مشاركة السفير/ عزت سعد في أعمال مؤتمر “العلاقات العربية – الأمريكية”
يناير 30, 2017زيارة الوفد اليهودي الأمريكي للمجلس للتباحث حول العلاقات المصرية – الأمريكية وعملية السلام
فبراير 8, 2017
في ضوء الاهتمام الذي يُوليه المجلس لمناقشة التغيرات الإقليمية والدولية التي تنعكس على الداخل المصري، تم تنظيم مائدة حوارية بتاريخ 31 يناير 2017 بالنادي الدبلوماسي، على غداء عمل على شرف السفير/ “فرانك ويزنر”، السفير الأمريكي الأسبق في القاهرة، والدكتور/ “شلبي تلحمي”، أحد أهم خبراء الشرق الأوسط في الولايات المتحدة. وترجع أهمية هذا اللقاء بدرجة كبيرة إلى الاستماع إلى شرح من شخصيات تتصل اتصالاً مباشر بالحياة السياسية الأمريكية، في وقت لاتتوقف فيه التساؤلات عن توجهات وسياسات إدارة الرئيس ترامب الخارجية.
حضر اللقاء كل من السفير/ د. منير زهران، رئيس المجلس، والسفير/ عبد الرؤوف الريدي، الرئيس الشرفي، ونخبة من الأعضاء ضمت السفراء/ نبيل فهمي، ومحمد شاكر، والاستاذ الدكتور/محمد عبد اللاه، ومحمد العرابي، ومحمد توفيق، وإيهاب وهبة، ومروان بدر، وعزت سعد، والسيد أمين شلبي، ومحمد أنيس سالم، ومحمود السعيد، والأستاذ/ مكرم محمد أحمد، و الأستاذ الدكتور/ محمد كمال.
تحدث السفير “ويزنر” كاشفًا عن عمق المشهد السياسي الراهن في عهد “ترامب“، وطرح عدة نقاط تستدعي التأمل، هي:
-
أن الولايات المتحدة تشهد الآن مرحلة مليئة بالتحديات بعد فوز”دونالد ترامب” في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، الأمر الذي أثار جدلاً كبيرًا داخل الولايات المتحدة وخارجها، خاصة بعد قرارات الرئيس الخاصة بمنع مواطنو سبع دول عربية إسلامية من السفر إلى الولايات المتحدة، حيث كان لهذا القرار تداعيات كبيرة على الأصعدة المحلية والإقليمية والدولية، وكذا على الرأي العام والإعلام الأمريكيين على وجه التحديد، بالإضافة إلى تأثيرها على الدبلوماسيين أيضًا.
-
أضاف أن الولايات المتحدة دائمًا ما تسمح بالمعارضة، حيث وقع أكثر من 100 دبلوماسي على مذكرة مناهضة لقرارات الرئيس المتعنتة حول منع مواطني سبع دول إسلامية من السفر إلى الولايات المتحدة، مؤكدًا أن القانون الأمريكي يحمي أي كيانات معارضة، ويكفل كافة الحقوق التي تُتيح التعبير عن الرأي بحرية، ويضمن تطبيقها بشكل عادل.
-
أكد “ويزنر” أن واشنطن تشهد فترة تغيير عميق وجذري، لم تشهد مثلها منذ انخراطه في العمل الدبلوماسي وربما قبل ذلك، حيث لم تر الولايات المتحدة حالة من القلق والتوتر، مثلما رأتها خلال الأيام القليلة الماضية.
-
أوضح أننا ننتقد بعض سياسات ترامب، وربما نتفق معه أو نختلف، مشيرًا إلى أنه يتمنى للرئيس الحالي أن ينجح في إدارة البلاد كبقية المواطنين الأمريكيين، وأن يكون حكيمًا يطبق قواعد الحوكمة، وأن يكون رئيسًا جيدًا، ليس فقط لأمريكا بل للعالم كله، مؤكدًا إنه يثق ثقة كبيرة في مؤسسات الولايات المتحدة وقوانينها القوية التي تحميها عبر السنين.
-
أشار إلى أن كل ما حدث في الولايات المتحدة مؤخرًا، يدفع لتعزيز حالة تغيير ثورية تقود إلى تغيير عميق وجذري في الواقع السياسي في الولايات المتحدة، لتشكيل نظام سياسي جديد.
حيث أن هذه التحركات تدفع إلى تغيير عميق في القوى السياسية داخل الولايات المتحدة، ليس فقط من جانب الديمقراطيين فحسب بل الجمهوريين أيضًا، مؤكدًا أن الأمور في الولايات المتحدة تتغير، ولم تعد كما كانت في الأعوام السابقة، وأن هذه الصراعات ستنتج قاعدة سياسية جديدة داخل الولايات المتحدة، مما أسماه حالة “ثورية” في الواقع السياسي الأمريكي.
مضيفًا بأن هناك ثوابت يجب أخذها في الاعتبار عند تقييم الفترة الحالية، وأكّد أن الرئيس “ترامب” حازم للغاية، خاصة في إرسال إشارات مباشرة سواء داخليًا، من خلال مراجعة بعض الاتفاقيات التجارية والاقتصادية، أو خارجيًا. مشيرًا إلى أن “ترامب” كان شديد اللهجة في خطاباته بأنه سيضع الحرب ضد التطرف – خاصة التطرف الإسلامي – ضمن أولوياته خلال فترة حكمه، وأنه مهتم بتوطيد العلاقات مع كل من إسرائيل ومصر وبعض دول الخليج.
-
أضاف أن الرئيس “ترامب” على دراية كبيرة بحقيقة أن العالم حوله يتغير، مضيفًا “أننا يجب أن نعترف بأن منظورنا للأمور يجب أن يواكب هذا التغير، خاصة وأن النظام العالمي بأسره يشهد حالة انتفاض وتغيير قوى”.
-
وفيما يخص منطقة الشرق الأوسط، أوضح السيد “ويزنر” أنه على ثقة تامة بأن الإدارة الأمريكية الجديدة ليس لديها رؤية استراتيجية حول المنطقة، بل لديها فقط بعض الانطباعات حولها؛ الأمر الذي يُمثّل – في رأيه – فرصة حقيقية لمصر وغيرها من دول المنطقة، بأن تأتي بسيناريو جديد لتجديد مسار العلاقات بينها وبين الولايات المتحدة، خاصة وأن هناك كثير من النقاط يمكن التوافق حولها.
-
أضاف أن “ترامب” سوف يكون أكثر حذرًا في التدخلات في شئون المنطقة؛ حيث أن الولايات المتحدة مازالت تحاول التعافي من الخسائر التي تكّبدتها في حربها على العراق وأفغانستان، مؤكدًا أن الرأي العام الأمريكي لن يسمح بأي من المغامرات الأمريكية في الفترة القادمة، خاصة في ظل الخسائر التي تكبدتها الولايات المتحدة نتيجة تدخلاتها الخارجية.
-
أكد “ويزنر” على أن المرحلة المقبلة بالنسبة لمسار العلاقات الأمريكية – المصرية، تمثل فرصة حقيقية وتحدي جديد لكل من البلدين، مشيرًا إلى أن الإدارة الأمريكية الجديدة ليس لديها معرفة حقيقية بمصر بإستثناء وزير الدفاع “جيمس ماتيس”.
وبالتالي توجد أمام مصر فرصة حقيقية لإعادة تشكيل علاقاتها بالولايات المتحدة بالشكل الذي تراه ملائمًا، مضيفًا أنه يجب الترتيب لذلك ترتيبًا جيدًا ودقيقًا جدًا، موضحًا أن أمام مصر فرصة حقيقية في كتابة السيناريو الخاص بها، بحيث يتضمن ما هو الشكل الأنسب للعلاقات بين البلدين، وذلك في إطار رؤيتها الاستراتيجية حول أهمية هذه العلاقات وتأثيراتها على المنطقة، وما هي السياقات التي تريدها مصر لمسار العلاقات الثنائية في المرحلة المقبلة.
-
أكد على ضرورة أن تكون مصر حذرة جدًا في ذلك، منوهًا إلى أن هناك عددًا من القضايا تتباين بشأنها وجهات النظر بين البلدين، مضيفًا أنه يجب على مصر أن تضع ذلك نصب أعيُنها، وأن تحاول توسيع أرضيتها المشتركة مع الولايات المتحدة، في ضوء تعميق النقاط محل التوافق بين البلدين، مشيرًا في ذلك إلى عدد من القضايا مثل: الحرب ضد الإرهاب، المصالحة بين فلسطين وإسرائيل، الوضع في القدس، الوضع في سوريا والعراق، وكذا إيران وبعض دول الخليج .. وغيرها من القضايا التي تحتاج إلى التحاور المشترك.
واختتم “ويزنر” حديثه مؤكدًا على أن المرحلة القادمة تمثل فرصة حقيقية لمصر، وأن هناك إمكانية حقيقية لإحياء العلاقات المصرية – الأمريكية، ولكن هذه المرحلة تستوجب ترتيب دقيق ومحكم، كما تتطلب حكمة الدبلوماسيين المصريين المهتمين بالشأن الأمريكي – المصري، وغيرهم من الخبراء والأكاديميين والإعلاميين والعسكريين ذوي الخبرة في تاريخ العلاقات بين البلدين، وذلك لإيجاد أرضية مشتركة من التوافق بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية.
ثم أعطى السيد “ويزنر” الكلمة بعد ذلك للدكتور “شبلي تلحمي“، مشيدًا بإسهاماته الواسعة في الشؤون العربية – الأمريكية:
استهل الدكتور “شبلي تلحمي” حديثه بشكر المجلس المصري على هذه الاستضافة، مشيدًا بنخبته النادرة من السفراء والأكاديميين والخبراء في الشئون الدولية.
وفيما يتعلق بالوضع الأمريكي الحالي أوضح أن الشعب الأمريكي يعيش حالة من الانقسام، مؤكدًا أن الصراع لم يعد فقط صراع حزبي بين الديمقراطيين والجمهوريين فحسب، بل إن هناك كثيرًا من العوامل داخل الولايات المتحدة تدعم الانقسامات والاختلافات في وجهات النظر الأمريكية بين الشعب بفئاته المختلفة.
مضيفًا أن أكبر دليل على ذلك هو أن نسبة 34% فقط من الشعب الأمريكي أبدوا رضاءهم عن أداء الرئيس الأمريكي بعد بضعة أسابيع من فوزه بالانتخابات بنسبة 46 %. وأرجع ذلك الانقسام إلى الفرق بين الجمهوريين والديمقراطيين البالغ نسبته 50%، مشيرًا إلى أن الديمقراطيين لديهم تأييد كبير بين الفئات الأصغر سنًا، و أيضًا تأييد بين المرأة والأفارقة الأمريكان.
وأوضح أن الانقسامات الأيديولوجية، والجغرافية، والديمغرافية، والسياسية تُمثّل أهم أسباب الانقسامات الحالية في الولايات المتحدة، مشيرًا إلى أن السؤال هنا هو كيف للإدارة الأمريكية لترامب أن تبني علاقات جيدة مع حوالي 50 – 55% من الشعب الأمريكي، بدون أن تخسر نسبة ممن قاموا بالتصويت له في الانتخابات.
وأضاف “تلحمي” بأن السياسة تتغير وإنها ستستمر في التغير، خاصة وإنه من المعروف بالنسبة للمهتمين بالسياسة الخارجية، أن رئيس الجمهورية ما هو إلا لاعب من ضمن لاعبي السياسة الخارجية، مشيرًا إلى أن هناك عدة أدوات وعوامل رئيسية للسياسة الخارجية لأي دولة. وفي هذا الصدد طرح تساؤلاً مهمًا حول الأسباب التي دفعت الشعب الأمريكي للتصويت لترامب، مؤكدًا أن أغلب الأمريكان سواء ممن صوتوا له أو ممن لم يصوتوا له، لا يتفقون معه حول كثير من القضايا والأراء، الأمر الذي تجسد في المظاهرات و الاحتجاجات التي قامت بها أعداد كبيرة من المواطنين، معبرين عن سخطهم من قراره الأخير بشأن منع مواطني سبع دول إسلامية من السفر للولايات المتحدة، حيث أن 59% من الأمريكان صوتوا ضد هذا القرار.
وقد أكد “تلحمي” على أن الأمر ليس كما يبدو عليه بالنسبة لما يحدث في أمريكا من حالة سخط وعدم رضاء شعبي، بل يتجاوز ذلك، مؤكدًا أن الشعب الأمريكي لم يعد يشعر بأمان، وأن الحلم الأمريكي، لم يعد قابلاً للتحقيق، مرجعًا ذلك لعدة أسباب أهمها تزايد نسبة الفقر والفقراء واتساع الفجوة بين الفقراء والأغنياء، وتآكل الطبقة المتوسطة.
كما أوضح أن الفرص المتاحة تقلصت بصورة كبيرة، مستشهدًا في ذلك بنفسه وبأولاده، حيث إنه يعتبر نفسه أكثر حظًا من أولاده الذين لم يجدوا نفس الفرص التي وجدها عندما هاجر للولايات المتحدة منذ عدة سنوات.
كما أشار إلى أن رؤية الأمريكان للإسلام والمسلمين، قد تغيرت بشكل ملحوظ، وتطورت كثيرًا عما كانت عليه بعد أحداث 11سبتمبر، وهو ما اتضح جليًا من خلال المظاهرات الأخيرة بعد قرار الرئيس بحظر السفر لأمريكا من قبل سبع دول إسلامية.
وأضاف بأن أكثر من 80% من الشعب الأمريكي يريدون تغييرًا جذريًا في النظام الأمريكي، وليس مجرد تغيير تدريجي، الأمر الذي فسّره بأنه من أهم الأسباب وراء فوز “ترامب”، حيث أن أغلب الشعب الأمريكي – حتى من لم يصوت له – يرى فيه القدرة على تغيير النظام تغيرًا جذريًا، حيث أن ثلث الشعب فقط يتفقون معه حول القضايا المختلفة.
واختتم الدكتور “شبلي” حديثه بالتأكيد على ضرورة أن نكون في غاية الحذر في التعامل مع الإدارة الأمريكية الجديدة، خاصة وأنه من المتوقع أن تكون سياسات البيت الابيض، في غالب الأمر سياسات مفاجئة وغير متوقعة.
ثم شهد اللقاء مداخلات وتساؤلات من عدد من الحاضرين منهم السفير/ نبيل فهمي، والسفير/ حسين حسونة، وغيرهما.