع ذلك بالكاد توجد مؤسسات إسلامية رسمية أو مراكز فكر معنية بالتوعية فى هذا الشأن بالبرتغال، مع الإشارة إلى أنه ليس هناك مركز رسمى مستقل معنِى بتعليم اللغة العربية أو إيضاح ملامح الإسلام بعيداً عن المساجد.
واستعرضت سفيرة البرتغال نبذة تاريخية عن بلادها، مشيرة إلى أنها تُعد أقدم دولة قومية فى أوروبا، وكذا إحدى أولى الإمبراطوريات العالمية بفضل الاستكشافات الجغرافية التى حققتها خلال القرنين الخامس عشر والسادس عشر، والتى مكَّنتها من التوسع فى أراضٍ فى أفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية. ومع ذلك، لم تكن أراضى البرتغال(90 ألف كيلومتر مربع) بعيدة فى تاريخها عن الاحتلال والغزو، بسبب موقعها الجغرافى، والذى كان أحد العناصر المهمة فى التأثير على تطورات الأوضاع بها، كما مكَّنها من التعرف على مختلف الثقافات، وأعطاها القدرة على تعزيز التعايش فيما بين المجتمعات المختلفة بداخلها.
واشارت إلى ثورة القرنفل (عام 1974) التى أنهت الحكم الديكتاتورى الذى رسَّخه أنطونيو سالازار فى البرتغال منذ عام 1933؛ إذ بدأ إبّان ذلك عهد اقتصادى جديد خلق فرصة للاندماج الحقيقى مع الاقتصادات المتطورة فى أوروبا الغربية، بل وأخذت البلاد أيضاً فى إرساء دعائم النهج الديموقراطى فى الحكم، كما شرعت فى إنهاء الاستعمار البرتغالى فى العديد من مناطق العالم. وكان الاقتصاد البرتغالى يعتمد فى مجمله على تجارة المواد الخام الطبيعية طوال العهد الإمبراطورى للبلاد، وحتى قبيل تلك الثورة.
ورداً على استفسار خاص باستراتيجية البرتغال تجاه مستعمراتها السابقة فى أفريقيا، لاسيما فى ضوء التنافس الدولى المحتدم على القارة السمراء، أشارت السفيرة/ فرانكو إلى أن الشعوب الأفريقية قد عانت الكثير جرَّاء ذلك الاستعمار، والآن تحاول العديد من البلدان الانخراط فيها، نتيجة المنافسة العالمية وأيضاً لمواردها. وفى هذا السياق، فإنه لا يضير البرتغال ذلك، خاصة وأنها تتمتع بعلاقات قوية فعلاً مع العديد من البلدان الأفريقية، على صعيد المساعدات منذ انتهاء حقبة الاستعمار، وكذا الصعيد التجارى، وحتى العسكرى فى إطار البعثات التدريبية، كما هو الحال مع أنجولا وموزمبيق وغينيا بيساو وساوتومى، هذا فضلاً عن العلاقات غير الرسمية بفعل الهجرة المتبادلة بين البرتغال وتلك الدول. وتجدر الإشارة إلى أن البرتغال قد نجحت فى إنشاء تعاون خاص بين دولة الرأس الأخضر والناتو فى مكافحة بتهريب المخدرات وبعض القضايا الإقليمية، فضلاً عن مشاركة البرتغال فى عمليات حفظ السلام فى منطقة الساحل والصحراء بنحو 600 عسكرياً.
وأشارت إلى أنه من الجدير بالذكر أنه لا تزال هناك علاقة عاطفية بين البرتغال ومستعمراتها، الأمر الذى تمَّ فى سياقه إنشاء منظمة البلدان الناطقة بالبرتغالية فى عام 1996، والتى تشمل 9 دول ذات عضوية أصيلة، إلى جانب 28 دولة بصفة مراقب.
وحول البرتغاليين فى الخارج، أوضحت أن نسبة لا بأس بها من مواطنى بلادها (إجمالى المواطنين يصل إلى 10 ملايين نسمة تقريباً)، توجد فى الخارج؛ فى البرازيل وفنزويلا وفرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة… إلخ؛ حيث تُعرَف – ومنذ زمن طويل – بأنها بلد هجرة عكسية.
وبشأن تأثير ذلك على السياسة الخارجية لبلادها، ذكرت إن الأخيرة كثيراً ما يسهم فى تحديدها الشتاتُ البرتغالى فى الخارج، والحاجة دوماً إلى رعاية مصالحه فى البلدان الأخرى.
فى سياقٍ متصل، أشار اللقاء إلى أن سياسة البرتغال الخارجية أضحت محكومة إلى حدٍ كبير بالسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبى الذى هى منضمة إليه، ممَّا يضع بعض القيود على استقلالية خياراتها الدبلوماسية، كما يُضاف إلى ذلك حقيقة أن البرتغال دولة أطلسية لا يمكنها إغفال ما يؤمن به حلف الناتو من توجهات أو ما يتوصل إليه من قرارات.
وكانت البرتغال قد انضمت إلى المجموعة الأوروبية فى عام 1986، والواقع أن الاستمرار فى الاتحاد منذئذٍ لا يرتكز على أسبابٍ اقتصادية بقدر ما يرتكز على عوامل سياسية تتمثل فى ضرورة الانخراط فى العملية السياسية الأوروبية ومراقبتها عن كثب، وكذا خشية العودة إلى نظام ديكتاتورى مرة أخرى، على شاكلة نظام سالازار، خاصة وأن الجيل الذى قام بثورة القرنفل لا زال مسيطراً على أفكار الأحزاب السياسية الرئيسية بالبرتغال، بل ويوجد فى حكومتها، وهو ما يُحتمَل معه القيام بتعزيز نفوذه بصورة ديكتاتورية، ومن ثمَّ استئثاره بالسلطة فى البلاد. هذا مع الأخذ فى الاعتبار أن سمة التشكك فى الاتحاد الأوروبى تطغى على كافة الأحزاب السياسية بالبرتغال.
ورداً على تساؤل خاص بشأن تقييمها لمدى تلاشى القواعد الأخلاقية الغربية عموماً فيما يتعلق بحقوق الإنسان على إثر ما أظهرته الاستجابة الغربية تجاه طالبى الحماية الدولية خلال العقد الماضى، ذكرت السفيرة/ فرانكو أن هناك بالفعل أزمة فى هذا الصدد، تمليها المصالح المختلفة على مستوى الاتحاد وداخله، وهى أزمة تكشفت فى ظل التدفقات الكبيرة والكثيفة للوافدين، واختلاف معالجة دول الاتحاد لها، ويؤمَل أن يتجاوز الاتحاد هذه الأزمة فى أقرب وقت ممكن.
وبشأن العلاقة بين بولندا والاتحاد الأوروبى فى ظل الخلافات البينية بين بعض القوانين والقواعد الأوروبية وتلك البولندية الوطنية، أشارت السفيرة إلى أن ذلك الوضع فى غاية التعقيد، وأن لكلٍ من الطرفين بالفعل مشاكله الخاصة، بل قد تفوق مشاكل الاتحاد تلك الخاصة ببولندا، مُضيفةً أن قواعد الاتحاد جامدة، وربما لا يمكن تحقيقها من قِبَل بولندا، لاسيما فى ظل حقيقة أن الشعوب الأوروبية لديها اختلافات ومشاكل بينية كثيرة على الصعيد العملى.
وفيما يتعلق بالعلاقات الأوروبية/ الأمريكية وسط التنافس الأمريكى/ الصينى، فيُشار إلى أنه قد عُقِد أول اجتماع لمجلس التجارة والتكنولوجيا الأمريكى/ الأوروبى فى سبتمبر 2021، بغية تصحيح مسار العلاقات التجارية وتعزيزها بين الجانبين، بعد الانتكاسة التى شهدتها فى عهد الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب، حيث تجمدت مفاوضات معاهدة الشراكة التجارية والاستثمارية العابرة للأطلسى (TTIP) منذ عام 2017. وكان لذلك الاجتماع أيضاً دوره فى تعزيز العمل على تطوير إنتاج مشترك فى العديد من المجالات كرقائق الكمبيوتر، وكذا الأسس الديمقراطية فى استخدام وتطوير الذكاء الاصطناعى وكذا لحماية مستخدمى الانترنت وأسس الحريات الفردية، وهى أمور– لا ريب– تُواجَه بها الصين فى صراعها الجارى مع الولايات المتحدة.