المجلس السيد/ Terentiev Sergey Leonidovich، سفير دولة بيلاروس لدى القاهرة
أكتوبر 20, 2022التغير المناخى والأمن القومى
أكتوبر 24, 2022
خلال الفترة 19-21 أكتوبر 2022، شارك السفير د./ منير زهران فى المؤتمر الذى عقدته جامعة موسكو الحكومية للعلاقات الدولية (MGIMO University)، التابعة لوزارة الخارجية الروسية، بالتعاون مع معهد فيينا لدراسات الشرق الأوسط (VIIMES)، تحت عنوان “العنصر النووي في سياق الواقع الجديد في علاقات روسيا والغرب”، وذلك بورقة تحت عنوان “الدروس المستفادة من مؤتمرات مراجعة معاهدة منع الانتشار النووى (NPT)”. وقد حضره عدد من السفراء والبرلمانيين والخبراء والباحثين في مجالات نزع السلاح ومنع الانتشار النووي والعلاقات الدولية من دول الشرق الأوسط وروسيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة (شاركوا افتراضياً وحضورياً).
وخلال مداخلته، ذكر السفير/ زهران ما يلى بصفة خاصة:
-
أن صياغة المعاهدة منذ إبرامها عام 1968 تضمَّنت عبارات مبهمة ومراوغة، مثل التفاوض “بحسن نية”، فى المادة السادسة، والتى تتحدث عن التوصل لمعاهدة عن نزع السلاح النووى فى “تاريخ مبكر – At an early date”. وهذا التاريخ لم يتحقق بعد مرور ما يزيد على خمسين عامًا منذ دخول المعاهدة حيز النفاذ عام 1970.
-
أن المعاهدة ميزت بين الدول النووية الخمس أعضاء مجلس الأمن، والتى يحق لها امتلاك السلاح النووى، وباقى الدول الأعضاء التى تعتبر دولاً غير نووية، وذلك بالمخالفة لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة الواردة فى المادة الثانية منه.
-
أن المعاهدة يتم انتهاك أحكامها يوميًا من قِبَل حلف شمال الأطلنطى بقيام دولة نووية (الولايات المتحدة) بوضع أسلحة نووية على أراضى دول أخرى أعضاء فى الحلف، منتهكة بذلك أحكام المادتين الأولى والثانية من المعاهدة، فيما يُسمَّى “بالمشاركة النووية – Nuclear Sharing”.
-
أن المعاهدة والوثائق الختامية لمؤتمرات المراجعة لم تنص على آجال وتواريخ محددة للالتزامات المتعلقة بنزع السلاح النووى، سواء فى المادة السادسة أو فى التزامات الدول النووية بتنفيذ الخطوات الثلاث عشر التى تم النص عليها فى الوثيقة الختامية لمؤتمر المراجعة لعام 2000، كما أن الالتزامات الستة الإضافية التى جاءت فى وثيقة مؤتمر المراجعة لعام 2010 لم تحدد آفاقًا زمنية لتنفيذها.
-
وحتى المؤتمر الدولى المعنِى بإنشاء منطقة الشرق الأوسط، والذى تم الاتفاق عليه فى مؤتمر المراجعة لعام 2010، على أن يُعقَد فى موعد غايته فى نهاية عام 2012، طلبت الولايات المتحدة تأجيله فى ديسمبر عام 2012، ولم يُعقَد حتى الآن. وعندما قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة عقد مؤتمر عن إنشاء منطقة الشرق الأوسط، وعُقِد بالفعل فى نيويورك مرتين عام 2019 و2021، قاطعته الولايات المتحدة وإسرائيل.
-
أن الغرض النهائى من معاهدة منع الانتشار هو نزع السلاح النووى كما جاء فى ديباجة المعاهدة والمادة السادسة منها، وهو من شأنه إخلاء العالم من السلاح النووى، وهو ما لم يتحقق حتى الآن بعد مضى ما يزيد على نصف قرن منذ إبرام المعاهدة، وهو ما أدى إلى قيام 130 دولة إلى الدعوة لمؤتمر لنزع السلاح النووى وافقت على نتائجه 122 دولة، وقاطعته الدول النووية وحلفاؤها. وتم الإعلان عن نتائجه بإبرام معاهدة لإزالة السلاح النووى يوم 7 يوليو 2017، وهى (Treaty on the Prohibition of Nuclear Weapons (TPNW))، ووقعت 91 دولة على تلك المعاهدة، بعد دخولها حيز النفاذ في عام 2021، وانضمت إليها 68 دولة، وقاطعتها الدول النووية وحلفاؤها. وأنتهز هذه الفرصة لأدعو تلك الدول للانضمام لتلك المعاهدة وتحقيق ما فشلت فيه معاهدة منع الانتشار النووي بإخلاء العالم من السلاح النووي.
-
وإلى حين التوصل لإخلاء العالم من السلاح النووي وانقاذ البشرية من ويلات هذا السلاح الأكثر فتكاً ودماراً، طالبت الجمعية العامة للأمم المتحدة مؤتمر نزع السلاح بالتفاوض حول إبرام معاهدتين، وهما:
الأولى: التوصل المعاهدة تنص على ضمانات الأمن السلبية – تمتنع بمقتضاها الدول النووية عن استخدام السلاح النووي ضد الدول غير النووية.
الثانية: عدم استخدام السلاح النووي.
على أن التفاوض حولهما لم يتم، رغم تكرار صدور قرارات مثيلة من الجمعية العامة، نظراً للشل الذى أصاب مؤتمر نزع السلاح جرَّاء اعتراض الدول النووية وحلفائها على الاتفاق على برنامج عمل المؤتمر.
-
لهذا فنحن نطالب بانضمام جميع الدول التى لم تنضم بعد لتلك المعاهدة، بما في ذلك الدول النووية والدول التي لم تنضم إلى المعاهدة أو معاهدة منع الانتشار النووي، وخاصة إسرائيل والهند وباكستان وكوريا الديمقراطية.
-
بالنسبة لمنع الانتشار النووي، فيلاحظ أن الدول الحائزة على السلاح النووي لم تلتزم به استفادة من نص معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية CTBT التي لم تدخل إلى حيز النفاذ حتى الآن، رغم إبرامها منذ عام 1996 نظراً لعدم اكتمال تصديق 44 دولة للمعاهدة وفقاً لأحكام المعاهدة، ومنها دول نووية هى الولايات المتحدة والصين والهند وباكستان، ولم تصدق مصر عليها، نظراً لعدم انضمام إسرائيل إليها، وكذلك عدم انضمامها لمعاهدة منع الانتشار النووي، كما أن المادة (1) من تلك المعاهدة “Test Explosion” تسمح بالاختبارات غير التفجيرية، ومنها الاختبارات عن طريق المعامل. وقد طالبت مصر أثناء المفاوضات بحذف اصطلاح “Explosions” من المادة (1)، إلا أن الدول النووية رفضت ذلك. وهو ما سمح للدول النووية بتطوير وتحديث أسلحتها النووية عن طريق الانتشار الرأسي.
هذا، وردًا على ما أثاره وزير دفاع النمسا السابق ارتباطًا بمعاهدة إخلاء أفريقيا من الأسلحة النووية، والتى دخلت حيز النفاذ بالفعل، معربًا عن الأسف لأن مصر لم تنضم إليها، فقد أشار السفير/ زهران بأن عدم تصديق مصر على المعاهدة يرجع لسببين: الأول: أن هناك تداخلاً بين نطاق معاهدة بليندابا ومنطقة الشرق الأوسط، ومصر تنتمى إلى المنطقتين، حيث لم يحدث أى تقدم فى إنشاء منطقة الشرق الأوسط الخالية من الأسلحة النووية. الثانى: أن نطاق معاهدة بليندابا لم تضم جزيرة دييجو جارسيا فى المحيط الهندى، التابعة لدولة موريشيوس الأفريقية، نظرًا لاعتراض بريطانيا على ذلك، والتى استمرت فى احتلالها، بل وقامت بتأجيرها للولايات المتحدة التى خزَّنت بها أسلحة نووية، وتم استخدام هذه الجزيرة فى العدوان الامريكى / البريطانى على العراق عام 2003، ومصر تؤيد استقلال والسلامة الإقليمية لدولة موريشيوس.
من جهة أخرى، وبالنسبة لنظام الضمانات الشامل للوكالة الدولية للطاقة الذرية للتأكيد على الاستخدام السلمي للطاقة النووية وفقاً للمادة (4) من معاهدة منع الانتشار، يجب أن تلتزم به جميع الدول، ومنها الدول النووية جميعاً، وأن تنضم كذلك للبروتوكول الإضافي.
يُضَاف إلى ذلك ضرورة الإشارة إلى أن معاهدة حظر الأسلحة البيولوجية لا يوجد فى أحكامها نظام للتحقق مثلما هو الحال في معاهدتي منع الانتشار النووي حيث يوجد نظام الضمانات الشامل للوكالة الدولية للطاقة الذرية للقيام بهذه المهمة، ومعاهدة حظر الأسلحة الكيماوية، حيث تقوم بهذه المهمة منظمة الأسلحة الكيماوية في لاهاي، لذلك لابد من تفعيل بروتوكول التحقق لمعاهدة حظر الأسلحة البيولوجية “BWC”، الذي تم التفاوض عليه في تسعينات القرن الماضي، ولكن اعترضت عليه الولايات المتحدة.