بيان المجلس المصري للشئون الخارجية بمناسبة اعتزام مصر التدخل دعماً لدعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية ———————-
مايو 13, 2024مشاركة السفير د. عزت سعد في مؤتمر مجموعة الرؤية الاستراتيجية “روسيا – العالم الإسلامي”
مايو 16, 2024بتاريخ 14 مايو 2024، استضاف المجلس وفدًا من مركز المعلومات العلمية والتحليلية التابع لمعهد الدراسات الشرقية بالأكاديمية الروسية للعلوم، حيث عقد مائدة مستديرة مشتركة تطرقت لبحث تطورات العلاقات بين مصر وروسيا، في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية، وسبل تعزيزها، بجانب القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، من قبيل الأزمات القائمة في منطقة الشرق الأوسط، مثل الحرب في غزة الجارية منذ السابع من أكتوبر، والأزمات في ليبيا واليمن والسودان وسوريا، والأزمة الأوكرانية، ومدى انخراط القوى الدولية الكبرى في المنطقة، واستراتيجياتها في ذلك. وقد شارك في اللقاء من جانب المجلس السفيران/ محمد النقلي ويوسف زاده، عضوا المجلس، فيما ضمَّ الوفد الروسي كلاً من د./ Nikolay Plotnikov، مدير المعهد الروسي، والباحثَيْنAleksei Romanov ،وMaksim Ushanov.
وقد تناول اللقاء ما يلي بصفة خاصة:
- افتتح النقاش السفير/ محمد النقلى بالترحيب بالوفد الزائر، وتطرق لعرض نبذة تاريخية موجزة للعلاقات المصرية / الروسية، مشيرًا إلى أنها تتسم بالعمق والصداقة الراسخة، فيما شهدت الكثير من التطورات فى مختلف القطاعات فى عهد الرئيسين عبد الفتاح السيسى وفلاديمير بوتين على وجه الخصوص. ومع ذلك، أشار إلى أنه لا زال هناك الكثير من العمل لتحقيق الاستفادة القصوى من الإمكانات الهائلة لدى البلدين، مشيرًا إلى أن معدل التجارة الثنائية بينهما ارتفع فى عام 2023 بنسبة 16 % عن عام 2022، ليصل إلى 7 مليار دولار، ومع ذلك فإن هذا الرقم متواضع جدًا، ويجب ترقيته، معربًا عن أمله فى استخدام العملات المحلية للبلدين، بدلاً من الدولار، فى إجراء المعاملات التجارية، والتى ستؤدى بدورها فى تعزيز العلاقات التجارية بين البلدين.
- بدوره، شكر رئيس الوفد المجلس على حسن الضيافة، وأعطى نبذة حول المركز الروسى، مشيرًا إلى أنه يهدف إلى دعم اتخاذ القرار وتوفير المعلومات اللازمة لعمل إدارة الرئيس الروسى ووزارة الخارجية ومجلس الدوما وعدد آخر من المؤسسات والاجهزة السيادية فى الدولة. وأضاف أن اختصاص المعهد يغطى آسيا ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأنه يضم دبلوماسيين وعسكريين متقاعدين، وأشار إلى أنه شخصيًا رجل عسكرى، وعمل نائبًا لرئيس حرس الحدود، كما عمل لبعض الوقت فى وزارة الخارجية، ثم انتقل إلى هذا المركز. وأضاف أن للمركز علاقات جيدة ومتشعبة مع العديد من البلدان الواقعة فى اختصاصه، كما فى سوريا ولبنان وأفغانستان وغيرها.
- ارتباطًا بالعلاقات المصرية / الروسية، أكَّد الضيف على العلاقات القوية بين البلدين، موافقًا السفير النقلى فى أهمية الحاجة إلى استكشاف الوسائل الممكنة لتعظيم المنافع المشتركة بين البلدين. وأضاف ان روسيا تعتبر مصر الدولة الرائدة فى العالم العربى. وفى هذا السياق، أعرب عن رغبته فى أن تقوم السفارة المصرية فى موسكو بالانفتاح على المركز للحفاظ على وتيرة التعاون والمشاورات الثنائية بين الجانبين. كما أشار إلى اهمية تيسير الإجراءات الخاصة بالاستثمارات فى مصر، والمضى قدمًا فى مناقشات استخدام نظام الدفع الروسى فى مصر. وهو ما اكده السفير النقلى بدوره، مشيرًا إلى أن مصر حققت الكثير من التقدم فى هذا السياق، مناشدًا الشركات الروسية بالاستثمار فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، على غرار الشركات الأخرى لاسيما من الصين. من جهة أخرى، اكد الطرفان على اهمية تعزيز الروابط الثقافية بين البلدين، وزيادة معدل التبادلات فى سياق البرامج التعليمية.
- تطرق اللقاء إلى الحرب الأوكرانية، حيث أشار السفير/ يوسف زاده إلى تفهمه الكامل للتدخل الروسى فى اوكرانيا بناءً على ما شهده بنفسه أثناء عمله سفيرًا لمصر لدى اوكرانيا. وفى هذا الصدد، تساءل عن الفرص المحتملة لتسوية هذه الحرب. ومن جانبه، أشار السيد/ Plotnikov إلى أن أى حرب فى التاريخ كان مصيرها إلى الانتهاء، ومعاهدة سلام، فى إشارة إلى ان الحرب الجارية فى اوكرانيا لن تكون استثناءً من ذلك.
- وردًا على تساؤل السفير زاده بشأن ما إذا كانت هناك شكوك روسية معينة ارتباطًا بانفجار خط السيل الشمالى 2، أشار الضيف إلى أنه من المثبت تورط قوات البحرية الامريكية فى تفجيره، لأن أنابيب الخط محمية بطريقة خاصة وتوجد على عمق كبير، وأنه لكى يتم تفجيرها بهذا الشكل لا بد من توافر تقنيات ومتفجرات معينة، لا تمتلكها سوى القوات البحرية الامريكية والبريطانية. وأضاف أن روسيا تعتقد أنه تم زرع تلك المتفجرات أثناء المناورات التى أجراها الناتو قبل حدوث الانفجار بأيام قليلة. واستطرد أن الولايات المتحدة استهدفت من ذلك إجبار الاتحاد الأوروبى بطريقة ما على شراء الغاز الامريكى ذى الثمن المرتفع مقارنة بالغاز الروسى، وأن المستشار الألمانى شولتس قد خان بلده بالانصياع للاستراتيجية الأمريكية. ولكن بعد ذلك شهدت ألمانيا ارتفاعًا كبيرًا فى معدل التضخم، وللأسف أصبح الاقتصاد الرائد فى اوروبا يسير نحو الهاوية. وفى هذا السياق، أفصح عمَّا جرى فى لقاء جمعه بأحد المسئولين الألمان من أن بريطانيا كانت تتخوف من أن يؤدى التقدم التكنولوجى لألمانيا، بالتوازى مع زيادة اعتمادها على الغاز الروسى، إلى قيام تحالف بين برلين وموسكو، وهو ما يؤثر على قوة بريطانيا الأوروبية.
- من جانبه، تحدث السيد/ Maksim Ushanov عن السياسة الروسية وموقف موسكو من قضايا في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مؤكداً على سعي روسيا لتحقيق الاستقرار في المنطقة وتعزيز الحوار بين الأديان والثقافات المختلفة، حيث أن مفهوم السياسة الخارجية الروسي الجديد، والذي صدَّق عليه الرئيس الروسي في 31 مارس 2023، يتضمن محور في هذا الشأن.
- اتصالاً بالسياق عاليه، استفاض في الحديث عن الشرق الأوسط، موضحاً إشادة روسيا بالتطورات الإيجابية التي تشهدها المنطقة، والتي كان يُنظر على أنه من المستحيل تحقيقها. في إشارة إلى عودة العلاقات بين إيران والمملكة العربية السعودية وعودة سوريا إلى البيت العربي، بالإضافة إلى الثناء على جهود الرياض الرامية لإنهاء الصراع الممتد في اليمن. ولكن على الرغم من ذلك، لم يجد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وجهة تسويته. وفي سياق ذلك، أكد على الدعم والاهتمام الروسي بالقضية الفلسطينية، وأهمية إنهاء الصراع بالوسائل السلمية، وتطبيق حل الدولتين، واحترام حقوق كلا الطرفين والتعايش السلمي بينهما ومع الدول المجاورة، في إشادة بالدور المصري في هذا الشأن، مؤكداً على أن مصير أي احتلال – تاريخياً – الاندثار. وفي هذا الشأن وجه السفير تساؤل للجانب الروسي بأنه هل تؤمن روسيا بحق الدفاع الشرعي لإسرائيل، فأجاب الجانب الروسي بأن كل دولة لديها هذا الحق وفق الأمم المتحدة، موضحاً الجانب المصري بأنها دولة احتلال وعند تفجر العنف ووصوله للغرب لا يلوم الغرب إلا نفسه حيث ستبقى هذه الأحداث الدامية في وجدان الأجيال القادمة.
- أما فيما يتعلق بشمال إفريقيا والدول الإفريقية، أوضح أن العلاقات الروسية الإفريقية من أولويات السياسة الخارجية الروسية، فهي بمثابة كيان وفاعل هام داخل النظام العالمي متعدد الأقطاب. وفي هذا الإطار، أثنى على الجهود التنموية الماضية فيها الدول الإفريقية. فهي يمكن أن تكون جاذبة للأجيال القادمة في العديد من المجالات، وتؤكد روسيا على دعمها لاستقلال وسيادة هذه الشعوب. وأضاف أن روسيا ستستمر في إعداد الكوادر – كما فعلت مع السوفيت سابقاً – ويتم دراسة إنشاء جامعات ومعاهد روسية وتوفير منح روسية في الدول الإفريقية.
- ومن جانبه، أعرب السفير/ النقلي عن شكره لهذه المساعي الروسية في المنطقة والقارة بأكملها، مشيراً إلى العديد من خصائص الدول الإفريقية التي تحتاج لدراسة عميقة للتعامل معها. أوضح، في هذا السياق، أن 60% من سكان القارة هم من الشباب ومن ثم يمكن الاستثمار فيهم، ولكن النقد والتشويه الغربي للوجود الروسي في القارة يُعرقل العديد من الفرص أمام روسيا، مشيراً إلى موقع All eyes on wagner، المعني بتحليل كافة التحركات الروسية وخاصة مجموعة فاجنر من خلال إبراز الجوانب السلبية وشحن الشاب الإفريقي ضد روسيا من خلال محاولات إعادة إحياء الصورة الذهنية للاتحاد السوفيتي والشيوعية. وبالتالي هناك حاجة لمجابهة هذه الجهود الغربية ومحاولة النظر للتجربة الصينية والتركية في القارة السمراء.
- وفي هذا السياق، أشار السفير لحلول مبتكرة يمكن أن تستفيد منها روسيا في هذا الشأن، فالدول الإفريقية تقطنها جاليات أجنبية بجانب مواطنيها الأصليين. يدرس أبناء الفئة الأولى في مدارس دولية باهظة الثمن على عكس الفئة الثانية التي لا يتمكن أبنائها من اقتناء ذات الفرصة، وتوجد مدارس هندية وباكستانية ذات تكلفة قلة ولكن بجودة ضعيفة، ومن ثم استثمر الأتراك في ذلك من خلال إنشاء مدارس تتمتع بمواصفات دولية وذات تكلفة متوسطة يستفيد منها الكل، ويتم إضافة التعليم الديني لجذب النخب، فضلاً عن إقامة مستشفيات للعلاج في هذه الدول، أي أنه من المهم الدراسة المجتمعية الجيدة للوقوف على الاستثمارات الناجحة بها.
كما تطرق السفير لموضوع مكافحة الإرهاب في إفريقيا، حيث يتم استخدام ذلك كذريعة للتدخل في دول المنطقة دون حل جذري للإرهاب بالفعل، وهو ما ظهر في العراق وأفغانستان، التي خلفت الولايات المتحدة فيهما العديد من الدمار تحت هذا الشعار، وتم التوضيح بأن هناك صراعات في إفريقيا لا يوجد لها حل آخر غير العسكري.
وحول المصالحة السعودية الإيرانية، أوضح بأنها مثال يمكن أن يُحتذى به، حيث أنهما دولتان إسلاميتان توسطت بينهما الصين الشيوعية، وذلك لوجود علاقات لها من الطرفين، فضلاً عن تركيزها على الأهداف الاقتصادية دون إيلاء اهتمام للاختلافات الأخرى.
كما تناول الحديث الحرب الدائرة في اليمن والتي قاربت عامها العاشر، والانقسام بين دول الحلفاء – السعودية والإمارات – حال دون إنهاء الصراع، وذلك لاختلاف مصالحهم دون النظر لتبعات ذلك، وبالتالي يتعقد الوضع ويصبح الحل ليس باليسير بمرور الوقت.
- وانتقل الحديث للصراع في ليبيا، حيث وصفها السفير المصري بأنها دولة فاشلة، لم ينجح المجتمع الدولي في تسوية صراعها، على الرغم من العديد من المبادرات في هذا الصدد، وذلك لانقسامه، فضلاً عن الانقسام الداخلي الليبي واختلال التوازن القبلي التي كان يحرص عليه القذافي آنذاك ، ومن ثم أفضت هذه العوامل إلى وجود حكومتين أحدهما في الشرق والأخرى في الغرب، في ضوء غياب الرؤية الواضحة لتسوية الصراع. ويستعين كلا الحكومتين في ليبيا بالمليشيات المسلحة المتواجدة بها بدلاً من القضاء عليها أو إدماجها في القوات النظامية والمؤسسات الأخرى.
وعلى هذا النحو، استفاض في الحديث عن الأوضاع في ليبيا منذ عام 2011 التي أعطت الغلبة للشرعية الثورية عن التقليدية، مروراً باتفاق الصخيرات في عام 2015 وكواليسه والدور الغربي بشأن ذلك وارتباطه بتفجيرات فرنسا في 13 نوفمبر 2015، ودور المفكر الفرنسي “برنارد ليفي” الملقب ب “عراب الربيع العربي” في هذا الصدد. بالإضافة إلى إخفاق المبعوثين الأمميين لتركيزهم على محاولة الوصول لنتائج بشكل سريع وعدم وجود خلفية عميقة لدى المختصين بالشأن الليبي في الأمم المتحدة بالطبيعة والتركيبة الليبية.
في إشارة بأنه، يوجد تدفق للبترول بشكل طبيعي من ليبيا للدول المنتفعة، ومن ثم لا تبرز الحاجة لتسوية الصراع، حيث يُنتج قرابة المليون ونصف برميل يومياً من الوقود الأسود.
ولكن استقرار الأوضاع في ليبيا من الأمور الهامة لمصر للتقارب الحدودي بينهما بمسافة 1150 كيلو متر، فضلاً عن استقبال ليبيا للأيدي العاملة المصرية – قبل عام 2011- – بحوالي 2 مليون مواطن مصري بخلاف التجارة البينية التي كانت قد وصلت لما يقرب من مليون دولار. فعدم الاستقرار في ليبيا مع توافد الأفارقة إليها بشكل مطرد بغية الهجرة لأوروبا، بمثابة تحدي لاستقرار المنطقة، وفي هذا الإطار، سأل السفير المصري الجانب الروسي عن موقفهم من قراري الأمم المتحدة 2570 و 2570 المتعلق بليبيا وبشأن تواجد فاجنر فيها وفي القارة الإفريقية، أوضح الجانب الروسي أنه بالأولى سؤال تركيا عن وضعها في ليبيا، ونفى وجود قوات نظامية روسية في ليبيا، فقوات فاجنر ليست بنظامية وعانت منها روسيا بذاتها.
- كما أشار السفير/ النقلي إلى الوضع في السودان حيث تم هدم الدولة، متناولاً الحديث عن اليوم الذي سبق الخامس عشر من إبريل، حين كان طرفي الصراع على وفاق تام ومن ثم انقلب الوضع في ليلة. وعلى إثر ذلك أفضى الصراع بين الطرفين إلى تدمير العاصمة الخرطوم، ومخاوف من انفصال دارفور عن السودان وتبعات ذلك على دول الجوار فضلاً عن تهديد حياة العديد من السودانيين، بجانب الصراعات التي عادت تتفاقم في القارة الإفريقية وعودة الحديث عن الانقلابات العسكرية بها.
بذلك ملخصاً الوضع في المنطقة بأن الليبيين يعزفون عن تسوية الأوضاع بها، والسودانيين غير قادرين على التسوية، واليمنيين ممنوعين من حل الصراع.
- في ضوء هذه التطورات التي تشهدها المنطقة والقارة الإفريقية بأكملها، أعرب الجانب الروسي عن النية لتنظيم مؤتمر علمي بشأن الأوضاع في المنطقة، وإمكانية دعوة دول الصحراء، حيث يمكن تنظيم ذلك بالتعاون بين كل من روسيا ومصر، من خلال بحث كيفية تناول الموضوع وتحديد مكان انعقاده والتمويل، ويمكن بحث تنسيق ذلك مع مدير المجلس ووزارة الخارجية في كلا البلدين. وبدوره رحب السفير المصري بهذا المقترح وسيناقشه مع مدير المجلس والمعنيين بذلك، وفي النهاية قدم الشكر لممثلين المعهد الروسي على هذا الحوار العميق والصريح الذي تناول العديد من الموضوعات المختلفة.