زيارة مجلس إدارة المجلس لمركز القاهرة الدولي لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام
فبراير 1, 2023مشاركة المجلس فى إطلاق شبكة الاتحاد الأفريقى لمراكز الفكر لأجل السلام (NeTT4Peace)
فبراير 8, 2023بتاريخ 6 فبراير 2023، نظَّم المجلس لقاءً بالنادى الدبلوماسى المصرى، استضاف فيه السيد/ عمرو موسى وزير الخارجية، وأمين عام جامعة الدول العربية، الأسبق، للحديث عن “الفرص المتاحة أمام مصر لتفعيل دورها”. وقد افتتح اللقاء السفير/ محمد العرابى رئيس المجلس ووزير الخارجية الأسبق، وشارك فيه العديد من أعضاء المجلس، ومن الخبراء والأكاديميين المعنيين بالأوضاع الداخلية والإقليمية والدولية.
وقد تناول اللقاء ما يلى بصفةٍ خاصة:
-
استعرض الضيف التحديات الجمَّة التى تعصف بالواقع الدولى الراهن، من قبيل أزمة النظام العالمى وتعدد التكهنات نحو شكل النظام الجديد المحتمل من حيث القطبية وعلاقات الأطراف والتحالفات والتأثير المتبادل، وذلك فى ظل الصراع الروسى / الغربى فى أوكرانيا، وحرص روسيا على تأمين مجالها الحيوى فى عودة متنامية لأهمية “الجيوبوليتيكس”، إذ من المرجَّح أن ينشب صدام عسكري واسع المدى بين الطرفين، خاصة فى ظل التصعيد الغربى وإعادة تنشيط حلف الناتو وتعبئته، ورفع ميزانيات الدفاع الغربية، أخذًا فى الاعتبار حقيقة الكبرياء الروسى، وعدم قبول موسكو بالهزيمة أيًا كان الثمن.
-
يُضَاف إلى ذلك التحدى المتمثل فى استمرار التنافس الأمريكى / الصينى، سواء على الصعيد التجاري أو السياسي، بما فى ذلك قضية تايوان، مع مراعاة أن الصين حذرة جدًا فى مواقفها إزاء الولايات المتحدة، فى حين أن الأخيرة هى الأقوى عالميًا اقتصاديًا وعسكريًا ودبلوماسيًا. هذا، ومن بين تلك التحديات أيضًا تسارع وتيرة التسلح التقليدى والنووى، بما ينذر بتهديد وجودى للبشرية، كل ذلك بالإضافة إلى الأزمات التى تفرضها قضايا تغير المناخ واستمرار أزمة كوفيد-19 وتحدياتها، ونقص سلاسل التوريد، بما يسهم فى تعزيز أزمات الغذاء وزيادة الفقر فى مناطق مختلفة من العالم.
-
فى سياقٍ متصل، تناول الضيف الأوضاع الإقليمية وتطوراتها، مشيرًا إلى أن كل المؤشرات الخاصة بالصحة والتعليم وغيرهما فى المنطقة سلبية، لاسيَّما فى البلدان التى شهدت انقلابات عسكرية، مضيفًا أن النظام الإقليمى العربى مفكك، ولا يوجد ما يسمى بالأمن القومى العربى، لاسيَّما فى ظل اختلاف رؤى البلدان العربية حول مصادر التهديد الرئيسية للشعوب العربية. كما أشار إلى التدخلات الإيرانية والتركية فى المنطقة، وإلى البرنامج النووى الإيرانى والتهديدات الحقيقية التى ينطوى عليها، مستنكرًا فى ذات الوقت غض العالم الغربى أنظاره عن التسلح النووى الإسرائيلى، والذى يعطى ميزة نسبية كبيرة لإسرائيل فى المنطقة، رغم أنه يشكل انتهاكات كبيرة للمعاهدات الدولية ذات الصلة. كل ذلك إلى جانب الأوضاع البالغة التعقيد فى عدد غير قليل من البلدان العربية، كما فى سوريا وليبيا ولبنان والعراق واليمن والسودان.
-
بتعرَّضه لمسألة التطبيع العربى مع إسرائيل، ومدى إسهام ذلك فى حل القضية الفلسطينية، أشار الضيف إلى أن تلك المسألة غيَّرت كثيرًا من ديناميكيات العمل فى المنطقة، مشيرًا إلى أن البلدان العربية حاليًا تتقدَّم، مقابل تقهقر إسرائيلى جلىّ بفعل التطورات السلبية التى تشهدها تل أبيب من حيث صعود التيارات الدينية المتطرفة والضغط المتصاعد على المؤسسات القضائية فيها، وهو ما يؤدى إلى زيادة الضغط الخارجى على إسرائيل، من جانب الحلفاء أنفسهم، وعلى رأسهم الولايات المتحدة، التى لم تُخفِ قلقها إزاء ذلك، خاصة وأن ذلك يمثل خروجًا صريحًا على المفاهيم والثقافة الغربية، ويرسِّخ لمزيد من العنصرية داخل الأراضى الفلسطينية المحتلة. وعلى كلٍ، أشار الضيف إلى أنه ربما حان الوقت للحديث عن دولة واحدة، بدلاً من حل الدولتين، نتيجة التحديات الجغرافية والديموجرافية الكبيرة التى تعيق إقامة دولة فلسطينية متصلة الأركان، فى ظل استمرار سياسة فرض الأمر الواقع التى تنتهجها إسرائيل، والتى من المتوقع ازديادها فيما يلى من الزمن.
-
بالنسبة لمصر، أشار الضيف إلى أن المؤشرات الحيوية للدولة قد تراجعت على نحوٍ بيِّن، لما لذلك من تأثير على القدرة على إقامة التوازن بين المسارين الداخلى والخارجى، بحكم أن قوة السياسة الخارجية للدولة مستمدة من قوة وتكامل قطاعاتها الداخلية. وفى هذا الصدد، أكَّد أنه لا بد لمصر العمل على تعزيز قوتها الناعمة فى كافة المجالات، وعلى مختلف الأصعدة، بغية وقف تراجع دور مصر الإقليمى، مثمِّنًا ما ذكره الرئيس السيسى من أن هوية مصر أفريقية – عربية – متوسطية، وأنه ينبغى إحياء التفاعلات وترسيخها فى هذه الدوائر الثلاث، بقدرٍ عالٍ من الكفاءة والمهنية.
-
حذَّر السيد/ عمرو موسى من حدوث أية انقسامات داخلية قد تهدد الاستقرار الداخلى للدولة المصرية، خاصة فى الوقت الراهن. كما أشار إلى إمكانية طرح مبادرات مصرية تلقى قبولاً لدى عدد قليل من البلدان العربية، وليس بالضرورة جميعها، مع التأكيد على أهمية مشاركة دولة على الأقل من بلدان المغرب العربى، وأخرى من الجنوب العربى الأفريقى، وثالثة من المشرق العربى، وهكذا. فى ذات السياق، أشار إلى أهمية تعزيز العلاقات مع دول صاعدة مثل البرازيل والهند، وتنويع خيارات السياسة المصرية الخارجية، مع التأكيد على عدم صلاحية حركة عدم الانحياز للتعامل مع التحديات الراهنة، خاصة فى ظل حالة الاستقطاب الحادة التى يشهدها العالم اليوم.