لقاء د./ محمود ضاهر عويس رئيس حزب التشاور الوطنى الصومالى
December 9, 2021مشاركة المجلس في دورة التمثيل الدبلوماسي العسكري التى عقدها جهاز الملحقين الحربيين التابع لهيئة الاستخبارات العسكرية
December 16, 2021
د. يسري أبوشادي
عضو المجلس المصري للشئون الخارجية وكبير مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية سابقا
بعد توقف المفاوضات في يونية 2021 حول العودة للاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 لأكثر من خمسه أشهر وتغير القيادة السياسية في ايران وتولي الرئيس الجديد إبراهيم رئيسي رئاسة الجمهورية والمعروف بتشدده عادت مفاوضات فيينا من جديد من 29 نوفمبر 2021 في جوله سابعه في محاوله للوصول لاتفاق بالعودة لاتفاق 2015 أو تعديله بما يتماشى مع التغيرات التي حدثت في البرنامج النووي الإيراني بعد انسحاب الولايات المتحدة منه في بداية عهد الرئيس الأمريكي ترامب في مايو 2018 مما ادي لعدم التزام ايران ببنود هذا الاتفاق.
وبعد بداية متفائلة في فيينا في 29 نوفمبر 2021 من جانب كافة الاطراف المشاركة ووصف المفاوضات من الجميع بأنها ايجابـيه وذلك قبل دخولهم في التفاصيل إلا ان بعض المحللين وأنا معهم شككوا في هذا التفاؤل. وتحول رأي من كانوا متفائلين في بداية الأسبوع الي تشاؤم في نهاية الأسبوع بعد اعلان ايران بمطالبهـا المتشددة. ويرجع أسباب عدم التفاؤل للتباعد الكبير في مواقف الطرفين الأساسيين خاصه الجانب الإيراني الذي ابتعد كثيرا عن وضعه الفني والاستراتيجي في 2015 مما يشكك تماما في القدرة علي العودة للاتفاق القديم.
مواقف الاطراف الأساسية قبل 29 نوفمبر 2021:
فالطرف الأول الممثل بالولايات المتحدة والتي انسحبت من الاتفاق بعد حوالي عامين ولم ترفع كل العقوبات المفروضة علي ايران بل وفرضت عقوبات جديده عليها وهددت الدول والشركات الأجنبية بمقاطعتها لو خالفت العقوبات الأمريكية تريد اتفاقا شاملا يتضمن مسائل غير مرتبطة بالملف النووي الإيراني مثل صناعه وتجارب الصواريخ المتطورة وقضايا حقوق الانسان والتدخل في شئون بعض دول المنطقة كما انها ترغب في رفع المدة الزمنية علي حظر عدد من الأنشطة النووية في ايران لفتره زمنيه تتخطي العشر سنوات المنصوص عليها في اتفاق 2015 .
أما الطرف الثاني الممثل في ايران فبعد تهديدات بعدم التزامها ببنود الاتفاق فأنها بـدأت بعد عام من الانسحاب الأمريكي في مخالفه بنود الاتفاق. وفي يوليو 2019 بدأت ايران في تخطي قيود هذا الاتفاق خطوه خطوه.
بدأت إيران بـتخطي حاجز مخزون اليورانيوم المنخفض التخصيب والمحدد بـ 300 كج يورانيوم غازي أو 202.8 كج يورانيوم ووصلت في نوفمبر 2021 ل 2.5 طن (وهو رقم اقل مما كانت تملكه إيران في مايو 2021 بسبب استخدامه لإنتاج يورانيوم مرتفع أو عالي التخصيب سواء 20% أو 60% بسرعه قبل استئناف المفاوضات). ثم تخطت إيران الحد الأقصى لدرجه التخصيب وهو 3,67% ووصلت ل 4.5% ثم زادته بعد ذلك ل 20% ثم 60%.
ثم تخطت الحد الأقصى لمخزون الماء الثقيل وهو 130 طن ووصل ل 131.4 طن.
ثم خالفت إيران التعهد بعدم إنتاج ايه مواد يورانيوم مخصب لدرجه 20% ووصلت في 4 نوفمبر 2021 الي 210 كج يورانيوم.
وفي يناير 2020 وفي اهم تجاوز لإيران للاتفاق النووي في تطوير وابحاث وحدات الطرد المركزي الإيرانية المتطورة وتجميع اليورانيوم المخصب الناتج عنها مما أعطاها قدرات ضخمه للتخصيب في فترة زمنيه قصيره.
كما بدأت إيران مره اخري في استخدام مصنع فوردو لتخصيب اليورانيوم وبدأت تنتج يورانيوم مخصب بدرجه وصلت في 1 ديسمبر 2021 (أثناء المفاوضات الجديدة) ل 20% باستخدام وحدات متطورة.
من 24 فبراير 2021 أوقفت ايران العمل بالبروتوكول الاضافي المؤقت ومن ثم الغت كافه الزيارات التكميلية لمفتشي الوكالة لمواقع ومنشآت قد تكون بها انشطه نووية غير معلنه. وفي نفس التوقيت أعلنت ايران أيضا عدم التزامها ببند الشفافية ووضع كاميرات مراقبه في مواقع لا توجد بها مواد نووية.
وفي 4 نوفمبر 2021 -وهو نفس التوقيت الذي أعلنت فيه القيادة السياسية الجديدة في ايران عن استعدادها للعودة لاستئناف مفاوضات فيينا لإعادة العمل باتفاق 2015- أعلنت إيران في تصريح اعلامي كبير للمتحدث باسم الحكومة الجديدة ان ايران تمتلك الان 25 كيلوجرام من اليورانيوم العالي التخصيب بدرجه 60%. ويأتي اهميه رقم ال 25 كج بانه الرقم الذي تقوم بتعريفه الوكالة الذرية وباعتماد دول السلاح النووي الخمسة (دول الفيتو في مجلس الأمن) بانه يعادل المادة اللازمة لصناعه قنبلة ذريه واحده بغض النظر عن درجه تخصيبه طالما تخطت 20%).
(ملحوظه: في أواخر شهر نوفمبر أعلنت الوكالة الذرية ان إيران انتجت 17.6 كج فقط من اليورانيوم 60% وهو يعادل 26 كج يورانيوم غازي هكسا فلوريد وهنا يبدو ان الإعلان الإيراني بـ 25 كج يورانيوم كان اعلان سيكولوجي سياسي وليس فني).
عوده المفاوضات من جديد:
بعد بدء مفاوضات إعادة اتفاق 2015 والتي استمرت من ابريل الي يونيو 2021 وبعد 6 جولات قيل عنها انها مشجعه وانهم وصلوا لاتفاق فيما يخص 70 الي 80% من البنود توقفت هذه المفاوضات حتي انتهاء الانتخابات الرئاسية في ايران والتي انتهت بتولي الرئيس إبراهيم رئيسي رئاسة الجمهورية وهو المعروف باتجاهاته المتشددة وبعد إعلان ايران بتملكها 25 كج يورانيوم عالي التخصيب أعلنت ايران استعدادها للعودة لطاوله المفاوضات في فيينا مجددا علي ان تستمر هذه المفاوضات بشكل مباشر مع الدول المستمرة في اتفاق 2015 (روسيا – الصين – المملكة المتحدة – فرنسا + ألمانيا والاتحاد الأوروبي) وبشكل غير مباشر مع الولايات المتحدة الأمريكية المنسحبة من الاتفاق. وبدأ كل طرف في تجهيز أوراق الضغط مره اخري قبل بدء المفاوضات.
وتركزت اهم الاوراق الإيرانية في تملكها الحالي ل 25 كج يورانيوم عالي التخصيب لدرجه 60% مع امكانيه زيادة درجه التخصيب ل 90% خلال أسابيع قليله بالإضافة لتملكها أكثر من 200 كج يورانيوم مرتفع التخصيب 20% وهو يمكن تحويله ليورانيوم 90% خلال أسابيع أيضا مما يمكن ايران من تملك ماده لثلاث قنابل ذريه خلال شهور معدودة. كما ان تشغيل ايران وبكفاءة لعدد من وحداتها المتطورة للتخصيب خاصه IR-8, IR-6 وهو ما يمكنها من سرعه إنتاج كميات كافيه لصناعه عده قنابل ذريه في وقت محدود. وتملك إيران أيضا أوراق إيقاف بنود البروتوكول الاضافي المؤقت والزيارات الاكتمالية والمفاجأة وكذا بنود الشفافية خاصه المراقبة بالكاميرات وتحجيم التعاون مع المفتشين. ومن اهم الاوراق التي تملكها إيران هي الموافقة علي حل كافه المشاكل المعلقة مع الوكالة خاصه فيما يتعلق بعمل زيارات جديده للأربع مواقع الغير معلن عن وجود مواد أو انشطه نووية بها وإعطاء تفسيرات مقنعه عن سبب وجود جسيمات يورانيوم مصنع في العينات التي حصل عليها المفتشين من بعض هذه المواقع وكذا العودة لكافه بنود اتفاق 2015 مع القبول ببعض التعديلات المقبولة من الطرفين.
أما أوراق الضغط الأمريكي الغربي في نوفمبر 2021 فهي مماثله لمفاوضات 2015 بالنسبة لرفع العقوبات رغم رفع العقوبات الدولية من مجلس الأمن، ولكن تضاف لها العقوبات الإضافية التي فرضها الرئيس ترامب. وربما تكون جدوله رفع العقوبات بصوره أكثر واقعيه وضمانا للطرفين هي أحد الاوراق الأمريكية.
وفي جو من التفاؤل والتصريحات الإيجابية الغير متوقعه من كافة الأطراف في نهاية اليوم الأول من الجولة السابعة في 29 نوفمبر 2021 والتي انعقدت في فندق القصر التاريخي كوبرج في قلب العاصمة النمساوية فيينا سرعان ما تغير رأي المتفائلين بها الي التشاؤم خاصه من الجانب الأمريكي بعد ان قدمت إيران ورقتين للتفاوض. يفهم من الورقة الاولي انها متعلقة برفع العقوبات وخطوات تنفيذها وضماناتها والورقة الثانية متعلقة بتعهدات إيران بعودتها لالتزامات تقييد برنامجها النووي والتعاون مع الوكالة الذرية. واتخيل ان التشدد في هاتين الورقتين هو السبب الرئيسي لإعلان الجانب الأمريكي عن تشاؤمه خاصه تكرار الغرب لجملتيهم ان 70 الي 80% من نقاط المفاوضات كانت قد تم الاتفاق عليها بالفعل بين الجانبين في الستة جولات الاولي أثناء وجود القيادة السياسية السابقة في الحكم في ايران في الوقت الذي صرح كبير المفاوضين الإيرانيين الجديد علي الباقري ان كل النقاط السابق مناقشتها والاتفاق عليها في الجولات السته السابقة قابله للمناقشة مره اخري.
توقعات ذاتيه في قراءه مستقبل العوده لاتفاق 2015 أو تعديله:
العديد من بنود اتفاق 2015 الهامة تنتهي بعد 10 سنوات من الاتفاق أي في اواخر 2025 أي بعد 4 سنوات من الان. ومن غير المنطقي ان تقبل أي دوله تتفاوض مع إيران حتي روسيا والصين هذا التوقيت.
والمنطق انه لو هناك أمل في الوصول لاتفاق ان يعدل الجدول الزمني للاتفاق ليكون تعليق النشاطات الإيرانية الهامة لمدد تصل ل 25 عاما وان توقع ايران البروتوكول الإضافي بصوره نهائية وان تتعاون ايران مع الوكالة في حل كافه المشاكل المعلقة.
يأتي هذا في مقابل رفع العقوبات القديمة والجديدة بصوره تدريجيه واضحة وخلال فترة زمنيه محدودة ومضمونه. ولا يضاف لهذا الاتفاق ايه مواضيع غير نووية مثل إنتاج الصواريخ أو التدخل في شئون الدول الأخرى أو قضايا حقوق الانسان في إيران.
وفي اعتقادي انه من الصعب على الولايات المتحدة ان تقبل برفع العقوبات بصوره كامله وفورية كما ان التطور الكبير في برنامج التخصيب الإيراني يضع ايران في موقع يمكنها من العودة في مسارها بعد رفع العقوبات. وهناك ايضا شكوك في ان تقبل إيران بالتزامات تصل لمدد طويله أو بالموافقة علي الرفع التدريجي للعقوبات بعد تخلصها من المواد النووية الهامه التي انتجتها وقبل رفع العقوبات بالكامل. وهناك أيضا ضغوط شديده من دول الجوار تدعو الولايات المتحدة للتشدد في المفاوضات.
لهذا فأكون صادقا باني لا أشعر هذه المرة بالتفاؤل في وصول هذه الاطراف سريعا لاتفاق وربما يستغرق هذا الامر لفتره طويله تكون ايران قد اثرت ترسانتها بيورانيوم 90% صالح لعده قنابل ذريه وربما نري أول تفجير اختباري لقنبلة ذريه إيرانية خاصه انه لو تم التعامل عسكريا معها مثل التهديدات المستمرة من جانب إسرائيل مما قد يؤدي لانسحاب ايران من معاهده منع انتشار الأسلحة النووية اسوه بما فعلته كوريا الشمالية عام 2003 واعلان نفسها الدولة العاشرة في العالم المالكة للسلاح النووي.