ثمانون عامًا على العلاقات المصرية/ الروسية.. إنجازات وتحديات (1- 2)
أغسطس 28, 2023ندوة السيد/ محمد فايق وزير الإعلام الأسبق حول “مستقبل العلاقات المصرية / الإفريقية”
سبتمبر 9, 2023
بتاريخ 28 أغسطس 2023، نظم المجلس ندوة حول “السمات المميزة لشخصية الاتحاد الأفريقي”، تحدث فيها السفير/ عمرو الجويلى، المستشار الاستراتيجي لنائبة رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي بأديس أبابا، والعضو الزائر بهيئة التدريس في مجال الدبلوماسية المتعددة الأطراف لبرنامج معهد الأمم المتحدة للتدريب والبحوث (اليونيتار)، وافتتحها السفير/ محمد العرابى رئيس المجلس، وشارك فيها السفراء/ عزت سعد مدير المجلس، على الحفنى، يوسف الشرقاوى، عبد المنعم عمر، ود./ صادق عبد العال، وعددٌ من الأكاديميين والباحثين المعنيين بالشأن الأفريقى.
وقد تناول اللقاء ما يلى بصفةٍ خاصة:
-
أشار السفير/ الجويلى فى مستهل كلمته إلى أن الاتحاد الأفريقى يبدو وأن له شخصية سياسية، تختلف فى كثيرٍ من سماتها عن المنظمات الدولية الأخرى بشكلٍ عام، بما فى ذلك الأمم المتحدة. وأضاف أنه يمكن الوقوف على تلك السمات الخاصة من خلال طرح عدد من الأسئلة، أولاها: هل الاتحاد الأفريقى منظمة دولية أم منظمة فوق قومية؟، وأشار فى إجابته عن هذا السؤال بأن هناك نوعًا من التجاذب بين الشخصية الدولية للاتحاد بين منظمة دولية ومنظمة فوق قومية، ويحاول أعضاؤه تعزيز الانتقال من مستوى التنظيم الدولى إلى المستوى فوق القومى، كما أن وقوف ممثلى الدول الأعضاء هيبة وإجلالاً لنشيد الاتحاد الأفريقى يحمل من الدلالات ما يؤكد ذلك. والواقع أن قرارات الاتحاد وصلاحيات تدخّله فى الدول الأعضاء تعزز ذلك، فالاتحاد يتدخل فى أعضائه فى حالة وقوع انتهاكات جسيمة فى بعض القضايا، كما أن بإمكانه تعليق عضوية بعض أعضائه فى بعض الحالات، مثل حدوث الانقلابات، وذلك بموجب الممارسة والسند القانونى، وهذا أمر لا تستطيع الأمم المتحدة القيام به سوى فى حالة تأخر العضو عن دفع رسوم العضوية.
-
التساؤل الثانى: هل أمانة المفوضية فيدرالية أم اتحادية؟ وذلك بالنظر إلى أن رئيس المفوضية يتم انتخابه، وكذا باقى أفراد هيئة المفوضية، بما فى ذلك نائب الرئيس. وهذه حالة فريدة من نوعها، وتجعل من الصعب النظر إلى تكوين المفوضية على أنها فريق واحد متكامل، فكلٌ منهم يتم انتخابه، وكلٌ منهم يتسم بالوصف النِّدِّى للآخر. وفى هذا السياق، يُشَار إلى أن رئيس رواندا كان قد اقترح أن يتم انتخاب رئيس المفوضية أو نائبه، وهو يقوم بتعيين باقى أفراد اللجنة، وذلك على غرار ما يتم فى الأمم المتحدة.
-
بالمثل، تطرح الميزانية إشكالية مفادها: هل هى ذاتية أم تشاركية؟ إذ إن الملاحظ أن الأنشطة اليومية يتم تمويلها من الدول الأعضاء بشكل ذاتى، أما الميزانية البرامجية، وهى الأكبر (حوالى 90 %)، يتم تمويلها من الشركاء، لاسيما من الاتحاد الأوروبى، وهذا من شأنه أن يجعل عمل الاتحاد وأجندته خاضعَيْن لتأثيرٍ خارجى بقدرٍ ما.
هذا مع الأخذ فى الاعتبار أن 50 % من ميزانية الاتحاد تتحملها 5 دول: هى مصر والمغرب والجزائر وجنوب أفريقيا ونيجيريا، وبالتالى هناك نوع من عدم التوازن فيما بين الدول الأعضاء فى هذا الصدد. كما أن هذا يؤدى بدوره إلى وجود نوع من المظلومية بالنسبة لبعض هذه الدول الخمس، خاصة فيما يتعلق بعمَّا إذا كانت مساهماتها تنعكس فى أنصبتها من المناصب الاتحادية.
-
التساؤل الرابع: هل الاتحاد منظمة قارية تمثل دوَلَه الأعضاء أم شبكة جهوية من التجمعات الإقليمية، مثل الإيكواس وغيرها؟ والملاحظ أن هذه التجمعات أو التكتلات الاقتصادية الجغرافية تلعب دورًا كبيرًا فى أقاليم القارة المختلفة، ومن ثمَّ فإن لها تأثيرًا كذلك على التفاعلات فيما بين الدول الأعضاء بها، وبين غيرها من التكتلات الأفريقية. وقد بلغ الحد فى هذا الصدد إلى أنه يجرى حاليًا داخل الاتحاد محاولة الاتفاق على آلية لتقسيم العمل بين الاتحاد وهذه التجمعات، ومدى أن يكون دور الأخيرة تابعًا أو تكامليًا أو بديلاً لأجهزة الاتحاد، هذا بالطبع مع الأخذ فى الاعتبار ضرورة النظر فى الموقف الذى يجب اتخاذه فى حالة اندلاع صراع مسلح مثلاً، هل سيكون لمجلس السلم والامن الأفريقى الدور الرئيسى أم لتلك التجمعات؟ خاصة أنه فى أعقاب الانقلاب العسكرى الذي أطاح برئيس النيجر المنتخب محمد بازوم فى 26 يوليو الماضى هددت المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) بالتدخل العسكرى؛ بهدف إعادة الحكومة الشرعية إلى سدة الحكم، فضلاً عن تدخلها منذ إنشائها فى عام 1975 فى عدد من صراعات القارة الأفريقية، رغم أنها أُنشِئت أصلاً بهدف تعزيز التنمية الاقتصادية بين أعضائها.
-
على صعيدٍ آخر، هل الاتحاد منظمة (organization) أم منظومة (System)؟ بمعنى هل أمانة الاتحاد هى مَن تدير العمل الأفريقى ككل، وأن هناك نوعًا من الاتساق فيما بين أجهزة المنظمة كافة، أم أن الأمر عكس ذلك؟ والحاصل هو العكس، حيث يُلاحَظ وجود نوع من توسع المنظومة، بمعنى وجود مناصب ومكاتب اتصال كثيرة متوازية ومتكررة، وليس لها توصيف فعلى، أو آلية حقيقية للعمل، بما يشكل فى نهاية المطاف عبئًا على المنظمة فى إطارها العام.
-
إن من سمات الاتحاد الأفريقى كذلك هو عدم وجود تفاوض حقيقى بين الدول حول القرارات والاستخلاصات التى يمكن أن تسفر عنها القمم أو الاجتماعات، بحكم أن لجنة الصياغة هى التى تقوم بإعداد الوثائق النهائية، وقد تكون النتائج مُعدَّة سلفًا، وهذا بالطبع قد يؤثر على الأداء العام للاتحاد الأفريقى ككل.
-
ختامًا، أشار السفير/ الجويلى إلى أن هناك طموحًا أفريقيًا إيجابيًا بأن يكون الاتحاد منظمة مماثلة للاتحاد الأوروبى. وفى هذا السياق، يجب العمل على البحث عن كيفية تعزيز الدور المصرى فيه. وأشار فى هذا الصدد أنه يجب تعزيز هذا الدور فى دائرة اتخاذ القرار فى مجموعة العشرين، خاصة وأن الاتحاد الأفريقى قد انخرط فى عضوية المجموعة مؤخرًا (فى سبتمبر 2023)، كما يجب أن تكون لمصر مناصب منتخبة وسياسية بدرجات متفاوتة فى هيكل الاتحاد، وذلك بالتناسب مع حجم إسهامها فى ميزانيته.
كما لا بد من البحث فى كيفية انضمام مصر لتجمع أفريقى قوى، على غرار التجمعات القائمة، خاصة وأنها هى الدولة الوحيدة من الدول الثلاث الكبار فى أفريقيا (إلى جانب جنوب أفريقيا ونيجيريا) لا تربطها انتماءات جهوية، هذا مع الأخذ فى الاعتبار حالة الانقسام السلبية فى منطقة شمال أفريقيا، والذى يؤدى بدوره إلى التأثير بشدة على الدور الذى يمكن أن يلعبه الشمال (العربى) فى باقى أرجاء أفريقيا.
-
بالإضافة إلى ذلك، فإنه يمكن لمصر طرح فكرة ترشيد وتقنين أسلوب اتخاذ القرار ودور لجنة الصياغة داخل الاتحاد، وكذا فكرة إصلاحها، وجعْل القرارات أكثر تشاركية، من منظور الرغبة فى تعزيز فاعلية وكفاءة الاتحاد والمفوضية الأفريقية. وباعبتارها منظمة قارية شاملة تضم أكثر من 50 دولة، بالمثل، يمكن لمصر الدعوة إلى – واستضافة – ما لا يقل عن خمس مؤتمرات أو جلسات تشاورية للاتحاد وأجهزته فى كل عام، بما يسهم فى تعزيز قوتها الناعمة ودورها الريادى فى القارة. فضلاً عن دور ذلك فى إمكانية الطرح المستقبلى لفكرة إنشاء أكثر من مقر للاتحاد – فى غير إثيوبيا، فى عدد من دول القارة، ولتكن مصر من بينها.
-
هذا، وردًا عمَّا إذا كان لأفريقيا نصيب فى مسألة توسيع مجلس الأمن، أشار السفير/ الجويلى إلى أن هناك اعترافًا دوليًا بالقوة التصويتية الهائلة للبلدان الأفريقية، وأنه يتردد أن بعض الدول الكبرى مثل ألمانيا وفرنسا، تدعو إلى توسيع مجلس الأمن، وضرورة ضم دول أفريقية له، ولكن إذا أُعطِيَت الفرصة لأفريقيا، ستثور تساؤلات، أبرزها: فهل سيكون لأفريقيا مقعد واحد أم أكثر؟ وما هى المعايير التى يتم الاختيار بناءً عليها؟ ومدى توافر التوازن المناطقى الأفريقى؟… إلخ.